سئل العلامة أحمد بن يحيى النجمي رحمه الله في الفتاوى الجلية 2/112 السؤال رقم61

س- يقول السائل: يوجد لدينا شخصٌ رافضي في العمل، وقد أخبرني بعض العاملين بأنَّه صرَّح باتِّهام أمِّ المؤمنين عائشة -رضي الله عنها- بالزنى، والعياذ بالله؛ علمًا بأنَّه لَم يجهر بذلك ولَم يحصل بيني وبينه نقاشٌ حول القضية، فهل هذا الرجل يعتبر كافرًا، وهل يجوز لي أن أعينه بالكفر بقولي أنت كافر؛ لأنَّك تعتقد هذا الاعتقاد؟ أم لا بدَّ من الجلوس معه، ومناقشته حول هذه القضية علمًا بأنَّه يظهر النفاق، والكذب، وهل تجوز مجالسته داخل العمل أو خارجه حتى ولو لَم يتعرض لنفس القضية أفتونا مأجورين ؟

ج- أقول من صرَّح برمي أمِّ المؤمنين عائشة -رضي الله عنها- الصديقة بنت الصديق؛ الَّتِي برَّأها الله من فوق سبع سموات، وأنزل برائتها في آياتٍ تتلى إلى يوم القيامة؛ من فعل ذلك فقد كفر كفرًا يخرجه من الملة، ويوجب عليه الخلود في النار؛ لأنَّه كذَّب الله عز وجل في خبره ببرائتها؛ ذكر ذلك القرطبي في تفسيره عن مالك -رحمه الله-، وقال ابن كثير في تفسير آية: ﴿إِنَّ الَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ الْغَافِلاتِ الْمُؤْمِنَاتِ لُعِنُوا فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌيَوْمَ تَشْهَدُ عَلَيْهِمْ أَلْسِنَتُهُمْ وَأَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ[النور:23-24].

قال -رحمه الله-: "هذا وعيدٌ من الله تعالى للذين يرمون المحصنات الغافلات المؤمنات خرج مخرج الغالب، فأمهات المؤمنين أولى بالدخول في هذا من كل محصنة، ولا سيما الَّتِي كانت سبب النّزول، وهي عائشة بنت الصديق -رضي الله عنها-، وقد أجمع العلماء -رحمهم الله- قاطبةً على أنَّ من سبَّها بعد هذا، ورماها بما رماها به بعد هذا الذي ذكر في الآية، فإنَّه كافرٌ؛ لأنَّه معاندٌ للقرآن، وفي بقية أمهات المؤمنين قولان أصحهما أنَّهنَّ كهي، والله أعلم" ا’.

وعلى هذا، فإنَّ الإجماع حاصلٌ على أنَّ من سب عائشة -رضي الله عنها- بالزنى بعد أن برَّأها الله منه في كتابه، فهو كافرٌ حلال الدم والمال؛ يجب أن يقتل.

وقال شيخ الإسلام بن تيمية -رحمه الله- في كتابه "الصارم المسلول على شاتم الرسول ج" قال في صفحة (565-567): فصل: فأمَّا من سبَّ أزواج النَّبِي ج فقال القاضي أبو يعلى -رحمه الله-: من قذف عائشة -رضي الله عنها- بِما برَّأها الله منه كفر بلا خلاف، وقد حكى الإجماع على هذا غير واحدٍ، وصرَّح غير واحدٍ من الأئمة بِهذا الحكم، فروي عن مالك: من سبَّ أبا بكرٍ جلد، ومن سبَّ عائشة قتل. قيل له: لَم ؟ قال: من رماها فقد خالف القرآن؛ لأنَّ الله تعالى يقول: ﴿يَعِظُكُمُ اللَّهُ أَنْ تَعُودُوا لِمِثْلِهِ أَبَدًا إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ[النور:17].

وقال أبو بكر بن زياد النيسابوري: سمعت القاسم بن محمد يقول لإسماعيل بن إسحاق: أتي المأمون بالرَّقَّة برجلين شتم أحدهما فاطمة، والآخر عائشة، فأمر بقتل الذي شتم فاطمة، وترك الآخر، فقال إسماعيل: ما حكمهما إلاَّ يقتلا؛ لأنَّ الذي شتم عائشة ردَّ القرآن، وعلى هذا مضت سيرة أهل الفقه، والعلم من أهل البيت، وغيرهم، وقال أبو السائب القاضي: كنت يومًا بحضرة الحسن بن زيد الداعي بطبرستان، وكان يلبس الصوف ويأمر بالمعروف، وينهى عن المنكر، ويوجه في كل سنة بعشرين ألف دينار إلى مدينة السلام يُفرَّق على سائر ولد الصحابة، وكان بحضرته رجلٌ، فذكر عائشة بذكر قبيحٍ من الفاحشة فقال: يا غلام اضرب عنقه، فقال العلويون: هذا رجلٌ من شيعتنا، فقال: معاذ الله؛ هذا رجلٌ طعن على النَّبِي ج قال الله تعالى: ﴿الْخَبِيثَاتُ لِلْخَبِيثِينَ وَالْخَبِيثُونَ لِلْخَبِيثَاتِ وَالطَّيِّبَاتُ لِلطَّيِّبِينَ وَالطَّيِّبُونَ لِلطَّيِّبَاتِ أُولَئِكَ مُبَرَّأُونَ مِمَّا يَقُولُونَ لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَرِزْقٌ كَرِيْمٌ﴾[النور:26]، فإن كانت عائشة خبيثة، فالنَّبِي جخبيث، فهو كافرٌ فضرب عنقه، وأنا حاضرٌ. رواه اللالكائي, وروي عن محمد بن زيد أخي الحسن بن زيد أنَّه قدم عليه رجلٌ من العراق، فذكر عائشة بسوء، فقام إليه بعمود فضرب دماغه فقتله، فقالوا هذا من شيعتنا، ومن بني الآباء !! فقال: هذا سمَّى جدي قرنان، ومن سمَّى جدي قرنان استحق القتل فقتله, وأمَّا من سبَّ غير عائشة من أزواجه ج ففيه قولان أحدهما:

1- أنَّه كساب غيرهنَّ من الصحابة على ما سيأتي.

2- وهو الأصح أنَّ من قذف واحدةً من أمهات المؤمنين، فهو كقذف عائشة -رضي الله عنها- وقد تقدم معنى ذلك عن ابن عباس t وذلك لأنَّ هذا فيه عارٌ، وغضاضة على رسول الله ج وأذىً له أعظم من أذاه بنكاحهنَّ بعده، وقد تقدم التنبيه على ذلك فيما مضى" ا’.


أمَّا مجالسته، والانبساط إليه كزميل، فهذا لا يجوز, لكن إذا اضطررت إلى الجلوس في المكان الذي هو فيه، فحاول ألاَّ تنبسط إليه، وناصحه بقدر الإمكان.
الذي يسب عائشة الَّتِي برأها الله؛ وهي زوجة النَّبِي ج بل أحب أزواجه إليه، فمن سبها فهو كافر يجوز أن يعين بالكفر بعد تقدم النصيحة، وبالله التوفيق.


وسئل العلامة أحمد بن يحيى النجمي رحمه الله في الفتاوى الجلية 2/128 السؤال رقم67

- هل سبُّ أصحاب النَّبِي ج يؤدي بصاحبه إلى أنَّه يكفر؛ أم يطعن فيه كمن يقال معتزلي مبتدع أو غير ذلك من هذه الطعونات ؟

ج- سبُّ الصحابة -رضوان الله عليهم- طعنٌ في الإسلام، والذين طعنوا في الصحابة إنَّما قصدوا بذلك الطعن في الإسلام؛ لأنَّ المبلغين للإسلام هم الصحابة، فإذا طعنوا فيهم فقد طعنوا في الإسلام، وهذا وإن كان يؤدي إلى الكفر؛ لكنَّ أهل السنة والجماعة تورعوا عن تكفيرهم في الجملة، و كفروا من رمى عائشة -رضي الله عنها- بالفاحشة بعد أن برأها الله.