الشيخ : و إياكم أن تقولوا في مثل هذه المناسبة الله و رسوله أعلم لأن هذا شرك لفظي ، المتحمسين للسؤال أظن ما فهموا تعليقي الأخير لأنهم يفكّرون فيما يريدون أن يسألوا و أنا أذكركم بشيء مهم جدا ، واحد يقول للثاني تعرف ماذا تعشّينا البارحة ؟ يقول له الله و سوله أعلم ، صحيح و إلا ؟ ... اصبر بارك الله فيك فهذا لا يجوز أن يقال لأن رسول الله ليس يعلم كل ما يقع و يحدث ، هذا علم اختص الله به لكن الشبهة من أين تأتي أن هناك أحاديث كثيرة أن الرسول عليه السلام سأل أصحابه في بعض المناسبات مثل هذا السؤال فكان جوابهم الله و رسوله أعلم هذا شيء و بعد انتقال الرسول عليه السلام من هذه الحياة الدنيا الفانية إلى الحياة البرزخية التي هو فيها يلقى نوعا أو بعض جزائه من ربه تبارك وتعالى على قيامه بواجب الدعوة و التبليغ لها فهو كان في قيد حياته متصلا بسبب قوي بوحي السماء هذا من جهة ، من جهة أخرى حينما كان يسأل أصحابه كأن الصحابة ينتبهون إلى أنه عليه السلام يسألهم عن شيء هو على علم به و لذلك كان يكون جوابهم الله و رسوله أعلم و فعلا الذين انتبهوا له تحققوا منه حينما يخبرهم الرسول عليه السلام عن الشيء الذي توجّه به يسألهم عنه و الأمثلة التي تمر بالقارئ للسنة و الباحث فيها كثيرة و كثيرة جدا لعل من أشهرها مما لا يخفى على كل الحاضرين إن شاء الله قصة جبريل عليه السلام التي رواها عبد الله بن عمر و رواها أيضا أبوه عمر بن الخطاب التي فيها " بينما نحن جلوس عند رسول الله صلى الله عليه و سلم إذ جاء رجل شديد بياض الثياب ، شديد سواد الشعر ، لا يرى عليه أثر السفر و لا يعرفه منا أحد حتى دنى من النبي صلى الله عليه و سلم فأسند ركبتيه إلى ركبتيه و وضع كفيه على فخذيه ثم قال : يا محمّد أخبرني عن الإسلام ... أخبرني عن الإيمان ... أخبرني عن الإحسان ... أخبرني عن الساعة " و إلى آخر الحديث ثم ولى هذا الرجل ، قال لهم عليه السلام و هنا الشاهد ( أتدرون من السائل ؟ ) قالوا " الله و رسوله أعلم " قال ( ذاك جبريل جاءكم يعلمكم دينكم ) ففي مثل هذا السؤال من الرسول عليه السلام للأصحاب فيه إشعار لهؤلاء المسؤولين أن الرسول على علم لذلك قالوا له في مثل هذا السؤال الله و رسوله أعلم ، أما اليوم ، تعرف شو بدي اسألك الآن ؟ الله و رسوله أعلم . لا ، الرسول لا يعلم الغيب (( عالم الغيب فلا يظهر على غيبه أحدا إلا من ارتضى من رسول )) من رسول حي مبلغ رسالات ربه أما بعد وفاته فهو الآن لطريق لقائه لجزائه من ربه فأنا قلت آنفا من باب التنبيه أقول في مثل ذلك السؤال الله أعلم فلا تقولوا اليوم في أي شيء الله و رسوله أعلم إلا إذا كانت المسألة منصوص عليها في الكتاب و السّنّة و نحن على يقين أن الرسول كان على علم بها فشأننا حينذاك شأن الأصحاب هذه ذكرى و الذكرى تنفع المؤمنين .
الشيخ :محمد ناصرالدين الالباني رحمه الله
سلسلة الهدى والنور