النتائج 1 إلى 2 من 2
  1. #1
    تاريخ التسجيل
    Aug 2010
    المشاركات
    1,203

    افتراضي يا قومنا ظهر الفساد في البر والبحر ، فإلى أين ؟؟؟؟؟

    بسم الله الرحمن الرحيم
    الحمد لله رب العالمين ، حمدا كثيرا كما يحب ربنا ويرضى ، وأصلي وأسلم على المبعوث رحمة للعالمين وعلى آله صحبه والتابعين لهم بإحسان إلى يوم الدين .
    أما بعد :
    فقد كان يقال ، تسمع خير من أن ترى ،يعني تسمع بالمنكر خير من تراه ، واليوم أصبحنا نقول : تغيب ولا تسمع ؛ ولا ترى خير من أن تشاهد ولا تحرك ساكنا.
    يا قومنا ، يا أهل الحسبة ؛ يا طلبة العلم ؛ يا أئمة المساجد ، إن مسؤوليتنا عظيمة وجسيمة أمام الله ، لقد كاد الفساد أن يعمنا وآثاره تغمنا ، وأصبحنا لا نسمع ولا نرى تغيير المنكر والأمر بالمعروف إلا قليلا ، كما أصبحنا نسمع كثرة التشكي من فساد الحال ، وانتكاس الأخلاق ،وسوء التربية وارتفاع الأسعار وغلاء المعيشة ، ولم نرجع إلى أنفسنا لنعرف الأسباب فنعالجها ليرفع الله عنا هذه الحال .
    يا قومنا لقد ﴿‌ظَهَرَ ‌ٱلۡفَسَادُ فِي ٱلۡبَرِّ وَٱلۡبَحۡرِ بِمَا كَسَبَتۡ أَيۡدِي ٱلنَّاسِ لِيُذِيقَهُم بَعۡضَ ٱلَّذِي عَمِلُواْ لَعَلَّهُمۡ يَرۡجِعُونَ ﴾ [الروم: 41].
    قال ابن جرير الطبري – رحمه الله – في تفسيره (٢٠/ 107):«يقول تعالى ذكره: ظهرت المعاصي في برّ الأرض وبحرها بكسب أيدي الناس ما نهاهم الله عنه.»
    وبعد أن ذكر أقوال أهل التفسير في الآية قال :" وأولى الأقوال في ذلك بالصواب أن الله تعالى ذكره، أخبر أن الفساد قد ظهر في البرّ والبحر ...
    فتأويل الكلام إذن إذ كان الأمر كما وصفت، ظهرت معاصي الله في كل مكان من برّ وبحر (بِمَا كَسَبَتْ أيْدِي النَّاسِ) : أي بذنوب الناس، وانتشر الظلم فيهما.
    وقوله تعالى : : (لِيُذِيقَهُمْ بَعْضَ الَّذِي عَمِلُوا) يقول جل ثناؤه: ليصيبهم بعقوبة بعض أعمالهم التي عملوا، ومعصيتهم التي عصوا (لَعَلَّهُمْ يَرجِعُونَ) يقول: كي ينيبوا إلى الحقّ، ويرجعوا إلى التوبة، ويتركوا معاصي الله.»
    عن قَتادة قوله: (لِيُذِيقَهُمْ بَعْضَ الَّذِي عَمِلُوا لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ) : لعلّ راجعا أن يرجع، لعل تائبا أن يتوب، لعلّ مستعتبا أن يستعتب.
    وقال ابن عطية في المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز» (٤/ 340):
    «قال الفقيه الإمام القاضي: وهذا هو القول الصحيح ؛ وظهور الفساد فيهما هو بارتفاع البركات ونزول رزايا ، وحدوث فتن وتغلب عدو كافر، وهذه الثلاثة توجد في البر والبحر.
    قال ابن عباس رضي الله عنهما -: الفساد في البحر انقطاع صيده بذنوب بني آدم (1)وقلما توجد أمة فاضلة مطيعة مستقيمة الأعمال إلا يدفع الله عنها هذه، والأمر بالعكس في أهل المعاصي وبطر النعمة، وكذلك كان أمر البلاد في وقت مبعث النبي صلى الله عليه وسلم قد كان الظلم عم الأرض برا وبحرا،
    وقد جعل الله هذه الأشياء ليجازي بها على المعاصي فيذيق الناس عاقبة ذنوبهم لعلهم يتوبون ويراجعون بصائرهم في طاعة الله تعالى.
