( إن من البيان لسحراً )

شرح قول المصنف : ولهما عن ابن عمر - رضي الله عنهما - : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : ( إن من البيان لسحراً )

الشيخ : ولهما عن ابن عمر رضي الله عنهما : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : ( إن من البيان لسحراً ) إنّ كلنا يعرف أنها حرف توكيد ينصب الاسم ويرفع الخبر ومِن تحتمل أن تكون للتبعيض وتحتمل أن تكون لبيان الجنس وقوله : ( لسحراً ) اللام للتوكيد وسِحراً ها اسم إن ، (إن من البيان) والبيان هو الفصاحة والبلاغة وهو من نعمة الله على الإنسان قال الله تعالى : (( خلق الإنسان علمه البيان )) والبيان نوعان : بيان ما لا بُد منه وهذا يشترك فيه جميع الناس كل الناس يبينون عما لا بد منه ،كل الناس إذا جاع يقول أنا جعت وإذا عطش يقول عطشت وإذا تعب يقول تعبت وهكذا هذا بيان عام لكل أحد وهناك بيان نعم بيان بمعنى الفصاحة التامة التي تسبي العقول وتجذب الأفكار هذه هي التي قال فيها الرسول : ( لسحرا ) وعلى هذا التفسير أي على تقسيم البيان إلى قسمين بيان ما لا بد من بيانه وبيان بمعنى الفصاحة تكون من للفصاحة ؟ تبعيضية تكون من للتبعيض من للفصاحة ما جاءت إلا من ... .
الطالب : ... .
الشيخ : إذن من للتبعيض تكون أو لا ؟ تكون من للتبعيض يعني بعض البيان وهو البيان الكامل الي هو الفصاحة سحر، أما إذا جعلنا البيان بمعنى الفصاحة فقط ولم نقسمه صارت من لبيان الجنس سحر وجه ذلك : أن البيان يأخذ بلب السامع ويصرفه أو يعطفه ولهذا دائماً يجي إنسان يتكلم يتكلم بكلام معناه باطل لكن لقوة فصاحته وبيانه يحسبه السامع حقاً فينصرف إليه ودائماً يتكلم إنسان بليغ يحذر من حق ولفصاحته وبيانه يظن السامع أن هذا الحق باطل فينصرف عنه وهذا من السحر اللي يسمونه العطف ويش بعد ؟ والصرف البيان يحصل به عطف وصرف لا شك في هذا ولذلك دائماً خصوصا في كلام ابن القيم وشيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله إذا جاؤوا بمسألة يناقشونها ثم ذكر دليل لجماعة دليل وتعليل وصار يسوق الأدلة والعلل تقول هذا القول هو الصحيح ولا لا؟ وتنحاز إليه ، ثم يأتي بالقول الثاني الذي يضاده ويذكر أدلته وما أجاب به عن أدلة الأول فتنعطف إليه ولا تكتفي بالأول تنعطف إليه وهذا أمر مشاهد فالبيان بالحقيقة البيان بمعنى الفصاحة لا شك أنها تفعل فعل السحر وابن القيم يقول عن الحور العين يقول :
" حديثها السحر الحلال " ... حلال إي نعم البيان الآن البيان سحر فهل هذا على سبيل الذم أو على سبيل المدح؟ أو لبيان الواقع ثم يُنظر الأثر؟
الطالب : لبيان الواقع
الشيخ : الأخير الحديث في الحقيقة ليس للذم ولا للمدح لكنه لبيان الواقع ثم يُنظر ما هو الأثر ، إن كان هذا البين فصيحا يتكلم لرد الحق وإثبات الباطل فلا شك أن بيانه ها مذموم وأنه استعمل نعمة الله في معصية الله وأما إذا كان هذا البيّن الفصيح يريد ببيانه إثبات الحق وإبطال الباطل فهذا ها محمود ومدح وثناء فالبيان من حيث هو بيان لا يُحمد ولا يذم ولكن ينظر أثره والمقصود به إنما حقيقة البيان أنه سحر يؤثر في الإنسان الإقبال أو الانصراف، طيب لو سألك سائل أيما أحب إليك ؟ أن تكون ذا بيان أو ذا عي ؟ أقول إذا كان البيان أستعمله في طاعة الله وفي الدعوة إلى الله نعم فهذا أحب إلي لكن إذا كان والعياذ بالله ابتلي الإنسان ببيان ليصد الناس عنه عن دين الله فهذا لا خير فيه هذا العي خير منه إنما البيان لا شك أنه نعمة ولهذا امتن الله به على العبد فقال : (( علمه البيان )) .