رد العلامة عبيد الجابري حفظه الله على من يقول (لسنا مجبورين باتباع أحد من الناس)
بسم الله الرحمن الرحيم
سئل العلامة عبيد بن سليمان الجابري حفظه الله ما يأتي:
س:يتزعم ويتصدر بعض طلبة العلم في القضايا النازلة في المناهج ومعرفة الرجال ويخالفون كبار العلماء الذين لهم صبر في معرفة هذه القضايا، بحجة أننا لسنا مجبورين باتباع أحد من الناس، فما توجيهكم في هذا الأمر بارك الله فيكم.
فأجاب حفظه الله :لابد هاهنا من بيان أمور، حتى يكون الجواب على هذه المقولة أو على هذا المسلك الذي تضمنه السؤال واضحا جليا.
الأمر الأول: التذكير بقوله جل وعلا: {وَإِذَا جَاءَهُمْ أَمْرٌ مِنَ الْأَمْنِ أَوِ الْخَوْفِ أَذَاعُوا بِهِ وَلَوْ رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُولِ وَإِلَى أُولِي الْأَمْرِ مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنْبِطُونَهُ مِنْهُمْ وَلَوْلا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ لَاتَّبَعْتُمُ الشَّيْطَانَ إِلَّا قَلِيلاً?}سورة النساء:الآية83 .
فهذه الآية تربي المسلمين على قاعدة شريفة يجب عليهم سلوكها حيال النوازل والمعضلات والمشكلات، وتلكم القاعدة هي رد مشكلات النوازل وعظائم الأمور التي تجعل الحليم حيران إلى من هم أهل للكلام فيها ومعالجتها، وهم طائفتان من الناس.
الطائفة الأولى: رسول الله صلى الله عليه وسلم، والمراد الأن الرد إلى سنته.
والطائفة الثانية: أولوا الأمر فإن ولي الأمر بمن حوله من أهل شوراه من العلماء والخبراء وأهل الحل والعقد والخبرة في الشرع وسياسة الأمور هم الذين يحسنون معالجة هذه القضايا النازلة، وليس لعامة الناس ذلك.
يزيد هذا وضوحا مارواه مسلم في صحيحه أنه أشيع أن رسول الله صلى الله عليه وسلم طلق نساءه قال عمر فأتيت النبي صلى الله عليه وسلم فقلت يا رسول الله أطلقت نساءك قال: «لا»، قال عمر رضي الله عنه لما نزلت الآية أنا من الذين يستنبطونه، أنا من الذين يستنبطونه.
الأمر الثاني: في قوله ((ولسنا مجبرين بإتباع فلان أو كما قال))، نحن نقول أنت لست مجبراً باتباع فلان نعم، لكن قولك هذا مجمل فإنه يحتمل الخطأ والصواب ويحتمل الحق والباطل وكان جديراً بك أن تفصح، فإن العبرة ليست بقول فلان أو علان لذاته، بل العبرة بالدليل فحينما يتنازع الناس في أمر من الأمور فإنه يجب رد ما تنازعوا فيه إلى الله ورسوله صلى الله عليه وسلم كما قال تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ} سورة النساء:59.
قال أهل العلم الرد إلى الله هو الرد إلى كتابه، والرد إلى رسوله هو الرد إليه في حياته والرد إلى سنته بعد مماته صلى الله عليه وسلّم، فقولك هذا في غاية الفساد والبطلان ولايفهم منه أحد إلا أنك تريد أن تربط الناس بك أو بمن هو على شاكلتك من المتصدرين للعلم والمنصدرين ميدان الدعوة، وكان الواجب عليك أن تربط الناس بأئمة الهدى والعلماء المعروفين بصحة المعتقد والمنهج السديد السليم والمعرفين كذلك بالرسوخ في العلم والنصح للأمة، فإن هؤلاء هم ورثة الأنبياء فإذا قالوا كلمتهم في نازلة من النوازل أو في أمر من الأمور أو في التحذير من رجل من الرجال وأبانوا بالدليل فساد منهجه وسوء مأخذه وجب قبول ما قالوه لأنه حق مادام مبنيا على الدليل وعلى البينة والبرهان، فبان بهذا أن هذه المقولة باطلة وفاسدة، نعم.
بارك الله فيكم وأحسن إليكم(1)اهـ
وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه
(1):"جناية التمييع على المنهج السلفي"
نقله اخوكم أبو عبد المصور مصطفى الجزائري