وعاد جراب الكذب(مصطفى المأربي) في الفتنة جذعاً


المقدمة

إِنَّ الْحَمْدَ للهِ، نَحْمَدُهُ، وَنَسْتَعِيْنُهُ، وَنَسْتَغْفِرُهُ، وَنَعُوذُ بِاللهِ مِنْ شُرُورِ أَنْفُسِنَا، وَمِنْ سَيِّئَاتِ أَعْمَالِنَا، مَن يَهْدِهِ اللهُ فَلا مُضِلَّ لَهُ، وَمَنْ يُضْلِلْ فَلا هَادِيَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنْ لا إِلَهَ إِلا اللهُ وَحْدَهُ لا شَرِيْكَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّداً عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ.
{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلاَ تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنتُم مُّسْلِمُونَ}[آل عمران:102]
{يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُواْ رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيراً وَنِسَاء وَاتَّقُواْ اللّهَ الَّذِي تَسَاءلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيباً}[النساء:1].
{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلاً سَدِيداً{70} يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَن يُطِعْ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزاً عَظِيماً}[الأحزاب:70-71].
أَمَّا بَعْدُ:

فَإِنَّ خَيْرَ الكَلامِ كَلامُ اللهِ، وَخَيْرَ الْهَدْيِ؛ هَدْيُ مُحَمَّدٍ صلى الله عليه وسلم، وَشَرَّ الأُمُورِ مُحْدَثَاتُهَا، وَكُلَّ مُحْدَثَةٍ بِدْعَةٌ، وَكَلَّ بِدْعَةٍ ضَلالَةٌ، وَكُلَّ ضَلالَةٍ فِي النَّارِ.

فما زلت أذكر تلك المكالمة التي جرت بيني وبين المأربي يوم أن دعي للصلح في مدينة رسول الله صلى الله عليه وسلم، فجاء منتفشاً منتفخاً يجر ذيول الكبر والغرور، ويلتحف بالغدر والمكر والخديعة، ويتأبط الشر والرذيلة، وقد تشرب البدعة والغواية، فلما أن وصل مطار جدة اتصل بي قبيل العصر فكان مما قلته: نعوذ بالله من الفتن، فقال المغرور: إنها ليست فتنة!!

ثم لم تمض الأيام والليالي فإذا به يقول إنها فتنة! هل تعلمون لماذا؟

لما كان منتفشاً مغروراً حوله الكثير من الأتباع ظن أنه يصول بباطله على الحق، وأن السلفية ستضمحل ويبقى ضلاله وتعلوا رايته التي يظنها هي السلفية وهي في الحقيقة الإخوانية التجميعية، لم يسمها فتنة، ويأبى ذلك أشد الإباء، فلما رأى الأتباع من حوله ينفَضُّون، وللحق يرجعون، وله يشنؤون عاد فانقلبت المنحة –في ظنه- إلى محنة، وعادت الأمور فتنة بعد أن غدت حقاً وخيراً!!

هذا الرجل الفتَّان المفتون نفى عن الله صفة الإدراك والله يقول: {وهو يدرك الأبصار}، ويجعل أفعال العباد فعلاً لله، ووصف بعض الصحابة رضي الله عنهم بسوء التربية!! وهم تربية نبينا محمد صلى الله عليه وسلم، ووصف الصحابة رضي الله عنهم بأن فيهم غثائية، وظن أن وصف جبريل عليه والسلام بالعجز عن أمر مستحيل على المخلوقين من التنقص بالملائكة مع أنه من الحق المبين الذي سطره إمام من أئمة أهل السنة في الإبانة، حيث نقل كلام الإمام عبدالرحمن بن مهدي: (لا تجالس هؤلاء أصحاب البدع، إن هؤلاء يُفْتون فيما تعجز عنه الملائكة) فعاد قدحه عليه..

هذا الرجل المجرم الكنود قد تفنن في البتر والتحريف، وأبدع في الكذب والتخريف، وحاز قصب السبق في الطعن والتجريح القبيح في أئمة الهدى ومصابيح الدجى من علماء السلفيين، واجتمعت فيه صنوف وألوان من صفات وأحوال أهل البدع والضلال والانحراف.

لقد هانت السلفية عند هذا الإمعة حتى أدخل فيها جماعة التبليغ الذين بُنِي دينهم على ما زعمه محمد إلياس الكاندهلوي من فيوضات فاضت عليه من قبر رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأنه قام بالدعوة بأمر الرسول صلى الله عليه وسلم، وجماعته تبايع أتباعها على الطرق الصوفية الحلولية: (الجشتية والقادرية والسهروردية والرفاعية)، ويدين أصحابها بالولاء لمؤسسها ونوابه، وهم قبورية خرافية، وجماعتهم قائمة على البدع والضلالات، ومع كل ذلك فجماعة التبليغ عند مصطفى المأربي سلفية سلفية رغم أنف كل سلفي!!

لقد هانت السلفية عند المأربي حتى أدخل فيها جماعة الإخوان التي كان مؤسسها صوفياً حصافياً مفوضاً للصفات الرب، يشد الرحال إلى القبور، وينادي بمؤاخاة النصارى في الوطن، ومودة اليهود والنصارى غير المحاربين، ويدعو إلى التقارب مع الروافض بل مع الأديان، ولا يرى شرعية أي حكومة إسلامية في عصره، إلى غير ذلك من بلاياه، وقد توارث أتباعه منهجه، وأماتوا أو أضعفوا الولاء والبراء على العقيدة الصحيحة، وجعلوا ولاءهم وبراءهم على حزبهم

ومع كل ذلك فالإخوان المسلمون عند مصطفى المأربي من السلفيين رغم أنف كل سلفي!

إن مأربي الأمس هو مأربي اليوم، ومأربي اليوم هو مأربي الأمس عاد كما بدأ، يغوص في البدعة فهو فيها غارق، ويمتهن الكذب فهو فيه مبدع، ويتفنن في التحريف والبتر فهو فيه بارع..

وقد كتب مقالات جديدة أحيا فيها ميته، وأعاد فيها قديمه، وكرر فيها مكره وتلبيسه، حيث إنه يكتب في مكان وعند قوم-جلهم- لا يقرؤون، وإذا قرؤوا لا يفقهون، وإذا فهموا لا يرعوون، أصابهم داء الكلَب، وعندهم بكم وعمى وصمم، فوجد لمقالاته رواجاً، ولبهته استئناساً، ولبدعه وانحرافه تأييداً وانتصاراً...

فتباً لأولئك القوم الذين مسخهم علي الحلبي المبتدع، وغَيَّر فِطَرَهم وعقيدتهم فجعلهم من أحط أهل البدع والانحراف مرجعاً ومآلاً..

فتوبوا إلى ربكم، وثوبوا إلى رشدكم، {فَلاَ تَغُرَّنَّكُمُ الْحَيَواةُ الدُّنْيَا وَلاَ يَغُرَّنَّكُم بِاللَّهِ الْغَرُورُ}.

و{اتَّقُواْ اللَّهَ وَكُونُواْ مَعَ الصَّادِقِينَ}، وابتعدوا عن سبيل الكذابين، واحذروا المفتونين من المأربيين والحلبيين، ومن على شاكلتهم من أهل الفتن والضلال..

وفي ختام هذه الكلمة التي هي نفثة مصدور، وتنبيه عارف بمكر هؤلاء وبترهم وضلالهم وكذبهم ومينهم، أذكر نماذج من كلام المأربي ليعرف القراء أني عن علم تكلمت، وبالحق نطقت –إن شاء الله تعالى-.

أولاً: زعمه أنه لم يخل صف أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم من خلل في التربية!!

قال المأربي -عامله الله بعدله- في "المناظرة في مأرب" – من الشريط الرابع الوجه الأول: [ويوجد في الدعوة أراذل ويوجد في الدعوة أقزام ويوجد في الدعوة كذا ويوجد في الدعوة كذا صح ومن قال لا يوجد فيها هذا الشيء فهو لا يدري ما تحته وما حوله بل ربما ما يدري كيف أحياناً نفسه .

فالمسألة والقول بأن هناك خلل في التربية ما يستطيع أحد ينكر ذلك .
فما سلم صف أصحاب النبي عليه الصلاة والسلام من ذلك


وكان بعضهم لما سمع ما نزل في غزوة أحد ( منكم من يحب الدنيا) .
قال بعض الحضور ( منكم من يريد الدنيا ) .
قال : ( منكم من يريد الدنيا ومنكم من يريد الآخرة ) قالوا : والله ما كنا نظن أن فينا من هو كذلك حتى نزلت الآية .
ولما وقعت فتنة الإفك في زمن النبي عليه الصلاة والسلام وتكلم في عرض عائشة رضي الله عنها .
انزلق فيها أناس صادقون صالحون مسطح انزلق فيها وحسان انزلق فيها .
من ذا الذي يزكي الدعوة أن ما فيها شيء من هذه الأشياء وإما أن هؤلاء يتكلم من مثل ذلك .
النبي عليه الصلاة والسلام قال لأبي ذر وهو أصدق يعني : ما أضلت الخضراء وما أقلَّت الغبراء أصدق لهجة منك .
قال : إنك امرؤ فيك جاهلية فكونه أن يقال في الرجل حتى الذي فيه خير وفيه صدق إذا أنزلق أن يقال فيه مثل هذه الكلمة ليس في هذا من الشدة على أهل الحق .
قول النبي عليه الصلاة والسلام : عندما يعني قال لمعاذ : أفتَّان أنت يا معاذ وفتَّان تفتن الناس عن دينهم مع أن معاذاً ما قصد إلا خيراً في إطالة الصلاة . )) انتهى كلامه

فهذا الكلام من المأربيّ فيه طعن في النبي -صلى الله عليه وسلم- حيث إن المربي لهم -رضي الله عنهم- هو النبي -صلى الله عليه وسلم- ، فالطعن في تربيتهم طعن في مربيهم -صلى الله عليه وسلم- .

ثانياً: اتهامه لحب النبي -صلى الله عليه وسلم- أسامة بن زيد -رضي الله عنهما- بأنه: مثال لـ[تجاوز المعالم والثوابت ، وتجاوز الأصول والدخول في الضمائر] ، ومثال علمي! [على العواطف والقواعد] ، وقال عن أسامة -رضي الله عنه- [شوف العاطفة مستحكمة في نفس أسامة ونقسم على ذلك بالله .] ويخاطب أسامة -رضي الله عنه- بكل وقاحة وقلة أدب فيقول مخاطباً له: [علام الغيوب أنت ؟ أنت الذي يعلم السر وأخفى ؟ انت الذي تعلم خائنة الأعين وما تخفي الصدور ؟ أنت الذي تعلم ما تكنه النفوس ؟ على الخلق تتألى على الله ؟ وتحلف أنه ما أراد إلا كذا] .
ووصفه بأن : [حججه كلها واهية ولا تغني عنه شيئاً في هذا المقام].

وقد نقلت كلام المأربي بطوله في رسالتي: "الصارم المسلول على المأربي شاتم الرسول صلى الله عليه وسلم" وهي منشورة على الشبكة ولعلي أعيد نشرها بإذن الله.
ومما ذكرته في الكتاب آنف الذكر:
[ثالثاً] :- اتهامه النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه يجعل في جيشه الغثائية غير متنبهٍ لخطرها!!
قال المأربي -عامله الله بعدله- في شريط "الفهم الصحيح لبعض أصول السلفية" : [إنما الدعوة إلى الله في مثل هذه الحالة تسير على تأصيل وعلى الحذر من الغثائية .. الغثائية ماذا جرى منها يوم حنين ، الغثائية ماذا جرى منها يوم حنين انكشف حتى كثير من الصالحين الصادقين عن النبي صلى الله عليه وسلم فلا تأمن من الغثائية. الغثائية شر عظيم
الغثائية شر عظيم وسُلم للشيطان وحزبه للولوج في عقر دار الدعوة فأمر الغثائية أمر مرفوض .] انتهى .
فكلام المأربي -عامله الله بعدله- فيه تنقص وسب للرسول -صلى الله عليه وسلم- وبيان ذلك بما يلي:
أولاً: المأربي -عامله الله بعدله- قدح في الإخوان المسلمين لأن عندهم غثائية ، حيث إنهم يجمعون بين السني والأشعري والصوفي وغير ذلك.
إذاً هو ينتقد الغثائية ، ويجعل ذلك وصمة عارٍ على الإخوان المسلمين.
فالمأربيّ يعتبر لفظة "غثائية" منقصة للإخوان المسلمين ، وعيب ؛ لذلك يطالب السلفيين بالتنبه والابتعاد عن ذلك العيب.
وهو يرفضها مطلقاً سواء من الإخوان أو غيرهم .
و"الغثائية" عيب ونقيصة وهي عبارة سب .
قال في القاموس المحيط: [الغثاء كغُراب: القمش ، والزبد ، والهالك ، والبالي من ورق الشجر المخالط زبد السيل].
والعجيب أن المأربيّ يسب بالغثائية الإخوان المسلمين ، ويطالب بالبعد عن الغثائية ثم يقول –كذباً وجهلاً- في شريط "جلسة جدة" بتاريخ28/6/1423هَـ : [لا يسمى هذا سباً، فلا يسمى هذا سباً ولكن الأولى!! في حق الصحابة أن يعبر بتعبير أحسن في حق الصحابة وحق الأنبياء هذا هو المطلوب...].
انظر: تنبيه العباد إلى منهج أبي الحسن المصري مغاير لمنهج الشيخ العباد للأخ الفاضل عبد الرحمن العميسان ، وهذه النسخة التي نقلت منها قرأها كاملة على الشيخ العباد -حفظهُ اللهُ- .
ثانياً: أن المأربيّ يعني بالغثائية مسلمة الفتح -رضي الله عنهم- وهو بذلك يتهم رسول الله -صلى الله عليه وسلم- -والعياذ بالله- أنه يجعل الغثائية في جيوشه!!

قال المأربي في شريط الجلسة في مأرب رقم5 الوجه1 : [قولي : الغثائية ، ليس معنى ذلك أن الصحابة غثائية معروف .
ولكن مسلمة الفتح الذين أسلموا وخرجوا مع النبي لثقيف أنهم كانوا في بداية أمرهم ، لم يكن إيمانهم كما حدث لهم بعد...].
فهو لا يقصد بالغثائية منافقين، بل صحابة آمنوا بالله ورسوله ، ودخلوا في دين الله طائعين ، وجاهدوا مع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ، وهبوا لنشر الإسلام في أول امتحان لإيمانهم ، فهبوا للجهاد ، فوقع ما وقع في حنين ، وفر جماعة من الصحابة بل أكثرهم وليس مسلمة الفتح فقط ، والسبب هو مباغتة هوازن لهم ، وهذا امتحان من الله بسبب ما قاله البعض "لن نغلب اليوم من قلة".
فليس السبب أن النبي -صلى الله عليه وسلم- أشرك الغثائية!! فحصل لهم ما حصل.
هذا افتراء من المأربي -عامله الله بعدله- وكذب على الله وعلى رسوله وعلى صحابة نبيه. يوضحه:
ثالثاً: أن السبب في تراجع معظم الصحابة في بداية المعركة يوم حنين ذكره الله -عزَّ وجلَّ- في كتابه الكريم حيث قال تعالى: {ويوم حنين إذ أعجبتكم كثرتكم ...} الآيتين .
والمأربي يخالف نص الكتاب ، ويتكلم في القرآن برأيه وهواه فيقول-فض الله فاه-: [سبب الهزيمة أن فيهم غثائية ..] طهر الله الأرض منه.
رابعاً: أن الذين تراجعوا معظم الجيش ثم رجعوا وفاؤوا إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ، وليس هذا خاصاً بمسلمة الفتح -رضي الله عنهم- .
فقد سأل بعض الناس سؤالاً هو : أفررتم يوم حنين؟

فقال البراء :" لا والله ما ولى رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولكنه خرج شباب أصحابه وأخفاؤهم حسراً ، ليس عليهم سلاح أو كثير سلاح، فلقوا قوماً رماة لا يكاد يسقط لهم سهم، جمع هوازن وبني نصر فرشقوهم رشقاً لا يكادون
يخطئون، فأقبلوا هناك إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ورسول الله صلى الله عليه وسلم على بغلته البيضاء..." الحديث.
قال الشيخ الإمام ربيع المدخلي -حفظه الله ، وكسر شوكة عدوه-: [فهذا اعتذار شريف في غاية الشرف، شباب حسر وسارعوا إلى لقاء جمع كبير هوازن وبني نصر وهم رماة لا يكاد يسقط لهم سهم، فرشقوهم رشقاً ما يكادون يخطئون فأقبلوا على رسول الله ولم يقل "فروا".].
وكانت مسارعة من سارع من الصحابة يوم حنين وهم حسَّر دليل على عظيم شجاعتهم واستبسالهم في سبيل الله ، ولكنهم لم يتوقعوا كمون هوازن في الشعاب حيث رموهم بالنبال .
خامساً: أن بعض الناس يزعم أن المأربيّ عنى بالغثائية المنافقين ، وهذا باطل لم يقله المأربي -عامله الله بعدله- بل صرح أنه أراد مسلمة الفتح ومرة زعم أنه قصد الأعراب من أصحاب النبي -صلى الله عليه وسلم- .
فبطل هذا الزعم .
ولو قلنا –تَنَزُّلاً-: إنه أراد المنافقين فهذا فيه طعن في الرسول -صلى الله عليه وسلم- -أيضاً .
فيقال:
أ- كان المنافقون يخرجون مع الرسول -صلى الله عليه وسلم- في غزوات عديدة منها الحديبية ، وبني المصطلق ، وفتح مكة ، وحنين ، وفي تبوك وهي بعد فتح مكة فهل يقال: إن الرسول -صلى الله عليه وسلم- كانت جيوشه فيها غثائية ؟

بئس هذا القول والافتراء على رسول الله -صلى الله عليه وسلم- .
ب- هل هزمت جيوش النبي -صلى الله عليه وسلم- في الحديبية وبني المصطلق وفتح مكة وتبوك وغيرها مما اشترك فيه المنافقون؟!!
فالمنافقون لا كرامة لهم ، وهم في الدرك الأسفل من النار ، وهم يظهرون الإسلام ونحن نقبل ظاهرهم ، ونعاملهم به ، ولا نقول : هم منافقون ويسببون لنا غثائية ونحو ذلك ، بل يعامل بظاهره فإن كان فاسقا فله حكمه ، وإن كان يظهر العدالة فيعامل بظاهره كما قرره شيخ الإسلام وغيره.
ج- أن الزعم أن سبب تراجع معظم الصحابة -رضي الله عنه- يوم حنين في بداية المعركة هو وجود المنافقين تكذيب للقرآن وكذب صريح ، وكلام في دين الله بهوى وجهل.
فالله -عزَّ وجلَّ- قال: {لقد نصركم الله في مواطن كثيرة ويوم حنين إذ أعجبتكم كثرتكم فلم تغن عنكم شيئا وضاقت عليكم الأرض بما رحبت ثم وليتم مدبرين * ثم أنزل الله سكينته على رسوله وعلى المؤمنين وأنزل جنودا لم تروها وعذب الذين كفروا وذلك جزاء الكافرين}
وقد قال بعض أصحاب النبي -صلى الله عليه وسلم- : (لن نغلب اليوم من قلة) وهو المراد بقوله -عزَّ وجلَّ- : { إذ أعجبتكم كثرتكم} فحصل التراجع في بداية المعركة ثم فاؤوا ورجعوا إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وحصل النصر والظفَر.
وعلى كلٍ فوصف الصحابة الذين كانوا مع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في قتاله بأنهم فيهم غثائية فيه طعن في الرسول -صلى الله عليه وسلم- وفي الصحابة -رضي الله عنهم- .
هل تراجع المأربي -عامله الله بعدله- عن طعونه في الصحابة -رضي الله عنهم- وأهمها إطلاقه "الغثائية" على بعض أصحاب النبي -صلى الله عليه وسلم- وأنها سبب تراجع أكثر الصحابة في بداية المعركة يوم حنين.؟!!
الجواب:
إن المأربي -عامله الله بعدله- لم يتراجع وذلك من عدة وجوه :
الوجه الأول: أن المأربي -عامله الله بعدله- لَمَّا ذكر أنه تراجع –التراجع الكاذب- لم يتراجع عمَّا تضمنه كلامه من طعن في النبي -صلى الله عليه وسلم- وأصحابه -رضي الله عنهم- .
فقد تضمنت تلك الكلمة الخبيثة عدة أمور :
الأمر الأول: أن سبب تراجع الصحابة -رضي الله عنهم- يوم حنين كان بسبب وجود الخلل أو الغثائية في الجيش وهذا تكذيب لصريح القرآن ولواقع الغزوة.
الأمر الثاني: أن كلمة غثائية أو أي عبارة نحوها في وصف الصحابة -رضي الله عنهم- وأنها سبب التراجع في أول المعركة كذب وطعن في الصحابة -رضي الله عنهم- .
الأمر الثالث: أن كلمة "غثائية" تنقص في بعض الصحابة -رضي الله عنه- وهم مسلمة الفتح والأعراب وإلى الآن لم يتب من كلامه فيهم -رضي الله عنهم- ولم يوضح موقفه منهم ، وهل لهم علاقة بالتراجع أم لا؟
فالمأربي لم يتراجع عن كلمة غثائية ومستلزماتها .
الوجه الثاني: أن المأربي -عامله الله بعدله- تقلب في هذا التراجع فمرة يجادل ويعاند ويأتي بكلام أخبث من كلمة "غثائية" حيث قال:
1- [أنا أقول فيه غثائية وقد قال الله في القرآن (( ما كان الله ليذر المؤمنين على ما أنتم عليه حتى يميز الخبيث من الطيب))
يوجد في الصفوف من فيه غثائية والغثائية تضر حتى الصالحين , فيجب علينا أن نحذر من الغثائية ...
وليس هذا بطعن, موقفي من الصحابة واضح جلي . أني أقول الصف إذا كان فيه غثائية ].
ثم قال بعد أخذ ورد : [يترك إن شاء الله وأتراجع عنه]!!
2- وفي وقت لاحق بعدها يقول: [هؤلاء ما يفهمون معنى سب الصحابة، ما يفهمون معنى سب الصحابة وسيأتيكم الخبر اليقين، لا تستعجلوا سيروا وأبشروا وأملوا...].
فأين التراجع السابق؟!! ذهب أدراج الرياح!!
3-قال المأربي -عامله الله بعدله- بعد ذلك: [قلت في المجالس التي حصلت منها في مأرب قلت في الشريط أنا أتراجع عن هذه الكلمة طالما أن السلف لم يقولوا بها قلت هذا]
وقال: [وأتراجع و متراجع و سأتراجع و تراجعت عن هذه الكلمة لماذا لأني لم أعلم من قال بهذه الكلمة وأن الأولى في حق أصحاب النبي عليه السلام أن يعبر بعبارة فيها الإجلال و التوقير و إن كان في هذه الغزوة كان فيهم إناساً من مسلمة الفتح الذين كان إيمانهم ليس كإيمان الأولين وكان تصديقهم ليس كتصدق الأولين].
فهو لم يتراجع لِما فيها من الباطل والطعن في النبي -صلى الله عليه وسلم- وأصحابه وإنما لأنه لم يسبق إليها!! فتركها أولى!! وليس فرضا وحتماً.
ثم لَمَز جيش النبي -صلى الله عليه وسلم- وطعن في مسلمة الفتح بما لا وجه له ولا أثر له في التراجع يوم حنين في بداية المعركة.
4- ثم قال بعد ذلك في تراجعه في المدينة : [قولي في الصحابة (الغثائية) خطأ لا يجوز ، أتوب إلى الله عز و جل منه و من كل ما يمس أصحاب النبي صلى الله عليه و سلم ].
فهذا مع كونه أصرح تراجع للمأربي ، حيث اعترف بأنها خطأ ولا تجوز ، وليست من باب الأولى .
ولكنه لم يتراجع عن لوازمها ، وما اكتنف بها من طعن في جيش النبي -صلى الله عليه وسلم- الذي هو طعن في قائده -صلى الله عليه وسلم- .
ويا ليته بقي على هذا التراجع مع ما فيه ولكنه نقضه نقضاً تاماً :
5- قال بعد عودته من المدينة حينما سئل عن تراجعه فقيل له : ذكر الشيخ عبيد أو شيوخ المدينة أنك رجعت عن عشرين مسألة ؟
فقال: [هذا ليس بصحيح ، إنما رجعت عن مسألتين ، و كنت قد رجعت عنهما سابقاً أي في اليمن في أشرطته السبعة و بالذات في الشريط الأول]
وإحدى المسألتين قوله في الصحابة إنهم غثائية . فقد أحال إلى تراجع سابق ، هو تراجع باطل وليس فيه أن عبارة غثائية "خطأ لا يجوز" بل خلاف الأولى!!
6- ثم أكد نقضه لتراجعه وأنه كاذب ومبطل ما قاله في جلسة جدة بعد ذلك : [لا يسمى هذا سباً ، لا يسمى سباً و لكن الأولى في حق الصحابة أن يعبر بتعبير أحسن في حق الصحابة و حق الأنبياء هذا هو المطلوب ].
فهو ينكر –وما زال- أن كلمة "غثائية" سبٌّ وقدح في الصحابة لكنه خلاف الأولى .
فهو متلاعب في تراجعه .
الوجه الثالث: أن المأربي -عامله الله بعدله- لا يرى أن كلمة "غثائية" تعتبر سباً مخالفا بذلك جميع العقلاء العارفين بلغة العرب ومجادل ومعاند.
قال المأربي -عامله الله بعدله-: [يوجد في الصفوف من فيه غثائية والغثائية تضر حتى الصالحين , فيجب علينا أن نحذر من الغثائية ...
وليس هذا بطعن, موقفي من الصحابة واضح جلي . أني أقول الصف إذا كان فيه غثائية .].
ثم قال في مجلس آخر: [:"هؤلاء ما يفهمون معنى سب الصحابة، ما يفهمون معنى سب الصحابة وسيأتيكم الخبر اليقين، لا تستعجلوا سيروا وأبشروا وأملوا..."].
وأخيراً قال في جلسة جدة: [ لا يسمى هذا سباً ، لا يسمى سباً].
وهذا يدل على الجهل المطبق الذي يعاني منه المأربي -عامله الله بعدله-!!
الوجه الرابع: أن المأربي -عامله الله بعدله- لو سُلِّم أنه تاب من بعض الألفاظ التي قالها فإنه لم يتب من منهجه الاستدلالي الغريب في التحذير من صفات السوء وضرب أمثلة لذلك بالصحابة -رضي الله عنهم- ونزههم عما يقوله الجاهلون المفترون.
وكذلك لم يتراجع عن طريقته الخبيثة المردية المزرية في مناقشة الصحابة -رضي الله عنهم - وكأنهم من عامة الناس ليسوا بصحابة !!
فهو لو قيل بتراجعه فإنما يتراجع عن ثمرات أخطائه (وهي أخطاء أيضاً) أما الأخطاء الأساسية الأصولية التقعيدية بضرب مثل السوء بأصحاب النبي -صلى الله عليه وسلم- فلم يتراجع عنها إلى الآن ..
الوجه الخامس: أن المتابع لأمر المأربي -عامله الله بعدله- ، السامع لأشرطته التي يزعم أنه تراجع فيها لا يرى عليه الندم والتحسر على ما قاله ، ولا يظهر له الخضوع والانكسار لله -عزَّ وجلَّ- ، بل يظهر من كلامه الجدل والمماحكة ، وبغية إسكات المخالف وإنهاء الموضوع دون التوبة الصحيحة .
والخضوع لله والانكسار والندم أمر قلبي ولكن يظهر أثره على الجوارح كما هي عقيدة أهل السنة خلافاً للمرجئة
والناظر في تراجعات المأربي -عامله الله بعدله- المزعومة يراها تكون بعد محاصرته بخطئه وإدانته به وفضيحته على الملأ ، والعجيب أنه يصاحب ما يظهره من تراجع تهوين للأخطاء ومبررات واهية ، فيجمع إلى تراجعه المزعوم أخطاء أخرى إضافية أكبر من سابقاتها ، ويزيد الطين بِلَّة –كما يقال-.
وظاهر المأربي -عامله الله بعدله- خلاف ما يجب في حق التائبين من خضوع للحق وانقياد له ، بل نجد الكذب على المخالفين ، والتطاول والبغي ، والزعم أن كلامه ليس سباً !! ونحو ذلك من الأمور المظهرة بأن المأربي -عامله الله بعدله- إنما أظهر تراجعاً يكسب به ثقة أنصاره ، ويسكت عنه مخالفيه ، والواقع الظاهر بشهادة الحال والمقال أنه لم يتراجع كما سبق بيانه.
وأما وصفه للتبليغ والإخوان بأنهم من أهل السنة فهذه قاله قديماً، وقاله حديثاً في مقالاته الجديدة.
كفى الله المسلمين شره وبلاءه
وسأذكر في مقالات أخرى إن شاء الله جملة من بتوراته وتحريفاته، وردودي عليه في اتهامه الشيخ العلامة ربيعاً المدخلي بما هو منه براء، وبما قد رد عليه فيه ولكن المأربي عامله الله بعدله يكذب ويصر على الكذب، ويتحرى الكذب فهو بحق (جرابُ كَذِبٍ) .
والله أعلم وصلى الله وسلم على نبينا محمد .

كتبه:


أسامة بن عطايا العتيبي


10/11/1432هـ