بسم الله الرحمن الرحيم


أهمية حب الله وحب رسوله صلى الله عليه وسلم
لفضيلة الشيخ ربيع بن هادي المدخلي حفظه الله


عن أنس رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال :" ثلاث من كنّ فيه وجد بهنّ حلاوة الإيمان : أن يكون الله ورسوله أحبّ إليه مما سواهما ، وأن يحبّ المرء لا يحبه إلا لله ،وأن يكره أن يعود في الكفر كما يكره أن يقذف في النار " .
( رواه البخاري ومسلم والترمذي وابن ماجه ) .


راوي الحديث :
أنس بن مالك الأنصاري الخزرجي ، صاحب رسول الله وخادمه ، خدم النبي عشر سنين ، وله ألف ومائتا حديث وستة وثمانون حديثا ، اتفق الشيخان منها على مائة وثمانية وستين ، مات بالبصرة وقد جاوز المائة .


المفردات :

حلاوة : لذة وبهجة .
الإيمان : هو تصديق بالقلب ونطق باللسان وعمل بالجوارح.
يكره : يبغض .
الكفر: أصله الستر ، والمراد به الجحود والنكران والتكذيب .

يُقذف : يُرمى .


المعنى الإجمالي :


هذه الأربعة الأمور من وجدت فيه وجد بهنّ حلاوة الإيمان ولذته وهي علامات حبه الصادق لله .
الأمر الأول : محبة الله :


قال الإمام ابن القيم رحمه الله :


( ... فالله تعالى إنما خلق الخلق لعبادته الجامعة لكمال محبته مع الخضوع له والانقياد لأمره . وأصل العبادة محبة الله بل إفراده بالمحبة وأن يكون الحب كله لله فلا يحب معه سواه وإنما يحب لأجله وفيه ، كما يحب أنبياءه ورسله وملائكته وأولياءه ، فمحبتنا لهم من تمام محبته وليست محبة معه كمحبة من يتخذ من دون الله أندادا يحبونهم كحبه ، وإذا كانت المحبة له هي حقيقة عبوديته وسرها فهي إنما تتحقق باتباع أمره واجتناب نهيه فعند اتباع الأمر واجتناب النهي تتبين حقيقة العبودية والمحبة ، ولهذا جعل تعالى اتباع رسوله علما عليها وشاهدا لمن ادعاها ،فقال تعالى :(( قل إن كنتم تحبون الله فاتبعوني يحببكم الله )) [ آل عمران : 31 ] . فجعل اتباع رسوله مشروطا بمحبتهم لله وشرطا لمحبة الله لهم ، ووجود المشروط ممتنع بدون وجود شرطه وتحققه بتحققه فعُلم انتفاء المحبة عند انتفاء المتابعة فانتفاء محبتهم لله لازم لانتفاء المتابعة لرسوله وانتفاء المتابعة ملزوم لانتفاء محبة الله لهم . فيستحيل إذا ثبوت محبتهم لله وثبوت محبة الله لهم بدون المتابعة ) اهـ .
والثاني محبة رسول الله صلى الله عليه وسلم :

وهي تابعة لمحبة الله ولازمة لها ، فمن أحب الله أحب رسوله وأحب جميع ما يحبه بل لا يؤمن العبد حتى يكون رسول الله أحب إليه من ولده ووالده والناس أجمعين كما في الحديث التاسع .
ومن علامات محبة رسول الله حب ما جاء به من الوحي كتابا وسنة والإيمان بكل ما ورد فيها من أخبار واتباع ما ورد فيها من أوامر واجتناب ما فيها من نواه وزواجر ، والدعوة إلى الإيمان بكل ذلك وتقديم طاعة الرسول على طاعة كل أحد من الخلق ، فمن توفرت فيه هذه الأمور فهو محب لله حقا وإلا تكون دعواه لمحبة الله دعوى ليس لها برهان ولا سند .
والثالث :أن يحب المرء لا يحبه إلا لله لا لغرض ولا لمصلحة دنيوية ولا من أجل جاهه ومناصبه وإنما يحبه لله لأنه أخوه في الإسلام يؤمن بمبادئ الإسلام ويلتزمها ويحترمها ، فإذا وجد هذا الحب الشريف النزيه فذلك دليل صدق إيمانه وسوف يجد بذلك حلاوة الإيمان .
والرابع : الكراهية الشديدة للكفربالله :


فهو يكرهه كأشد ما تكون الكراهية ويبغضه أشد ما يكون البغض حتى أنه ليكره أن يعود إليه كما يكره أن يقذف في النار ، ولقدضحّى كثير من المؤمنين في الله بأنفسهم ،وآثروا أن يلقوا في الهلاك على حياة تعود بهم إلى الكفر كما قص الله علينا قصة أصحاب الأخدود ، فقال : (( قتل أصحاب الأخدود ـ النار ذات الوقود ـ إذ هم عليها قعود ـ وهم على ما يفعلون بالمؤمنين شهود ـ وما نقموا منهم إلا أن يؤمنوا بالله العزيز الحميد ) [ البروج : 4 ـ 8 ] .
تلك قصة عظيمة من قصص الإيمان وتضحية رائعة في سبيل الإيمان .

على المؤمنين بالله الصادقين في إيمانهم أن يأخذوا منها عظة وعبرة وأسوة .


ما يستفاد من الحديث :


1 ـ حلاوة الإيمان واللذة النفسية التي يجدها من توفرت فيه هذه الخصال.


2 ـ أن المؤمنين من أبرز صفاتهم أنهم يحبون الله .


3 ـ وأن الله يحبهم كما قال تعالى : (( يحبّهم ويحبّونه )) . وفيه الرد على من ينكر هذا من المبتدعة.


4 ـ وأنه ينبغي في علاقة المرء بالناس أن تقوم على أساس صحيح من الحب في الله والولاء من أجله .


5 ـ وأن من فوائد هذا التجرد والنزاهة أن يذوق حلاوة الإيمان .


المصدر :
شبكة سحاب السلفية
مذكرة الحديث النبوي في العقيدة والاتباع [ ص 76 ] .
لفضيلة الشيخ ربيع بن هادي المدخلي حفظه الله