الرد بالأدلة والاثار على من لعن من قال أن ابوي النبي صلى الله عليه وسلم في النار [ ج4]
وأما قولك :عدد من أهل السلف شبُّوا عن الطوقوردوا أحاديث مسلم، الأول هو جلال الدين السيوطي الذي ألف ثلاث رسائل في رد حديثي مسلم كان أشهرها رسالة التعظيم والمنة في أن أبوي رسول الله في الجنة،والثاني هو القاضي ابن العربي الذي قال بجرأة لا نستطيعها نحن عندما سُئِل عمنيقول إن أبوي النبي في النار قال: «ملعون من قال ذلك«.
والجواب عليه . أيهما أولى بهذه التسمية " أهل السلف" كل الرواة الذين رووا الحديثين المذكورين وكل من أخرجهما من المؤلفين كالإمام مسلم ، وأحمد والنسائي وأبو داود وابن ماجة وغيرهم ممن ذكرتهم لك ، وممن لم أذكرهم ، أم السيوطي وابن العربي ؟ يا رجل لا تضحك الناس على عقلك فيستخفون منك .
ثانيا: بأي ميزان تزن العلماء ، بالعلم والإتباع و الورع ، والرجوع إلى تراجمهم ، أم بالعقل والهوى لأنك وجدتهم رووا غليلك في معتقدك بالروايات الموضوعة والمنكرة ، والواهية ، هل يمكنك أن تتحفنا بمن وصف السيوطي وابن العربي أنهم من علماء السلف ، ألا تعلم أنهما أشعريان غارقان في التصوف ؟ لذلك مشيا على أصول الأشاعرة أن من مات ولم تبلغه الدعوى يموت ناجيا ، فردا بذلك الأحاديث التي تخالف أصول مذهبهما ،أو أولوها كما فعل غيرهما لأنها تنقض عليهم أصولهم ، وهكذا مذهبهم في كل نص أوهم التشبيه حتى قال قائلهم : كل نص أوهم التشبيه ** فأوله ورم تنزيه .
وأما قولك : أما المعاصرون باستثناء القلب الشجاع (محمد الغزالي) فقد استهجنوا الحديثين ...
فاعلم هداك الله أن من تسميه القلب الشجاع الغزالي -رحمه الله - للأسف ولى ظهره أهل السنة أتباع السلف الصالح ، هو الذي استهجن الأحاديث ، وطعن في علماء الحديث لأنه تأثر كثيرا بالمدرسة الاعتزالية والفلاسفة والمستشرقين ،فاسمع إليه وهو يقول: كل ما نحرص نحن عليه شد الانتباه إلىألفاظ القرآن ومعانيه ، فجملة غفيرة من أهل الحديث محجوبون عنها، مستغرقون في شئونأخرى تعجزهم !عن تشرب الوحي .
فرد بما تعلم منهم أحاديث كثيرة اتفق البخاري ومسلم عليها أو أخرجاها، أو أخرجها أحدهما خلافا لقاعدتك الجديدة التي خرجت بها علينا أيها المجتهد أنك لا تقبل الحديث الذي انفرد به مسلم حتى يوافقه البخاري على إخراجه ، ومن الأمثلة على ذلك كما في كتابه قذائف الحق [ص125] حديث الذباب ، حتى جاء العلم الحديث فكشف عما فيه من معجزة تنبأ بها المصطفى صلى الله عليه وسلم ، فسلموا للعلم المادي ولم يسلموا للوحي الذي لم تدركه عقولهم . وكذلك حديث موسى الذي فيه أنه فقأ عين ملك الموت ،في كتابه السنة النبوية [ص36] وحديث انشقاق القمر وهو في الصحيحين وادعي له التواتر. انظر: الطريق من هنا [ص 66 ] وله كلام خطير حول هذا الحديث وحول أخبار الآحاد. وحديث يقطع الصلاة المرأة والكلب. السنة النبوي [ص 128]وكذلك هذا الحديث الذي أوله بحجة أن عقول القوم لم تهضم الحديث النبوي ، وزعموا أن هذا فيه أذى للنبي صلى الله عليه وسلم الذي قرر هذا الحكم ، وكأن النبي صلى الله عليه وسلم يأتي بما يؤذي نفسه بنفسه سبحان الله لهذه العقول السخيفة!! وعلى قولك في الآية : إن الذين يؤذون الله ورسوله لعنهم الله في الدنيا والآخرة ..}} أن الذي يقرأ سورة المسد قد أذاه صلى الله عليه وسلم لأنها نزلت في عمه ، والعم صنو الأب ، -كما أفتى بتحريم قراءتها بعض متصوفة الشام وعلى رأسهم الملا رمضان ، وأن النبي صلى الله عليه وسلم لما قرأها ولم يكتمها قد فتح بابا للناس ليؤذونه ، كما فتح الباب حين قال للأعرابي : << أبي وأبوك في النار >> رواه مسلم ،وهذا لا يقوله عاقل فضلا عن مسلم ، فاتقوا الله يا قوم ، فالأذى لرسول الله هو في تحريم ما جاء به على الناس ورده بتأويلات باطله والكذب عليه بحجة توقيره وتعظميه ...
هذا أولا :وثانيا أقول لك : كان يكفيك أن ترد هذا الكلام ولا تقبله فكيف تقبل وتصوب من يستهجن حديث رسول الله ، ويقبحه بعقله ، أم أنك لا تعرف معنى هذه الكلمة القبيحة ، فإنه حتى لو كان الحديث ضعيفا لا يليق أن يوصف بهذه الصفة ، وهي استثقاله لأنه معيب قبيح ، فالهجنة هي العيب والقبح ، والهجين هو اللئيم ، ومن هنا يقال من استهجن حديث رسول الله الثابت عنه فهو الهجين .
وأما قولك عنهم :ولكنهم التجئوا للتأويل- التأويل صرف المعنى الظاهر إلى معنى آخر إذا عنَّ ما يقتضى ذلك على أنيكون هذا الصرف مقبولا في اللغة - إيثارا للسلامة من الدخول في معارك رد حديث بأحد الصحيحين وارتكنوا في تأويلهم إلى «أن العرب كانت تطلق على العم كلمة الأب، إذنفالمقصود في الحديث هو (أبو طالب) عم النبي»، لكن الثابت أن العرب في سياق كلام واضحكهذا لا يقصدون أبدا العم في كلامهم عن الأب ..
فأقول لك : في كلامك هذا يظهر جهلك واضحا جليا ، بالشرع فحمل لفظ الأب على العم ،وإن كنا لا نوافقهم على ذلك التأويل فهو جائز لغة وشرعا ففي اللغة كما ذكر من نقلت عنهم التأويل أن العرب تستعمل لفظ الأب محل العم ، وفي الشرع فقد قال صلى الله عليه وسلم :<< العباس عم رسول الله ، وإن عم الرجل صنو أبيه >> صحيح الجامع [ح3999]. لكن المقصود هنا كما ذكرت أنه الأب للصلب منكرا على من أوله بذلك ثم عدت ووافقت عليه لتهدم ما بنيت في مقالك الأول ، في نقلك عن ابن باديس والقرضاوي وغيرهما أنه العم في تعليقك الأخير مما يبين تناقضك والله المستعان من هذا الإصرار ..
أما قولك : أن القرآن ذكر أن نبي الله (إبراهيم) كان يعظ أباه بقوله:«وَإِذْ قَالَإِبْرَاهِيمُ لأَبِيهِ آزَرَ أَتَتَّخِذُ أَصْنَامًا آلِهَةً» الأنعام 74، وقالالمتأولون أن اسم أبيه ليس (آزر) كما في القرآن ولكن اسمه تارح أو تارخ لذلك فالمقصود بقول الله «لأبيه« هو عمه آزر، وبالطبع إن كانت محاولة التأويل تحملنوايا طيبة، فإن الارتكان على دليل كهذا هو خطأ يراد به تصليح خطأ لأن ادعاء أن اسمأبيه هو تارح أو تارخ هو ادعاء مبنى على كذبة فاحشة من آلاف كذبات الإسرائيلياتالتي دُسَّت في تفاسير القرآن عن طريق الراعي الرسمي للإسرائيليات كعب الأحبار..
فقد صدقت في هذا الكلام ماعدا ما يتضمنه من طعن في كعب الأحبار ، فإذا كنت تعتقد أن هذا التأويل اعتمد على كذبة كهذه فلماذا قبلته من ابن باديس ، والقرضاوي ، والغزالي وغيرهم ممن جعلتهم علماء فوق علماء السلف ، ممن تأولوا الحديث بأنه العم وليس الأب للصلب ؟ يا لسخافة عقلك أم أنك لا تدري ما يخرج من رأسك ؟
وإذا كنت تعتقد أن الأب المذكور في القرآن في قصة إبراهيم ، هو الأب الحقيقي ، وأن الأمر في قصة النبي صلى الله عليه وسلم هو الأب الحقيقي فكيف يحي الله أب محمد صلى الله عليه وسلم إكراما له ولا يحي أب إبراهيم إكراما له وهو خليل الله ؟ كما أن الله منع استغفار محمد صلى الله عليه وسلم لأمه ، وذوي قرابته ، في آية التوبة وأنه سبحانه عقبها بالآية التي منع فيها خليله إبراهيم من الاستغفار لأبيه فما وجه التفريق عندكم ؟
وزيادة على ما ذكرت كيف يحي الله أبوي النبي صلى الله عليه وسلم ولا يحي له جده ، وعمه وهما من رعاه ودافعا عنه وخاصة عمه الذي أبلي بلاء حسنا في سبيل محمد ودعوته ، ومع ذلك لم يشفع له ذلك أن يحيه الله له ويقذف الإيمان في قلبه تطييبا لخاطر نبيه وحبيبه محمد ؟
يتبع إن شاء الله ...