الكسوف والخسوف

الكسوف لغة : التغير إلى سواد.

والخسوف: مأخوذ من خسف الشيء ، بمعنى : ذهب في الأرض .

انظر اللسان (9/67) (9/298) .

وقيل : الخسوف مختص بالقمر، والكسوف مختص بالشمس، وهو الأجود.

قال النووي في المجموع (5/50): (والأصح) المشهور في كتب اللغة أنهما مستعملان فيهما

والأشهر في السنة الفقهاء تخصيص الكسوف بالشمس والخسوف بالقمر وادعى الجوهري في

الصحاح انه أفصح).

قلت : وإضافة الصلاة إلى الكسوف من باب إضافة الشيء إلى سببه.

ويجوز العكس ؛ ولتذكير القمر على تأنيث الشمس ، وللاشتراك في معنى ذهاب نورهما وإظلامهما

قالوا : خسفا. النهاية لابن الأثير (2/31).

وفي الحديث: " لا يكسفان ..." وفي رواية "لا يخسفان". كلتا الروايتين في الصحيح.

وعند أهل الاصطلاح: ذهاب ضوء الشمس ، وذهاب ضوء القمر.

وبعضهم يقول: ذهاب ضوء أحد النيرين أو بعضه.

وانتقده الشيخ ابن عثيمين (5/173) فقال: (التعبير الدقيق للكسوف: (انحجاب ضوء أحد النيرين).


حكمها:

هي سنة مؤكدة عند : الأحناف (بدائع الصنائع[1/280]) ، والمالكية (الذخيرة [2/427]) والشافعية

(المجموع [5/50]) ، والحنابلة (الإقناع [1/203]).

قال ابن رشد (1/210): (اتفقوا على أن صلاة كسوف الشمس سنة) .

قال النووي في المجموع (5/51): (وصلاة كسوف الشمس والقمر سنة مؤكدة بالإجماع).

قال الإمام الشوكاني (4/13): (وقد اختلف العلماء في صفتها بعد الاتفاق على أنها سنة غير واجبة

كما حكاه النووي في شرح مسلم)

قال الشيخ صالح الفوزان في الملخص (1/281) : (صلاة الكسوف سنة مؤكدة باتفاق العلماء).

وخالف الشيخ ابن عثيمين في شرحه الممتع (4/7) فقال رحمه الله: (والصحيح : أَن صلاة الكسوف

فرض واجب).

قلت: ولا أعلم للشيخ ابن عثيمين رحمه الله سلفاً في هذه المسألة إلا قول ابن القيم رحمه الله

في كتابه (الصلاة وحكم تاركها) (26) :

(...ولم يمنع من وجوب صلاة الكسوف عند من أوجبها من السلف وهو قول قوي جداً).

قلت : وكذا ما قاله أبو عوانة في صحيحه (2/92) حيث بوب فقال: بيان وجوب الكسوف.

ولعله هو المقصود بقول الإمام محمد بن عبدالوهاب كما في الدرر (6/69):

(وأما صلاة الكسوف، فالمشهور عند العلماء أنها غير واجبة، وبعضهم يوجبها، وهم الأقل).

قال الحافظ في الفتح (2/527) : (وصرح أبو عوانة في صحيحه بوجوبها
ولم

أره لغيره
إلا ما حكى عن

مالك أنه أجراها مجرى الجمعة، ونقل الزين بن المنير عن أبي حنيفة أنه أوجبها وكذا نقل بعض

مصنفي الحنفية أنها واجبة).

وقوله صلى الله عليه وسلم: "فإذا رأيتم ذلك ؛ فادعوا الله وكبروا ، وصلوا ، وتصدقوا)

وفي بغية المتطوع: (الأمر بالصلاة جاء مقروناً بالأمر بالتكبير والدعاء والصدقة ، ولا قائل بوجوب

الصدقة والتكبير والدعاء عند الكسوف ؛ فالأمر فيها للاستحباب إجماعاً فكذا الأمر بالصلاة المقترن

بها) .


والذي يظهر : أن القول بالإجماع هو المعول عليه، ولاسيما أننا لا نعلم من هو المخالف .


مع عدم صراحة الأدلة في القول بالوجوب



المسألة الثانية : متى تُصلى هذه الصلاة ...(وقتها) ...؟

وهي على قسمين:

القسم الأول: وقت صلاة الكسوف .

