النتائج 1 إلى 3 من 3
  1. #1
    أبو عبدالله قرة العين غير متواجد حالياً فضيلة الشيخ / أبو عبدالله قرة العين صلاح بن عبد الوهاب السلفي - حفظه الله -
    تاريخ التسجيل
    Jan 2012
    المشاركات
    53

    الْجَوَابُ عَمَّا اسْتَدَلُّواْ بِهِ مِنْ فَتَاوَى الْعُلَمَاءِ عَلَى جَوَازِ الْإِنْتِخَابِ




    الْجَوَابُ عَمَّا اسْتَدَلُّواْ بِهِ مِنْ فَتَاوَى الْعُلَمَاءِ عَلَى جَوَازِ الْإِنْتِخَابِ
    ~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~

    إنَّ الحمد للهِ ، نحمَدُه و نستعينُه و نستغفره ، و نعوذ بالله من شرور أنفسِنا ، و سيئات أعمالِنا .
    مَن يهده الله ، فلا مضلَّ له ، و مَن يُضْلِل ، فلا هاديَ له . و أشهد أنْ لا إله إلا اللهُ وحدَه لا شريك له ، و أشهد أنَّ محمدا عبدُهُ و رسولُهُ .
    أما بعدُ : فإنَّ أصدقَ الحديثِ كتابُ الله ، و خيرَ الهَدْي هَدْيُ محمد ، و شرَّ الأمور محدثاتُها ، و كلَّ محدثة بدعةٌ ، و كلَّ بدعةٍ ضلالةٌ ، و كلَّ ضلالةٍ في النار .
    أما بعدُ .
    فإنَّ الساحةَ الإسلامية هذه الأيامَ تشهدُ تلاعُباً ملحوظاً بدين اللهِ جلَّ و علا ، و تحليلاً و تحريماً لكثير من الأشياء ، لا على مقتضى الدليل الشرعي من الكتاب و السنة ، بل على مقتضى الأهواء و النزعات و الرغبات الشخصية ، أو العامة ، أو على أساس تطويع الدين ليتماشى مع المتغيرات ، مما يسمونه ظلما و زوراً بفقه الواقع !!
    دون رعايةٍ للثوابت و الأصول المتفق عليها ، بل و دون مراعاةٍ للشرع الحنيف الأغر ، مما جعل أكثرَ الناسِ في تيهٍ و حيرةٍ غيرِ مسبوقةٍ ، و صدق نبينا صلى الله عليه و سلم ، إذ يقول
    : إِنَّ الله لاَ يَقْبِضُ الْعِلْمَ انْتِزَاعًا، يَنْتَزِعُهُ مِنَ الْعِبَادِ وَلكِنْ يَقْبِضُ الْعِلْمَ بِقبْضِ الْعُلَمَاءِ حَتَّى إِذَا لَمْ يُبْقِ عَالِمًا، اتَّخَذَ النَّاسُ رُءُوسًا جُهَّالاً، فَسُئِلُوا، فَأَفْتَوْا بغَيْرِ عِلْمٍ، فَضَلُّوا وَأَضَلُّوا . متفق عليه .
    كما أنها تشهد هذه الأيامُ أيضاً تعصباً ممقوتاً للعلماء و طلبة العلم ، بل وصل الأمر إلى التعصب لأهل البدع و الضلالات !! ، حتى ضربوا أقوالَ العلماء و طلبةِ العلم من أهل السنة ، بعضَها ببعض ، بل بأقوال الجهَّالِ من أهل البدع و الزيغ و الانحرافات ، زاعمين أن الواقع يتطلب من الجميع ذلك ، فأحلوا ما حرَّم الله ، و حرَّموا ما أحلَّ الله ، و انطلق الناس من وراءهم يهتفون بباطلهم في كل سبيل و بكل قبيل ، و ربنا سبحانه يقول في كتابه الكريم
    " اتَّبِعُوا مَا أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ مِنْ رَبِّكُمْ وَلَا تَتَّبِعُوا مِنْ دُونِهِ أَوْلِيَاءَ قَلِيلًا مَا تَذَكَّرُونَ (3) وَكَمْ مِنْ قَرْيَةٍ أَهْلَكْنَاهَا فَجَاءَهَا بَأْسُنَا بَيَاتًا أَوْ هُمْ قَائِلُونَ (4) فَمَا كَانَ دَعْوَاهُمْ إِذْ جَاءَهُمْ بَأْسُنَا إِلَّا أَنْ قَالُوا إِنَّا كُنَّا ظَالِمِينَ (5) الأعراف .
    و مِن ذلك ، استدلالُهم بفتوى بعضِ أكابر العلماء ( الألباني - ابن باز - ابن عثيمين - اللجنة الدائمة ) في تجويز الإنتخابات ، دون مراعاتٍ لأقوال من خالفَهم من أكابر العلماء أيضا كـ ( مقبل بن هادي – ربيع بن هادي – الفوزان – السحيمي – السدحان – محمد المدخلي – الحجوري - النجمي – اللجنة الدائمة أيضا – و غيرهم كثير ) فضلا عن أولئك الذين استعملوا هذه الطريقة المخزية لتمرير باطلهم و جذبِ الناس إليه ، فقد كانوا يرون حرمةَ الديمقراطية و منها الإنتخاباتُ ، فلا تجوز منهجاً و لا آليةً !! فلا أدري ماذا حدث ، هل نزل عليهم الوحي ؟!!
    أم كانت فتاوى علماءِنا في سرداب ، فلم تظهر إلا بعد الثوراتِ و الانقلابات ؟!!
    أم أنَّ دينهم الواقعُ ، منه يأخذون ، و به يستدلون ، و عنه يصدرون ؟!!
    أم أن القوم لا يدرون قبيلا من دبير ، و لا يفرقون بين النواة و القِطمير ، فتارة يحرِّمون و تارة يحللون ، هكذا يخبطون خبط العشواء ، بل خبط العرجاء الشلاء العمياء !؟!
    لذا أقول : أنه لا بد عند تعارض أقوال العلماء في مسألة من المسائل ، من سلوك سبيل التأصيل ، و التزام القواعد و الأصول ، و عرض المسألة على الدليل ، و لْنأخذُ مسألةَ الإنتخابات مثالاً ، و هي موضوع البحث .
    فأقول : أنه بسبب النزاع في هذه المسألة بالذات مما لا مبرر له ، فلابد من مراعاة بعض القواعد ( التي لها علاقة بالمسألة خصوصاً و سائر المسائل عموما ) ، ألا و هي "

    القاعدة الأولى :

    1- أن العالِم يُستدلُ له و لا يُستدلُ به .
    وذلك أن العالمَ ليس معصوماً عن الزللِ و الخطأ ، فهو يعلم و يجهل ، و يصيب و يخطيء ، و العصمة ليست لأحد من هذه الأمة إلا لرسول الله صلى الله عليه و سلم ، فكلٌ يُؤخذ من قوله و يُرد إلا رسول الله صلى الله عليه و سلم ، كما قال الإمام مالك رحمه الله ، و الله تعالى يقول
    " اتَّبِعُوا مَا أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ مِنْ رَبِّكُمْ وَلَا تَتَّبِعُوا مِنْ دُونِهِ أَوْلِيَاءَ قَلِيلًا مَا تَذَكَّرُونَ (3) الأعراف .
    و النبي صلى الله عليه و سلم يقول
    : إذا اجتهد الحاكم فأصاب فله أجران وإن أخطأ فله أجر " أخرجه البخاري و مسلم .
    فدلت الآية على أن الله تعبدنا باتباع كتابه و سنة نبيه صلى الله عليه و سلم ، و لم يتعبدنا باتباع أحد من الناس كائنا من كان .
    و دل الحديث على أن العلماء يصيبون و يخطئون ، و يعلمون و يجهلون ، و الأئمةُ الثلاثةُ ابنُ باز و الألبانيُّ و ابنُ عثيمين رحمهم الله و نفعنا بعلمهم ، هم أئمة في العلم و الدين و السنة ، إلا أنهم رحمهم الله ليسوا حجة على دين الله يجب التسليم لهم و لكلامهم في كل ما يقولون ، و إنما الواجب أن نتبعهم و أنْ نعمل بكلامهم إذا وافق الحق الذي معنا ، الكتابَ و السنةَ ، و الإجماعَ .

    القاعدة الثانية :

    2- أن الأحكام الشرعية ( الواجب - المحرم - المندوب - الكروه - المباح ) تؤخذ من الكتاب و السنة ، و لا تؤخذ من أفواه الرجال ، حتى لو كانوا أعلمَ أهل الأرض .
    يقول بن تيمية رحمه الله :
    " وانما يلزم الناسَ ما ألزمهم اللهُ ورسوله ، ويعاقب من عصى اللهَ ورسوله ، فإن الإيجاب والتحريم والثواب والعقاب والتكفير والتفسيق هو إلى الله ورسوله ، ليس لأحد فى هذا حكم ، وإنما على الناس إيجابُ ما أوجبه اللهُ ورسوله ، وتحريمُ ما حرمه اللهُ ورسوله ، وتصديقُ ما أخبر اللهُ به ورسوله " انتهى ، مجموع الفتاوى .
    و يقول أيضا :
    " لَيْسَ لِأَحَدٍ مِنْ النَّاسِ أَنْ يُلْزِمَ النَّاسَ وَيُوجِبَ عَلَيْهِمْ إلَّا مَا أَوْجَبَهُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَلَا يَحْظُرُ عَلَيْهِمْ إلَّا مَا حَظَرَهُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ , فَمَنْ أَوْجَبَ مَا لَمْ يُوجِبْهُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ , وَحَرَّمَ مَا لَمْ يُحَرِّمْهُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ , فَقَدْ شَرَعَ مِنْ الدِّينِ مَا لَمْ يَأْذَنْ بِهِ اللَّهُ , وَهُوَ مُضَاهٍ لِمَا ذَمَّهُ اللَّهُ فِي كِتَابِهِ مِنْ حَالِ الْمُشْرِكِينَ , وَأَهْلِ الْكِتَابِ الَّذِينَ اتَّخَذُوا دِينًا لَمْ يَأْمُرْهُمْ اللَّهُ بِهِ , وَحَرَّمُوا مَا لَمْ يُحَرِّمْهُ اللَّهُ عَلَيْهِمْ , وَقَدْ بَيَّنَ ذَلِكَ فِي سُورَةِ الْأَنْعَامِ وَالْأَعْرَافِ وَبَرَاءَةٍ وَغَيْرِهِنَّ مِنْ السُّوَرِ ". انتهى . من إقامة الدليل على إبطال التحليل .
    قال تعالى
    " أَمْ لَهُمْ شُرَكَاءُ شَرَعُوا لَهُمْ مِنَ الدِّينِ مَا لَمْ يَأْذَنْ بِهِ اللَّهُ وَلَوْلَا كَلِمَةُ الْفَصْلِ لَقُضِيَ بَيْنَهُمْ وَإِنَّ الظَّالِمِينَ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ (21) الشورى

    إذنْ فمَهْمَا قال عالمٌ من العلماء عن شيء أنه حلال ، أو عن شيء أنه حرام ، فلا يؤخذ بقوله حتى يُعرضَ على الكتاب و السنة ، فإن وافقَهُما عمِلنا به ، لا لكونه قولاً لذلك العالم ، بل لكونه موافقاً للكتاب و السنة ، و إن خالفَهُما رددناه و لم نعمل به ، لا لكونه قولاً له ، بل لكونه خالف الكتابَ و السنةَ ، مع سلامة قدر العالم عندنا و حفظِ منزلتِهِ .

    القاعدة الثالثة :

    3- أنه عند التنازع و الاختلافِ بين أهل العلم ، فالواجب على المسلم ردُّ المسألةِ المتنازع فيها إلى الكتاب و السنة ، يقول الله تعالى " يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلًا (59) النساء .
    فتُردُّ المسألة المختلفُ فيها إيجابا أو تحريما ، استحبابا أو كراهة .....إلخ ، إلى الكتاب و السنة للفصل بين المختلفين فيها ، لكن الذي يحدث في هذه المسألةِ ( الإنتخابات ) و غيرِها من المسائل الآن العكسُ عند كثير من المقلدين ، أو المتبعين ، فإنهم يرُدُّون المسائلَ المتنازعَ فيها إلى أحد طرَفَي النزاع ، و هذا ليس بسديد ، بل ليس جائزاً بنص الآية المباركة ، فإنه قال " فردوه إلى الله و الرسول ذلك خير و أحسن تأويلا " و أسقط ذكرَ المتنازعينَ ، لأن القولَ الفصلَ في النزاع ، هو للهِ و رسولهِ ، و ليس لغير اللهِ و رسولهِ صلى الله عليه و سلم .
    لذا يقول ابنُ تيمية رحمه الله : فكان من أحسن مناظرتهم أن يقال إئتونا بكتاب أو سنة حتى نجيبَكم الى ذلك ، وإلا فلسنا نجيبُكم الى ما لم يدل عليه الكتاب والسنة ، وهذا لأن ((الناس لا يفصل بينهم النزاع إلا كتاب منزل من السماء وإذا ردوا إلى عقولهم كل واحد منهم عقل ))
    ومن هنا يُعرفُ ضلالُ من ابتدع طريقا أو اعتقادا زعم أن الايمان لا يتم الا به ، مع العلم بأنَّ الرسول لم يذكرْه ، وما خالف النصوصَ فهو بدعة باتفاق المسلمين " انتهى . مجموع الفتاوى .
    و صدق رحمه الله ، فعقولُ الناس متفاوتةٌ ، و أفكارُهم متغايرةٌ و متغيِّرةٌ ، و لكل إنسان تصوراتُه ، و من المعلوم أن الحكم على شيء فرع عن تصوره ، فلو تركت الأحكام للعقول و التصورات الشخصية ، لتباينت الأحكامُ تبايناً جذرياً ، فلا يكاد يتفق شخصان ، فضلا عن أكثر من شخصين على حكم من الأحكام ، لذا كان من حكمة الشارع أن يجتمع الكلُّ على حكم الكتابِ و السنة لا غير ، و به تنحلُّ الإشكالات ، و تنفضُّ النزاعات بين الناس .
    و بعرض قضية الإنتخابات على الكتاب و السنة ، وجدناها تخالف الكتابَ و السنةَ مخالفةً محضةً كلياً و جزئياً ، و الله أعلم .



    القاعدة الرابعة :

    - أن الأئمة الثلاثة ( الألبانيَّ و العثيمينَ و ابنَ باز رحمهم الله و جزاهم الله عن الإسلام و المسلمين خيرَ الجزاء ) لم يدللوا ، و لو بنص واحد على ما ذهبوا إليه من تجويز الإنتخابات المشتملة على الحرام الصرف ، لا من القرءان و لا من السنة و لا من كلام السلف رضي الله عنهم ، سوى قاعدة المصالح و المفاسدِ ، و من المعلوم أن هذه القاعدةَ ليست مطردةً ، فلو أن دولة أرسلت مسلماً ليتجسس على دولة معاديةٍ محاربةٍ لِيأتي بأخبارهم و يكشفَ خططهم ، فما كان له أن يشرب الخمر و أن يزني و أن يقتل النفس التي حرم اللهُ إلا بالحق و غير ذلك مما حرم الله تعالى عليه ، متعللاً أنه بذلك يجلب المصلحة الأكبر و يدفع الشرَّ الأعظم ، هذا إن سَلمْنا أنَّ الترشحَ في تلك المجالس التشريعية و غيرها من المفاسد الأقل و المصالح الأرجح ، لا سيما و أن مسألة تحكيم الشريعة إنما تتأتَّى بالتصويت عليها من الأغلبية هذا إن مُكِّنوا من ذلك ، هي كفر مجرد ، لأنه من المعلوم من دين الله بالضرورة أن الشريعة لا تطرح للاستفتاء عليها بين المسلمين ، و هذا يشمل الطارحَ و المعارضَ ، و كذلك الواقع يثبتُ أن الأغلبية الإسلامية في المجالس النيابية لا تستطيع تغيير شيء بل و تعجز عن الوصول إلى تحكيم الشريعة ، و تركيا أعظم شاهد على ما أقول ، فالإسلاميون فيها نالوا أغلبَ المقاعد في البرلمان و لم يستطيعوا فعل شيء ، بل الفتنة تلاحق الأعضاءَ دائما حتى يسقطوا فيها ، و بالنظر إلى ما اشتملت عليه الإنتخابات و المجالس النيابية و التشريعية من المفاسد و المحرمات ، أدركنا و أدرك كل ذي علم و عينين ، أن ذلك أعظمُ مما يُتوهم من مصالحها أضعافَ المرات ، فضلا عن كون الحكم بغير ما أنزل الله كفر أصغر عند عدم توفر الجحود و الاستحلال ، و الديمقراطية كفر أكبر باتفاق ، حتى الذين قالوا بجوازها من أهل البدع ، كانوا يقولون بأنها كفر أكبر قبل وقوع الأحداث الأخيرة في بلاد المسلمين ، فكيف يستعان بالكفر الأكبر على تغيير الكفر الأصغر !!!!؟! و هذه النكتة هي من أعز ما يستدل به على عدم المشروعية و إن قال بها أئمتُنا عليهم الرحمة ، و الدعاوى إن لم تقيموا عليها بينات أبناؤها أدعياء ، و في مسألة هي أقلُّ من الإنتخابات مفسدة و منكرا ، يقول ربنا : " يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ قُلْ فِيهِمَا إِثْمٌ كَبِيرٌ وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ وَإِثْمُهُمَا أَكْبَرُ مِنْ نَفْعِهِمَا وَيَسْأَلُونَكَ مَاذَا يُنْفِقُونَ قُلِ الْعَفْوَ كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمُ الْآيَاتِ لَعَلَّكُمْ تَتَفَكَّرُونَ (219) البقرة .
    فحرمهما الله لاشتمالهما على الإثم الكبير ، في حين أنَّ بهما منافعَ للناس ، و ما إثم الخمر و الميسر مقارنة بآثام الإنتخابات بشيء عند النظر و التأمل ، بل بادي الرأي ، فالله أسأل أن ييسر كتابة بحث حول حكم و مفاسد الديمقراطية و الإنتخابات ، فاتقوا الله عباد الله و ارجعوا إلى الكتاب و السنة في استنباط الأحكام .



    القاعدة الخامسة :

    5- أن دولة العاصي أفضلُ من دولة المبتدع ، هذا عند المقارنة و الموازنة ، ذلك أن العاصي لا يتعرض لتحريف دين الله ، لكونه لا منهجَ له يسعى لنشره و تعميمه بحسب مايعتقد ، لا سيما في الأصول ، إذ جُلُّ سعيِهِ في تحصيل هذه الدنيا ، و إمتاع نفسه بلذائذها و لذَّاتِها ، دون التعرض لدين الله تبديلاً أو تحريفاً أو تشكيكاً .
    و إن حكم بغير ما أنزل الله ، فالكل يعلم أنه حاكم بغير ما أنزل الله ، فلا و لن يوافقوه ، و لا و لن يعتقدوا مشروعية ما حكم به خلاف حكم الله ، خلافا للمبتدع ، فإن جُلَّ سعيهِ في أن يحكم بشرع الله ، و لكن على أساس تصوره و معتقده هو ، دون التفات إلى من خالفه من أهل السنة ، أهل الحق ، فيخرج على الناس ببدعته في أثواب شرعية ، و قوالب دينية ، فيظنها الناس ديناً فيتعبدون إلى الله به ، و بذلك تُطمسُ معالمُ الدين ، و تموت السننُ و تحيا و تنتعشُ البدع .
    و هو يظن أنه بذلك مصلح و مصيب ، يصدق ذلك قولُ بن حزم رحمه الله : " لا آفة على العلوم وأهلها أضر من الدخلاء فيها وهم من غير أهلها فإنهم يجهلون ويظنون أنهم يعلمون ويفسدون ويقدرون أنهم يصلحون." الأخلاق و السير .

    و ليس أدل على ذلك من دولة الفاطميين ( زعموا و كذبوا ، ففاطمة رضي الله عنها منهم براء ) في مصر و ما أحدثوه في دين الله تعالى ، و لا نزال نعالج ما أحدثوا و ابتدعوا إلى الآن ، و قال ابن مُفلح المقدسي رحمه الله في الآداب الشرعية(1/375):"فصل في الإستعانة بأهل الأهواء وأهل الكتاب في الدولة قال أبو علي الحسين بن أحمد بن المفضل البجلي:دخلت على أحمد بن حنبل ،فجاءه رسول الخليفة يسأله عن الإستعانة بأهل الأهواء ،فقال أحمد:لا يستعان بهم ،قال فيستعان باليهود والنصارى ولا يستعان بهم؟ قال:إن النصارى واليهود لا يدعون إلى أديانهم وأصحاب الأهواء داعية". انتهى .
    وفي جامع "الخلاَّل"عن الإمام أحمد:أنَّ أصحاب بشر المريسي وأهل البدع والأهواء لا ينبغي أن يُستعان بهم في شيء من أمور المسلمين فإن في ذلك أعظم الضرر على الدين والمسلمين .وروى البيهقي في "مناقب أحمد"عن محمد بن أحمد بن منصور المروذي أنه استأذن على أحمد بن حنبل فأذن له ، فجاء أربعة رسل للمتوكل يسألونه فقالوا : الجهمية يُستعان بهم على أمور السلطان قليلها وكثيرها أولى ، أم اليهود والنصارى ؟ فقال أحمد : أما الجهمية فلا يُستعان بهم على أمور السلطان قليلها وكثيرها ، وأما اليهود والنصارى فلا بأس أن يُستعان بهم في بعض الأمور التي لا يُسَلَّطون فيها على المسلمين حتى لا يكونوا تحت أيديهم ، قد استعان بهم السلف.
    قال محمد بن أحمد المروذي : أيُستعان باليهود والنصارى وهم مشركون ؟ ولا يُستعان بالجهمي ؟ قال : يا بني يغتر بهم المسلمون وأولئك لا يغتر بهم المسلمون"أهـ.
    فرحمة اللهِ على أحمد و أئمة العلم و الفهم .
    كذلك الأمراء على زمان أحمدَ بنِ حنبل رحمه الله ، عندما فُتنوا بقول الجهمية و من وافقهم ، فرَضُوا على الناس القولَ بخلق القرءان ، و فَتنوا في ذلك خلقاً من العلماءِ و قتلوهم ، فضلا عن تعليمه للمسلمين و أطفالهِم بدور العلم و الكتاتيب ، و كذلك شَغْلُ القائلين به لمناصب الدولة كبيرة كانت أو صغيرة جليلة كانت أو حقيرة . و حرمان أهل السنة من الوظائف و الأعمال .
    فلذلك أقول أنَّ دولة العاصي أفضلُ من دولة المبتدع .
    و إن كانت كلاهما سيئة ومذمومة ، و لكن كما ذكرت آنفاً ، أنَّ هذا عند المقارنة و الموازنة .
    و بناء على ذلك صرَّح علماؤنا حفظهم الله بتخوفهم من بلوغ الإخوان المسلمين إلى سُدَّة الحكم ، لعلمهم الراسخ بهذا الأصل الطيب ، بل و دعوا الله أن لا يمكِّن لمبتدع ، فاحفظ هذا الأصل فإنه مهم ( دولة العاصي أفضلُ من دولة المبتدع ، و دولة السني الصُراح هي الأمل المنشود ) و بمنهج التصفية و التربية يتحقق ذلك الأمل إن شاء الله .


    القاعدة السادسة :

    6- أن الغاية لا تبرر الوسيلة ، و هذا متفق عليه بين العقلاءِ و أهلِ العلم ، و إنما يقول بها الضعفاء و المجانين و أهل الكفر و الإلحاد ، و أهل البدع و الضلالات ( و حاشا العلماء ، و أهل السنة عن ذلك ، إنما هم مجتهدون مأجورون على الصواب و الخطأ ) فهي قاعدة ميكافللي الأمير ، و لا سبيل إلى تحكيم الشريعة بمثل تلك الطرق الملتوية ، و إنما تُحكَّمُ الشريعةُ إذا رجع الناس إلى الله ، و قاموا بالواجب عليهم في جميع شئون الحياة .
    ومن المعلوم أنَّ رسول الله صلى الله عليه و سلم لم يداهن لأجل بلوغِ غايته من نشر الدعوة و تعبيد الناس لرب الناس ، متعللا بأن الغاية تبرر الوسيلة ، و إنما جهر بالحق و صدع به ، و حورب و أوذي و عُودي في الله رب العالمين ، حتى بلغ غايته ، و حكم الناس بدين ربه .
    إقرؤا سيرته بعلم و بصيرة ، تدركوا ما أقول لكم ، قال تعالى
    " وَدُّوا لَوْ تُدْهِنُ فَيُدْهِنُونَ (9) وَلَا تُطِعْ كُلَّ حَلَّافٍ مَهِينٍ (10)القلم .
    و قال عزَّ من قائل
    " قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ (1) لَا أَعْبُدُ مَا تَعْبُدُونَ (2) وَلَا أَنْتُمْ عَابِدُونَ مَا أَعْبُدُ (3) وَلَا أَنَا عَابِدٌ مَا عَبَدْتُمْ (4) وَلَا أَنْتُمْ عَابِدُونَ مَا أَعْبُدُ (5) لَكُمْ دِينُكُمْ وَلِيَ دِينِ (6)الكافرون
    قال العلامة محمد الأمين الشنقيطي عند تفسيره لها " قَوْلُهُ تَعَالَى : قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ [1] . نِدَاءٌ لِلْمُشْرِكِينَ بِمَكَّةَ ، لَمَّا عَرَضُوا عَلَيْهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يَتْرُكَ دَعْوَتَهُ وَيُمَلِّكُوهُ عَلَيْهِمْ أَوْ يُعْطُوهُ مِنَ الْمَالِ مَا يُرْضِيهِ وَنَحْوِهِ فَرَفَضَ ، فَقَالُوا : تَقْبَلُ مِنَّا مَا نَعْرِضُهُ عَلَيْكَ : تَعْبُدُ آلِهَتَنَا سَنَةً وَنَعْبُدُ إِلَهَكَ سَنَةً ، فَسَكَتَ عَنْهُمْ فَنَزَلَتْ ، وَقَالُوا لَهُ : إِنْ يَكُنِ الْخَيْرُ مَعَنَا أَصَبْتَهُ ، وَإِنْ يَكُنْ مَعَكَ أَصَبْنَاهُ ". أضواء البيان
    فإن لم يسعنا ما وسع رسول الله ، فلا وسَّعَ الله علينا .

    القاعدة السابعة :

    7- أن من علِمَ حجةٌ على مَن لم يعلم .
    و أنا أقولها صريحة معلَنة ، أن العلامة مقبلاً و من معه سبروا أمرَ الديمقراطية و ما فرخته من وبال و شر كالإنتخابات ، أكثر من غيرهم ، و هذا لا يطعن فيمن قال بجواز الأمر ، و لكن كما تعلمون أن العلماء لا يزالون يردُّ بعضُهم على بعض ، و يُخَطِّأ بعضُهم بعضا ، بل إنك ترى كثيرا ، أن الجمهور يكونون على قول ، و يكون الصوابُ بخلافه ، و هو مذهب القلة القليلة ، و لم يُزَهِّدْ ذلك الناسَ و طالبي الحق في الأخذ بقول القلة و إن خالف قول الجمهور ، لأن من علم حجة على من لم يعلم ، و من كان عنده زيادة علم عملنا بزيادتهِ ، و الأمثلة على ذلك كثيرة بين أصحاب رسول الله صلى الله عليه و سلم ، فضلا عن غيرهم .
    و من ذلك ما ذكره ابن تيمية رحمه الله ، في كتابه القيم الفريد / رفع الملام عن الأئمة الأعلام :
    حيث قال :( فَإِنَّ الْإِحَاطَةَ بِحَدِيثِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ تَكُنْ لِأَحَدِ مِنْ الْأُمَّةِ. وَقَدْ كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُحَدِّثُ؛ أَوْ يُفْتِي؛ أَوْ يَقْضِي؛ أَوْ يَفْعَلُ الشَّيْءَ؛ فَيَسْمَعُهُ أَوْ يَرَاهُ مَنْ يَكُونُ حَاضِرًا, وَيُبَلِّغُهُ أُولَئِكَ -أَوْ بَعْضُهُمْ- لِمَنْ يُبَلِّغُونَهُ, فَيَنْتَهِي عِلْمُ ذَلِكَ إلَى مَنْ شَاءُ اللَّهُ تعالى مِنْ الْعُلَمَاءِ, مِنْ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ وَمَنْ بَعْدَهُمْ. ثُمَّ فِي مَجْلِسٍ آخَرَ: قَدْ يُحَدِّثُ, أَوْ يُفْتِي, أَوْ يَقْضِي, أَوْ يَفْعَلُ شَيْئًا, وَيَشْهَدُهُ بَعْضُ مَنْ كَانَ غَائِبًا عَنْ ذَلِكَ الْمَجْلِسِ, وَيُبَلِّغُونَهُ لِمَنْ أَمْكَنَهُمْ. فَيَكُونُ عِنْدَ هَؤُلَاءِ مِنْ الْعِلْمِ مَا لَيْسَ عِنْدَ هَؤُلَاءِ, وَعِنْدَ هَؤُلَاءِ مَا لَيْسَ عِنْدَ هَؤُلَاءِ.
    وَإِنَّمَا يَتَفَاضَلُ الْعُلَمَاءُ مِنْ الصَّحَابَةِ وَمَنْ بَعْدَهُمْ بِكَثْرَةِ الْعِلْمِ أَوْ جَوْدَتِهِ.
    وَأَمَّا إحَاطَةُ وَاحِدٍ بِجَمِيعِ حَدِيثِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ, فَهَذَا لَا يُمْكِنُ ادِّعَاؤُهُ قَطُّ.
    وَاعْتُبِرَ ذَلِكَ بِالْخُلَفَاءِ الرَّاشِدِينَ -رضي الله عنهم- الَّذِينَ هُمْ أَعْلَمُ الْأُمَّةِ بِأُمُورِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَسُنَّتِهِ وَأَحْوَالِهِ, خُصُوصًا الصِّدِّيقُ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ- الَّذِي لَمْ يَكُنْ يُفَارِقُ رسول الله صلى الله عليه وسلم حَضَرًا وَلَا سَفَرًا, بَلْ كَانَ يَكُونُ مَعَهُ فِي غَالِبِ الْأَوْقَاتِ, حَتَّى إنَّهُ يَسْمَرُ عِنْدَهُ بِاللَّيْلِ فِي أُمُورِ الْمُسْلِمِينَ. وَكَذَلِكَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ-, فَإِنَّ رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَثِيرًا مَا كان يَقُولُ:
    (دَخَلْت أَنَا وَأَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ) وَ (خَرَجْت أَنَا وَأَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ).
    ثُمَّ إنه -مَعَ ذَلِكَ- لَمَّا سُئِلَ أَبُو بَكْرٍ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ- عَنْ مِيرَاثِ الْجَدَّةِ قَالَ: {مَالَكِ فِي كِتَابِ اللَّهِ مِنْ شَيْءٍ, وَمَا عَلِمْت لَكِ فِي سُنَّةِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ شَيْءٍ, وَلَكِنْ اسْأَلْ النَّاسَ} فَسَأَلَهُمْ. فَقَامَ الْمُغِيرَةُ بْنُ شُعْبَةَ وَمُحَمَّدُ بْنُ مسلمة -رضي الله عنهما- فَشَهِدَا {أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَعْطَاهَا السُّدُسَ}(1) وَقَدْ بَلَّغَ هَذِهِ السُّنَّةَ عِمْرَانُ بْنُ حُصَيْنٍ -رضي الله عنه- أَيْضًا.
    وَلَيْسَ هَؤُلَاءِ الثَّلَاثَةُ مِثْلَ أَبِي بَكْرٍ وَغَيْرِهِ مِنْ الْخُلَفَاءِ -رضي الله عنهم- ثُمَّ قَدْ اخْتَصُّوا بِعِلْمِ هَذِهِ السُّنَّةِ الَّتِي قَدْ اتَّفَقَتْ الْأُمَّةُ عَلَى الْعَمَلِ بِهَا.
    وَكَذَلِكَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ- لَمْ يَكُنْ يَعْلَمُ سُنَّةَ الِاسْتِئْذَانِ حَتَّى أَخْبَرَهُ بِهَا أَبُو مُوسَى الأَشْعريُّ -رضي الله عنه- وَاسْتَشْهَدَ بِالْأَنْصَارِ(2). وَعُمَرُ أَعْلَمُ مِمَّنْ حَدَّثَهُ بِهَذِهِ السُّنَّةِ.
    وَلَمْ يَكُنْ عُمَرُ -رضي الله عنه- أَيْضًا يَعْلَمُ أَنَّ الْمَرْأَةَ تَرِثُ مِنْ دِيَةِ زَوْجِهَا, بَلْ يَرَى: أَنَّ الدِّيَةَ لِلْعَاقِلَةِ, حَتَّى كَتَبَ إلَيْهِ الضَّحَّاكُ بْنُ سُفْيَانَ -رضي الله عنه- -وَهُوَ أَمِيرٌ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى بَعْضِ الْبَوَادِي- يُخْبِرُهُ {أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَرَّثَ امْرَأَةَ أَشْيَمَ الضَّبَابِيِّ- رضي الله عنه- مِنْ دِيَةِ زَوْجِهَا}(1) فَتَرَكَ رَأْيَهُ لِذَلِكَ، وَقَالَ: {لَوْ لَمْ نَسْمَعْ بِهَذَا لَقَضَيْنَا بِخِلَافِهِ}. وَلَمْ يَكُنْ يَعْلَمُ حُكْمَ الْمَجُوسِ فِي الْجِزْيَةِ, حَتَّى أَخْبَرَهُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَوْفٍ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ- أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ
    : سَنُّوا بِهِمْ سُنَّةَ أَهْلِ الْكِتَابِ} انتهى .
    و بهذا يتَبَيَّنُ تفاوتُ العلماء في العلم كل بحسبه ، و هذا التفاوت يكون عاماً في العلوم ، أو خاصاً ببعض المسائل ، كمسألتِنا هذه ( الإنتخابات ) فانتبهوا يا يرحمكم الله .
    فكلُّ من قال بعدم جواز الإنتخابات قد ذكر من مفاسدها و ما اشتملت عليه من حرام كـ
    ( الكفر – البدع – الكبائر – الصغائر ) ما يقضي بحرمتها ، و يوجب طرحَها و التحذيرَ منها ، لا اتخاذَها وسيلة و مركباً .

    القاعدة الثامنة :

    8- دع ما يريبك إلى ما لا يريبك ، و اليقين لا يزول بالشك . و هذان أصلان عظيمان في دين الله رب العالمين .
    فعن الحسن بن علي رضي الله عنهما قال : حفظت من رسول الله صلى الله عليه وسلم
    : " دع ما يريبك إلى ما لا يريبك فإن الصدق طمأنينة وإن الكذب ريبة ". رواه أحمد والترمذي والنسائي وروى الدارمي الفصل الأول
    و عن النُّعْمَانِ بْنِ بَشِيرٍ، قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ
    : الْحَلاَلُ بَيِّنٌ، وَالْحَرَامُ بَيِّنٌ، وَبَيْنَهُمًا مُشَبَّهَاتٌ لاَ يَعْلَمُهَا كَثِيرٌ مِنَ النَّاسِ؛ فَمَنِ اتَّقَى الْمُشَبَّهَاتِ اسْتَبْرَأَ لِدِينِهِ وَعِرْضِهِ، وَمَنْ وَقَعَ فِي الشُّبُهَاتِ كَرَاعِي يَرْعَى حَوْلَ الْحِمَى يُوشِكُ أَنْ يُوَاقِعَهُ؛ أَلاَ وَإِنَّ لِكلِّ مَلِكٍ حِمًى، أَلاَ إِنَّ حِمَى اللهِ فِي أَرْضِهِ مَحَارِمُهُ، أَلاَ وَإِنَّ فِي الْجَسدِ مُضْغَةً إِذَا صَلَحَتْ صَلَحَ الْجَسَدُ كُلُّهُ، وَإِذَا فَسَدَتْ فَسَدَ الْجَسَدُ كُلُّهُ، أَلاَ وَهِيَ الْقَلْبُ " متفق عليه .
    و مسألة الإنتخابات هَبْ أنها مما خفي و اشتبه حكمه على أكثر الناس ( و ليس الأمر كذلك ) ، فيكون الواجب فيها حتما هو ترك الخوض فيها و عدم المشاركة ، و ذلك بأمر رسول الله بترك المشتبه
    ( وَبَيْنَهُمًا مُشَبَّهَاتٌ لاَ يَعْلَمُهَا كَثِيرٌ مِنَ النَّاسِ؛ فَمَنِ اتَّقَى الْمُشَبَّهَاتِ اسْتَبْرَأَ لِدِينِهِ وَعِرْضِهِ، وَمَنْ وَقَعَ فِي الشُّبُهَاتِ كَرَاعِي يَرْعَى حَوْلَ الْحِمَى يُوشِكُ أَنْ يُوَاقِعَهُ ) و قوله ( دع ما يريبك إلى ما لا يريبك ) ، ( على فرض أنها مما خفي و اشتبه ) وهذا بيِّن و الحمد لله .

    القاعدة التاسعة :

    9- أن الأصل في العبادات الحظرُ و المنعُ ( أي التوقيف ) فيتوقف فيها على الدليل ، فلا يجوز التعبد بخوض الإنتخابات أو التصويت و المشاركة إلا بدليل شرعي من الكتاب أو السنة .
    قال رسول الله صلى الله عليه و سلم
    : مَنْ أَحْدَثَ فِي أَمْرِنَا هذَا مَا لَيْسَ فِيهِ فَهُوَ رَدٌّ " متفق عليه .
    و قال :
    « مَنْ عَمِلَ عَمَلاً لَيْسَ عَلَيْهِ أَمْرُنَا فَهُوَ رَدٌّ ». مسلم .
    إذاً لا بد من الدليل الشرعي على جواز الإنتخابات و المشاركة فيها ترشيحا أو تصويتا .
    أما الاقتصار على كلام بعض أهل العلم في التجويز ، في حين أن الأدلة قامت على التحريم ، فهذا عين ما نهى الله عنه قائلا
    :" اتَّبِعُوا مَا أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ مِنْ رَبِّكُمْ وَلَا تَتَّبِعُوا مِنْ دُونِهِ أَوْلِيَاءَ قَلِيلًا مَا تَذَكَّرُونَ (3) الأعراف

    القاعدة العاشرة :

    10- أنه يلزم من تجويزهم الإنتخابات ، تجويزُهم المظاهرات للمطالبة بالحقوق ، و تحكيم الشريعة ، و تجويزهم الخروج على الحكام أيضا ، لأجل تحكيم الشريعة سواء بسواء ، و هم لا يقولون بذلك ، فنقول و ما الفرق و الباب واحد ، و المصالح المتوقعة من الخروج على الحكام أو المظاهرات تكاد تكون متقاربة ، كذلك المفاسد تكاد تكون متقاربة ؟
    فإن قالوا بعدم جواز المظاهرات و الخروج على ولاة الأمر ، لزم الرجوع عن القول بجواز الإنتخابات .
    و بهذا الذي سطرته يتبين لكم الرد على تلك الفتاوى من أئمتنا ، رحمنا الله و إياهم رحمة واسعة .



    و هنا أريد أن أنبه تنبيها مهما و هو :

    بما أنهم يُقدِّرون علمائهم إلى هذا الحد و يستدلون بأقوالهم ، فما الذي منعهم من الأخذ بأقوالهم فيما يتعلق بالمظاهرات و الخروج على ولاة الأمر ؟!!!
    أترك لكم أنتم الجواب أيها الشباب ، فهو بيِّن لا يحتاج مني إلى بيان .

    و كتب ،
    أخوكم الفقير إلى عفو ربه
    أبو عبد الله قرةِ العين
    صلاح بن عبد الوهاب بن أمين
    السلفي المصري


  2. #2
    تاريخ التسجيل
    Apr 2010
    الدولة
    الجزائر
    المشاركات
    6,287

    افتراضي رد: الْجَوَابُ عَمَّا اسْتَدَلُّواْ بِهِ مِنْ فَتَاوَى الْعُلَمَاءِ عَلَى جَوَازِ الْإِنْتِخَابِ

    السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
    بارك الله في الشيخ ابو عبد الله قرة العين ونفع به
    قال الشيخ العلامة المحدث محمد ناصر الدين الالبا ني رحمه الله

    ولذلك فنحن ننصح إخواننا الذين يشاركوننا في الاهتمام بالرجوع إلى الكتاب والسنة أن لا يستعجلوا الأمر وأن يربوا أنفسهم وأن يربوا ذويهم على هذا الإسلام الصحيح, وأن يَدَعُوا الحكام يفعلون ما يشاءوا؛ لأننا لا سبيل لنا إليهم, ولنتصور الرسول وحياته في مكة وماذا كان يصيبه ويصيب أصحابه من الكفار, ما وقفوا أمامهم يجابهونهم ويواجهونهم لسببين اثنين:
    أولاً: أنَّ التربية التي ينبغي أن تتحقق في المسلمين لمَّا تكن قد تحققت فيهم.
    وثانياً: ربنا يقول: {وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ} [الأنفال:60] إلى آخر الآية, لم يكن المسلمين يومئذ مما يمكنهم أن يجابهوا العدو أولاً بإيمانهم القوي وثانياً باستعدادهم المادي.
    لذلك ننصح هؤلاء أن لا يتغلب عليهم الحماس والكره لهؤلاء الحكام -وحُقَّ لهم ذلك- لأنهم يحكمون بغير ما أنزل الله, وإنما عليهم أن يتأنوا وأن يربوا أنفسهم ومن حولهم على الإسلام الصحيح وإلا فقد قيل قديماً: (من استعجل الشيء قبل أوانه ابتلي بحرمانه). انتهى


    من سلسلة الهدى والنور - الشريط رقم (381)



    هذه ملفات رفعتها على موقع نور اليقين
    حمل من هنا


    http://www.up.noor-alyaqeen.com/ucp.php?go=fileuser



  3. #3
    تاريخ التسجيل
    Dec 2010
    الدولة
    تلمسان - الجزائر
    المشاركات
    350

    افتراضي رد: الْجَوَابُ عَمَّا اسْتَدَلُّواْ بِهِ مِنْ فَتَاوَى الْعُلَمَاءِ عَلَى جَوَازِ الْإِنْتِخَابِ

    أحسن الله إليكم وأعانكم على نشر العقيدة الصحيحة



معلومات الموضوع

الأعضاء الذين يشاهدون هذا الموضوع

الذين يشاهدون الموضوع الآن: 1 (0 من الأعضاء و 1 زائر)

المواضيع المتشابهه

  1. مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 25-Jul-2016, 01:00 AM
  2. تفسير: إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ .
    بواسطة أم محمد محمود المصرية في المنتدى مـنــبر الأســـرة المـــســلـــمـــة
    مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 26-Jan-2015, 08:48 PM
  3. مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 15-Jan-2015, 09:33 PM
  4. مِنْ كَلاَمِ العُلَمَاءِ وَالـمَشَايِخِ فِي كُتُبِ مَنْ كَانَ عَلَى الجَادَّةِ ثُمَّ انْـحَرَفَ
    بواسطة أبوربيع حسن بن هاشم الحسن في المنتدى المنبــر الإسلامي العــام
    مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 17-Sep-2014, 10:10 PM
  5. مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 07-Sep-2014, 08:22 AM

الكلمات الدلالية لهذا الموضوع

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •