بسم الله الرحمن الرحيم
الذكرى في بيان حرمة التصوير للذكرى

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف المرسلين، وعلى آله وأصحابه أجمعين.
أما بعد:
فإن الصور التي تتخذ للذكرى حرام، وسواء يحتفظ بها على قمم البرامج الإلكترونية – فيسبوك وتساب تلجرام فايبر تويتر وغيرها – أو خلفية للجوال – الهاتف النقال – أو الاحتفاظ بها في ألبوم أو وضعها على الجدران حرام، ويزداد الأمر سوءًا وفتنةً عندما تبرز المرأة صورتها على تلك البرامج ويقبح فعلها ويستفحل شرها بإظهار المفاتن، وكذلك يقبح ذلك الفعل بالاحتفاظ بصور الأموات، وقد نص على حرمة هذا جبال العلم في هذا العصر، وسأقتصر على ذكر أقوال علماء الدنيا الثلاثة ومجددي هذا القرن: الألباني وابن باز والعثيمين، لما لهم من مكان عالية ومنزلة رفيعة عند كثير من المسلمين.

أولا: أقوال الإمام الألباني رحمه الله.
قال العلامة الألباني رحمه الله في ((آداب الزفاف في السنة المطهرة)) (ص: 185-186) : ((تعليق الصور على الجدران سواء كانت مجسمة أو غير مجسمة لها ظل أو لا ظل لها يدوية أو فوتوغرافية فإن ذلك كله لا يجوز ويجب على المستطيع نزعها إن لم يستطع تمزيقها وفيه أحاديث:
1- عن عائشة رضي الله عنها قالت: دخل علي رسول الله صلى الله عليه وسلم وقد سترت سهوة لي بقرام فيه تماثيل وفي رواية: فيه الخيل ذوات الأجنحة فلما رآه هتكه وتلون وجهه وقال: "يا عائشة! أشد الناس عذابا عند الله يوم القيامة الذين يضاهون بخلق الله" وفي رواية: "إن أصحاب هذه الصور يعذبون" ويقال لهم: "أحيوا ما خلقتم" ثم قال: "إن البيت الذي فيه الصور لا تدخله الملائكة" قالت: عائشة: فقطعناه فجعلنا منه وسادة أو وسادتين [فقد رأيته متكئا على إحداهما وفيها صورة].
ثم علق في الحاشية فقال:
قلت: وفي هذا الحديث فائدتان:
الأولى: تحريم تعليق الصور أو ما فيه صورة.
والثانية: تحريم تصويرها سواء كانت مجسمة أو غير مجسمة وبعبارة أخرى: لها ظل أو لا ظل لها وهذا مذهب الجمهور قال النووي: وذهب بعض السلف إلى أن الممنوع ماكان له ظل وما لا ظل له فلا بأس باتخاذه مطلقا وهو مذهب باطل فإن الستر الذي أنكره النبي صلى الله عليه وسلم كانت الصورة فيه بلا ظل ومع ذلك أمر بنزعه)) اهـ.
وقال أيضًا رحمه الله في ((آداب الزفاف في السنة المطهرة)) حاشية (ص: 192-194) : ((وقريب من هذا تفريق بعضهم بين الرسم باليد وبين التصوير الشمسي بزعم أنه ليس من عمل الإنسان! ولي من عمله فيه إلا إمساك الظل فقط! كذا زعموا أما ذلك الجهد الجبار الذي صرفه المخترع لهذه الآلة حتى استطاع أن يصور في لحظة ما لا يستطيعه في ساعات فلي من عمل الإنسان عند هؤلاء! وكذلك توجيه المصور للآلة وتسديدها نحو الهدف المراد تصويره وقيبل ذلك تركيب ما يسمونه بالفلم ثم بعد ذلك تحميضه وغير ذلك مما لا أعرفه فهذا أيضا ليس من عمل الإنسان عند أولئك أيضا! وقد تولى بيان كيف يتم التصوير الشمسي الأستاذ أبو الوفاء درويش في رده على فضيلة الشيخ محمد إبراهيم مفتي الديار السعودية ص 43 - 45 وخلاصته أنه لا بد للمصور من أن يأتي بأحد عشرا نوعا من الأفعال حتى تخلق الصورة ومع هذا كله فالأستاذ المذكور العليم بهذه الأنواع يقول دون أي تردد:
"إن هذه الصورة ليست من عمل الإنسان".
وثمرة هذا التفريق عندهم أنه يجوز تعليق صورة رجلا مثلا في البيت إذا كانت مصورة بالتصوير الشمسي ولا يجوز ذلك إذا كانت مصورة باليد! ولو أن مصورا صور هذه الصور اليدوية بالآلة جاز تعليقها أيضا عندهم فهل رأيت أيها القارئ جمودا على ظواهر النصوص مثل هذا الجحود؟ أما أنا فم أر له مثلا إلا جمود بعض أهل الظاهر قديما مثل قول أحدهم في حديث: "نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم البول في الماء الراكد". قال:
فالمنهي عنه هو البول في الماء مباشرة أما لو بال في إناء ثم أراقه في الماء فهذا ليس منهيا عنه! يقول هذا مع أن تلويث الماء حاصل بالطريقين ولكن جموده على النص منعه من فهم الغاية من النص.
وكذلك هؤلاء المبيحون للتصوير الشمسي جمدوا على طريقة التصوير التي كانت معروفة في عهد النهي عنه ولم يلحقوا بها هذه الطريقة الجديدة من التصوير الشمسي مع أنها تصوير لغة وشرعا وأثرا وضررا كما يتبين ذلك بالتأمل في ثمرة التفريق المذكور آنفا.
لقد قلت لأحدهم منذ سنين: يلزمكم على هذا أن تبيحوا الأصنام التي لا تنحت نحتا وإنما بالضغط على الزر الكهربائي الموصول بآلة خاصة تصدر عشرات الأصنام في دقائق كما هو معروف بالنسبة للعب الأطفال ونحوها من تماثيل الحيوانات فما تقول في هذا؟ فبهت.
ومن الغريب أن هؤلاء الظاهريين المحدثين في غفلة من ظاهريتهم إلى درجة أن بعضهم وصفهم بقوله: "وأولئك هم الذين فهموا النص على حقيقته"! وقد آن للقارئ اللبيب أن يتبين من هم أولئك؟ فاعتبروا يا أولي الأبصار.
وقبل أن أنهي هذه الكلمة لا يفوتني أن ألفت النظر إلى أننا وإن كنا نذهب إلى تحريم التصوير بنوعيه جازمين بذلك فإننا لا نرى مانعا من تصوير ما فيه فائدة محققة دون أن يقترن بها ضرر ما ولا تتيسر هذه الفائدة بطريق أصله مباح مثل التصوير الذي يحتاج إليه في الطب وفي الجغرافيا وفي الاستعانة على اصطياد المجرمين والتحذير منهم ونحو ذلك فإنه جائز بل قد يكون بعضه واجبا في بعض الأحيان والدليل على ذلك ... )) الخ.
وقال أيضًا رحمه الله في ((الصحيحة)) (1/ 692-693) : ((الأول: تحريم الصور، لأنها سبب لمنع دخول الملائكة، والأحاديث في تحريمها أشهر من أن تذكر.
الثاني: أن التحريم يشمل الصور التي ليست مجسمة ولا ظل لها لعموم قول جبريل عليه السلام: " فإنا لا ندخل بيتا فيه تماثيل "، وهي الصور، ويؤيده أن التماثيل التي كانت على القرام لا ظل لها، ولا فرق في ذلك بين ما كان منها تطريزا على الثوب أو كتابة على الورق، أو رسما بالآلة الفوتوغرافية إذ كل ذلك صور وتصوير، والتفريق بين التصوير اليدوي والتصوير الفوتوغرافي، فيحرم الأول دون الثاني، ظاهرية عصرية، وجمود لا يحمد كما حققته في " آداب الزفاف في السنة المطهرة " (ص 112 - 114) .
الثالث: ...)) الخ.

ثانيا: أقوال الإمام ابن باز رحمه الله.
قال العلامة ابن باز رحمه الله في ((فتاوى نور على الدرب)) : ((لا يجوز جمع صور ذوات الأرواح للذكرى، بل يجب إتلافها; لأن الرسول عليه الصلاة والسلام قال لعلي رضي الله عنه: «لا تدع صورة إلا طمستها» ولما ثبت في حديث جابر عند الترمذي وغيره أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن الصورة في البيت، وأن يصنع ذلك.
فجميع الصور التي للذكرى تتلف بالتمزيق أو الإحراق، وإنما يحتفظ بالصورة التي لها ضرورة، كالصورة التي في التابعية، وما أشبه ذلك مما يكون هناك ضرورة لحفظه، وإلا فالواجب إتلافها)) اهـ.
وقال أيضًا رحمه الله كما في ((مجموع فتاواه)) (4/ 225) : ((لا يجوز لأي مسلم ذكرا كان أم أنثى جمع الصور للذكرى أعني صور ذوات الأرواح من بني آدم وغيرهم بل يجب إتلافها؛ لما ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال لعلي رضي الله عنه: «لا تدع صورة إلا طمستها ولا قبرا مشرفا إلا سويته» وثبت عنه عليه الصلاة والسلام أنه نهى عن الصورة في البيت، ولما دخل الكعبة عليه الصلاة والسلام يوم الفتح رأى في جدرانها صورا فطلب ماء وثوبا ثم مسحها، أما صور الجمادات كالجبل والشجر ونحو ذلك فلا بأس به)) اهـ.
وقال أيضًا رحمه الله في ((مجموع فتاواه)) (10/ 417- 418) : ((أما الصور التي للذكرى وأشباهها فلا يجوز حملها ولا بقاؤها في البيت، بل يجب إتلافها، لقول النبي صلى الله عليه وسلم لأمير المؤمنين علي بن أبي طالب رضي الله عنه: «لا تدع صورة إلا طمستها ولا قبرا مشرفا إلا سويته» أخرجه الإمام مسلم في صحيحه «ولأنه صلى الله عليه وسلم نهى عن الصورة في البيت، وأن يصنع ذلك» خرجه الترمذي، وغيره؛ ولما ثبت عنه صلى الله عليه وسلم من حديث عائشة رضي الله عنها أنه «دخل عليها ذات يوم فرأى عندها سترا فيه تصاوير فتغير وجهه وهتكه وقال إن أصحاب هذه الصور يعذبون يوم القيامة ويقال لهم أحيوا ما خلقتم» أخرجه مسلم في صحيحه. والأحاديث في هذا الباب كثيرة)) اهـ.
وبرئيسة العلامة ابن باز رحمه الله للجنة الدائمة صدرا فتاوى في الباب منها:
قالت اللجنة الدائمة كما في ((فتاواها)) (1/ 698) : ((تصوير الأحياء حرام، بل من كبائر الذنوب سواء اتخذ المصور ذلك مهنة له أم لم يتخذها مهنة، وسواء كان التصوير نقشا أم رسما بالقلم ونحوه أم عكسا بالكاميرا ونحوها من الآلات أم نحتا لأحجار ونحوها.. إلخ، وسواء كان ذلك للذكرى أم لغيرها للأحاديث الواردة في ذلك، وهي عامة في أنواع التصوير والصور للأحياء ولا يستثنى من ذلك إلا ما دعت إليه الضرورة)) اهـ.
وقالت أيضًا كما في ((فتاواها)) (9/ 81) : ((لا يجوز تعليق صور ذوات الأرواح في البيوت، ولا غير البيوت، سواء كانت لأحياء أو لأموات، أو للذكرى أو لغير ذلك؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم لعلي رضي الله عنه: «لا تدع صورة إلا طمستها، ولا قبرا مشرفا إلا سويته» رواه مسلم في صحيحه. أو لغير ذلك)) اهـ.

ثالثا: أقوال الإمام ابن عثيمين رحمه الله.
