النتائج 1 إلى 6 من 6
  1. #1
    تاريخ التسجيل
    Apr 2011
    المشاركات
    146

    افتراضي تصدر طالب العلم

    السلام عليكم ورحمة الله وبركاته : كنت وضعت هذا الموضوع في المنبر العام ولم انتبه إلى ان مكانه الصحيح هو منبر الأسئلة فلذلك نقلته هنا وأرجو من الشيخ أن يتحفنا بجواب شاف كاف وله منا جزيل الشكر والتقدير ،والسؤال هو :
    يوجد بعض الإخوة في مناطق متفرقة من البلاد لهم نشاط في طلب العلم وتحصيله لا سيما ما كان من المسائل الفقهية والعقدية لكن لهم ضعف وتقصير في المسائل المنهجية وذلك لعدم اهتمامهم بكتب الردود فتجد منهم من يزكي من بدعه العلماء ومنهم من يؤصل أصولا تخالف منهج السلف ومنهم من أوتي من قبل مطاعته لكتب أهل الانحراف ومن تكلم فيهم فيأتي بأصولهم ليبثها في أوساط إخوانه بقصد ومن غير قصد فهل أمثال هؤلاء يصلحون للتصدير وإلقاء المحاضرات للناس في المساجد وقاعات المحاضرات وكيف يكون التعامل مع من يتعصب لهم ويقدمهم بحجة أن لهم علما وجزاكم الله خيرا ؟
    التعديل الأخير تم بواسطة أبو عثمان زين الدين الباتني ; 22-Jun-2012 الساعة 09:43 PM

  2. #2
    تاريخ التسجيل
    Apr 2011
    الدولة
    شرق بلاد الجزائر الحبيبة
    المشاركات
    1,851

    افتراضي رد: تصدر طالب العلم

    بسم الله...
    وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.
    أحسنت أخي أبا عثمان وجزاك الله خير أمر مهم لأنه فشاء أوافقك السؤال لشيخ حفظه الله وأعانه....
    ومما لحظته وقد تكون إضافة لسؤال أخينا : عند الدروس..لا يعزون الفؤاد لأصحابها وطروحاتهم ...نسأل الله أن ينفع بتوجيهاتكم ياشيخ.

  3. #3
    تاريخ التسجيل
    Apr 2011
    المشاركات
    146

    افتراضي رد: تصدر طالب العلم

    بارك الله فيك أخي ياسين ،وصدقت فيما قلت وهذا منتشر بكثرة والله المستعان ،ننتظر إجابة الشيخ حفظه الله تعالى .

  4. #4
    تاريخ التسجيل
    Aug 2010
    المشاركات
    1,205

    افتراضي رد: تصدر طالب العلم

    وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
    جوابي على هذا السؤال المتكون من عدة فقرات تجده في هذه المقالات :
    1- مقالي : المعالم في حد ومعرفة التعالم
    2- التعالم للشيخ عبد الغني عويسات
    3- إن هذا دين فانظروا عمن تاخذون دينكم مقال لي
    4- الإحسان إلى كلمة الشيخ ابن رمزان .. مقال لي
    5- عمن يؤخذ العلم للشيخ الفاضل محمد بن هادي المدخلي
    6 حكم الدخول إلى منتديات أهل البدع والأهواء مقال لي وفقك الله والسلام عليكم

  5. #5
    تاريخ التسجيل
    Apr 2011
    المشاركات
    146

    افتراضي رد: تصدر طالب العلم

    جزاك الله خيرا شيخنا وبارك في علمك .

  6. #6
    تاريخ التسجيل
    Apr 2011
    الدولة
    شرق بلاد الجزائر الحبيبة
    المشاركات
    1,851

    افتراضي رد: تصدر طالب العلم

    بسم الله الرحمن الرحيم
    ـ بارك الله فيك ياشيخ يوسف لعويسي على التوجيه لهذه المصادر فيها الغنية والشفاء لمن أراد الدواء دون عناء ....الله يحفظكم وجميع مشايخنا.
    ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــ
    المعالم في حد و معرفة التعالم. الشيخ أبوبكر يوسف لعويسي حفظه الله :
    إن الحمـد لله نحمـده ونستعينه،ونستغفره ونتوب إليـه، ونعــوذ بالله من شرور أنفسنا و من سيئات أعمالنا من يهد الله فلا مضل له ، ومن يضلل فلا هادي له. وأشهد أن لا اله إلا الله ، وحده لا شريك له ، وأشهد أن محمدا عبده و رسوله.

    } يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلاَ تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنتُم مُّسْلِمُونَ{ (102) سورة آل عمران}.
    } يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُواْ رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيرًا وَنِسَاء وَاتَّقُواْ اللّهَ الَّذِي تَسَاءلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا{ (1) سورة النساء}.
    } يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا} (70) يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَن يُطِعْ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا { (71) سورة الأحزاب } .
    أمــــــــا بعـــــــــــــــد:
    فان أصدق الحديث كلام الله و خير الهدي هدي محمد -صلى الله عليه و سلم- و شــر الأمــور محدثاتها و كل محدثة بدعة -وكل بدعة ضلالة وكل ضلالة في النــار.
    لقد أفرز الواقع الأليم الذي أطلَّت فيه الفتن بقرونها، وشهرت الحزبية سيفها ، وغُيِّبَ فيه كثير من العلماء السلفيين الربانيين ، وطلبة العلم المتمكنين ...ووصموا بشتى الألقاب المنفرة، وأوصاف لعلمهم مُدثرة ، وبالصد عنهم مشعرة ، فبرز أهل التعالم بزعمهم الذبّ عن دينهم ، ونشر سنَّة نبيهم صلى الله عليه وسلم ، فأثمرت جهودهم الحماسية بالفعل ثماراً خبيثة من تفريق وضياع وتشتيت بالأمة الإسلامية- أيدي سبأ - والله المستعان.
    ولكن كيف تعود الدعوة إلى العمل ضمن وظيفتها الشرعية في النهضة السلفية التي كان عليها الرعيل الأول في مثل هذا العصر الذي فشا فيه الجهل ، وظهر الرويبضات ؟
    والجواب على هذا السؤال المهم هو أن يقال : لكي تعود الدعوة لأصلها الأول، لابد من تنظيفها من الانحراف، وتنقيتها من الابتداع ، وتصفيتها من المبتدعة الهمج الرعاع ، وذلك بتصفية العقيدة والعبادات والعادات في جوانب الحياة الإسلامية مما يشوبها من معوقات للنهضة بها، المتمثلة في المتعالمين، فالتعالم مرض عضال ، فقد يجد الإنسان مرض الجهل والأمية، ومن الممكن علاجه، أمّا مرض التعالم فمن الصعب علاجه أو استئصاله " لأن عقل هذا المريض لم يتقن العلم ليصيره ضميراً فعالاً، يراقب الله تعالى ويعمل من أجله فقط ، بل طلبه ليجعله آلة للعيش وسلماً يصعد به إلى منصة الشهرة، وسدة حب الظهور ، ومطية لنيل الدنيا ، والوصول إلى المناصب ، وهكذا يصبح العلم مسخة وعملة زائفة، غير قابلة للصرف ، خالية من الإخلاص وابتغاء وجه الله تعالى ، فهذا الجاهل لا يقدر العواقب ، ولا ينقح علمه من الشوائب ولا يقّوم الأشياء بمعانيها ، ولا يفهم الكلمات بمراميها، وإنما بحسب حروفها وما تحمله من غثائية مظلمة ، ومناهج مبتدعة ، وفتاوى مخالفة للكتاب والسنة بفهم العز والتمكين ، ومنهج سبيل المؤمنين ، لابد من إزالة هذا المريض ، وكشف دائه ليصفو الجو للطالب الجاد ، والداعية المخلص والعالم الرباني ". لينهضوا بالأمة ويعودوا بها إلى عزها ومجدها الأول .
    ولإزالته لابد من معرفة معنى التعالم وأسبابه ، حتى ينكشف الغطاء ، ويظهر لكل منصف غرر به أو لبس عليه وهو يحب السلف والسلفية ، والعمل من أجل نصرة هذا المنهج ، من هو المتعالم الذي يرتع في الجهل ؟ ويطلب الدنيا بالعلم والعمل ، ويختل السذج بظاهر من القول المموه والفِعَل ، والآخرة بالتسويف والملل ، فإذا ظهر أمره ، تدرجوا في تركه فمات وزال شره .
    ومصطلح التعالم ، مصطلح جديد لم يعرف قديما في عهد السلف ، بالمفهوم المصطلح عليه اليوم ، وقد اجتمع الفقه الإسلامي التابع لمنظمة المؤتمر الإسلامي بجدة ، ودرسوا هذا المصطلح كما اجتمع مجمع اللغة العربية في القاهرة وتدارسوه ثم قرروا جواز التعامل به في المصنفات والخطابات الشرعية .
    قال الشيخ عبد الله بن بيه : أشكر الإخوة الباحثين، وأبدأ كلمتي بأن تحرير المصطلحات أمر مهم، وإن ما يأتي على الناس خطأ من وضع الأسماء على غير مسمياتها. فهذه جمل ذكرها علماؤنا في تعاملهم مع المصطلحات. وقالوا: إن خطأ الدليل يأتي من جعل اللفظ المشترك متباينًا أو من جعل المتباين مترادفًا.
    نحن أمام مصطلحات جديدة فهي مصطلحات غربية غريبة. من هذه المصطلحات، كما استمعنا إليه في الصباح، مصطلح ( العلمانية ) أو (المتعالمة) أو (التعالمية)، لأنها في الحقيقة تريد أن تنسب نفسها للعلم وهي ليست من العلم في شيء، فهي من باب (التعالم) وليست من باب (العلم). فينبغي أن نخرج بمصطلح، قد يقول الناس: إن هذا شيء تافه، المجمع يجتمع ليخرج بمصطلحات. مجلة مجمع الفقه الإسلامي التابع لمنظمة المؤتمر الإسلامي بجدة [11/701].
    وجاء في مجمع اللغة العربية بالقاهرة [1/26] : أن من الألفاظ التي ناقشها المجمع قولهم : تعالم خالد على زملائه. يرى المجمع أنه يجري على أقلام الكاتبين مثل قولهم: تعالم عليه، بمعنى تباهى وتفاخر بالعلم. وليس في مسموع اللغة هذه الدلالة، ولكن من ضوابط اللغة دلالة صيغة (تفاعل) على التظاهر بالفعل. وعلى هذا يُجاز استعمال الكاتبين. قرارات مجمع اللغة العربية بالقاهرة[1/26].والتراث المعجمي في خمسة وسبعين عاما 15/14].
    ويمكن أن يُرجع لفظ التعالم إلى بناء التفاعل، كالتجاهل، والتظاهر، فتعالم فلان أظهر العلم ، أو أنه عرف واشتهر بادعاء العلم وهو ليس كذلك ، فإن لفظ (متعالم )معناه مشهور،معلوم ،أو يقال أنه من التعالي والترفع ، فالمتعالم هو من يتعالى على الناس ، ويترفع متكبرا عليهم، معتدا بنفسه معجبا مغتر بما يظهره من العلم ، وقد جاء في تسير قوله تعالى كما في نوادر المخطوطات لعبد السلام هارون [106] : (وما الحياة الدُّنيا إلا متاعُ الغرور). وقد ذكر العارفون بهذا الفن أن من أكبر موجبات التكميل للطالب في هذا الفن ترك الغرور في نفسه، وترك الترفع على أبناء جنسه، فإنه ربما اجتهد في الكتابة كثيراً فيأتيه الشيطان فيوسوس له بالغرور، ويوقعه في الشرور، ومتى سلم من هذا يرجى له القبول، والرقي لمراتب الوصول. ومتى تساهل في أمر نفسه، وتكبر على أبناء جنسه، عوقب بالحرمان والوسواس، وسقط عن مرتبته التي كان فيها عند الله وعند الناس.