اختلف الفقهاء في وقت صلاة الكسوف على عدة أقوال:

1_ تصلى في جميع النهار إلا أوقات النهي؛ لعموم النصوص الدالة على النهي.

وهو مذهب الأحناف والحنابلة، ورواية عن مالك.

2_ تصلى في جميع النهار من حصول الكسوف إلى انكشافه (ولو في أوقات النهي)؛ لأنها ذات

سبب.

وهي رواية عن مالك، ومذهب الشافعية، ورواية عن أحمد.

3_ تصلى من ارتفاع الشمس قيد رمح إلى زوال الشمس، قياساً على العيد والاستسقاء.

وهو مذهب المالكية، وهي من مفردات المذهب.

الفتاوى الهندية (1/168)، المعونة للقاضي عبدالوهاب (1/330-331)، شرح الوجيز (2/372)،

الإنصاف (2/208).

والراجح هو مذهب الشافعية، القائل بجواز صلاتها في أي وقت؛ لأنها من ذوات الأسباب.

وهو اختيار شيخ الإسلام -رحمه الله- وكثير من أهل التحقيق (17/502) حيث قال:

(وَأَمَّا إذَا حَدَثَ سَبَبٌ تُشْرَعُ الصَّلَاةُ لِأَجْلِهِ : مِثْلَ تَحِيَّةِ الْمَسْجِدِ وَصَلَاةِ الْكُسُوفِ وَسُجُودِ التِّلَاوَةِ

وَرَكْعَتَيْ الطَّوَافِ وَإِعَادَةِ الصَّلَاةِ مَعَ إمَامِ الْحَيِّ وَنَحْوِ ذَلِكَ فَهَذِهِ فِيهَا نِزَاعٌ مَشْهُورٌ بَيْنَ الْعُلَمَاءِ

وَالْأَظْهَرُ جَوَازُ ذَلِكَ وَاسْتِحْبَابُهُ).

وقت صلاة الخسوف

اختلف الفقهاء في وصت صلاة الخسوف إلى قولين:

وقبل ذكر الخلاف فالفقهاء في الجملة متفقون على أن أول وقتها هو من غروب الشمس

واختلفوا إلى متى يمتد هذا الوقت:

1_ فذهب الجهور منهم (الأحناف، والحنابلة، والمالكية في قول بعضهم) أنه إلى طلوع

الفجر الثاني؛ لأن بطلوع الفجر ذهب الليل، ولأن بعد الفجر من أوقات النهي.

2- وذهب الشافعي في الجديد إلى القول بامتداد الوقت إلى طلوع الشمس؛ لعموم قوله

صلى الله عليه وسلم: " ...فصلوا حتى ينجلي" ، وهي من ذوات الأسباب فتصلى ولو في

أوقات النهي.

قال في الذخيرة (2/431) :

(فان انكشفت عن الفجر لم يصلوا).

وينظر: البحر الرائق (2/180)، حاشية الدسوقي (1/402)، المهذب (1/404)، شرح

منتهى الإرادات (1/312).

الراجح : هو قول الشافعية في أن وقت الصلاة يمتد إلى طلوع الشمس والله أعلم.

قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله كما في اللقاء الشهري:

(لأن العلماء رحمهم الله اختلفوا في هذه المسألة فمنهم من قال: إذا طلع الفجر فإنه لا

يصلى صلاة الخسوف، يعني: لو كسف القمر بعد طلوع الفجر ولو قبل الصلاة لا تصلى

بناءً على أن هذا وقت نهي والنهي لا تصلى فيه صلاة الخسوف، لكن هذا القول ضعيف،

والصواب أنها تصلى صلاة الخسوف -خسوف القمر- ولو كان ذلك بعد طلوع الفجر،

إلا إذا انتشر ضوء النهار حتى غطى على ضوء القمر لو كان صاحياً فحينئذٍ لا يصلى؛

لأن القمر زال سلطانه والانتفاع به)

المسألة الثالثة : كيفية صلاة الكسوف ...


كيفية صلاة الكسوف:


من المعلوم عند جماهير أهل العلم أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يصل الكسوف إلا مرة

واحدة، مع ذلك اختلف الفقهاء في كيفيتها على أقوال:

1_ تُصلى ركعتين كصلاة النفل، كل ركعة بركوع وسجدتين، وإن شاء صلاها

أربعاً أو أكثر ، وكل ركعتين بتسليمة ، وهو مذهب ألأحناف.

