النتائج 1 إلى 5 من 5
  1. #1
    تاريخ التسجيل
    Sep 2010
    المشاركات
    32

    افتراضي {وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَتَّخِذُ مِنْ دُونِ اللَّهِ أَنْدَادًا يُحِبُّونَهُمْ كَحُبِّ اللَّهِ}

    السلام عليكنَّ ورحمة الله وبركاته


    وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَتَّخِذُ مِنْ دُونِ اللَّهِ أَنْدَادًا يُحِبُّونَهُمْ كَحُبِّ اللَّهِ وَالَّذِينَ آَمَنُوا أَشَدُّ حُبًّا لِلَّهِ وَلَوْ يَرَى الَّذِينَ ظَلَمُوا إِذْ يَرَوْنَ الْعَذَابَ أَنَّ الْقُوَّةَ لِلَّهِ جَمِيعًا وَأَنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعَذَابِ (165) إِذْ تَبَرَّأَ الَّذِينَ اتُّبِعُوا مِنَ الَّذِينَ اتَّبَعُوا وَرَأَوُا الْعَذَابَ وَتَقَطَّعَتْ بِهِمُ الْأَسْبَابُ (166) وَقَالَ الَّذِينَ اتَّبَعُوا لَوْ أَنَّ لَنَا كَرَّةً فَنَتَبَرَّأَ مِنْهُمْ كَمَا تَبَرَّءُوا مِنَّا كَذَلِكَ يُرِيهِمُ اللَّهُ أَعْمَالَهُمْ حَسَرَاتٍ عَلَيْهِمْ وَمَا هُمْ بِخَارِجِينَ مِنَ النَّارِ (167) ( البقرة )




    قال الشيخ
    عبد الرحمن بن ناصر السعدي في تفسيره:



    ما أحسن اتصال هذه الآية بما قبلها، فإنه تعالى،


    لما بين وحدانيته وأدلتها القاطعة، وبراهينها الساطعة الموصلة إلى علم اليقين، المزيلة لكل شك،


    ذكر هنا أن { مِنَ النَّاسِ } مع هذا البيان التام من يتخذ من المخلوقين أندادا لله أي:


    نظراء ومثلاء، يساويهم في الله بالعبادة والمحبة، والتعظيم والطاعة.


    ومن كان بهذه الحالة - بعد إقامة الحجة،


    وبيان التوحيد - علم أنه معاند لله، مشاق له،


    أو معرض عن تدبر آياته والتفكر في مخلوقاته،


    فليس له أدنى عذر في ذلك، بل قد حقت عليه كلمة العذاب.



    وهؤلاء الذين يتخذون الأنداد مع الله، لا يسوونهم بالله في الخلق والرزق والتدبير، وإنما يسوونهم به في العبادة، فيعبدونهم، ليقربوهم إليه،


    وفي قوله: { اتخذوا } دليل على أنه ليس لله ند وإنما المشركون جعلوا بعض المخلوقات أندادا له، تسمية مجردة، ولفظا فارغا من المعنى،


    كما قال تعالى:


    { وَجَعَلُوا لِلَّهِ شُرَكَاءَ قُلْ سَمُّوهُمْ أَمْ تُنَبِّئُونَهُ بِمَا لا يَعْلَمُ فِي الأرْضِ أَمْ بِظَاهِرٍ مِنَ الْقَوْلِ } .



    { إِنْ هِيَ إِلا أَسْمَاءٌ سَمَّيْتُمُوهَا أَنْتُمْ وَآبَاؤُكُمْ مَا أَنزلَ اللَّهُ بِهَا مِنْ سُلْطَانٍ إِنْ يَتَّبِعُونَ إِلا الظَّنَّ }



    فالمخلوق ليس ندا لله لأن الله هو الخالق، وغيره مخلوق،


    والرب الرازق ومن عداه مرزوق، والله هو الغني وأنتم الفقراء،


    وهو الكامل من كل الوجوه، والعبيد ناقصون من جميع الوجوه،


    والله هو النافع الضار، والمخلوق ليس له من النفع والضر والأمر شيء،


    فعلم علما يقينا، بطلان قول من اتخذ من دون الله آلهة وأندادا،


    سواء كان ملكا أو نبيا، أو صالحا، صنما، أو غير ذلك،


    وأن الله هو المستحق للمحبة الكاملة، والذل التام،


    فلهذا مدح الله المؤمنين بقوله:


    { وَالَّذِينَ آمَنُوا أَشَدُّ حُبًّا لِلَّهِ }


    أي: من أهل الأنداد لأندادهم، لأنهم أخلصوا محبتهم له،


    وهؤلاء أشركوا بها، ولأنهم أحبوا من يستحق المحبة على الحقيقة،


    الذي محبته هي عين صلاح العبد وسعادته وفوزه،


    والمشركون أحبوا من لا يستحق من الحب شيئا، ومحبته عين شقاء العبد وفساده، وتشتت أمره.



    فلهذا توعدهم الله بقوله:


    { وَلَوْ يَرَى الَّذِينَ ظَلَمُوا } باتخاذ الأنداد والانقياد لغير رب العباد وظلموا الخلق بصدهم عن سبيل الله، وسعيهم فيما يضرهم.



    { إِذْ يَرَوْنَ الْعَذَابَ } أي: يوم القيامة عيانا بأبصارهم،


    { أَنَّ الْقُوَّةَ لِلَّهِ جَمِيعًا وَأَنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعَذَابِ } أي: لعلموا علما جازما،


    أن القوة والقدرة لله كلها،


    وأن أندادهم ليس فيها من القوة شيء،


    فتبين لهم في ذلك اليوم ضعفها وعجزها، لا كما اشتبه عليهم في الدنيا، وظنوا أن لها من الأمر شيئا،


    وأنها تقربهم إليه وتوصلهم إليه، فخاب ظنهم،


    وبطل سعيهم، وحق عليهم شدة العذاب، ولم تدفع عنهم أندادهم شيئا، ولم تغن عنهم مثقال ذرة من النفع، بل يحصل لهم الضرر منها، من حيث ظنوا نفعها.



    وتبرأ المتبوعون من التابعين، وتقطعت بينهم الوصل، التي كانت في الدنيا، لأنها كانت لغير الله، وعلى غير أمر الله، ومتعلقة بالباطل الذي لا حقيقة له، فاضمحلت أعمالهم، وتلاشت أحوالهم، وتبين لهم أنهم كانوا كاذبين،


    وأن أعمالهم التي يؤملون نفعها وحصول نتيجتها، انقلبت عليهم حسرة وندامة، وأنهم خالدون في النار لا يخرجون منها أبدا،


    فهل بعد هذا الخسران خسران؟


    ذلك بأنهم اتبعوا الباطل، فعملوا العمل الباطل ورجوا غير مرجو،


    وتعلقوا بغير متعلق، فبطلت الأعمال ببطلان متعلقها،


    ولما بطلت وقعت الحسرة بما فاتهم من الأمل فيها، فضرتهم غاية الضرر،


    وهذا بخلاف من تعلق بالله الملك الحق المبين، وأخلص العمل لوجهه،


    ورجا نفعه، فهذا قد وضع الحق في موضعه، فكانت أعماله حقا،


    لتعلقها بالحق، ففاز بنتيجة عمله، ووجد جزاءه عند ربه،


    غير منقطع كما قال تعالى:



    { الَّذِينَ كَفَرُوا وَصَدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ أَضَلَّ أَعْمَالَهُمْ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَآمَنُوا بِمَا نزلَ عَلَى مُحَمَّدٍ وَهُوَ الْحَقُّ مِنْ رَبِّهِمْ كَفَّرَ عَنْهُمْ سَيِّئَاتِهِمْ وَأَصْلَحَ بَالَهُمْ ذَلِكَ بِأَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا اتَّبَعُوا الْبَاطِلَ وَأَنَّ الَّذِينَ آمَنُوا اتَّبَعُوا الْحَقَّ مِنْ رَبِّهِمْ كَذَلِكَ يَضْرِبُ اللَّهُ لِلنَّاسِ أَمْثَالَهُمْ } .



