سلسلة أخطاء شائعة يجب تصحيحها .. ١- ١١٢..
=======
الحمد لله وكفى والصلاة والسلام على النبي المصطفى وعلى آله وصحبه .
أما بعد :
فهذه سلسلة من الأخطاء في العقيدة
والعبادة والأخلاق تجري على ألسنة كثير من الناس هي أشد خطرا من الأمراض الفتاكة بالعقول والأجسام لأن بعضها من الشرك أكبر ، وبعضها أصغر ، وبعضها كفر، وبعضها بدع ، وأخرى معاصي وسوء أخلاق ، يجب تصحيحها واستبدالها بالصواب ؛ فإن الكثير منها شائع بين الناس والبعض منها وإن كان قليلا لكنه واقع وموجود .
والكثير من الناس يجهل حكمها أو
يجعلها هينة وهي عند الله عظيمة .
قال تعالى : (( إِذْ تَلَقَّوْنَهُ بِأَلْسِنَتِكُمْ وَتَقُولُونَ بِأَفْوَاهِكُم مَّا لَيْسَ لَكُم بِهِ عِلْمٌ وَتَحْسَبُونَهُ هَيِّنًا وَهُوَ عِندَ اللَّهِ عَظِيمٌ )).
وقال صلى الله عليه وسلم : (( إن العبد ليتكلم بالكلمة ما يتبين فيها ،يزل بها في النار أبعد ما بين المشرق والمغرب )) متفق عليه.
١- دعاء غير الله ، مثل : يارسول الله ، يا سيدي عبد القادر ، يا سيدي الجيلاني ،يا سيدي البدوي ، أغثني أشفني ،اشفي مريضي ، يا حسين المدد ، يا قطب الزمان أنا بحضرتك اقضي حاجتي ، يا سيدي ولي الله ،يا ولي الزمان جئتك شاكيا باكيا من لي عونا غيرك ، ونصيرا إلى غير ذلك ... من الأدعية الشركية والاستغاثة بغير الله ..
قال تعالى : (( ولا تدع من دون الله ما لا ينفعك ولا يضرك فإن فعلت فإنك إذا من الظالمين )) أي المشركين .
وهؤلاء المدعوين لا يملكون لأنفسهم نفعا ولا ضرار فضلا عن غيرهم ،بل هم عن دعاء من دعاهم غافلون ،وله لا يستجيبون .
قال تعالى : (( وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّن يَدْعُو مِن دُونِ اللَّهِ مَن لَّا يَسْتَجِيبُ لَهُ إِلَىٰ يَوْمِ الْقِيَامَةِ وَهُمْ عَن دُعَائِهِمْ غَافِلُونَ )).
والأيات والأحاديث في هذا كثيرة ..
وتصحيح هذا الخطأ هو أن يخلص العبد في الدعاء لله ،ولا يصرف منه شيئا لغيره تعالى فهو العليم القدير والسميع البصير ، وهو القريب المجيب الذي يجيب المضطرين الملهوفين ، ويكشف السوء عن المكروبين وهو المغيث الذي يغيث المستغيثين وهو الشافي الذي يشفي ويكفي من كل العلل .
قال تعالى : (( أَمَّن يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ وَيَكْشِفُ السُّوءَ وَيَجْعَلُكُمْ خُلَفَاءَ الْأَرْضِ ۗ أَإِلَٰهٌ مَّعَ اللَّهِ ۚ قَلِيلًا مَّا تَذَكَّرُونَ ))
فيلجأ إلى الله بصدق وإخلاص ويعلق قبله به تعالى ويدعوه بأسمائه الحسنى واسمه الأعظم ويتيقن أن الله يسمعه ويراه ويستجيب دعاءه .
وليكثر من قوله : (( يا حي يا قيوم برحمتك استغيث .. يا منان يا بديع السموات والأرض يا ذو الجلال والإكرام يا الله ،يا رب ،يا أحد يا صمد يا من لم يلد ويولد ولم يكن له كفوا احد .. يا قادر يا مقتدر يا من لا يعجزه شيء في الأرض ولا في السماء ..وليلح في الدعاء ويصدق ويتضرع كما يلح ويصدق ويتضرع للولي المخلوق أو القطب المزعوم ، بل ينبغي أكثر من ذلك حتى يملأ عليه نفسه وقلبه فلا يترك نبضا إلا وهو ينبض بدعاء الله وحده لا شريك له.
