النتائج 1 إلى 4 من 4
  1. #1
    تاريخ التسجيل
    Aug 2012
    المشاركات
    362

    افتراضي يا قومنا أجيبوا داعي الله واعلموا رحمكم الله أن الزردة (الوعدة ) ليست من شرع الله الحكيم


    إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، ومن سيئآت أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.
    أما بعد:
    فإن الله تعالى يقول في محكم تنزيله ((وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ (56) مَا أُرِيدُ مِنْهُمْ مِنْ رِزْقٍ وَمَا أُرِيدُ أَنْ يُطْعِمُونِ (57) إِنَّ اللَّهَ هُوَ الرَّزَّاقُ ذُو الْقُوَّةِ الْمَتِينُ (58)) الذاريات
    قال العلامة المفسر عبد الرحمن بن ناصر بن السعدي في كتابه (تيسير الكريم الرحمن في تفسير كلام المنان ص: 813):
    (( هذه الغاية، التي خلق الله الجن والإنس لها، وبعث جميع الرسل يدعون إليها، وهي عبادته، المتضمنة لمعرفته ومحبته، والإنابة إليه والإقبال عليه، والإعراض عما سواه، وذلك يتضمن معرفة الله تعالى، فإن تمام العبادة، متوقف على المعرفة بالله، بل كلما ازداد العبد معرفة لربه، كانت عبادته أكمل، فهذا الذي خلق الله المكلفين لأجله، فما خلقهم لحاجة منه إليهم.)) انتهى
    فالعبادة هي الحكمة التي من أجلها خلق الله الخلق ومن أجلها خلق الله السموات والأرض والدنيا والآخرة والجنة والنار ومن أجلها أرسل الله الرسل وأنزل الكتب وسن الأحكام وبين الحلال والحرام ليبلوكم أيكم أحسن عملاً، قال تعالى: ((الذي خلق الموت والحياة ليبلوكم أيكم أحسن عملا وهو العزيز الغفور)) الملك 2
    واعلم رحمك الله يا أيها المسلم الكريم (( أن العبادة التي خلق الله من أجلها الخلق قد بينها الله عزوجل في القرآن الكريم وبينها رسول الله صلى الله عليه وسلم أحسن بيان.
    وهي مجموعة التكاليف الشرعية التي كلف الله بها عباده سواء كان ذلك فيما يجب له عليهم أو فيما يجب لبعضهم على بعض أو فيما يجب عليهم أن يفعلوه في أنفسهم كإعفاء اللحية وقص الشارب وتحريم الإسبال وتحريم أكل الربا وأكل الميتة وتحريم شرب الخمر وما أشبه ذلك.
    وقد عرف بعض أهل العلم العبادة فقال: العبادة اسم جامع لكل ما يحبه الله ويرضاه من الأقوال والأفعال الظاهرة والباطنة.
    وقال بعضهم: العبادة: عبارة عن توحيده والتزام شرائع دينه.
    وقال بعضهم: هي الطاعة. والتعبد: التنسك. وأصل العبادة الخضوع والتذلل مع محبة وتعظيم، ولا تكون العبادة عبادة حتى تكون خالصة لله، فإن شابها شئ من الشرك كانت مردودة على صاحبها، وباطلة من أصلها، لأنها حينئذ لا تسمى عبادة شرعية وبهذا تعلم أن العبادة لا تسمى عبادة شرعية إلا مع التوحيد، وفي الحديث القدسي يقول الله تعالى: (أنا أغنى الشركاء عن الشرك من عمل عملاً أشرك معي فيه غيري تركته وشركه) أخرجه مسلم .
    ثم اعلم أن من العبادة ما جاء مجملاً في القرآن وبينته السنة كالصلاة والزكاة، فالسنة بينت أوقات الصلاة وعددها وركوعها وسجودها، وذكر كل من القيام والقعود والركوع والسجود والاعتدال والتحريم والتحليل والفرض والنفل، والزكاة قد بينت السنة أنصبائها ومقاديرها وأجناس ما تجب فيه ومتى يجب وكيف يجب.
    ومنها ما بينه القرآن أعظم بيان كالتوحيد، فقد بين القرآن قضية التوحيد أعظم بيان فالأدلة على إثبات ألوهية الله وكمال قدرته وذكر أسمائه الحسنى وصفاته العليا المقتضية لتفرده بالكمال دون سواه وضعف الآلهة المعبودة وعجزها إلى غير ذلك كلها أدلة على التوحيد .
    ومابعث الله نبياً ولا رسولاً إلا كان التوحيد أول ما يأمر به ويدعوا إليه قال تعالى: {وما أرسلنا من قبلك من رسول إلا نوحي إليه أنه لا إله إلا أنا فاعبدون}الأنبياء 25 وقال تعالى: {ولقد بعثنا في كل أمة رسولاً أن اعبدوا الله واجتنبوا الطاغوت فمنهم من هدى الله ومنهم من حقت عليه الضلالة}النحل 36.
    وقال تعالى: {ولقد أوحي إليك وإلى الذين من قبلك لئن أشركت ليحبطن عملك ولتكونن من الخاسرين ؛ بل الله فاعبد وكن من الشاكرين وما قدروا الله حق قدره والأرض جميعاً قبضته يوم القيامة والسماوات مطويات بيمينه سبحانه وتعالى عما يشركون}الزمر 65 ـ 66 ـ 67.
    ولما ذكر الله الأنبياء في سورة الأنعام قال بعد ذلك {ذلك هدى الله يهدي به من يشاء من عباده ولو أشركوا لحبط عنهم ما كانوا يعملون}الأنعام 88
    وأما الأدلة من السنة أن النبي صلى الله عليه وسلم بدأ دعوته بالأمر بالتوحيد والنهي عن الشرك بالله تعالى ففي كتب السنة والسيرة النبوية عشرات النصوص التي تدل على أن النبي صلى الله عليه وسلم بدأ أول ما بدأ بمحاربة الأوثان وكسرها وهدمها وبيان عجزها وضعفها عن نصرة من عبدها وألهها، وأنا ذاكر منها ما تيسر في هذه العجالة ليعلم منها سوء صنيع من بنى دعوته على غير هذا الأساس وغض الطرف عمن ناقضه وهدمه ممن تصدوا للدعوة في هذا الزمان زاعمين أن ذلك لا يخرجهم من حضيرة الإسلام ما داموا يشهدون أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله ناسين ما ورد في القرآن الكريم والسنة المطهرة من النصوص التي لا تحصى والتي تنادي على عملهم بالبوار وعلى صنيعهم بالخسار، حيث هدموا من الإسلام الركن الأعظم وضلوا في دعوتهم عن الطريق الأقوم فإنا لله وإنا إليه راجعون.
    فمنها حديث عمرو بن عبسة رضي الله عنه الذي رواه مسلم في صحيحه. كتاب صلاة المسافرين. عن ابي أمامة قال: قال عمرو بن عبسة السلمي: (كنت وأنا في الجاهلية أظن أن الناس على ضلالة وأنهم ليسوا على شئ وهم يعبدون الأوثان فسمعت برجل في مكة يخبر أخباراً فقعدت على راحلتي فقدمت عليه فإذا رسول الله صلى الله عليه وسلم مستخيفاً جرءاء عليه قومه فتلطفت حتى دخلت عليه بمكة فقلت: ما أنت: قال أنا نبي. فقلت: وما نبي؟ قال: أرسلني الله. فقلت بأي شئ أرسلك قال أرسلني بصلة الأرحام وكسر الأوثان وأن يوحد الله ولا يشرك به شئ. قلت له: فمن معك على هذا: قال حر وعبد ـ قال ومعه يو مئذ أبو بكر وبلال ممن آمن معه ـ فقلت ـ إني متبعك. قال: إنك لا تستطيع ذلك يومك هذا. الا ترى حالي وحال الناس، ولكن ارجع إلى أهلك فإذا سمعت بي قد ظهرت فأتني...) رواه مسلم الحديث.
    والشاهد في هذا الحديث قوله: (أرسلني بصلة الأرحام وكسر الأوثان وأن يوحد الله لا يشرك به شئ) فأي دعوة لا تقوم على هذا الأساس فهي دعوة باطلة اتخذت طريقاً غير طريق الرسل وسبيلاً غير سبيلهم والله تعالى يقول: {قل هذه سبيلي أدعوا إلى الله على بصيرة أنا ومن اتبعني}يوسف 108.
    والبصيرة هي العلم بدعوة الرسل، والأسس التي قامت عليها والسير على نهجها كما فعل الشيخ محمد بن عبدالوهاب رحمه الله تعالى في دعوته وكما فعل شيخنا عبدالله بن محمد القرعاوي في دعوته .....
    وبالجملة فإن عشرات النصوص بل مئات النصوص موجودة في بطون الكتب من تفسير وحديث وسير تدل على أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يبدأ في دعوته بغير التوحيد ومحاربة الشرك والنصوص الدالة على ذلك من الكتاب والسنة أشهر من أن تذكر وأكثر من أن تحصر فأيما داع دعا قوماً إلى الله فبدأ بغير التوحيد مع أن الشرك فيهم فاش والأضرحة التي هي بمنزلة اللات والعزى لديهم موجودة والناس لها قاصدون وعليها مترددون بها يتطوفون ويتمسحون وبأسماء أصحابها في الصباح والمساء يهتفون ويلهجون ولهم من دون الله يدعون وإليهم عند الشدائد يفزعون ويلجؤن، ولتلك الأضرحة ينذرون، وعلى اسمائهم يذبحون، معتقدين أنهم يعطون ويمنعون ويغنون إذا شاؤا ويفقرون، إن من دعا قوماً هذه حالهم فسكت عن شركهم سكوت المقر ودعا إلى غير التوحيد الذي هو مقتضى شهادة أن لا إله إلا الله فإنه قد خالف الرسل كلهم من أولهم نوح عليه السلام إلى آخرهم محمد صلى الله عليه وسلم واتخذ سبيلاً غير سبيلهم ومنهجاً غير منهجهم ؛ بل قد خالف قول الله تعالى: {قل هذه سبيلي أدعوا إلى الله على بصيرة أنا ومن اتبعني}يوسف 108.
    وأولى به أن يوفر على نفسه الجهد والعناء لأن كل ما كان على غير منهج الرسل فهو مردود غير مقبول. قال عليه الصلاة والسلام: (من عمل عملاً ليس عليه أمرنا فهو رد) .
    فمن تهاون في هذا الأصل الذي اهتم به ـ الرسل عليهم الصلاة والسلام ـ وغض الطرف عن الشرك الذي بدأوا بهدمه، بل حاضر في بعض أوكاره ولم ينبس ببنت شفه في إنكاره وكان همه جمع من تسمى بالإسلام ولو كان بعيداً كل البعد عن حقيقته ولو تعاطى ما يهدمه من أساسه ويقوض بنيانه من قاعدته كالشرك الأكبر الذي يخرج العبد من الإسلام ويحتم عليه الخلود في النار ويحرم عليه دخول الجنة من غير تصحيح لعقائدهم ولا بيان لما هم عليه من الشرك الأكبر والبدع والضلالات فقد انحرف عن الصراط المستقيم الذي أمر الله عزوجل باتباعه حيث يقول: {وأن هذا صراطي مستقيماً فاتبعوه ولا تتبعوا السبل فتفرق بكم عن سبيله}الأنعام 153.
    وإن الذي سار عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم في دعوته حيث مكث عقداً من الزمن لا يأمر إلا بالتوحيد ولا ينهى إلا عن الشرك، شأنه شأن الأنبياء قبله الذين أخبر الله عنهم جميعاً أنهم كلفوا أول ما كلفوا بهذا الأصل قال تعالى: {وما أرسلنا من قبلك من رسول إلا نوحي إليه أنه لا إله إلا أنا فاعبدون}الأنبياء 25.
    وأخبر أن هذا الأصل هو الصراط المستقيم فأخبر عن عيسى أنه قال {إن الله ربي وربكم فاعبدوه هذا صراط مستقيم}آل عمران 51 {وإن الله ربي وربكم فاعبدوه هذا صراط مستقيم}مريم 36{إن الله هو ربي وربكم فاعبدوه هذا صراط مستقيم}الزخرف 64.
    فمن ترك هذا المنهج الواضح الذي مشى عليه جميع الأنبياء في دعوتهم فقد ترك الصراط المستقيم واتخذ لنفسه منهجاً مستقلاً وكانت دعوته مثلها كمثل رجل بنى بيتاً بدون أساس وعنى فيه بالمحسنات والزخارف فلم يلبث أن انهار، وإن التوحيد هو القاعدة الأساسية التي لا يقوم الدين بدونها
    قال تعالى {ألم تر كيف ضرب الله مثلاً كلمة طيبة كشجرة طيبة أصلهاثابت وفرعها في السماء تؤتي أكلها كل حين بإذن ربها}إبراهيم 24 ـ 25. وهذا مثل لكلمة التوحيد لا إله إلا الله.)) ( 1 )
    وأعلم رحمك الله يا أيها المسلم الكريم كما أن الله أمر بتوحيده وتحقيق عبادته وأن لا تصرف العبادة إلا له عز وجل كذلك أمر بوحدة الأمة و (( أن هذين الأصلين اتفقت عليهما الشرائع وأمر بهما جميع الرسل من لدن أولهم نوح عليه الصلاة والسلام إلى آخرهم محمد وهذان الأصلان هما: ـ
    أولاً: توحيد الله عزوجل وهو إفراده بالعبادة دون سواه.
    ثانياً: الحرص على وحدة الأمة وعدم التفرق في الدين بإقامة أسباب الائتلاف وترك أسباب الاختلاف، ولهذا فقد ذم الله عزوجل الفرقة في غير ما آية من كتابه جل وعلا كقوله تعالى {وما تفرق الذين أوتوا الكتاب إلا من بعد ما جاءتهم البينة}البينة 4 وقوله تعالى {وما تفرقوا إلا من بعد ما جاءهم العلم بغياً بينهم}الشورى 14.
    وقوله تعالى: {إن الذين فرقوا دينهم وكانوا شيعاً لست منهم في شئ إنما أمرهم إلى الله ثم ينبئهم بما كانوا يفعلون}الأنعام 159.
    وقال تعالى: {وأن هذه أمتكم أمة واحدة وأنا ربكم فاتقون فتقطعوا أمرهم بينهم زبراً كل حزب بما لديهم فرحون}المؤمنون 51 ـ 52.
    وقد أخبر الله عزوجل في الآية الأولى من هاتين الآيتين أن وحدة الأمة من العمل الصالح الذي أمرت به الرسل في الاية التي قبلها حيث يقول تعالى: {يا أيها الرسل كلوا من الطيبات واعملوا صالحاً إني بما تعملون عليم} المؤمنون 51
    فيستفاد من الثلاث الآيات معاً:
    أن العمل الصالح الذي أمرت به الرسل جميعاً ينبني على أمرين اثنين:
    أولاً: توحيد الإله.
    وثانياً: وحدة الأمة.
    فأما توحيد الإله فحقيقته أن تصرف العبادة إلى الواحد الأحد خالق هذا الكون والمتصرف فيه.
    وأما وحدة الأمة فحقيقتها أن يعبد الله بما شرعت الرسل عقيدة وعبادة وأن تكون الأمة كلها كذلك، ربها واحد ودينها وعقيدتها واحدة ونبينها واحد وهو الإمام الذي يسيرون على شريعته وهدفها واحد وهو إعلاء كلمة الله في أنفسهم وفي غيرهم وغايتها واحدة وهو الحصول على رضا الله والجنة والنجاة من سخطه والنار، ولكن الأمم فعلوا غير ما أمروا به فتفرقوا قطعاً وتشتتوا شيعاً وكانوا أحزاباً متعادين وفرقاً متباغضين كل حزب يظن أنه على الحق، وكل من سواه على الباطل، وكل حزب بما لديهم فرحون، ولا يكون الاختلاف موجباً للانقسام والتفرق ومؤثراً أثراً سلبياً في وحدة الأمة إلا إذا كان في الأصول والعقائد كالتوحيد بأقسامه الثلاثة، فمن اعتقد جواز الاستغاثة بالمخلوقين فيما لا يقدر عليه إلا الله أو تغاضى عمن يتطوف بالقبور ويقدم لها القرابين والنذور ويهتف بأصحابها راغباً إليهم في جلب الخير ودفع الشرور ويرى أنه لم يخرج من الإسلام بفعله لهذا المحذور ؛ بل يسميه أخاً ويجعله في دعوته عضواً فإنه قد هدم توحيد الأولوهية بذلك، ومن تأول الصفات بما يوجب إبطال معناها الحقيقي الذي أراده الله في كتابه وأراده نبيه المبلغ عنه، زاعماً أن ظاهرها غير مراد، لأنه يلزم منه المشابهة كالأشعرية، أو نفاها بالكلية كالجهمية والمعتزلة، أو زعم أن القرآن ليس كلام الله وأنه مخلوق كسائر المخلوقات، وأن الله لا يراه المؤمنون في الآخرة كالمعتزلة ومن زعم أن العبد يخلق أفعاله كالقدرية النفاة أو أن العبد مسير كالحجر الذي يدهده أو الغصن الذي تحركه الرياح كالقدرية الغلاة في الإثبات لأفعال الله، أو زعم أن مرتكب الكبيرة كافر مخلد في النار كالخوارج، أو لا مؤمن ولا كافر، وهو في الآخرة مخلد في النار كالمعتزلة، أو زعم أن الإيمان لا يضر معه ذنب وأنه مجرد التصديق وإن لم يصحبه نطق ولا عمل كالمرجئة أوزعم أن الطريقة الفلانية أو طريقة الشيخ فلان قرائتها والتزامها افضل من قراءة القرآن أو أفضل من قراءة الحديث النبوي وأنها هي الحق أو فضَّل الطرق الصوفية أو بعضها على ((العقيدة السلفية)).
    أو اعتقد أن الإئمة الاثنى عشر معصومون من الخطأ أو اعتقد كفر الصحابة لأنهم قدموا أبا بكر وعمر وعثمان على علي في الخلافة واستحل سب الصحابة رضوان الله عليهم كالرافضة، فهذه الاعتقادات وما شابهها على ما بينها من التفاوت هي التي فرقت الأمة وهي التي توجب تفريقها ويتناولها الذم المصرح به في القرآن.)) ( 1)
    وإن من المظاهر الشركية البدعية التي مزقت الأمة وفرقتها وأدخلت عليها الضعف وأصابها بسببها الوهن ، تلك المشهد البدعي الخرافي المسمى بـ (( الزردة )) أو قل (( الوعدة ))
    (( وقد كثرت (( الوعدات )) ـ وخاصة في مدن غرب الجزائر ـ كثرة فاحشة فلكل عشيرة ولكل حي (( وعدة )) ولكل ربوة أو جبل (( وعدة )) ولشيخ الحلول (( وعدة )) والناس يحترمون هذه
    (( الوعدات )) احتراما كثيرا ومنهم من لا يقيمون الصلاة ولا يأتون الزكاة ولا يحرمون ماحرم الله ولكنهم يحرصون على إقامة (( الوعدة )) كما يحرص المؤمنون المتقون على أركان هذا الدين الحنيف
    وهم إذا أقاموا (( وعدة )) ارتاحت ضمائرهم واطمأنت نفوسهم وظنوا أنهم قد أدوا كل ما هو لله عليهم من الحقوق والواجبات )) ( 2 )
    وإن (( هذه ( الزرد ) التي تقام في طول العمالة الوهرانية وعرضها هي أعراس الشيطان وولائمه ومواسمه كل مايقع فيها من البداية إلى النهاية كله رجس من عمل الشيطان وكل داع إليها أو معين عليها أو مكثر لسوادها فهو من أعوان الشيطان ، ألم تر إلى ما يركب فيها من فواحش ومحرمات ؟ وما يهتك فيها من أعراض وحرمات ؟ كل ذلك مما يأمر به الشيطان ، وكل ذلك مما ذكرنا القرآن ، وبين لنا انه من أمره ووعده وتزيينه وإغوائه .
    كلما انتصف فصل ربيع من كل سنة تداعى أولياء الشيطان في كل بقعة من هذه العمالة إلى زردة يقيمونها على وثن معروف من أوثانهم يسوله لهم الشيطان وليا صالحا بل يصوره لهم إلها متصرفا في الكون ، متصرفا في النفع والضر والرزق والأجل بين عباد الله ، وقد يكون صاحب القبر رجلا صالحا فما علاقة هذه الزردة بصلاحه ؟ وما مكانها من الدين ؟ وهل يرضى بها لو كان حيا وكان صالحا ىالصلاح الشرعي ؟ وقد كانت هذه الزرد تقام في أيام الجدوب للاستسقاء غير المشروع فأصبحت عادة مستحكمة وشرعة محكمة وعبادة موقوتة يتقرب بها هؤلاء المبتدعة إلى أوثانهم في أوقات الجدوب والغيوث على السواء يدعوهم إليها شيطانهم في النصف الأخير من كل ربيع فإذا جاء الغيث نسبوه إلى أوثانهم وإذا كان الجدب نسبوه إلى الله عكس ما قال الله وحكم ثم إذا جاء الصيف فاءوا إلى الأعمال الصيفية مضطرين فإذا أقبل الخريف عادوا إلى تلك العادة النكراء فانفقوا فيها كل ماجمعوه ... جل ما شيئت في عمالة وهران في النصف الأخير من الربيع والنصف الأول من الخريف فإنك تسمع في كل سوق أذانا بزردة وترى في كل طريق حركة إلى زردة وركبا تشد إلى وعدة
    وسر ما شيئت في جميع الأوقات وفي جميع طرق الموصلات تر القباب البيضاء لائحة في جميع الثنايا والآكام ورؤوس الجبال وسل تجد القليل منها منسوبا إلى معروف من أجداد القبائل وتجد الأقل مجهولا والكثرة منسوبة إلى الشيخ عبدالقادر الجيلاني )) ( 3 )
    (( وإن هذه الزردة التي كثرت عنها الإعلانات وجمعت لها الإعانات هي كحبة القمح التي توضع في الفخ ، وإن للمدبرين لها ثلاثة أغراض :
    الأول : أنهم يعلمون أن العقلاء والشباب المتنورين من الأمة لا يرضونها وربما غلبت حرارة الشباب على العقل فثار الأخ على أخيه
    الثاني : تشويه دين الإسلام بنسبة هذه السخافات إليه وإقامة الحجة على الإسلام بكلام دعاة الزردة الثالث : وهو أكبرها إقامة الحجة على أن الهمجية طبيعية في المسلمين بحيث لم يسلم منها حتى المتنورين منهم والمتخرجون من الكليات والجامعات الحاملون لشهاداتها الكبرى بدليل أن القائم بهذه الزردة والداعي إليها ... دكتور ... )) ( 4 ) بل أدهى من ذلك أن يكون الداعي إليها والمشجع لإحيائها حافظا للقرآن والسنن وإماما للمسجد وكان أولى به أن يحذر منها ويشد النكير على من يقوم بها ويكثف الجهود في دروسه وخطبه لبيان ضلالها وخزيها ومخازيها ولكن للأسف تجده شابت لحيته في الإسلام ولا يحرك ساكنا لما هو محيط حوله من هذه المظاهر الشركية البدعية ، يرى أمام عينه مظاهر الشرك تقام ويصرف عليها الملايين ويجمع لها الجموع فلا يحسب لذلك حسابا لهذا الواقع المر لا محذرا منها ولا منبها على ما فيه من المنكرات الشركية والبدعية على أقل الشيء ما فيها من المعاصي المحرمة ، بل الأدهى والأمر أنهم يتذمرون ممن ينكر ويتألم لهذا الواقع الجاهلي السيء
    مع إن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا سمع بوجود الأوثان في ناحية ما ، يقض ذلك مضجعه ويقلقه عليه الصلاة والسلام فلا يقر له قرار ولا يجد راحة حتى يجهز لها جيشا لهدمها
    قال العلامة ربيع بن هادي المدخلي في كتابه العظيم ( منهج الأنبياء في الدعوة إلى الله فيه الحكمة والعقل (ص: 68)
    جهز رسول الله -- صلى الله عليه وسلم -- جيشاً لذي الخلصة من المدينة إلى خثعم فغزاها، فعن جرير بن عبد الله البجلي ـ رضي الله عنه ـ قال: ((كان بيت في الجاهلية يقال له: ذو الخلصة، والكعبة اليمانية، والكعبة الشامية. فقال لي النبي -- صلى الله عليه وسلم --: (( ألا تريحني من ذي الخلصة؟ )).
    فنفرت في خمسين ومئة فارس من أحمس، فكسرناه وقتلنا من وجدنا عنده فأتيت النبي -- صلى الله عليه وسلم -- فأخبرته، فدعا لنا ولأحمس.
    وفي لفظ للبخاري: (( وكان ذو الخلصة بيتاً باليمن لخثعم وبجيلة فيه نصب تعبد يقال له: الكعبة )) متفق عليه .
    ولفظه في البخاري ومسلم وأحمد: (( ألا تريحني من ذي الخلصة؟))
    انظر إلى هذا التعبير النبوي فكان وجود الأوثان يقض مضجعه ويقلقه عليه الصلاة والسلام فلا يقر له قرار ولا يجد راحة.
    واعجب من واقع كثير من الدعاة اليوم يرون أمام أعينهم مظاهر الشرك فلا تحرك فيم ساكناً ولا يحسبون لهذا الواقع المر حساباً، بل الأدهى والأمر أنهم يتذمرون ممن ينكر ويتألم لهذا الواقع الجاهلي السيئ.)) انتهى
    ـ حقيقة هذه الزردة وميلادها
    (( أسأل الحقيقة تجيبك عن نفسها بأن الكثير من هذه القباب إنما بناها المعمرون الأوربيون في أطراف مزارعهم الواسعة بعدما عرفوا افتتان هؤلاء المجانين بالقباب واحترامهم لها وتقديسهم للشيخ عبدالقادر الجيلاني فعلوا ذلك لحماية مزارعهم من السرقة والإتلاف فكل معمر يبني قبة أو قبتين من هذا النوع يامن على مزارعه السرقة ويستغني عن الحراس ونفقات الحراسة ثم يترك هؤلاء العميان ـ الذين خسروا دينهم ودنياهم ـ إقامة المواسم عليها في كل السنة وإنفاق النفقات الطائلة في النذور لها وتعاهدها بالتبييض والإصلاح وقد يحضر المعمر معهم الزردة ويشاركهم في ذبح القرابين ليقولوا عنه أنه محب في الأولياء خادم لهم حتى إذا تمكن من غرس هذه العقيدة في نفوسهم راغ عليهم نرعا للأرض من أيديهم وإجلاء لهم عنها وبهذه الوسيلة الشيطانية استولى المعمرون عاى تلك الأراضي الخصبة التي أحالوها إلى جنات )) ( 5 )
    ـ قال العلاّمة محمّد السّعيد الزّاهري رحمه الله في مقاله ( إلى زيارة سيدي عابد ) الذي نشرته جريدة الصّراط السّويّ في عددها السّادس
    (( وأصل ( الوعدة ) في التّاريخ أنّ فتيان العرب كانوا إذا خرجوا إلى الصّيد جعلوا فيما بينهم موعدا مكانا سوى يجتمعون إليه في يوم مُعيّن , ثمّ انتشروا يطلبون الصيد في بطون الأودية والشّعاب وفي المغاور والكهوف وعلى رؤوس الجبال وفي كلّ مكان يكون فيه الوحوش والطّير فإذا كان اليوم الموعود اجتمعوا في المكان المعيّن , ووجدوا أنّ عشيرتهم كلّها نساء ورجالا قد سبقتهم إلى الموعد وضربوا القباب ونصبوا الخيام وصنعوا الطّعام وطبخوا من لحوم الصّيد فأكلوا وشربوا ثمّ ركبوا الصّافنات الجياد , فلعبوا ما شاءوا وأتوا من أعمال الفروسيّة والشّهامة ما أرادوا وربّما أثاروا غزالا نافرا وأغروا به سلوقيا أو عقابا أو غلاما حديث عهد بركوب الخيل حتّى قضوا هنالك يوما وليلة أو قضوا ليالي وأيّاما رجعوا إلى ديارهم