ينظر : الحجة على أهل المدينة (1/318-319)، البحر الرائق (2/180).

2_ تصلى ركعتين، كل ركعة بركوعين وسجدتين.

وهو مذهب الجمهور من المالكية والشافعية والحنابلة.

قال ابن قدامة (3/323-324) : في كل ركعة قيامان وركوعان وسجودان.

ينظر: التلقين للقاضي عبدالوهاب (1/54)، الأم (2/532) ، المستوعب للسامري

(1/287).

وزاد الحنابلة على الجمهور بجواز الزيادة بما ورد في النصوص، كأن يأتي بركعة بثلاث

ركوعات وأربع ركوعات وخمس ركوعات، بل ولو صلاها كالنافلة جازت .

ينظر :الفروع (1/590) ، الإنصاف (2/447).

وهذه أشهر الأقوال في المسألة عند الفقهاء وإلا ذكرت أقوال كثيرة في المسألة

قلت : وصح عن ابن عباس رضي الله عنه أنه صلاها ركعتين في كل ركعة أربع
ركوعات)

أخرجه عبدالرزاق (3/102)، وابن أبي شيبة (8393) .

وفي البخاري (1046) (1065) أن عبدالله بن الزبير كان يصليها ركعتين كالصبح.

فقال أخوه عروة : أخطأ السنة.

قال الحافظ معلقاً في الفتح (2/535):

(حكم على صنيع أخيه بالخطأ وهو أمر نسبى وإلا فما صنعه عبد الله يتأدَّى به أصل السنة

وان كان فيه تقصير بالنسبة إلى كمال السنة ويحتمل أن يكون عبد الله أخطأ السنة عن

غير قصد لأنها لم تبلغه. والله أعلم).

وكلا القولين جاء بهما الأحاديث الصحيحة قال الشيخ الألباني –رحمه الله- في الإرواء

(3/127):

(وقد اختلفت الأحاديث في عدد ركوعات صلاة الكسوف اختلافا كثيرا فأقل ما روى

ركوع واحد في كل ركعة من ركعتين وأكثر ما قيل خمسة ركوعات والصواب أنه

ركوعان في كل ركعة).

وختاماً قال ابن القيم رحمه الله في الزاد (1/456) عن قول الجمهور:

(وهو اختيار شيخنا أبي العباس ابن تيمية، كان يضعف كُلَّ ما خالفه من الأحاديث،

ويقول: هي غلط، وإنما صلَّى النبي:صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الكسوفَ مرة واحدة يومَ مات

ابنه إبراهيم
).


حيث قال رحمه الله في الفتاوى الكبرى (4/427-428) :


( وَقَدْ رُوِيَ فِي صِفَةِ صَلَاةِ الْكُسُوفِ أَنْوَاعٌ، لَكِنَّ الَّذِي اسْتَفَاضَ عِنْدَ أَهْلِ الْعِلْمِ بِسُنَّةِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ


وَرَوَاهُ الْبُخَارِيُّ، وَمُسْلِمٌ مِنْ غَيْرِ وَجْهٍ وَهُوَ الَّذِي اسْتَحَبَّهُ أَكْثَرُ أَهْلِ الْعِلْمِ: كَمَالِكٍ، وَالشَّافِعِيِّ، وَأَحْمَدَ)

هل تُصلى الكسوف جماعة ؟

الأئمة الأربعة على سنية الجماعة في الكسوف، واختلفوا في الخسوف هل يجمع له :

القول الأول:

ذهب الأحناف والمالكية إلى أن صلاة الخسوف لا تصلى جماعة؛ لأنها لا تكون إلا بالليل ويشق

على الناس الاجتماع، كما أنه لم ينقل عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه صلى الخسوف جماعة

في الليل، وإنما صلى الكسوف في النهار .

ينظر: المبسوط للسرخسي (2/76) ، فتح القدير لابن الهمام (2/90)، والكافي لابن عبدالبر (1/267).

قال الإمام مالك كما في المدونة (1/164):

(يصلون ركعتين ركعتين كصلاة النافلة ويدعون ولا يجمعون) .