    أما فعل عَلِمَ : يَعْلَمُ عِلْماًِ فهو نقيض جَهِلَ ، ورجل علاَّمة وعلاَّم وعليم. كتاب العين [2/152]لأبي عبد الرحمن الخليل بن أحمد الفراهيدي .
    وعَلِم الشيء بالكسر يعلمه عِلْماً ، عرفه . ورجل عَلاَّمةٌ أي عالِمٌ جدا والهاء للمُبالغة ، و عَلَّمَهُ الشيء تَعْلِيما فتَعَلَّم ؛ وليس التشديد هنا للتكثير بل للتعددية .ويُقال أيضا تَعَلَّمَ بمعنى أعلم ، قال عمرو بن معد يكرب : تعلَّم أن خير الناس طُرا قتيل بين أحجار الكُلاب .
    قال بن السكيت : تعلمت أن فلانا خارجٌ، أي علمت . قال : وإذا قيل لك اعلم أن زيدا خارج . قلت : قد علمت . وإذا قيل تعلم أن زيدا خارج ، لم تقل : قد تعلمت .و تَعَالَمه الجميع أي عَلِمُوه . مختار الصحاح [1/467] محمد بن أبي بكر بن عبدالقادر الرازي .
    ويقال : رجل علاَّمة إذا بالغت في وصفه بالعلم . والعِلْم نقيض الجهل . وإنه لعالم ، وقد علِم يعلَم عِلماً .تهذيب اللغة ـ [ج/254] أبو منصور محمد بن أحمد الأزهري.
    وجاء في تاج العروس للزبيدي مادة [ ع ل م]( عَلِمَهُ - كَسَمِعَه - عِلْمًا ، بالكَسْرِ : عَرَفَه ) هكذا في الصِّحَاح ، وفي كَثِيرٍ من أمَّهاتِ اللُّغَةِ ، وزَادَ المُصَنِّفُ في البَصَائِر : حَقَّ المَعْرِفَةِ ثم قَوْله : هَذَا وكَذَا قَوْله فيما بَعْد : وعَلِمَ به ، كسَمِعَ ، شَعَرَ ، صَرِيحٌ في أنَّ العِلْمَ والمَعْرِفَةَ والشُّعُوَرَ كُلَّها بِمَعْنًى واحِدٍ ، وأنه يَتَعَدَّى بنَفْسِه في المَعْنَى الأول ، وبالبَاءِ إذا استُعْمِل بمَعْنَى شَعَرَ ، وهو قَرِيبٌ من كَلامِ أكْثَرِ أهْلِ اللُّغَةِ . والأكثرُ من المُحَقَقِّين يُفَرِّقُون بَيْن الكُلِّ ، والعِلْمُ عِنْدَهم أعْلَى الأوْصَافِ ؛ لأنَّه الذي أجازُوا إطْلاقَه على اللهِ تَعالَى ، ولم يَقولُوا : عارفٌ في الأصَحِّ ، ولا شاعرٌ . والفُروقُ مَذْكورُةٌ في مُصَنَّفاتِ أهلِ الاشتِقاقِ . ووَقَع خِلافٌ طَويلُ الذَّيْلِ في العِلْمِ ، حتى قالَ جماعةٌ : إنَّه لا يُحَدُّ لِظُهورِه وكَونِه من الضَّرورِيَّاتِ ، وقِيلَ : لِصُعوبَتِه وعُسْرِهِ ، وقِيلَ : غَيْرُ ذَلك ، مِمَّا أوْرَدَه بِمالَه وعَلَيْه الإمام أبو [ الوفاء الحَسَنُ بنُ مَسْعُود ] اليُوسِيُّ في قانون العُلُوم ، وأشارَ في الدُّرِّ المَصُون إلى أنَّه إنَّما يَتَعَدَّى بالباءِ ؛ لأنَّه يُراعَى فيه أحيانًا مَعْنَى الإحاطَةِ ، قَاله شَيخُنا .
    وفي المعجم الوسيط : [تعالم ] فلان أظهر العلم ، والجميعُ الشيءَ علموه . المعجم الوسيط ـ [2/624] .إبراهيم مصطفى ـ أحمد الزيات ـ حامد عبد القادر ـ محمد النجار.
    قلت : ومعناه أنه اشتهر فعَلِمَه الجميع .
    وأخذ الزمخشري في المفصّل بقياس تفاعل إذا أريد به ما ليس واقعاً لكثرة ما جاء منه بهذا المعنى. وقد استعمل الجاحظ (تحاذق) في رسائله في ذم أخلاق الكتّاب فقال: "فإن أحدهم يتحاذق عند نظرائه بالاستقصاء على مثله". ولم يسمع عن العرب (تحاذق)، فإذا صح هذا كان قولهم : (تعالم) إذا أظهر العلم ، صحيحاً قياساً على تجاهل.
    ومما يفيده التفاعل وقوع الحدث تدريجاً كتفاقم الأمرُ ؛ وتواردت الإبل ؛ وهكذا تزايد وتنامى وتكاثر وتعاظم وترافد ونحو ذلك، تهافت أي تساقط قطعة قطعة، كما في الصحاح.
    وبناء التفاعل : تقول تفاعل تفاعلاً، بضم العين في المصدر كتنازع تنازعاً بضم الزاي في المصدر .
    قلت : وعلى هذا يقال : فيصح على بناء التفاعل ، قياسا على تحاذق ، وتجاهل ، فيقال تعالم ، تعالما ..
    وقد يُظهر التفاعلُ ما ليس واقعاً تقول تجاهل ؛ وتغافل أي أظهر الجهل ؛ والغفلة من نفسه وهما منتفيان لديه.
    قلت وكذلك : تعالم وتحالم : أظهر العلم والحلم وهما منتفيان لديه .
    ومن ذلك تحالمتُ إذا أظهرتُ الحِلْم ولست كذلك، على حين تقول تحلَّمتُ إذا التمستَ أن تصير حليماً (أدب الكاتب لابن قتيبة / 35). النحاة والقياس ،لصلاح الدين الزعبلاوي [1/373].
    هذا بالنسبة للتعالم ، أما لفظُ (متعالم ٌ)، فلم أجده بمعنى أظهر العلم ، وأدّعاه ، وإنما يذكر للأمر المعلوم المشتهر ، والشريف النبيه الذكر ، وفي الأمثال : وما يومُ حليمةَ بِسِرّ : يضرب مثلا لكل أمرمُتعالم مشهور. وحليمة : امرأة عربية ،وهي : حَليمَةُ بِنْتُ أبي ذُؤَيْبٍ : مُرْضِعَةُ النبي صلى الله عليه وسلم ، وبِنْتُ الحَارِثِ بنِ أبِي شِمْرٍ ، وجَّهَ أبوها جَيْشَاً إلى المُنْذِرِ بنِ ماءِ
    السماءِ فأَخْرَجَتْ لهم مِرْكَناً من طِيبٍ فَطَيَّبَتْهُمْ منه فقالوا : ما يَوْمُ حَليمةَ بِسِرٍ. فيقي يُضْرَبُ مثلا لكُلِ أمْرٍ مُتَعَالَمٍ مشهورٍ ، ويُضْرَبُ أيضاً للشَّريفِ النابِهِ الذِكْرِ . القاموس المحيط [1/1417]- الفيروزآبادي ، وتاج العروس للزبيدي [12/22] وتهذيب اللغة [5/70] والأمثال العربية والأمثال العامية مقارنة دلالية [1/159] الدكتور علاء إسماعيل الحمزاوي .
    وقال أبو عبيدة : أمرُ متعالم ، أي: قد علمه الناسُ وشُهِرَ. ومنزلُه متعالم ؛ أي: معلوم مكانه. الاختيارين . لأبي الحسن سعيد بن مسعدة الأخفش ، الأوسط .
    نعم وجدته في القاموس الفرنسي العربي الإنجليزي ، [1/6546] مُتَعَالِم ( جمع : علم، مفرده : تعليم) : مُدَّعِي الْعِلْم مترجم من الفرنسية ، مما يدل على أنه هذه الكلمة ( متعالم )ليست من مسموع اللسان العربي ولا من دلالاته ..كما ذكروا في مجمع اللغة العربية في مصر .
    نعم ذكر ابن القيم رحمه الله لفظ ( متمعلم )، ثم شرحه في هذه الأبيات بقوله :
    هذا وإنّي بَعْدُ مُمْتَحِنٌ بأَْرْ = = = بَعَةٍ وكلهمُ ذوو أظغانِ
    فظٌ غليظٌ جاهلٌ مُتَمَعلمٌ = = = ضخمُ العِمامَةِ واسعُ الأردانِ
    مُتفيهقٌ مُتضلعٌ بالجهلِ ذو = = = ضلعٍ وذو جلحٍ من العرفانِ
    مزجيُ البضاعةِ من العلومِ وإنّه = = = زاجٍ من الإيهامِ والهذيانِ
    يَشْكو إلى الله الحقوقَ تَظَّلُمًا = = = من جهلهِ كشِكايةِ الأبدانِ
    من جاهلٍ متطببٍ يفتي الورى = = = ويحيلُ ذاك على قضا الرحمنِ
    شرح لمعاني الكلمات الغريبة في الأبيات :
    الأردان؛ جمع ردن وهو الخز وقيل الحرير.أساس البلاغة [1/165] أبو القاسم محمود بن عمرو بن أحمد، الزمخشري جار الله.
    والأَرْدانُ : الأَكْمامُ . بحوث ودراسات في اللهجات العربية من إصدارات مجمع اللغة العربية بالقاهرة[4/17] نخبة من العلماء.وقال الأَصمعي هو لِباس يلبَسُه أَهل الشام وهو ثوب مُجَبَّل أَخْضرُ المَنْكِبين وسائرُه أَبْيَضُ والأَردانُ أَكمامُه . لسان العرب [7/26].
    وقوله : جلح .. والجَلَحُ: فَوْقَ النَزَع، وهو انحِسارُ الشَعَر عن جانِبَي الرأس .
    وبَقَرٌ جُلَّحٌ، أي لا قُرون لها. وشاة جلحاء أي لا قرون لها . الصحاح في اللغة[1/95] والقاموس المحيط [1/275] أبو نصر إسماعيل بن حماد الجوهري الفرابي .والتَّجْليحُ : إلا قْدامُ والتَّصْميمُ وحَمْلَةُ السَّبُعِ .[1/275]الصحاح في اللغة [1/95] والذئب جَرُؤ فهو جريء. المعجم الوسيط ـ [1/128].
    ورجلٌ مجلَّح تجليحاً، إذا كان مارداً مُقْدِماً على الأمور. وجلَّحَ الذئبُ يجلِّح تجليحاً، إذا أقدم وصمّم ولم يرجع. وكل مُقْدِمِ على شيء بجرأة فقد جلَّح عليه فهو مجلِّح. جمهرة اللغة [1/213] أبو بكر محمد بن الحسن بن دريد الأزدي .
    وقال الأَصمعيّ ، المجالحة ( والمُكاشفَةُ بالعداوَةِ والمُكابَرة ) ( و ) منه ( المُجالِحُ ) : المُكابِرُ . تاج العروس [6/341] الزَّبيدي .
    وابن القيم – رحمه الله - في هذه الأبيات يصف المتمعلم ( أي المتعالم ) بأنه ضخم العمامة واسع الأردان . أي الأكمام أو الأعطاف ، أو اللباس الخاص بأهل الشام ، وهو متفيهق ، متضلع بالجهل ، ذو جلح ، ويعنى بذلك أنه ليس له علم كالشاة الجلحاء ، أو جريء على العلم كالذئب ؛ وليس من أهله كالأسد إذا صمم الإقدام على الفريسة وعدم الرجوع كذلك هو على الفتوى وغرائب العلم مع إظهار العداوة والمكابرة ،لأهله ، وهو زاج أي زاوج في ذلك بين الإيهام والهذيان ..
    ومن خلال مطالعتي لكتب أهل اللغة ، وبحثي في مسألة تعريف المتعالم في كتب أهل العلم – مما تيسر له من الكتب التي بين يدي - ولا ادعي أني ألممت بكل ما فيها – تبين لي أن المتعالم هو :المتشبع بما لم يعط ، الدخيل على العلم وأهله ، وهو يحمل في جعبته الغثاء من السخافة ، والغرائب والأغلوطات ، والكذب ، قد تزيا بزي العلماء في سمته وهديه ، متظاهرا بالعلم ، مدعيا دعاوي عريضة ، مقداما بجرأة شديدة مريضة بحب الظهور ، ويقول الكذب ، ولا يستحي من الحق ، ولا من الخلق ، ويختلق الغرائب ، ويأتي بالعجائب يدعي الاجتهاد ، وداءه العناد ، ويكره العلماء أهل الإسناد ، أظهر لهم الحسد ،وله البغضاء من كل أحد ، لا يقبل نصحا ولا يرضى لنفسه توبة ولا صلحا ...حدث ، غر صغير ، وربما هو في السن شيخ كبير ، وداءه في الأمة خطير ، يعتمد على الصحف والقمطير ، وشأنه عند أولى العلم حقير .. نسأل الله أن يكفي الأمة شره، وأن يفضح أمره.
    والتعالم بالمصطلح العصري هو أن يدعي الإنسان العلم قبل أن يتعلم، لا يعرف مرتبة الدليل، ولا يعرف مناط الدليل، ولا يعرف أن يفرق بين المجمل والمبين، والعام والخاص، والناسخ والمنسوخ، وتراه يتجرأ على الخوض في كتاب الله تعالى، أو في مسائل الأصول الكبار، قد يقع في التكفير، وقد يقع في التفسيق، وقد يقع في التبديع، والتمييع ، وربما جمع بين النقيضين وهو لا يحسن أن يفرق بين الدليل ومناطه، بين الدليل ومراتبه، فأنا أقول الدليل ليس منتهى العلم يا أخي، وليس العلم بكثرة الرواية ، ولا بكثرة الكلام والدراية بل العلم هو خشية الله بل لابد من فهم العلم على مراد الله ورسوله ليرث الخشية والخوف منه تعالى ، ولذلك نرى البخاري رحمه الله تعالى في كتاب العلم يترجم بابًا فقيهًا بعنوان "باب الفهم في العلم"، ومن جميل ما قاله ابن القيم "إن سوء الفهم عن الله ورسوله أصل كل بدعة وضلالة نشأت في الإسلام قديمًا وحديثًا".
    ومن أخطر مظاهر التعالم الجرأة على الفتوى، والعجب، والكبر، والغرور، واحتقار الناس، وازدراء الناس، وحفظ بعض المسائل للتأسد والتنمر بها على أقرانه في مجلس من مجالس العلم، يجلس في مجلس فيقول قاعدة من قواعد الأصول مثلا، يذكر قاعدة من القواعد، العمل بالظن لا يصح مادام العمل بالعلم ممكنًا، يعرف الشرط، نيته وهدفه أن يظهر للناس أنه على علم وأنه أعلم منهم . والنبي صلى الله عليه وسلم كما في مستدرك الحاكم وسنن البيهقي وابن ماجة وغيرها بسندٍ صحيح من حديث كعب بن مالك ( من تعلم العلم ليجاري به العلماء أو ليماري به السفهاء، أو ليصرف وجوه الناس إليه فهو في النار )، نعوذ بالله من الخذلان.يتبع إن شاء الله ..
    ــــــــــ........................................ .................................................. ....ــــــــــ

    خطر التعالم وضرره. الشيخ عبد الغني عوسات حفظه الله:

    إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له وأشهد أن لا اله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدا عبده ورسوله .
    أما بعد :
    فاعلم أرشدني الله و إياك لمعرفة الحق والعمل به أن الشيء إنما يعظم قدره بسليم كنهه وماهيته وعميم خيره ونفعه وعظيم أثره ، كذلك – بالمقابل المضاد – يعظم جرمه بفساد ماهيته وتضرر العباد بضرره وأثره ، فالضرر يزال وذرائعه تسد ، وان من أعظم مبادئ الشريعة الغراء وأكرم مقاصدها السمحاء القائمة على المحجة البيضاء جلب المصالح ودرء المفاسد فقعدت لذلك قواعد دقيقة وقررت وسائل وثيقة ، وكم من مفسدة ظنها الناس هينة وكانت المفاسد منها ناشئة وفيها مجتمعة ظاهرها مغر وباطنها مضر مؤذ ، ومن أجل صيانة العباد من الأضرار وحمايتهم من الأخطار أمر الشارع الحكيم بترك كل ما غلبت عليه شوائب الفساد وشوهته دخائن أدران الكساد ، فلا يؤخذ الشيء إلا إذا تمحض حسنه وتمحص في معينه وتمخض به في مناهله ، فإذا علمنا كون العلم نورا وهدى وسبيل العباد إلى السعادة في الدنيا والآخرة والاستقامة على الجادّة السنّية وسلّم الارتقاء والسناء ومنافعه كثيرة من غير احصاء ومقاصد شريفة وعزيزة بلا مراء ، وحملته علماء حلماء ، وبلّغوه حكماء نزهاء ، ومن أجل صيانته من البعث والتحريف قّيض الله له حفظة عدولا أمناء ، ينفون عنه تحريف الغلاة ودعاوى وتخريف الجهلاء ، ويكشفون عن خزايا المتعلمين والدخلاء ، قال ابن حزم رحمه الله { لا آفة على العلوم وأهلها أضّرمن الدخلاء فيها وهم من غير أهلها ، فإنهم يجهلون ويظنون أنهم يعلمون، ويفسدون ويقدّرون أنهم يصلحون }.

    فالعلم ميراث الأنبياء تركوه أمانة في كنف العلماء – وليس غير العلماء – فكانوا عن حياضه ذا ّبين ولما لايمت له بصلة رادين ، ولمن تجاسرو وغامر في رحابه من المتعاملين محذّرين ، وله منذرين من سوء العاقبة يوم الدين وشّدة عقوبة رب العالمين ، إن في ذلك لذكرى للناس أجمعين فضلا عن المتعلمين .

    وإن للتعالم أضرارا وخيمة ومفاسد جسيمة ممتدّة أثارها فكانت بشّى الفنون والعلوم ملمّة وعميمة وهو سوء حلة وذميمة ، فقد طال التعالم النقول تحريفا وانتحالا وتلفيقا وكذبا نال العقول تصريفا وتخريفا ، فصال في العالم مغربا ومشرقا فيغتر الناس بما تكسبه كلماته تزيينا وتنميقا ، فترى العامي إذا سمع المتعالم يجيش بتعالمه الكذاب ويبوؤه منزلة ذوي الألباب وهو منه محل أعجاب وأنّه حامل فقه السنة والكتاب ، وأهل للحديث والفتيا في كل باب ، وأثره خطير على الفكر والكتاب قال قتادة رحمه الله : { من حدث قبل حينه افتضح في حينه } .
    وذلك بكشف الأجلّة عن حقيقته وهتك باطله وما ينطوي عليه من خسف وإفك ومسلك مرد فجّ تبيانا لنزع الثقة منه والتحذير من الاغترار به ، وهذا واجب أهل الإسلام أمام كلّ متعالم يدّعي العلم وليس بعالم ، أخذا بحجزهم عن النار ، وتبصيرا لهم بوضع الأقدام ، ودفعا لسيل تعالمهم الجرار كفاحا عن بيضة الإسلام وصرحة الممرّد من كل متمرّد صيانة لذويه عن التذبذب و الانفصام والتبدد والانقسام بسيرورة التعالم بين العباد وهذا عين الحكمة والسداد ، وصدق النصح والرشاد ، وحسن توجيه السواد ، ودفع عنهم كل ما يفسد عليهم صلاحهم وسعادتهم في الدنيا والآخرة ، فكما يحجر على الطبيب المتعالم لصالح الأبدان فإن من باب أولى وأحرى أن يحجر على العالم والفتي المتعالم من الفتيا والتوجيه لصالح الديانة ، إذ الأبدان في خدمة الأديان ، قال صلى الله عليه وسلم : { من تطّبب ولم يعلم منه طب فهو ضامن } [السلسة الصحية (رقم 645) ] ، وقال في الثاني سبحانه وتعالى{وَلاَ تَقْفٌ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ ٌ إنَ السَمْعَ وَ البَصَرَ والفٌؤَادَ كٌلُ أُلاَئِكَ كَانَ عنْه ُ مَسْؤولاََ } [ الاسراء 36] ففي هذين النصين الوحيين زواجر وقوارع لخوارم المتعاملين المتلاعبين بكتاب رب العالمين والمستهزئين بسنّة سيد المرسلين والمدلّسين على عوام المسلمين ، ألا يخاف هؤلاء يوم يبعثهم الله يوم الدين ويسألهم أجمعين ، عمّا قالوه وكانوا له عاملين ، { إن في ذلك لذكرى لمن كان له قلب أو ألقى السمع وهو شهيد } [ق : 37]

    ولا يخفى على الأريب أن التعالم ذريعة وعتبة الولوج في مجال قد لا يجد بعده سبيلا للخروج منه بحال ، ولقد ذكر الكثير من العلماء أكثر من مقال محذّرين الأمة من خطر التقول على الله ولانتحال ، ولقد عدّ الله تعالى التقول عليه بلا علم جرما عظيما وإثما جسيما فقال تعالى : { قل إنما حرم ربي الفواحش ما ظهر منها وما بطن والإثم والبغي بغير الحق وأن تشركو ا بالله ما لم ينزل به سلطانا وأن تقولوا على الله ما لا تعلمون } [الأعراف : 33] فقد ذكر في هذه الأية تلك المحرمات الأربع مرتبطة على سبيل التعالي باعتبار ما في كل واحدة من التأذي والتعدي فبدأ بالفواحش ما ظهر منها وما بطن ثم ذكر ما هو أشد منها وأفحش وهو الإثم والبغي بغير الحق فذكر بعدها ما هو أعظم وأدق ثم بعد ذلك ذكر ما كان سببا و لأصلا لكل الموبقات والسيئات فبد القول على الله بلا علم من أعظم تلك الجنايات ويتعد ضررها إلى أعلم المجلات نسأله الله العصمة من هذه الطامات .
    ولقد تظاهر الشكوى منهم على مدى العصور وتظافرت الفتوى في الحجر عليهم درء لما فيهم من الشرور وتناقلت المحتوى شتّى الصحائف والسطور ونذكر
    بعض ذلك ترشيدا للعقل وإثلاجا للصدر ونعوذ بالله من الحور بعد الكور ، ونسأل الخلاص يوم النشور ، وهو على ذلك جدّ مشكور فان من ظواهر التعالم :

    1- التزيد في الكلام والمجاهرة بمخالفة الأعلام بدعوى أنه على علم بدقائق الأفهام ، وسلامة فكر المتأخرين في موافقة نهج المتقدمين ، قال أبو اسحاق الشاطبي رحمه الله : { قلما تقع المخالفة لعمل المتقدمين إلا مما أدخل نفسه في أهل الاجتهاد غلطا أو مغالطة }{ التعالم (ص42) } ، فليس العبرة بكثرة القيل والقال وإنما العبرة بما هو عليه القول من الحال فرحمه الله على ابن القيم حيث قال : { كلام المقدمين قليل فيه البركة وكلام المتأخرين كثير قليل البركة }. ولقد جمع الحفاظ ابن رجب رحمه الله تعالى أقوالا نافعة وماتعة في الباب وجعلها محتوى الكتاب المرسوم ( بفضل علم السلف على الخلف ) .

    2- التجرؤ على الفتيا : فتراهم – المتعالمين – يسارعون إلى الكلام في مسائل يتوقف فيها شيوخ الإسلام وأئمة الأعلام قال ابن القيم رحمه الله :{ قل من حرس على الفتيا وسابق اليها ، وثابر عليها إلى قل توفيقه واضطرب أمره ، وان كان كارها لذلك غير مختار له ما وجد ممدوحةعنه ، وقدر أن يحيل بالأمر فيه إلى غيره ، كانت المعونة له من الله أكثر والصلاح في فتاويه وجوابه أغلب}(بدائع الفوائد {3/277 } ) ، فإذا كان المتعاملون يقولون مالا يعلمون ويهرفون بما لا يعرفون ويسرون بذلك ويفرحون ، فإن كثيرا من العلماء عليهم يشفقون ومن تعالمهم يتعجبون بل يبكون .

    ذكر أبو عمر عن مالك : أخبرني رجل انه دخل على ربيعة فوجده يبكي ، فقال : ما يبكيك ؟ أمصيبة دخلت عليك ؟ و ارتاع لبكائه ، فقال : لا ولكن أستفتي من لا علم له وظهر في الإسلام أمر عظيم ، قال ربيعة ( ولبعض من يفتي هاهنا أحق بالحبس من السراق ) قال بعض أهل العلم فكيف لو راى ربيعة زماننا وإقدام من لا علم عنده على الفتيا ، وتوثبه عليها ، ومدى باع التكليف اليها ، وتسلقه بالجهل والجرأة عليها مع قلة الخبرة وسوء السيرة وشؤم السريرة وهو من بين أهل العلم منكر وغريب ، فليس له في معرفة الكتاب والسنة وأثارالسلف نصيب ، وهذا الضرب إنما يستفتون بالشكل لا بالفضل ، وبالمناصب لا بالأهلية ، قد غرهم عكوف من لا علم عنده عليهم ومسارعة أجهل منهم إليهم ، تعج منهم الحقوق إلى الله عجيجا وتضج منهم الأحكام إلى من أنزلها ضجيجا .

    فمن أقدم بالجرأة على ماليس له بأهل من فتيا أو قضاء أو تدريس إستحق اسم الذم ولم يحل قبول فتياه ولا قضائه هذا حكم دين الإسلام .

    وإن رغمت أنوف من أناس ** فقل يارب لا ترغم سواها

    فإذا كان المتعالمون لا لا يتورعون ولا من الله تعالى يستحون ولا عاقبة يخشون ويخافون وذلك بما هم على الله يقولون ما لا يعلمون ، فإن غيرهم من العلماء كانو مع علمهم يسكتون ولا ينطقون و الفتوى لبعضهم بعضا يدفعون ، ولمؤنتها يكفون وهم عالمون ، ومن قول لا أدري لا يستنكفون ، وعدم الاجابة لا يستحبون فهذا ثعلب إمام الكوفيين – رحمه الله – سأله سائل عن شيء فقال لا أدري فقال له لا أدري فقال له : أتقول لا أدري واليك تضرب الأكباد الإبل ، وإليك الرحلة من كل بلد ؟ فقال ثعلب : لو كان لأمك بعدد لا أدري بعر لاستغنت وهذا الإمام الشعبي – رحمه الله – روي أنه قيل له ::{ إن نستحي لك من كثرة ما تسأل فتقول لا أدري ، فقال : لكن ملائكة الله المؤمنين لم يستحوا إذا سئلوا عما لا علم لهم به فقالوا : ( سبحانك لا علم لنا إلا ما علمتنا ) }.

    3- ومن ظواهر التعالم – الاقدام على الكتابة العلمية – تأليفا و تحقيقا(2) - مع ازجاء البضاعة ، وانتفاء الامة ، وعدم الالمام بالموضوع و الاحاطة ، وذلك باقتحام المرء قحما ليس من رجالها وولوج مجالات ليس من أهلها ، طمعا في نيل ، طمعا قي نيل سؤددها ودرتها وهو لا يستحقها ، وكان متشبها بصفات لم يعطها ، وكم من علوم طرقها من غير بابها وهو لا يحسن ما فيها ، فأخطأها وأفسدها و الساحة العلمية تعج بالمتعاملين عجيجا ، وأحدث فيها ضجيجا ، فتجد تحقيقاتهم العجائب وفي تعليقاتهم الغرائب ، وهذا عين الصائب ، فإن العلم – خطاب وكتابة – له رجاله و مجاله وله قواعده وأصوله ، وله حماه وحدوده ، وله حماته وحراسه ، ولذلك تجد كل من ادعى و تظاهر بالعلم فضحته الشواهد وعرته وبنيانه على غير قواعد .
    فإن في هذا موعظة و عبرة لهؤلاء لو كان يعلمون ولكن أكثرهم لا يعقلون بل لا يفقهون .

    كل من يدعي بما ليس فيه *** فضحته شواهد الامتحان

    كم من عالم أخذ على عاتقه مؤنة تصفية التراث مما شابه و شوهه من دسائس الدخلاء و الأدعية , متسليين إلى رحابه و الملحقين به أضرار كبيرة و المحدثين فوضى عارمة في صفوف طلابه فعاثوا فسادا و ضلوا بعيدا و أضلوا عبادا , فرحم الله محمد بن سيرين حيث قال : ( إن هذا العلم دين فانظروا عمن تأخذون دينكم ) ( رواه مسلم في مقدمة صحيحه )
    و جهود العلماء (3) تناولت بالنقد عبث العابثين و تدليسات المتعالمين في مصنفات كثيرة سواء في المقدمات و الحواشي وعموم الموضوعات تحذيرا للمتعلمين و نكيرا على المتعالمين , فعن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما أ ن النبي صلى الله عليه و سلم قال : ( إن الله لا يقبض العلم انتزاعا ينتزعه من العباد و لكن يقبض العلم بقبض العلماء حتى إذا لم يبق عالما اتخذ الناس رؤوسا جهالا فسئلوا فأفتوا بغير علم فضلوا وأضلوا ) . ( متفق عليه ) , فهذا الحديث يدل على أهمية العلم و عظم شأن العلماء فإن وجودهم نشر للعلم و قبضهم و رفع له , فما على الطلاب إلا أخذ العلم من أهله و ذويه والسير إليهم كل حسب مكان تواجده ولو في بلده و لقد كان السلف يضربون أكباد الإبل و يقطعون المسافات الطوال من أجل الظفر بفضل العلم و نيل خيره و إن العلم لا ينال براحة الجسم . و سبحانك اللهم و بحمدك أشهد أن لا إله إلا أنت أستغفرك و أتوب إليك .



معلومات الموضوع

الأعضاء الذين يشاهدون هذا الموضوع

الذين يشاهدون الموضوع الآن: 1 (0 من الأعضاء و 1 زائر)

المواضيع المتشابهه

  1. [صوتيا] هل من الصواب ومن السنة أن يسأل طالب العلم عمن سيأخذعنهم العلم - الشيخ الفوزان
    بواسطة أبو خالد الوليد خالد الصبحي في المنتدى المنبــر الإسلامي العــام
    مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 09-Apr-2016, 02:17 PM
  2. مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 29-Oct-2015, 12:58 PM
  3. مشاركات: 3
    آخر مشاركة: 24-May-2015, 05:23 AM
  4. إستمع يا طالب العلم حفظك الله ( هذه الهمم يا طالب العلم ) .. للعلامة محمد المدخلي حفظه الله تعالى
    بواسطة أبوبكر بن يوسف الشريف في المنتدى المنبــر الإسلامي العــام
    مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 08-Sep-2014, 11:05 PM
  5. افتراضي تصدر طالب العلم
    بواسطة أبو عثمان زين الدين الباتني في المنتدى منبر الرد على أهل الفتن والبدع والفكر الإرهابي
    مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 19-Jun-2012, 04:34 PM

الكلمات الدلالية لهذا الموضوع

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •