بسم الله الرحمن الرحيم

يقول شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله
:
وأصل هذا أن تكون محبة الإنسان للمعروف وبغضه للمنكر؛ وإرادته لهذا؛ وكراهته لهذا: موافق لحب الله وبغضه، وإرادته وكراهته الشرعيين...............

فإن من الناس من يكون حبه وبغضه وإرادته وكراهته بحسب محبة نفسه وبغضها؛ لا بحسب محبة الله ورسوله وبغض الله ورسوله، وهذا من نوع الهوى؛ فإن اتبعه الإنسان فقد اتبع هواه {فَإِنْ لَمْ يَسْتَجِيبُوا لَكَ فَاعْلَمْ أَنَّمَا يَتَّبِعُونَ أَهْوَاءَهُمْ وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّنَ اتَّبَعَ هَوَاهُ بِغَيْرِ هُدًى مِنَ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ } [
القصص: 50

فإن أصل الهوى محبة النفس، ويتبع ذلك بغضها، ونفس الهوى ـ وهو الحب والبغض الذي في النفس ـ لا يلام عليه؛ فإن ذلك قد لا يُملك، وإنما يلام على اتباعه...............

فمن اتبع ذلك بغير أمر الله ورسوله فهو ممن اتبع هواه بغير هدى من الله؛ بل قد يصعد به الأمر إلى أن يتخذ إلهه هواه، واتباع الأهواء في الديانات أعظم من اتباع الأهواء في الشهوات.................

ولهذا كان من خرج عن موجب الكتاب والسنة من العلماء والعباد يجعل من أهل الأهواء؛ كما كان السلف يسمونهم أهل الأهواء، وذلك أن كل من لم يتبع العلم فقد اتبع هواه..................

فالواجب على العبد أن ينظر في نفس حبه وبغضه؛ ومقدار حبه وبغضه: هل هو موافق لأمر الله ورسوله؟ وهو هدى الله الذي أنزله على رسوله؛ بحيث يكون مأموراً بذلك الحب والبغض؛ لا يكون متقدماً فيه بين يدي الله ورسوله؛ فإنه قد قال: {
يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لَا تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ } [الحجرات: 1] ومن أحب أو أبغض قبل أن يأمره الله ورسوله ففيه نوع من التقدم بين يدي الله ورسوله. ومجرد الحب والبغض هوى؛ لكن المحرم اتباع حبه وبغضه بغير هدى من الله.أهـــ

مجموع الفتاوى - مجلد28 - صفحاتتا131,132,133,134
(الاجري)