الحمد لله وكفى والصلاة والسلام على المبعوث رحمة للعالمين وعلى آله وصحبه وسلم تسليما كثيرا .بسم الله الرحمن الرحيم
أما بعد :
فقد أطلعني بعض إخواننا على مقاطع ليتوب لشاب بذئ اللسان متهور متطفل جاهل اسمه " أمير ديزد "، يزعم أنه يتصدى للباطل ويحارب الفساد الذي عند الحكام وقادة الجيش يتكلم فيهم بكلام سوقي يعلوه الفحش والتفحش ويزينه بالسب والشتم ، ويطليه بالمدح والثناء على نفسه والعجب والغرور بكثرة الأنصار .
يحرض الدهماء ( العوام ) ويغرس في نفوسهم البغضاء والحقد والعداء لولاة الأمر مهما كانوا ، بحجة المطالبة بالحقوق ( العقوق ) والحرية ،- زعموا - وهذه هي أبرز سمات الخوارج القعدية الذين يزينون للنّاس الخروج على الحاكم ويذكرون عيوبه ، ويطعنون عليه ، ولا يرون له أي طاعة ، وهم جالسون من وراء البحار قد أمنوا المطالبة ، يتفرجون على ما يفعل الحاكم بمن خرجوا ضده .
قال الحافظ ابن حجر في الفتح (1/432): والقعدية قوم من الخوارج كانوا يقولون بقولهم ولا يرون الخروج بل يزينونه .
وبعد سماعي لبعضها تبين لي أن الرجل حاطب ليل ، جاهل حقير سوقي غير مؤدب ، مهرج ، رويبضة متعالم يتكلم في أمر العامة بتنظير معكوس وفهم منكوس . عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - : " إِنَّهَا سَتَأْتِي عَلَى النَّاسِ سِنُونَ خَدَّاعَةٌ،(1) يُصَدَّقُ فِيهَا الْكَاذِبُ، وَيُكَذَّبُ فِيهَا الصَّادِقُ، وَيُؤْتَمَنُ فِيهَا الْخَائِنُ، وَيُخَوَّنُ فِيهَا الْأَمِينُ، وَيَنْطِقُ فِيهَا الرُّوَيْبِضَةُ " قِيلَ: وَمَا الرُّوَيْبِضَةُ؟ يَا رَسُولَ اللهِ قَالَ : " السَّفِيهُ يَتَكَلَّمُ فِي أَمْرِ الْعَامَّةِ " (مسند أحمد 7912) وقال محققه حديث حسن .
وفي رواية أنس- رضي الله عنه - عند أحمد (13299): (( قِيلَ: وَمَا الرُّوَيْبِضَةُ؟ قَالَ: " الْفُوَيْسِقُ يَتَكَلَّمُ فِي أَمْرِ الْعَامَّةِ "
وفي كتاب الفتن لنعيم ابن حماد (1470):((الرويبضة الوضيع من الناس يَتَكَلَّمُ فِي أَمْرِ الْعَامَّةِ. وفي مسند البزار (2740) قَالَ: « الْمَرْءُ التَّافِهُ يَتَكَلَّمُ فِي أَمْرِ الْعَامَّةِ» .
وصححه الألباني في السلسلة الصحيحة (1887)-(2253).
وقال بعده : " .. ثم إن مما يزيد الحديث قوة أن له شواهد عن غير ما واحد من الصحابة، منها عن عبد الله بن عمر – رضي الله عنهما - مرفوعا نحوه إلى قوله : " ويخون الأمين " وزاد: " قِيلَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، فَكَيْفَ الْمُؤْمِنُ يَوْمَئِذٍ؟ قَالَ: «كَالنَّخْلَةِ وَقَعَتْ فَلَمْ تُكْسَرْ، وَأُكِلَتْ فَلَمْ تَفْسُدْ، وَوَضَعَتْ طِيبًا، وَكَقِطْعَةِ الذَّهَبِ أُدْخِلَتِ النَّارَ فَأُخْرِجَتْ فَلَمْ تَزْدَدْ إِلَّا جَوْدَةً» أخرجه البزار (9409).(2).
قلت : هذا هو حال المؤمن الصادق في إيمانه عند قرب الساعة ونزول الفتن كله خير ؛ كالنخلة وقعت فلم تفسد، وأكلت فلم تكسر، ووضعت طيبا، وكقطعة الذهب ، دخلت النّار، فأخرجت، فلم تزدد إلا جودا ..
أما من كان متعالما جاهلا جافيا، فاحشا متفحشا حقيرا تافها رابضا في بلد الكفر عن معالي الأمور ومحاسن الأخلاق يتكلم في شؤون النّاس بما يفسدهم ويبعدهم عن الحق ، ويفرقهم ويفتنهم ، ويقلب الحقائق ليصدقه السذج من العوام ، ويتهم غيره من الأبرياء الأمناء على الدين والوطن ووحدته إذا تكلموا وأرشدوا النّاس إلى لزوم الجماعة ، ولزوم أولياء الأمور ، وعدم الخروج عليهم ، وبهذا يفسد الدين، وتقع الفتن والفوضى وعدم الاستقرار واللأمن ؛ وذا ما يريده هو ومن وراءه ؛ لأنه لا يكون له همة في إصلاح المجتمع إلا على الطريقة التي رسمها في رأسه بالجهل والنظر القاصر؛ بل همته الاستكثار من الأتباع والمتابعين لأجل جمع المال واكتنازه، على حساب العامة الذين يضللهم ويتكلم في شؤونهم . وقال الشعبي : لا تقوم الساعة حتى يصير العلم جهلا، والجهل علما. وهذا كله من انقلاب الحقائق في آخر الزمان وانعكاس الأمور.
وفي " صحيح الحاكم (8660-8661) بإسنادين " عن عبد الله بن عمرو - رضي الله عنه - مرفوعا: (( إن من أشراط الساعة أن يوضع الأخيار، ويرفع الأشرار ..))
وقال بعده : هَذَا حَدِيثٌ صَحِيحُ الْإِسْنَادَيْنِ جَمِيعًا، وَلَمْ يُخْرِجَاهُ )) وقال الذهبي في التعليق (8661) صحيح. وصححه الألباني في السلسة الصحيحة (2821).
والآن إليك أيها القارئ الكريم بعض جهالات هذا الرويبضة حتى لا تغتر به وبأمثاله لأنهم طلاب دنيا ليس إلا ..
فمن جهالاته التي هو مقيم عليها :
1 – ومن جهالاته أنه لا يفتتح عمله بالحمد والثناء على الله ثم الصلاة والسلام على رسوله : وكل كلام لا يبدأ فيه بذلك فهو مقطوع البركة ..
فعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - : "كُلُّ أَمْرٍ ذِي بَالٍ لَا يبدأ فيه بحمد الله فهو أقطع" فالحديث وإن ضعفه بعض أهل العلم فيشهد له الحديث الصحيح: وهو قوله صلى الله عليه وسلم: ((كُلُّ خِطْبَةٍ لَيْسَ فِيهَا تَشَهُّدٌ فَهِيَ كَالْيَدِ الجذماء)) صحيح الجامع (4520). واليد الجذماء: المقطوعة التي لا فائدة فيها لصاحبها، أو التي بها جُذام. وإذا كان هذا الفعل منزوع البركة ؛ فماذا ينتظر أتباعه المعجبين به والمغترين بترهاته ، من رجل هذه حاله منزوع البركة من أقواله وأفعاله ؟؟
2 – أنه إذا افتتح لقاءه مع من يتابعونه لا يلقي عليهم التحية ، فلا تسمع عنده السلام ، ونبينا عليه الصلاة والسلام يقول :" من لم يبدأكم بالسلام فلا تجيبوه " لأن هذا الذي لا يبدأ إخوانه بالسلام لا يؤمن جانبه ، أما الذي يبدأ بالسلام فمعناه أنه يقول لمن يخاطبهم : " السلام عليكم " أي بيني وبينكم السلام ، فلا تخشوا شيئا مني لا خداع ولا مكر ولا خيانة ، ولا إضلال ؛ بل عليكم السلام من لساني ويدي؛ لأن المسلم هو من سلم المسلمون من لسانه ويده ، ولأن السلام اسم من أسماء الله ، فإذا خدع أو مكر أو نافق فإنما يخدع بالله ويمكر وينافق به .
قال تعالى : { يُخَادِعُونَ اللَّهَ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَمَا يَخْدَعُونَ إِلَّا أَنْفُسَهُمْ وَمَا يَشْعُرُونَ} (9) البقرة .
قال تعالى :{إِنَّ الْمُنَافِقِينَ يُخَادِعُونَ اللَّهَ وَهُوَ خَادِعُهُمْ..} 142 النساء.
3 -الرجل هاجر هجرة غير شرعية كما يسميها هو بنفسه ، وهذا مخالف للأعراف الدولية ، وسياسات الدول ..
وأن هذه الهجرة إلى بلاد الكفر حيث تحصل على الإقامة ، واللجوء السياسي ، ولا يمكنه أن يحصل على ذلك إلا بتحويل جنسيته ، ليحصل على كامل حقوقه كمواطن في بلاد الكفر ؟؟ وهذه كلها مخالفة لمبادئه كمسلم . فماذا ينتظر من إنسان باع مبادئه إلى أعداء الملة ؟؟
وماذا ينتظر من رجل خالف الأعراف الدولية والقوانين الوضعية والشرعية ؟؟
4- أنه مقيم بين ظهراني الكفار والمشركين ، لا يفارقهم بل قصد الهجرة إلى ديار الكفر لغير ضرورة ولا مطلب شرعي(3) إلا طلب الدنيا ، وهناك ربَضَ كما تربض الشاة في مربضها ثم بدأ يتكلم في أمر النّاس وشؤونهم بجهله من هناك حيث الذل والهوان والاحتقار وعدم الرضا عنه حتى يتبع ملتهم . قال - صلى الله عليه وسلم - : ((أَنَا بَرِيءٌ مِنْ كُلِّ مُسْلِمٍ يُقِيمُ بَيْنَ أَظْهُرِ الْمُشْرِكِينَ )). قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ لِمَ؟ قَالَ: « لَا تَرَاءَى نَارَاهُمَا » (4) .
فهؤلاء الرويبضة الخونة الذين لجئوا إلى ديار الكفر يحتمون بهم ويتقوون بقوانينهم على أهل ملتهم ووطنهم لن يستطيعوا أن يرفعوا رؤوسهم متعززين بدينهم وأصلهم حتى يوالوا الكفار، ويدفعوا ثمن الذل الخيانة لوطنهم وقومهم ، فإن القوم الكافرين لن يرضوا عنهم حتى يذلوهم وحتى يأخذوا منهم عزتهم ويأخذوا منهم أسرار بلادهم وقومهم والله تعالى يقول :{ وَلَنْ تَرْضَى عَنْكَ الْيَهُودُ وَلَا النَّصَارَى حَتَّى تَتَّبِعَ مِلَّتَهُمْ..} (120) البقرة .
ولا يمكن لهؤلاء الخونة أن يحققوا الولاء والبراء في ديار الكفر بل لا يمكن لهم الحياة هناك إلا بإظهار شيء من الحب والمودة والنصرة وأن يتنازلوا عن شيء من مبادئهم وعقائدهم الدينية فيمزجوها بشيء من أباطلهم التي دسوها على المسلمين .
وقال تعالى : { لَا تَجِدُ قَوْمًا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَوْ كَانُوا آبَاءَهُمْ أَوْ أَبْنَاءَهُمْ أَوْ إِخْوَانَهُمْ أَوْ عَشِيرَتَهُمْ ..} (22) المجادلة.
5 -ومن جهالاته أنه يضع تمثالا أمامه ، ولست أدري ما الدافع لذلك إلا أن يكون شيئا يتبرك به ، ويتقرب به إلى من أبلغه تلك المنزلة التي هو فيها من السفاهة والربضة ؟؟. وإلا ما حاجة رجل متحضر سياسي محنك - كما يزعم أتباعه – إلى مثل ذلك الصنم على صورة مهرج ، إلا أن يكون يمثل الصورة الحقيقة التي تكمن في أعماقه وأنه هو مجرد مهرج بالسب والشتم والنبز واللمز والغمز وتتبع العورات .
وهذا واقعه فلا تكاد تمر بك جملة من كلامه أو اسم رجل ممن ينتقدهم إلا سمعت فحشا ، وسبا ، وشتما وتعييرا ، ورأيت سخرية ، أبهذا وأمثال هؤلاء تريدون إقامة دولة ؟؟
6 – ومن جهالاته أنه يحلف بغير الله ، فقد سمعته يخلف بحق خير فنجال قهوة ، ومرة أخرى بحق خير كأس من الماء ، وهو شرك أصغر ، وهو من الكبائر بل من أكبرها ..
والنبي- صلى الله عليه وسلم- يقول : «مَنْ حَلَفَ بِغَيْرِ اللَّهِ فَقَدْ أَشْرَكَ» مسند الطيالسي (2008) وأخرجه أبو داود (3251) والترمذي (1535) ، وابن حبان (4358).وهو حديث صحيح.
وفي مسند أحمد عَنْ عُمَرَ، أَنَّهُ قَالَ : لَا وَأَبِي، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - : (( مَهْ، إِنَّهُ مَنْ حَلَفَ بِشَيْءٍ دُونَ اللهِ، فَقَدْ أَشْرَكَ )) (قال محققه إسناده صحيح على شرط البخاري) .
7 – ومن جهالاته أنه بذيء اللسان فاحش متفحش ، سوقي الحركات والكلمات ، كثير السخرية والاحتقار ، ويسب ، ويشتم ، ويذكر بعض الألفاظ التي يستحى من ذكرها ..
وينشر بعض الصور التي تخل بالحياء ، والعجيب أن كثيرا من أتباعه يعدون ذلك من فضائله ، وليعلموا أنه إن تمكن من رقابهم يوما ما عاملهم بمثل ما يعامل خصومه الآن فلا تؤمنوه فإنه لا يؤمن جانبه .
عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ مَسْعُودٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - : (( لَيْسَ الْمُؤْمِنُ بِطَعَّانٍ، وَلَا بِلَعَّانٍ، وَلَا الْفَاحِشِ الْبَذِيءِ )) أحمد( 3839 ) حديث صحيح والبخاري في الأدب المفرد (312).
وعن جابر بن عبد الله - رضي الله عنهما- قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - : (إنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُ الفَاحِشَ المُتَفَحِّشَ، ولا الصَيَّاحَ فِي الأسْوَاقِ) الأدب المفرد (310).
وعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ:( ( إِياكُم والظُلمَ، فإنَّ الظُلمَ ظُلماتٍ يَوم القِيامَةِ، وإِياكُم والفُحشَ فَإنَّ اللَّهَ لَا يُحبُ الفَاحِشَ المُتَفحِّشَ، وإِياكُم والشُح فَإنَّهُ دَعا مَن كانَ قَبلَكُم فَقَطعُوا أَرحَامَهُم، ودَعاهُم فَاستَحَلُوا مَحارِمَهُم)) .صحيح الأدب المفرد (487). وتتعجب من قوم يتابعونه وهم يسمعونه في كل مرة يردد على أسماعهم ذلك الفحش ، وتلك البذاءة التي ربما تصل أبائهم وإخوانهم وإلى نسائهم وبناتهم وأخواتهم ، وربما يسمون ويرون الأمور المخلة بالحياء ينشره وهم مجتمعون ..
8 – ومن جهالاته أنّك لمّا تفتح فيديوهاته يصادفك جنيريك بالموسيقى – مزمار الشيطان - وفيه مصباح ، وكثرة الدخان تخرج منه ومن حوله ، وكأنه يقول لمتابعيه هذا مصباح علاء السحري الذي قرأنا قصته قديما من القصص الخيالية ، والحقيقة أن ذلك يشبه الشعوذة التي يتقرب بها إلى شياطين الجن الذين يمدونه بأخبار النّاس والذين يستعين بهم ليتوصل إلى أسرار خصومه في قعر بيوتهم ، حي لا يصل إليها إلا جواسيس المحترفين من الجن والإنس .
9 – كثير التتبع لعورات النّاس ، يفري في أعراضهم ، وهذا لا يذهب بعيدا حتى يكشفه الله تعالى في بيته طال الزمان أو قصر ، وإن سلم من ذلك في الدنيا فإنه لن يسلم من العقوبة في الآخرة فيحبس في ردغة الخبال ويقال له أخرج مما قلت وليس بخارج منها ، وردغة الخبال هي عصارة أهل النّار من القيح والصديد ، جزاء وفاقا ، فقد كان يبحث كثيرا في عيوبهم التي هي بمثابة ردغة الخبال .
قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - : ((.. وَمَنْ خَاصَمَ فِي بَاطِلٍ وَهُوَ يَعْلَمُهُ، لَمْ يَزَلْ فِي سَخَطِ اللَّهِ حَتَّى يَنْزِعَ عَنْهُ، وَمَنْ قَالَ فِي مُؤْمِنٍ مَا لَيْسَ فِيهِ أَسْكَنَهُ اللَّهُ رَدْغَةَ الْخَبَالِ حَتَّى يَخْرُجَ مِمَّا قَالَ))،أبو داود (3597) وابن ماجة( 3377) صحيح الجامع (2076) وهو حديث صحيح. وعَنْ ابْنِ عُمَرَ قَالَ: صَعِدَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم- المِنْبَرَ فَنَادَى بِصَوْتٍ رَفِيعٍ، فَقَالَ: ((يَا مَعْشَرَ مَنْ أَسْلَمَ بِلِسَانِهِ وَلَمْ يُفْضِ الإِيمَانُ إِلَى قَلْبِهِ، لَا تُؤْذُوا المُسْلِمِينَ وَلَا تُعَيِّرُوهُمْ وَلَا تَتَّبِعُوا عَوْرَاتِهِمْ، فَإِنَّهُ مَنْ تَتَبَّعَ عَوْرَةَ أَخِيهِ المُسْلِمِ تَتَبَّعَ اللَّهُ عَوْرَتَهُ، وَمَنْ تَتَبَّعَ اللَّهُ عَوْرَتَهُ يَفْضَحْهُ وَلَوْ فِي جَوْفِ رَحْلِهِ)) الترمذي(2032)وقال حسن صحيح .
10 – بعض الأحيان إذا قدم معلومة على خصومه يتهكم بهم ويزدريهم وبعض الأحيان يسخر منهم ..والله تعالى يقول : {لَا يَسْخَرْ قَوْمٌ مِنْ قَوْمٍ عَسَى أَنْ يَكُونُوا خَيْرًا مِنْهُمْ..} الحجرات (11). فنهى الله تعالى أن يسخر قوم من قوم ولم يحدد جنسه ولا دينه ، فالسخرية مذمومة حتى مع الخصوم الأعداء فكيف بالمسلمين .
11- ومن جهالاته أنه يحرف أسماء النّاس وينبزهم بألقاب فمثلا يقول بتعويقة ، والقايد فايح أو طالح ، بو تبون ، قصديرة بوصبع وهذا كله من التنابز بالألقاب..
والله يقول : {وَلَا تَلْمِزُوا أَنْفُسَكُمْ وَلَا تَنَابَزُوا بِالْأَلْقَابِ بِئْسَ الِاسْمُ الْفُسُوقُ بَعْدَ الْإِيمَانِ وَمَنْ لَمْ يَتُبْ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ (11) }.
فبعض الأحيان يرميهم بالحمير والبغال ، وهذا مخالف لتعاليم الإسلام فقد جاء النهي عن أن يشبه الإنسان بالحيوان ..فلا يجوز أن يقال للإنسان يا كلب ويا حمار وبغل ، وحيوان لأنه ليس كذلك . عَنْ إِبْرَاهِيمَ، أَنَّهُ قَالَ: (( مَنْ قَالَ لِلْآخَرِ يَا حِمَارُ، يَا كَلْبُ، يَا خِنْزِيرُ، يُقَالُ لَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ: حِمَارًا تَرَانِي خَلَقْتُهُ )) أي يقول الله له .الجامع لابن وهب (364)وفي مصنف ابن أبي شيبة(26102) .
12 - يتكلم كثيرا على نفسه في قالب المدح وصيغة الثناء ، فهو معجب بنفسه ، وبما يقدم، ونسي الجاهل أن هذه ذنوب يضيفها إلى طائره الذي يعلق في عنقه يوم القيامة ، وإلى كتابه الذي يجد فيه كل صغيرة وكبيرة مسطرة عليه . {وَكُلَّ إِنْسَانٍ أَلْزَمْنَاهُ طَائِرَهُ فِي عُنُقِهِ وَنُخْرِجُ لَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ كِتَابًا يَلْقَاهُ مَنْشُورًا (13) اقْرَأْ كِتَابَكَ كَفَى بِنَفْسِكَ الْيَوْمَ عَلَيْكَ حَسِيبًا }(14) الإسراء. {وَيَقُولُونَ يَا وَيْلَتَنَا مَالِ هَذَا الْكِتَابِ لَا يُغَادِرُ صَغِيرَةً وَلَا كَبِيرَةً إِلَّا أَحْصَاهَا وَوَجَدُوا مَا عَمِلُوا حَاضِرًا وَلَا يَظْلِمُ رَبُّكَ أَحَدًا }(49).
13 - ومن جهالاته أنه مغرور بالكثرة التي تتابعه ، ظنا منه أنها تغني عنه شيئا ، فتدفع عنه شرا ، أو تجلب له خيرا ، إلا الفتات من حطام الدنيا الذي يجنيه من وراء ذلك ، فالكثرة لا تدل على الحق ولا تدل على أن كل المتابعين لك هم معك يوالونك وينصرونك على ما تعتقد ، فربما الكثير منهم يحب أن يسمع ويشتهي مثل ذلك الهراء ، ويحب أن يقضي وقته في سماع السب والشتم وربما منهم من يسمع يريد أن يعرف ما عندك من الشبه والباطل التي تلبس به على السذج من النّاس .
14- ومن جهالاته جهله بالسياسة ، وهو يقر بذلك ويعترف به ، يظن أن سياسة الأمة إنما هي بكشف عيوب المسئولين وهتك المستور وفضح المغيب عن عيون النّاس ، وسب المخالف ، في قالب النقد ، فأين الحوار وأين تقديم البرامج والرأي النافع ، والحلول الناجعة التي تنهض بالأمة ، وأين الحنكة والحكمة في التعامل مع الفتن ، وتسكين العوام ، والحرص على الاستقرار واستتباب الأمن في البلد والإبقاء على وحدة الأمة وثوابتها ، وربط الأمة بأصالتها .. والتعاون على البر والتقوى ، وترك التعاون بالإثم والعدوان ..
15- جهله بالعارضة ، وأن الإسلام لا يبيح الاعتراض مطلقا على أولياء الأمور حتى لو أباحته الديمقراطية اللعينة ، وإنما يشرع لأتباعه التعاون على البر والتقوى ولو اختلفت وجهات نظهرهم في المجتمع ، فإصلاح الراعي والرعية لا يكون ولن يكون إلا بالشرع ، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ، في حدود نصوص الوحي كتابا وسنة ، والنصيحة لأولياء الأمور في السر دون الجهر بها على طريقة الخوارج بكل أصنافهم .
تنبيه ورجاء : أرجو من إخواننا الذين لهم صفحات على الفيس بوك وتويتر أن ينشروا هذا المقال ليعم به النفع ، ولا بأس من نشره حتى على القنوات .
الهامش :
----------------------------
1 - قال فؤد محمد عبد الباقي في ترقيمه وتعليقه على سنن ابن ماجة (2/1339): [ش - قَوْلُهُ: (سَنَوَاتٌ) جَمْعُ سَنَةٍ بَعْدَ رَدِّهَا إِلَى الْأَصْلِ فَإِنَّ أَصْلَهَا سَنَوَ بِالْوَاوِ (خَدَّاعَاتٌ) بِتَشْدِيدِ الدَّالِ لِلْمُبَالَغَةِ قَالَ السُّيُوطِيُّ: أَيْ تَكْثُرُ فِيهَا الْأَمْطَارُ وَيَقِلُّ الرَّبِيعُ فَذَلِكَ خَدْعُهَا، أَيْ: لِأَنَّهُمْ تُطْمِعُهُمْ بِالْخَيْرِ، ثُمَّ تَخْتَلِفُ، وَقِيلَ: الْخُدْعَةُ الْقَلِيلَةُ الْمَطَرِ مِنْ خَدَعَ الرِّيقَ إِذَا جَفَّوالرويبضة تَصْغِير رابضة وَهُوَ الْعَاجِز الَّذِي ربض عَن معالي الْأُمُور وَقعد عَن طلبَهَا وتاء للْمُبَالَغَة (في أمر العامة) متعلق به ينطق.]
2- قلت هو قطعة من حديث طويل هذا لفظه : عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لَا تَقُومُ السَّاعَةُ حَتَّى يَظْهَرَ الْفُحْشُ، وَقَطِيعَةُ الرَّحِمِ، وَسُوءُ الْجِوَارِ، وَيُخَوَّنَ الْأَمِينُ» قِيلَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، فَكَيْفَ الْمُؤْمِنُ يَوْمَئِذٍ؟ قَالَ: «كَالنَّخْلَةِ وَقَعَتْ فَلَمْ تُكْسَرْ، وَأُكِلَتْ فَلَمْ تَفْسُدْ، وَوَضَعَتْ طِيبًا، وَكَقِطْعَةِ الذَّهَبِ أُدْخِلَتِ النَّارَ فَأُخْرِجَتْ فَلَمْ تَزْدَدْ إِلَّا جَوْدَةً» . وَهَذَا الْحَدِيثُ لَا نَعْلَمُهُ يُرْوَى إِلَّا عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو، وَلَا نَعْلَمُ لَهُ طَرِيقًا إِلَّا هَذَا الطَّرِيقَ، وَلَا نَعْلَمُ أَسْنَدَ الْأَعْمَشُ، عَنْ أَبِي أَيُّوبَ إِلَّا هَذَا الْحَدِيثَ
3- ونقصد بالضرورة أنه يجوز للمسلم إذا دعت الضرورة أن يسافر إلى بلاد الكفر فإذا انقضت ضرورته رجع إلى بلده المسلم . ونقصد بالهجرة الشرعية هي التي تكون لأمر شرعي تحت وصاية ولي الأمر ، كأن يهاجر لطلب علم لا يوجد ي بلده ، أو لجلب صنعة لا توجد في بلده أو لعلاج تعتذر عليه في بلده ، أو أن يكون سفيرا وقنصلا أو عينا وهكذا ، أما يهاجر لغير ذلك فقد سموها واصطلحوا عليها أنه هجرة غير شرعية .
4 - أخرجه أبو داود(2645) قال الأرنؤوط في التعليق عليه : إسناده صحيح .أخرجه الترمذي (1604) والنسائي في الكبرى( 6956)وصححه الألباني في الإرواء: 1207 والسلسلة الصحيحة تحت رقم (636) وفيه : ((..وتناصح المسلمين ، وتفارق المشرك )).