تحقيق التوحيد

أختي المسلمة : إن توحيد الله تعالى وإفراده بالعبادة وإخلاص الدين له وحده أعظم الواجبات على المكلفين ، فهو أساس الملة ، وأصل الدين ، وقاعدة الإسلام ، وحاجة العباد إليه فوق كل حاجة ، وضرورتهم إليه فوق كل ضرورة ، فلا حياة للقلوب ، ولا نعيم ولا طمأنينة للنفوس ، إلا بمعرفة ربها ومعبودها بأسمائه وصفاته وأفعاله ، وسعيها فيما يقرب إليه وحده دون سواه.
من أجل التوحيد خلق الله الجن والإنس ، وأرسل الرسل وأنزل الكتب.
من اجل التوحيد رفعت رايات الجهاد ، وجردت السيوف ، وحصل الولاء والبراء ، والمنع والعطاء ، والحب والعداء.
من أجل التوحيد قامت سوق الجنة والنار ، ونصبت الموازين ، ونشرب الدواوين ، وانقسم الناس إلى فريقين ، مؤمنين وكفار ، ومتقين وفجار.
ما عبد الله سبحانه وتعالى بمثل إخلاص الدين له ، وتوحيده في المعرفة والإثبات وفي القصد والطلب ، وتحقيق ذلك يقتضي الإقرار بالربوبية للحق سبحانه في الخلق والرزق ، والإمانة والإحياء ، وانفراده سبحانه بالتصرف في الكون ، وأن الأمر له وحده دون سواء :{ قل إنّ الأمر كله لله}[ آل عمران:154].
توحيد الله تعالى يستلزم الإقرار بالإلهية المطلقة له سبحانه دون سواه ، وإفراده بالطاعة ، وصرف جميع انواع العبادة له سبحانه ، إذ هو وحده المستحق ان يعبد ، وان يركع له ويسجد ، وأن يدعى ويسأل ، وأن يخاف ويرجى ، وأن يستعان به ويستغاث ، وإليه وحده الملجأ في الشدائد والكربات :{ أمّن يجيب المضطر إذا دعاه ويكشف السوء ويجعلكم خلفاء الأرض أإله مع الله قليلاً ما تذكرون}[ النمل:62]ش
توحيد الله تعالى يستلزم الإيمان بكل ما جاء في الكتاب والسنة من أسماء الله تعالى وصفاته الدالة على وحدانيته وعظمته ، ووصفه سبحانه بكل ما ثبت له من صفات الجمال والكمال ِوصفاً يليق بجلاله سبحانه وعظمته ، من غير تكييف ولا تمثيل ، ولا تحريف ولا تعطيل :{ ليس كمثله شيء وهو السميع البصير} [ الشورى:11] ، قال سبحانه :{ ولله الأسماء الحسنى فادعوه بها وذروا الذين يلحدون في أسمائه سيجزون ما كانوا يعملون} [ الأعراف:180]
فمن وحد الله تعالى في ربوبيته وألوهيته وأسمائه وصفاته فقد استكمل الإيمان وعبد ربه حق عبادته.

من كتاب اللآلئ المكنونة إلى الدرّة المصونة للشيخ محمد بن رياض الأحمد (ص 9 -11)
ِ