قد اطلعت ، واطلع غير على مقالة سيئة ، مليئة بمغالطات ومجازفات وجهالات ، نشرت عند الحلبي في منتداه المزعوم ( كل السلفيين) ، دالة على جهل صاحبها بحال رشيد رضا ، أو تجاهله لذلك وسعيه إلى إخفاء حقيقته ـ على الأمة ـ غشا وإضلالا لها ، وتعمية أمره ، وإن كانت حقيقة رشيد رضا قد بينها أئمة السنة والحديث وعلى رأسهم الألباني ومقبل بن هادي الوادعي ـ رحمهما الله ـ ، وربيع بن هادي المدخلي ـ حفظه الله ـ ، وكفى بهؤلاء سندا في معرفة أحوال الرجال ، وما عليه حال رشيد رضا ومدرسته ، فهؤلاء الأئمة العظام قد عرفوا حقيقة الرجل ومدرسته ، فبينوها للأمة نصحا لها ولأبنائها ، وحذروا منه ومن أخطائه ، بعدما كانوا يحسنون به الظن ، ويثنون عليه ، ومن ذلك ما اشتهر عن الإمام الألباني ـ رحمه الله ـ أنه قال في شأنه في ( ش : 226 ) من سلسلة الهدى والنور : ((أنا أذكر جيدا أنني حينما نشأت في طلب العلم أني انتفعت بالسيد رشيد رضا وبمجلته المنار -خاصة- انتفاعا كثيرا ، بل اعتقد أنه لم يكن المفتاح الذي فتح لي طريقة السلف إلا هذه المجلّة ـ أي نعم ـ لكن وجدت في كثير -فيما بعد- من مقالاته أنه انحرف في قليل أو كثير مما جاءت به السنة والسبب في ذلك أنه كان ابتلي بمن يسمون بالقاديانية)) ا.هـ
وهكذا شأن أئمتنا غير الألباني ، فلو اطلعوا على ما اطلع عليه هؤلاء الأئمة ، مما عند رشيد رضا من الترهات الغليظة والمخالفات الكبيرة ، لما عذروه فيها ، ولقالوا فيه كلمتهم ، وحذروا منه ، فهذا ظننا بأئمتنا ، فإنهم يدورون مع الحق حيثما دار ، ولا يحابون فيه أحدا ، ومن أولئك الأعلام الكرام عبدالحميد بن باديس ـ رحمه الله ـ ، فهذا الرجل العظيم قد عرف بجهاده وإنجازاته العظيمة في خدمة الإسلام وأرضه ، واحترامه السنة وأصولها وشعائرها وحبه أهلها وسلفها ، فالشيخ ابن باديس لو اطلع على ما عند رشيد رضا من المخالفات الفظيعة كما اطلع عليها الإمام الألباني لما سكت عنه ، كما لم يسكت عن أحب الناس إليه وأقربهم إليه ، وهو شيخه وصديقه ألا وهو الطاهر بن عاشور ، ولقال فيه كلمته العظيمة : (( إنني امرؤ جبلت على حب شيوخي وأساتذتي وعلى احترامهم إلى حد بعيد، وخصوصا بعضهم، وأستاذي هذا من ذلك الخصوص، ولكن ماذا أصنع إذا ابتليت بهم في ميدان الدفاح عن الحق ونصرته؟ لا يسعني وأنا مسلم أدين بقوله تعالى: {قُلْ إِنْ كَانَ آبَاؤُكُمْ وَأَبْنَاؤُكُمْ وَإِخْوَانُكُمْ وَأَزْوَاجُكُمْ وَعَشِيرَتُكُمْ وَأَمْوَالٌ اقْتَرَفْتُمُوهَا وَتِجَارَةٌ تَخْشَوْنَ كَسَادَهَا وَمَسَاكِنُ تَرْضَوْنَهَا أَحَبَّ إِلَيْكُمْ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَجِهَادٍ فِي سَبِيلِهِ فَتَرَبَّصُوا حَتَّى يَأْتِيَ اللَّهُ بِأَمْرِهِ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْفَاسِقِينَ}، إلا مقاومتهم ورد عاديتهم عن الحق وأهله. )) (آثار الإمام ابن باديس)(3/ 74)
هذا هو ظننا بالشيخ ، لكن أهل الفتن والجهلة يتصيدون من كلام أئمة السنة والحديث ما يخدمهم ويمشي أصولهم الباطلة ، ويمررها في المجتمع السلفي والله المستعان .