القول الثاني:

وذهب الشافعية والحنابلة إلى سنية الجماعة في الخسوف، واستدلوا بعموم قوله صلى الله عليه وسلم :

" إن الشمس والقمر ...فإذا رأيتم ذلك فصلوا" -في الصحيحين-

فأمر صلى الله عليه وسلم بالصلاة لهما أمراً واحداً .

ينظر : البيان للعمراني (2/663)، الفروع لابن مفلح (3/217)،

ولاشك أن الراجح هو قول الشافعية والحنابلة القائل بسنية الجماعة .

قال الشيخ صالح الفوزان في الملخص (282):

(ويسن أن تصلى في جماعة؛ لفعل النبي صلى الله عليه وسلم، ويجوز أن تصلى فرادى

كسائر النوافل، لكن فعلها جماعة أفضل.) .



وهل هذه الجماعة يشترط لها إذن الإمام ؟

على قولين:

القول الأول:

ذهب الأحناف، وكذا حُكي عن الثوري إلى اشتراط ذلك.

قال السرخسي (2/74):

(ثم هذه الصلاة لا يقيمها بالجماعة إلا الإمام، الذي يصلي بالناس الجمعة، والعيدين، فأما

أن يصلي كل فريق في مسجدهم فلا؛ لأنه أقامها رسول الله صلى الله عليه وسلم، وإنما

يقيمها الآن من هو قائم مقامه، وإن لم يقمها الإمام، صلى الناس فرادى) .

وقال ابن عابدين في الحاشية (3/67):

(والصحيح ظاهر الرواية وهو أنه لا يقيمها إلا الذي يصلي بالناس الجمعة) .

القول الثاني:

يسن فعلها جماعة وفرادى؛ لعموم قوله صلى الله عليه وسلم: "فإذا رأيتموه فصلوا".

قال ابن قدامة في المقنع (72):

(فزع الناس إلى الصلاة جماعة، وفرادى بإذن الإمام وغير إذنه).

والصواب القول الثاني القائل: بأنه لا يشترط لها إذن الإمام .


ينظر: التلقين (1/54)، المغني (3/322)، نهاية المحتاج (2/408).

هل يجهر في صلاة الكسوف والخسوف ؟

على قولين: القول الأول:

لا يشرع الجهر في صلاة الكسوف؛ وهو قول الحنفية والمالكية، وهي رواية عن أحمد.

واستدلوا بحديث عائشة -رضي الله عنها- عند أبي داود (1189):

(كسفت الشمس على عهد رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فخرج رسول الله -صلى

الله عليه وسلم- فصلى بالناس فقام فحزرت قراءته فرأيت أنه قرأ بسورة البقرة...) .

قال الحاكم (1/334): حديث صحيح على شرط مسلم ولم يخرجاه. ولم يتعقبه الذهبي.

وقال الألباني: حسن .

والشاهد: أنه خمنت مقدار القراءة، ولو كان جهر صلى الله عليه وسلم بالقراءة، لما

احتاجت إلى الظن والتخمين.

والجواب: أن عائشة رضي الله عنه جاء عنها ما يخالف هذا وهو أصح منه، وهو ما في

الصحيحين عنها قالت: أن النبي صلى الله عليه وسلم جهر في صلاة الخسوف.

وثانياً : يحتمل أنه سمعت ولم تفهم للبعد. قاله ابن قدامة (3/326).

ومن أدلتهم حديث سمرة -رضي الله عنه- عند الترمذي (562) :

(صلى بنا النبي صلى الله عليه و سلم في كسوف لا نسمع له صوتا).

قال الترمذي: حديث سمرة حديث حسن صحيح.

قلت: بل هو ضعيف لجهالة عباد بن ثعلبة .

ولو صح لقلنا ما قاله الذهبي -رحمه الله- في تنقيح التحقيق (1/297):

( يحتمل أنه كان بعيداً).

قلت: ولا يستبعد هذا –إن صح الحديث- لأنه في الحديث نفسه يقول:

" دفعت إلى المسجد وهو بأزز". يعني: مغتصاً بالزحام، والجمع كبير.

ينظر: مجمع الأنهر (1/206)، التاج والإكليل (2/200)، شرح منتهى الإرادات (1/144).

القول الثاني:

الجهر سنة، هي رواية عن مالك، وهو مذهب الشافعية ومذهب الصاحبين (أبي يوسف

ومحمد بن الحسن)، ورواية عن أحمد هي المذهب.