    وقوله تعالى: "بِما كَسَبَتْ " تقديره جزاء ما كسبت، ويحتمل أن تتعلق الباء ب (ظَهَرَ ) أي كسبهم المعاصي في البر والبحر هو نفس الفساد الظاهر، والترجي في «لعل» هو بحسب معتقداتنا وبحسب نظرنا في الأمور.
    وقال البيضاوي في أنوار التنزيل وأسرار التأويل» (٤/ 208):
    «‌ظَهَرَ ‌الْفَسادُ ‌فِي ‌الْبَرِّ ‌وَالْبَحْرِ)) كالجدب والموتان وكثرة الحرق والغرق وإخفاق الخاصة ومحق البركات وكثرة المضار، أو الضلالة والظلم. وقوله : بِما كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ بشؤم معاصيهم أو بكسبهم إياه، »
    وقال ابن القيم في «التفسير القيم » (ص263):«‌‌فصل:
    وقوله تعالى:{{ وَلا تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ بَعْدَ إِصْلاحِها}}. قال أكثر المفسرين: لا تفسدوا فيها بالمعاصي والدعاء إلى غير طاعة الله بعد إصلاح الله إياها ببعث الرسل وبيان الشريعة، والدعاء إلى طاعة الله.
    فإن عبادة غير الله والدعوة إلى غيره والشرك به هو أعظم فساد في الأرض، بل فساد الأرض في الحقيقة إنما هو بالشرك به ومخالفة أمره.
    قال تعالى: ‌((ظَهَرَ ‌الْفَسادُ ‌فِي ‌الْبَرِّ ‌وَالْبَحْرِ بِما كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ )) ٣٠: ٤١ .
    وقال عطية في الآية: ولا تعصوا في الأرض، فيمسك الله المطر، ويهلك الحرث بمعاصيكم. وقال غير واحد من السلف: إذا قحط المطر فإن الدواب تلعن عصاة بني آدم، وتقول: اللهم ألعنهم، فبسببهم أجدبت الأرض وقحط المطر. انتهى كلام ابن القيم .
    قلت : يا قومنا انظروا إلى الغلاء الفاحش والقحط الذين تعيشونه فذلك بسبب ذنوبنا ومعاصينا ؛ ومن أعظمها وقوع الكثير ممن يجهلون دينهم في الشرك ؛ ومنع الكثير من أرباب الأموال الزكاة ، وحكم أيمتنا وولاة أمرنا بغير ما أنزل الله ، والظلم ، والجور ، ناهيك عن المجاهرة بالفجور، وشرب الخمور ، والتباهي بتعاطي الربا والرشوة ، والتبرج الفاضح والسفور ، وكثرة الخَبث ، والرذيلة وتعاظم الشرور ، جمعها الله في كلمة جامعة في قوله : {{ ظَهَرَ ‌الْفَسادُ ‌فِي ‌الْبَرِّ ‌وَالْبَحْرِ بِما كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ}}.
    ما هو الجزاء الذي يحل بهم إن لم يتوبوا وينتهوا عما هم فيه يا رب ؟
    الجواب في الآية الكريمة : {{ ليذيقهم بعض الذي عملوا لعلهم يرجعون}} أي يذيقهم بعض الذي عملوا وليس كله ، لأنه ﴿وَلَوۡ يُؤَاخِذُ ٱللَّهُ ٱلنَّاسَ بِمَا كَسَبُواْ مَا تَرَكَ عَلَىٰ ‌ظَهۡرِهَا ‌مِن ‌دَآبَّةٖ وَلَٰكِن يُؤَخِّرُهُمۡ إِلَىٰٓ أَجَلٖ مُّسَمّٗىۖ ﴾ [فاطر: 45] . اللهم لك الحمد ، إن عاقبت فبعدل ، وإن تجاوزت وعفوت فبرحمة .
    قال ابن القيم : ويدل عليه قوله تعالى:{{ لِيُذِيقَهُمْ بَعْضَ الَّذِي عَمِلُوا}} فهذا حالنا دائما، أذاقنا الله الشيء اليسير من أعمالنا، فلو أذاقنا كل أعمالنا لما ترك على ظهرها من دابة.
