زمن تنافر القلوب ، وتقاطعها ، وتباغضها، وتطابق الألسن وتواصلها ، وتآخيها.
===
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه وسلم .
وبعد :
فعن سلمان الفارسي - رضي الله عنه - قال : يوشك أن يظهر العلم ،ويخزن العمل ، ويتواصل الناس بألسنتهم ويتقاطعون بقلوبهم ، فإذا فعلوا ذلك طبع الله على قلوبهم وعلى سمعهم وعلى أبصارهم . ابن عبد البر في جامع بيان العلم وفضله (١٢٥٩) قال العراقي : رواه البيهقي في المدخل موقوفا على سلمان ورجاله ثقات إلا أن فيه انقطاعا.
قلت : وأخرجه الطبراني في الكبير (٢٦٣-٢٦٤) والأوسط (١٦٠١) من طريقين آخرين ضعيفين عن سلمان مرفوعا .
وحسنه السخاوي بمجموع طرقه كما في الأجوبة المرضية فيما سئل السخاوي عنه من الأحاديث النبوية (٣/ ١٠٤٥) : مسألة : هل ورد الإعلام بمجيء زمن يتحاب أهله فيه بألسنتهم دون القلوب ؟
فأجاب : نعم ، وذلك فيما أخرجه أحمد والطبراني وغيرهما عن معاذ بن جبل مرفوعا : " يكون في آخر الزمان أقوام إخوان علانية أعداء السرائر " قيل : يا رسول الله وكيف يكون ذلك ؟ قال ذلك برغبة بعضهم إلى بعض ورهبة بعضهم من بعض. وسنده ضعيف ولكن له شاهد عند الديلمي في مسنده بسند ضعيف أيضا عن ابن عمر رضي الله عنه بلفظ سلمان . وكل منهما يتقوى بالآخر . انتهى كلام السخاوي.
وذكره أبو عبيد القاسم في الخطب والمواعظ ( ص٢١١)(رقم ١٤٥) أن أبا عبيدة ومعاذا كتب به إلى عمر أنه سيأتي على الناس زمان فيه إخوان علانية أعداء السريرة ..فكتب إليهما عمر لستما بأولئك ولا هذا ذاك الزمان إنما ذلك في آخر الزمان . وهو عند ابن أبي شيبة في مصنفه ( ٣٤٤٥١).
وورد هذا الأخير من طريق عبد الله بن عمر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم : (( إن من أشراط الساعة أن يركب المنظور ،ويلبس المشهور ، ويبنى المشدود ،ويصير الناس إخوان علانية أعداء السريرة ، وإذا أشيد البناء وأكل الربا وبيع الدين بالدنيا ،فانج لأمك الويل .
قلت : ولا يصح رفعه إلى النبي صلى الله عليه وسلم من حيث الإسناد لأن فيه رجلان أحدهما متروك والثاني متهم بالكذب .
وإن كان معناه صحيحا فكل ما فيه فيه آثار كثيرة عن الصحابة وهو واقع اليوم على أرض الواقع إلا من رحم الله من بقايا أهل العلم النزاع من القبائل القابضون على جمر الغربة لتمسكهم بالحق والفهم الصحيح .
قوله : يظهر العلم : جاء مفسرا في بعض الروايات بأنه القول ، ويعني القول دون العمل.
وجاء في رواية أخرى ظهور القلم .. يظهر كثرة الكتابة في العلم ولكن بدون عمل . وهذا واضح وواقع.
وقوله : ويخزن العمل ، يعني لا يعمل بذلك العلم ..
وقوله في رواية بن عمر : يركب المنظور : أي المراكب الفاخرة التي تأخذ الأنظار وتفتنها
وقوله : ويلبس المشهور اي لباس الشهرة ..
وقوله وبينة المشدود : أي البناء الشديد القوي وكأنهم يبنون بناء من يخلد .
ويشيد البناء يرفع ويتطاول به ، ويؤكل الربا ويباع الدين بالدنيا حينها يصبح الناس إخوان الألسنة أعداء السرائر ، يغرب بعضهم إلى بعض بالألسنة ويرهب بعضهم من بعض بالقلوب .
أسأل الله السلامة ونسأله أن يطهر قلوبنا من الشرك والشقاق والنفاق وأن يجعل سريرتنا كظاهرنا إنه سميع قريب مجيب.