بعض فوائد من مجالس
شيخنا الوالد محمَّد على فركوس
حفظه الله ورعاه

ما حكم من أكل في رمضان ناسيا هل يجب عليه القضاء أم لا؟
( رداً على المالكية )

السؤال : ما حكم من أكل في رمضان ناسيا هل يجب عليه القضاء أم لا؟
الجواب:
اتفق أهل العلم بأن لا إثم عليه أم القضاء فهناك خلاف ؟
جمهور أهل العلم يقولون: لا قضاء
أم مذهب مالك بوجوب القضاء ودليله القياس وجه هذا القياس، قياس ركن على ركن الصلاة أو أركان أخرى التي تتعلق بالعبادات
فلاشك بإخلال ركن الصلاة يبطلها وإمساك عن مفطرات من طلوع الشمس إلى غروبها ركن الصوم ، لجامع بين الصوم من حيث إلحاقه بالصلاة ، الجامع أن كل واحد منها عبادة مقيدة وهو معروف في باب الواجب وهو الواجب باعتبار وقت أدائه ينقسم إلى:
- وقت مطلق
- ووقت مقيد
ووقت مقيد ينقسم على نفسه إلى:
- واجب موسع
- وواجب مضيق
- وواجب ذو شبيهان
إذن إلحاق هذا إلحاق القياس ، بين هذه ركنية فضلاً عن هذا القياس آتٍ ما هو معروف باب مأمورات أن النسيان لا يؤثر في طلب المأمورات بمعنى : لو نسى الصلاة فهو مطالب بأدائها لو نسى المرء صيامه وهو مطالب بأدائه ولو نسى أي واجب من واجبات التي عليه فهو مطالب بأدائها فهو غير مؤاخذ من حيث الإثم ولكنه في باب مأمورات النسيان له تأثير على المأمورات كقاعدة عامة: فواجب وحالة هذه أن يؤدى المأمور الذي عليه هو صوم ذلك اليوم
أكيد مثل هذه القاعدة العامة في باب المأمورات أن المأمورات لا تسقط بالنسيان ولا بالسهو ولا بإكراه ولا بخطأ هذه تبقى قائمة باب المأمورات
فرد أهل المذهب الحديث من وجوه الحديث الذي استدل به الجمهور:
رأوا الحديث الوارد في الصحيحين وغيرهما " من أكل وشرب ناسيا فلا قضاء ولا كفارة عليه وإنما رُزق وسقى عليه " حملوه على الإثم بمعنى : لا إثم عليه ، وحملوه أيضاً بأنَّه في قوله : " فليتم صومه " ، " فإنما أطعمه الله وساقه " قوله : " فليتم صومه " ها هنا ليس معنى أن صومه صحيح بمعنى يُتم صورة صومه على نحو ما هو معروف في الحج إذ كان الحج طرأ عليه الفساد فواجب أن يكمل أن يكمل حجه ولو أفسده فيمضى إلى نهاية حجه ، فكذلك ها هنا المراد به لا حقيقة الصوم ولكن صورة الصوم يُتمَهُ وفي حالة التسليم أن الحديث الصحيح هو عندهم الحديث خبر آحاد خبر آحاد إذ تعارض مع القياس أو القياس مبنى على القواعد العامة في باب المأمورات يقدم هذا القياس على خبر الواحد هذا هو مذهب مالك في هذه المسألة
الترجيح :
والصحيح من المذهبيين هو مذهب الجمهور الذين ذهبوا بأن صيامه صحيح وأنه رزقٌ ساقه الله إليه يرتفع عن إثم كما أن صيامه من حيث هو لا صورة صيامه هو الصحيح
1/ لأنَّ القياس الذي عولوا عليه لاشك أن قياس فاسد اعتبار إذ معروف في باب مفسدات القياس أن لا يكون القياس مصادماً لنَّص من كتاب أو سنة سواء كانت متواترة أو آحاد وفاسد اعتبار من هذا القبيل وأن خبر واحد يقدم على القياس لأن الخبر هو كلام المعصوم والقياس هو عمل المجتهد وعمل القائس يعتريه الخطأ ولاشك أن كلام المعصوم أولى من تقديم من كلام غير معصوم
2/ أما قاعدة المأمورات سابقة الذكر أن النسيان والخطأ من أعذار لا تؤثر في باب المأمورات إنما تؤثر في المؤاخذة أنه لا إثم عليه هذه كقاعدة عامة من صلى صلاة يصليها متى ذكرها إذا نسى في رمضان أكل أو شرب من غير تبية النية فيجب عليه أن يقضى ذلك اليوم ، هذه كقاعدة عامة والحديث خاص فأكيد أن الجمع بينهما نخصص العموم بالخبر الخاص ونكون قد جمعنا بين قاعدة عامة ودليل الخاص ، شأن ذلك بشأن المسائل التي تتعلق بالضمان كما هو معروف الخاص يقضى على العام ويقيده
3/ أما حمل الحديث على أنه يرفع عليه الإثم وأنه يتم صورة الصوم وأنه لا يتم حقيقة الصوم فهذا مغير لما هو معروف أصوليا أن اللفظ إذا دار بين الحقيقة والمجاز تقدم الحقيقة على المجاز لأصلتها وأن الحقيقة لا حاجة لها إلى قرينة بينما المجاز يحتاج إلى قرينة
4/ وقياسه على الحج بعيد لأن الحج إذا ثبت فاسده بأمر من شرع أن يمضى حتى ينتهى من حجه أما هذا فإن الشرع فقد صحح صيامه وليس معنى قوله "رزق ساقه الله إليه" أن يحمل على صورة الصوم كما ذهب إليه هؤلاء فإذن القياس الثاني هذا على الحج فاسد ظاهر البطلان أكيد أن الحديث يؤكد من جهة أخرى حقيقة الصوم لا صورة الصوم إ.هـ

قام بتفريغه : سفيان ابن عبد الله الجزائري - غفر الله له
منطقة القبائل – حرسها الله من الفتن
يُتبع بمزيد من الفوائد إن شاء الله ....
المصدر : شريط 24 من سلسلة أسئلة الطلابية