٢- قول الكثير من الناس إذا طلب من أحد قضاء حاجة أو فوضه في أمر : توكلت عليك وعلى الله ، أو يقول راني متكل ( متوكل ) عليك وعلى الله ،أو يقول راني عازم ( يعني متوكل) غير عليك وحدك ما ني عازم حتى على واحد .. يعني لست متوكلا ولا معتمدا على أحد غيرك ..
أو يقول له راني معتمد عليك ،عندي الثقة التامة فيك وحدك ..
وهذه الألفاظ شائعة وبكثرة وخاصة عند الشباب الذين يلجؤون إلى المخلوق ويعتمدون عليه ليقضي حاجتهم ..
التعليق : التوكل على الله من أجل العبادات القلبية التي لا يجوز صرف شيء منها لغيره الله ..
والتوكل على الله عبادة الصادقين، وسبيل المخلصين، الذين يعلقون قلوبهم بالله ويعتمدون عليه ويفوضون أمرهم إليه ..
والتوكل أمر الله تعالى به الأنبياء و المرسلين، وأولياءه المؤمنين، قال الله رب العالمين: {وَتَوَكَّلْ عَلَى الْحَيِّ الَّذِي لا يَمُوتُ وَسَبِّحْ بِحَمْدِهِ وَكَفى بِهِ بِذُنُوبِ عِبادِهِ خَبِير}.
وقال :{ وَتَوَكَّلْ عَلَى الْعَزِيزِ الرَّحِيمِ * الَّذِي يَراكَ حِينَ تَقُومُ * وَتَقَلُّبَكَ فِي السَّاجِدِينَ * إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ}.
وقال سبحانه لجميع عباده الذين هداهم سبلهم وأوذوا في سبيله ممن يرد التوكل والاعتماد على الناصر والمعين : (( وَمَا لَنَا أَلَّا نَتَوَكَّلَ عَلَى اللَّهِ وَقَدْ هَدَانَا سُبُلَنَا ۚ وَلَنَصْبِرَنَّ عَلَىٰ مَا آذَيْتُمُونَا ۚ وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُتَوَكِّلُونَ)) في موضعين من القرآن.
وقال تعالى في المؤمنين : (( إِذْ هَمَّتْ طَائِفَتَانِ مِنْكُمْ أَنْ تَفْشَلَا وَاللَّهُ وَلِيُّهُمَا ۗ وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُون )) في سبع مواضع من القرآن .
فما هو التوكل؟
هو في اللغة الاعتماد على الغير والتفويض له والثقة به في أمر ما ...
واصطلاحا : صدق اعتماد القلب على اللّه تعالى وتعلقه به وثقته التامة فيه في استجلاب المصالح ودفع المضار من أمور الدنيا والآخرة [جامع العلوم والحكم لابن رجب - رحمه الله - (409)] بتصرف يسير.
وقال الجرجاني رحمه الله: التوكل هو الثقة بما عند اللّه، واليأس عما في أيدي الناس [التعريفات (74).
وهؤلاء الناس في أقوالهم تلك لم يكتفوا بإشراك من توكلوا عليه مع الله
بل قدموه على الله تعالى ، واعتمدوا عليهم قبل أن يعتمدوا على الله وهذا فيه من المخالفات ما يلي .
١- إشراكهم المتوكل عليه مع الله
٢- تقديم المتوكل عليه على الله تعالى
٣ - التعلق بالمخلوق والاعتماد عليه أكثر من الخالق ..
فإن كان فعلهم ذلك عن اعتقاد فهو شرك أكبر مخرج من الملة والعياذ بالله ، وإن كان عن جهل وغير اعتقاد القلب فهذه ألفاظ شركية والوقوع فيها وقوع في كبيرة من الكبائر الذنوب.
والصواب أن يعلق قلبه بالله تعالى ويصدق في الاعتماد عليه وحده ويثق فيه سبحانه فيقول :
توكلت على الله وحده وبذلك أمره الله، كما سبق في الآيات الآنفة الذكر، وإذا أراد أن يعزز توكله على الله واعتماده بالاستعانة بمخلوق فيما يقدر عليه يقول : توكلت على الله ثم عليك ، أو يقول : راني متوكل على الله ثم عليك ..
هكذا بالترتيب ، ولكن بشرط فيما يقدر عليه صاحبه من قضاء الحاجة، أما فيما لا يقدر عليه إلا الله فلا يجوز بحال أن يشرك فيه مع الله غيره مهما كان.
نسأل الله تعالى العصمة من الزلل في القول والاعتقاد والعمل إن ربي سميع قريب مجيب.