قال العلامة ابن عثيمين رحمه الله في ((لقاء الباب المفتوح)) : ((أما الكاميرا الورقية فهذه لا تجوز إلا عند الحاجة فقط، الحاجة مثل: رخصة قيادة بطاقات شخصية وما أشبه ذلك، وإنما قلت ذلك: لأن هؤلاء الذين يصورونها لغير هذه الأغراض المحتاج إليها يجعلونها عندهم يقتنونها كما يقولون للذكرى، واقتناء الصور محرم، إلا ما دعت الحاجة إليه)) اهـ.
وقال أيضًا رحمه الله في ((الشرح الممتع على زاد المستقنع)) (2/ 203): ((وإذا صور إنسان صورة ـ يحرم تمتعه بالنظر إليها ـ من أجل التمتع بالنظر إليها فهذا حرام بلا شك، وكالصورة للذكرى؛ لأننا لا نقول: إنها غير صورة؛ بل هي صورة لا شك، فإذا اقتناها فقد جاء الوعيد فيمن كان عنده صورة أن الملائكة لا تدخل بيتا فيه صورة، كما سيأتي إن شاء الله)) اهـ.
وقال أيضًا رحمه الله كما في ((مجموع فتاواه ورسائله)) (2/261): ((ولا ريب أن الصور المقصودة لا يجوز اقتناؤها كالصور التي تتخذ للذكرى أو للتمتع بالنظر إليها أو للتلذذ بها ونحو ذلك)) اهـ.
وقال أيضًا رحمه الله كما في ((مجموع فتاواه ورسائله)) (2/269): ((من نسب إلينا أن المحرم من الصور هو المجسم, وأن غير ذلك غير حرام فقد كذب علينا، ونحن نرى أنه لا يجوز لبس ما فيه صورة سواء كان من لباس الصغار أو من لباس الكبار، وأنه لا يجوز اقتناء الصور للذكرى أو غيرها إلا ما دعت الضرورة أو الحاجة إليه مثل التابعية والرخصة. والله الموفق)) اهـ.
وقال أيضًا رحمه الله كما في ((مجموع فتاواه ورسائله)) (2/272): ((ومن الأمثلة المحرمة:
1 - التصوير للذكرى، كتصوير الأصدقاء، وحفلات الزواج ونحوها؛ لأن ذلك يستلزم اقتناء الصور بلا حاجة وهو حرام؛ لأنه ثبت عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أن الملائكة لا تدخل بيتًا فيه صورة. ومن ذلك أن يحتفظ بصورة ميت حبيب إليه كأبيه وأمه وأخيه يطالعها بين الحين والآخر؛ لأن ذلك يجدد الأحزان عليه، ويوجب تعلق قلبه بالميت.
2 - التصوير للتمتع النفسي أو التلذذ الجنسي برؤية الصورة؛ لأن ذلك يجر إلى الفاحشة.
والواجب على من عنده شيء من هذه الصور لهذه الأغراض، أن يقوم بإتلافها لئلا يلحقه الإثم باقتنائها)) اهـ.
وقال أيضًا رحمه الله كما في ((مجموع فتاواه ورسائله)) (2/274): ((لا يجوز للإنسان أن يلبس ثيابًا فيها صورة حيوان أو إنسان، ولا يجوز أيضًا أن يلبس غترة أو شماغًا أو ما أشبه ذلك, وفيه صورة إنسان أو حيوان, وذلك لأن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثبت عنه أنه قال: «إن الملائكة لا تدخل بيتًا فيه صورة» .
ولهذا لا نرى لأحد أن يقتني الصور للذكرى كما يقولون، وأن من عنده صور للذكرى فإن الواجب عليه أن يتلفها؛ سواء كان قد وضعها على الجدار، أو وضعها في ألبوم، أو في غير ذلك؛ لأن بقاءها يقتضي حرمان أهل البيت من دخول الملائكة بيتهم. وهذا الحديث الذي أشرت إليه قد صح عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، والله أعلم)) اهـ.
وقال أيضًا رحمه الله كما في ((مجموع فتاواه ورسائله)) (2/283): ((اقتناء الصور للذكرى محرم؛ لأن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أخبر أن الملائكة لا تدخل بيتًا فيه صورة، وهذا يدل على تحريم اقتناء الصور في البيوت. والله المستعان)) اهـ.