    ومما يذيقهم على بعض أعمالهم ، القحط ونقص الزرع والضرع ، والموتان وكثرة الحرق والغرق ؛ ومحق البركات وكثرة المضار، وغلاء الأسعار والفقر والظلم والاعتداء ، والمعيشة الضنكة أو الضلالة ، وكثرة الأوبئة والأمراض التي لم تكن في أسلافنا ، وهذا الواقع الذي نعيش قريبا من هذا ..
    ويواصل ابن القيم فيقول : وبالجملة فالشرك والدعوة إلى غير الله وإقامة معبود غيره ومطاع متبع غير رسول الله - صلّى الله عليه وسلّم -: هو أعظم الفساد في الأرض، ولا صلاح لها ولا لأهلها إلا بأن يكون الله وحده هو المعبود، والدعوة له لا لغيره، والطاعة والإتباع لرسوله ليس إلا، وغيره إنما تجب طاعته إذا أمر بطاعة الرسول. فإذا أمر بمعصيته وخلاف شريعته فلا سمع له ولا طاعة. فإن الله أصلح الأرض برسوله ودينه، وبالأمر بتوحيده، ونهى عن إفسادها بالشرك به وبمخالفة رسوله.
    ومن تدبر أحوال العالم وجد كل صلاح في الأرض فسببه توحيد الله وعبادته وطاعة رسوله، وكل شر في العالم وفتنة وبلاء وقحط وتسليط عدو وغير ذلك فسببه مخالفة رسوله والدعوة إلى غير الله ورسوله.
    ومن تدبر هذا حق التدبر وتأمل أحوال العالم منذ قام إلى الآن وإلى أن يرث الله الأرض ومن عليها وهو خير الوارثين- وجد هذا الأمر كذلك في خاصة نفسه وفي حق غيره عموما وخصوصا. ولا قوة إلا بالله العلي العظيم.
    «وقال ابن كثير في تفسيره (٦/ 320): «وَمَعْنَى قَوْلِهِ تَعَالَى: {‌ظَهَرَ ‌الْفَسَادُ ‌فِي ‌الْبَرِّ ‌وَالْبَحْرِ بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ} أَيْ: بَانَ النَّقْصُ فِي الثِّمَارِ وَالزُّرُوعِ بِسَبَبِ الْمَعَاصِي.
    وَقَالَ أَبُو الْعَالِيَةِ: مَنْ عَصَى اللَّهَ فِي الْأَرْضِ فَقَدْ أَفْسَدَ فِي الْأَرْضِ؛ لِأَنَّ صَلَاحَ الْأَرْضِ وَالسَّمَاءِ بِالطَّاعَةِ؛ وَلِهَذَا جَاءَ فِي الْحَدِيثِ الَّذِي رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ: "لَحَدٌّ يُقَامُ فِي الْأَرْضِ أَحَبُّ إِلَى أَهْلِهَا مِنْ أَنْ يُمْطَرُوا أَرْبَعِينَ صَبَاحًا" .رواه أحمد في المسند (٢/٣٦٢) والنسائي في السنن (٨/٧٥) من حديث أبي هريرة، ولم يقع لي في سنن أبي داود.
    وَالسَّبَبُ فِي هَذَا أَنَّ الْحُدُودَ إِذَا أُقِيمَتْ، انْكَفَّ النَّاسُ -أَوْ أَكْثَرُهُمْ، أَوْ كَثِيرٌ مِنْهُمْ -عَنْ تَعَاطِي الْمُحَرَّمَاتِ، وَإِذَا ارْتُكِبَتِ الْمَعَاصِي كَانَ سَبَبًا فِي مِحَاقِ الْبَرَكَاتِ مِنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ؛ وَلِهَذَا إِذَا نَزَلَ عِيسَى [ابْنُ مَرْيَمَ] عَلَيْهِ السَّلَامُ، فِي آخِرِ الزَّمَانِ فَحَكَمَ بِهَذِهِ الشَّرِيعَةِ الْمُطَهَّرَةِ فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ، مِنْ قَتْلِ الْخِنْزِيرِ وَكَسْرِ الصَّلِيبِ وَوَضْعِ الْجِزْيَةِ، وَهُوَ تَرْكُهَا -فَلَا يَقْبَلُ إِلَّا الْإِسْلَامَ أَوِ السَّيْفَ، فَإِذَا أَهْلَكَ اللَّهُ فِي زَمَانِهِ الدَّجَّالَ وَأَتْبَاعَهُ وَيَأْجُوجَ وَمَأْجُوجَ، قِيلَ لِلْأَرْضِ: أَخْرِجِي بَرَكَاتِكِ. فَيَأْكُلُ مِنَ الرُّمَّانَةِ الفئَام مِنَ النَّاسِ، وَيَسْتَظِلُّونَ بقَحْفها، وَيَكْفِي لَبَنُ اللِّقْحَةِ الجماعةَ مِنَ النَّاسِ. وَمَا ذَاكَ إِلَّا بِبَرَكَةِ تَنْفِيذِ شَرِيعَةِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَكُلَّمَا أُقِيمَ الْعَدْلُ كَثُرَتِ الْبَرَكَاتُ وَالْخَيْرُ؛
    [وَلِهَذَا] ثَبَتَ فِي الصَّحِيحِ: "إنَّ الْفَاجِرَ إِذَا مَاتَ تَسْتَرِيحُ مِنْهُ الْعِبَادُ وَالْبِلَادُ، وَالشَّجَرُ وَالدَّوَابُّ" صحيح البخاري برقم (٦٥١٢) .
    وَلِهَذَا قَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدٌ وَالْحُسَيْنُ قَالَا حَدَّثَنَا عَوْف، عَنْ أَبِي قَحْذَمٍ قَالَ : وَجَدَ رَجُلٌ فِي زَمَانِ زِيَادٍ -أَوِ: ابْنِ زِيَادٍ -صُرَّةً فِيهَا حَبّ، يَعْنِي مِنْ بُرٍّ أَمْثَالِ النَّوَى، عَلَيْهِ مَكْتُوبٌ: هَذَا نَبَتَ فِي زَمَانٍ كَانَ يُعْمَلُ فِيهِ بِالْعَدْلِ.» المسند (٢/٢٩٦) .
    اللهم أكبر ، الله أكبر ، هذا نبت زمن كان يعمل فيه بالعدل ، حبة القمح أو الشعير بحجم نوى الثمر ، أي بركة هذه وأي خير هذا ، هذا نتيجة العدل وارتفاع الظلم .
    وَقَوْلُهُ: {لِيُذِيقَهُمْ بَعْضَ الَّذِي عَمِلُوا لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ} أَيْ: يَبْتَلِيهِمْ بِنَقْصِ الْأَمْوَالِ وَالْأَنْفُسِ وَالثَّمَرَاتِ، اخْتِبَارًا مِنْهُ، وَمُجَازَاةً عَلَى صَنِيعِهِمْ، {لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ} أَيْ: عَنِ الْمَعَاصِي، كَمَا قَالَ تَعَالَى: {وَبَلَوْنَاهُمْ بِالْحَسَنَاتِ وَالسَّيِّئَاتِ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ} [الْأَعْرَافِ: ١٦٨] .
    وقال الشوكاني في«فتح القدير » (٤/ 263):«وَاخْتُلِفَ فِي مَعْنَى ظُهُورِ الْفَسَادِ الْمَذْكُورِ، فَقِيلَ: هُوَ الْقَحْطُ، وَعَدَمُ النَّبَاتِ، وَنُقْصَانُ الرِّزْقِ، وَكَثْرَةُ الْخَوْفِ، وَنَحْوُ ذَلِكَ. »
    وبعد أن ذكر أقوال أهل التفسير في الآية قال :وَالظَّاهِرُ مِنَ الْآيَةِ ظُهُورُ مَا يَصِحُّ إِطْلَاقُ اسْمِ الْفَسَادِ عَلَيْهِ سَوَاءٌ كَانَ رَاجِعًا إِلَى أَفْعَالِ بَنِي آدَمَ مِنْ مَعَاصِيهِمْ، وَاقْتِرَافِهِمُ السَّيِّئَاتِ وَتَقَاطُعِهِمْ، وَتَظَالُمِهِمْ، وَتَقَاتُلِهِمْ، أَوْ رَاجِعًا إِلَى مَا هُوَ مِنْ جِهَةِ اللَّهِ سُبْحَانَهُ بِسَبَبِ ذُنُوبِهِمْ، كَالْقَحْطِ، وَكَثْرَةِ الْخَوْفِ، وَالْمَوْتَانِ، وَنُقْصَانِ الزَّرَائِعِ، وَنُقْصَانِ الثِّمَارِ. وَالْبَرُّ وَالْبَحْرُ: هُمَا الْمَعْرُوفَانِ الْمَشْهُورَانِ،
    وَالْبَاءُ فِي بِمَا كَسَبَتْ: لِلسَّبَبِيَّةِ، وَمَا: إِمَّا مَوْصُولَةٌ أَوْ مَصْدَرِيَّةٌ لِيُذِيقَهُمْ بَعْضَ الَّذِي عَمِلُوا اللَّامُ مُتَعَلِّقَةٌ بِظَهَرَ، وَهِيَ لَامُ الْعِلَّةِ، أَيْ: لِيُذِيقَهُمْ عِقَابَ بَعْضِ عَمَلِهِمْ، أو جزاء بعض عَمَلِهِمْ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ عَمَّا هُمْ فِيهِ مِنَ الْمَعَاصِي، وَيَتُوبُونَ إِلَى اللَّهِ.
    وقال السعدي في تيسير الكريم الرحمن» (ص643):
    قوله تعالى :{‌ظَهَرَ ‌الْفَسَادُ ‌فِي ‌الْبَرِّ ‌وَالْبَحْرِ بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ لِيُذِيقَهُمْ بَعْضَ الَّذِي عَمِلُوا لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ} . «‌‌{٤١}
    أي: استعلن الفساد في البر والبحر أي: فساد معايشهم ونقصها وحلول الآفات بها، وفي أنفسهم من الأمراض والوباء وغير ذلك، وذلك بسبب ما قدمت أيديهم من الأعمال الفاسدة المفسدة بطبعها.
    هذه المذكورة {لِيُذِيقَهُمْ بَعْضَ الَّذِي عَمِلُوا} أي: ليعلموا أنه المجازي على الأعمال فعجل لهم نموذجا من جزاء أعمالهم في الدنيا {لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ} عن أعمالهم التي أثرت لهم من الفساد ما أثرت، فتصلح أحوالهم ويستقيم أمرهم. فسبحان من أنعم ببلائه وتفضل بعقوبته وإلا فلو أذاقهم جميع ما كسبوا ما ترك على ظهرها من دابة.» انتهى كلامه
    فيا قومنا بادروا إلى التوبة والرجوع إلى الله تعالى حقيقة ، وأحسنوا في عباداتكم ومعاملاتكم يحسن الله إليكم ويفتح عليكم من بركات الأسماء والأرض ..
    وقال ابن القيم : فإن الله هو الغني الحميد، وإن أحسنتم، أحسنتم لأنفسكم، وقوله: إِنَّ رَحْمَتَ اللَّهِ قَرِيبٌ مِنَ الْمُحْسِنِينَ ؛وإنما أختص أهل الإحسان بقرب الرحمة منهم لأنها إحسان من الله أرحم الراحمين وإحسانه تعالى إنما يكون لأهل الإحسان لأن الجزاء من جنس العمل فكما أحسنوا بأعمالهم أحسن إليهم برحمته. والعكس بالعكس .
    وكما أحسنوا جوزوا بالإحسان. وهل جزاء الإحسان إلا الإحسان؟ وقد ذكر ابن أبي شيبة وغيره من حديث الزبير بن عدي عن أنس بن مالك قال: «قرأ رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: هَلْ جَزاءُ الْإِحْسانِ إِلَّا الْإِحْسانُ، ثم قال: هل تدرون ما قال ربكم؟ قالوا الله ورسوله أعلم. قال يقول: هل جزاء من أنعمت عليه بالتوحيد إلا الجنة)).
    الهامش :
    1 - قلت : وهذا صحيح ، فإننا نلاحظ كثرة الصيادين وقلة الصيد ، وقلة الأسماك ، وغلاءها بشكل فاحش ، مع أنني أدركت زمنا كنّا نستيقظ بعد الفجر ونذهب إلى الميناء حيث تدخل السفن لترسا حاملة معها الخير الكثير من أنواع الأسماك ، وكان ربانها لا يبيعون شيئا حتى يوزعوا علينا نحن الذي نحضر حضورهم لأننه كنّا نسكن بجانب الميناء وكان أغلب من يسكن هناك لا يشترون السمك وإنما يعطون مما يأتي به الصيادون ، وكانوا يبيعونه على التجار الذين يحملونه إلى سوق السمك وهناك يبيعون ما يبيعون بأسعار زهيدة جدا إلى صلاة الظهر وما تبقى يتركونه هناك للناس وفي المساء إذا بقي شيء رموه في البحر لوفرته وكثرته ، وهذا ما شهدناه ونحن صغار لم يتجاوز عمري التاسعة ..
    أما اليوم فحدث ولا حرج عن قلتها وغلائها والله المسؤول أن يرفع عنّا هذا الغلاء ويبارك لنا فيما يمن به علينا من أرزاق سواء من البر أو البحر إنه سميع قريب .

  2. #2
    تاريخ التسجيل
    Nov 2014
    المشاركات
    268

    افتراضي رد: يا قومنا ظهر الفساد في البر والبحر ، فإلى أين ؟؟؟؟؟

    بارك الله فيكم شيخ أبوبكر وزادكم الله علما


معلومات الموضوع

الأعضاء الذين يشاهدون هذا الموضوع

الذين يشاهدون الموضوع الآن: 1 (0 من الأعضاء و 1 زائر)

المواضيع المتشابهه

  1. سئل الشيخ العلامة زيد المدخلي حفظه الله:ما حكم قولنا لعلي بن أبي طالب: الإمام علي؟ وكذلك قولنا: كرم الله وجهه،
    بواسطة أبو عبد المصور مصطفى الجزائري في المنتدى المنبــر الإسلامي العــام
    مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 29-Nov-2020, 10:05 AM
  2. [فتاوى] مامعنى قولنا أنا سلفي
    بواسطة أبوصهيب طارق بن حسين في المنتدى المنبــر الإسلامي العــام
    مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 24-Oct-2014, 10:13 PM
  3. {ظهر الفساد في البر والبحر بما كسبت أيدي الناس‏} الإمام ابن قيّم الجوزيّة
    بواسطة أم عمر الموحدة في المنتدى مـنــبر الأســـرة المـــســلـــمـــة
    مشاركات: 6
    آخر مشاركة: 12-May-2013, 01:38 AM
  4. أسباب ظهور الفساد في البر والبحر للإمام ابن قيّم الجوزية رحمه الله
    بواسطة أبو خالد الوليد خالد الصبحي في المنتدى المنبــر الإسلامي العــام
    مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 31-Mar-2010, 03:18 PM
  5. {ظهر الفساد في البر والبحر بما كسبت أيدي الناس‏}
    بواسطة أبو خالد الوليد خالد الصبحي في المنتدى المنبــر الإسلامي العــام
    مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 12-Mar-2010, 02:59 PM

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •