سلسلة معجم فقه السلف صحابة رضوان الله عليهم وتابعين وتابعيهم رحمهم الله جميعا.
=======
الحمد لله وكفي والصلاة والسلام على الحبيب المصطفى وعلى آله وصحبه وسلم .
أما بعد :
فهذه مسائل فقهية من فقه السلف الصالح من الصحابة والتابعين واتباع التابعين رضي الله عنهم جميعا .
١- أربع لا تنجس .
عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : أربع لا تنجس : الماء - والثوب - والإنسان - والأرض .
وقال أمير المؤمنين الفاروق عمر رضي الله عنه : إن الله جعل الماء طهورا .
ويحتج لهما بحديث سهل بن سعد الساعدي - رضي الله عنه - رفعه : " الماء لا ينجسه شيء " رواه قاسم ابن أصبغ ،والدارقطني ، والبيهقي . وأخرجه أبو داود (66)، والترمذي (66)، والنسائي (326)، وأحمد (11275) بلفظ : " : الماءُ طهورٌ لا يُنجِّسهُ شيءٌ " من حديث أبي سعيد الخدري وقال في خلاصة البدر المنير (٧/١)صحيح .
أما حديث أبي أمامة الباهلي، أن النبي ﷺ قال:«الماء طهورٌ لا ينجسه شيءٌ؛ إلا ما غلب على ريحه، وطعمه، ولونه . فالاستثناء فيه ضعيف لا يثبت قد اتفق أهل الحديث على تضعيف الزيادة .
ويستدل أيضا لقول ابن عباس - رضي الله عنهما - على طهارة الأرض بحديث حذيفة بن اليمان رضي الله عنهما رفعه : جعلت لنا الأرض كلها مسجدا ، وجعلت تربتها لنا طهورا،إذا لم نجد الماء . رواه ابن وضاح ومسلم (٥٢٢) بهذا اللفظ . وعند أحمد ( ٢٧٤٢)من حديث ابن عباس بلفظ "..جُعلتْ لي الأرضً مسجدًا وطهورًا .. وهو حديث صحيح وأصله في الصحيحين البخاري(٤٣٨)ومسلم (٥٢١) من حديث جابر بن عبدالله رضي الله عنهما .
وقال ابن مسعود : لو اختلط الماء بالدم لكان الماء طهورا.
وممن قال الماء طهور لا ينجسه شيء : الصديقة أم المؤمنين عائشة ، وعمر ابن الخطاب ، وابن مسعود ،وابن عباس ، والحسين بن علي ، وميمونة أم المؤمنين ، وأبو هريرة ،وحذيفة بن اليمان رضي الله عنهم وعن باقي الصحابة ،ومن التابعين لهم : الأسود بن يزيد ،وعبد الرحمن أخوه ،وعبد الرحمن بن أبي ليلى وسعيد بن جبير ،ومحاهد ،وسعيد بن المسيب ،والقاسم بن محمد بن أبي بكر الصديق ،والحسن البصري ،وعكرمة ،وجابر بن زيد ،وعثمان البتي رحمهم الله . وهو مذهب ابن حزم الظاهري رحمه الله المحلى (ج١/ص ١٩٠-١٩١-٢٠٥-٢٢١) سبل السلام (ج١/ص٩٤)والمغني(ج/ص٢٤٨)والمجموع (ج١/ص ١٣٣) ونيل الأوطار (ج/ص٤٠-٤١).
تنبيه : هذا حكم الماء الذي يجري وينبع فيتجدد أما الماء الدائم الراكض سواء كان كثيرا أو قليلا إذا تغير أحد أوصافه الثلاثة نجس وعلى هذا إجماع العلماء .
قالابن المنذرفي "الإجماع" (ص: ٣٥): (وأجمعوا على أن الماء القليل، والكثير إذا وقعت فيه نجاسة، فغيرت للماء طعما، أو لونا، أو ريحًا: أنه نجس ما دام كذلك .
وأما طهارة الإنسان المقصودة في قول ابن عباس الآنف فهي الطهارة المعنوية يفسرها ما علقه البخاري عنه بصيغة الجزم فالمسلم لا ينجس كما جاء في الحديث فهو طاهر ولكن طهارة معنوية إذا كان حيا بإحماع المسلمين كما نقله النووي في شرح صحيح مسلم .
أما حسيا فيتنجس .
هُرَيْرَةَ" قَالَ: يَا رَسُولَ اللّهِ! لَقِيتَنِي وَأَنَا جُنُبٌ، فَكَرِهْتُ أَنْ أُجَالِسَكَ حَتَّى أَغْتَسِلَ. فَقَالَ رَسُولُ اللّهِ صلى الله عليه وسلم: "سُبْحَانَ الله إِنَّ الْمُؤْمِنَ لاَ يَنْجَسُ.
وبنحو هذه القصة وقعت لحذيفة رضي الله عنه والحديث له عند مسلم فقال النبي صلى الله عليه وسلم: "إِنَّ الْمُسْلِمَ لاَ يَنْجَسُ
قال النووي [في: " شرح مسلم" (4 / 288)]: "هذا الحديث أصل عظيم في طهارة المسلم حياً وميتاً، فأما الحي فظاهر بإجماع المسلمين حتى الجنين إذا ألقته وعليه رطوبة فرجها، قال بعض أصحابنا، هو طاهر بإجماع المسلمين .
وكذلك المسلم طاهر ميتاً أيضاَ، روى البخاري معلقاً قول ابن عباس رضي الله عنه: " المسلم لا ينجس حياً ولا ميتاً " فنفي النجاسة هنا المعنوية، وأما الحسية فالمسلم ينجس نجاسة حسية إذا أصابته النجاسة. وفي الحديث دلالة على أن الكافر ينجس نجاسة معنوية لأن نفي النجاسة إنما هو عن المسلم.
وما قيل في طهارة المسلم يقال في طهارة ثوبه والعلم عند الله.