بسم الله الرحمن الرحيم (1)
الحمد لله الذي جعل ذكره رياض الصالحين، ومناجاته غذاء أرواح الفالحين والخضوع بين يديه والتضرع إليه ، والتخلق بالأخلاق المحمدية والأخلاق النبوية شأن العالمين العاملين. أحمده سبحانه على نعمه، وأسأله المزيد من فضله وكرمه، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن نبينا محمداً عبده ورسوله، وصفيه وحبيبه، وخليله، المؤيد بأنواع الآيات الباهرة ،وعلى آله وصحبه ومن اتبعه بإحسان إلي يوم الدين
أمابعد:
فهذا ما دعت إليه الحاجة من وضع فوائد فرائد، على نهج منيف، على كتاب «رياض الصالحين» تأليف الحافظ، علامة بالفقه والحديث ،الشيخ الإمام الثقة العلم أبي زكريا محيى الدين بن شرف النووي الشافعي، تغمده الله برحمته، وأسكنه بحبوح جنته، لما أنه قد جمع ما يحتاج إليه السالك في سائر الأحوال، واشتمل على ما ينبغي التخلق به من الأخلاق والتمسك به من الأقوال والأفعال. مغترفاً له من عباب الكتاب والسنة النبوية، ناقلاً لتلك الجواهر من تلك المعادن السنية. ولم أقف على كتابة عليه، تكون كالدليل للسالك إليه، فاستخرت الله تعالى ، في وضع هذه الفوائد الفرائد عليه، ليكون كالرامز إليه. والمسؤول من الله سبحانه أن يعين على إتمامه. والسداد في تحرير أحكامه، وأن يجعله مصوناً من الخطأ والخطل، محفوظاً من الزيغ والزلل، خالصاً لوجهه الكريم،والله المعين، وبه أستعين، وسميته(فتح القوي المتين بفوائد أحاديث رياض الصالحين)
ترجمة الإمام النووي رحمه الله (2)
قال الشيخ الإمام العالم المحدث علاء الدين مفتى المسلمين: أبو الحسن علي بن إبراهيم بن داود العطار رحمه الله، و نفعنا به، وجمع بيننا وبينه في دار كرامته بمحمد وآله و عترته.
الحمد لله رب العالمين، اللهم صلى على نبينا محمد وعلى آل محمد وأزواجه وذريته وأصحابه الطاهرين.
وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله.
أما بعد..
فلما كان لشيخي وقدوتي إلى الله تعالى الإمام أبا زكريا يحيى بن شرف الخزامي النووي تغمده الله برحمته وأسكنه فسيح جنات النعيم، وجمع بيني وبينه في دار كرامته، إنه جواد كريم، على من الحقوق المتكاثرة مالا أطيق إحصاؤها بعثني ذلك على أن في جمع كتاباً فيه مناقبه ومآثره، وكيفية اشتغاله، وما كان عليه من الصبر علىَ خشونة العيش وضيق الحال مع القدرة على التنعيم والسعة في جميع، الأحوال على عادة أئمة الحديث في ذلك. ليكون سبباً للرحمة عليه، والدعاء له، وفقنا الله لما وفقه، ورزقنا ما رزقه، فقد روينا بالإسناد إلى سفيان بن عيينه - رضي الله عنه - انه قال: - (عند ذكر الصالحين تنزل الرحمة).(3)
و روينا بإسنادنا إلى محمد بن يونس - رحمه الله - أنه قال: - (ما رأيت للقلب أنفع من ذكر الصالحين).
و على الله الكريم، و إليه أبتهل أن ييسّر ذلك أكمل الوجوه و أتمها، إنه على كل شيء قدير، و هو حسبي و نعم الوكيل، و لا حول و لا قوة إلا بالله العزيز الحكيم.
فصل في نسبه و نسبته
هو أبو زكريا يحيى بن الشيخ الزاهد الورع ولى الله أبى يحيى شرف بن مري، بن حسن بن حسين، بن محمد، بن جمعة، بن حزام (بالحاء المهملة والزاي المعجمة) الحزامي، ذو التصانيف المفيدة، والمؤلفات الحميدة، أوحد دهره وفريد عصره، الصوام القوام، الزاهد في، الدنيا الراغب في الآخرة، صاحب الأخلاق المرضية والمحاسن السنية، العالم الرباني، المتفق على علمه، وإمامته وجلالته، وزهده، وورعه، وعبادته، وحالته، له الكرامات الطافحة والمكرمات الواضحة، المؤثر بنفسه وماله للمسلمين، والقائم بحقوقهم وحقوق ولاة أمورهم بالنصح والدعاء في العالمين، وكان كثير التلاوة والذكر لله تعالى حشرنا الله تعالى في زمرته، وجمع بيننا وبينه في دار كرامته مع من اصطفاه من خليقته أهل الصفا والوفا والود، العاملين بكتاب الله تعالى وسنة محمد صلى الله عليه وسلم وشريعته.
