جمع أحاديث دالة على مشروعية عقد التسبيح بالأصابع للشيخ عبد الله بن إبراهيم القرعاويالرسالة الثانية والثلاثون
الحمد لله رب العالمين وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.من عبد الله بن إبراهيم القرعاوي إلى الأخ المكرم... حفظه الله تعالى.سلامٌ عليكم ورحمة الله وبركاته... وبعد.
فقد طلبت مني أن أذكر لك أحاديث تدل على مشروعية عقد التسبيح بالأصابع عقب الصلوات المكتوبات.
والجواب:هذه أحاديث وآثار تدل على مشروعية عقد التسبيح بالأصابع عقب الصلوات وغيرها من قول النبي وفعله.
روى أحمد والترمذي وأبو داود عن بسيرة -وكانت من المهاجرات- قالت: قال لنا رسول الله : «عليكن بالتهليل والتسبيح والتقديس، ولا تغفلن فتنسين الرحمة، واعقدن بالأنامل؛ فإنهن مسئولات مستنطقات» . [صححه الحاكم والذهبي وحسنه النووي والعسقلاني]. وروى أبو داود والترمذي وحسنه، والحاكم والبيهقي، وإسناده صحيح كما قال الذهبي عن عبد الله بن عمرو بن العاص قال: «رأيت النبي يعقد التسبيح بيمينه» .وروى عبد الرزاق في «مصنفه» (2/ 234) وقال في آخر الحديث: «... ولقد رأيت النبي يعدُّ، وعدَّ بأصابعه..»إلى آخره.وقال عبد الرزاق أيضًا في «مصنفه» (2/ 238): عن معمر عن مغيرة قال: «لا بأس بعدِّ التكبير والتسبيح في الصلاة بما جاء فيه الأحاديث» . وقال ابن أبي شيبة في «مصنفه» (2/ 390): حدثنا يحيى بن سعيد القطان عن ابن تيمية عن امرأة من كليب قالت: رأتني عائشة أسبح بتسابيح معي فقالت: «أين الشواهد؟ يعني الأصابع» .وقال أيضًا: حدثنا معن بن عيسى عن مختار بن سعد قال: رأيت محمد بن علي يسبح في النافلة ويعقد بيده.وروى مسلم وأبو عوانة والنسائي والترمذي والبيهقي عن كعب بن عُجرة مرفوعًا: «معقبات لا يخيب قائلهن أو فاعلهن دبر كل صلاة مكتوبة: ثلاث وثلاثون تسبيحة، وثلاث وثلاثون تحميدة، وأربع وثلاثون تكبيرة» .فهذا الحديث نصٌ على أن هذا الذكر إنما يقال عقب الفريضة مباشرة، مع أنه لا يُحْصِي ما يقول من لم يعقد ذلك بأصابعه.ومما صح عن رسول الله من الذكر عقب السلام في دبر كل صلاة: «سبحان الله ثلاثًا وثلاثين، والحمد لله كذلك، والله أكبر كذلك، وتمام المائة لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير» .وفي صفة أخرى: «التكبير أربعًا وثلاثين فتتم به المائة» .وفي صفة أخرى: «خمسًا وعشرين تسبيحة، ومثلها تحميدة ومثلها تكبيرة، ومثلها لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير» .
في صفة أخرى: «عشر تسبيحات، وعشر تحميدات، وعشر تكبيرات» .
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في: «مجموع الفتاوى» (22/ 506) وعد التسبيح بالأصابع سُنَّة كما قال النبي للنساء: «سبحن واعقدن بالأصابع فإنهن مسئولات مستنطقات»انتهى. وقال ابن حجر في: «فتح الباري» (2/ 329) في شرح حديث أبي هريرة: «جاء الفقراء..»ثم قال بعد كلام له سبق وهو «أن الذكر يحتاج إلى العدد، وله على كل حركة لذلك – سواء كان بأصابعه أو بغيره – ثواب» . انتهى محل الغرض منه بلفظه.هذا وقد حاولت اختصار الفائدة رغبة عن الإطالة المملة، فأسأل الله الحي القيوم أن يهدينا وسائر إخواننا المسلمين إلى ما اختلفوا فيه من الحق بإذنه إنه يهدي من يشاء إلى صراط مستقيم.
مجموع مسائل ورسائل للعلامة عبد الله بن إبراهيم القرعاوي .