بسم الله الرحمن الرحيم.
الحمدُ لله، والصلاةُ والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومَن اتبع هداه... وبعدُ:
فها هو ذا تفريغُ (الرد الأول) من سلسلة (الردود العشرون العوالي على وحيد عبدالسلام بالي) لفضيلة الشيخ (هشام بن فؤاد البيلي) -حفظه الله-
والذي ناقش فيه الشيخُ: (قضية الخروج على الحكام)، ضمن الأصل الأول: (الجهل بمنهج السلف، والسطحية في عرض مسائله!!)
وقد بلغ التفريغُ قرابة الـ (34) صفحة، ذكر فيها الشيخُ فوائد زوائد، فلتراجع فإنها نفيسة.
هذا، ويمكن إلقاء الضوء على بعض عناصر هذا الرد، أذكرُ منها -على سبيل المثال- لا الحصر-:
1- فَرْقٌ بين الدليل، وبين الشبهة.
2- ذكر بعض إجماعات السلف -الصريحة- في حرمة الخروج على الحاكم الظالم الجائر.
3- ذكر بعض الأحاديث الصحيحة الصريحة في حرمة الخروج على الحاكم الظالم الجائر.
4- تقرير أن الصبر على جور الأئمة أصلٌ من أصول أهل السنة والجماعة، وأن منهج (المعتزلة) و(الخوارج) هو الخروج على الحاكم الظالم الجائر.
5- الرد على فرية أن الإجماع الذي نقله الإمام (النووي) -رحمه الله- كان يقصد به إجماعَ الشافعية!!!
6- فَرْقٌ بين ما تقرَّر عند السلف، وبين ما وقع من بعض السلف.
7- هل تَصْلُحُ قضية خروج (الحسين) لمعارَضة الإجماعات المنقولة عن السلف؟!!
والرد على هذه الشبهة من عدة أوجه:
الوجه الأول: لا بد أن نرد ما تنازعنا فيه إلى قال الله، قال رسوله -صلى الله عليه وسلم-.
الوجه الثاني: أنْ نعلمَ قصةَ (الحسين) -رضي الله عنه-، وهل خرجَ -أصلًا- (الحسين) على (يزيد بن معاوية) أو أنه -أصلًا- كان لا يرى بيعةَ (يزيد)؟!!
الوجه الثالث: لنعتبر أنَّ (الحسين) خرجَ على حاكمٍ ظالم -وهو (يزيد)-، ألم يرجع (الحسين) -رضي الله عنه-؟!!
فعلامَ تأخذون بفعله -قبل الرجوع-، ولا تأخذون بفعله -بعد الرجوع-؟!!
الوجه الرابع: إنكار الصحابة -رضوان الله عليهم- على (الحسين) -رضي الله عنه-، فعلامَ أخذتم بفعل (الحسين)، ولم تأخذوا بإنكار الصحابة على (الحسين)؟!!!
8- فَرْقٌ بين فعل (الحسين)، وبين الخارجين على السلطان الجائر.
9- الرد على شبهة الاستدلال بخروج (ابن الزبير) -رضي الله عنهما-.
10- الرد على شبهة الاستدلال بخروج (سعيد بن جبير) والقرّاء على (الحجاج).
11- الرد على شبهة عدم تبديع (مشايخ الثورات) -استدلالًا بقضية (الحسين) -رضي الله عنه- من عدة أوجه.
للاستماع والتحميل
اضغط هنا للتحميل من الموقع الرسمي للشيخ
أو
للتحميل برابطٍ مباشرٍ
اضغط هنـــا == اضغط هنـــا
التفريغُ:
للتحميل بصيغة pdf - جاهز للطباعة
اضغط هنـــا للتحميل
للتحميل بصيغة doc = وورد 2003 أو ما قبله
اضغط هنـــا للتحميل
للتحميل بصيغة docx = وورد 2007 أو ما بعده
اضغط هنـــا للتحميل
القراءةُ:
بسم الله الرحمن الرحيم.
سأجعل الرد على هذه الكلمة التي تكلم بها الشيخ (وحيد) في أماكن عديدة، سأجعل الرد عليها ضمن أصولٍ عامةٍ، ثم أفصِّل هذه الأصولَ حتى يكون الكلام كلامًا علميًا منضبطًا، وحتى نعلمَ عمق ما في هذه الكلمة -الحقيقة- من المغالطات.
وكنا نتمنى أنْ تكون هذه الكلمة مدافِعةً عن منهج أهل السُّنَّة والجماعة، مبيِّنةً لمنهج أهل السُّنَّة والجماعة، لا أنها محارِبةً لهذا المنهج!!
فأقول:-
أولًا: هذه الكلمة دلتْ على الجهل بمنهج السلف، والسطحية في عرض مسائله.
الأمرُ الأول -الردُّ الأول-: الجهلُ بمنهج السلف، والسطحية في عرض مسائله، وهذا يتمثل في عدة قضايا في كلمته:
قضية الخروج وأنه ذكرَ الخلافَ فيها.. واحد.
اتنين: قضية الأحزاب وقد ذكرَ الخلاف فيها.
تلاتة: قضية الانتخابات وذكرَ الخلاف فيها.
أربعة: عدم التمييز بين منهج السلف والفِرق الأخرى، وتحرير مواضع الخلاف في ذلك -كما ذكرَ عن (الخوارج)- وكما ذكرَ عن (المرجئة) وغير ذلك-.
الكلامُ على بعض الزلات والأخطاء، وجعلُ ذلك من الشبهات التي يُعارَض بها الحق -كالكلام -مثلًا- عن (سعيد بن جبير)، وأنه فسَّر الكرسي بالعلم وكذا-.. هذا كلُّه سنعود إلى مناقشته.
أيضًا عدم معرفة الإمامة، وطُرُق تولي الإمام ناسبًا ذلك إلى أتباع الشيخ (ربيع بن هادي المدخلي)!!
فكلُّ هذه المسائل الفرعية تتبعُ أصلًا، ألا وهو: الجهل بمنهج السلف، والسطحية في عرض مسائله.
هذا الكلمةُ نمَّت عن ذلك، والأدلة على ذلك -مثلًا- نبدأُ بها- أولًا: قضية الخروج.
طبعًا سأحاول الاختصار -قدر الاستطاعة-؛ لأنَّ هذا الكلام نحن نتكلم فيه -لا أقول: منذ اندلاع هذه (الثورة المصرية) أو كذا، ولكن نحن نتكلم فيها-بفضل الله- عز وجل- منذ كلامنا في كتب السلف، سَمِعَ ذلك منا القاصي والداني.
لأنَّ هذه الأصول -التي عليها أهل السُّنَّة والجماعة- من كتب السلف- قد قررناها -كثيرًا- في كتب السلف -والحمدُ لله-.
فهذه المسائل ليست جديدة علينا.
بالنسبة لمسألة الخروج: لقد تكلمنا كثيرًا -وكثيرًا جدًا- أنَّ هذه المسألة هي مسألة مجمعٌ عليها عند سلف الأمة، أنه لا يجوز الخروج على الحاكم الظالم الجائر.
وهذه العقيدة موجودةٌ في كل كتب الاعتقاد، وكتب المنهج، وكتب السُّنَّة، ولا أظن أنَّ أحدًا يجهل ذلك، ونرجع إلى كتب السلف، ونفتح أي كتاب من كتب السلف، سوف نجد هذا مقررًا وموجودًا، نقل الإجماع، نقل إنه من أصول أهل السُّنَّة والجماعة، وغير ذلك، وأنَّ الخروج على الحاكم الظالم هذا منهج (الخوارج) و(المعتزلة)!!
انتبهوا -يا إخواني- بارك الله فيكم- أنَّ منهج أهل السُّنَّة والجماعة عدم الخروج على الحاكم الظالم الجائر، وأنَّ منهج (المعتزلة) و(الخوارج) هو الخروج على الحاكم الظالم الجائر، ولقد جعل (المعتزلة) ذلك أصلًا من أصولهم الخمسة المعروفة، وهو: «الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر».
فقد جعلوا هذا الأصل -وهو الخروج على الحاكم الظالم الجائر- تحت عباءة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وهو مما نسمعه -الآن- من هؤلاء الذين يقولون: بأنَّ هذا من باب الأمر بالمعروف ومن باب النهي عن المنكر.
وقد نقل هذا الإجماع.. ما أقول غير واحد، بل كل كتب السُّنَّة والجماعة حينما تقول: ونرى ونرى ونرى، ويرى أهل السُّنَّة والجماعة، ومذهب أهل السُّنَّة والجماعة، كل ذلك هو الإجماعات..
فسواء حصل التصريح بالإجماع أو حصل النقل عن أهل السُّنَّة والجماعة قاطبةً؛ فإنَّ هذا يدل على الإجماع -لاسيما إذا عرفنا أنه لا يخالِف في ذلك إلا (الخوارج) و(المعتزلة)-.
ومع ذلك ورد التصريحُ بنقل الإجماع -كثيرًا- في كتب أهل السُّنَّة والجماعة، من ذلك -مثلًا-.. نأخذ على سبيل المثال -مثلًا-: قال (الصابوني) -رحمه الله تعالى- في «عقيدة السلف وأصحاب الحديث»-: «ويرى أصحابُ الحديث الجمعةَ والعيدين وغيرهما من الصلوات خلف كل إمام مسلم -برًا كان أو فاجرًا-، ويرون جهاد الكفرة معهم -وإنْ كانوا جَوَرَةً فجرة-، ويرون الدعاء لهم بالإصلاح والتوفيق والصلاح، ولا يرون الخروج عليه بالسيف، وإنْ رأوا منهم العدول عن العدل إلى الجور والحَيْفِ». اهـ
يقول: «ويرى أصحابُ الحديثِ».
كذلك قال (ابنُ عبدالبر) -رحمه الله- تعالى-: «وَأَمَّا أَهْلُ الحَقِّ -وَهُمْ أَهْلُ السُّنَّة- فَقَالُوا: هَذَا هُوَ الِاخْتِيَارُ أنْ يَكُونَ الإِمَامُ فَاضِلًا عَدْلًا مُحْسِنًا، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ فَالصَّبْرُ عَلَى طَاعَةِ الجَائِرِينَ مِنَ الأَئِمَّةِ أَوْلَى مِنَ الخُرُوجِ عَلَيْهِ». اهـ
بعد أنْ ذكرَ -رحمه الله- تعالى- في «التمهيد»، قال: «وَأَمَّا قَوْلُهُ: «وَأنْ لَا نُنَازِعَ الأَمْرَ أَهْلَهُ»، فَاخْتَلَفَ النَّاسُ فِي ذَلِكَ، فَقَالَ قَائِلُونَ: أَهْلُهُ: أَهْلُ العَدْلِ وَالإِحْسَانِ وَالفَضْلِ وَالدِّينِ، فَهَؤُلَاءِ لَا يُنازَعون لِأَنَّهُمْ أَهْلُهُ، وَأَمَّا أَهْلُ الجَوْرِ وَالفِسْقِ وَالظُّلْمِ فَلَيْسُوا لَهُ بِأَهْلٍ، أَلَا تَرَى إِلَى قَوْلِ اللهِ -عَزَّ وَجَلَّ- لإبراهيم -عَلَيْهِ السَّلَامُ-: ﴿إِنِّي جَاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِمَامًا قَالَ وَمِنْ ذُرِّيَّتِي قَالَ لَا يَنَالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ﴾ [البقرة: 124].
