عقوبة من يُؤذي النبيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ

قال تعالى : {وَمِنْهُمُ الَّذِينَ يُؤْذُونَ النَّبِيَّ وَيَقُولُونَ هُوَ أُذُنٌ قُلْ أُذُنُ خَيْرٍ لَكُمْ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَيُؤْمِنُ لِلْمُؤْمِنِينَ وَرَحْمَةٌ لِلَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ رَسُولَ اللَّهِ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ} . [سورة التوبة : 61] .

المعنى : قال أبو جعفر الطبراي في "تفسيره" :
"وَمِنْ هَؤُلَاءِ الْمُنَافِقِينَ : جَمَاعَةٌ يُؤْذُونَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَيُعِيبُونَهُ ، وَيَقُولُونَ : هُوَ أُذُنٌ سَامِعَةٌ ، يَسْمَعُ مِنْ كُلِّ أَحَدٍ مَا يَقُولُ ؛ وَنَحْلِفُ فَيَقْبَلُهُ وَيُصَدِّقُهُ" .
"وَكَانَ الَّذِي يَقُولُ تِلْكَ الْمَقَالَةَ فِيمَا بَلَغَنِي : نَبْتَلُ بْنُ الْحَارِثِ أَخُو بَنِي عَمْرِو بْنِ عَوْفٍ ، وَفِيهِ نَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ ، وَذَلِكَ أَنَّهُ قَالَ : إِنَّمَا مُحَمَّدٌ أُذُنٌ ، مَنْ حَدَّثَهُ شَيْئاً صَدَّقَهُ" .
"يَقُولُ اللَّهُ : {قُلْ أُذُنُ خَيْرٍ لَكُمْ} ؛ أي : يَسْتَمِعُ الْخَبَرَ وَيُصَدِّقُ بِهِ" .

وقال :
وَقَرَأَ عَامَّةُ قُرَّاءِ الْأَمْصَارِ : {قُلْ أُذُنُ خَيْرٍ لَكُمْ} بِإِضَافَةِ الْأُذُنِ إِلَى الْخَيْرِ، وَخَفْضِ الْخَيْرِ ، وَهُوَ الصَّوَابُ عِنْدِي ، يَعْنِي: قُلْ لَهُمْ يَا مُحَمَّدُ: هُوَ أُذُنُ خَيْرٍ لَكُمْ، لَا أُذُنُ شَرٍّ" .

وقال :
" وَقَوْلُهُ : {يُؤْمِنُ بِاللَّهِ} : فَإِنَّهُ يَقُولُ : يُصَدِّقُ بِاللَّهِ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ . وَقَوْلُهُ : {وَيُؤْمِنُ لِلْمُؤْمِنِينَ} ؛ يَقُولُ : وَيُصَدِّقُ الْمُؤْمِنِينَ لَا الْكَافِرِينَ وَلَا الْمُنَافِقِينَ . وَهَذَا تَكْذِيبٌ مِنَ اللَّهِ لِلْمُنَافِقِينَ الَّذِينَ قَالُوا : مُحَمَّدٌ أُذُنٌ . وَإِنَّمَا مُحَمَّدٌ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُسْتَمِعُ خَيْرٍ ، يُصَدِّقُ بِاللَّهِ وَبِمَا جَاءَهُ مِنْ عِنْدِهِ ، وَيُصَدِّقُ الْمُؤْمِنِينَ لَا أَهْلَ النِّفَاقِ وَالْكُفْرِ بِاللَّهِ" .

وقال :
"وَقِيلَ مَعْنَاهُ : وَيُؤْمِنُ الْمُؤْمِنِينَ ؛ بِمَعْنَى : صَدَّقْتُهُ ، يَعْنِي : يُؤْمِنُ بِاللَّهِ ، وَيُصَدِّقُ الْمُؤْمِنِينَ" .

وقال :
"وَقَوْلُهُ: {وَرَحْمَةٌ لِلَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ} ؛ قَرَأَ عَامَّةُ الْأَمْصَارِ: {وَرَحْمَةٌ لِلَّذِينَ آمَنُوا} فَرَفَعَ الرَّحْمَةَ عَطْفًا بِهَا عَلَى الْأُذُنِ . وَهُوَ أَوْلَى الْقِرَاءَتَيْنِ بِالصَّوَابِ عِنْدِي ؛ بِمَعْنَى : قُلْ هُوَ أُذُنُ خَيْرٍ لَكُمْ ، وَهُوَ رَحْمَةٌ لِلَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ ، وَجَعَلَهُ اللَّهُ رَحْمَةً لِمَنِ اتَّبَعَهُ وَاهْتَدَى بِهُدَاهُ وَصَدَّقَ بِمَا جَاءَ بِهِ مِنْ عِنْدِ رَبِّهِ ؛ لِأَنَّ اللَّهَ اسْتَنْقَذَهُمْ بِهِ مِنَ الضَّلَالَةِ وَأَوْرَثَهُمْ بِاتِّبَاعِهِ جَنَّاتِهِ" .
"وَقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ رَسُولَ اللَّهِ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ} ؛ يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ : لِهَؤُلَاءِ الْمُنَافِقِينَ الَّذِينَ يَعِيبُونَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، وَيَقُولُونَ : هُوَ أُذُنٌ وَأَمْثَالُهُمْ مِنْ مُكَذِّبِيهِ ، وَالْقَائِلِينَ فِيهِ الْهَجْرَ وَالْبَاطِلَ ؛ عَذَابٌ مِنَ اللَّهِ مُوجِعٌ لَهُمْ فِي نَارِ جَهَنَّمَ" . انتهى .

قلتُ :
والآية الكريمة عامة في كل من يؤذي رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ "والعبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب" كما هو مقرر عند أهل الاختصاص - ، فعلى سبيل المثال لا الحصر :

· الذين يسبون أصحاب النبيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ويكفرونهم .

· الذين يتهمون أم المؤمنين عَائِشَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا ؛ ويرمونها بالفاحشة .

· الذين يَكْذبون على رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عمداً .

· الذين يأخذون ويُقِرُّون بما في القرآن دون ما جاءت به السنة عن المصطفى صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ "القرآنيون" .

· الذين يُحَرِّفون النصوص ويسيرونها ويطوعونها حسب آرائهم ومعتقداتهم ومناهجهم الباطلة ؛ كالأحزاب المنتسبة للإسلام "زعموا" .

· الدّاعين للديموقراطية وحرية الكلمة – يريدون أن يتكلمون بما شاؤوا وكيف شاؤوا من غير رقيب ولا عتيد - .

· الداعين إلى وحدة الإديان – مجوسية / بوذية / نصرانية / يهودية _ وكأنها كالإسلام سواء .


كتبه /
أبو فريحان جمال بن فريحان الحارثي
فجر الإثنين 20 / 1 / 1437هـ


@abu_fraihan