ودليلهم ما جاء في الصحيحين من حديث عائشة:

(أن النبي صلى الله عليه وسلم جهر في صلاة الخسوف).

ولأنها نافلة شرعت لها الجماعة، فكان من سننها الجهر كالعيد والتراويح والاستسقاء.

ينظر: الأم (1/279)، الحجة على أهل المدينة (1/320)، وحلية العلماء (1/257)،

وروضة الطالبين (2/85)، المنح الشافيات للبهوتي (1/273-274).

والإمام الطحاوي الحنفي مال لقول الصاحبين لقوته ولم يذهب لقول إمام المذهب حيث

قال في شرح معاني الآثار (1/333):

(حكم القراءة فيها كحكم القراءة في السنن المفعولة في خاص من الأيام وهو الجهر لا

المخافتة قياسا ونظرا على ما ذكرنا وهو قول أبى يوسف ومحمد رحمهما الله تعالى وقد

روي ذلك أيضا عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه...) .

قلت: أثر علي رضي الله عنه، سكت عن الحافظ في الفتح (2/550) بعد أن عزاه إلى ابن خزيمة.

وقد ساق إسناده الطحاوي في شرح المعاني فقال (1/334):

- حدثنا على بن شيبة، قال: ثنا قبيصة، قال: ثنا سفيان، عن الشيباني، عن الحكم،

عن حنش : أن علياً رضي الله عنه جهر بالقراءة في كسوف الشمس.

قلت: ثم وجدته في صحيح ابن خزيمة (2/320) برقم (1388).

قال الألباني :

رجال إسناده ثقات على ضعف في حنش وهو ابن المعتمر قال الحافظ : صدوق له أوهام

قلت (أي الألباني) : فمثله لا يحتج بحديثه عند التفرد كما هنا.
ما هو تأويل الأحناف للأحاديث الصحيحة الصريحة الدالة على الزيادة على ركوع

وإليك تأويل الأحناف في جوابين لهم اختصرتها من كلامهم

جوابهم الأول:

أن ذكر الزيادة في الأحاديث حصل فيها اشتباه من بعض الصحابة؛ وذلك أن الرسول صلى الله عليه

وسلم طول الركوع، وقد عرض عليه الجنة والنار، فملَّ!! بعض القوم، فرفعوا رؤوسهم، أو ظنوا أنه

صلى الله عليه وسلم رَفَعَ رَأْسه فرفعوا رؤوسهم، فلما وجدوا النبي صلى الله عليه وسلم راكعاً

ركعوا، بل وفعلوا ذلك -ثانياً وثالثاً –ظناً منهم أن النبي صلى الله عليه وسلم رفع رأسه- وكذا فعل

من خلفهم كانوا يرفعون لرفعهم، يظنون أن هذا الرفع من النبي صلى الله عليه وسلم.

الجواب الثاني:

إنَّهُ صلى الله عليه وسلم كان يرفع رأْسه لِيختَبِرَ حَالَ الشَّمس هل انْجَلَتْ أَمْ لا؟ فظَنَّه

بعضهم ركُوعًا فأَطلق عليه اسمه .

هذان الجوابان: ذكرهما الزيلعي في "تبيين الحقائق شرح كنز الدقائق" (1/229).

ولا شك أنهما ضعيفان مصادمان للنصوص الصريحة الصحيحة في الركوعين في كل ركعة

ولهذا رد العلامة السفاريني –رحمه الله- على جوابهم الثاني فقال في "كشف اللثام شرح

عمدة الأحكام" (3/242) :

(وفي هذا التأويل ضعف؛ لأن كل من وصف صلاته صلى الله عليه وسلم وصف رفعه

بالطول، والقراءة، وهذا يخالف التأويل المذكور) .

تنبيه:

لم أجد هذا التأويل إلا عند الزيلعي فقط –بحسب بحثي- وأنبه إلى أن الزيلعي هذا هو فخر

الدين عثمان بن علي الزيلعي الحنفي، المتوفى سنة (713هـ)، وليس هو صاحب "نصب

الراية" بل صاحب نصب الراية هو جمال الدين عبدالله بن يوسف الزيلعي المتوفى سنة

(762هـ)، فالأول شيخ للثاني .