احذروا هذه اللعبة [كرة القدم] التي كادت أن تكون هي الصنم]]
خطبة الحاجة
بسم الله الرحمن الرحيم
إن الحمد للـه نحمده ،ونستعينه ،ونستغفره ، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئــات أعمالنا مـن يهده اللـه فلا مضل لـه ، ومن يضلل فلا هــادي له ، وأشهد أن لا إلـــه إلا الله وحـده لأشريك لـه وأشهـد أن محمدا عبـده ورسولـه.
{{ يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله حق تقاته ولا توتن إلا وأنتم مسلمون}} آل عمران/ 102.
{{ يا أيها الناس اتقوا ربكم الذي خلقكم من نفس واحدة وخلق منها زوجها وبث منهما رجالا كثيرا ونساء ، واتقوا الله الذي سائلون به والأرحام إن الله كان عليكم رقيبا }} النساء:/1.
{{ يا أيها الذين آمنوا اتقوا اللـه وقولوا قولا سديدا يصلح لكم أعمالكم ، ويغفر لكم ذنوبكم ومن يطع الله ورسوله فقد فاز فوزا عظيما}}[ الأحزاب: 70 / 71 ).
فإن أصدق الحديث كتاب الله وخير الهدي هدي محمد ، وشر الأمور محدثاتها ، وكل محدثة بدعة وكل بـدعة ضلالة وكل ضلالة في النار.
أما بعد :
لقد ابتليت الأمة الإسلامية ببلايا عظيمة ، من جراء مخططات أعداء الإسلام ، ومن أعظم ما ابتليت به أمة الجد والاجتهاد في طاعة الله والدعوة إليه والجهاد في سبيله الوقوع في مكر وخديعة برتوكولات حكماء صهيون ، فقد مكروا ونظروا ،وللبراءة أظهروا، وخرجوا بنتيجة وهي فتح أبواب الملاهي والفجور والسخافة بالفن والخمور، والرياضة ، للإناث والذكور. ونجحوا في ذلك في برهة من العصور ، وهاهم يجلبون علينا بخيلهم ورجلهم في السر والظهور .
ومن أعظم ما ابتليت به الأمة في هذه العصور ، كرة الندم [ القدم ] كما يسميها بعض الناس- جزاهم الله خيرا – وحقا هي كذلك يوم يأتي صاحبها بكتابه ليس فيه إلا اللعب فيندم يوم لا ينفع الندم ...
هذه اللعبة التي فتن بها الكبير والصغير ، والبصير والضرير ، والنساء والرجال والشيوخ والأطفال ، ولم يسلم منها إلا القليل ممن يستعدون ليوم الرحيل ، ويخافون المثول بين يدي الجليل ، ولقد ظهرت في الزمن الأول كلعبة ترويحية خارج وقت العمل ، ثم بقيت تتطور وتتحول من الأعلى إلى أسفل ، ويقنن لها القوانين وغرضهم صرف المسلمين وتفريقهم أشتاتا وعزين إلى أن وصلت إلى ما هي عليه الآن من الأهمية بمكان ، حتى افتتن بها الإنس والشيطان وأصبحت تشغل معظم المسلمين ليس عن واجباتهم الدنيوية فقط ، وإنما عن أعظم واجباتهم الدينية والأدهى والأمر أن تسيطر على عقول النساء في البيوت إلا من رحم الله الصالحات ممن يخفن الفوت
ويستعدن للموت ، وتشغل بالهن إلى درجة أن الكثيرات من الأمهات والبنات عشقنها وعشقنا اللاعبين المشهورين والمميزين فنسمع عن التحضين لصورهم والقبلات والبكاء ... وبعضهن مع الأسف متزوجات تسببن في كثير من الخصومات حتى طلقن وأصبحن مطلقات ..
وهذه الكرة قد أضرت كثيرا بشباب الأمة ودينها وأموالها وطاقاتها مما ينبغي لها أن تعيد النظر في حساباتها قبل فوات الأوان ، وتذوق الأمرين وإننا نخشى أن يأتي عليها اليوم الذي تتفرق فيه الدولة الواحدة على نفسها من هذه اللعبة ، بل قد ترفقت منذ أن روج لها وأنشأت الأندية والفرق لتتناحر وتتقاتل فيما بينها ، ناهيك عما يحصل بين الدول الإسلامية ، وما يحصل بينهم وبين الدول الكافرة ، بل ما يحصب حتى بين دول الكفر فيما بينهم ، وربما تقوم الحرب الثالثة من أجلها ، ومن يدري ..؟؟ 2- وما حصل قريبا بسبب فريق الصهاينة ليس ببعيد ..
ونحن نسمع هنا وهناك قبل وبعد المقابلة التي جرت بأم درمان بين الجزائر ومصر من يقول خسرنا المعركة ولم نخسر الحرب ، وآخرين مستعدون للحرب ونفخ الإعلام في نار الحقد بين الشعبين وتضخيمه للأسباب- ولا حول ولا قوة إلا بالله - وأعداء الله يزيدون في الطين بلة ، ويرمون الزيت على النار فمن وراء كل فريق عدو للإسلام والمسلمين يجره إلى الحرب ..
وفي الوقت الّذي تتَّجه قلوب المؤمنين المخلصين وتتعلَّق أفئدة المتَّقين الموحِّدين بأن يظفروا بالسفر إلى المسجد الحرام ، و يكونوا من حُجَّاج البيت العتيق ؛ تتعلَّق قلوب كثير من المفتونين
بها من العوامّ وخاصة شباب الأمة وقوتها وفيهم حتى المتديِّنين - و للأسف - بأن يكونوا من حُجَّاج ملاعب كرة القدم والمقابلة الفلانية بين الفريقين !
سباقٌ محمومٌ ، واهتمامٌ بالغ مذمومٌ بلهوٍ باطلٍ ونصرٍ موهومٍ ، أصاب أقواماً من المسلمين فَصَرَفَهم عن معالي الأمور ، وأشغلهم بالسفا سف والقشور ، فجعلوا دينهم لهوا ولعبا حتّى أضحتْ هذه اللّعبة نوعاً من العبادة أو قارَبَت ، وأصبحتَ لا تقرأ ولا تسمع ولا ترى إلاّ حديثاً عنها وتذكيراً بها ودعوةً إليها وتسابقا على حضورها ودعاءً وخوفاً ورجاءً وبكاءً وتباكيا من أجلها - ولا حول ولا قوة إلا بالله- فقد خبلت عقول الناس بها وخدرتهم بها حتى قال بعض عقلاء الكفار إنها أفيون الشعوب ..
يقاتل أحدهم في زحام شديد من أجل الحصول على تذكرة مشاهدة المباراة الفلانية قبل أيام من مجرياتها ، وفي اليوم الموعود يذهب في الصباح باكرا ليحجز له مكانا في الملعب ، ويجلس هناك اليوم كله ؛ بل منهم من يذهب قبل موعد المباراة بيوم أو يومين وينام عند الملعب أو في بعض الفنادق القريبة منه أو عند بعض شيعته ممن يشجعون فريقه ، وبعضهم يشد الرحال لذلك ، ويسبب ذلك جهودا عظيمة للدولة وزعزعة للأمن حتى تأتي بقوة كبيرة من رجال الأمة لتطويق الملعب والأماكن المجاورة من أجل منع الشغب والمحافظة على أمن اللاعبين والمتفرجين وأملاك الدولة وأملاك الخواص ومع ذلك يحصل في كل نهاية مباراة خسائر مادية بالملايين ، وفي بعض الأحيان خسائر ومآس بشرية ولا حول ولا قوة إلا بالله .
والمؤسف جدا أن تسمع وترى النساء أصبحن يتسابقن على الملاعب ويزاحمن الرجال ؛ بل أصبح لهن فريقا وملاعب فتذهب الفتاة اللاعبات لتبارز ربها فتتعرى ، ليراها الرجال ، ومن الرجال الذكور من يفضل وبرغبة جامحة التفرج على مباراة النساء لأن فيها متعة النطر وهن عاريات ، وبالمقابل فمن النساء من لا تذهب إلى مباراة النساء بل تفضل مباراة الرجال لأن فيها الإثارة وفيها من تحبه وربما تعشقه وتود رؤيته من اللاعبين ، ونخشى أن يأت اليوم الذي تجري المباراة بين فريق النساء وفريق الرجال ... ويكون التحدي قويا جدا بل اقوى ما تنتجه هذه اللعبة ، فكل شيء ممكن عند هؤلاء الانحلاليين ...
وها نحن في الموسم العظيم الذي فضله الله على غيره من المواسم وجعل أيامه أفضل أيام الدنيا حيث يتنافس المؤمنون الصادقون على طاعة الله سبحانه بشتى أنواع الأعمال الصالحة التي هي أحب إلى الله في هذه الأيام ، نرى التصعيد بالكره والبغض والمقت بين الإخوة المؤمنين والتنافس بالعيب والعار على المراتب العليا في الضلال عند الكفار ،والتسابق على اللهو واللعب بالصخب والغناء والمزامير والمنكرات ،في صور غبية مخزية عشرات الألاف بل مئات الألاف سكرت عقولهم فتراهم يصرخون ويصفرون ويهتفون بالتشجيع لفريقهم وقد صبغ بعضهم وجهه ولحمه وثيابه بألوان منتخبه وبعضهم رسم الصليب أو شعار معتقده عليه يتفرجون على اثنين وعشرين لاعبا يجرون كالمجانين وراء جلد منفوخ ..
وهذا الذي يجري في بلاد الكفر يجري في بلاد المسلمين اقتداء واحتذاء بهم ليحل بنا الدمار ، والخزي والعار ، يا قوم ما هذه الغفلة ، ويا قوم أين عزتكم ، يا قوم أين أثركم ؟ أين وصية نبيكم سيد الأبرار ، تركتم على المحجة البيضاء ليلها كالنهار، لا يزيغ عنها إلا هالك ..
إن هذه الكلمة القصيرة لا ادعي فيها أني ألممت بالموضوع ، فجئت بالمشروع فيه والممنوع في هذا الموضوع المهم الذي يحتاج إلى كتابات كثيرة، وتوعية شاملة كبيرة ودروس وخطب بالغة طويلة وقصيرة ؛ لأن البلوى به قد عمت وطمت ، وشره قد استطار وبه الأمة ألمت ، حتى كاد أن يعم بيوت المسلمين ، بعد أن أتى على الكافرين ، فقد أصبح حديث الساعة ، وموضوع كل إذاعة في الشوارع والبيوت، والأسواق والحوانيت ، ويهرع إليه بالمراكب والمواكب، وتترك له الوظائف لتحصيل الحِكم والطرائف، والاعتداء بالسب والشتم والقذائف ، والإعلام بأنواعه قد ساد ، وظهر على الأمة بكل فساد ، فملأ القلوب بالحقد والعناد ، وكأنه فسطاط الدين ، وعمود الإسلام المتين، حيث أصبحت تعقد عليه ألوية الولاء والبراء ، والحب والبغضاء ، وترفع فيه ألوية القومية والوطنية بالتمزيق، والجهوية والشعوبية بالتفريق، بين أبناء البلد الواحد من المسلمين ، لاعبين ومتفرجين ، قد دب فيهم الحسد والبغضاء وكانت كرة القدم من أهم أسبابه فجعلتهم أعداء يكرهون بعضهم البعض بعدما كانوا إخوة أحباء .
وفوق ذلك يحبون الاعبين الكفرة ويفضلونهم على المسلمين ، وقد قال الله تعالى :{{ .. لا تجد قوما يؤمنون بالله واليوم الآخر يوادون من حاد الله ورسوله ..}} فأين أنتم يا مؤمنين من الولاء لله والبراء ..؟
وهؤلاء الكفار قد حادوا الله ورسوله ، وقلدهم المسلمون في كل شيء ليعود عليهم ذلك بالضرر ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ «لَتَتَّبِعُنَّ سَنَنَ مَنْ قَبْلَكُمْ شِبْرًا بِشِبْرٍ وَذِرَاعًا بِذِرَاعٍ حَتَّى لَوْ سَلَكُوا جُحْرَ ضَبٍّ لَسَلَكْتُمُوهُ قُلْنَا يَا رَسُولَ اللهِ الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى قَالَ فَمَنْ.» البخاري( 3456- 7320 ) ، وفي بَابُ قَوْلِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَتَتْبَعُنَّ سَنَنَ مَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ بلفظ : عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «لَا تَقُومُ السَّاعَةُ حَتَّى تَأْخُذَ أُمَّتِي بِأَخْذِ الْقُرُونِ قَبْلَهَا شِبْرًا بِشِبْرٍ، وَذِرَاعًا بِذِرَاعٍ )( 7319) ومسلم ((2669)).
إن كرة القدم كادت أن تصبح صنما يعبد من دون الله ، بل صرح كثير من عقلاء الكفار وأدبائهم أنها عبادة الشعوب ، فإن حبها تمكن من القلوب حتى أصبح كثير من الناس من إدمانهم لها وتحدثهم عنها لا يمكن أن يفوتوا عليهم مباراة واحدة لكرة القدم مع أنهم لم يبالوا أن يضيع منهم الدين ، ولا يبالون أن تضيع منهم جميع الصلوات ، والواجبات والله سبحانه وتعالى يقول: {{ ومن الناس من يتخذ من دون الله أندادا يحبونهم كحب الله والذين آمنوا أشد حبا لله }} .
فإن المحبة من أعظم العبادات التي ينبغي أن يحققها العبد ، ولا يجوز له أن يقدم على محبة الله ورسوله شيئا حتى نفسه التي بين جنبيه ، والأدلة في هذا الباب كثيرة ، ونكتفي بدليل واحد من الكتاب والسنة .
قال تعالى :{{ ﵟقُلۡ إِن كَانَ ءَابَآؤُكُمۡ وَأَبۡنَآؤُكُمۡ وَإِخۡوَٰنُكُمۡ وَأَزۡوَٰجُكُمۡ وَعَشِيرَتُكُمۡ وَأَمۡوَٰلٌ ٱقۡتَرَفۡتُمُوهَا وَتِجَٰرَةٞ تَخۡشَوۡنَ كَسَادَهَا وَمَسَٰكِنُ تَرۡضَوۡنَهَآ أَحَبَّ إِلَيۡكُم مِّنَ ٱللَّهِ وَرَسُولِهِۦ وَجِهَادٖ فِي سَبِيلِهِۦ فَتَرَبَّصُواْ حَتَّىٰ يَأۡتِيَ ٱللَّهُ بِأَمۡرِهِۦۗ وَٱللَّهُ لَا يَهۡدِي ٱلۡقَوۡمَ ٱلۡفَٰسِقِينَ ٢٤ ﵞ }} من سورة التوبة .
هؤلاء المذكورين في الآية حبهم غريزي ويحبهم المرء حبا كبيرا ومع ذلك توعد الله من يقدمهم على محبته ؛ فكيف بمن يحب كرة القدم ويقدمها على محبة الله فلا يراه حيث أمره بل يراه حيث نهاه مقدما محبوبه الجلد المنفوخ على محاب الله ..
وأيضا ما قيمة كرة القدم في نفس المسلم بجانب المذكورين فليس من شك أنه يحبهم حبا كبيرا وذلك غريزة فيه إلا من انحرفت به فطرته فهو لا يحبهم ويقدم كرة القدم عليهم ..
ومع ذلك لم يجز الله تعال لأحد أن يقدمهم على محبته سبحانه ، ولا أن يساوي محبتهم بمحبته ، وأكد هذا المعنى - صلى الله عليه وسلم- بقوله : >> لا يؤمن أحدكم حتى يكون الله ورسوله أحب إليه من والده وولده والناس أجمعين << .
فإذا كان هؤلاء المذكورين مع عظيم قدرهم وحبهم وقيمتهم في النفوس لا يجوز تقديم محبتهم على محبة الله ورسوله فكيف بلعبة تصد عن محبة الله تعالى ومحبة رسوله وتورث الحسد والبغضاء بين المسلمين والكره لبعضهم البعض ؟ أليس هذا خطرا عظيما على عقيدة المسلم ؟
وقال النّبيّ - صلّى الله عليه و سلّم:- << تَعِسَ عَبْدُ الدِّينَارِ وَالدِّرْهَمِ وَالْقَطِيفَةِ وَالْخَمِيصَةِ إِنْ أُعْطِيَ رَضِيَ وَإِنْ لَمْ يُعْطَ لَمْ يَرْضَ >> البخاري(2886 - 2887- 6435)وابن ماجة (4135)
فإذا كان طلبُ الرِّزق والاستكثار من المال للاستغناء عن النّاس مباحاً في الأصل ، و قد يكون مستحبّاً أو واجباً ؛ فإنَّ الاشتغالَ به على وجهٍ يكون هو أكبرَ همِّ الإنسان، وغايةَ مطلبِه ومبلغَ علمِه – من هذه الدنيا مذمومٌ ، وصاحبُه مدعوٌّ عليه بالتّعاسة وموصوفٌ بالعبودية له ، فقال فيه من لا ينق عن الهوى :((تَعِسَ عَبْدُ الدِّينَارِ وَالدِّرْهَمِ)) فكيف بلهوٍ ولعب مُشغلٍ ، أقلُّ ما يقال فيه – تنزُّلاً - أنّه مكروهٌ ! فكيف إذا انضمّ َإلى ذلك حبه الشديد للهو بالباطل إلى النخاع، وتضييعٌ للصّلوات والواجبات حتى ضاع ، نهايك على أنه قمار بالأبدان وفيه وكشفٌ للعورات وإهدارٌ للأموال الطائلة والأوقات الهائلة ، وإثارة ٌ للنّعرات والعصبيَّات ، واختلاط الذكور بالنساء العاريات الكاسيات ، وسِبابٌ وشتائمُ ، وتخريبٌ و كسيرٌ للممتلكات ، وأذيَّةٌ للمسلمين والمسلمات .
بل فيها رفع لشعارات العنصرية والطائفية ، ورفع للصليب ، ومعتقدات اليهود وعباد الشياطين من الماسونية وغيرهم ، ورفع شديد وتعظيم للاعبين المشهورين حتى أصبحت تنصب لهم التماثيل وتنسج لهم الأساطير على أنهم أبطال وأي أبطال ؟؟؟
إنَّ النّاظر في أحوال المسلمين والمتصفِّح لما يُكتب في الصّحف والمواقع الإلكترونيّة ، وما ذكرته آنفا وما كتبه غيري من العلماء وطلبة العلم ليرى كيف أصبحت هذه اللُّعبة اللعينة تضاهي العبادة ولك أن تقارن بين محبة الله ، ومحبة هذه الكرة في نفوس الشعوب ليس الكفار فحس ؛ بل حتى المسلمين، لترى كيف أنهم يحبونها حبا جما ، ولا يفضلون على محبتها شيئا يظهر ذلك جليا عند مواعيد إقامة المباريات حتى ضيعوا أعظم ركن في الإسلام بعد الشهادتين وهو الصلاة ؛ بل كثيرٌ من أصحابها صار اهتمامهم بها أبلغَ من اهتمامهم بالعبادة ، فقد ضعف الوازع الديني عندهم إلى هذه الدرجة أن قدموا هذه اللعبة على العبادة وإلا كيف نفسر أن المؤذن يؤذن لصلاة العصر وهم خاشعون في الفرجة التي ملكت عليهم عقولهم .
عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما- أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «الَّذِي تَفُوتُهُ صَلَاةُ الْعَصْرِ كَأَنَّمَا وُتِرَ أَهْلَهُ وَمَالَهُ» أخرجه مالك في الموطأ ( 21) والبخاري ( 552- 3602) ومسلم(626). وفي بعض المقابلات تجري في وقت المغرب والعشاء فلا يحضرهما إلا النزر القليل وبعضها بعد العشاء إلى وقت متأخر من الليل وتعلمون ما جاء عن نبينا في الكلام بعد العشاء والسهر في غير طاعة ..
ومن أضرار هذه الكرة ومنكراتها أن تقتل الولاء والبراء وتضعف محبة الدين في النفوس،
فيرى المسلم الدين يرفعون الصليب وتشهيره ولسبه لإظهار عقائدهم كما يرى آخرين يفعون طقوس كفرية وشركية سواء في الملاعب أو في غرف تبديل الملابس أو في المدرجات ولا يحرك ساكنا ، كما يرى ويشاهد اختلاط اللاعين المسلمين باللاعبين الكفرة ويقيمون معهم مودة ومحبة ومنهم من غير جنسيته ...
ومن منكراتها أن من عقيدة الكثير من اللاعبين أنه إذا دخل أرض الملعب أخذ شيئا من تراب الأرض ويصنع به الصليب ، وبعضهم يفعل ذلك أي علامة الصليب دون أخذ التراب ، أما المتفرجين فالكثير منهم يلبس الصليب أو يحمل على ثوبه صورة الصليب ومنهم من يلوح بإشارات معتقد عبدة الشياطين والملحدين ؛ هذا عند الكفار يتبركون بهذه الإشارات التعبدية في دينهم الذي اتخذوه لهوا ولعبا ، أما عند المسلمين فمنهم من يلجأ إلى الشعوذة والكهانة ، والعرافين ، فقد قيل لي بالتواتر أن بعضهم إذا حان وقت المباراة أحضر ديكا عند المرمى وتمتم عليه ببعض الرقى الشركية أو رمى شيئا من الماء المخلوط بماء الورد الذي يسميه الكثير [الزهر ] أي الحظ ، وآخرون يذهبون عند الكهنة والمشعوذين يتكهنون لهم النتيجة ،أو يفعلون لهم التمائم ونقرأ ونسمع في الجرائد وعلى ألسنة الصحفيين كلمة ( سوء الطالع ) عند الهزيمة ، والخسارة وكأنها قمار ، وكل هذا الشرك من أجل هذه اللعبة .
وهؤلاء القوم شغفوا بها وعشقوها إلى درجة أن كثيرا منهم مات أو يموت من أجلها ، ومنهم من يرضى بالحر والقر ، وشد الرحال وصرف الأموال والأوقات في سبيلها، ومنهم يمرض ويبقى الشهور وهو معلول وخاصة إذا حصلت الهزيمة لفريقه الذي يسانده ، ويناصره ، ولا تسأل عن الشتائم والسب والتعيير والتنقيص للمدرب واللاعبين بعد الخسارة ، فإذا فاز فريقه طار فرحا وجاءه الشفاء ، وعلى خصمه المسلم اللعنة والعفاء، ويبقى الحديث عن أحداث المباراة ومجرياتها لشهر أو شهور .. ناهيك عن الهستريا الفرح التي تصيب اللاعب حين يسجل هدفا وتنتقل تلك الهسستريا إلى جميع اللاعبين والطاقم المصاحب من مدرب وغيره ثم إلى المناصرين ، أما عند صفارة الحكم لنهاية المقالة فحدث ولا حرج عن الفرح والصراخ والصفير والاحتفال لا يرى له نظير تعبيرا عن نصرهم العظيم ..
ويسال فيه الكثير من الحبر ، ويقال فيه الكلام الكثير في الإعلام المكتوب والمسموع ، وهذه التعبئة وهذا الشحن إنما هو ناتج عن المحبة العظيمة لهذه اللعبة التي أصبحت دين الشعوب كما يقول الكاتب الصحفي البريطاني (( آندي وست )) أن الكرة دين الشعوب - والعياذ بالله – وأنتج ذلك كله ضعف الدين أو قتله في نفوس الكثير من شباب الأمة حيث أصبح الكثير منهم يوالي غير المسلمين من الأندية واللاعين ويهون من شأن المسلمين وبعضهم يكره اللاعين المسلمين فتراهم يرتدون ثيابا عليها صور اللاعبين المحبوبين عندهم .
2- تشريع قوانين لها يعاقب مخالفوها عقوبات مالية وبدنية ، مما يخالف شرع الله سبحانه وتعالى ، ويجعل هذه اللعبة تدخل في القمار ، فإن جميع الدول المشاركة في الفيفا تدفع لها أموالا بطرق غير مباشرة ، وهذه الأخيرة تصدر لهم قوانين المباريات وتبيعها على إعلامهم بأموال طائلة
وتأخذ من مردود المباريات نصيها وحظها الأوفر ثم تشتري منها الكأس، والجوائز المقدمة للفائزين من اللاعبين ، ليتقامروا عليها بأجسادهم وأوقاتهم ، وتدخل هده اللعبة ضمن القمار الذي نهى الله عنه .
ثم إن الفيفا لها نظام عالمي وقانون يضاهي قانون الإسلام ، وأعضاء منظمة الفيفا اليوم تجاوز عددهم عدد منظمة الأمم المتحدة ، ومنظمة الينسكو ، وقد ألزموا به الدول الإسلامية حتى دفعوا الأموال الباهضة لهذه المنظمة الكافرة ، التي تستثمر في هذا الأفيون لتخدر به الشعوب ،بأموال الشعوب ، وقد رضي بذلك المسلمون شعوبا ، وأولياء أمورهم أغنياء وفقراء ، وأصبحوا يوالون عليه ويعادون فيه ،حتى فيما بينهم ، بل أصبح كثير من أبناء المسلمين يقدمون أبناء الكفرة على أبناء ملتهم ، ويهتفون بأسمائهم ، ويحملون صورهم وشعاراتهم حتى في بيوت الله التي أذن الله أن ترفع ويذكر فيها اسمه ، عنوانا على محبتهم لهم ، وهذه أسواقنا مليئة بصور اللاعبين في كل شيء على الملابس والمعلبات واللوحات والسيارات وغيرها ولا حول ولا قوة إلا بالله ، فهذا المسلم يدخل المسجد ليصلي وعلى ظهره أو صدره صورة اللاعب المشهور الفلاني وذاك يحمل صورة الفريق الفولاني ، وآخر يصلي في بدلة الرياضة للفريق الفلاني وفيها الصليب، وآخر يحمل
صورة الفرقة الموسيقية المساندة ، وإمام من فوق المنبر يدعو للفريق بالانتصار، والمأمومين بالتأمين جهارا ، ويخفف الصلاة من أجل أن لا تفوتهم اللعبة في المباراة وآخر يفتي للاعبين بالإفطار في رمضان وكأنهم في معركة مع الكفار.
3 - التفريق بين المسلمين ، على قاعدة أعداء الله التي ارتضاها العلمانيون والحزبيون من هذه الأمة " فرق تسود " فبعدما نجحوا في وضع الحدود الجغرافية بين بلاد المسلمين ،ها هم يجلبون عليهم بمخططاتهم ومكرهم ، نساء ورجالا ، شبابا وشيوخا ليذيقونا وبالا، وليوقعوا بيننا العداوة والبغضاء ، بشعارات براقة سخيفة ورثتنا المهانة والمذلة ، والضعف والانهزامية أمام الكفار، والحسد والبغضاء والمقت لبعضهم البعض، وصدق من قال : أسد علي وفي الحروب نعامة .
وقد قال تعالى : {{.. والمسلمون والمسلمات بعضهم أولياء بعض يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر ..}} وقال - صلى الله عليه وسلم:- << مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم كمثل الجسد الواحد ..>>. منفق عليه .
وقال:<< «دَبَّ إِلَيْكُمْ دَاءُ الْأُمَمِ قَبْلَكُمُ: الْحَسَدُ، وَالْبَغْضَاءُ، وَالْبَغْضَاءُ هِيَ الْحَالِقَةُ، لَا أَقُولُ تَحْلِقُ الشَّعَرَ، وَلَكِنَّهَا تَحْلِقُ الدِّينَ... >> أخرجه الترمذى [2510]، وأحمد [1/ 167]، والمروزى في "تعظيم قدر الصلاة" [1/ رقم 465]، وأبو داود الطيالسى [193] وحسنه الألباني في صحيح الترمذي (2: 307) رقم (2038) فقال (حسن - التعليق الرغيب (3/12) ، الإرواء (228) ، تخريج مشكلة الفقر 20 غاية المرام (414).
وهذا الحديث وإن كان خبر فهو خرج مخرج الإنشاء، ومعناه أنه يحذر المسلمين من الوقوع في الحسد والبغضاء لعضهم البعض ، ويحذرهم الداء الذي وقع فيمن قبلهم من الأمم فأهلكهم وذهب بدينهم ، والحسد والبغضاء صفتان جد قبيحتان تحلقان الدين وتذهبا به .
وما تركته المباريات الأخيرة بين الكثير من شعب مصر وشعب الجزائر من الموتى والجرحى والاعتداءات ، والتعبئة التحريضية للمقابلة الفاصلة وبعدها والتصعيد الإعلامي لتمزيق الأخوة الإسلامية بين البلدين والشعبين المسلمين إلا دليل واقعي قطعي على ما نقول ، وهذا لا يعني أن ما وقع خاص بالجزائر ومصر فهناك دول أخرى إسلامية مماثلة حصل بينها الحسد والبغضاء والآثار السلبية بسبب هذه اللعبة البغيضة مما ينذر بالخطر ، و يجلب على هذه الدول وسياستها وشعوبها البلاء والشر ، وربما يأتي اليوم الذي تتقاتل فيه الدولتان بجيشهما بسبب هذه اللعبة اللعينة ، فتنتقم الدولة المنهزمة من الدولة الفائزة ،أو الفائزة من المنهزمة ولو أن تأخذها على حين غرة وغفلة منها بسبب القتلى والجرحى الذين سقطوا شهداء الملاعب ولا حول ولا قوة إلى بالله .
4 - تضييع الأوقات والأعمار في اللعب على حساب الواجبات والفرائض ، والله توعد على ذلك بقوله :{{ دعهم يخضوا ويلعبوا حتى يلاقوا يومهم الذي يوعدون }} ويقول سبحانه : {{ أفحسبتم أنما خلقناكم عبثا وأنكم إلينا لا ترجعون }} ويقول : {{ .. وذر الذين اتخذوا دينهم لهوا ولعبا وغرتهم الحياة الدنيا .. }} .
ويوم القيامة يكون جوابهم على حسب ما كانوا عليه أو ماتوا عليه وهم في سقر يسألون :{{ ما سلككم في سقر قالوا لم نكن من المصلين .. ..}} إلى قوله {{ وكنا نخوض مع الخائضين }} المدثر .
فكثير من الناس إذا كانت مقابلة مبرمجة يحضرون لها أنفسهم قبل اللقاء بأسبوع ، ويعبئون لها إعلاميا وسياسيا ودينيا ويجتهدون غاية الاجتهاد في الدعاية ، والتحريض ، وصرف الأوقات والأموال في ذلك ،واللهو واللغو والصخب والصراخ إلى أوقات متأخرة من الليل ، أما اليوم الذي تجري فيه المباراة فحدث ولا حرج ، حيث هناك من الناس من يذهب في الصباح الباكر لحجز المكان ، ومنهم من يسافر المسافات البعيدة من أجل حضور اللقاء المرتقب ، ولا يحضر الصلوات في تلك الأوقات وربما هو كذلك في سائر الأيام والمسجد لا يبعد عنه إلا أمتارا ، وآخرون يخرجون بالطبول ، والمزامير ، والمجون والزغاريد من النساء والاختلاط ،والألعاب النارية ، ويفرطون في الجمع والجماعات والواجبات الأسرية والوظيفية ،ويحدثون فوضى في المدينة التي تقام فيها المباراة حيث يكلف ذلك الخزينة أموالا باهضة هي في غنى عنها ، فتجند لذلك الطاقات الأمنية البشرية والمادية للحفاظ على أمن الدولة وممتلكاتها ، وأمن المواطن وممتلكاته ، ولردع المشاغبين وبعد نهاية كل مباراة يتجدد نفس السيناريو -إن صح التعبير - ويحدث في كل مرة أضرار وأضرار تصل في بعض الأحوال إلى الإعاقة وفي بعض الأحيان أو الموت، والله المستعان, وما لهدا خلقوا .
5- ومما يؤسف له جدا أن يقع في شباك هذه الخدعة في هذه اللعبة من يحسبون على السنة ، والاستقامة على المنهج السلفي - زعموا - بحجة أن المقابلة بين دوليتين إسلاميتين ، فنظروا إلى هذا الجانب الذي أوتينا منه ، ولم ينظروا إلى الآثار السلبية المترتبة على ذلك ، من المحبة لهذه اللعبة الحب الشديد الذي ينقص من حبهم لله ورسوله ، أو يذهبه ، والحب والبغض فيها ، والولاء والبراء عليها ، وإضاعة الواجبات والوقوع في المخالفات ،مما أشرت إليه آنفا والإقرار للمنكرات التي عليها القوم حيث لا يمكنهم تغيير المنكر ولا الأمر بالمعروف ، بل أصبحوا يؤآكلونهم ويشاربونهم حتى اعتادوا عليه ، وماتت الغيرة على حدود الله ومحارمه ،وقد قال الله تعالى : {{ لعن الذين كفروا من أهل الكتاب على لسان داود وعيسى بن مريم ذلك بما عصوا وكانوا يعتدون * كانوا لا يتناهون عن منكر فعلوه لبئس ما كانوا يفعلون }}.
وسأنقل لك أخي القارئ بعض المفاسد التي سطرها الشيخ حمود التويجري رحمه الله في كتابه الموسوم: "بالإيضاح والتبيين لما وقع فيه الأكثرون من مشابهة المشركين[ص224/ 244 ]حيث ذكر سبعة وجوه في تحريمها فقال رحمه الله :
1 - أن فيها تشبها بالكفار. قلت : والاتباع لهم شبرا شبر، وحذو القذة بالقذة .. كما جاء عن المعصوم صلى الله عليه وسلم .
2- أن فيها صدا عن ذكر الله . قلت : وتضيعا للواجبات في كثير من الأوقات .
3 - أنها مشتــملة على المضرة . قلت : فها هي الأرواح في كثير من المباريات تسقط والأعراض تنتهك ،وحدود الله تتجاوز، وها هو الواقع يتكلم .
4 - أن اللعب بها من الأشر والمرح ومقابلة النعم بضد الشكر.
5 - أنه يكثر بين اللاعبين الوقاحة والبذاءة وسلاطة اللسان من السب والشتم ونحوه . قلت : فكم من لاعب ضرب ، وكم من لاعب طرد وسلطت عليه غرامات، بسبب الوقاحة والبذاءة والسب والضرب .
6 - أن فيها كشـفا للعورات وهذا محرم. فلا يجوز لأي لاعب أن يرتدي سروالا ساترا ، أو مخالفا لما عليه قانون هذه اللعبة .
7 - أنها من اللهو الباطل. قلت : لأنها اشتملت على مفاسد كبيرة وكثيرة كما ينت آنفا في المقال ..
8 - قلت : تصد كثير من الشباب عن تعلم العلم وتدفعهم إلى ترك الدراسة وتجعلوهم يتعلقون بها لما فيها من الأموال واللهو واللعب ، وليس الرياضة من أجل تقوية البدن وإعداده تحسبا لليوم الموعود ، فقد أصبحنا نسمع كثيرا من أبنائنا من يقول : لماذا أدرس وأتخرج طبيبا أو مهندسا أو معلما ، وذلك اللاعب الذي لم يدرس يتحصل على أموال طائلة بقدمه ويرفع من قدره ويعظم من شأنه بسبب اللعب ، وأنا الذي تعبت في الدراسة وطلب العلم أعمل واتقاضى راتبا
زهيدا ، فهذه المقارنة التي أصبحت سائدة عند الكثير مما تصد ، وتفسد علينا أبناءنا .
9 - توجه كثير من أبنائنا برغبة كبيرة وعاطفة جامحة للعب في أندية كافرة بزعم الاحترافية ، فأورث ذلك محبة وولاء لأولئك الكفار وتزهيدا في لبلدانهم ، واحتقارا لأنباء أوطانهم على أنهم لا يحسنون هذه اللعبة ، التي أورثت من لا يحترف في بلاد الكفر مهانة ومذلة ، ولا حول ولا قوة إلى بالله .
هذا وقد تجد بعض الدول أو الأشخاص أو التجار المسلمين يشترون أندية أو أسهم في أندية كافرة بأموال طائلة ولو أنفقوها في ما ينفع المسلمين لكان خيرا لهم وأقوم عند الله .. وفي الأمة من لا يجدون الخبز والمآوى ، الذين شردتهم الحروب والفتن والفقر ...
وأضف إلى ذلك ما يحصل من فتنة لبنات المسلمين ونسائهم من تتبع أخبار اللاعبين والافتتان بهم.. وقد حصلت قضايا طلاق ،بسبب بعض المباراة ، أو اللاعبين ، وقد أخبرني بعضهم والعهدة عليه أن رجلا دخل بيته وبعد استراحته شغل التلفاز فرأى قبلة مصورة على شاشة التلفزيون ، فسأل عن ذلك أحد أبنائه فأخبره بأن أمه قبلت أحد اللاعبين المشهورين ...
وأضف إلى ذلك أيضا أن يتشبه النساء بالرجال بحيث يصبح لهن أندية رياضية (نسوية) تمارس المرأة فيه حقها (بل عقوقها) في مزاولة اللعبة في أندية مغلقة (بداية) ثم مفتوحة في النهاية وقد وجد للأسف في بعض الدول المسلمة مثل هذا.. وهذا والله خطر عظيم يحصل به فساد كبير ولا حول ولا قوة إلا بالله .
وأضف إلى ذلك دعم الفريق بالأغاني والهراء الفني واستقباله عند عودته من المعركة الفاصلة كما يسميها البعض متنصرا بإقامة أعراس وأفراح شيطانية تطرب لها شياطين الإنس والجن ، وكأنهم بالفعل فتحوا حصونا يسيطر عليها العدو ، أو انتزعوا منه قلاعا كانت محاصرة تحت وطأته وما ينتج عن ذلك من ضعف إنكار المنكر. و .. و..
ثم أضف إن شئت ما يحصل من كذب وأخبار وإشاعات وزور إعلامي ينشر في الصحف وتشغل الجماهير (الغفيرة) في قيل وقال وفي ما لا طائل تحته .. وتشغلهم بالمحطات الفضائية التي تغطي كل التفاصيل المملة عن تاريخ الفريق وحياة اللاعبين واحترافهم ، وقيمة شرائهم . و.. و ..إلخ مما يصرف المسلمين عن قضاياهم الأساسية ، حتى يتفرغ أعداء الإسلام لمخططاتهم للهيمنة علينا وعلى ثرواتنا .
وأخيرا ما يحرض ويعزز من التعصب المقيت لهذا أو ذاك أو الفريق والفريق الآخر بحجة مباراة قمة (في الجهل والغباء ) . وما فيه من إحياء لدعوى الجاهلية التي حذر منها رسول الله- صلى لله عليه وعلى آله وسلم - بقوله :<< أبدعوى الجاهلية وأنا بين اظهركم >>رواه الشيخان ونحن نقول : أبدعوى الجاهلية وكتاب الله وسنة رسوله بين أظهركم يا مسلمين . اسمعوا إلى هذا التنبيه.
تنبيه مهم : ذكر في تقرير عن الماسونية أن من أهدافهم أنهم يشغلوا الناس بقضايا جانبية كالرياضة والموسيقى والأفلام والمسلسلات إلخ.. حتى يتمكنوا من الأمم.
وأخيرا :
أضف إلى كل ما ذكرت أن هناك بعض الانتهازيين من المشجعين ، والأنصار – زعموا - من الإخوان المسلمين والحزبيين الذين بالأمس القريب خرجوا للشوارع يتظاهرون بمناصرة غزة في فلسطين وينادون بالموت لأسرائيل ، وفتح أبواب مصر للجهاد في فلسطين اليوم يحملون نفس الشعارات يهتفون بها ضد إخوانهم وبني جلدتهم ، ومنهم من استغل الوضع لأن الدولة خصصت مبالغ مالية في ميزانية كبيرة لعلهم يحوزون على النصيب الأوفر فهمهم بطونهم وقبلتهم أهواءهم ومصالحهم ، وحيث تجري الرياح يكون لهم الصراخ والصياح ، وما بهذا يكون النصر وتعود العزة والكرامة ، ويكون الفلاح ، فإن هذا الذي يسمونه نصرا وفوزا إنما هو عار وخزي ودمار لخير أمة أخرجت للناس ، وإن الفائز الحقيقي في هذه اللعبة اللعينة هم أعداء الله الذين ألهوننا عن عبادة الله وإفراده بالوحدانية ، والجهاد في سبيل الله من أجل إعلاء كلمة الحق وتمكين دين الله في الارض.
نسأل الله أن يبصر المسلمين بما يحدق بهم من خطر ويحيط بهم من مكر ، ونسأله أن يردنا وإياهم إلى التمسك بالكتاب والسنة على منهج صالح سلف هذه الأمة إنه ولي ذلك والقادر عليه .
وليعلموا أنه لن يصلح آخر هذه الأمة إلا بما صلح به أولها .
تنبيه إلى كل عاقل نبيه :
لما كتبت هذا المقال ونشرته في بعض المتنديات جاءني تعليق في منتديات البيضاء العلمية وكان أول تعليق عليه من أبي أسامة سفيان الجزائري قال فيه :
الأُستاذ الفاضل لعويسي لحد الآن لم أسمع في حدود علمي من أهل العلم
منْ وصف كرة القدم بالصنم لأنَّ هذا الأُسلوب من أساليب القطبيين والتكفريين
وحاشا أن تكون منهم لعلى فهمت عنوان مقالكم خطأ نرجو التوضيح سلمكم الله
أخوكم ومحبكم : سفيان ابن عبد الله الجزائري .
فكان جوابي عليه كالتالي :
أما بعد: جزاك الله خيرا على حرصك وتمسكك بمنهج السلف ، وبارك فيك على ذبك وردك كل ما يخالفه ، وإني شاكر لك تنبيهك وتذكيرك بالاستفسار الذي وجهته لي عقب تنزيلي هذا الموضوع ،وللبيان أقول :
أولا :لست أدري هل استوقفك العنوان فقط ، أم قرأت الموضوع بكامله ،فإن كان الأول فالرجاء منك أن تقرأ الموضوع كاملا ثم ترسل تنبيهك ، وإن كان الثاني ، فأين وجدت في الموضوع بأني كفرت أحدا من المسلمين بسبب هذه اللعبة اللعينة ؟
فأنا إنما وضفت واقعا وأرسلت تحذيرا لأمر ذمه الله وتوعد عليه بالنار ، ولعلك تقرأ قول الله تعالى :{{ وذر الذين اتخذوا دينهم لعبا ولهوا وغرتهم الحياة الدنيا ...}}. الأنعام :70/ . مع قوله تعالى :{{ﵟيَٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ لَا تَتَّخِذُواْ ٱلَّذِينَ ٱتَّخَذُواْ دِينَكُمۡ هُزُوٗا وَلَعِبٗا مِّنَ ٱلَّذِينَ أُوتُواْ ٱلۡكِتَٰبَ مِن قَبۡلِكُمۡ وَٱلۡكُفَّارَ أَوۡلِيَآءَۚ وَٱتَّقُواْ ٱللَّهَ إِن كُنتُم مُّؤۡمِنِينَ ٥٧ ﵞ }} المائدة :57 .
مع قوله سبحانه : {{ الذين اتخذوا دينهم لهوا ولعبا}} الأعراف :51/ فهذا اللهو واللعب الذي ذمه الله تعالى ، لا يكون إلا عن هوى ، وقد قال سبحانه: {{ أَفَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلَهَهُ هَوَاهُ وَ أَضَلَّهُ اللَّهُ عَلَى عِلْمٍ}} الجاثية 23 [ .
وغيرها من الأدلة على أن من لَهـَا قلبه بشيء وأحبه ووله به ولعب به عن هوىً مع اعتقادٍ وصدٍ عن ذكر الله والصلاة فقد اتخذه إلاها من دون الله ..
ثانيا : قال الأخ فريد أبو ندى عبد الحفيظ - جزاه الله خيرا- وقد تولى الجواب على استفسار الأخ سفيان ابن عبد الله الجزائري الذي علق به على موضوعي في منتديات البيضاء أول ما أنزلتُ الموضوع ، وقد رددت عليه ابتداء برد مختصر ، ولما جئت لأرد عليه بالتفصيل وجدت الأخ فريد قد سبقني إلى ذلك بشواهد تنقطع لها أعناق الإبل، فلم يبق لي مجالا للكلام ، وقد أعدت النظر في هذه الرسالة بعد أن قرأها عليا بعض - إخواني - فأضفت إليها بعض الأمور ، وأدخلت بعض الجمل على كلامه - حفظه الله- وأمليتها على المذكور فقام بإقحامها دون إشارة منه إلى أن أصل الكلام هو مما علق به الأخ فريد جوابا على استفسار سفيان ابن عبد الله الجزائري فما تجد تحته خطا وبلون مغاير للون الأسود فهو من كلامي ، وليس من كلام الأخ فريد ، وما ليس كذلك فهو له حفظه الله ،قال :
وكيف لا تصبح هذه المصيبة صنما وقد تعلقت بها قلوب الناس حتى هاموا بها ، وقدموها على حب الله ورسوله فتسمعهم يسمون تنقلهم إلى السودان حجا واصطدامهم بإخوانهم جهادا واللاعبين مجاهدين والمقابلة معركة ، والمناصرين مرابطين ، وبعضهم صرف المال الذي
ادخره للأضحية على التذكرة فأصبحت الكرة مقدمة عنده على طاعة ربه ومرضاته والتقرب إليه، وقد سمعنا من يقسم بالله لو يخسر فريقه أنه لا يضحي ولا يشتري الأضحية ،وحتى سمعنا بعضهم يصيح و يصرخ "من قتل مصريا دخل الجنة" والعياذ بالله، فإذا أنكرت عليه رموك بالخيانة والعمالة، للوطنية ، وحب الوطن ، مع أن الوطنية والقومية بهده الصفات نعارات جاهلية ، وحب الوطن هو غريزة في نفوسنا فلا مزية له على غيره من الغرائز التي جبلنا الله عليها ،قرأته للشيخ الألباني - رحمه الله - وقال الشيخ العثيمين - رحمه الله : -في شرح البيقونية [77] بعد تمثيله للمشهور عند العامة بحديث: >>حب الوطن من الإيمان << هو حديث موضوع مكذوب، بل المعنى أيضا غير صحيح ؛ بل حب الوطن من التعصب . والحديث حكم عليه كثير من العلماء بالوضع ،كما في كشف الخفا للعجلوني ..
إنَّ حب الوطن من الأمور الفطرية التي جبل عليها الإنسان، فقد قضت حكمة الله تعالى أنْ يستخلف الإنسان في هذه الأرض ليعمرها على هدى وبصيرة، وأنْ يستمتع بما فيها من الطيبات والزينة، لاسيما أنها مسخرة له بكل ما فيها من خيرات ومعطيات؛ فإنَّ حب الإنسان لوطنه، وحرصه على المحافظة عليه واغتنام خيراته؛ إنما هو تحقيق لمعنى الاستخلاف الذي قال فيه سبحانه وتعالى : {{ ويستخلفكم في الأرض فينظر كيف تعملون}} الآية [الأعراف: 129)
وقوله سبحانه :{{ .. ثم جعلناكم خلائف في الارض من بعدهم لينظر كيف تعملون }}الآية [يونس :14] .
إنَّ حبّ الإنسان لموطنه الذي عاش فيه وترعرع في أكنافه، أمرٌ يجده كل إنسان في نفسه، فحب الوطن غريزة متأصّلة في النفوس، تجعل الإنسان يستريح إلى البقاء فيه، ويحنّ إليه إذا غاب عنه، ويدافع عنه إذا هوجِم، ويغضب له إذا انتُقص.
يقول الأصمعي: "قالت الهند: ثلاث خصال في ثلاثة أصناف من الحيوانات: الإبل تحن إلى أوطانها وإن كان عهدها بها بعيدًا، والطير إلى وكره وإن كان موضعه مجدبًا، والإنسان إلى وطنه وإن كان غيره أكثر نفعًا". وهذا الأمر ـ وهو حب الإنسان لوطنه ـ غريزة في بني الإنسان، وجدها أفضل الخلق صلوات ربي وسلامه عليه، لمكة شرفها الله : فقد أخرج الترمذي في جامعه عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ((ما أطيبكِ من بلد، وما أحبكِ إليّ، ولولا أن قومي أخرجوني منك ما سكنت غيركِ)). صحيح الترمذي( 3926)وصحيح الجامع ( 5536 ).
وليست الوطنية ترديد شعارات، أو ادعاءات مجردة، أو صخب في الشوارع ومظاهرات ، وغناء فاحش ورقص في اختلاط بين الجنسين وطبول ومزامير ، وسخرية من الآخرين وإنما هو شعورٌ بالانتماء لوطنه وبلاده، ومجتمعه الذي يعيش فيه، وبذل كل ما هو غالٍ ونفيس للدفاع عن أراضيه وتقديم كل ما هو مفيد لدينه ووطنه مما تنتجه العقول الناضجة الراشدة من الابداع والاكتفاء الذاتي بالاستغناء عن الغير . ومما ينبغي أن يعلم أن كل أرض إسلامية فهي وطن لكل مسلم فعليه أن يعتقد عقيدة جازمة أن دلا الإسلام وطنه ينغي عليه أن يدافع عنها وعن أهلها فهم إخوانه في الدين بنص كلام رب العالمين .
أما تسمية بعض الضلالات والشركيات بالصنم، فهي تسمية ليست خاصة بأصحاب الحزبيات، فقد أطلقها السلف قديما على بعض الأهواء و الضلالات فتطلق على بعضها و لا يراد بها الكفر المخرج من الملة ، قال هارون بن معروف "من قال القرآن مخلوق فهو يعبد صنما" {معارج القبول} للشيخ حافظ حكمي.
قلت : أخرجه عبد الله بن أحمد في السنة (1/ 127) : «67 - حَدَّثَنِي هَارُونُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْحَمَّالُ، قَالَ : قَالَ لِي هَارُونُ بْنُ مَعْرُوفٍ: " مَنْ قَالَ الْقُرْآنُ مَخْلُوقٌ فَهُوَ يَعْبُدُ صَنَمًا، ثُمَّ قَالَ لِي: احْكِ هَذَا عَنِّي "» وابن بطة في الإبانة (273). بسند صحيح.
وقال أيضا : "من زعم أن الله عز وجل لا يتكلم، فهو يعبد الأصنام" (رواه عبدالله بن أحمد في السنة رقم (209) بسند صحيح).
قال فريد أبو ندا : وكان أهل السنة يقولون " الممثل يعبد صنما، والمعطل يعبد وثنا" ..
قلت : ذكره في «مجموع الفتاوى» (5/ 196): فقال : «وَقَوْلُهُ: {وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ} - رَدٌّ عَلَى أَهْلِ النَّفْيِ وَالتَّعْطِيلِ فَالْمُمَثِّلُ أَعْشَى وَالْمُعَطِّلُ أَعْمَى: الْمُمَثِّلُ يَعْبُدُ صَنَمًا وَالْمُعَطِّلُ يَعْبُدُ عَدَمًا»
ويقول ابن القيم - رحمه الله - : لسنا نشبِّه ربنا بصفاتنا -- إن المشبِّه عابد الأوثان
كلا ولا نخليه من أوصافه - - إن المعطل عابد البهتان .
فالممثل: اعتقد أو تصور في ذهنه صورةً لربه نحتها من خياله وزعم أنها حقيقة ما دلّت عليه نصوص الكتاب والسنة ثم عبدها من دون الله؛ فهو في الحقيقة يعبد صنماً.
أما المعطل: فلأن اعتقاده مبني على النفي المحض المفرغ من الإثبات والتنكر لمعظم الصفات، فهو لا يثبت شيئاً كما تقدم كان كالذي لا يعبد إلا العدم المحض. شرح الطحاوية صالح بن عبد العزيز آل الشيخ .
قال فريد أو ندا : ومنه حديث عدي بن حاتم الذي رواه الترمذي قال: "قدمت على النبي - صلى الله عليه وسلم- وفي عنقي صليب من ذهب، فقال لي: ألق هذا الوثن عنك" فعد صلى الله عليه وسلم الصليب وثنا.
قلت : جاء في «تهذيب اللغة» (15/ 105):
«أَرَادَ ب (الوثن) : الصَّليب. معاني القرآن للزجاج (3 / 425).
وفي الجامع لعلوم الإمام أحمد – العقيدة (3/ 172): «قال الخلال: قال المروذي: وحدثنا أبو عبد اللَّه قال: ثنا إسماعيل، عن ليث، عن طلحة قال: قال مسروق: شارب الخمر كعابد اللات والعزى، شارب الخمر كعابد وثن » رواه عبد الرزاق 9/ 237 (17064)، وابن أبي شيبة 5/ 96 (24059) وسعيد بن منصور في سننه ( 817-818) .
وفي «تاريخ أصبهان = أخبار أصبهان (1/ 305) : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «شَارِبُ الْخَمْرِ كَعَابِدِ وَثَنٍ، وَشَارِبُ الْخَمْرِ كَعَابِدِ اللَّاتِ وَالْعُزَّى» وهو في صحيح الجامع (3701) وقال صحيح .
فَجَعَلَهُ النبي - صلى الله عليه وسلم - مَقْرُونًا بِالشِّرْكِ لِتَغْلِيظِ تَحْرِيمِهِ. فَإِنْ شَرِبَ الْخَمْرَ مُسْتَحِلًّا كَفَرَ بِهِ بالإجماع .
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية كما في مجموع الفتاوى (32 /218) وَصَحَّ عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - أَنَّهُ مَرَّ بِقَوْمِ يَلْعَبُونَ بِالشِّطْرَنْجِ فَقَالَ: مَا هَذِهِ التَّمَاثِيلُ الَّتِي أَنْتُمْ لَهَا عَاكِفُونَ؟ شَبَّهَهُمْ بِالْعَاكِفِينَ عَلَى الْأَصْنَامِ كَمَا فِي الْمُسْنَدِ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ: {شَارِبُ الْخَمْرِ كَعَابِدِ وَثَنٍ} وَالْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ قَرِينَانِ فِي كِتَابِ اللَّهِ تَعَالَى .
وقال رحمه الله كما في الفتاوى الكبرى لابن تيمية (4/ 457) :
وَالْمَقْصُودُ أَنَّ الشِّطْرَنْجَ مَتَى شَغَلَ عَمَّا يَجِبُ بَاطِنًا أَوْ ظَاهِرًا حَرَامٌ بِاتِّفَاقِ الْعُلَمَاءِ وَشَغْلُهُ عَنْ إكْمَالِ الْوَاجِبَاتِ أَوْضَحُ مِنْ أَنْ يَحْتَاجَ إلَى بَسْطٍ.
وَكَذَلِكَ لَوْ شَغَلَ عَنْ وَاجِبٍ مِنْ غَيْرِ الصَّلَاةِ مِنْ مَصْلَحَةِ النَّفْسِ أَوْ الْأَهْلِ، أَوْ الْأَمْرِ بِالْمَعْرُوفِ أَوْ النَّهْيِ عَنْ الْمُنْكَرِ، أَوْ صِلَةِ الرَّحِمِ أَوْ بِرِّ الْوَالِدَيْنِ، أَوْ مَا يَجِبُ فِعْلُهُ مِنْ نَظَرٍ فِي وِلَايَةٍ أَوْ إمَامَةٍ أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ مِنْ الْأُمُورِ، وَقَلَّ عَبْدٌ اشْتَغَلَ بِهَا إلَّا شَغَلَتْهُ عَنْ وَاجِبٍ، فَيَنْبَغِي أَنْ يُعْرَفَ أَنَّ التَّحْرِيمَ فِي مِثْلِ هَذِهِ الصُّورَةِ مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.
وَكَذَلِكَ إذَا اشْتَمَلَتْ عَلَى مُحَرَّمٍ أَوْ اسْتَلْزَمَتْ مُحَرَّمًا. فَإِنَّهَا تَحْرُمُ بِالِاتِّفَاقِ، مِثْلَ اشْتِمَالِهَا عَلَى الْكَذِبِ وَالْيَمِينِ الْفَاجِرَةِ، أَوْ الْخِيَانَةِ الَّتِي يُسَمُّونَهَا الْمُغَاضَاةَ أَوْ عَلَى الظُّلْمِ، أَوْ الْإِعَانَةِ عَلَيْهِ، فَإِنَّ ذَلِكَ حَرَامٌ بِاتِّفَاقِ الْمُسْلِمِينَ، وَلَوْ كَانَ ذَلِكَ فِي الْمُسَابَقَةِ وَالْمُنَاضَلَةِ، فَكَيْفَ إذَا كَانَ فِي الشِّطْرَنْجِ، وَالنَّرْدِ، وَنَحْوِ ذَلِكَ.
وَكَذَلِكَ إذَا قُدِّرَ أَنَّهَا مُسْتَلْزِمَةٌ فَسَادًا غَيْرَ ذَلِكَ مِثْلَ اجْتِمَاعٍ عَلَى مُقَدِّمَاتِ الْفَوَاحِشِ، أَوْ التَّعَاوُنِ عَلَى الْعُدْوَانِ، أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ، أَوْ مِثْلَ أَنْ يُفْضِيَ اللَّعِبُ بِهَا إلَى الْكَثْرَةِ وَالظُّهُورِ الَّذِي يُشْتَمَلُ
مَعَهُ عَلَى تَرْكِ وَاجِبٍ أَوْ فِعْلِ مُحَرَّمٍ فَهَذِهِ الصُّوَرُ وَأَمْثَالُهَا مِمَّا يَتَّفِقُ الْمُسْلِمُونَ عَلَى تَحْرِيمِهَا فِيهَا. وَإِذَا قُدِّرَ خُلُوُّهَا عَنْ ذَلِكَ كُلِّهِ فَالْمَنْقُولُ عَنْ الصَّحَابَةِ الْمَنْعُ مِنْ ذَلِكَ، وَصَحَّ عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - أَنَّهُ مَرَّ بِقَوْمٍ يَلْعَبُونَ بِالشِّطْرَنْجِ فَقَالَ: مَا هَذِهِ التَّمَاثِيلُ الَّتِي أَنْتُمْ لَهَا عَاكِفُونَ؟ شَبَّهَهُمْ بِالْعَاكِفِينَ عَلَى الْأَصْنَامِ، كَمَا فِي الْمُسْنَدِ عَنْ «النَّبِيِّ أَنَّهُ قَالَ: شَارِبُ الْخَمْرِ كَعَابِدِ وَثَنٍ . وَالْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ قَرِينَانِ فِي كِتَابِ اللَّهِ تَعَالَى.
وقال شيخ الإسلام في كتابه قاعدة في المحبة (81): ولهذا قد يطيع هذا المحب لغير الله محبوبه أكثر مما يطيع الله حتى يطلب القتل في سبيله كما يختار المؤمن القتل في سبيل الله وإذا كان محبوبه مطيعه من وجه وعبدا له فهو أولي بأن يكون هو مطيعه وعبدا له من وجه آخر
وإذا كان النبي صلى الله عليه وسلم قال: "شارب الخمر كعابد وثن" ومر علي رضي الله عنه بقوم يلعبون بالشطرنج فقال ما هذه التماثيل التي أنتم لها عاكفون وأظنه قلب الرقعة .
وذلك أن الله جمع بين الخمر والميسر وبين الأنصاب والأزلام في قوله تعالى {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالْأَنْصَابُ وَالْأَزْلامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ. إِنَّمَا يُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَنْ يُوقِعَ بَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ فِي الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ وَيَصُدَّكُمْ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَعَنِ الصَّلاةِ فَهَلْ أَنْتُمْ مُنْتَهُونَ}
مع أن الخمر إذا سكر بها الشارب كان سكره يوما أو قريبا من يوم أو بعض يوم وأما سكر الشهوة والمحبة الفاسدة من العشق ونحوه فسكره قوي دائم قال تعالى: في قوم لوط {لَعَمْرُكَ إِنَّهُمْ لَفِي سَكْرَتِهِمْ يَعْمَهُونَ}
فكيف إذا خرج عن حد السكر إلى حد الجنون بل كان الجنون المطبق لا الحمق كما أنشد محمد بن جعفر في كتاب اعتلال القلوب قال أنشدني الصيدلاني
قالت جننت على رأسي فقلت لها … العشق أعظم مما بالمجانين
سكران سكر هوى وسكر مدامة … ومتى إفاقة من به سكران
فصاحبه أحق بأن يشبه بعابد الوثن والعاكفين على التماثيل يعملونها على صورة آدمي
وقد قال سبحانه وتعالى: {وَقَالَ نِسْوَةٌ فِي الْمَدِينَةِ امْرَأَتُ الْعَزِيزِ تُرَاوِدُ فَتَاهَا عَنْ نَفْسِهِ قَدْ شَغَفَهَا حُبّاً} أي شغفها حبه أي وصل حبه إلى شغاف القلب وهي جلدة في داخله فهذا يكون قد اتخذ ندا يحبه كحب الله .
وإذا كان الشيطان يريد أن يوقع بين المؤمنين العداوة والبغضاء في الخمر والميسر ويصدهم عن ذكر الله وعن الصلاة فالعداوة والبغضاء التي يريد أن يوقعها بالعشق وصده عن ذكر الله وعن الصلاة بذلك أضعاف.
قلت : فإذا كان الشيطان يريد أن يوقع بين المسلمين العداوة والبغضاء في الخمر والميسر ويصدهم عن ذكر الله وعن الصلاة فالعداوة التي يريد أن يوقعها ينهم باللعب بالكرة ويصدهم بها عن ذكر الله وعن الصلاة أكثر كثير ، فح الخمر والمسر لساعة أو ويوم وح الكرة مجدر في القلو إلى الأبد .
ولابن القيم كلام متين وقوي في كتابه الفروسية(311) وهو يتكلم عن الشطرنج فقال : وَلَا يعلم أحد من الصَّحَابَة أحلهَا وَلَا لعب بهَا وَقد أعاذهم الله من ذَلِك وكل مَا نسب إِلَى أحد
مِنْهُم من أَنه لعب بهَا كَأبي هُرَيْرَة فافتراء وبهت على الصَّحَابَة يُنكره كل عَالم بأحوال الصَّحَابَة وكل عَارِف بالآثار وَكَيف يُبِيح خير الْقُرُون وَخير الْخلق بعد رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم اللّعب بِشَيْء صده عَن ذكر الله وَعَن الصَّلَاة أعظم من صد الْخمر إِذا استغرق فِيهِ لاعبه وَالْوَاقِع شَاهد بذلك ..
وَكَيف يحرم الشَّارِع النَّرْد ويبيح الشطرنج وَهُوَ يزِيد عَلَيْهِ مفْسدَة بأضعاف مضاعفة وَكَيف يظنّ برَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَأَصْحَابه إِبَاحَة ميسر الْعَجم وَهُوَ أبْغض إِلَى الله وَرَسُوله من ميسر الْعَرَب بل الشطرنج سُلْطَان أَنْوَاع الميسر ..
وَإِذا كَانَ اللاعب بالنرد كغامس يَده فِي لحم الْخِنْزِير وَدَمه فَكيف بِحَال اللاعب بالشطرنج وَهل هَذَا إِلَّا من بَاب التَّنْبِيه بالأدنى على الْأَعْلَى ..
وَإِذا كَانَ من لعب بالنرد عَاصِيا لله وَرَسُوله مَعَ خفَّة مفْسدَة النَّرْد فَكيف يسلب اسْم الْمعْصِيَة لله وَلِرَسُولِهِ عَن صَاحب الشطرنج مَعَ عظم مفسدتها وصدها عَن مَا يحب الله وَرَسُوله وَأَخذهَا بفكر لاعبها واشتغال قلبه وجوارحه وضياع عمره وَدُعَاء قليلها إِلَى كثيرها مثل دُعَاء قَلِيل الْخمر إِلَى كثيرها ورغبة النُّفُوس فِيهَا بِالْعِوَضِ فَوق رغبتها فِيهَا بِلَا عوض ..
قلت وهذه المفاسد والأضرار على عقيدة المؤمن كلها موجودة ومتوفرة في كرة القدم وأكثر ..
يكمل ان القيم فيقول : فَلَو لم يكن فِي اللّعب فِيهَا مفْسدَة أصلا غير أَنَّهَا ذَرِيعَة قريبَة الإيصال إِلَى أكل المَال الْحَرَام بالقمار لَكَانَ تَحْرِيمهَا مُتَعَيّنا فِي الشَّرِيعَة كَيفَ وَفِي الْمَفَاسِد الناشئة من مُجَرّد
اللّعب بهَا مَا يَقْتَضِي تَحْرِيمهَا وَكَيف يظنّ بالشريعة أَنَّهَا تبيح مَا يلهي الْقلب ويشغله أعظم شغل عَن مصَالح دينه ودنياه وَيُورث الْعَدَاوَة والبغضاء بَين أَرْبَابهَا وقليلها يَدْعُو إِلَى كثيرها وَيفْعل بِالْعقلِ والفكر كَمَا يفعل الْمُسكر وَأعظم وَلِهَذَا يصبر صَاحبهَا عاكفا عَلَيْهَا كعكوف شَارِب الْخمر على خمرة أَو أَشد فَإِنَّهُ لَا يستحيي وَلَا يخَاف كَمَا يستحيي شَارِب الْخمر وَكِلَاهُمَا مشبه بالعاكف على الْأَصْنَام ..
أما صَاحب الشطرنج فقد صَحَّ عَن عَليّ أَمِير الْمُؤمنِينَ رَضِي الله عَنهُ أَنه شبهه بالعاكف على التماثيل وَأما صَاحب الْخمر فَفِي مُسْند الإِمَام أَحْمد عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَنه قَالَ شَارِب الْخمر كعابد وثن وَقد صَحَّ النَّهْي عَنْهَا عَن عبد الله بن عَبَّاس وَعَن عبد الله بن عمر وَلَا يعلم لَهما فِي الصَّحَابَة مُخَالف فِي ذَلِك ألبته .
قلت : هذا فيمن لعب بالنرد والشطرنج مجرد لعب ، فكيف بمن أحبهما حتى أصبح عاكفا عليهما ، لذلك شببه بالعاكف على الأوثان ، وليس من شك أن هواة كرة القدم عاكفون عليها أشد من عكوف اللعب بالشطرنج والنرد وأشد من شارب الخمر ، فكيف إذا اجتمع معها شر الخمور والعناء والاختلاط وغير ذلك مما فيها من المفاسد أشد مما في اللعب بالنرد والشطرنج بل لا مقارنة بينهما .
قال فريد أبو ندا : وقال الإمام الشيخ المجدد محمد بن عبد الوهاب "وإذا كنا لا نكفّر مَن عبد الصنم الذي على قبر عبد القادر، والصنم الذي على قبر أحمد البدوي، وأمثالهما، لأجل جهلهم وعدم من ينبههم ، فكيف نكفر من لم يشرك بالله إذا لم يهاجر إلينا، ولم يُكفّر ولم يُقاتل؟ " "فتاوى ومسائل الشيخ ".
والصنم الذي ذكره الشيخ هي تلك المشاهد والأضرحة والمزارات التي تعبد من دون الله سبحانه ، وقد عد الشيخ الإمام ابن القيم الهوى صنما فقال : " فإن الهوى صنم ولكل عبد صنم في قلبه بحسب هواه وإنما بعث الله رسله بكسر الأصنام وعبادته وحده لا شريك له وليس مراد الله سبحانه كسر الأصنام المجسدة وترك الأصنام التي في القلب ؛ بل المراد كسرها من القلب أولا .
«قَالَ الْحَسَنُ بن عَليّ الطوعي صنم كل إِنْسَان هَوَاهُ فَإذْ كَسَرَهُ بِالْمُخَالَفَةِ اسْتَحَقَّ اسْمَ الْفُتُوَّةِ» ". روضة المحبين ونزهة المشتاقين ، وذم الهوى لابن الجوزي (27) . والله المستعان وعليه التكلان .
وكتبه : أبو بكر يوسف لعويسي
الجزائر شهر نوفمبر 2009م
الموافق لشهر ذو القعدة 1430 هـ
حمل الملف على شكل وارد 2007
http://www.up.noor-alyaqeen.com/uplo...181074461.docx