مناقشة للشيخ الألباني مع أحد الأطباء
موقع العقل هو القلب و ليس الدماغ

قال الشيخ الألباني – رحمه الله – في السلسلة الصحيحة عند تخريج الحديث رقم (2708): " و كان الحامل على تخريج حديث الترجمة هنا أمرين:
الأول: ….
و الآخر: أنني اجتمعت مع أحد الأطباء هنا في ( عمان )، فأخذ يحدثني ببعض اكتشافاته الطبية - و زملاؤه من الأطباء في ريب منها كما أفاد هو - منها أن بجانب السرة من كل شخص مضغة صغيرة هي سبب الصحة و المرض ، و أنه يعالج هو بها الأمراض ، و أنها هي المقصودة - زعم - بقوله صلى الله عليه وسلم في هذا الحديث : " إذا صلحت .. " ،
فلما عارضته بقوله صلى الله عليه وسلم في آخر الحديث : " ألا و هي القلب "
. قال : " هذه الزيادة غير صحيحة " .
قلت : كيف و هي في الحديث عند البخاري ؟!
قال : هل البخاري معصوم ؟
قلت : لا ، و لكن تخطئته لابد لها من دليل ، ببيان ما يدل على ما ذكرت من ضعفها .
قال : هي مدرجة ! قلت: من قال ذلك من علماء الحديث، فإن لكل علم أهله المتخصصين به .
قال: سمعت ذلك من أحد كبار علماء الحديث في مصر. و قد سماه يومئذ، و لم أحفظ اسمه جيدا.
فقلت: إن كان قال ذلك فهو دليل على أنه ليس كما وصفته في العلم بالحديث، فإنه مجرد دعوى لم يسبق إليها، و لا دليل عليها.
ثم قلت له: يبدو من كلامك أنك تفهم بالحديث أنه يعني الصلاح و الفساد الماديين ؟
قال : نعم .
قلت له : هذا خطأ آخر ، ألا تعلم أن الحديث تمام حديث أوله : " إن الحلال بين و الحرام بين .. " الحديث، و فيه: " فمن اتقى الشبهات فقد استبرأ لدينه و عرضه " الحديث ، فهذا صريح في أنه في الصلاح و الفساد المعنويين.
فلم يجب عن ذلك بشيء سوى أنه قال : لو أراد ذلك لقال : " ألا و إن في الإنسان .. " مكان " الجسد " !
قلت : هذا غير لازم ، فإنهما بمعنى واحد ، و بذلك فسره العلماء ، فيجب الرجوع إليهم ، و ليس إلى الأطباء !
و لم أكن مطلعا يومئذ على هذا اللفظ الذي أنكره ، فبادرت إلى تخريجه بعيد وقوفي عليه، لعل في ذلك ما يساعده و أمثاله على الرجوع إلى الصواب . و الله الهادي .
و قد جرنا الحديث إلى التحدث عن القلب و أنه مقر العقل و الفهم ، فأنكر ذلك ، و ادعى أن العقل في الدماغ ، و أن القلب ليس له عمل سوى دفع الدم إلى أطراف البدن.
قلت : كيف تقول هذا و قد قال الله تعالى في الكفار : *( لهم قلوب لا يفقهون بها)* ،
و قال : *( أفلم يسيروا في الأرض فتكون لهم قلوب يعقلون بها أو آذان يسمعون بها فإنها لا تعمى الأبصار و لكن تعمى القلوب التي في الصدور )* ؟!
فحاول تأويل ذلك على طريقة بعض الفرق الضالة في تعطيل دلالات النصوص ، و قلت له : هذه يا دكتور قرمطة لا تجوز ، ربنا يقول : *( القلوب التي في الصدور )* لا في الرؤوس !
و أقول الآن
: من فوائد الحديث قول الحافظ ابن حجر في " فتح الباري "


و فيه تنبيه على تعظيم قدر القلب و الحث على صلاحه ، والإشارة إلى أن لطيب الكسب أثرا فيه ، و المراد المتعلق به من الفهم الذي ركبه الله فيه . و يستدل به على أن العقل في القلب .
و منه قوله تعالى : *( فتكون لهم قلوب يعقلون بها )* ، و قوله تعالى : *( إن في ذلك لذكرى لمن كان له قلب )*
. قال المفسرون : أي عقل ، و عبر عنه بالقلب لأنه محل استقراره " .
ثم إن تلك الزيادة التي أنكرها الطبيب المشار إليه يشهد لها آيات كثيرة في القرآن الكريم، جاء فيها وصف القلب بالإيمان و الاطمئنان و السلامة ، و بالإثم ، و المرض و الختم و الزيغ و القسوة ، و غير ذلك من الصفات التي تبطل دعوى أنه ليس للقلب وظيفة غير تلك الوظيفة المادية من ضخ الدم .
فأسأل الله تعالى أن يطهر قلوبنا من المرض و الزيغ ، و اتباع جهل الجاهلين من الكفار و غيرهم .