    وتلك هي (الوعدة ) في الزّمن القديم ، ولكنها تطورت بتطور الزمن وتنوسي الصيد وصارت إلى ما ترون وما كانت ( الوعدة ) لتقام باسم الولي الفلاني أو تقربا إليه كما تقام كثير من ( الوعدات ) في هذا العهد الأخير ، لكن ربما مات أحد الصيادين أو الفرسان في اليوم الموعود فدفنوه حيث مات ثم بنوا عليه قبرا يزار ثم صاروا يقيمون
    ( الوعدة ) باسمه وتقربا إليه )) انتهى ( 6 )
    ـ معنى الزردة والغرض منها
    الزردة فهي في لسان العرب : المرة من زرد اللقمة ـ كَفَهِِمَ ـ زردا : بلعها وازدردها : ابتعلها وهي في عرفنا طعام يتخذ على ذبائح من بهيمة الأنعام عند مزارات من يعتقد صلاحهم ولها وقتان : أحدهما في فصل الخريف عند الاستعداد للحرث والآخر في فصل الربيع عند رجاء الغلة
    والغرض منها التقرب من ذلك الصالح كي يغيثهم بالأمطار تسهيلا للحرث أو حفظا للغلة فهو عندهم كوزير عند ملك يرشونه بالزردة ليقضي حاجتهم عند الله !! ما أجهلهم بمقام الألوهية !! )) ( 7 )
    ـ حكم الزردة ( الوعدة ) وطعامها
    ـ قال فضيلة الشيخ أحمد حماني رحمه الله رئيس المجلس الإسلامي الأعلى سابقا
    إن الطعام واللحم المقدم في الزردة لا يحل أكله شرعا لأنه مما نص القرآن على حرمة أكله فإنه سبحانه وتعالى يقول : ﴿حرمت عليكم الميتة والدم ولحم الخنزير وما أهل لغير الله به﴾ [المائدة:3] فاللحم من القسم الرابع أي مما أهل لغير الله , أي ذبح لغير الله بل للمشايخ. فزردة سيدي عابد أقيمت له وهكذا سيدي امحمد بن عودة وسيدي بومدين....الخ , أقيمت له الزردة ليرضى وينفع ويدفع الضر ، وتقول إن هذه الذبائح قد ذكر عليها اسم الله , فنقول : ولو ذكر اسم الله ، فإن النية الأولى وهي تقديمها إلى صاحب المقام يجعلها لغير الله .
    برهان ذلك فعل أمير المؤمنين علي بن أبي طالب – رضي الله عنه - مع والد الفرزدق ؛ سحيم ، فإن سحيما علم أن غالبا نحر ليطعم الناس فنحر , فسمع به غالب فنحر عشرات , فغالبه سحيم ونحر مثله وكثر المنحور حتى عد بالمئات , يريدان به الفخر , فلما جاء الأمر إلى علي – رضي الله عنه - نهى الناس عن أكل لحمهما واعتبرها مما أهل لغير الله , ولا شك أن ناحريها قد ذكروا عند نحرها اسم الله , لكن الناحرين قصدا بذلك التباهي والافتخار ، فكانت مما أهل به لغير الله ، فلحم الزردة حرام , وطعامها حرام ؛ لأنه صنع بذلك اللحم , والحضور في الزردة حرام ؛ لأنه تكثير لأهل الباطل ، ولو كان الذي حضر إماما أو رئيس أئمة أو دكتورا أو عالما ؛ فإنه عار علينا أن نزرد بأموال الدولة ، ونحن غارقون في الديون . وقد شاهدنا في تلفزتنا ما يحب الأروبيون أن نكون عليه من اللعب بالثعابين , فكل من أحيا فينا الغفلة التي كنا فيها بالأمس ليس بناصح لنا بل غاش ولن يفلح في مقاصده وسيكون كما قال الله في مثله ممن جعلوا المال للكيد بالمسلمين: ﴿ فسينفقونها ثم تكون عليهم حسرة ثم يغلبون﴾ [الأنفال:36] ، وهذا وعد من الله صادق ولن يخلف الله وعده .)) انتهى ( 8 )
    والدلائل على كون الزردة (الوعدة ) لغير الله ((.. فإن كل من خالط العامة يجزم بأن قصدهم التقرب بالزردة من صاحب المزار، ومن شواهد هذا القصد:
    أولاً: أنهم يضيفون الزردة إلى صاحب المزار فيقولون : زردة سيدي فلان أو طعام سيدي عبدالقادر مثلا
    ثانيا: أنهم يفعلونها عند قبره وفي جواره ولا يرضون لها مكانا آخر .
    ثالثا: أنهم إذا نزل المطر إثرها نسبوه إلى سر المذبوح له ، وقويَ اعتقادُهم فيه وتعويلهم عليه.
    رابعا: أنهم إذا نُهوا عنها غضبوا ورَموا الناهي لهم بضعف الدين أو بالإلحاد، وقد يجاوزون الجهر بالسوء من القول إلى مد الأيدي بالأذية.
    خامسا: أنهم لو تركوها فأُصيبوا بمصيبة نكسوا على رؤوسهم، وقالوا: إن وليهم غضب عليهم لتقصيرهم في جانبه!
    فهذه دلائل من احوال الناس وأفعالهم وأقوالهم التي لم يلقنها لهم المكابرون والمتسترون وراء التأويل تريك أن ذبائح الزردة مما ذبح على النصب وأهل به لغير الله وإن ذكر عليها اسمه )) ( 9 )
    ـ وجاء في منشور جمعية العلماء المسلمين الجزائريين إلى الأمة الجزائرية المسلمة
    (( إن اللحوم التي تأكلونها في هذه الزردة حرام لأنها مما أهل به لغير الله وإن اللقم التي تأكلونها هي ثمن لضمائركم وإن هذه الأعمال كلها لعب بكم وسخرية بدينكم وفضيحة لكم أمام الأجانب )) انتهى ( 10 )
    وأقل ما في هذه الزردة (( الوعدة )) أن الناظر فيها يجد قد إستجمعت ألوان وأشكال من المخازي والفضائح والمعاصي من الإسراف والتكلف والاستدانة ثم الملاهي المنهي عنها من تطبيل وتزمير ثم مظاهر الهمجية والبدعة من رقص وصياح وتخبط كالذي يتخبطه الشيطان من المس ثم صريح الفسوق من شرب الخمر والاختلاط بالنساء والاختلاء بهن والتصوير ثم تسجيل أشرطة الفيديو ونشر ذاك الفيديو الفضائح والمخازي الشركية والبدعية في الدنيا كلها وبخاصة هذه الآونة الأخيرة في الانترنت ليقول للعالم : هذا هوالإسلام وهؤلاء هم المسلمين
    بيان الشبه التي يعتصرها وينشرها دعاة الزردة لتبرير مشرعيتها
    أعلم رحمك الله أيها المسلم الكريم ((إن حكمة الحق في الخلق اقتضت أن تكون هناك بينات وشبهات، وأن لا تكون البينات قاهرة ولا الشبهات غالبة، فمن جرى مع فطرته من حب الحق ورباها ونماها وآثر مقتضاها، وتفقد مسالك الهوى إلى نفسه فاحترس منها، لم تزل تتجلى له البينات وتتضاءل عنده الشبهات، حتى يتجلى له الحق يقيناً فيما يطلب فيه اليقين، ورجحاناً فيما يكفي فيه الرجحان، وبذلك يثبت له الهدى ويستحق الفوز، والحمد والكمال على ما يليق بالمخلوق، ومن اتبع الهوى وآثر الحياة الدنيا، تبرقعت دونه البينات، واستهو ته الشبهات، فذهبت به (إلى حيث ألقت رحلها أم قشعم) )) (11)
    ولهذا لما كان هذا ولابد أن مامن صاحب باطل إلا ولديه ما يزخرف باطله بالشبه والكذب تلبيسا وتمويها على أهل الإسلام لكي يعطي سلعته صبغة القبول وتنفذ في سوق أهل الإسلام ، فكان من الواجب من عرف غشهم ورداءة سلعتهم أن يبينها ويكشفها لكي لا يغتر بها أهل الإسلام نصحا لهم ، ولهذا في مقامنا هذا نتعرض لبيان شبه القوم وكشف سلعتهم البائرة الكاسدة التي ما وجدت رواجا إلا في سوق أهل الجهل والغباء وأصحاب العوائد وتقليد الأباء .
    وقبل ان نتعرض لبيانها لابد من ذكر مقدمة مهمة فيما يخص موضوعنا وطرحنا ، ألا وهي : أن مامن عبادة قلبية أو قولية أو فعلية إلا ولابد لها من شرطين لقبولها
    أولهما: الإخلاص
    والثاني: المتابعة للرسول صلى الله عليه وسلم
    (( وليعلم أن المتابعة لا تتحقق إلا إذا كان العمل موافقاً للشريعة في أمور ستة: سببه ، وجنسه، وقدره، وكيفيته، وزمانه، ومكانه.
    فإذا لم توافق الشريعة في هذه الأمور الستة فهو باطل مردود، لأنه أحدث في دين الله ما ليس منه.
    1: أن يكون العمل موافقاً للشريعة في سببه: وذلك بأن يفعل الإنسان عبادة لسبب لم يجعله الله تعالى سبباً مثل: أن يصلي ركعتين كلما دخل بيته ويتخذها سنة، فهذا مردود.
    مع أن الصلاة أصلها مشروع، لكن لما قرنها بسبب لم يكن سبباً شرعياً صارت مردودة.
    مثال آخر: لو أن أحداً أحدث عيداً لانتصار المسلمين في بدر، فإنه يرد عليه، لأنه ربطه بسبب لم يجعله الله ورسوله سبباً.
    2: أن يكون العمل موافقاً للشريعة في الجنس، فلو تعبّد لله بعبادة لم يشرع جنسها فهي غير مقبولة،مثال ذلك: لو أن أحداً ضحى بفرس،فإن ذلك مردود عليه ولا يقبل منه، لأنه مخالف للشريعة في الجنس، إذ إن الأضاحي إنما تكون من بهيمة الأنعام وهي: الإبل، والبقر، والغنم.
