بسم الله الرحمن الرحيم
التماوت في رفع اليدين في الصلاة
(بتعليق الشيخ الفاضل زاهد الساحلي حفظه الله)

قال حفظه الله: ((
السلام عليكم ورحمه الله وبركاته

لقد قرأت البحث الموجز بخصوص كيفية رفع اليدين في الصلاة لأخينا الشيخ الفاضل عز الدين أبوزخار فرأيته قد نبه في مكتوبه إلى شيء تجدر الإشارة إليه حيث بين كيفية السنة المحمدية في رفع اليدين في الصلاة وبشكل مبسط ونوه إلى الخطأ الذي يقع فيه فئات من الناس عند رفعهم لأيديهم وقل من ينبه إليه وهي - صفة التماوت والتباطؤ في الرفع - لذا أرى نشر مشوره هذا والاستفادة منه على أكبر نطاق واسع.
كتبه أخوكم أبو حمزة زاهد الساحلي)) اهـ.

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف المرسلين، وعلى آله وأصحابه أجمعين.
أما بعد:
فالناظر لمن حوله من بعض المصلين في المسجد يجد تماوتا وكسلا في رفع اليدين لتكبيرة الإحرام وتكبيرات الانتقال.
والتماوت في كيفية رفع اليدين في الصلاة على قسمين:

أولا: التماوت في مستوى رفع اليدين.
قد ورد في السنة ما يبين المستوى الذي يصل به المصلى في رفع اليدين في الصلاة.
عن ابن عمر رضي الله عنهما: (أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يرفع يديه حذو منكبيه إذا افتتح الصلاة).
متفق عليه.
وعن مالك بن الحويرث رضي الله عنه: (أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا كبر رفع يديه حتى يحاذي بهما أذنيه، وإذا ركع رفع يديه حتى يحاذي بهما أذنيه، وإذا رفع رأسه من الركوع، فقال: ((سمع الله لمن حمده)) فعل مثل ذلك).
متفق عليه.
ففي هذين الحديثين يشرع رفع اليدين حذو المنكبين أو يحاذي بهما الأذنين، ولا يمسهما، فهذا من التنطع.
قال العلامة الألباني رحمه الله في ((تلخيص صفة صلاة النبي صلى الله عليه وآله وسلم)) : ((وأما مس شحمتي الأذنين بإبهاميه, فلا أصل له في السنة, بل هو عندي من دواعي الوسوسة)) اهـ.
وقد حرض العلماء على توضيح هذه السنة فألف ثلة منهم أجزاء في رفع اليدين منهم: البخاري ومحمد بن نصر المروزي وابن القيم والسبكي.
كذلك يوجد تفريط وهو التماوت في رفع اليدين ليصل بهم إلى السرة، ومنهم من هو أحسن حالا فيزيد في رفعهما إلى أن يصل بهما إلى صدره، ومنهم بين ذلك، بل هناك من لا يرفع يديه بالكلية من الإباضية ومن نحى نحوهم وقرب منهم.
وهذا فعل الكسالى.
وسئل العلامة ابن عثيمين رحمه الله كما في ((مجموع فتاواه ورسائله)) : ((بعض الناس عند تكبيرة الإحرام لا يرفع يديه إلى المنكبين بل يرفع يديه قريباً من السرة أو فوقها بقليل فهل هذا الرفع مشروع؟
فأجاب رحمه الله: هذا الرفع الذي ذكر السائل ليس رفعاً مشروعاً، بل هو عبث منهي عنه؛ لأن الرفع المشروع إما إلى المنكبين، وإما إلى فروع الأذنين، وما تقاصر عن ذلك فهو قصور عن السنة فينهى عنه، ويقال: إما أن ترفع كاملاً وإما أن تتركه فينبه ويعلم بالسنة)) اهـ.

تنبيه:
مع هذا التماوت في رفع اليدين البعض يزيد مخالفة أخرى وهو بدل أن تكون اليدان في اتجاه القبلة للمخالفة يحدث انحراف بهما ليصل بالبعض إلى انحراف شديد ليكون اتجاههما نحو الأرض.

ثانيا: التماوت في هيئة رفع اليدين.
أيضا من التماوت في كيفية رفع اليدين التماوت في هيئتهما وذلك يكون ببطيء، وهذا خلاف ما جاء عن السلف رضي الله عنهم سرعة رفعهما.
عن الحسن قال: (كان أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم كأنما أيديهم المراوح يرفعونها إذا ركعوا , وإذا رفعوا رءوسهم).
أخرجه البخاري في ((رفع اليدين)) ومن طريقه ابن الجوزي في ((التحقيق في أحاديث الخلاف)) وأخرجه ابن أبي شيبة في ((المصنف)) ومن طريقه ابن المنذر في ((الأوسط)) وابن حزم في ((المحلى)) وأخرجه البيهقي في((السنن الكبرى)) و ((معرفة السنن والآثار)) وابن عبد البر في ((التمهيد)).
وعن حميد بن هلال قال: (كان أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم إذا صلوا كأن أيديهم حيال آذانهم المراوح).
أخرجه البخاري في ((رفع اليدين)).
من سرعة رفع أيديهم كأنها المراوح، ولم يكونوا في تماوت.
قال الإمام البخاري رحمه الله في ((رفع اليدين)): ((فلم يستثن الحسن، وحميد بن هلال أحدا من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم دون أحد)) اهــ.
فدع الكسل وأنشط في صلاتك وترك هذا التماوت تفلح وتنجح.
هذا والله أعلم، وبالله التوفيق، وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.
🏻 كتبه
عزالدين بن سالم بن الصادق أبوزخار
طرابلس الغرب: ليلة الجمعة 15 ذي القعدة سنة 1442 هـ
الموافق لـ: 25 يونيو سنة 2021 ف