    وحينئذ يتمنى التابعون أن يردوا إلى الدنيا فيتبرأوا من متبوعيهم، بأن يتركوا الشرك بالله، ويقبلوا على إخلاص العمل لله،


    وهيهات، فات الأمر، وليس الوقت وقت إمهال وإنظار،


    ومع هذا، فهم كذبة، فلو ردوا لعادوا لما نهوا عنه،


    وإنما هو قول يقولونه، وأماني يتمنونها، حنقا وغيظا على المتبوعين لما تبرأوا منهم والذنب ذنبهم،


    فرأس المتبوعين على الشر إبليس،


    ومع هذا يقول لأتباعه لما قضي الأمر


    { إِنَّ اللَّهَ وَعَدَكُمْ وَعْدَ الْحَقِّ وَوَعَدْتُكُمْ فَأَخْلَفْتُكُمْ وَمَا كَانَ لِي عَلَيْكُمْ مِنْ سُلْطَانٍ إِلا أَنْ دَعَوْتُكُمْ فَاسْتَجَبْتُمْ لِي فَلا تَلُومُونِي وَلُومُوا أَنْفُسَكُمْ } .



    -------------------


    المصدر


    تفسير الشيخ السعدي



    تيسير الكريم الرحمن في تفسير كلام المنان


    ص ( 134- 135 )


    الناشر : مؤسسة الرسالة


    الطبعة : الأولى 1420هـ -2000 م


    عدد الأجزاء : 1


    مصدر الكتاب :


    موقع مجمع الملك فهد لطباعة المصحف الشريف


    منقول

  2. #2
    تاريخ التسجيل
    Jan 2011
    المشاركات
    13

    افتراضي رد: {وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَتَّخِذُ مِنْ دُونِ اللَّهِ أَنْدَادًا يُحِبُّونَهُمْ كَحُبِّ اللَّهِ}

    أحسنت على النقل الطيب جزاك الله خيراً.

  3. #3
    تاريخ التسجيل
    Sep 2010
    المشاركات
    32

    افتراضي رد: {وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَتَّخِذُ مِنْ دُونِ اللَّهِ أَنْدَادًا يُحِبُّونَهُمْ كَحُبِّ اللَّهِ}

    وجزاكِ الله بالمثل أختي أم يحيي السلفية

  4. #4
    تاريخ التسجيل
    Jan 2011
    المشاركات
    8

    افتراضي رد: {وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَتَّخِذُ مِنْ دُونِ اللَّهِ أَنْدَادًا يُحِبُّونَهُمْ كَحُبِّ اللَّهِ}

    جزاك الله خيراً

  5. #5
    تاريخ التسجيل
    Sep 2010
    المشاركات
    32

    افتراضي رد: {وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَتَّخِذُ مِنْ دُونِ اللَّهِ أَنْدَادًا يُحِبُّونَهُمْ كَحُبِّ اللَّهِ}

    وجزاكِ الله بالمثل أختي أم ميمونة السلفية



معلومات الموضوع

الأعضاء الذين يشاهدون هذا الموضوع

الذين يشاهدون الموضوع الآن: 1 (0 من الأعضاء و 1 زائر)

المواضيع المتشابهه

  1. مطوية (وَلَا تَدْعُ مِنْ دُونِ اللَّهِ مَا لَا يَنْفَعُكَ وَلَا يَضُرُّكَ)
    بواسطة عزمي ابراهيم عزيز احمد في المنتدى المنبــر الإسلامي العــام
    مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 19-Jul-2015, 08:24 AM
  2. تَوْحِيدَانِ؛ لا نَجَاةَ لِلْعَبْدِ مِنْ عَذَابِ اللَّهِ إِلا بِهِمَا
    بواسطة أم محمد محمود المصرية في المنتدى مـنــبر الأســـرة المـــســلـــمـــة
    مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 20-May-2015, 09:04 PM
  3. مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 16-Mar-2015, 11:30 AM
  4. مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 01-Jan-2013, 05:43 PM
  5. مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 04-Oct-2011, 03:33 PM

الكلمات الدلالية لهذا الموضوع

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •