الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه

أما بعد :

فقال الضياء المقدسي في المختارة(3/207) 1871 أخبرنا أبو روح عبد المعز بن محمد بهراة أن عبد الرحمن بن عبد الرحيم بن أحمد الدارمي أخبرهم قراءة عليه أبنا أبو عبد الله بن أبي مسعود محمد بن عبد العزيز بن محمد الفارسي أبنا أبوبكر أحمد بن إبراهيم بن محمد بن سهل بن بشر بن عبد الجبار الضراب ثنا أبو أحمد محمد بن حامد بن معمر بن عمران بن حيان السامي ثنا أبو عمرو محمد بن مروان بن عمر بن مروان بن عنبسة بن يحيى بن سعيد بن العاص بن أمية ثنا جعفر بن محمد عن إسحاق بن يوسف الأزرق ثنا حفص بن غياث عن الأشعث وعمران بن حدير عن الحسن عن أنس بن مالك قال نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يصلى على الجنائز بين القبور

وقال الطبراني في الأوسط 5631 - حدثنا محمد بن عبد الله الحضرمي قال نا حسين بن يزيد الطحان قال نا حفص بن غياث عن عاصم الأحول عن محمد بن سيرين عن أنس بن مالك أن النبي صلى الله عليه و سلم نهى أن يصلى على الجنائز بين القبور.

أقول : أخي القاريء ترى أن الإسنادين مدارهما على حفص بن غياث ، وسند الطبراني أصح إذ أن سند المقدسي في المختارة فيه مجاهيل ف ( جعفر بن محمد ) الراوي عن إسحاق الأزرق لم أعرفه ، ومحمد بن مروان بن عمر القرشي السعيدي لم أجد له ترجمةً مع أن ابن عساكر يكثر من ذكره في تاريخ دمشق ، وكذا لم أعرف تلميذه

وسند المقدسي مشوش ، إذ أن إسحاق الأزرق غير معروف بالرواية عن حفص بل هو قرينه

وأما سند الطبراني فمحمد بن عبد الله الحضرمي فهو مطين الحافظ المعروف ، ولكن شيخه الحسين بن يزيد الطحان قال أبو حاتم :" لين " وذكره ابن حبان في الثقات واعتمد الحافظ في التقريب تليين أبي حاتم

وقد اختلف على حسين بن يزيد فرواه عن حفص بسندٍ آخر

قال ابن الأعرابي في معجمه 2273 - نا الفضل ، نا حسين بن يزيد الطحان ، نا حفص ، عن أشعث ، عن الحسن ، عن أنس قال : نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يصلى بين القبور.

أقول : ولم يخصص الجنائز بالذكر ، ولا شك أن رواية مطين الحافظ أصح فإن شيخ ابن الأعرابي الفضل بن يوسف بن يعقوب الجعفي لم أرَ فيه توثيقاً أو يقال أن الحسين قد اضطرب فيه فهو لين غير أن حسيناً قد توبع على روايته

قال ابن حبان في صحيحه 2322 - أخبرنا عبد الله بن أحمد بن موسى قال : حدثنا سهل بن عثمان العسكري و محمد بن المثنى قالا : حدثنا حفص بن غياث عن أشعث عن الحسن
:" عن أنس بن مالك أن النبي صلى الله عليه و سلم نهى أن يصلى بين القبور" ( وقد روي هذا الخبر مرسلاً ورجحه بعض أهل العلم )

أقول : ولم يذكر ( الجنائز ) فذكر الجنائز شاذ أو منكر
وإنما يحفظ عن أنس قوله

قال ابن المنذر في الأوسط 3053 - حدثنا أبو أحمد ، قال : أخبرنا محاضر ، قال : ثنا عاصم ، عن ابن سيرين ، عن أنس ، « أنه كان يكره أن يصلى ، على الجنائز بين القبور »

أقول : ومحاضر فيه كلام قال الذهبي في الكاشف :" صدوق مغفل " وقال الحافظ في التقريب :" صدوق له أوهام " ، فمثله يحسن حديثه زحفاً ، إذا لم يوجد في المتن ما يستنكر ، ولا يوجد ما يستنكر إذ أنه قد توبع

قال ابن أبي شيبة في المصنف 37536- حَدَّثَنَا حَفْصٌ ، وَأَبُو مُعَاوِيَةَ ، عَنْ عَاصِمٍ ، عَنِ ابْنِ سِيرِينَ ، عَنْ أَنَسٍ ؛ أَنَّهُ كَرِهَ أَنْ يُصَلَّى عَلَى الْجِنَازَةِ فِي الْمَقْبَرَةِ.

واعلم أنه قد صح عن أبي هريرة وابن عمر إباحة الصلاة على الجنازة في المقبرة

قال ابن المنذر في الأوسط 3051 - أخبرنا الربيع بن سليمان ، قال : أخبرنا ابن وهب ، عن ابن جريج ، قال : قلت لنافع : أتكره أن تصلي بين القبور ؟ قال : « لقد صلينا على عائشة ، وأم سلمة وسط القبور بالبقيع ، والإمام يوم صلينا على عائشة أبو هريرة ، وحضر ذلك ابن عمر »

أقول : فكأنهم حملوا أحاديث النهي عن الصلاة في المقبرة على الصلاة ذات الركوع والسجود ، ولم يروا فرقاً بين الصلاة على قبرٍ منفرد ( كما صح في السنة ) ، أو الصلاة بين عدة قبور

قال الحافظ في الفتح :" واستدل من رخص في صلاة الجنازة في المقبرة : بأن الصلاة على القبر جائزة بالسنة الصحيحة ، فعلم أن الصلاة على الميت في القبور غير منهي عنها "

هذا وصل اللهم على محمد وعلى آله وصحبه وسلم