وأما نسبته الحزامي (فهي بالحاء والزاي ) نسبه إلى جده المذكور حزام، وذكر الشيخ المذكور رحمه الله أن بعض أجداده كان يزعم أنها نسبة إلى حزام بن حكيم الصحافي – رحمه الله، وهو غلط. وحزام جده نزل في (الجولان) بقرية (نوى) على عادة العرب، فأقام بها ورزقه الله ذرية إلى أن صار منهم خلق كثير.
والنووي نسبة إلى (نوى) المذكورة (وهى بحذف الألف بين الواوين على الأصل، ويجوز كتبها بالألف على العادة) وهى قاعدة الجولان ألان من أرض حوران من أعمال دمشق، لأنه أقام بها نحوا من ثمانية وعشرين سنة.
وقد قال عبد الله بن المبارك - رحمه الله - : (من أقام في بلدة أربع سنين نسبب إليها).
فصل في مولده و وفاته رحمه الله
مولده: فهو في العشر الأواسط من المحرم سنة إحدى وثلاثين وستمائة
وأما وفاته رحمه الله: فهي ليلة الأربعاء الثلث الأخير من الليل الرابع والعشرين من رجب سنة ست وسبعين وستمائة بنوى، ودفن فيها صبيحة الليلة المذكورة
فصل في مبدأ أمر، اشتغاله
قال لي الشيخ رحمه الله: لما كان عمري تسع عشرة سنة قدم بي والدي إلى دمشق في سنة تسع وأربعين، فسكنت المدرسة الرواحية، وبقيت نحو سنتين لم أضع جنبي على الأرض، وكان قوتي فيها جراية المدرسة لا غير.
قال: وحفظت التنبيه. في نحو أربعة أشهر ونصف، وحفظت ربع العبادات من المهذب في باقي السنة.
قال: وجعلت أشرح - وأصحح على شيخي الإمام الزاهد العالم الورع ذي الفضائل والمعارف:أبى إبراهيم إسحاق بن أحمد بن عثمان المغربي الشافعي رحمه الله تعالى، ولازمته.
قال: فأعجب بي لما - رأي من اشتغالي وملازمتي وعدم اختلاطي بالناس، وأحبني محبة شديدة وجعلني أعيد الدرس لأكثر الجماعة.
قال: فلما كان سنة إحدى وخمسين حججت مع والدي، وكانت وقفة الجمعة، وكان رحيلنا من أول رجب قال: فأقمت بمدينة رسول الله صلى الله عليه وسلم نحوا من شهر ونصف.
قال لي والده رحمه الله: لما توجهنا من (نوى) للرحيل أخذته الحمى فلم تفارقه إلى يوم عرفة قال: ولم يتأوه قط، فلما قضينا مناسكنا ووصلنا إلى (نوى) ونزل إلى دمشق صب الله عليه العلم صبا، ولم يزل يشتغل بالعلم ويقتفى آثار شيخه المذكور في العبادة من الصلاة وصيام الدهر، والزهد والورع وعدم إضاعة شيء من أوقاته إلى أن توفى رحمه الله تعالى ، فلما توفى شيخه ازداد اشتغاله بالعلم والعمل.
قال لي شيخنا القاضي أبو المفاخر محمد بن عبد القادر الأنصاري رحمه الله: لو أدرك القشيري. صاحب الرسالة شيخكم وشيخه لما قدم عليهما في ذكره لمشايخها أحداً لما جمع فيها من العلم والعمل والزهد والورع والنطق بالحكم وغير ذلك.
وذكر لي شيخي - قدس الله روحه - قال: كنت أقرأ كل يوم أثنى عشر درساً على المشايخ شرحا وتصحيحاً، درسين في الوسيط ودرساً في المهذب.
ودرساً في (الجمع بين الصحيحين) أو درسا في صحيح مسلم، ودرساً في (اللمح) لابن جني في النحو، ودرساً في (إصلاح المنطق) لأبن السكيت في اللغة، ودرساً في التصريف ودرساً في أسماء الرجال، ودرساً في أصول الدين.
قال: وكنت أعلق ما يتعلق بها من شرح مشكل، ووضح عبارة، وضبط لغة.
قال رحمه الله: وبارك الله له في وقتي واشتغالي وأعانني عليه.
قال: وخطر لي الاشتغال بعلم الطب فاشتريت كتاب القانون فيه، وعرضت على الاشتغال فيه فاظلم على قلبي، وبقيت لا أقدر على الاشتغال بشيء ففكرت في أمري، ومن أين دخل على الداخل، فألهمني الله تعالى أن سببه اشتغالي بالطب فبعت في الحال الكتاب، وأخرجت من بيتي كل ما يتعلق بعلم الطب فأستنار قلبي، ورجع إلى حالي، وعدت على ما كنت عليه أولاً.
فصل في ذكر شيوخه في الفقه رحمه الله
واذكرهم مسلسلاً مني إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، أما أنا فقرأت عليه الفقه تصحيحا وعرضاًً وشرحاً وضبطا، خاصاً وعاماً.
وعلم الحديث مختصره وغيره، تصحيحاً وضبطاً، وشرحاً وبحثاً وتعليقاً، خاصاً وعاماً، وكان - رحمه الله - رفيقاِ بي شفيقاً على، لا يمكن أحداً من خدمته غيري، على جهد مني في طلب ذلك منه، مع مراقبته لي - رحمه الله - في حركاتي وسكناتي، ولطفه بي في جميع ذلك، وتواضعه معي في جميع الحالات وتأديبه لي في كل شيء حتى الخطوات، وأعجز عن حصر ذلك، وقرأت عليه كثيراً من تصانيفه ضبطاً واتقاناً، وأذن لي - رحمه الله - في إصلاح ما يقع في تصانيفه، فأصلحت بحضرته أشياء، فكتبه بخطه، و أقرني عليه، ودفع إلى درج فيه عدة الكتب التي كان يكتب منها، ويصنف بخطه، وقال لي: إذا انتقلت إلى الله تعالى فأتم شرح المهذب من هذه الكتب، فلم يقدر ذلك لي، وكانت صحبتي له دون غيره من أول سنة سبعين وستمائة وقبلها بيسير إلى حين وفاته.
قال المؤلف - رحمه الله - قال لي شيخي أبو زكريا يحيى بن شرف بن مري النووي - رحمه الله - : أخذت الفقه قراءة وتصحيحا وسماعا وشرحا وتعليقا من جماعات: أولهم شيخي الإمام المتفق على علمه وزهده وورعه وكثرة عبادته وعظم فضله وتميزه في ذلك على إشكاله: أبو إبراهيم إسحاق بن أحمد بن عثمان المغربي، كمال الدين ثم المقدسي. رحمه الله ثم شيخنا أبو حفص عمر بن أسعد ين أبى غالب الرَبَعي (بفتح الراء والياء) الإربلي، والإمام المتقن المفتى، كمال الدين رحمه الله، وأدركته أنا، وحضرت بين يديه، وسمعت عليه جزء أبى الجهم العلا ابن موسى الباهلي، وكان شيخنا كثير الأدب معه حتى كنا في الحلقة بين يديه فقام منها، وملأ إبريقاً وحمله بين يديه إلى الطهارة رحمهما الله.
قال: ثم شيخنا الإمام المجمع على إمامته وحجتهِ و تقدمه في علم المذهب على أهل عصره بهذه النواحي: أبو الحسن سلارين الإربلي ثم الحلبي ثم الدمشقي، كمال الدين رحمه الله ، وأدركته أنا وحضرت جنازته مع شيخنا رحمهم الله.
قال: وتفقه شيوخنا المذكورون أولاً على شيخهم أبى عمرو وعثمان ابن عبد الرحمن بن عثمان المعروف بابن الصلاح، وتفقه هو على والده وتفقه والده في طريق العراقيين على أبى سعد عبد الله بن محمد بن هبة الله بن علي بن أبي عصرون الموصلي، وتفقه أبو سعد على القاضي أبى على الحسين ابن إبراهيم الفارقي، وتفقه الفارقي على أبى إسحاق الشيرازي، وتفقه أبو إسحاق على القاضي أبى الطيب طاهر بن طاهر بن عبد الله الطبري، وتفقه أبى الطيب على أبى الحسين محمد بن على بن سهل بن مصلح الماسرجسي، و تفقه الماسرجسي على أبي إسحاق إبراهيم بن محمد المروزي، و تفقه أبو إسحاق على أبو العباس أحمد بن سريج و تفقه بن سريج على أبي القاسم عثمان ابن بشار الاغاطي، و تفقه الاغاطي على إبراهيم إسماعيل بن يحيى المزني، و تفقه المزني على أبى عبد الله محمد بن إدريس الشافعي، و تفقه الشافعي على جماعات منهم أبو عبد الله مالك بن أنس إمام المدينة، و مالك على ربيعة عن أنس و على نافع عن أبن عمر كلاهما عن النبي صلى الله عليه و سلم.
و الشيخ الثاني للشافعي سفيان بن عيينه عن عمرو بن دينار عن ابن عمرو ابن عباس رضي الله عنهم أجمعين.
والشيخ الثالث: أبو خالد مسلم بن خالد، المعروف بالزنجي، مفتى مكة، وتفقه مسلم على أبى الوليد عبد الملك بن عبد العزيز بن جريح، وتفقه ابن جريح على أبى محمد عطاء بن مسلم بن أبي رباح، و تفقه عطاء على أبي العباس عبد الله بن عباس، وأخذ ابن عباس عن رسول الله صلى الله عليه و سلم، وعن عمر بن الخطاب وعن زيد بن ثابت وجماعات من الصحابة رضي الله عنهم عن رسول الله صلى الله عليه وسلم هذه طريقة أصحابنا العراقيين.
وأما طريقة أصحابنا الخراسانيين فأخذتها عن شيوخنا المذكورين وأخذها شيوخنا الثلاثة المذكورين عن أبى عمرو عن والده عن أبى القاسم بن البزري (بتقديم الزاي على الراء) عن أبى الحسن على بن محمد بن علي إليكا الهراسي عن أبى المعالي عبد الملك بن عبد الله بن يوسف، إمام الحرمين عن والده أبى محمد، عن أبى بكر عبد الله بن أحمد القفال المروزي الصغير وهو إمام طريقة خراسان عن أبى زيد محمد بن أحمد عبد الله بنت محمد المروزي عن أبى إسحاق المروزي عن ابن سريج كما سبق، وتفقه شيخنا الإمام العالم أبو الحسن سلأر على جماعات منهم الإمام أبو بكر الماهاني، وتفقه الماهاني على ابن البرزي بطريقه السابق، والله أعلم.
فمعرفة هذه السلسلة من النفائس والمهم الذي يتعين على الفقيه والمتفقه علمه، و يقبح به جهله، والشيوخ في العلم آباء له في الدين، ووصلة بين العبد وبين رب العالمين.
قال يحيى بن معاذ الرازي رحمه الله: العلماء أرأف بأمة محمد صلى الله عليه وسلم من آبائهم وأمهاتهم لأنهم يحفظونهم من نار الآخرة، وأهوالها وآباؤهم وأمهاتهم يحفظونهم من نار الدنيا وآفاتها يعنى الآباء العلماء، وأما الآباء الجهال فلا يحفظونهم لا في الدنيا ولا في الآخرة والله أعلم.
فصل في شيوخه الذين أخذ عنهم أصول الفقه
قرأ على جماعهم أشهرهم وأجلهم العلامة القاضي أبو الفتح عمر بن بندار بن عمر بن علي بن محمد التغليسي الشافعي رحمه الله تعالى قرأ عليه المنتخب للإمام فخر الدين الرازي وقطعة من كتاب المستصفى الغزالي، وقرأ غيرهما من الكتب على غيره.
فصل فيمن أخذ منه اللغة والنحو التصريف
أول من أخذ عنه ذلك فخر الدين بن المالكي رحمه الله ذكر لي الشيخ رحمه الله ونفعنا به انه قرأ عليه كتاب اللمع لأبن جني، وانه قرأ على الشيخ أبى العباس أحمد بن سالم المصري النحوي اللغوي التصريفي بحثا كتاب إصلاح المنطق لابن السكيت، وكتابا في التصريف. قال: وكان لي عليه درس إما في سيبويه و أما في غيره (والشك منى).
وقرأ على شيخنا العلامة أبى عبد الله محمد بن عبد الله بن مالك الجياني رحمه الله كتابا من تصانيفه وعلق عليه شيئاً، وأشياء كثيرة غير ذلك.
فصل فيمن اخذ عنه فقه الحديث و أسماء رجاله و ما يتعلق به
أخذ فقه الحديث عن الشيخ المحقق أبى إسحاق إبراهيم بن عيسى المرادي الأندلسي الشافعي رحمه الله، شرح عليه مسلماً وقرأ البخاري وجملة مستكثرة من الجمع بين الصحيحين للحميدي وأخذ علوم الحديث لابن الصلاح عن جماعة من أصحابه، وقرأ على الشيخ أبى البقاء خالد بن يوسف بن سعد النابلسي الحافظ كتاب الكمال في أسماء الرجال للحافظ عبد الغني المقدسي وعلق عليه حواشي، وضبط عنه أشياء حسنة.
فصل في الكتب التي سمعها
سمع البخاري، ومسلماً، وسنن أبي داود، والترمذي، وسمع النسائي بقراءته وموطأ مالك، ومسند الشافعي.
وأحمد بن حنبل و الدارمي و أبي عوانه الاسفرايني و أبى يعلى الموصلي. و سنن أبن ماجه و الدار قطني وشرح السنة للبغوي ومعالم التنزيل له في التفسير، وكتاب الأنساب للزبير بن بكار والخطب النباتية، ورسالة القشيري، وعمل اليوم والليلة لابن السني، وكتاب آداب السامع والراوي للخطيب وأخرى كثيرة غير ذلك تعلق ذلك جمعيه من خط الشيخ رحمه الله تعالى، وقُرأ عليه (البخاري ومسلم " بدار الحديث الأشرفية سماعاً وبحثاً، وحضرت مسلماً وأكثر البخاري وقطعه من سنن أبى داود. وقرأ عليه الرسالة للقشيري، و (صفوة الكفوة) وكتاب " الحجة على تارك الحجة " للنصر المقدس سماعاً وبحثاً، وحضرت معظم ذلك، وعلقت عنه أشياء في ذلك وغيره فرحمه الله تعالى ورضى عنه.
فصل في شيوخه الذين سمع منهم
سمع أبا الفرج عبد الرحمن بن أبى عمر، ومحمد بن أحمد المقدسي وهو أجل شيوخه، وأبا إسماعيل بن أبى إسحاق إبراهيم ابن أبى اليسر وأبا العباس أحمد بن عبد الدائم، وأبو البقاء خالد النابلسي، وأبا محمد عبد العزيز بن عبد الله محمد بن عبد المحسن الأنصاري، والضياء بن تمام الحيصي، والحافظ أبا الفضل محمد بن محمد البكري، وأبا الفضائل عبد الكريم بن عبد الصمد خطيب دمشق، وأبا محمد عبد الرحمن بن سالم ين يحيى الأبناري، وأبا زكريا يحيى بن الفتح الصيرفي الحراني، وأبا إسحاق إبراهيم بن على بن أحمد بن فاضل الواسطي وغيرهم.
وسمعت أنا من معظم شيوخه.
فصل فيمن سمع منه
وسمع منه خلق كثير من الفقهاء، وسار علمه وفتاويه في الآفاق، ووقع على دينه وعلمه وزهده وورعه و معرفته وكرامته الوفاق، وانتفع الناس في سائر البلاد الإسلامية بتصانيفه، وأكبوا على تحصيل تواليفه حتى رأيت من كنان سناها في حياته مجتهدا على تحصيلها وانتفاع بها بعد وفاته فرحمه الله ، وجمع بيننا وبينه في جناته.
فصل في شغل أوقاته كلها بالعلم و العمل
ذكر لي رحمه الله أنه كان لا يضيع له وقتاً في ليل ولا في نهار إلا في وظيفة من الأشتغال بالعلم حتى في ذهابه في الطريق ومجيئه يشتغل في تكرار أو مطالعة، وأنه بقي على التحصيل على هذا الوجه نحو ست سنين.
ثم اشتغل بالتصنيف والأشتغال و الافادة والمناصحة للمسلمين وولاتهم مع ما هو عليه من المجاهدة بنفسه، والعمل بدقائق الفقه والاجتهاد على الخروج من خلاف العلماء، و إن كان بعيد المراقبة لأعمال القلوب وتصفيتها من السوء، يحاسب نفسه على الخطرة بعد الخطرة، وكان محققاً في علمه وفنونه مدققاً في علمه ولفنونه حافظاً لحديث رسول الله صلى الله عليه و سلم عارفاً بأنواعه كلها من صحيحه وسقيمه وغرب ألفاظه وصحيح معانيه واستنباط فقهه حافظاً المذهب الشافعي وقواعده وأصوله وفروعه، ومذاهب الصحابة والتابعين، واختلاف العلماء ووفاقهم وإجماعهم، وما أشتهر من ذلك جميعه، ومازال سالكاً في كل ذلك من طريقة السلف.
قد صرف أوقاته كلها في أنواع العلم والعمل فبعضها للتصنيف وبعضها للتعليم، وبعضها للصلاة، وبعضها للتلاوة، وبعضها للأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.
فصل في كتبه
صنف - رحمه الله - كتبا في الحديث والفقه عم النفع بها، وانتشر في أقطار الأرض ذكرها منها: المنهاج في الفقه، وشرح مسلم، ومنها المبهمات، ورياض الصالحين، والأذكار، وكتاب الأربعين، والتيسير في مختصر الإرشاد في علوم الحديث. ومنها الإرشاد، ومنها التحرير في ألفاظ التنبيه، والعمدة في صحيح التنبيه، والإيضاح في المناسك، والإيجاز في المناسك، والمناسك الثالث والرابع والخامس والسادس، ومنها التبيان في آداب حملة القرآن ومختصره، ومنها مسألة الغنيمة، وكتاب القيام، ومنها كتاب الفتاوى ورتبته أنا، ومنها الروضة في مختصر شرح الرافعي، ومنها المجموع في شرح المهذب إلى المعراة.
ومنها كتب ابتدأها ولم يتمها، عاجلته المنية، وقطعة في شرح التنبيه، و قطعة في شرح البخاري، وقطعة يسيره في شرح سنن أبي داود، وقطعة في الإسناد على حديث الأعمال والنيات، وقطعة في الأحكام، وقطعة كبيرة في التهذيب للأسماء واللغات، وقطعة مسودة في طبقات الفقهاء، ومنها قطعة في التحقيق في الفقه إلى باب صلاة المسافر، ومنها كتاب المنهاج في مختصر المحور للرافعي وشرح ألفاظه منه، ومسودات كثيرة. ولقد أمرني ببيع كراريس نحو ألف كراس بخطه وأمرني بأن أقف على غسلها في الوراقة، وخوفني إن خالفت أمره في ذلك فما أمكنني إلا طاعته، وإلى الآن في قلبي منها حسرات.
ولما اختصر المحرر للرافعي رحمه الله المسمى (بالمنهاج) حفظه بعد موته خلق كثير، ووقف عليه في حياته شيخنا الأديب الفاضل رشيد الدين أبو حفص إسماعيل بن مسعود الفارقي شيخ الأدب في وقته، فامتدحه بأبيات حسنة، وقف عليها الشيخ بخطه:
واعتنى بالفضل يحيى فاغتنى ... من بسيط بوجيز نافع
وتجلى بتقاه فضله ... فتجلى بلطيف جامع
ناصباً أعلام علم جازما ... بمقال رافع المواقع
وكان ابن الصلاح حاضراً ... وكأن ما غاب عنا الشافعي
قال شيخنا العلامة حجة العرب شيخ النحاه، أبو عبد الله محمد بن عبد الله بن مالك الجياني رحمه الله وذكر المنهاج لي بعد أن كان وقف عليه، والله لو استقبلت من أمري ما استدبرت لحفظته، وأثنى على حسن اختصاره وعذوبة ألفاظه.
فصل في قناعته و تواضعه
وكان رحمه الله لا يأخذ من أحد شيئا، ولا يقبل إلا ممن تحقق دينه ومعرفته، ولا له به علاقه من اقراء وانتفاع به قاصداً الخروج من حديث القوس، والجزاء في الدار الآخرة وربما أنه كان يرى نشر العلم متعيناً عليه مع قناعة نفسه وصبرها
ماهي نظرة أئمة السنة فيما اخطأ فيه الإمام النووي رحمه الله وجانب فيه الصواب والعقيدة السلفية
جاء في سؤالات فتاوى اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء (4/ 440):
ما هو موقفنا من العلماء الذين أولوا في الصفات مثل ابن حجر والنووي وابن الجوزي وغيرهم هل نعتبرهم من أئمة أهل السنة والجماعة أم ماذا؟ وهل نقول: إنهم أخطأوا في تأويلاتهم أم كانوا ضالين في ذلك؟
الجواب :
رابعا: موقفنا من أبي بكر الباقلاني والبيهقي وأبي الفرج بن الجوزي وأبي زكريا النووي وابن حجر وأمثالهم ممن تأول بعض صفات الله تعالى أو فوضوا في أصل معناها - أنهم في نظرنا من كبار علماء المسلمين الذين نفع الله الأمة بعلمهم فرحمهم الله رحمة واسعة وجزاهم عنا خير الجزاء، وأنهم من أهل السنة فيما وافقوا فيه الصحابة رضي الله عنهم وأئمة السلف في القرون الثلاثة التي شهد لها النبي صلى الله عليه وسلم بالخير، وأنهم أخطأوا فيما تأولوه من نصوص الصفات وخالفوا فيه سلف الأمة وأئمة السنة رحمهم الله سواء تأولوا الصفات الذاتية وصفات الأفعال أم بعض ذلك.
وبالله التوفيق. وصلى الله على نبينا محمد، وآله وصحبه وسلم.
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
عضو // نائب رئيس اللجنة // الرئيس //
عبد الله بن قعود // عبد الرزاق عفيفي // عبد العزيز بن عبد الله بن باز //
سئل العلامة الفقيه المحقق المدقق محمد بن عثيمين رحمه الله في لقاء الباب المفتوح (43/ 15) :
فضيلة الشيخ! بالنسبة للعلماء الذين وقعوا في بعض الأخطاء في العقيدة؛ كالأسماء، والصفات، وغيرها، تمر علينا أسماؤهم في الجامعة حال الدراسة، فما حكم الترحُّم عليهم؟ الشيخ: مثل مَن؟ السائل: مثل: الزمخشري ، و الزركشي ، وغيرهما.
السائل: الزمخشري ، و الزركشي .
الشيخ: الزركشي في ماذا؟ السائل: في باب الأسماء والصفات!
الجواب
على كل حال هناك أناس ينتسبون لطائفة معينة شعارها البدعة؛ كـ المعتزلة مثلاً، ومنهم الزمخشري ، فـ الزمخشري مُعتزلي، ويصف المثْبِتِين للصفات بأنهم: حَشَوِية ، مُجَسِّمة ويُضَلِّلهم فهو معتزلي، ولهذا يجب على مَن طالع كتابه الكشاف في تفسير القرآن أن يحترز من كلامه في باب الصفات؛ لكنه من حيث البلاغة والدلالات البلاغية اللغوية جيد، يُنْتَفع بكتابه كثيراً، إلا أنه خَطَرٌ على الإنسان الذي لا يعرف في باب الأسماء والصفات شيئاً.
لكن هناك علماء مشهودٌ لهم بالخير، لا ينتسبون إلى طائفة معينة مِن أهل البدع؛ لكن في كلامهم شيءٌ من كلام أهل البدع؛ مثل ابن حجر العسقلاني و النووي رحمهما الله فإن بعض السفهاء من الناس قدحوا فيهما قدحاً تاماً مطلقاً من كل وجه، حتى قيل لي: إن بعض الناس يقول: يجب أن يُحْرَقَ فتح الباري ؛ لأن ابن حجر أشعري، وهذا غير صحيح.
فهذان الرجلان بالذات ما أعلم اليوم أن أحداً قدَّم للإسلام في باب أحاديث الرسول مثلما قدَّماه، ويدلك على أن الله سبحانه وتعالى بحوله وقوته -ولا أَتَأَلَّى على الله- قد قبلها، ما كان لمؤلفاتهما من القبول لدى الناس؛ لدى طلبة العلم، بل حتى عند العامة، فالآن كتاب رياض الصالحين يُقرأ في كل مجلس, ويقرأ في كل مسجد، وينتفع الناس به انتفاعاً عظيماً، وأتمنى أن يجعل الله لي كتاباً مثل هذا الكتاب، كلٌّ ينتفع به في بيته وفي مسجده.
فكيف يقال عن هذين: إنهما مبتِدعان ضالان، لا يجوز الترحُّم عليهما، ولا يجوز القراءة في كتبهما! ويجب إحراق فتح الباري ، و شرح صحيح مسلم ؟! سبحان الله! فإني أقول لهؤلاء بلسان الحال وبلسان المقال:
أَقِلُّوا عليهمُ لا أبا لأبيكمُ مِن اللومِ أو سدوا المكان الذي سدوا
من كان يستطيع أن يقدم للإسلام والمسلمين مثلما قدَّم هذان الرجلان، إلا أن يشاء الله.
فأنا أقول: غفر الله للنووي ، ولـ ابن حجر العسقلاني ، ولمن كان على شاكلتهما ممن نفع الله بهم الإسلام والمسلمين.
وسئل الشيخ العلامة صالح بن فوزان الفوزان حفظه الله :
لقد ظهر بين طلاب العلم اختلاف في تعريف المبتدع.. فقال بعضهم: هو من قال أو فعل البدعة، ولو لم تقع عليه الحجة، ومنهم من قال لابد من إقامة الحجة عليه، ومنهم من فرَّق بين العالم المجتهد وغيره من الذين أصلوا أصولهم المخالفة لمنهج أهل السنة والجماعة، وظهر من بعض هذه الأقوال تبديع ابن حجر والنووي، وعدم الترحم عليهم.. نطلب من فضيلتكم تجلية هذه المسألة التي كثر الخوض فيها.. جزاكم الله خيرًا؟
أولاً: لا ينبغي للطلبة المبتدئين وغيرهم من العامة أن يشتغلوا بالتبديع والتفسيق؛ لأن ذلك أمر خطير وهم ليس عندهم علم ودراية في هذا الموضوع، وأيضًا هذا يحدث العداوة والبغضاء بينهم، فالواجب عليهم الاشتغال بطلب العلم وكف ألسنتهم عما لا فائدة فيه، بل فيه مضرة عليهم وعلى غيرهم.
ثانيًا: البدعة: ما أحدث في الدين مما ليس منه لقوله صلى الله عليه وسلم: (من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد) [رواه الإمام البخاري في "صحيحه" (3/167) من حديث عائشة رضي الله عنها]، وإذا فعل الشيء المخالف جاهلاً فإنه يعذر بجهله ولا يحكم عليه بأنه مبتدع، لكن ما عمله يعتبر بدعة.
ثالثًا: من كان عنده أخطاء اجتهادية تأوَّل فيها غيره كابن حجر والنووي، وما قد يقع منهما من تأويل بعض الصفات لا يحكم عليه بأنه مبتدع، ولكن يُقال: هذا الذي حصل منهما خطأ ويرجى لهما المغفرة بما قدماه من خدمة عظيمة لسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم، فهما إمامان جليلان موثوقان عند أهل العلم.)) المنتقي من فتاوى
وسئل العلامة الإمام ربيع بن هادي المدخلي حفظه الله
ما رأيكم فيمن يبدع الإمام ابن حجر والإمام النووي – رحمهما الله تعالى - ؟
الجواب : طبعا هذه فرقة ـ ولله أعلم ـ دُست على أهل السنة ، وتظاهرت بالحماس ضد البدع حتى صارت تصنف البدعة كأنها من أشد أنواع الكفر ، وكان مغزاهم من هذه الفتنة تبديع السلفيين وتفريق صفوفهم ، فما وجدوا شيئا يفرقون به السلفيين و......، إلا ابن حجر والنووي وأبو حنيفة والشوكاني و......إلخ ، مجموعة , وابن الجوزي ، وراحوا يقولون : جهمية ، وراحوا يطعنون ، وراحوا يشوهون ، وهدفهم تشويه وتمزيق السلفية.
أولا السلفيون لماذا يأخذون العلم عن هؤلاء ؟ لماذا يقرءون من كتبهم ؟ لماذا يقولون الحافظ ؟ لماذا يقولون كذا ؟
الذي يقول : قال الحافظ ابن حجر ، قالوا مبتدع ، يسألك : هل ابن حجر مبتدع أو ليس مبتدع ؟ تقول ما أستطيع أن أقول مبتدع ، أقول : أشعري عنده أشعرية بينت ، يقول : لا ، قل مبتدع .
ما يلزمني شرعا أن أقول هذا , السلف كثيرا ما يترجمون لبعض المبتدعة ولا يقول أحدهم مبتدع ولا يقول قدري ولا يقول رافضي ، يترجم له ويمشي ، فلا يلزمني أن أقول فلان مبتدع فلان مبتدع .......، يلزمني أن أبين بدعه وأحذر منها.
فأنا أقول الآن : إن ابن حجر فيما ظهر لي من تتبعه أنه درس المنهج السلفي وعرفه ولم يستطيع أن يصدع به ، ولا شك أن عليه مسئولية فيما سجله في كتابه ( فتح الباري ) من أمور وعقائد الأشاعرة ، فالله يتولاه ، لكنه رجل ثقة ، رجل خدم السنة عن علم واسع ، لايستغني طلاب السنة عن كتبه الكثيرة ، مكتبة كلها في خدمة سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم ، هفواته فقط ماكانت إلا في بعض مواضع من ( فتح الباري ) .
وقد أنتقدها السلفيون ، ومنهم الشيخ ابن باز ، ومنهم الشيخ العباد وغيرهما , حذروا وبينوا ، ونحن ندرس في ( فتح المجيد)وفي غيره نقدا للنووي أيضا ، وبيان ما عنده من تأويلات ، فنحن نقول : إن النووي عنده أشعريه ، ولكنه خدم صحيح مسلم ، وخدم السنة وعلوم الحديث ، وألف فيها أشياء ما يستغني عنها أهل السنة .
فهم ثقات عندنا ، مثلما أخذ سلفنا عن بعض من وقعوا في البدع ، مثل قتادة وقع في القدر ، ومثل سعيد بن أبي عروبة كذلك ، ومثل غيرهم ممن وقع في بدعة القدر أو بدعة الإرجاء أخذوا عنهم ، لأنهم حملوا العلم وفيهم الثقة متوفرة , والصدق والعدالة موجودة فيهم ، فأخذوا عنهم .
فنحن نقول : إن هؤلاء ثقات ونقلوا لنا علوم السلف فنستفيد من كتبهم ، وإذا سئلنا عن أخطائهم ، نقول : نعم عندهم أشعريات موجودة في ( فتح الباري ) وموجودة في شرح صحيح مسلم ، أما سائر كتب ابن حجر فهي عبارة عن مكتبة ، في الرجال ألف عددا من الكتب ، وفي السنة ألف عددا من الكتب ( المطالب العالية ) و ( إتحاف المهرة ) و ( فتح الباري ) و ( مقدمة فتح الباري ) وأشياء كثيرة كثيرة كثيرة ، (تهذيب تهذيب الكمال ) ، ( لسان الميزان ) ، كل حياته أفناها في حدمة السنة ووقع في هذه الأشياء ، هذه الأشياء وقع فيها نحذر منها ، وتلك الأشياء التي تخدم السنة ولا نستغني عنها نستفيد منها .
ولا نقول : من لم يبدع ابن حجر مبتدع ، ولا نقول : من ترحم على ابن حجر مبتدع كما يقول هؤلاء السفهاء المدسوسون الذين دسهم أعداء السنة من المبتدعة , دسوهم في صفوفنا لإيجاد البلبلة و الزلزال والفتن , فهؤلاء من شر أهل البدع - والعياذ بالله - , وقد فعلوا الأفاعيل في أوساط السلفيين , وكلما تخلص السلفيون من مثل هذا النوع جاءوا بنوعيات جديدة تلبس اللباس السلفي وتحارب المنهج السلفي تحت هذا الستار .
فنحن نحذر من هذه النوعيات , ووالله لقد بلونا فيهم الكذب , بلونا في هؤلاء الكذب , في حقيقة أنفسهم وفيما يقذفون به الأبرياء من السلفيين .
وأخيرا ؛ هذا الصنف ليس مقصودهم ابن حجر والنووي , وإنما مقصودهم التخريب في أوساط السلفيين و إشاعة الفوضى والبلبلة في أوساطهم , ونسأل الله أن يريح الناس من شرهم . )) انتهى من شريط تقوى الله والصدق منقول من [مجموع كتب ورسائل وفتاوى فضيلة الشيخ العلامة ربيع بن هادي عمير المدخلي ط دار الإمام أحمد ج2 ص 219
(1) مقدمة دليل الفالحين لطرق رياض الصالحين للإمام محمد علي بن محمد علان بن إبراهيم البكري الصديقي الشافعي رحمه الله ( مع شيء من الإختصار مني )
(2) تحفة الطالبين في ترجمة الإمام النووي للحافظ ابن العطار رحمه الله ( مع شيء من الإختصار مني والتصحيح والحذف ما فيه من شطحات التصوف ورحم الله الأئمة )
(3) قال الإمام السَّخاوي رحمه الله في ( المقاصد الحسنة في بيان كثير من الأحاديث المشتهرة على الألسنة) ص 467
حديث ( عند ذكر الصالحين تنزل الرحمة )
قال شيخنا لا أستحضره مرفوعا وسبقه لذلك شيخه العراقي فقال في تخريج الإحياء ليس له أصل في المرفوع وإنما هو قول سفيان بن عيينة كذا ذكره ابن الجوزي في مقدمة صفوة الصفوة قلت وسأل أبو عمرو بن تجيد أبا جعفر بن حمدان وهما صالحان بأي نية أكتب الحديث فقال ألستم ترون أن عند ذكر الصالحين تنزل الرحمة قال نعم قال فرسول الله رأس الصالحين
ـ وقال الإمام الملا علي القاري رحمه الله في ( الأسرار المرفوعة في الأخبار الموضوعة المعروف بالموضوعات الكبرى)(ص 249)
قال العسقلاني لا أصل له وقال العراقي في تخريج الإحياء ليس له أصل في المرفوع وإنما هو قول سفيان بن عيينة لكن قال ابن الصلاح في علوم الحديث روينا عن أبي عمرو إسماعيل بن نجيد أنه سأل أبا جعفر أحمد ابن حمدان وكانا عبدين صالحين فقال له״ بأي نية أكتب الحديث ؟ قال:ألستم ترون أن عند ذكر الصالحين تنزل الرحمة ؟ فقال: نعم، قال فرسول الله صلى الله عليه وسلم رأس الصالحين ״انتهى
ولم ينبه على ذلك العراقي في نكته عليه كذا ذكره بعضهم
لكن اللفظ إن كان تروون بواوين من الرواية فيدل في الجملة على أنه حديث وله أصل وإن كان ترون من الرؤية مجهولا أو معلوما فلا دلالة فيه إذ معناه تعتقدون أو تظنون