وقال أيضًا رحمه الله كما في ((مجموع فتاواه ورسائله)) (2/285): ((ولكن يبقى النظر، ما هو الغرض من هذا الالتقاط: إذا كان الغرض من هذا الالتقاط هو أن يقتنيها الإنسان ولو للذكرى صار ذلك الالتقاط حرامًا؛ وذلك لأن الوسائل لها أحكام المقاصد، واقتناء الصور للذكرى محرم لأن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أخبر أن «الملائكة لا تدخل بيتًا فيه صورة» وهذا يدل على تحريم اقتناء الصور في البيوت، وأما تعليق الصور على الجدران فإنه محرم, ولا يجوز والملائكة لا تدخل بيتًا فيه صورة)) اهـ.
وقال أيضًا رحمه الله كما في ((مجموع فتاواه ورسائله)) (2/ 287-288): ((وأما اتخاذ الصورة للتعظيم، أو للذكرى، أو للتمتع بالنظر إليها، أو التلذذ بها فإني لا أبيح ذلك، سواء كان تمثالًا أو رقمًا وسواء كان مرقومًا باليد أو بالآلة، لعموم قول النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: «لا تدخل الملائكة بيتًا فيه صورة» . وما زلت أفتي بذلك وآمر من عنده صور للذكرى بإتلافها، وأشدد كثيرًا إذا كانت الصورة صورة ميت.
وأما تصوير ذوات الأرواح من إنسان أو غيره فلا ريب في تحريمه، وأنه من كبائر الذنوب، لثبوت لعن فاعله على لسان رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وهذا ظاهر فيما إذا كان تمثالًا -أي مجسمًا- أو كان باليد. أما إذا كان بالآلة الفورية التي تلتقط الصورة ولا يكون فيها أي عمل من الملتقط من تخطيط الوجه وتفصيل الجسم ونحوه، فإن التقطت الصورة لأجل الذكرى ونحوها من الأغراض التي لا تبيح اتخاذ الصورة فإن التقاطها بالآلة محرم تحريم الوسائل، وإن التقطت الصورة للضرورة أو الحاجة فلا بأس بذلك)) اهـ.
وقال أيضًا رحمه الله كما في ((مجموع فتاواه ورسائله)) (10/ 1031-1032): ((قوله: (يضاهئون) . هل الفعل يشعر بالنية بمعنى أنه لا بد أن يقصد المضاهاة، أو نقول: المضاهاة حاصلة سواء كانت بنية أو بغير نية؟
الجواب الثاني: لأن المضاهاة حصلت سواء نوى أم لم ينو لأن العلة هي المشابهة، وليست العلة قصد المشابهة، فلو جاء رجل وقال: أنا لا أريد أن أضاهي خلق الله، أنا أصور هذا للذكرى مثلا وما أشبه ذلك، نقول: هذا حرام؛ لأنه متى حصلت المشابهة ثبت الحكم؛ لأن الحكم يدور مع علته كما قلنا فيمن لبس لباسا خاصا بالكفار: إنه يحرم عليه هذا اللباس، ولو قال: إنه لم يقصد المشابهة، نقول: لكن حصل التشبه، فالحكم المقرون بعلة لا يشترط فيه القصد، فمتى وجدت العلة ثبت الحكم)) اهـ.
وقال أيضًا رحمه الله كما في ((مجموع فتاواه ورسائله)) (10/ 1038): ((القسم الثالث: أن يقتنيها للذكرى حنانا وتلطفا كالذين يصورون صغار أولادهم لتذكرهم حال الكبر، فهذا أيضا حرام للحوق الوعيد به في قوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «إن الملائكة لا تدخل بيتا في صورة»)) اهـ.

تنبيه:
قد يُفهم من بعض كلام العلامة ابن عثيمين رحمه الله أنه يُجوز التصوير للذكرى، وهذا جملة من أقواله تعمدت الإكثار من النقل عنه لإزالة هذا التوهم.
هذا والله أعلم، وبالله التوفيق، وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.
كتبه
عزالدين بن سالم بن الصادق أبوزخار
طرابلس الغرب: ليلة الجمعة 21 رجب سنة 1442 هـ
الموافق لـ: 5 مارس سنة 2021 ف