شرح حديث أبي هريرة رضي الله عنه : ( ... إن الله لم يبعث نبياً ولا خليفة إلا وله بطانتان: بطانة تأمره بالمعروف وتنهاه عن المنكر وبطانة لا تألوه خبالاً، ومن يوق بطانة السوء فقد وقي ).

الشيخ الالباني :
بهذه المناسبة قال النبي صلى الله عليه وسلم : ( إن الله لم يبعث نبياً ولا خليفة إلا وله بطانتان ) إلى آخر الحديث، من أين نفهم أن الرسول عليه السلام في هذه المناسبة قال هذه الجملة؟ من هذه الفاء التي تقتضي التعقيب حيث قال راوي الحديث بعد قول أبي التيهان قال : فهو عتيق فقال النبي صلى الله عليه وآله وسلم فعقب قول المرأة لزوجها أن تعتق العبد فقال هو فهو عتيق فقال النبي صلى الله عليه وسلم : ( إن الله لم يبعث نبياً ولا خليفة إلا وله بطانتان بطانة تأمره بالمعروف وتنهاه عن المنكر وبطانة لا تألوه خبالاً، ومن يوق بطانة السوء فقد وقي ).
لذلك قال العلماء إن في قول النبي عليه السلام في هذا الحديث: ( إن الله لم يبعث ) إلى آخره عقب هذه الحادثة إشارة تزكية أم التيهان إشارة من الرسول عليه السلام إلى أنه يزكي أم التيهان بهذا الحديث ويشير فيه إلى أنها كانت بطانة صالحة لزوجها ولذلك نصحته وأمرته بالمعروف ولم تأمره بالمنكر فقال عليه الصلاة والسلام : ( إن الله لم يبعث نبياً ولا خليفة إلا وله بطانتان ) البطانة بطانة الرجل أو الشخص هو صاحب سره الذي يطلع على سر الرجل ويعرف مداخله وأسراره فهو إما أن ينصح له وإما أن يخونه، فيقول الرسول عليه الصلاة والسلام مخبراً عن حقيقة واقعة في هذه الحياة الدنيا وهي أنه ما من نبي ولا خليفة إلا وله بطانتان بطانة صالحة وبطانة طالحة ، النبي معروف بالطبع من هو وهو الذي يوحى إليه من السماء أخبار مغيبة لا يعرفها سائر الناس وقد يكون نبياً فقط وقد يكون نبياً رسولاً كما هو حال نبينا محمد عليه الصلاة والسلام فيقول : ليس فقط من دون الأنبياء حتى الأنبياء لهم بطانة خير وبطانة شر بطانة صالحة وبطانة طالحة ، إذا كان الأنبياء لهم بطانتان فمن دون الأنبياء أولى وأولى أن يكون لهم بطانتان ، ذكر هاهنا من بعد الأنبياء الخلفاء فقال عليه الصلاة والسلام : ( إن الله لم يبعث نبياً ولا خليفة ) وهاهنا يجب أن نقف قليلاً عند كلمة خليفة فإن كثيراً من الكتاب الإسلاميين اليوم يسيئون فهم لفظة خليفة التي تذكر في الكتاب والسنة فهماً سيئاً ويتوهمون في مثل قوله تعالى: إني جاعلك في الأرض خليفة يتوهمون أن معنى قوله تعالى لآدم: جاعلك في الأرض خليفة، يعني عني يعني عن الله تبارك وتعالى وهذه خطيئة فاحشة، لأنه لا يجوز بوجه من الوجوه مطلقاً أن يتصور المسلم بأن الله عز وجل يقول عن ذاته العظيمة العالية أن خليفته فلان ففلان مهما سما وعلا من البشر هل يصلح أن يكون خليفة عن رب العالمين سبحانه وتعالى يعني لو ضربنا مثلاً سيئاً لوجدنا أن هذا المثل السيئ على سوءه وخبثه هو خير من هذا الفهم السيء، لو قال قائل : فلان الزبال الجاهل ال ال إلى آخره هو خليفة أبو بكر الصديق فهل يقول قائل مثل هذا الكلام؟ طبعاً لا، لماذا؟ لبعد الفرق بين أبو بكر الصديق في إيمانه في علمه في خلقه في حزمه في شجاعته إلى آخره، فإذا قيل الزبال الكناس إلى آخره الجاهل هو خليفة عن أبي بكر الصديق أليس يكون هذا طعن بالخليفة الحق وهو أبو بكر الصديق؟ لا شك في ذلك ولا ريب، أديش هذه النسبة المتفاوتة بين هذا الخليفة الراشد وبين هذا الرجل الجاهل الكاذب، فالنسبة بين الله عز وجل وبين أتقى إنسان في الدنيا أبعد وأبعد بكثير، لذلك لا يجوز أن نتوهم بأن آدم جعله الله خليفة عنه في الأرض، فمن آدم بالنسبة لرب العالمين؟ ولذلك لا يجوز للمسلم أبداً في سبيل ... تقديس وتعظيم بعض العظماء ... عظمة الإله الخالق لهؤلاء العظماء لا ينبغي أن يقع المسلم في مثل هذا الوهم الفاحش، يضاف إلى هذا من الناحية العربية شيء وهو فلان خليفة فلان، يعني إذا ذهب إذا ذهب الأول فيخلفه الآخر، أما الله تبارك وتعالى الحي القيوم الباقي الذي لا يحول ولا يزول لا يغيب مطلقاً فكيف يقال فلان خليفته؟ هو لم يذهب ولم يولي حتى يجعل له خليفة في الأرض، لذلك فقوله : (( إني جاعل في الأرض خليفة )) لا يعني جاعل في الأرض خليفة عني وإنما.