بسم الله الرحمن الرحيم


قال فضيلة الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله


قال الله تعالى : (( فلما زاغوا أزاغ الله قلوبهم )) [ الصف : 5 ] ، لم يزغ قلوبهم إلا حين زاغوا أولا وأرادوا الشر لم يوفقوا لخير ، أما من علم الله في قلبه خيرا فإن الله يوفقه ، فإذا علم الله في قلب الإنسان خيرا أراد به الخير ، وإذا أراد به الخير فقهه في دينه ، وأعطاه من العلم بشريعته ما لم يعط أحدا من الناس وهذا يدل على أن الإنسان ينبغي له أن يحرص غاية الحرص على الفقه في الدين ؛ لأن الله تعالى إذا أراد شيئا هيىء أسبابه ، ومن أسباب الفقه أن تتعلم وأن تحرص لتنال هذه المرتبة العظيمة أن يريد الله بك الخير فاحرص على الفقه في دين الله ، والفقه في الدين ليس هو العلم فقط؛ بل العلم والعمل ولهذا حذر السلف من كثرة القراء وقلة الفقهاء ، فقال عبد الله ابن مسعود رضي الله عنه :" كيف بكم إذا كثر قراؤكم وقل فقهاؤكم "، فإذا علم الإنسان الشيء من شريعة الله ولكن لم يعمل به فليس بفقيه ، حتى لو كان يحفظ أكبر كتاب في الفقه عن ظهر قلب ويفهمه لكن لم يعمل به فإن هذا لايسمى فقيها ، يسمى قارئا ، لكن ليس بفقيه ، الفقيه هو الذي يعمل بما علم ، فيعلم أولا ، ثم يعمل ثانيا ، هذا هو الذي فقه في الدين ، وأما من علم ولم يعمل فليس بفقيه ، بل يسمى قارئا ولا يسمى فقيها ، ولهذا قال قوم شعيب لشعيب : ( ما نفقه كثيرا مما تقول )) [ هود : 91 ] ؛ لأنهم حرموا الخير لعلم الله لما في قلوبهم من الشر .




المصدر :
شرح رياض الصالحين لفضيلة الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله [ ج : 3 ـ ص : 416 ].