    أما لو ذبح فرساً ليتصدق بلحمها فهذا جائز، لأنه لم يتقرب إلى الله بذبحه وإنما ذبحه ليتصدق بلحمه.
    3: أن يكون العمل موافقاً للشريعة في القدر: فلو تعبد شخص لله عزّ وجل بقدر زائد على الشريعة لم يقبل منه، ومثال ذلك: رجل توضأ أربع مرات أي غسل كل عضو أربع مرات،فالرابعة لا تقبل، لأنها زائدة على ما جاءت به الشريعة، بل قد جاء في الحديث أن النبي صلى الله عليه وسلم توضأ ثلاثاً وقال: مَنْ زَادَ عَلَى ذَلِكَ فَقَدْ أَسَاءَ وَتَعَدَّى وَظَلَمَ .
    4: أن يكون العمل موافقاً للشريعة في الكيفية: فلو عمل شخص عملاً، يتعبد به لله وخالف الشريعة في كيفيته، لم يقبل منه، وعمله مردود عليه.
    ومثاله: لو أن رجلاً صلى وسجد قبل أن يركع، فصلاته باطلة مردودة، لأنها لم توافق الشريعة في الكيفية.
    وكذلك لو توضأ منكساً بأن بدأ بالرجل ثم الرأس ثم اليد ثم الوجه فوضوؤه باطل، لأنه مخالف للشريعة في الكيفية.
    5: أن يكون العمل موافقاً للشريعة في الزمان: فلو صلى الصلاة قبل دخول وقتها، فالصلاة غير مقبولة لأنها في زمن غير ما حدده الشرع.
    ولو ضحى قبل أن يصلي صلاة العيد لم تقبل لأنها لم توافق الشرع في الزمان.
    ولو اعتكف في غير زمنه فإنه ليس بمشروع لكنه جائز، لأن النبي صلى الله عليه وسلم أقرّ عمر ابن الخطاب رضي الله عنه على الاعتكاف في المسجد الحرام حين نذره.
    ولو أن أحداً أخّر العبادة المؤقتة عن وقتها بلا عذر كأن صلى الفجر بعد طلوع الشمس غير معذور، فصلاته مردودة، لأنه عمل عملاً ليس عليه أمر الله ورسوله.
    6: أن يكون العمل موافقاً للشريعة في المكان: فلو أن أحداً اعتكف في غير المساجد بأن يكون قد اعتكف في المدرسة أو في البيت، فإن اعتكافه لا يصح لأنه لم يوافق الشرع في مكان الاعتكاف،فالاعتكاف محله المساجد.
    فانتبه لهذه الأصول الستة وطبق عليها كل ما يرد عليك ( 12 ) من أفعال وأقوال التي يقوم بها عشاق الزردة ، وانظر هل توافق الشريعة فيما فعلت فيه أم لا ؟؟ وسننبه عليها إن شاء الله في مواطنها عند بيان زيف شبههم
    الشبهة الأولى : إذا أنكرت على أحدهم عدم مشرعية الزردة وأن ما يذبح فيها فهو لغير الله
    ينفجر قائلا لك : إنا نحكم بالظواهر والله يتولى السرائر وقد ظهر من حال الذابح أنه ذكر اسم الله فلا نبحث عن نيته الباطنة ؟!!!
    فالجواب عن هذا نقول :
    1 ـ أن الأمور بحقائقا وما أضفت إليه وقد علم وتيقن عندنا وعندهم ، بأن الزردة وما يتفرع عنها من الأعمال المقامة فيها من الطعام والذبائح فهي مضافة إلى صاحب المزار ، فيقولون : زردة سيدي فلان أو طعام سيدي عبدالقادر مثلا ، ثم يأتي أحدهم ويقول (إن هذه الذبائح قد ذكر عليها اسم الله !!! فنقول : ولو ذكر اسم الله ، فإن النية الأولى وهي تقديمها إلى صاحب المقام يجعلها لغير الله .
    برهان ذلك فعل أمير المؤمنين علي بن أبي طالب – رضي الله عنه - مع والد الفرزدق ؛ سحيم ، فإن سحيما علم أن غالبا نحر ليطعم الناس فنحر , فسمع به غالب فنحر عشرات , فغالبه سحيم ونحر مثله وكثر المنحور حتى عد بالمئات , يريدان به الفخر , فلما جاء الأمر إلى علي – رضي الله عنه - نهى الناس عن أكل لحمهما واعتبرها مما أهل لغير الله , ولا شك أن ناحريها قد ذكروا عند نحرها اسم الله , لكن الناحرين قصدا بذلك التباهي والافتخار ، فكانت مما أهل به لغير الله ، فلحم الزردة حرام , وطعامها حرام ؛ لأنه صنع بذلك اللحم ) انتهى من كلام فضيلة الشيخ أحمد حماني
    2 ـ من أذن لكم في هذا العمل هل لكم فيه دليل وسلطان من رب العالمين أوأسوة من رسول الكريم صلى الله عليه وسلم ؟؟!!
    لأن النسائك في الإسلام ثلاث : الأضحية والعقيقة والهدي لأهل الحرم لا للأضرحة والمزارات
    وإذا كانت الذبيحة نسيكة تعبدية وجب أن تكون على الوجه المأذون به شرعا وهذا هو المقصود به المتابعة الذي نبهنا عليه تذكر ذلك ، قال الله تعالى { أَمْ لَهُمْ شُرَكَاءُ شَرَعُوا لَهُمْ مِنَ الدِّينِ مَا لَمْ يَأْذَنْ بِهِ اللَّهُ } [الشورى: 21]
    أما ماعدى ذلك فهو من العادات المباحة ومن ذلك ما يكرم به المرء نفسه ويوسع به على عياله أو يقدمه لضيفه وهو من النعيم المباح ولكن هذا لا يخصص له وقت وزمان أومكان ويتقصد به فلان وفلان ويذبح له لغير الله وينسك حول الأضرحة ويحتفل لذلك على نحو ما نراه اليوم في الزردات كما ذكر ذلك العلامة مبارك بن محمد الميلي رحمه الله في رسالته الشرك ومظاهره
    3 ـ وقال العلامة مبارك بن محمد الميلي رحمه الله في رسالته الشرك ومظاهره نقلا من كتاب أعراس الشيطان الزردة والوعدة ص 29 ط منار السبيل الجزائرية
    أولا : أن المفتي لا يقتصر دائما على الظواهر ففي الأيمان والطلاق مسائل تنبني على النية والقصد ويختلف حكمها باختلاف النية مع اتحاد اللفظ
    ثانيا : إن من السرائر ما تحف به قرائن تجعل الحكم للنية ولاتقبل معه الظواهر
    وذبائح الزردة من هذا القبيل فإن كل من خالط العامة يجزم بأن قصدهم بها التقرب من صاحب المزار )) انتهى
    الشبهة الثانية : إنها من أفضل المناسبات للتزاور ومواساة الفقراء
    فالجواب عن هذه الشبهة ما قاله العلامة مبارك بن محمد الميلي رحمه الله في رسالته الشرك ومظاهره
    1 ـ إن أغلب المجتمعين يضيعون الصلوات يوم الزردة ولا يشهد كثير منهم الجمع والأعياد ولا يصلون الأرحام وكثير من الفقراء والأيتام مقهورون عن الزردة منهورون
    2 ـ إن المقصود بالذات هو التقرب من صاحب الضريح
    3 ـ إن ما في الزردة من مفاسد أطم من ذلك الطفيف من المحاسن لو قصد بالذات وغلبة مفسدة الشيء على مصلحته دليل الحظر منه ـ كما قال العلماء ـ أخذا من قوله تعالى في الخمر والميسر : (( وإثمهما أكبر من نفعهما )) البقرة 219
    ثم لو كانت الزردات خيرا ـ وهي كثيرة عندنا ـ لظهر خيرها أو لقلت كما قل كل خير ولكان السلف أولى بها كما هم أولى منا بكل خير
    فهل فعلها النبي صلى الله عليه وسلم على قبر سيد الشهداء عمه حمزة رضي الله عنه ؟! ـ هنا الشيخ رحمه الله يبين أصل قبول عمل الصالح ألا وهو المتابعة وينبه على ما ذكره العلامة ابن عثيمين رحمه الله كما نقلنا عنه أنفا ، فتذكر ذلك ولا تغفل عنه وعض عليه بالنواجذ فلله در العلامة مبارك ـ
    أم صنعها الصحابة رضي الله عنهم على القبر الشريف ؟!
    أم اتخذها التابعون على قبور الخلفاء أو الشهداء أو غيرهم ممن كل واحد منهم خير من ألف ممن يزردون لهم اليوم ؟! كلا لم يكن شيء من ذلك
    لو ضبطنا ما ينفق بوطننا الجزائري على الزردات لهالنا الأمر واستهوتنا الأحزان إذ نرى التبذير الذي لا يحتمل في حين حاجتنا الشديدة إلى التعليم الحر وعجزنا ماليا عن سدها .......
    إن ما يخرج في الزردات يعد بعشرات الملايين وتصور ذلك يقف بك على الخسارة الفادحة التي لم تقف على الوجه المادي بل تناولت ناحية الأخلاق والدين فاستفرغت الأيدي من المال والأدمغة من العقول والأفئدة من الدين وقضت على الذرية بالإهمال فكانت خسارة إيجابية في الجهل والجمود والفقر والعصيان وسلبية في العلم والتفكير والثورة والطاعة فيا ليتها أبقت علينا ديننا فتمثلنا بقول من مضى
    إذا أبقت الدنيا على المرء دينه ..... فما فاته منها فليس بضائر )) انتهى

  2. #2
    تاريخ التسجيل
    Aug 2012
    المشاركات
    362

    افتراضي رد: يا قومنا أجيبوا داعي الله واعلموا رحمكم الله أن الزردة (الوعدة ) ليست من شرع الله الحكيم


    الشبهة الثالثة : إدخالها في النذر وإهداء ثوابها للميت
    فالجواب عن هذه الشبهة ما قاله أيضا العلامة مبارك بن محمد الميلي رحمه الله في رسالته الشرك ومظاهره
    (( إدخال الزردات في النذر وإهداء الثواب فقد صوره أحدهم بقوله ( لله علي شاة أوبدنة أوبقرة لسيدي فلان صدقة عليه أو إن شفى الله مريضي أو ولد لي ولد فعلي إطعام كذا بمحل كذا )
    وهذه الصيغة لا تعرف عند العامة لفظها ولا معناها فليست تصويرا لما في نفوسهم إنما هي تأويل فيه تضليل ثم لا يتأيد من الدين بدليل )) انتهى
    والشيء بالشيء يذكر سئل العلامة الفقيه محمد بن صالح بن محمد العثيمين رحمه الله كما جاء في مجموع فتاوى (20/ 89): عن حكم الصدقة للأموات؟ وذبح الذبائح في رمضان وإهداء ثوابها للأموات؟
    فأجاب فضيلته بقوله: الصدقة للوالدين والأموات جائزة ولا بأس بها إذا كانوا مسلمين، ولكن الدعاء أفضل من الصدقة لهما، لأن هذا هو الذي أرشد إليه النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ووجه إليه في قوله: «إذا مات العبد انقطع عمله إلا من ثلاث: صدقة جارية، أو علم ينتفع به، أو ولد صالح يدعو له» ولم يقل: ولد صالح يتصدق عنه، أو يصلي له، ولكن مع ذلك لو تصدق عن الميت لأجزأه، لأن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سأله رجل عن أب له مات ولم يوص، فهل ينفعه أن يتصدق عنه؟ قال: «نعم»، لكن ما يفعله بعض الناس في ليالي رمضان من الذبائح والولائم الكثيرة، والتي لا يحضرها إلا الأغنياء، فإن هذا ليس بمشروع،( 13 ) وليس من عمل السلف الصالح، فينبغي تركه، لأنه في الحقيقة ليس إلا مجرد ولائم يحضرها الناس، ويجلسون إليها على أن البعض منهم يتقرب إلى الله تعالى بذبح هذه الذبيحة، ويرى أن الذبح أفضل من شراء اللحم، وهذا يوجب أن يتقربوا إلى الله تعالى بنفس الذبح فيلحقها بالنسك في غير محله، لأن الذبائح التي يتقرب بها إلى الله هي الأضاحي، والهدايا، والعقائق، وهذه ليس منها، فلا يجوز إحداث شيء في دين الله تعالى. )) انتهى
    الشبهة الرابعة : إعتقادهم خيرية ومشرعية شد رحال لزيارة المشايخ ، وتبرك بآثارهم ، وتمسح بقبورهم ، وتوسل بهم
    والجواب عن هذا نقول
    1 ـ قال فضيلة الشيخ أحمد حماني رحمه الله
    (( الزيارة الشرعية تكون للشيخ إذا كان من ذوي العلم والفهم والصلاح ، فيكتسب منه الزائر العلم والدين والصلاح ، ويأخذ منه المعقول والمنقول ، ويرجع بفوائد جمة . كما كان عالم المدينة بها ، وأبو حنيفة في العراق , هذه هي الزيارة المأذون فيها ، وكانت تضرب إليها آباط الإبل , فأما إذا كان الشيخ كالصنم فماذا يستفيد الزائر ؟ أعلما أم زهدا أم صلاحا أم نصيحة أم عقلا ؟ إن المشايخ كانوا خلوا من كل ذلك , وفاقد الشيء لا يعطيه .
    والذين كان يمكن الاستفادة من علمهم لم يردوا في سؤالكم ، ولا يمكن أن يخطروا ببالكم ، مثل ابن باديس والتبسي - رحمهما الله - , فقد كان يزورهما الطلاب ، ويرجعون من عندهم بعلم وفير ونصائح جمة أفادت الوطن والأمة .
    وإنما حكمت أنك لا تريد هذا الصنف المقيد من العلماء ؛ لأنك ذكرت مع زيارتهم ، البركة والتمسح بالقبور والزردة والوعدة ، ونسيت الهردة والوخدة والفجور والخمور , فقد أنقذوا هذه الأمة من هذه الشرور وخلصوها من قبضة مشايخ الطرق , فكان ذلك مقدمة لتحريرها ورفع رايتها, ولم يكن لغالب مشايخ الطرق إلا فضيلة النسب الشريف وهو مظنون , وإن صح ففي الحديث (( من بطأ به عمـله لم يسرع به نسبه )) رواه مسلم ، وأم الشرفاء قال لها رسول الله – صلى الله عليه وسلم -: (( يا فاطمة لا أغني عنك من الله شيئا)) رواه البخاري ومسلم . فإذا أردت أخذ البركة من المشايخ ؛ فاقصدهم للعلم والفضل والصلاح والزهد ، واقتد بهم ، واعمل عملهم ؛ تنتفع وتحصل لك أنواع من البركة الحقيقية لا المتخيلة .)) انتهى
    وقال العلامة المحدث أحمد بن يحيى النجمي رحمه الله في كتابه ( المورد الذب الزلال ص 134 ـ 135 )
    إن الزيارة تنقسم إلى ثلاثة أقسام: سنية وبدعية وشركية.
    فمن دعا صاحب القبر فهو مشرك وزيارته شركية، ومن زعم أن الدعاء عند ذلك القبر مستجاب فهو مبتدع وزيارته بدعية ومن زار قبر فلان ليدعو له، لعلمه أن المقبور في حاجة إلى الدعاء فتلك هي الزيارة السنية التي حث عليها النبي في قوله: (كنت نهيتكم عن زيارة القبور فزوروها فإنها تذكر الآخرة) أخرجه مسلم .
    ولكن الزيارة السنية لا يجوز أن يشد إليها رحل لقول النبي : (لا تشد الرحال إلا إلى ثلاثة مساجد المسجد الحرام ومسجدي هذا والمسجد الأقصى) إرواء الغليل للألباني .....
    والذهاب إليها والمحاضرة فيها عن غير الشرك الذي يجري فيها شاهد ثالث وفيه من المحاذير:
    1 ـ إيهام العامة أن ما يجري عندتلك القبور من الدعاء لغير الله والاستغاثة بغيره من المخلوقين والذبح والنذر لهم دونه أنه هو الإسلام وذلك محاربة للإسلام الصحيح لا دعوة إليه.
    2 ـ فيه تشجيع للوثنية التي حاربها الإسلام من أول يوم نزل القرآن فيه على النبي وبالأخص في السور المكية كقوله تعالى {ولا تدع من دون الله مالا ينفعك ولا يضرك فإن فعلت فإنك إذاً لمن الظالمين}يونس 106 .
    3 ـ صدور هذا من داعية يظهر للناس أنه يمثل الإسلام الصحيح أعظم في التغرير بالسذج، وأكثر إيغالاً في الإيهام والخداع، وأنا لا أعتقد أن البنا قصد الإيهام، ومن سبر حاله من كتبه وسيرته يتبين له أن الذي أوقعه في ذلك هو الجهل بالإسلام الصحيح)) انتهى
    2 ـ أما التمسح على قبورهم : فإن مثل هذا التمسح نوع من الشرك ولا يكون إلا للحجر الأسود بالكعبة فقط مع التوحيد الخالص لله وقد قال له عمر – رضي الله عنه - يخاطبه : « والله ما أنت إلا حجر لا تنفع ولا تضر ولولا أني رأيت رسول الله يقبلك ما قبلتك » متفق عليه, فإن كنت مع الحجر الأسود كما قال عمر ، فلا بأس أن تقبله ، أما غيره فلا يجوز لك التمسح به ؛ فإن التمسح به وتقبيله شرك يتنـزه عنه المؤمن الموحد .
    إن المؤمن يعلم - كما علم عمر – أنه حجر والله يقول في مثله من الجماد الذي كان يفتن العباد : ﴿ إن تدعوهم لا يسمعوا دعاءكم ولو سمعوا ما استجابوا لكم ويوم القيامة يكفرون بشرككم ولا ينبئك مثل خبير ﴾ [فاطر 14] ، فالبركة المستفادة من هذا التمسح هي الرجوع إلى عهد الجاهلية والشرك بالله. هذا هو التمسح بالقبور , فإنها أجداث ، فإن قصدت ساكني القبور ، فإن ذلك منك أضل ، ألم تر أن صاحب القبر كان حيا يرزق ثم جاءه الموت , والموت كريه لا يحب زيارته أحد من الأحياء , فلم يستطع دفعه عن نفسه واستسلم مكرها ولو استطاع أن يفتدي منه لبذل له الدنيا وما فيها .
    فمن رجا الخير من ميت أو دفع الضر المتوقع فلا أضل منه , فادع في كل ما يصيبك الحي الذي لا يموت فإنه النافع الضار وحده والله يوصي عباده فيقول﴿ ومن آياته الليل والنهار والشمس والقمر لا تسجدوا للشمس ولا للقمر واسجدوا لله الذي خلقهن إن كنتم إياه تعبدون ﴾ [ فصلت :37]
    3 ـ أما التوسل بهم ، فإن التوسل الشائع بين الناس وهو دعاء - الدعاء مخ العبادة – شرك محض , فالتوحيد أن تدعو الله الذي خلقك - ولو عظمت ذنوبك – فإنه معك يسمع دعاءك فإن كان لابد من التوسل فتوسل بصالح أعمالك كما فعل الثلاثة أصحاب الغار حينما نزلت عليهم الصخرة وسدته عليهم , فاستجاب لهم من يعلم بشدتهم, هذا هو التوسل الصحيح وغيره قد يوقع صاحبه في الشرك فلا تحم حوله.)) ( 14 )
    وسئل العلامة ابن عثيمين رحمه الله كما جاء في مجموع فتاوى (2/ 346): عن التوسل هل هو من مسائل العقيدة؟ وعن حكم التوسل بالصالحين؟
    فأجاب - رحمه الله تعالى - بقوله : التوسل داخل في العقيدة، لأن المتوسل يعتقد أن لهذه الوسيلة تأثيرًا في حصول مطلوبه، ودفع مكروهه؛ فهو في الحقيقة من مسائل العقيدة؛ لأن الإنسان لا يتوسل بشيء إلا وهو يعتقد أن له تأثيرًا فيما يريد.
    والتوسل بالصالحين ينقسم إلى قسمين:
    القسم الأول : التوسل بدعائهم فهذا لا بأس به؛ فقد كان الصحابة -رضي الله عنهم- يتوسلون برسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بدعائه: يدعو الله لهم فينتفعون بذلك؛ واستسقى عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- بعم النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- " العباس بن عبد المطلب " بدعائه.
    وأما القسم الثاني : فهو التوسل بذواتهم: فهذا ليس بشرعي؛ بل هو من البدع من وجه، ونوع من الشرك من وجه آخر.
    فهو من البدع؛ لأنه لم يكن معروفًا في عهد النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، وأصحابه.
    وهو من الشرك لأن كل من اعتقد في أمر من الأمور أنه سبب ولم يكن سببًا شرعيًا فإنه قد أتى نوعًا من أنواع الشرك؛ وعلى هذا لا يجوز التوسل بذات النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مثل أن يقول: أسألك بنبيك محمد -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- إلا على تقدير أنه يتوسل إلى الله -تعالى- بالإيمان بالرسول -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ومحبته فإن ذلك من دين الله الذي ينتفع به العبد، وأما ذات النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فليست وسيلة ينتفع بها العبد؛ وكذلك على القول الراجح لا يجوز التوسل بجاه النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-؛ لأن جاه النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- إنما ينتفع به النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- نفسه؛ ولا ينتفع به غيره؛ وإذا كان الإنسان يتوسل بجاه النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - باعتقاد أن للنبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- جاهًا عند الله فليقل: اللهم إني أسألك أن تشفع بي نبيك محمدًا -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، وما أشبه ذلك من الكلمات التي يدعو بها الله عز وجل. )) انتهى
    وفي الأخير يا قومنا ندعوكم ونأمل فيكم الخير ، ونرجو لكم السعادة والفلاح في الدنيا والأخرة ، وأن تكون لكم قلوبا واعية وأذانا سامعة لم وجهناه إليكم من كلام دعاة الإصلاح وعلمائكم الأبطال الذين كانوا لهم يد وسابقة في تحرير وطنكم العزيز الغالي من بطشة وغطرسة وظلم العدو المستدمر الفرنسي الكافر ، وهذا بعد فضل الله ونعمته وإحسانه علينا
    يا قومنا أجيبوا داعي الله ولا تجيبوا داعي الشيطان ، يل قومنا إن أصول هذه المنكرات مفسدة للعقيدة وإن فروعها مفسدة للعقل والمال وإنكم مسؤولون عند الله عن جميع ذلك ، يا قومنا إنكم تنفقون هذه الأموال في حرام وإن الذبائح التي تذبحونها حرام لا يحل أكلها ، لأنها مما أهل به لغير الله ، فمن أفتاكم بغير هذا فهو مفتي الشيطان لا مفتي القرآن ) ( 15 ) وينبني على هذا يا قومنا أنه يحرم حضور لهذه المشاهد الشركية والبدعية أو مشاركة فيها أو إعانة على إقامتها أو بيع ما يستعن به على إظهارها أوتهنئة من يقوم بها أو إتخاذ إيامها يوم راحة وفرح وسرور وترك الوظائف في ذلك اليوم أو طبخ طعام مخصوص وصنع الحلوة وتوزيعها أو إيقاد الشموع وتبخير البخور وتزيين الشوارع والمباني وغير ذلك من الأمور المنكرة لأن في ذلك إعانة على المنكرات والله تعالى يقول في محكم تنزيله
    (( وتعاونوا على البر والتقوى ولا تعاونوا على الإثم والعدوان )) المائدة 2 ( 16 )
    اللهم إن هذا جهد مقل فتقبله مني فأنت تعلم أني دافعت به عن التوحيد والسنة التي هي عقيدة السلف من الصحابة والتابعين ومن بعدهم من الأئمة المهتدين، وانفعني به في يوم الفاقة والحاجة، يوم لا ينفع مال ولا بنون إلا من أتى الله بقلب سليم.
    اللهم ما كان فيه من حق وصواب فهو منك؛ لأنه تم بعونك وتوفيقك وتسديدك وما كان فيه من خطإ وباطل فهو مني، والله ورسوله بريئان من ذلك.
    سبحان ربك رب العزة عما يصفون وسلام على المرسلين والحمد لله رب العالمين، وصلى الله على محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

    كتبه وجمعه الفقير إلى الله : أبوأنس بن سلة بشير بن عبدالقادر الجزائري
    وانتهى من زبره صبيحت يوم الخميس 9 يونيو 2011 م / 7 رجب 1432هـ
    معسكر / الجزائر



    ( 1 ) المورد العذب الزلال للعلامة المحدث أحمد بن يحيى النجمي رحمه الله من ص 44 إلى ص 87 باختصار مني
    ( 2 ) كتاب أعراس الشيطان الزردة والوعدة ص 36 مقال للشيخ محمد السعيد الزاهري رحمه الله
    ( 3 ) مقال للشيخ العلامة محمد البشير الإبراهيمي رحمه الله نفس المصدر ص 22 ـ 23 ـ 24
    ( 4 ) منشور جمعية العلماء المسلمين الجزائريين إلى الأمة الجزائرية المسلمة نفس المصدر ص 17
    ( 5 ) مقال للشيخ العلامة محمد البشير الإبراهيمي رحمه الله نفس المصدر ص 24
    ( 6 ) نفس المصدر ص 36 ـ 37
    ( 7 ) من رسالة الشرك ومظاهره للشيخ العلامة مبارك بن محمد الميلي رحمه الله نفس المصدر ص 28
    ( 8 ) مقال بعنوان ( لماذا نحيي عهد الزردة والوعدة ؟ ) نفس المصدر ص 44
    ( 9 ) من رسالة الشرك ومظاهره نفس المصدر ص 29
    ( 10 ) نفس المصدر ص 18
    ( 11 ) القائد إلى تصحيح العقائد للعلامة المحدث عبدالرحمن بن يحيى المعلمي العتمي اليمني ص 22 ط المكتب الإسلامي / علق عليه العلامة المحدث محمد ناصر الدين الألباني رحمهما الله
    ( 12 ) شرح الأربعين النووية للعلامة الفقيه محمد بن صالح بن محمد العثيمين رحمه الله عند شرح الحديث الخامس
    ( 13 ) انظر إلى كلام العلامة ابن عثيمين رحمه الله وتفهمه وتأمله جيدا وقد عد تلك الذبائح والولائم والتي لا يحضرها إلا الأغنياء وفي ليالي رمضان أن هذا عمل ليس بمشروع وليس من عمل السلف الصالح فكيف بتلك المظاهر الشركية والبدعية فأمرها أفضح وأشنع وأنكر
    ( 14 ) مقال بعنوان ( لماذا نحيي عهد الزردة والوعدة ؟ ) للشيخ أحمد حماني رحمه الله نفس المصدر ص 44
    ( 15 ) مقال العلامة محمد البشير الإبراهيمي رحمه الله
    ( 16 ) هذا ما نصح به الدكتور الأصولي فضيلة الشيخ عبدالمجيد جمعة الجزائري حفظه الله من عدم مشرعية إعانة أصحاب أعياد النصارى كما هو في مجلة الإصلاح عددها السادس ، فمن باب أولى أن يسد كل طريق يعين أهل الزردة ( الوعدة ) في شرهم

  3. #3
    تاريخ التسجيل
    Apr 2011
    الدولة
    شرق بلاد الجزائر الحبيبة
    المشاركات
    1,851

    افتراضي رد: يا قومنا أجيبوا داعي الله واعلموا رحمكم الله أن الزردة (الوعدة ) ليست من شرع الله الحكيم

    الحمد لله رب العالمين ، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين ؛ نبينا محمد ، وعلى آله وصحبه أجمعين ؛ أما بعد :

    بارك الله فيك وجزاك الله خيرا , وجعلك الله من أهل التوحيد ياأخي بشير...ماأحوجنا وماأحوج الدعاة الخلص إلى هذه المواضيع ,كيف لا وهي مسألة مصير : جنة أم نار نسأل الله الفوز با الجنة و النجاة من النار .....أمـــــين.

    كما قال الشيخ الفاضل النجمي رحمه الله رحمة واسعة فيب مقدمة كتابه الشرح الموجز...:

    ...فإنَّ التوحيد هو قاعدة الإسلام التي عليه يبنى ، وشرطه الذي به يقبل ، وبه تقبل الحسنات وبه تغفر السيئات ، وبه يدخل العبد الجنة ، وبه ينجو من النار ، ومن أجله وقعت الخصومة بين الرسل ومشركي العباد ، ومن أجله جردت سيوف الجهاد ، ومن أجله خلقت الجنة والنار .
    وبنقيضه وهو الشرك تحبط الأعمال ؛ قال الله تعالى : ] ولقد أوحي إليك وإلى الذين من قبلك لئن أشركت ليحبطـن عملك ولتكـونن من الخاسرين & بل الله فاعبد وكن من الشاكرين [[ الزمر : 65 – 66 ] وكل ذنب من الذنوب مغفور إلاَّ الشرك ؛ قال تعالى : ]إنَّ الله لايغفر أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء ومن يشرك بالله فقد ضـل ضـلالاً بعيـدا [[ النساء : 116 ] وبالشرك يحرم العبد من الجنة ، ويتحتم عليه الخلود في النار .
    لذلك فإنَّ العناية بالتوحيد أهم المهمات ، وأوجب الواجبات ، وتركه والإعراض عنه ، وعن تعلمه أعظم البليات ، ومن أجل ذلك ؛ فإنَّ الواجب على كل عبد أن يتعلمه ، و يتعلم ما يناقضه ، وينافيه أو ينقصه ، ويقدح فيه . ...


    اللهم أحفظ بلادنا وسائر بلاد المسلمين من الشرك و المشركيين .....أمين.

  4. #4
    تاريخ التسجيل
    Aug 2012
    المشاركات
    362

    افتراضي رد: يا قومنا أجيبوا داعي الله واعلموا رحمكم الله أن الزردة (الوعدة ) ليست من شرع الله الحكيم

    بارك الله فيك أخي الفاضل النشيط النجيب ياسين على تعليقك وإضافتك وكما عرفتك دائما بفوائدك الغالية السلفية ، المزيد المزيد منك والمواصلة إلى العلى والأكمل


معلومات الموضوع

الأعضاء الذين يشاهدون هذا الموضوع

الذين يشاهدون الموضوع الآن: 1 (0 من الأعضاء و 1 زائر)

المواضيع المتشابهه

  1. سئل الشيخ العلامة زيد المدخلي حفظه الله:ما حكم قولنا لعلي بن أبي طالب: الإمام علي؟ وكذلك قولنا: كرم الله وجهه،
    بواسطة أبو عبد المصور مصطفى الجزائري في المنتدى المنبــر الإسلامي العــام
    مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 29-Nov-2020, 10:05 AM
  2. قال الشيخ العلامة مبارك الميلي رحمه الله والدلائل على كون الزردة (الوعدة ) لغير الله
    بواسطة أبو عبد المصور مصطفى الجزائري في المنتدى منبر الرد على أهل الفتن والبدع والفكر الإرهابي
    مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 24-Feb-2020, 10:04 PM
  3. واعلموا أن الله يحول بين المرء وقلبه
    بواسطة أم محمد محمود المصرية في المنتدى مـنــبر الأســـرة المـــســلـــمـــة
    مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 31-Mar-2018, 06:35 PM
  4. [صوتية وتفريغها] اصمتوا رحمكم الله... ألا تبصرون؟!الشيخ سعيد رسلان
    بواسطة أبو عبد المصور مصطفى الجزائري في المنتدى المنبــر الإسلامي العــام
    مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 19-May-2017, 01:30 AM
  5. اجيبوا واقنعونى رحمكم الله
    بواسطة اونغير محمد في المنتدى الأسئلة التي تمت الإجابة عليها
    مشاركات: 1
    آخر مشاركة: 08-Mar-2013, 03:27 PM

الكلمات الدلالية لهذا الموضوع

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •