الشيخ : ... فقلتُ بأن العلماء اختلفوا في هاتين الركعتين ؛ فمن قائل : إنهما مخصوصتان به - عليه السلام - ؛ لأنه صلَّاها بعد العصر ، وقد قال : ( لا صلاة بعد العصر حتى تغرب الشمس ) ، ومن قائل : لا ، يجوز لكل مسلم أن يصليهما ، والراجح عندي هو هذا ؛ أي : شرعية صلاة ركعتين بعد العصر ، أما النهي المذكور آنفًا - جزاك الله خير - ؛ فالجواب عنه من ناحيتين اثنتين ؛ تقدَّم آنفًا ذكر إحداهما ؛ وهي صلاة الرسول لهاتين الركعتين بعد العصر تقييد للنهي الوارد عنه بعد العصر ، ويؤكد هذا الناحية الأخرى ، وهي واضحة جدًّا ، وينبغي الاهتمام بها ؛ لأن أكثر الناس عنها غافلون ؛ فقد جاء في " سنن أبي دواد " من حديث عليٍّ - رضي الله تعالى عنه - قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - : ( لا صلاة بعد العصر إلا أن تكونَ الشمس مرتفعةً نقيَّةً ) ، هذا استثناء من عموم النَّصِّ المشهور : ( لا صلاة بعد العصر حتى تغرب الشمس ) ، فقد دخله هذا ... وهذا التَّخصيص ( إلا أن تكون الشمس مرتفعة نقيَّة ) ؛ فما دامت الشمس بيضاء صافية نقيَّة لم تتضيَّف للغروب ؛ فهذا الوقت وقت صلاة ، أما إذا مالَتْ نحو الغروب وبدأت الاصفرار ؛ فهو وقت النهي ، فبهذا وذاك تكون الركعتان بعد صلاة العصر مسنونتَين لكلِّ الناس ؛ لأن النهي المذكور هو مقيَّد باصفرار الشمس ، وبهذا يتمُّ الجواب عن ذاك السؤال ، وخلاصته أن قضاء السنن الرواتب تُشرع حتى في بعض الأوقات المكروهة .

نعم .
فتاوى جدة - شريط : 30