سماحة المفتي العام
يوجه ست رسائل للأمة

رمضان فرصة لنبذ الخلافات.. وبدء طريق جديد


وجّه سماحة الشيخ عبدالعزيز بن عبدالله آل الشيخ المفتي العام للمملكة ورئيس هيئة كبار العلماء وإدارة البحوث العلمية والإفتاء .. وجّه ستّ رسائل للأمة ..وأن على المسلم ان يستغل ايام وليالى رمضان فى الطاعة والتزود من الخير والعمل الصالح ونبذالخلافات والإبتعاد عن مواطن الشر والمعاصى .وقال :إن الشذوذ فى الفتاوى والآراء أمورٌخطيرة لافتاً أن من يأكلون ويشربون بعد أذان فجر المسجد الحرام أيام الصيام بنصف ساعة وأكثر بحجة أن الأذان قبل الوقت فئة غاوية مخالفة لسنة المصطفى الكريم وحذّر المفتى العام من الانشغال بالقنوات الفضائية التى تشغل الناس عن العبادة فى رمضان قائلاً : أي قناة تنشر الرذيلة وتحارب الفضيلة وتجعل شغلها الشاغل إلهاء الناس عن الطاعة يجب الإنصراف عنها ونحن فى رمضان يجب أن نغتنم حياتنا ونتزود من صالح العمل ونشتغل بما ينفعنا أما هذه القنوات كثير منها ملهى وصادٌ عن الخير ورفض المفتى العام إتهام علماء المملكة بالتشدد والتضييق على الناس فى قضية زكاة الفطر بفتوى إخراجها طعاما وليس نقوداً لأن هذا تمشياً مع هدي النبى والخلفاء الراشدين وجاءت الرسائل الست في:

* الرسالة الأولى: أن نحمد الله جل وعلا أن بلغنا رمضان والحمد لله رب العالمين لأنه شهر مبارك وشهر عظيم فبلوغه وإدراكه نعمة من الله قال بعضهم كان السلف الصالح يسألون الله ستة أشهر أن يبلّغهم رمضان فإذا صاموه سألوا الله ستة أشهر أن يتقبله منهم ، وكان من دعائهم’’اللهم سلّم لى رمضان اللهم تسلّم منى رمضان متقبّلا‘‘ فيا إخوانى أدعو الله ببلوغه وأسألوا الله إدراكه والعون على القيام بما فيه من الخيرات أسأل الله القبول.
** الرسالة الثانية: أن نقدم بين يدىّ رمضان توبة نصوحا من سيئات أقوالنا ، وسيئات أعمالنا فى هذا الوقت المبارك توبة نصوحا لعل الله أن يمحو بها خطايانا ليكن رمضان مطهراً لنا وزيادة فى أعمالنا الصالحة.
** الرسالة الثالثة: أن نستقبله بالفرح به والسرور وأن نبتعد فيه عن المعاصى والآثام .
** الرسالة الرابعة: أن نحافظ على صلاة التراويح فى رمضان مع الجماعة .
** الرسالة الخامسة: أن لا نستغل ليله للسهر ونهاره للنوم والغفلة والإعراض .
** الرسالة السادسة : أن نكثر فيه من الدعاء والإضطرار والإلتجاء إلى الله لاسيما ليالى العشر الأخيرة التى تُرجى فيها ليلة القدر لعل الله جلّ وعلا أن يغفر لنا ويتقبل منا صالح أعمالنا.
** سماحة الشيخ . ماهو السن المناسبة لتعويد الأطفال على الصيام؟
ـ الأمر يختلف إذا كان الأطفال فيهم ما فوق الثامنة قريب العاشرة هذا أقرب لتحمّلهم لأن الصغار جداً قد لا يفهمون لكن إذا كان غلاماً جاوز السابعة فى حدود العاشرة ونحو ذلك هذا يمكن أن تُروّضه على الصيام ليس كل الشهر بل البداية قليلاً قليلاً حتى لو لم يصم إلا يومين من كل أسبوع وهكذا ، يعنى ولي الأمر يحاول ترويضه على الصيام وتدريبه وتعويده من الصغر حتى إذا جاء وقت البلوغ يكون عنده استعداد ، وكان الصحابة يصوّمون غلمانهم فإذا جاءوا أعطوهم اللعب ليلهوهم بها عن الطعام والشراب فلابد أن نعوّد الأبناء على الخير (مروا أبناءكم بالصلاة وهم أبناء سبع وأضربوهم عليها وهم ابناء عشر وفرقوا بينهم فى المضاجع) هذه الأخلاق والآداب متى مانشأ الصغار عليها نشأوا فى تربية وتوجيه سليم أسأل الله أن يأخذ بأيدينا لما يرضيه ،
** بعض الشباب يتنطّعون فى مسألة عدد ركعات صلاة التراويح ويصلون مع الإمام أحدى عشرة ركعة ثم يخرجون من المسجد الحرام وغيره أو يجلسون يتحدثون داخل المسجد والناس يصلون وقد يشوّشون على المصلين فما توجيهكم لهؤلاء؟
ـ أولاً المسجد الحرام وفق الله أئمته لكل خير يصلون ثلاثا وعشرين ركعة إقتداءً بما كان يفعله عمر رضى الله عنه ، فالمسلم ينبغى أن يكون مع الجماعة ، لماذا تبدأ الصلاة وينصرف بعضهم ، بعضهم يقول أنصرف لأن العشرين بدعة ,هذا القول خاطئ يصلى الناس ثلاثا وعشرين وأنت تقول بدعة ، الثلاث والعشرون لها أصل وإن قَلَ فعلُنا لها ، لكن لها أصل ، فكونك تقول أئمة الحرمين يصلّون ثلاثا وعشرين والسنة إحدى عشرة ركعة والأئمة مبتدعون .. هذا قول خاطئ ،أنت المبتدع فى قولك، فإما أن تصلى معهم أولا تطعن فى صلاتهم ، إن استكملت معهم أفضل ، لأن من قام مع الإمام حتى ينصرف كتب له قيام ليلة فصلى مايسّر الله ، أمّا أن تتحايل وتخالف الناس فنقول: (لا) ، يخشى عليك من الشقاق والنزاع فالواجب أن تصلى مع أئمة الحرم وإن طرأ عليك أمر فانصرف دون القدح ،
** سماحة الشيخ بعض الناس إذا أذّن المؤذن لصلاة الفجر لا يتبعونه ويقولون أنه يؤذن قبل دخول الوقت فما حكم هؤلاء؟
ـ هذه فئة غاوية يقولون إذا أذن مؤذن الحرم لصلاة الفجر لانتبعه ونأكل ونشرب حتى يمضى ساعة بعد أذان الفجر لأن أذان الحرم قبل طلوع الفجر الثانى ويأكلون ويشربون بعد أذان الحرم بنصف ساعة وأكثر هذا كله داخل فى قوله تعالى(ومن يشاقق الرسول من بعد ماتبين له الهدى نوله ماتولى ونصله جهنم وساءت مصيرا) هذا الشذوذ فى الفتاوى والشذوذ فى الآراء أمور خطيرة ، أنت مسلم مع المسلمين أذن المؤذن فى بلاد الإسلام فى الحرمين الشريفين نُمسك إذا أذن المؤذن الأذان الأخير ونمسك كما أمسك الناس ونعلم أن أذانهم على الوقت (وكلوا وأشربوا حتى يتبين لكم الخيط الأبيض من الخيط الأسود من الفجر ثم أتمّوا الصيام إلى الليل) فالذين يأكلون ويشربون بعدما تقام الصلاة نعتبرهم مخطئين بعضهم يقول لا نصلى مع الحرم إلا نافلة ونرجع ونصلى الفريضة فى بيوتنا ، هذا التنطّع والتعمّق والإفتراء ضرب ـ والعياذ بالله ـ من النفاق ،هذا يخشى عليهم أن يكونوا على مذهب الخوارج الشاذين على مذهب السنة والجماعة .
** فى رمضان يزداد نشاط القنوات الفضائية التى تبث الفجور والتمثيليات الماجنة لإشغال الناس عن العبادة ماهو واجب الأسرة والمجتمع فى مواجهة النشاط اللا أخلاقى لهذه القنوات؟
أي قناة تنشر الرذيلة وتحارب الفضيلة وتجعل شغلها الشاغل إلهاء الناس عن الطاعة يجب الإنصراف عنها نحن فى شهر رمضان فى هذه الأيام المباركة نغتنم حياتنا الآن ونتزود من صالح العمل ونشتغل بما ينفعنا أما هذه القنوات فكثير منها ملهٍ وصادّ عن الخير ،،هناك قنوات كما قيل لنا أنه تمارس فيها الفاحشة علنًا وقنوات سحرة تدعو إلى السحر وقنوات إلحادية فعلى رب الأسرة منع هذه القنوات من بيته والتحذير منها ومتابعة الشباب والفتيات وحثهم على الخير وإبعادهم عن الشر ،،
** بعض الناس يحتاجون للحجامة فى نهار رمضان فهل يجوز لهم فعلها. ؟
ـ إخراج الدم بطريق الحجامة مسألة تكلّم العلماء فيها سابقا لأنه ورد حديث (أفطر الحاجم والمحجوم) هذا الحديث فى ظاهره أن الحاجم الذى يمتص الدم ويخشى أن يصل شيئ إلى جوفه يفطر والمحجوم الذى يخرج الدم يفطر ومن العلماء من جوّزها وقال إن النبى أحتجم وهو صائم والخلاف بين أهل العلم فى ذلك لكن الذى يترجح أن الأحوط والأولى للإنسان أن يجعل الحجامة فى الليل ليرتاح ، وإن أضطر لها فى النهار وكان أنسب وأحتجم فليقض ذلك اليوم إحتياطاً لنفسه .
** البعض من الناس تضيق أخلاقهم فى نهار الصيام خاصة بعد صلاة العصر ويكثر الشجار بين الناس فى الشوارع والأسواق فبماذا توجهون هؤلاء.؟
ـ الحقيقة فى الغالب على هؤلاء أنهم مدخنون فالمدخن إذا أبطأ عن التدخين نسأل الله أن يمنّ عليهم بالهداية فإذا جاء الظهر أو العصر رأيت الأخلاق شرسة والمنظر كريها ولا يتحمّل شيئا ، لا يطيق كلاماً لا من صغير ولا من كبير، خُلُق ضيّق وحالة سيئة ، وعند الإفطار بعضهم ربما يبدأ بالدخان قبل الإفطار لأن هذا الدخان بلاء ، من عافاه الله من شرّه فليحمد الله على النعمة ، وعلى الناس أن يضبطوا سلوكهم وأخلاقهم ويتذكّروا أنهم فى رمضان وفى صيام ومن أخلاق الصائم إذا سابّه أحد او خاصمه فليقل إنى صائم .
** هناك من يجعلون رمضان فرصة للتفنن فى أنواع المأكولات والمشروبات وتمتلئ موائدهم بها فبماذا تذكّرون هؤلاء ؟.
ـ نحمدالله على النعمة لاشكّ أن فى بلادنا خير كثير وفى رمضان البعض يتفننون فى أنواع المأكولات والمشروبات ، لكن ينبغى للمسلم أن يتذكّر قول الله (وكلوا وأشربوا ولا تسرفوا إنه لايحب المسرفين) وقول النبى صلى الله عليه وسلم (ماملأ ابن آدم وعاءً شرّاً من بطنه بحسب ابن آدم لقيمات يقمن صلبه ، فإن كان لابد فثلث لطعامه وثلث لشرابه وثلث لنَفسِه) فعلى الناس أن يجتهدوا فى الطاعة واغتنام الشهر الكريم فى مرضاة الله لأن رمضان ليس شهر أكل وشرب فقط بل شهر عبادة وطاعة وتقرب إلى الله بصالح العمل .
** كثير من الناس لا يعتمرون إلا ليلة السابع والعشرين من رمضان إعتقاداً أنها ليلة القدر وهذا يؤدى لتزاحم الناس فى المسجد الحرام وقد لا يستطيع بعضهم إكمال العمرة بسبب الزحام فيتحلل من إحرامه ماذا تقولون لهؤلاء؟
ـ لاشك أن ليلة السابع والعشرين لها شأنها ومن العلماء من يرى أنها أرجى لليلة القدر ولهذا يقول الحنابلة: وتُرجى ليلة القدر فى العشر الأواخر من رمضان وأوتاره آكد وليلة سبع وعشرين أبلغ ، فليلة سبع وعشرين ليلة مشهورة بلا شك وليلة عظيمة وإن كان لا يوجد نصٌ قطعي الدلالة لكنها من أشهر الليالى ، يبقى تخصيصها للعمرة ، الواقع الآن ليلة سبع وعشرين يكثر المسلمون فى هذا المكان المبارك يأتون من داخل وخارج المملكة ويمتلئ صحن الحرم وأروقته وسطوحه والميادين المحيطة به ويحضر ليلة السابع والعشرين أمم لايحصيهم إلا الله وليلة الختم كذلك ، وهذه فى الحقيقة فيها زحام شديد وبعض الناس يدخلون بعوائلهم ويرون الزحام فينصرفون ويقعون فى المحظور لأن العمرة من دخلها لزم أداؤها ولو كانت نافلة ، فإما أن تصبر وتؤدي العمرة وإما أن لا تحرِم ، أما أن تحرِم وتعرّض نفسك للإزدحام ثم تفرّ من الإحرام فهذا خطأ ،،
** سماحة الشيخ : البعض يرون إخراج الزكاة نقداً ويقولون :إن علماء المملكة يُضَيّقون على الناس بقولهم تُخرج طعاماً فما رأيكم ؟ .
ـ يا إخوانى ماضيّقنا .. هذه سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم ، قال ابو سعيد (أمرنا رسول الله أن نخرج صاعاً من طعام وكان طعامنا الإقط والزبيب والتمر والشعير) فصدقة الفطر من المطعوم لأن المطعوم يشاهد كيله ووزنه ويرونه يعطى ويؤخذ أما النقود فسِرٌّ بين الإنسان وبين من يأخذها وإخراج القيمة خلاف سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم والخلفاء الراشدين والصحابة ، ولكن لو أضطر فى بلد لا يوجد فيها من يقبل الطعام هذا قد يكون ، أما إذا أمكنه أن يخرجها طعاماً فى البلاد الإسلامية فالواجب الطعام إتباعاً للسنة .

سماحة الشيخ عبدالعزيز بن عبدالله آل الشيخ
المفتى العام للمملكة ورئيس هيئة كبارالعلماء وإدارة البحوث العلمية