الزور والبهتان في كلام الشِّيعة على القرآن بقلم : الشَّيخ الفاضل عز الدين رمضاني حفظه الله [ رئيس التَّحرير لمجلة الإصلاح ]
الزور والبهتان في كلام الشِّيعة على القرآن
بقلم :
الشَّيخ الفاضل عز الدين رمضاني حفظه الله
رئيس التَّحرير لمجلة الإصلاح السَّلفية الجزائرية
بسم الله الرحمن الرحيم
من المسلَّمات الَّتي ورثتها أجيال المسلمين ، صاغر عن كابر ولاحق عن سابق أنَّ القرآن كلام الله ، سوره وآياته وكلماته ، أنزله على عبده ورسوله صلى الله عليه وسلم ، أسمعه جبريل عليه السلام ، وأسمعه جبريل محمَّدًا صلى الله عليه وسلم ، وأسمعه النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم أمَّته ، وليس لجبريل عليه السلام ولا لمحمَّد صلى الله عليه وسلم إلاَّ التَّبليغ والأداء .
وهو المكتوب في اللَّوح المحفوظ ، وهو الَّذي في المصاحف ، يتلوه التَّالون بألسنتهم ويقرؤه المقرئون بأصواتهم ويسمعه السَّامعون بآذانهم ، وهو الَّذي في صدور الحفَّاظ بحروفه ومعانيه ، تكلَّم الله به على الحقيقة ، منه بدأ وإليه يعود ، وهو قرآن واحد منـزَّل غير مخلوق ، فمن سمعه فزعم أنَّه مخلوق فقد كفر .
وقد حفظ الله كتابه من أيدي العابثين وألسنة الأفَّاكين ، فلا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه ، قال تعالى : " إنَّا نَحنُ نَزَّلْنَا الذِكْرَ وَإنَّا لَهُ لَحَفِظُونَ " [ سورة الحجر ] ، وقال : " وَإنَّهُ لَكِتَابٌ عَزِيزٌ * لاَ يَأْتِيهِ البَاطِلُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَلاَ مِنْ خَلْفِهِ تَنْزِيلٌ مّنْ حَكِيمٍ حَميدٍ * " [ سورة فصلت ]
وإذا تكفَّل الله بحفظ كتابه وصيانته فلا يمكن أن تطاله أيدي التَّحريف والتَّصحيف لتزيد فيه أو تنقص ولو حرفًا واحدًا ، فهو محفوظ أبد الآبدين ، كما أنَّ دين الله باق إلى قيام السَّاعة ، فاقتضى ذلك حفظ وحيه ، قرآنًا وسنَّةً ، لتقوم الحجَّة على النَّاس إلى آخر هذه الأمَّة .
ولم يزل أهل السُّنَّة والجماعة منذ العصر الأوَّل حماة لهذا القرآن ، دعاة للخلق بهداه ، عداة لمن عاداه ، وعندهم أنَّ من زعم تحريف القرآن أو الزِّيادة أو النُّقصان أنَّه كافر ، لأنَّه مكذَّبٌ لله سبحانه وتعالى ، حتَّى جاءت الشِّيعة بفرقها وطوائفها وغلاتها ومعتدليها ، ففرَّقت كلمة المسلمين ، وشقَّت عصا طاعة جماعتهم ، وخالفت معتقدهم ، فأنشأت القول بتحريف القرآن ، وأنَّه غيِّر وبدِّل ، وكذلك السُّنَّة النَّبويَّة ، لأنَّها منقولة بطريق المغيِّرين والمبدِّلين والمرتدِّين ، وجعلت من أسس المذهب الشِّيعي - وهو عند الإماميَّة الاثنى عشريَّة كذلك ، القول بوقوع التَّحريف في القرآن .
وقد سطَّر هذه الحقيقة الثَّابتة عندهم مفسِّرهم الكبير هشام البحراني في مقدِّمة تفسيره حيث قال : " وعندي في وضوح صحَّة هذا القول - بتحريف القرآن وتغييره - بعد تتبُّع الأخبار وتفحُّص الآثار ، بحيث يمكن الحكم بكونه من ضروريَّات مذهب التَّشيع ، وإنَّه من أكبر مقاصد غصب الخلافة فتدبَّر " (1) .
وبذلك قال المحدِّث الشِّيعي نعمة الله الجزائري (2) رادًّا على من قال بعدم التَّحريف في القرآن : " إنَّ تسليم تواتره عن الوحي الإلهي ، وكون الكلِّ قد نزل به الرُّوح الأمين يفضي إلى طرح الأخبار المستفيضة ، بل المتواتر الدَّالَّة بصريحها على وقوع التَّحريف في القرآن كلامًا ومادَّةً وإعرابًا ، مع أنَّ أصحابنا قد أطبقوا على صحَّتها والتَّصديق بها " (3) .
وقال علي أصغر البُرُوجِردي - هو من أعيان الشِّيعة في القرن الثَّالث عشر في كتابه : " عقائد الشِّيعة " فارسي (ص27 - ط. إيران ) : " وواجب علينا أن نعتقد أنَّ القرآن الأصلي لم يتَّغير ولم يبدَّل وهو موجود عند إمام العصر ( الغائب ) - عجَّل الله فرجه لا عند غيره - ، وإنَّ المنافقين (4) قد غيَّروا وبدَّلوا القرآن الموجود عندهم " .
وأقوال أعلام الشِّيعة وتصريحاتهم من فقهاء ومحدِّثين ومفسِّرين كلُّها تجمع على أنَّ تحريف الصَّحابة للقرآن عقيدة مسلَّمة عندهم ، متواترة منقولة من سلفهم غير الصَّالح إلى خلفهم في جميع الأعصار ، إلاَّ من تظافر بعدم القول بالتَّحريف تقيَّةً وتهرُّبًا من حجج المعترضين وسدًّا لباب الطَّعن عليهم ، وهم أقلُّ القليل لا يزيد عددهم على الأربعة ، ولا خامس لهم من بين المتقدِّمين كما صرَّح بذلك محدِّثهم النُّوري الطَّبرسي في كتاب " فصل الخطاب " (33،34) وقد ذكرهم بأسمائهم .
وقد نصَّ كثيرون من علماء الشِّيعة أنَّ من أنكر عدم تحريف القرآن من أعيان الشِّيعة لا ينكر إلاَّ تقيَّةً ، أقرَّ بذلك أحمد سلطان - أحد أعيان القوم في الهند - إذ قال : " إنَّ علماء الشِّيعة الَّذين أنكروا التَّحريف في القرآن لا يحمل إنكارهم إلاَّ التَّقيَّة " (5) .
كتاب " فصل الخطاب في إثبات تحريف كتاب ربِّ الأرباب " :هذا كتاب كما يدلُّ عليه عنوانه اجتهد فيه مؤلِّفه (6) ما وسعه جهده بأسلوب كلُّه تضليل وتزييف ليثبت - على زعمه - أنَّ كتاب الله عزَّوجلَّ - قد أصابه ما أصاب أهل الكتاب من التَّزوير والتَّزييف والنَّقص والزِّيادة والتَّحريف
وقد نزل هذا الكتاب إلى الأسواق والمكتبات في إيران وتناقله أيدي العامَّة والخاصَّة ، وغزَا الدُّور والمجالس العلميَّة في قُم وشيراز وأصفهان وكربلاء والنَّجف حيث علماء الشِّيعة وحجج الإسلام الكبرى والصُّغرى ! وآيات الله العظمى ! وأنصار أهل البيت - زعموا - ، ولم يحرِّك جمعُهم ساكنًا ، ولم ينتصر أحد منهم لدين ربِّ الأرباب ، بل فرحوا واستبشروا بظهور الكتاب واعترفوا لصاحبه بالفضل والعرفان ، وأكرموه وبجَّلوه وصنَّفوه في زمرة " آيات الله " واعترفوا بجميله في الحياة وبعد الممات ودفنوه في العتبات المقدَّسة - كما يسمُّونها - بالنَّجف ، وخلدوا اسمه بترجمة حافلة في كتاب " شرح حال رجال إيران في القرن 13،12 ،14 "
ومع أنَّ هذا الكتاب لـمَّا ظهر في إيران سنة (1298 هـ ) قامت حوله ضجَّة ، لأنَّهم كانوا يريدون أن يبقى التَّشكيك في صحَّة القرآن محصورًا بين خاصَّتهم ، ومتفرِّقًا في مئات الكتب المعتبرة عندهم ، وأن لا يجمع ذلك كلُّه في كتاب واحد يطَّلع عليه خصومهم فيكون حجَّة عليهم ، ولـمَّا أبدى بعض عقلائهم هذه الملاحظات ، خالفهم فيها مؤلِّفه وأصرَّ في المضيِّ على نهج السَّابق ، وألَّف كتابًا آخر سمَّاه " ردُّ بعض الشُّبهات عن فصل الخطاب " وقد كتب هذا الدِّفاع في أواخر حياته قبل موته بنحو سنتين (7)
مقولات الشِّيعة المخزية في القرآن :
في هذا العنوان إشارات ولمحات من مخازٍ وفضائح بيِّنات تكشف ما عند القوم من سوء الاعتقاد وسَقَط القول وفساد العمل اتِّجاه كتاب ربِّ البريَّات ، منقولة من مصادرهم ومراجعهم المطبوعة الَّتي بين أيدي النَّاس اليوم ، وأمَّا المخبوءة فالله أعلم بمضمونه ومكنونه ، فمن ذلك :
قولهم : إنَّ في القرآن نقصًا من سور وآيات ، وكلُّ ما ورد فيه في فضل علي رضي الله عنه وأئمَّة آل البيت فهو مبتور ، وعندهم سورة تسمَّى سورة " الولاية " مذكور فيها ولاية علي ، صرَّح بذلك عالمهم النَّجفي النُّوري الطَّبرسي في كتاب " فصل الخطاب " (18) وأخرى تسمَّى سورة " النُّورين "
كما قاموا بإقحام كلمة " في علي " بعد آية فيها لفظ " أنزل الله " أو " أنزل إليك من ربِّك " وأشباه ذلك من الآيات (8)
وجاء تحريف الإماميَّة لآيات من كتاب الله في تفاسيرهم المعتمدة ، من ذلك ما جاء في قوله تعالى : " كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ للِنَّاسِ "[ آل عمران :110 ] ، حيث زعموا أنَّها نزلت : " كنتم خير أئمة أخرجت للنَّاس " (9) .
قولهم : إنَّ القرآن لم يجمعه إلاَّ الأئمَّة - أي : أئمَّة الشِّيعة الاثني عشر - وإنَّهم يعلمون علمه كلَّه (10)
وأصل هذه المقالة ترجع لابن سبأ القائل بـ : " أنَّ القرآن جزء من تسعة أجزاء وعلمه عند عليٍّ (11) ، وقد استفاض ذكر هذه المقالة في كتب الإماميَّة ، وزعموا أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " إنَّ الله أَنْزَلَ عَلَيَّ القُرآنَ وَهُوَ الَّذي مَنْ خَالَفَهُ ضَلَّ ، وَمَنْ يَبْتَغِي عِلْمَهُ عِنْدَ غَيْرَ عليٍّ هَلَكَ " (12) .
قولهم : إنَّ القرآن لا يكون حجَّة إلاَّ يقيِّم ، كما في " أصول الكافي " (1/188) ، وتنشر هذه المقالة في كتب الإماميَّة المعتمدة (13) ، وهم يعنون بذلك أنَّ النَّص القرآنـيَّ لا يمكن أن يحتجَّ به إلاَّ بالرُّجوع لقول الإمام .
وهذا يعني أنَّ الحجَّة في قول الإمام لا في القرآن ، ولهذا أطلقوا على القرآن في المصحف : القرآن الصَّامت وسمَّوا الإمام : القرآن النَّاطق ، وينسب الإماميَّة هذا القول إلى عليٍّ رضي الله عنه (14) .
قولهم : إنَّ هنالك مصحفًا اسمه مصحف فاطمة ، وأنَّ فيه مثل قرآننا هذا ثلاث مرَّات (15) .
قولهم : إنَّ في القرآن آيات سخيفة ، صرَّح بذلك أكبر علمائهم : النُّوري الطَّبرسي كما في كتابه :" فصل الخطاب " وعندهم أنَّ سورة يوسف من يقول بتحريف القرآن - الثقل الأكبر - لأنَّه مجتهد
تابع القراءة من الملف pdf جزاك الله كل خير