بسم الله الرحمن الرحيم

الخوارج التقنيين


الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف المرسلين، وعلى آله وأصحابه أجمعين.
أما بعد:
فالناظر فيما تقدفه الشبكة العنكبوتية من أفكار هدامة ومناهج منحرفة وفرق ضالة يجد أن الخوارج التقنيين لهم قصب السبق في نشر عقائدهم الفاسدة، وما يفعله الشرذمة من وراء الشاشات من بث السموم لتضليل شباب الأمة الإسلامية، من منشورات وفيديوهات حماسية لقلب نظام الحكم والوصول لمأربهم الدنيئة والقفز على عرش الملك والإطاحة بالحكومة، والهدف الاستحواذ على الخيرات وكنوز البلاد هو ما كان يطمع به جدهم الأكبر ذو الخويصرة والاعتراض على سيد البشر نبينا محمد عليه الصلاة والسلام في قسمته.

عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه، قال: بينا نحن عند رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يقسم قسما، أتاه ذو الخويصرة، وهو رجل من بني تميم، فقال: يا رسول الله، اعدل.قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «
ويلك ومن يعدل إن لم أعدل؟ قد خبت وخسرت إن لم أعدل».
فقال عمر بن الخطاب رضي الله عنه: يا رسول الله، ائذن لي فيه أضرب عنقه.قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «
دعه، فإن له أصحابا يحقر أحدكم صلاته مع صلاتهم، وصيامه مع صيامهم، يقرءون القرآن، لا يجاوز تراقيهم، يمرقون من الإسلام كما يمرق السهم من الرمية، ينظر إلى نصله فلا يوجد فيه شيء، ثم ينظر إلى رصافه فلا يوجد فيه شيء، ثم ينظر إلى نضيه فلا يوجد فيه شيء - وهو القدح - ثم ينظر إلى قذذه فلا يوجد فيه شيء، سبق الفرث والدم، آيتهم رجل أسود، إحدى عضديه مثل ثدي المرأة، أو مثل البضعة تتدردر، يخرجون على حين فرقة من الناس».
قال أبو سعيد رضي الله عنه: فأشهد أني سمعت هذا من رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأشهد أن علي بن أبي طالب رضي الله عنه قاتلهم وأنا معه، فأمر بذلك الرجل فالتمس، فوجد، فأتي به، حتى نظرت إليه، على نعت رسول الله صلى الله عليه وسلم الذي نعت.
أخرجه مسلم.
قال العلامة ابن الجوزي رحمه الله في ((تلبيس إبليس)) : ((
هذا الرجل يقال له ذو الخويصرة التميمي وفي لفظ أنه قال له اعدل فقال ويلك ومن يعدل إذا لم أعدل فهذا أول خارجي خرج في الإسلام وآفته أنه رضي برأي نفسه ولو وقف لعلم أنه لا رأي فوق رأي رسول الله صلى الله عليه وسلم)) اهـ.

وهذا هو الأصل في الخوارج التقنيين أنهم طلاب دنيا وجُل ما يُنشر في برامجهم الإلكترونية الحديث عن رواتب ولاة الأمر والرشاوى وحول ميزانية الدولة والفساد المالي وعن الصفقات الوهمية والمشاريع التي يقيمها حاشية الحكام ورصيدهم المالي وأملاكهم خارج البلاد وغير ذلك.

قال الإمام أحمد رحمه الله في ((مسائل حرب)) (ص: 355 – 366) كما في ((الجامع لعلوم الإمام أحمد - العقيدة)) (3/ 23): ((وأما أصحاب الرأي والقياس: فإنهم يسمون أصحاب السنة نابتة وكذب أصحاب الرأي أعداء اللَّه، بل هم النابتة تركوا أثر الرسول صلى اللَّه عليه وسلم وحديثه وقالوا بالرأي، وقاسوا الدين بالاستحسان، وحكموا بخلاف الكتاب والسنة، وهم أصحاب بدعة جهلة ضلال طلاب دنيا بالكذب والبهتان. فرحم اللَّه عبدًا قال بالحق، واتبع الأثر، وتمسك بالسنة، واقتدى بالصالحين، وجانب أهل البدع وترك مجالستهم ومحادثتهم أحتسابًا وطلبًا للقربة من اللَّه وإعزاز دينه، وما توفيقنا إلا باللَّه)) اهـ.

فما أحسن ما ختم به هذا الإمام من نصيحة من هجر أهل البدع، فعلى من أراد النجاة والسلامة لدينة أن يهجر الخوارج التقنيين وهجر صفحاتهم ومواقعهم وبرامجهم.

تنبيه:
ليس كل من كتب ونشر ما يوافق مذهب الخوارج يكون خارجيا، وذلك عملا بالقاعدة ليس كل من وقع في البدعة وقعت البدعة عليه، فهناك الجاهل والغافل والساهي وغير ذلك من الموانع التي تستلزم عدم الحكم عليه بالبدعة وأنه خارجي حتى تتحقق فيه الشروط وتنتفي فيه الموانع.

هذا والله أعلم، وبالله التوفيق، وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.
كتبه
عزالدين بن سالم بن الصادق أبوزخار
العلوص ليبيا: يوم الجمعة 5 شعبان سنة 1442 هـ
الموافق لـ: 19 مارس سنة 2021 ف