وَإِلَى مُنَازَعَةِ الظَّالِمِ الجَائِرِ -[يقول (ابنُ عبدالبر)]- ذَهَبَتْ طَوَائِفُ مِنَ المُعْتَزِلَةِ وَعَامَّةِ الخَوَارِجِ». اهـ
هل ذكرَ شيئًا عن أحدٍ من أهل السُّنَّة أنَّ المسألة خلافية؟!!
قال: «وَإِلَى مُنَازَعَةِ الظَّالِمِ الجَائِرِ ذَهَبَتْ طَوَائِفُ مِنَ المُعْتَزِلَةِ وَعَامَّةِ الخَوَارِجِ».
«وَأَمَّا أَهْلُ الحَقِّ -وَهُمْ أَهْلُ السُّنَّة- فَقَالُوا: هَذَا هُوَ الِاخْتِيَارُ أنْ يَكُونَ الإِمَامُ فَاضِلًا -[أي: عند الاختيار نختارُ الإمامَ الفاضلَ، أتقى الناس]- فَإِنْ لَمْ يَكُنْ -[أي: حصلَ اضطرارٌ، حصلَ تغلُّبٌ -تغلَّبَ هذا الإمامُ بسيفه-، واستتب له الأمرُ وهو ظالمٌ جائرٌ]- فَالصَّبْرُ عَلَى طَاعَةِ الجَائِرِينَ مِنَ الأَئِمَّةِ أَوْلَى مِنَ الخُرُوجِ عَلَيْهِ».
أيضًا قد نقل (النووي) -رحمه الله- تعالى- في «شرح مسلم» ذلك، فقال: «وَأَمَّا الخُرُوجُ عَلَيْهِمْ، وَقِتَالُهُمْ، فَحَرَامٌ بِإِجْمَاعِ المُسْلِمِينَ -وَإِنْ كَانُوا فَسَقَةً ظَالِمِينَ-». اهـ
وأنا أعجب من البعض الذي يقول: بأنَّ هذا لعله من (النووي) -رحمه الله- تعالى- نقلًا لإجماع (الشافعية)!!
نقولُ: سبحان الله!! (النووي) ما صار عنده عِلمٌ يفرِّق بين إجماع (الشافعية) -أو ما اتفق عليه (الشافعية)- وبين ما أجمعت عليه الأمة؟!!
هذا أمرٌ عجيب!!، لاسيما وهو يقول: «فَحَرَامٌ بِإِجْمَاعِ المُسْلِمِينَ»، ما قال: بإجماع (الشافعية)!!
يقول -رحمه الله-: «وَإِنْ كَانُوا فَسَقَةً ظَالِمِينَ، وَقَدْ تَظَاهَرَتِ الأَحَادِيثُ بِمَعْنَى مَا ذَكَرْتُهُ، وَأَجْمَعَ أَهْلُ السُّنَّة -[هذا الإجماعُ الثاني -مباشرةً-]- أَنَّهُ لَا يَنْعَزِلُ السُّلْطَانُ بِالفِسْقِ -[أَنَّهُ لَا يَنْعَزِلُ السُّلْطَانُ بِالفِسْقِ: يعني إذا فسقَ السلطانُ، وجار -مهما جار- فإنه لا ينعزل بالفسقِ]- «وَأَمَّا الوَجْهُ المَذْكُورُ -[وهذا بئه الكلام في الرد على مَن يدّعي أنَّ هذا كلام (الشافعية)]- فِي كُتُبِ الفِقْهِ لِبَعْضِ أَصْحَابِنَا أَنَّهُ يَنْعَزِلُ وَحُكِيَ عَنِ المُعْتَزِلَةِ أَيْضًا فَغَلَطٌ مِنْ قَائِلِهِ مُخَالِفٌ لِلْإِجْمَاعِ». اهـ
مخالفٌ للإجماع..
وذكرَ (القاضي) -أيضًا- ضمن كلام (النووي) -رحمه الله- تعالى-، قال: «وَقَدِ ادَّعَى أَبُو بَكْرِ بْنُ مُجَاهِدٍ فِي هَذَا الإِجْمَاعَ -[أي: نقلَ الإجماعَ في ذلك]- وَقَدْ رَدَّ عَلَيْهِ بَعْضُهُمْ هَذَا بِقِيَامِ الحسن وابن الزُّبَيْرِ وَأَهْلِ المَدِينَةِ عَلَى بَنِي أُمَيَّةَ، وَبِقِيَامِ جَمَاعَةٍ عَظِيمَةٍ مِنَ التَّابِعِينَ وَالصَّدْرِ الأَوَّلِ عَلَى الحجاج مع ابن الأشعث، وتأوّل هذا القائل قوله: «أنْ لا نُنَازِعَ الأَمْرَ أَهْلَهُ» فِي أَئِمَّةِ العَدْلِ، وَحُجَّةُ الجُمْهُورِ أنَّ قِيَامَهُمْ عَلَى الحَجَّاجِ لَيْسَ بِمُجَرَّدِ الفِسْقِ بَلْ لِمَا غَيَّرَ مِنَ الشَّرْعِ وَظَاهَرَ مِنَ الكُفْرِ». اهـ
وهذا سنحتاجه -أيضًا- إلى نقله مرة ثانية لما نأتي في الكلام على (الحسين).
إذن (النووي) -رحمه الله- تعالى- نقل الإجماع -أيضًا- في ذلك.
أيضًا قال (أبو أحمد الحاكم) في «شعار أصحاب الحديث»: «سَمِعْتُ مُحَمَّدَ بْنَ إِسْحَاقَ الثَّقَفِيَّ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا رَجَاء قُتَيْبَةَ بْنَ سَعِيدٍ قَالَ: هَذَا قَوْلُ الأَئِمَّةِ المَأْخُوذِ فِي الإِسْلَامِ وَالسُّنَّة: -[وذكرَ كلامًا، منها]- الرِّضَا بِقَضَاءِ الله، وَالِاسْتِسْلَامُ لَأَمْرِهِ».
وكذا.. إلى أنْ قال: «وَالجِهَادُ مَعَ كُلِّ خَلِيفَةٍ جِهَادُ الكُفَّارِ، لَكَ جِهَادُهُ وَعَلَيْهِ شَرُّهُ، وَالجَمَاعَةُ مَعَ كُلِّ بَرٍّ وَفَاجِرٍ -يَعْنِي الجُمُعَةَ وَالعِيدَيْنِ- وَالصَّلَاةُ عَلَى مَنْ مَاتَ مِنْ أَهْلِ القِبْلَةِ سَنَةً». إلى غير ذلك مما ذكره.
إلى أنَّ قال: «وَأنْ لَا نَخْرُجَ عَلَى الأُمَرَاءِ بِالسَّيْفِ -وَإِنْ حَارَبُوا-، وَنَتَبَرَّأُ مِنْ كُلِّ مَنْ يَرَى السَّيْفَ فِي المُسْلِمِينَ -كَائِنًا مَنْ كَانَ-». اهـ
ولا نخرج على الأمراء بالسيف.. وقد ذكر إيه؟ هذا قول الأئمة المأخوذ في الإسلامِ والسُّنَّة.
أيضًا ذكرَ (الكِتّاني) في «نَظْمِ المتناثِر» «1/160»، قال: «الأمر بالطاعة للأئمة، والنهي عن الخروج عليهم.
- ذكر (أبو الطيب القنوجي) في تأليفٍ له سماه «العِبرة مما جاء في الغزو والشهادة والهجرة أنها متواترة» ونصُّه: وطاعةُ الأئمة واجبة إلا في معصية الله -باتفاق السلف الصالح-؛ لنصوص الكتاب العزيز والأحاديث المتواترة في وجوب طاعة الأئمة، وهي كثيرة جدًا، ولا يجوز الخروج عن طاعتهم بعد ما حصل الاتفاق عليهم -ما أقاموا الصلاة- ولم يُظهِروا كفرًا بواحًا-». اهـ
أيضًا قال (أبو الحسن الأشعري) في كتابه «رسالة إلى أهل الثغر»، قال: «وأجمعوا -[وأجمعوا]- على السمع والطاعة لأئمة المسلمين، وعلى أنَّ كل مَن ولي شيئًا من أمورهم -عن رضى أو غلبة- وامتدت طاعته من بر وفاجر لا يلزم الخروج عليهم بالسيف -جارَ أو عدلَ-، وعلى أنْ يغزوا معهم العدو، ويحج معهم البيت، وتُدفَع إليهم الصدقات -إذا طلبوها- ويُصلَّى خلفهم الجمع والأعياد». اهـ
طيب، ونقل ذلك -أيضًا- غيرُهم، هذا (البخاري) -رحمه الله- تعالى-..
ما تقولون في (البخاري)؟!
(البخاري) عندنا.. أحاديث (البخاري) من أعلى ما يكون صحةً، هذا معروفٌ، والطاعن في حديث (البخاري)، الطاعن الذي يقول فيه: (البخاري) فيه أحاديث ضعيفة كثيرة وكذا وكذا، هؤلاء -دائمًا- نحن نتفق على الرد عليهم، أنَّ هؤلاء كيف يطعنون في (البخاري) -وقد تلقّت الأمةُ كتاب (البخاري) بالقبول-؟!!
طيب يا شيخ (وحيد)، هلا سألتَ نفسكَ -يومًا ما- عن معتقَد (البخاري)!!، هل قرأتَ معتقد (البخاري) وشرحته لطلابك -يومًا ما- حتى نعلم هذه المسألة، يعني مسألة خلافية أم مسألة متفق عليها، ومجمعٌ عليها؟!!
(البخاري) -رحمه الله- تعالى- في كتاب (اللالكائي) ينقل (اللالكائي) اعتقادَ (البخاري) -رحمه الله- تعالى-، وأنه نقلَ، وكتبَ هذا الاعتقاد عن أكثر من ألف شيخٍ!! لقيهم مراتٍ ومراتٍ، ومما ذكره (البخاري) -رحمه الله- تعالى- أيضًا- عدم الخروج على أئمة الجَوْر.
اعتقاد (سفيان الثوري).. نفس المسألة.
اعتقاد (أبي حاتم الرازي) و(أبي زرعة الرازي) -أيضًا- نقلوه عن أئمة الدين، في الشام وفي مصر وفي الحجاز وفي وفي وفي.. إلى آخرِه.
كلُّ هذا.. كلُّ هذا لا يَصْلُحُ أنْ يكون إجماعًا؟!!!
وهل يا تُرى هؤلاء الذين نقلوا هذا الإجماع خفيت عليهم -يا شيخ (وحيد)- مسألة (الحسين) و(ابن الزبير) وغير هؤلاء؟!!
هل خفيت عليهم هذه المسائل؟!! أم نقلوا هذا الإجماع وهذه المسائل موجودة؟!!
مما يدل على أنَّ هذا لا يتعارض مع الإجماع.
ولهذا أنا أسألك سؤالًا مباشرًا: إنْ كانَ -فعلًا- خروج (الحسين) أو (ابن الزبير) أو كذا أو كذا، (...) إنْ كان هذا ناقضًا للإجماع، فعلامَ لم يعتبر هؤلاء ذاك ناقضًا؟!!
أَدِي (=هذه) واحدة..
الأمر الثاني: فهمُ مَن هذا؟!
فهمُ مَن هذا؟! أنَّ هذا الكلام ينقض الإجماع، وأنَّ المسألة خلافية؟! فهمُ مَن هذا؟!
نطالبك -يا شيخ (وحيد)- بأنْ تأتي بالدليل على هذا، وإلا كان هذا ادعاءً -محضًا- لا دليل عليه على الإطلاق.
الأمرُ الثاني -يا شيخ (وحيد)-: أننا نقولُ -لك-: بأنَّ هذا من أصول أهل السُّنَّة.
ومعنى أصول أهل السُّنَّة يعني إيه؟!
أصول أهل السُّنَّة: يعني التي أجمع عليها أهلُ السُّنَّة.. أَدِي واحدة.
اتنين: أننا نتفق ولا نختلف -فيما إخالك- أنَّ مَن خالف أصلًا من أصول أهل السُّنَّة والجماعة -بعد علمه بها، وقيام الحجة عليه بها- أنه يكون بذلك خارجًا عن حد السُّنَّة إلى حد البدعة.
ولا أظن أنَّ أحدًا يختلف في ذلك، أنه إذا وقع الواحد في مخالفةٍ لأصل من أصول أهل السُّنَّة والجماعة -وهذا سيأتي مزيدُ بيانٍ له- إنْ شاء الله- وقد عَلِمَ، وأقمنا الحجة عليه، وبينا له هذه الإجماعات والأصول، ثم خالف بعد ذلك، أنه يكون من أهل البدع والأهواء.
وممن نصَّ على أنَّ هذا الأمر من أصول أهل السُّنَّة والجماعة شيخُ الإسلام (ابن تيمية) -رحمه الله- تعالى-؛ فقد قال شيخُ الإسلام في «مجموع الفتاوى» «مجلد (28)»، قال: «كَانَ مِنْ العِلْمِ وَالعَدْلِ المَأْمُورِ بِهِ الصَّبْرُ عَلَى ظُلْمِ الأَئِمَّةِ وَجَوْرِهِمْ كَمَا هُوَ مِنْ أُصُولِ أَهْلِ السُّنَّة وَالجَمَاعَةِ وَكَمَا أَمَرَ بِهِ النَّبِيُّ -صلى الله عليه وسلم- فِي الأَحَادِيثِ المَشْهُورَةِ عَنْهُ». اهـ
يبئه دا من الأصول يا شيخ (وحيد)!!
تذكر.. انتبه، هذا من أصول أهل السُّنَّة والجماعة، وبالتالي إذا كان هذا من أصول أهل السُّنَّة والجماعة، فمخالفُ هذا الأصل -فقط- إذا علم أنه من أصول أهل السُّنَّة والجماعة، وبينا له من كتب أهل السُّنَّة والجماعة هذا، إذا خالفَ يكون مبتدعًا، ويكون من أهل الأهواء، ولا أظنك تخالف في ذلك أو يخالِف أحدٌ من أضرابك في هذا -المفترض-.
وقد نقلنا لكم الإجماعات، وقد نقلنا لكم كتب أهل السُّنَّة والجماعة، ونقول لكم -تكرارًا ومرارًا-: اقرءوا هذه الإجماعات، ومع ذلك أبيتم إلا أنْ تكتموا كتب أهل السُّنَّة والجماعة عن الأمة.. هذه واحدة، والثاني: أنْ تجعلوا هذا منهجًا (للمداخلة)!!، والثالث: أنكم شوشتم على هذه الإجماعات بمخالفات بعض السلفِ في ذلك.
وأنا أقولُ -عَرَضًا- أيها الرجل- أقول -عَرَضًا- لك: بأنه فَرْقٌ بين ما تقرر عند السلف فصار منهجًا، وما نُسب لبعض السلف.
انتبه معي -هداكَ الله- فَرْقٌ بين ما تقرر عند السلف -فهذا هو الحجة-: ما تقرر عند السلف في الأسماء والصفات، ما تقرر عند السلف في القدر، ما تقرر عند السلف في الخروج على الحاكم الظالم، ما تقرر عند السلف في كذا.. فَرْقٌ بين هذا وبين ما يقع من بعض السلف.
فقد يقول بعضُ السلف قولًا يخالف ما عليه السلفُ اجتهادًا منه في ذلك، لخفاء الدليل، لوصول الدليل ولكنه ضعيفٌ عنده.. هذه الأمور الكثيرة التي ذكرها (ابن تيمية) -رحمه الله- تعالى- في «رفع الملام» في رسالته المشهورة تلك.
ففرقٌ بين ما تقرر عند السلف وبين ما وقع من بعض السلف، وعليه فإننا نقول لك: إنَّ العمدةَ فيما ننقله من أصولٍ إنه ما تقرر عند السلفِ.
طيب، وما طريقةُ معرفة ما تقرر عند السلف؟
طريقةُ معرفة ذلك، كتبُ السلف -رحمهم الله- تعالى-، كتبُ السلف الصالح التي قررت الاعتقاد.
مثل إيه يا أخي؟
مثل كتاب (اللالكائي)، مثل كتاب (الخلال)، مثل كتاب (البربهاري)، مثل كتاب (الإسماعيلي)، مثل كتاب (الصابوني)، هذه الكتب الكثيرة الموجودة والمشهورة والمطبوعة، هذا الذي قرره السلف الصالح -رحمهم الله- تعالى-.
هذا -أيضًا- لنردَّ به على -أيضًا- ما وقع من (الحسين) أو ما وقع من (ابن الزبير) أو غير ذلك، وأنه لا يعارِض ما تقرر عند سلف الأمة، وعلى رأس هؤلاء النبي -صلى الله عليه وسلم- والصحابة.
فالذي يعنينا -الآن- أننا نقلنا الإجماع -الآن-، فإذا أردتَ أنْ تخرج عن هذا الإجماع ما تقول: قال (الحسين) أو فعلَ (الحسين)..
لأه!! لأ..
تأتي بكتب السلف التي قررت الاختلاف..
ليه (=لماذا)؟
لأنَّ السلف ما خفي عليهم خروج (الحسين)، فعلامَ ما عدُّوا ذلك خلافًا؟!!
الفيصلُ بيننا وبينك -أيها الرجل- كتب السلف، هَبْ أنا -الآن- مثلًا- قد أكونُ مُدَّعِيًا، وأنتَ -الآن- مثلًا- مُدَّعِي، ما هو الفيصل بيننا؟
الفيصلُ أننا نأتي بكتب السلف، ونقول: كتب السلف هي الفيصل بيننا وبينك.
فشيخُ الإسلام قرر أنَّ هذا من أصول أهل السُّنَّة والجماعة.
أيضًا شيخ الإسلام قال -أيضًا- في «مجلد (28)»- قال: «وَلِهَذَا أَمَرَ النَّبِيُّ -صلى الله عليه وسلم- بِالصَّبْرِ عَلَى جَوْرِ الأَئِمَّةِ؛ وَنَهَى عَنْ قِتَالِهِمْ مَا أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَقَالَ: أَدُّوا إلَيْهِمْ حُقُوقَهُمْ وَسَلُوا اللهَ حُقُوقَكُمْ، وَقَدْ بَسَطْنَا القَوْلَ فِي ذَلِكَ فِي غَيْرِ هَذَا المَوْضِعِ، وَلِهَذَا كَانَ مِنْ أُصُولِ أَهْلِ السُّنَّة وَالجَمَاعَةِ لُزُومُ الجَمَاعَةِ، وَتَرْكُ قِتَالِ الأَئِمَّةِ، وَتَرْكُ القِتَالِ فِي الفِتْنَةِ.
وَأَمَّا أَهْلُ الأَهْوَاءِ -[ركِّز معي، ركِّز معي]- كَالمُعْتَزِلَةِ فَيَرَوْنَ القِتَالَ لِلْأَئِمَّةِ مِنْ أُصُولِ دِينِهِمْ، وَيَجْعَلُ المُعْتَزِلَةُ أُصُولَ دِينِهِمْ خَمْسَةً: (التَّوحيد) الَّذِي هُوَ سَلْبُ الصِّفَاتِ؛ وَ(العَدْلَ) الَّذِي هُوَ التَّكْذِيبُ بِالقَدَرِ؛ وَ (المَنْزِلَةَ بَيْنَ المَنْزِلَتَيْنِ) وَ (إنْفَاذَ الوَعِيدِ) وَ (الأَمْرَ بِالمَعْرُوفِ وَالنَّهْيَ عَنْ المُنْكَرِ) الَّذِي مِنْهُ قِتَالُ الأَئِمَّةِ». اهـ
يبئه (=إذن) -الآن- يا شيخ (وحيد)- من أصول (المعتزلة) الخروجُ على الحاكم الظالم، ومن أصول أهل الأهواء الخروجُ على الحاكم الظالم، ومن أصول أهل السُّنَّة والجماعة الصبرُ على جور الأئمة، فكيف يكون خلافًا؟!!!
كيف يكون (الحسين) و(ابن الزبير) وكذا على أصول أهل الأهواء والبدع؟!! كيف يكون ذلك؟!! وفهمُ مَن هذا؟!!
يبئه قررنا -الآن- الإجماع، قررنا أنَّ هذا من أصول أهل السُّنَّة والجماعة، وأنَّ منهج المعتزلة -فعلًا- هو -والخوارج- الخروج على أئمة الظلم والجور.
ويعني أَزِيدُكَ -أيضًا- انظر إلى (العَيْنِي) في «عمدة القاري» قال: «وَذكر (عِيَاضٌ): أجمعَ العلمَاء على وجوب طَاعَة الإِمَام فِي غير مَعْصِيّة وتحريمها فِي المعْصِيَة -[أجمعَ العلماءُ]-، وَقَالَ (ابْنُ بَطَّال): احْتج بِهَذَا الخَوَارِج، فَرَأَوْا الخُرُوج على أَئِمَّة الجور وَالقِيَام عَلَيْهِم عِنْد ظُهُور جَوْرهمْ». اهـ
يبئه مَن الذي يرى الخروج على أئمة الجور والقيام عليهم عند ظهور جورهم؟!!
هم الخوارج!!، هم الخوارج!!
يبئه تبيَّن لنا -يا شيخ (وحيد)- بما لا يدع مجالًا للشك- أنَّ من أصول أهل السُّنَّة والجماعة، وأنَّ إجماع أهل السُّنَّة والجماعة، هو عدم الخروج على الحاكم الظالم الجائر، وأنَّ من أصول (المعتزلة) و(الخوارج)، الخروج على الحاكم الظالم الجائر.
فالكلامُ واضح؟!
الكلامُ واضح..
طيب، خذ هذه الزيادة -أيضًا- لعله لم يكن واضحًا إلى الآن- قال الحافظ (ابن حجر) في «فتح الباري» (5/124) في شرحه لحديث عبدالله بن عمرو -مرفوعًا-: «مَن قُتل دون مالِه فهو شهيد»، قال: «قَالَ (ابنُ المُنْذِرِ): وَالَّذِي عَلَيْهِ أَهْلُ العِلْمِ أنَّ لِلرَّجُلِ أنَّ يَدْفَعَ عَمَّا ذُكِرَ -[يعني: عن مالِه وكذا]- إِذَا أُرِيدَ ظُلْمًا بِغَيْرِ تَفْصِيلٍ إِلَّا أنَّ كُلَّ -[انتبه، انتبه معي إلى هذا النقل]- إِلَّا أنَّ كُلَّ مَنْ يُحْفَظُ عَنهُ من عُلَمَاء الحَدِيث كالمجمعين عَلَى اسْتِثْنَاءِ السُّلْطَانِ -[اللهُ أكبر!!]- لِلْآثَارِ الوَارِدَةِ بِالأَمْرِ بِالصَّبْرِ عَلَى جَوْرِهِ وَتَرْكِ القِيَامِ عَلَيْهِ». اهـ
هذا (ابنُ المنذر) يذكر عن كل مَن يُحفظ عنه من أهل العلم، يقول: «كالمجمعين عَلَى اسْتِثْنَاءِ السُّلْطَانِ».
إذن السلطان ما يُرَدُّ عليه إذا أراد المال، إنما يُصبر، وذكره العلامة (الصنعاني) في «سبل السلام» -ذكرَ هذا القولَ- ولم يتعقبه.
بل خذ هذا التبويب: وقد بوّب الحافظ (أبو عَوانة) في «مستخرجه» على حديث حذيفة عند مسلمٍ هذا (4/420)، فقال: «بيانُ -[بوّب بئه (أبو عوانة) قال إيه؟]- بيانُ ذكرِ الخبرِ الموجِب طاعةِ الإمام وإنْ لم يهتدِ بهدي النبي-صلى الله عليه وسلم- ولم يستن بسنته وإنْ ضرب ظهور رعيته». اهـ
امم.. ما رأيك؟!
ما رأيك في هذا التبويب الماتع؟!
«بيانُ ذكر الخبر الموجِب طاعة الإمام وإنْ لم يهتدِ -[لاحظ.. لاحظ]- بهدي النبي -صلى الله عليه وسلم- ولم يستن بسنته، وإنْ ضرب ظهور رعيته».
فما تقول في هذا -كلِّه-؟!!
أبعد هذا -وغيرُه كثير، طبعًا أنا بختصر، وإلا إحنا سبق لنا الكلام كثير جدًا جدًا جدًا، ولكن أنا بختصر فقط- بعد نقولات بئه الإجماع هذه كلها، وبيان أنَّ هذا من أصول أهل السُّنَّة والجماعة، تأتي أنتَ تقول: طب و(الحسين) يا ابني!!، تقول: انته (مدخلي)!!، أنتَ.. طب و(الحسين) يا ابني!!
سبحانَ اللهِ العظيم!! يعني صار هذا منهج (المداخلة)؟!!
كلُّ مَن ذكرنا هؤلاء دول (=هؤلاء) (مداخلة)؟!!
لقد كانوا قبل (ربيع المدخلي)، وهذا.. أنا في الحقيقة أعتبر أنَّ هذا هو عمق الخطأ في هذه الكلمة، أنك قلبتَ منهج أهل السُّنَّة والجماعة ليكون منهج (مداخلة) يُنفَّر منهم.
أمرٌ عجيب!! وتركتَ كل هذا المنهج النيِّر الواضح البيِّن وأخفيته، ولهذا أنتَ لا تجرؤ أنْ تتكلم بهذا الكلام لطلبتك؛ لأنك لو كلّمتَ هذا الكلام لطلبتك وقرّرتَ هذا لهم، سوف يقولون لك: إنْ لم تلتزم بهذا الكلام، فأنت عندنا مبتدعٌ من أهل الأهواء، سوف يقولون لك ذلك.
لكنك -للأسف الشديد- جعلتَ قضيتك هي قضية الدفاع عن نفسك وعمن مثلك وممن هو على ضربك؛ حتى لا تُبدَّعوا، وحتى لا تكونوا من أهل الأهواء.
طيب إذا ما أردتم أنْ تكونوا من أهل الأهواء فانؤا بأنفسكم أنْ تكونوا على منهج (المعتزلة) و(الخوارج).
فضلًا -يا شيخ (وحيد)- أنْ تستدلَ على منهج (الخوارج) و(المعتزلة) بفعل (الحسين) وبفعل (ابن الزبير) وغيرِ ذلك..
هم أنفسهم لم يستدلوا بهذا!!
(الخوارج) ما استدلوا بهذا!!، ولا (المعتزلة) استدلوا بهذا!!، حتى تستدل أنتَ بهذا على منهج (الخوارج) و(المعتزلة) -كما ذكرنا لك من غير (...)-.
أما بئه قضية (الحسين)، وقضية (ابن الزبير) هل تصلُح للمعارَضةِ لهذه الإجماعات أم لا؟
هذا ما سنفصّله لكَ -الآن-..
أولًا: لا بد أنْ نعلم أنَّ هذه شبهة وليست دليلًا!! وهذه مسألة مهمة جدًا، أرجو من إخواننا الذين يستمعون الانتباه إليها.
فَرْقٌ بين الدليل وبين الشبهة.
أمَّا الدليل: ما قام عليه كتاب الله، قامت عليه سنة رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وقام عليه فهمُ السلف الصالح.
أمَّا أخذ المواقف أو الكلمات أو أو.. إلى آخره، فهذه تُعَدُّ شبهاتٍ على الحق.
ولهذا فإنَّ الرجل لما قيل له: قال الله، قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- على لسان (المدخلي) هذا، قال الله، قال رسول الله- قال: طيب هيه، وعندك كذا والإجماعات ووو.. طيب ماذا تقول في (الحسين)؟! هل تقول: هو مبتدع؟!
وكأنَّ هذه القضية هي التي تَشْغَلُه!!
ولا بد أنْ يعلم أنَّ هذه القضية -أصلًا- مبنية على التأصيل أولًا: أَصِّلْ معه -أولًا- هل الخروج على الحاكم الظالم، هل هذا من أصول أهل السُّنَّة والجماعة؟ هل هو -أصلًا- يُعَدُّ الإجماعُ فيه إجماعًا معتبرًا أم لا؟ هل الإجماع منقول أم غير منقول؟
ثم بعد ذلك تعالَ إلى هذه المسألة التي سنجيب عنها -إنْ شاء الله- تبارك وتعالى-.
أما الكلام عن هذه الشبهة اللي شبهة (الحسين) و(عبدالله بن الزبير) وكذا، نحن قد رددنا عليها يعني كثيرًا جدًا جدًا، فالردُّ عليها من وجوهٍ:
الوجهُ الأول: أنَّ من المتفق عليه بين العلماء -قاطبةً- الرد إلى الله وإلى رسوله -صلى الله عليه وسلم- عند التنازع، وأنَّ كل قول خالفهما مردودٌ على صاحبه -كائنًا مَن كان- لقوله -تبارك وتعالى-: ﴿فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللهِ وَاليَوْمِ الآخِرِ﴾ [النساء: 59]، وقوله -سبحانه وتعالى-: ﴿وَمَا اخْتَلَفْتُمْ فِيهِ مِنْ شَيْءٍ فَحُكْمُهُ إِلَى اللهِ﴾ [الشورى: 10].
قال الصحابي الجليل أبو هريرة -رضي الله عنه- لرجلٍ: «يا ابن أخي، إذا حدثتكَ -عن رسول الله- صلى الله عليه وسلم- حديثًا، فلا تضرب له الأمثالَ». هذا ذكره (ابن ماجه) -رحمه الله تعالى- في «مقدمته».
إذا حدثتك حديثًا عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فلا تضرب له الأمثالَ.
ما تقول: قال فلان، قال علان!!
و(الأوزاعي) -رحمه الله- تعالى- قال في «المدخل» (للبيهقي) (1/174): «إذا بلغكَ عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فإياك يا عامر أنْ تقول بغيره؛ فإنَّ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- كان مبلِّغًا عن الله -تبارك وتعالى-».
هذا الذي ينبغي تقرِّره -يا أخي!!- في الأمة، لا تجعل شغلك الشاغل -حيثما رحت هنا وهناك- لا تجعل شغلك الشاغل أنْ تزهِّد في السُّنَّة!!، وأنْ تدافِع عن قومٍ خالفوا -قَصْدًا-!!
وأقولها: قَصْدًا!! -أنتَ وهم-؛ لأننا عرضنا عليكم هذا تكرارًا ومرارًا، وقلنا لكم: اقرءوا كتب السلف على الأمة، فلم تقرءوا، و دخلتم في أحضان الحزبية، ودخلتم في أحضان الديمقراطية، ودخلتم في أحضان كذا، وصرتم تلتمسون لمنهج المبتدعة من (الخوارج) و(المعتزلة) الالتماسات التي عجز (المعتزلة) و(الخوارج) عن التماسها!!
فماذا قال (الأوزاعي)؟!
لا بد أنْ نتعلم من كلام السلف -يا إخواني- يا أحبتي-، لا بد أنْ نتعلم من كلام السلف، لا بد أنْ يكون هذا همنا الأول..
قال (الأوزاعي) -رحمه الله- تعالى-: «إذا بلغكَ عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فإياك يا عامر أنْ تقول بغيره؛ فإنَّ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- كان مبلِّغًا عن الله -تبارك وتعالى-».
سبحان الله!! هل كان (الحسين) مبلِّغًا عن الله؟!!
الرسولُ مبلِّغٌ عن الله.. ماذا قال الرسول؟ قال الرسول: كذا، يبئه خلاص انتهى، قال الرسول.
ولهذا جاء عند (الترمذي) بسندٍ صحيحٍ أنَّ ابن عمر -رضي الله عنهما- لما سُئل عن التمتع، فقال: فعله رسولُ الله -صلى الله عليه وسلم-. فقال له الرجلُ -من الشام- قال له: لكنَّ أباكَ يمنع من ذلك -[أبوك يمنع من التمتع]-، فقال: يا هذا، أرأيتَ لو أمرَ أبي بأمرٍ، وأمرَ رسولُ الله بأمرٍ، أمرُ أبي تتّبع أم أمر رسول الله -صلى الله عليه وسلم-؟! قال: أمر رسول الله. قال: فعله رسول الله -صلى الله عليه وسلم-.
هذا (عمر) مش (الحسين)، هذا (عمر) -رضي الله عنه- فالأمة متقرِّرٌ عندها هذا، أنَّ كل قول يُرَد إلى قال الله، قال رسوله -صلى الله عليه وسلم-.
ليس أحدٌ معصومًا في الأمة، الأمةُ راجعت أبا بكرٍ -رضي الله عنه- لما أراد قتالَ المرتدين، الأمةُ أرجعها أبو بكرٍ -رضي الله عنه- في (سقيفة بني ساعدة) إلى النص: الخلافةُ في قريشٍ.
الأمة ترجع إلى النص -دائمًا-، لا بد أنْ نقرِّر هذا عند الأمة.
لكنْ -للأسف الشديد- كلُّ كلماتكَ التي طفتَ بها هنا وهناك، لم تقرِّر هذه الأصول، ولم تجعل هذه قضيتكَ -للأسف الشديد-!!
قال (النووي) -رحمه الله- تعالى- في «شرح مسلم»: «وَإِذَا ثَبَتَتِ السُّنَّة لَا تُتْرَكُ لِتَرْكِ بَعْضِ النَّاسِ أَوْ أَكْثَرِهِمْ أَوْ كُلِّهِمْ لَهَا». اهـ
يا الله!! يعني قد يترك أكثرُ الناس السُّنَّة؟!!
نعم.
قد يترك كلُّ الناس السُّنَّة؟!!
نعم.
والمقصودُ بالناس: عوام الناس، وإلا فالنبي -صلى الله عليه وسلم- يقول: «وَلاَ تَزَالُ طَائِفَةٌ مِنْ أُمَّتِي ظَاهِرِينَ عَلَى الحَقِّ لَا يَضُرُّهُمْ مَنْ خَالَفَهُمْ وَلَا مَنْ خَذَلَهُمْ».
ولننظر إلى (أبي العباس ابن تيمية) -رحمه الله- تعالى- في «مجموع الفتاوى» (المجلد 13) يقول: «جِمَاعُ الفُرْقَانِ بَيْنَ الحَقِّ وَالبَاطِلِ وَالهُدَى وَالضَّلَالِ وَالرَّشَادِ وَالغَيِّ وَطَرِيقِ السَّعَادَةِ وَالنَّجَاةِ وَطَرِيقِ الشَّقَاوَةِ وَالهَلَاكِ -[يا إخواني، اسمعونا -بارك الله فيكم- اسمعوا هذا الكلام -كلام أئمة السلف-]- : أَنْ يَجْعَلَ -[يعني: المسلمَ]- مَا بَعَثَ اللهُ بِهِ رُسُلَهُ وَأَنْزَلَ بِهِ كُتُبَهُ هُوَ الحَقَّ الَّذِي يَجِبُ اتِّبَاعُهُ، وَبِهِ يَحْصُلُ الفُرْقَانُ وَالهُدَى وَالعِلْمُ وَالإِيمَانُ، فَيُصَدِّقُ بِأَنَّهُ حَقٌّ وَصِدْقٌ، وَمَا سِوَاهُ مِنْ كَلَامِ سَائِرِ النَّاسِ يُعْرَضُ عَلَيْهِ -[(الحسين)، غير (الحسين)، يُعرَض على كلام الله ورسوله]- فَإِنْ وَافَقَهُ فَهُوَ حَقٌّ، وَإِنْ خَالَفَهُ فَهُوَ بَاطِلٌ، وَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ هَلْ وَافَقَهُ أَوْ خَالَفَهُ لِكَوْنِ ذَلِكَ الكَلَامِ مُجْمَلًا لَا يُعْرَفُ مُرَادُ صَاحِبِهِ أَوْ قَدْ عُرِفَ مُرَادُهُ وَلَكِنْ لَمْ يُعْرَفْ هَلْ جَاءَ الرَّسُولُ -صلى الله عليه وسلم- بِتَصْدِيقِهِ أَوْ تَكْذِيبِهِ، فَإِنَّهُ يُمْسِكُ فَلَا يَتَكَلَّمُ إلَّا بِعِلْمِ، وَالعِلْمُ مَا قَامَ عَلَيْهِ الدَّلِيلُ، وَالنَّافِعُ مِنْهُ مَا جَاءَ بِهِ الرَّسُولُ -صلى الله عليه وسلم-». اهـ
الله!! هذه قاعدة ربانية: «العلمُ ما قام عليه الدليل، والنافعُ منه ما جاء به الرسول».
يا شيخ (وحيد)!! هل الذي ذكرته في الكلمة -كلِّها- علم؟!!، هل هو علم؟!!
إنْ قلتَ: نعم، علم.
قلنا: شرطُ العلم ما قام عليه الدليل.
فأيُّ دليل؟! أنتَ لم تذكر (للحسين) دليلًا!!
تخيل أنك لم تذكر (للحسين) دليلًا واحدًا!!، أنتَ استدللت (بالحسين)، فما قوله حتى نعرف (الحسين) يخالِف السُّنَّةَ ولّا لأ؟!! حتى نعرف (الحسين) خالفَ سنة الرسول أم لا؟!
هل أنتَ ذكرتَ دليلًا (للحسين)؟!! هل أنت ذكرت دليلًا (لابن الزبير)؟!! هل أنت ذكرت دليلًا (لابن جبير)؟!! أم هو -فقط- الاشتباه، وتوجيه السهام إلى سنة النبي -صلى الله عليه وسلم- الناصعة البينة؟!!
انظر، فلنتعلم -جميعًا- مما قاله (ابن تيمة) -رحمه الله- تعالى- وأئمة الهدى ومصابيح الدجى-: «العِلْمُ مَا قَامَ عَلَيْهِ الدَّلِيلُ، وَالنَّافِعُ مِنْهُ مَا جَاءَ بِهِ الرَّسُولُ -صلى الله عليه وسلم-».
وقال في «درء تعارض العقل والنقل»: «معارضةُ أقوال الأنبياء بآراء الرجال، وتقديم ذلك عليها، هو فعلُ المكذبين للرسل، بل هو جماعُ كل كفر». اهـ
انتبه يا شيخ (وحيد)!!، شوف انته بتأخذ الأمة إلى أي طريق، انتبه!!
«معارضةُ أقوال الأنبياء بآراء الرجال» سواء كانوا صحابة أو غير صحابة «وتقديم ذلك عليها، هو فعل المكذبين للرسل، بل هو جماع كل كفر».
فلنحذَر، نحذَر أنْ نسلكَ بالأمة تلك المسالك.
فمردُّ الأمر إلى قال الله، قال الرسول، ليس إلى فعل فلان أو علان، هذه القاعدة الأولى في بيان هذه الشبهة الأولى والردِّ عليها.
وقد تبين لنا مما قاله الرسول -صلى الله عليه وسلم- أنَّ الخروج على الحاكم الظالم لا يجوز.
أُذكِّركم بعضَ الأحاديث -وإنْ كان هذا قد ذكرناه تكرارًا ومرارًا، لكن لعله!!- لأنني أعلمُ أنَّ هذه الأحاديثَ تُذكَر هكذا على وجه الإجمال وعلى وجه الرد!!: يلا هات.. هات.. هات الأحاديث اللي عندك يلا، نعرف.. يلا، هاه، ماذا تقول فعل (الحسين)؟
لأ، اسمعوا -يا إخواني- السُّنَّةَ، إحنا ما عندنا إلا السُّنَّة -رضي مَن رضي، وسخط مَن سخط-.
منها: ما رواه الشيخان عن عبدالله بن مسعود -رضي الله عنه-، قال: قال رسولُ الله -صلى الله عليه وسلم: «إِنَّهَا سَتَكُونُ بَعْدِي أَثَرَةٌ وَأُمُورٌ تُنْكِرُونَهَا» ، قَالُوا: يَا رَسُولَ اللهِ، كَيْفَ تَأْمُرُ مَنْ أَدْرَكَ مِنَّا ذَلِكَ؟ قَالَ: «تُؤَدُّونَ الحَقَّ الَّذِي عَلَيْكُمْ، وَتَسْأَلُونَ اللهَ الَّذِي لَكُمْ».
وعن عبدالله بن عباس -رضي الله عنهما- أنّ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: «مَنْ كَرِهَ مِنْ أَمِيرِهِ شَيْئًا فَلْيَصْبِرْ، فَإِنَّهُ مَنْ خَرَجَ مِنَ السُّلْطَانِ شِبْرًا مَاتَ مِيتَةً جَاهِلِيَّةً».
شبرًا!!
وعن عبادة بن الصامت -رضي الله عنه- قال: «بَايَعْنَا رَسُولَ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- عَلَى السَّمْعِ وَالطَّاعَةِ فِي العُسْرِ وَاليُسْرِ، وَالمَنْشَطِ وَالمَكْرَهِ، وَعَلَى أَثَرَةٍ عَلَيْنَا، وَعَلَى أنَّ لَا نُنَازِعَ الأَمْرَ أَهْلَهُ إِلّا أَنْ تَرَوْا كُفْرًا بَوَاحًا، عِنْدَكُمْ فِيهِ مِنَ اللهِ تَعَالَى بُرْهَانٌ، وَعَلَى أنَّ نَقُولَ بِالحَقِّ أَيْنَمَا كُنَّا، لَا نَخَافُ فِي اللهِ لَوْمَةَ لَائِمٍ». متفق عليه.
أثرة!! وأمور تنكرونها!!، ولهذا كل ما تذكرون عن أئمة الجور: دا فعلوا، وأخذوا، وسجنوا، وعذّبوا، هل أنتم -الآن- خرجتم عن وصف النبي -صلى الله عليه وسلم-؟!!
هؤلاء ما يحكمون بالشرع وكذا..
النبي قال: يَهْدُونَ بِغَيْرِ هُدَاي، وَيَسْتَنُّونَ بِغَيْرِ سُنَّتِي، هل هذا من الحكم بالشرع؟!!
النبي قال: «تكون هلكةُ أمتي على يد أُغَيْلِمَةٍ من قريشٍ».
النبي قال: «يؤخرون الصلاة، صلوا أنتم وصلوا معهم».
يُخرِجون الصلاةَ عن وقتها!!
وروى مسلمٌ عن عوف بن مالك -رضي الله عنه- قال: سمعتُ رسولَ الله -صلى الله عليه وسلم- يقول: «خِيَارُ أَئِمَّتِكُمُ الَّذِينَ تُحِبُّونَهُمْ وَيُحِبُّونَكُمْ، وَتُصَلُّونَ عَلَيْهِمْ وَيُصَلُّونَ عَلَيْكُمْ، وَشِرَارُ أَئِمَّتِكُمُ الَّذِينَ تُبْغِضُونَهُمْ وَيُبْغِضُونَكُمْ، وَتَلْعَنُونَهُمْ وَيَلْعَنُونَكُمْ»، قَالَ: قُلْنَا: يَا رَسُولَ اللهِ، أَفَلَا نُنَابِذُهُمْ؟ -[الأئمة اللي بهذا الوصفِ]- قَالَ: «لَا، مَا أَقَامُوا فِيكُمُ الصَّلَاةَ، لَا، مَا أَقَامُوا فِيكُمُ الصَّلَاةَ». رواهُ مسلمٌ.
وعن عبدالله بن عمر -رضي الله عنهما- قال: سمعتُ النبي -صلى الله عليه وسلم- يقولُ: «مَنْ خَلَعَ يَدًا مِنْ طَاعَةٍ، لَقِيَ اللهَ يَوْمَ القِيَامَةِ وَلَا حُجَّةَ لَهُ، وَمَنْ مَاتَ وَلَيْسَ فِي عُنُقِهِ بَيْعَةٌ، مَاتَ مِيتَةً جَاهِلِيَّةً». رواه مسلم.
وعن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: قال رسولُ الله -صلى الله عليه وسلم-: «عَلَيْكَ السَّمْعَ وَالطَّاعَةَ فِي عُسْرِكَ وَيُسْرِكَ، وَمَنْشَطِكَ وَمَكْرَهِكَ، وَأَثَرَةٍ عَلَيْكَ». رواه مسلمٌ.
إلى غير ذلك من هذه الأحاديث التي تبين هذا الأمر.
ولهذا قال (ابن بطال) في «شرح البخاري»: «ألا ترى قولَه -صلى الله عليه وسلم- في حديث ابن عباس: «مَن خرج من السلطان شبرًا مات ميتةً جاهليةً»، وفي حديث عبادة: «بايعنا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- على السمع والطاعة..» إلى قولِه: «وألا ننازع الأمر أهله، إلا أنْ تروا كفرًا بواحًا»، فدلَّ هذا -[انتبه!!]- كلُّه على ترك الخروج على الأئمة، وألا يشق عصا المسلمين، وألا يتسبب إلى سفك الدماء وهتك الحريم، إلا أنْ يَكْفُرَ الإمامُ ويُظهِر خلافَ دعوة الإسلام -[نصرانية، يهودية]-، فلا طاعة لمخلوق عليه». اهـ
إلا أنْ تروا كفرًا بواحًا.
إنْ قلتَ: والله أنا أُكَفِّر.. أنا أبايعكم، أُكَفِّر.
نقولُ -أولًا-: نزاعكم معنا في مسألة الحاكم الجائر، وأنتم تقررون هذا، نزاعكم معنا في مسألة الحاكم الجائر.
وأيضًا لا ينبغي أنْ نذكرَ الرئيس السابق -أو خلافه-؛ لأننا قد تعدينا هذا، أنتم -الآن- تستدلون على الخروج على الحاكم الظالم..
يبئه بغض النظر عن زيد أو عبيد حتى لا تستدلوا بهذا، ما تقولون: هذا ليس في الحاكم هذا، هذا الكلام، تلك النصوص، ليست في الحاكم هذا..
نقول: المسألة لم تعد هذا، الخلافُ -الآن- هو ما تقرر عند أهل السُّنَّة والجماعة من عدم الخروج على الحاكم الظالم، وأنتم تناقشوننا في هذا -بغض النظر عن (س) أو (ص)-..
وبعدين لو كنتم تكفِّرون الحاكم هذا، فإنَّ شرط الكفر لا بد أنَّ يكون بواحًا ظاهرًا، عندنا فيه من الله برهان: نصٌّ قاطع ما نختلف فيه، ولا بد من توافر الشروط وانتفاء الموانع، ولا إخالكم تكفِّرونه -وإلا تبئه مصيبة!!- وإنْ كنا لا نستعبد شيئًا-.
وقال الحافظ (البربهاري) -رحمه الله- تعالى- في «شرح السُّنَّة»-: «وليس في السُّنَّة قتالُ السلطان؛ فإنَّ فيه فساد الدنيا والدين». اهـ
فساد الدنيا والدييين!!
هذا هو الوجه الأول في بيان مسألة (الحسين)، يبئه لا بد أنْ نرد ما تنازعنا فيه إلى قال الله، قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-.
وكذلك -الأمر الثاني-: أنْ نعلمَ قصةَ (الحسين) -رضي الله عنه-، وهل خرجَ -أصلًا- (الحسين) على (يزيد بن معاوية) أو أنه -أصلًا- كان لا يرى بيعةَ (يزيد)؟!!
لقد كان (الحسين) لا يرى بيعة (يزيد)، وبالتالي فإنَّ (الحسين) خرجَ ليبايَع له، ما خرجَ على (يزيد)؛ لأنه ما دخل في إمرة (يزيد)، لا هو ولا (ابن الزبير) ولا غير ذلك.
قال (ابنُ كثيرٍ) في «البداية والنهاية» في مجلد (11) صفحة (477) وما بعدها: «ولما أُخذتِ البَيْعَةُ لِيَزِيدَ فِي حَيَاةِ مُعَاوِيَةَ كَانَ الحُسَيْنُ مِمَّنِ امْتَنَعَ مِنْ مُبَايَعَتِهِ هُوَ وَابْنُ الزُّبَيْرِ وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ وَابْنُ عُمَرَ وَابْنُ عَبَّاسٍ، ثُمَّ مَاتَ ابْنُ أَبِي بَكْرٍ وَهُوَ مُصَمِّمٌ عَلَى ذَلِكَ، فلمَّا مَاتَ مُعَاوِيَةُ سَنَةَ سِتِّينَ وَبُويِعَ لِيَزِيدَ، بَايَعَ ابْنُ عُمَرَ وَابْنُ عَبَّاسٍ، وَصَمَّمَ عَلَى المُخَالَفَةِ الحُسَيْنُ وَابْنُ الزُّبَيْرِ، وَخَرَجَا مِنَ المَدِينَةِ فَارِّينَ إِلَى مَكَّةَ فَأَقَامَا بِهَا». اهـ
يبئه (الحسين) لم يدخل في بيعة (يزيد) -أصلًا-!!
قال (ابنُ كثيرٍ): «وَقَدْ كَانَ عَبْدُ اللهِ بْنُ عُمَرَ وَجَمَاعَاتُ أَهْلِ بَيْتِ النُّبُوَّةِ مِمَّنْ لَمْ يَنْقُضِ العَهْدَ وَلَا بَايَعَ أَحَدًا بَعْدَ بَيْعَتِهِ لِيَزِيدَ، كَمَا قَالَ الإِمَامُ أَحْمَدُ -رحمه الله تعالى- -[وساق بسنده]- عَنْ نَافِعٍ، قَالَ: لَمَّا خَلَعَ النَّاسُ يَزِيدَ بْنَ مُعَاوِيَةَ جَمَعَ ابْنُ عُمَرَ بَنِيهِ وَأَهْلَهُ ثُمَّ تَشَهَّدَ ثُمَّ قَالَ: أَمَّا بَعْدُ فَإِنَّا بَايَعْنَا هَذَا الرَّجُلَ عَلَى بَيْعِ اللهِ وَرَسُولِهِ، وَإِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- يَقُولُ: «إِنَّ الغَادِرَ يُنْصَبُ لَهُ لِوَاءٌ يَوْمَ القِيَامَةِ يُقَالُ هَذِهِ غَدْرَةُ فُلَانٍ، وَإِنَّ مِنْ أَعْظَمِ الغَدْرِ -إِلَّا أَنْ يَكُونَ الإِشْرَاكَ بِاللهِ- أَنْ يُبَايِعَ رَجُلٌ رَجُلًا عَلَى بَيْعِ اللهِ وَرَسُولِهُ ثُمَّ يَنْكُثُ بَيْعَتَهُ». فَلَا يَخْلَعَنَّ أَحَدٌ منكم يزيد، ولا يسرفن أحد منكم في هذا الأمر، فيكون الفيصل بَيْنِي وَبَيْنَهُ». اهـ
هكذا يقول ابن عمر -رضي الله عنه- لبنيه..
نربي الأمة على تربية الصحابة، كما قال أنس: «نهانا كبراؤنا من أصحاب رسول الله -صلى الله عليه وسلم- عن سب الولاة وغشهم وكذا».
نهانا كبراؤنا، هذا الذي كان عليه أصحابُ النبي -صلى الله عليه وسلم-: عدم ذكر الخليفة بسوء، عدم الخروج عليه..
حتى الذكر بالسوء!!؛ ولهذا جاء عند (ابن سعدٍ) من حديث عبدالله بن عُكِيمٍ، قَالَ: وَاللهِ لَا أُعِينُ عَلَى دَمِ خَلِيفَةٍ بَعْدَ عُثْمَانَ، قِيلَ لَهُ: يَرْحَمُكَ اللهُ، وَهَلْ أَعَنْتَ عَلَى دَمِ عُثْمَانَ؟! قَالَ: إِنِّي لَأَعُدُّ ذِكْرَ مَعَايِبِهِ مِنْ الإِعَانَةِ عَلَى دَمِهِ.
حتى النصح يكون سرًا!!؛ كما جاء عند (البخاري) لما قالوا لأسامة بن زيد: ألا تنصح عثمان، قال: إني أكلمه فيما بينه وبينه، ولا أريد أنْ أفتحَ بابًا من الشر أكونُ أولَ مَن فتحه.
فإذا كان أسامة بن زيد حِبّ رسول الله وابن حِبّ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- لو قال لعثمان -ذي النورين- ونصحَ له -علنًا- يكون قد فتح بابًا من الشر، فما بالنا -اليومَ- بأئمة الجور؟!!
إنْ قلنا لهم بالمظاهرات!!، والاضرابات!! والاعتصامات!!، وخرجنا في الميادين!! سبحان الله العظيم!! سبحان الله!!
وخذ ما ذكره شيخُ الإسلام (ابن تيمية) -رحمه الله- تعالى-، فقد قال في «منهاج السُّنَّة».. وهذا هو الردُّ الثالثُ، ألا وهو: لنعتبر أنَّ (الحسين) خرجَ على حاكمٍ ظالم وهو (يزيد) -أو (ابن الزبير)- ألم يرجع (الحسين) ويتوب (الحسين)؟!!
وقد رجعَ -رضي الله عنه-، فعلامَ تأخذون بكلامه -أو بفعله- قبل الرجوع، ولا تأخذون بفعله بعد الرجوع؟!!
أليس هذا من اتباع متشابه المتشابه؟!!
يعني لو لم يرجع (الحسين) وقال خلاف النبي -صلى الله عليه وسلم- لقلنا هذا من باب الاستدلال بالمتشابه، فكيف و(الحسين) -والحمدُ لله- لم يقل خلاف النبي -صلى الله عليه وسلم-!!
(فالحسين) لم يخرج على الحاكم الظالم، ولهذا لم يعارِض (الحسين) كلامَ النبي -صلى الله عليه وسلم-.
وإلا أنا أقول لك -يا شيخ (وحيد)-: اثبتْ، هات لي عبارة عن (الحسين) أنه خرج على الحاكم الظالم، هاتْ لي عبارة (لابن الزبير) أنه خرج على الحاكم الظالم، يقول: أنا خرجتُ على الحاكم الظالم، أنا خارج لكون هذا الحاكم ظالمًا؛ حتى يصح الاستدلال.
ولو صحَّ بذلك الاستدلال -لو صح هذا أصلًا- لما كان فيه حجة!!، فكيف وهو لم يَرِد؟!!
هل (ابن الزبير) خرج على الحاكم الظالم؟! هل قال: أنا خارج على الحاكم لكونه ظالمًا؟!!
هات دليلًا على أنَّ (الحسين) خرج على الحاكم لكونه ظالمًا -أو (ابن الزبير) خرج على الحاكم لكونه ظالمًا- هات الدليل على ذلك.
أما كون (الحسين) قد اجتهدَ، فخرج (الحسين) -رضي الله عنه-؛ لأنه لا يرى بيعةَ (يزيد)، وخرج إلى أهل (العراق) وكذا لمبايعته، فهذا أمرٌ آخر.. إذن هو ما دخل في بيعة (يزيد).
ومع ذلك لنفترض أنه خرج على الحاكم الظالم.. رجعَ (الحسين)، فعلامَ تأخذون بموقف (الحسين) قبل ولا تأخذون بموقف (الحسين) بعد؟!! أليس هذا من متشابه المتشابه؟!!
يعني أنتم تجاوزتم المتشابه!!
اسمع هذا الكلام، قال شيخ الإسلام (ابن تيمية)-رحمه الله- تعالى- في «المنهاج»..
فإنه كلامٌ رائعٌ، عشان كده أنا بقول: لماذا لا نرجع إلى كتب السُّنَّة؟! لماذا لا نرجع إلى كلام السلف الصالح -رحمهم الله- تعالى-؟!
هذه المشكلة أنكم أخفيتم كتب السلف!!، لم تتكلموا مع الأمة من كتب السلف، وإنما صدَّرتَ -فقط- ما فهمتَ -أنتَ- من هذه الوقائع.
قال شيخُ الإسلام (ابن تيمية): «فَإِنَّهُ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ- لَمْ يُفَرِّقِ الجَمَاعَةَ -[انتبه!! لم يفرِّق الجماعة]- وَلَمْ يُقْتَلْ إِلَّا وَهُوَ طَالِبٌ لِلرُّجُوعِ إِلَى بَلَدِهِ، أَوْ إِلَى الثَّغْرِ، أَوْ إِلَى يَزِيدَ، دَاخِلًا فِي الجَمَاعَةِ، مُعْرِضًا عَنْ تَفْرِيقِ الأُمَّةِ» . اهـ
أظنك -يا شيخ (وحيد)- بإذن الله- إن شاء الله- بإذن الله- بإذن الله- ستكونُ منصِفًا من نفسكَ -إن شاء الله-، بعد سماع كلام شيخ الإسلام سوف تتوب إلى الله -عز وجل- من القول بخروج (الحسين).
انتبه! أُعِيدُ مرةً ثانية -بارك الله فيك، وهداكَ الله-، قال (ابن تيمية) -رحمه الله- تعالى-: «فَإِنَّهُ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ- لَمْ يُفَرِّقِ الجَمَاعَةَ -[والخارجون عن السلطان يفرِّقون الجماعةَ ولّا ما يفرِّقون؟!!]- وَلَمْ يُقْتَلْ إِلَّا وَهُوَ طَالِبٌ لِلرُّجُوعِ إِلَى بَلَدِهِ، أَوْ إِلَى الثَّغْرِ، أَوْ إِلَى يَزِيدَ، دَاخِلًا فِي الجَمَاعَةِ -[جماعة المسلمين]-، مُعْرِضًا عَنْ تَفْرِيقِ الأُمَّةِ». اهـ
إذن -يا شيخ (وحيد)- فَرْقٌ بين فعل (الحسين) وبين الخارجين على السلطان الجائر؛ لا نريدُ أنْ نُلبِّس على الأمة، لا نريد هذا..
فتبين من هذا أنَّ (الحسين) قد رجعَ ليدخلَ في بيعة (يزيد)، هو -أولًا-: لم يخرج على (يزيد)؛ لأنه لم يره السلطان، ثانيًا: لم يخرج -وهذا بيت القصيد- لم يخرج (الحسين) على الحاكم لكونه ظالمًا، ثالثًا: رجع (الحسين) -رضي الله عنه-.
رابعًا: أنكرَ الصحابة على (الحسين)، فعلام أخذتم بفعل (الحسين) ولم تأخذوا بإنكار الصحابة على (الحسين)؟!!!
هل هذا من الإنصاف؟!!
هل هذا من الرَّشَد؟!!
وهم أَجَلُّ -من (الحسين)- عِلمًا.
الأمر الذي بعد ذلك: هل قولُ الصحابي حجة؟!!
مع أنَّ (الحسين) لم يَثْبُتْ له قولٌ؛ لأنه إذا بطل أنَّ قول الصحابي حجة -على الصحيح- إلا إذا اشتُهر، وعُرف، ولم يخالِف سنة النبي -صلى الله عليه وسلم-، وحينئدٍ يكون الحجة في الإجماع -لا في قوله فقط-؛ لأنه اشتُهر، ولم يُنكِره أحدٌ، فتكون الحجة في الإجماع.. إذا عرفنا ذلك فكيف بفعل الصحابي؟!!
إذا كان فعلُ النبي -صلى الله عليه وسلم- نفسه- مع قوله، لا بد أنْ نجمع، وإلا قدّمنا القول على الفعل؛ لأنَّ القول هذا عام للأمة، أمَّا الفعل قد يَرِدُ إليه الخصوص.
فإذا كان فعل النبي مع قول النبي -صلى الله عليه وسلم- محل نظر عند أهل العلم، فيكف بفعل الصحابي مع قول النبي -صلى الله عليه وسلم- بل مع ما أجمعتْ عليه الأمة -يا شيخ (وحيد)-؟!!
فإنْ قلتَ: أنا مصرٌّ على قضية التبديع، أنا قلتُ: أنا أذكر هذا من أجل أنْ أبيِّن أنَّ (الحسين) ليس مبتدعًا؛ فلم تبدِّعه الأمة، وبالتالي مَن رأى رأي (الحسين) والخروج على الحاكم الظالم، فإنه لا يكون مبتدعًا.
نقولُ: أولًا: غيرُ (الحسين) رأى الخروجَ على الحاكم الظالم، و(الحسين) لم يرَ الخروج على الحاكم الظالم.
ثانيًا: (الحسين) تاب ورجع وأناب، وهؤلاء ما تابوا ولا رجعوا ولا أنابوا.
ثالثًا: (الحسين) ما عارض سنة النبي -صلى الله عليه وسلم-، ولا تركَ العمل بالنص أبدًا؛ فإنَّ (الحسين).. لا، لا، لا، لا أقول: (الحسين)، فإنَّ أي إمامٍ من أئمة السُّنَّة لا يُتصور أنْ يعلمَ قولًا لرسول الله -صلى الله عليه وسلم- ثم يخالفه كما قال شيخ الإسلام (ابن تيمية) -رحمه الله- تعالى-: ولا نعلم إمامًا من أئمة المسلمين بانت له السُّنَّة ثم خالفها.
أبدًا!! وكلٌّ قال: إذا صحَّ الحديثُ، فهو مذهبي.
فهل تظن -يا شيخ (وحيد)- أنَّ (الحسين) عرفَ السُّنَّةَ ثم أعرض عنها؟!!
أما هؤلاء عرفوا السُّنَّة!!
تقول -بئه-: تأوّلوا.
هناك التأويل السائغ وهناك التأويل غير السائغ، وإلا لو قلنا: باب التأويل، فإنَّ (الجهمية) تأولوا، وإنَّ (المعتزلة) تأولوا، وإنَّ (الأشعرية) تأولوا، وإنَّ (الصوفية) تأولوا..
فلو كان مجرد التأويل مُسَوِّغًا، لما بقي مبتدعٌ على وجه الأرض!!
لكن هناك التأويل السائغ، وهناك التأويل غير السائغ..
ونحن نقول لكم -الآن-: هذه كتب السُّنَّة، وأنتم تصرون على خلافها!!، أنتَ يا شيخ (وحيد) تصر على أنَّ المسألة خلافية!!، وتبيِّن هذا، إذن أنتَ معرض عن السُّنَّة -أصلًا-، وإلا هل عندك ردٌّ على هذه الأحاديث وتلك الإجماعات وما قرره أئمة السُّنَّة -رحمهم الله- تعالى- في كتبهم؟!!
هل عندك التأويل هذا؟!!
افتح (اللالكائي)، ماذا يقول لك (اللالكائي)؟! «وَلَا يَحِلُّ قِتَالُ السُّلْطَانِ وَلَا الخُرُوجُ عَلَيْهِ لِأَحَدٍ مِنَ النَّاسِ , فَمَنْ فَعَلَ ذَلِكَ فَهُوَ مُبْتَدِعٌ عَلَى غَيْرِ السُّنَّة وَالطَّرِيقِ».
ما تقول يا شيخ (وحيد)؟!! هاه؟! ما تقول؟!
أنا أريد أنْ تحكم أنتَ على نفسك بهذا، بعد هذا، «وَلَا يَحِلُّ قِتَالُ السُّلْطَانِ وَلَا الخُرُوجُ عَلَيْهِ لِأَحَدٍ مِنَ النَّاسِ , فَمَنْ فَعَلَ ذَلِكَ فَهُوَ مُبْتَدِعٌ عَلَى غَيْرِ السُّنَّة وَالطَّرِيقِ».
(اللالكائي) لما ذكرَ هذا عن أئمة السُّنَّة، وسَمَّى كتابَه «.. إجماع الصحابة والتابعين ومَن بعدهم»، هذه الإجماعات، كلُّ ما ذكره -رحمه الله- تعالى-، طيب، ماذا أنتَ تقول؟!! -يقول: «فَهُوَ مُبْتَدِعٌ»- ماذا أنتَ قائل؟!!
الإمام (علي بن المديني) ماذا قال؟
قال: «وَمَنْ خَرَجَ عَلَى إِمَامٍ مِنْ أَئِمَّةِ المُسْلِمِينَ وَقَدِ اجْتَمَعَ عَلَيْهِ النَّاسُ فَأَقَرُّوا لَهُ بِالخِلَافَةِ بِأَيِّ وَجْهٍ كَانَتْ -[مش باختيار أهل الحل والعقد -كما تنسبُ أنتَ (للمداخلة)!!-]- بِرِضًا أَوْ بِغَلَبَةٍ، فَهُوَ شَاقٌّ هَذَا الخَارِجُ عَلَيْهِ العَصَا , وَخَالَفَ الآثَارَ عَنْ رَسُولِ اللهِ -صلى الله عليه وسلم-, فَإِنْ مَاتَ الخَارِجُ عَلَيْهِ مَاتَ مِيتَةَ جَاهِلِيَّةٍ.
وَلَا يَحِلُّ قِتَالُ السُّلْطَانِ، وَلَا الخُرُوجُ عَلَيْهِ لِأَحَدٍ مِنَ المُسْلِمِين, فَمَنْ عَمِلَ ذَلِكَ فَهُوَ مُبْتَدِعٌ عَلَى غَيْرِ السُّنَّة». اهـ
ما رأيك يا شيخ (وحيد)؟!!
تقول مثل (الحسين)؟!! هل أنتم (كالحسين) -يا شيخ (وحيد)-؟!!
كونوا (كالحسين) وخذوا حكم (الحسين)..
كونوا (كالحسين)..
(الحسين) كان يلف البلدان ليقرِّرَ الخلاف في المسألة؟!!
(الحسين) يلف البلدان ليقرِّرَ منهج (المعتزلة) أنه قولٌ لأهل السُّنَّة؟!!! أنَّ قولَ (المعتزلة) قولٌ لأهل السُّنَّة؟!! وقولٌ لأئمة السُّنَّة؟!!
حتى تأتي أنتَ فتستدل ببعض السقطات وببعض الزلات لبعض أهل العلم لتردَّ بها السُّنَّة الواضحةَ!!
أمرٌ عجيب يا شيخ (وحيد) واللهِ، أنا أنأى بكَ يا شيخ (وحيد)، ارجع، وتب إلى الله -سبحانه وتعالى-، أنتَ لا تدري خطورةَ ما صنعتَ!!
قال الإمام (أبو زرعة الرازي): «وَلَا نَرَى الخُرُوجَ عَلَى الأَئِمَّةِ وَلَا القِتَالَ فِي الفِتْنَةِ, وَنَسْمَعُ وَنُطِيعُ لِمَنْ وَلَّاهُ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ أَمْرَنَا وَلَا نَنْزِعُ يَدًا مِنْ طَاعَةٍ, وَنَتَّبِعُ السُّنَّة وَالجَمَاعَةَ, وَنَجْتَنِبُ الشُّذُوذَ وَالخِلَافَ وَالفُرْقَةَ». اهـ
قال (الطحاوي): «وَلَا نَرَى الخُرُوجَ عَلَى أَئِمَّتِنَا وَوُلَاةِ أُمُورِنَا، وَإِنْ جَارُوا، وَلَا نَدْعُو عَلَيْهِمْ -[ندعو مش نخرج!! مش نعمل مظاهرات!! ونقول: الشباب التقي النقي!!]- ، وَلَا نَنْزِعُ يَدًا مِنْ طَاعَتِهِمْ، وَنَرَى طَاعَتَهُمْ مِنْ طَاعَةِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ فَرِيضَةً، مَا لَمْ يَأْمُرُوا بِمَعْصِيَةٍ، وَنَدْعُو لَهُمْ بِالصَّلَاحِ وَالمُعَافَاةِ». اهـ
ماذا تقول -يا شيخ (وحيد)- بعد هذا؟!!
تقول (الحسين) بَرْدُه (=أيضًا)؟!! (الحسين) برده خرج؟!! ونستدل بفعل (الحسين)، هل تبدعون (الحسين)؟!!
لأ، ما نبدِّع (الحسين)، ولا نبدِّع مثل مَن ذهبَ مذهبَ (الحسين) -رضي الله عنه-، وليس هذا في (الحسين) -فقط- كما تقول أنتَ عن (المداخلة)!! هم قالوا لك: لأ، (الحسين) لأ، لكن غيرهم آه-.
لأ!! القاعدة واحدة، نحن لا نبدِّع (الحسين) ولا نبدِّع مَن ذهب على طريقة (الحسين).
(الحسين) ما خالف نصًا!!، (الحسين) لم يخالف نصًا!!، (الحسين) لم يخالف الإجماعات!!، (الحسين) لم يخرج على السلطان الجائر الظالم!!
هات، اثبت أنَّ (الحسين) خرج لكون الحاكم ظالمًا أو جائرًا، أو (عبدالله بن الزبير) خرج لكون الحاكم ظالمًا أو جائرًا.
ما هي السُّنَّة التي خالفها (الحسين) -رضي الله عنه- في هذا؟! ومع ذلك أنكرَ عليه أصحاب النبي -صلى الله عليه وسلم-، ونهوه أنْ يذهبَ ليبايَع له، حتى قال بعضهم: أستودعك الله من قتيل، وعلموا أنه مقتولٌ مقتول، وأنتَ تعلم هذا الإنكارَ!!
يبئه هذا هو ما تعلّق بمسألةِ (الحسين) -رضي الله عنه-.
أمَّا (ابن الزبير) فقد تقدم أنَّ (ابن الزبير) امتنع من بيعة (يزيد بن معاوية) -هو و(الحسين)-، ولم يوافِق على هذا، وبعد وفاة (معاوية بن يزيد) من غير عهدٍ بُويع (لابن الزبير) في غالب الأقطار.
قال (الذهبي) -رحمه الله- تعالى- في «السير»: «وَبُوْيِعَ بِالخِلاَفَةِ عِنْدَ مَوْتِ يَزِيْدَ سَنَةَ أَرْبَعٍ وَسِتِّيْنَ، وَحَكَمَ عَلَى الحِجَازِ وَاليَمَنِ وَمِصْرَ وَالعِرَاقِ وَخُرَاسَانَ، وَبَعضِ الشَّامِ، وَلَمْ يَسْتَوسِقْ لَهُ الأَمْرُ، وَمِنْ ثَمَّ لَمْ يَعُدَّهُ بَعْضُ العُلَمَاءِ مِنْ أُمَرَاءِ المُؤْمِنِيْنَ، وَعَدَّ دَوْلَتَهُ زَمَنَ فُرْقَةٍ، فَإِنَّ مَرْوَانَ غَلَبَ عَلَى الشَّامِ ثُمَّ مِصْرَ، وَقَامَ عِنْدَ مَصرعِهِ ابْنُهُ عَبْدُ المَلِكِ بنُ مَرْوَانَ، وَحَارَبَ ابْنَ الزُّبَيْرِ، وَقَتَلَ ابْنَ الزُّبَيْرِ، فاستقلَّ بِالخِلاَفَةِ عَبْدُ المَلِكِ وَآلُهُ، وَاسْتَوسَقَ لَهُمُ الأَمْرُ». اهـ
الحافظ (ابن كثير) يقول في «البداية والنهاية»: «وَعِنْدَ ابْنِ حَزْمٍ وَطَائِفَةٍ أَنَّهُ أَمِيرُ المُؤْمِنِينَ آنذاك». اهـ
قال شيخُ الإسلام (ابن تيمية) -في «منهاج السُّنَّة»- اسمعْ هذا الكلامَ- أيضًا-: «فَإِنَّ يَزِيدَ بُويِعَ بَعْدَ مَوْتِ أَبِيهِ مُعَاوِيَةَ، وَصَارَ مُتَوَلِّيًا عَلَى أَهْلِ الشَّامِ وَمِصْرَ وَالعِرَاقِ وَخُرَاسَان وَغَيْرِ ذَلِكَ مِنْ بِلَادِ المُسْلِمِينَ، وَالحُسَيْنُ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ- اسْتُشْهِدَ يَوْمَ عَاشُورَاءَ سَنَةَ إِحْدَى وَسِتِّينَ، وَهِيَ أَوَّلُ سَنَةٍ مَلَكَ يَزِيدَ، وَالحُسَيْنُ اسْتُشْهِدَ قَبْلَ أنَّ يَتَوَلَّى عَلَى شَيْءٍ مِنَ البِلَادِ، ثُمَّ إنَّ ابْنَ الزُّبَيْرِ لَمَّا جَرَى بَيْنَهُ وَبَيْنَ يَزِيدَ مَا جَرَى مِنَ الفِتْنَةِ -[استمعْ لهذا الكلامَ جيدًا]-، وَاتَّبَعَهُ مَنِ اتَّبَعَهُ مِنْ أَهْلِ مَكَّةَ وَالحِجَازِ وَغَيْرِهِمَا، وَكَانَ إِظْهَارُهُ طَلَبَ الأَمْرِ لِنَفْسِهِ بَعْدَ مَوْتِ يَزِيدَ، فَإِنَّهُ حِينَئِذٍ تَسَمَّى بِأَمِيرِ المُؤْمِنِينَ، وَبَايَعَهُ عَامَّةُ أَهْلِ الأَمْصَارِ إِلَّا أَهْلَ الشَّامِ، وَلِهَذَا إِنَّمَا تُعَدُّ وِلَايَتُهُ مِنْ بَعْدِ مَوْتِ يَزِيدَ -[من بعد موت (يزيد)]-، وَأَمَّا فِي حَيَاةِ يَزِيدَ فَإِنَّهُ امْتَنَعَ عَنْ مُبَايَعَتِهِ أَوَّلًا -[يبئه لم يكن يرى مبايعته]-، ثُمَّ بَذَلَ المُبَايَعَةَ لَهُ، فَلَمْ يَرْضَ يَزِيدُ إِلَّا بِأنَّ يَأْتِيَهُ أَسِيرًا -[بذل المبايعة له بعد ذلك، انتبه لكلام شيخ الإسلام، (عبدالله بن الزبير) بذل المبايعة (ليزيد) بعد ذلك، ولكن إيه بئه]- فَلَمْ يَرْضَ يَزِيدُ إِلَّا بِأنَّ يَأْتِيَهُ أَسِيرًا، فَجَرَتْ بَيْنَهُمَا فِتْنَةٌ، وَأَرْسَلَ إِلَيْهِ يَزِيدُ مَنْ حَاصَرَهُ بِمَكَّةَ، فَمَاتَ يَزِيدُ وَهُوَ مَحْصُورٌ، فَلَمَّا مَاتَ يَزِيدُ بَايَعَ ابْنَ الزُّبَيْرِ طَائِفَةٌ مِنْ أَهْلِ الشَّامِ وَالعِرَاقِ وَغَيْرِهِمْ. وَتَوَلَّى بَعْدَ يَزِيدَ ابْنُهُ مُعَاوِيَةُ بْنُ يَزِيدَ وَلَمْ تَطُلْ أَيَّامُهُ، بَلْ أَقَامَ أَرْبَعِينَ يَوْمًا أَوْ نَحْوَهَا، وَكَانَ فِيهِ صَلَاحٌ وَزُهْدٌ، وَلَمْ يَسْتَخْلِفْ أَحَدًا -[لم يستخلف أحدًا]-، فَتَأَمَّرَ بَعْدَهُ مَرْوَانَ بْنُ الحَكَمِ عَلَى الشَّامِ، وَلَمْ تَطُلْ أَيَّامُهُ، ثُمَّ تَأَمَّرَ بَعْدَهُ ابْنُهُ عَبْدُ المَلِكِ، وَسَارَ إِلَى مُصْعَبِ بْنِ الزُّبَيْرِ نَائِبِ أَخِيهِ عَلَى العِرَاقِ، فَقَتَلَهُ حَتَّى مَلَكَ العِرَاقَ، وَأَرْسَلَ الحَجَّاجَ إِلَى ابْنِ الزُّبَيْرِ فَحَاصَرَهُ وَقَاتَلَهُ، حَتَّى قَتَلَ ابْنَ الزُّبَيْرِ، وَاسْتَوْثَقَ الأَمْرُ لِعَبْدِ المَلِكِ، ثُمَّ لِأَوْلَادِهِ مِنْ بَعْدِهِ».اهـ
يبئه انتهت المسألةُ.. فهل خرج (الحسين) وهل خرج (ابن الزبير) لكون ذلك ظالمًا؟!!
سبحانَ الله العظيم!!
ولهذا (ابن عمر) لما دخل على (ابن مطيع) -الذي استدللتَ أنتَ بقصته- أيضًا- أنكرَ عليه إنكارًا شديدًا، وبلّغه حديث النبي -صلى الله عليه وسلم-، وأنّ مَن خرج على بيعة السلطان، وخرج عن جماعة المسلمين قيد شبرٍ وكذا وكذا، حتى قال له: اجلسْ يا (أبا عبدالرحمن)، قال: ما جئتُ لأجلس، جئتُ أُخبركَ بكلام النبي -صلى الله عليه وسلم-.
وكان هذا الواجب عليك -أنتَ- يا شيخ (وحيد)- أنْ تبيِّن للأمة ما كان عن النبي -صلى الله عليه وسلم.
وبالتالي تبطلٌ شبهةُ الاستدلال (بالحسين) و(بابن الزبير) -رضي الله عنهما-.
وبعدين (=وبعد ذلك) في نقطة بئه مسألة مهمة جدًا جدًا جدًا تنضاف -أيضًا- إلى هذه الشبهة، ألا وهي: مَن خرج على (الحجاج) وغير ذلك من القرّاء إنما خرجوا عليه لشبهة التكفير وليس خروج على الحاكم الظالم.
انتبه، يعني لو طالبتك -الآن- أنْ تأتي بكلام (سعيد بن جبير) هل خرج على (الحجاج) لكونه ظالمًا أم لا؟ أم لكونه كافرًا؟
هاه سؤال: هل خرج لكونه ظالمًا؟ أو خرج لكونه كافرًا؟
ولو خرجَ لكونه ظالمًا لم يكن الحجة في كلام (سعيد بن جبير)، بل الحجة في كلام النبي -صلى الله عليه وسلم- وما أجمعتْ عليه الأمة، ويُرَدُّ كلُّ أحدٍ -الصحابة، (الحسين)، (ابن الزبير)- إلى النص الشرعي.
وليست القضية عندنا -يا شيخ (وحيد)- فقط- قضية الإجماع -بس-!!
قضية النص، وقضية الإجماع، وقضية أصول أهل السُّنَّة والجماعة، أنَّ كل مَن خالف ذلك فإنه يكون مخالفًا للسنة. ومعلومٌ أنَّ مَن خالف السُّنَّة -عمدًا- فإنه يكون مبتدعًا، ولا نظن لا (بالحسين) ولا (بابن الزبير) ولا (بابن جبير) أنْ يخالفَ السُّنَّة -عمدًا-.
لكن الذين خرجوا على (ابن جبير) [قلتُ: هكذا سمعتها!!] قد تأولوا الكفر.
قد تقول -يا هشام-: وما دليلكَ على هذا؟
أقول لك: شوف، انظر، قال الحافظ (ابن حجر) في «تهذيب التهذيب»: «وكفّره جماعةٌ -[كفّره جماعة، هذا (الحجاج)]- منهم: سعيد بن جبير، والنخعي، ومجاهد، وعاصم بن أبي النجود، والشعبي، وغيرُهم». اهـ
وانظر «المصنف» (لابن أبي شيبة).
إذن يتضح المسألة.. إذن ليست المسألة في محل النزاع.
الحقيقة.. الكلام طويل جدًا جدًا جدًا، وكثير، وإحنا تكلمنا عنه كثيرًا.
وبعدين في نقطة أخرى -أيضًا- حتى الذين خرجوا، مثل ما تقول أنتَ: والأربعة آلاف دول يعني ما أدري إيش وكذا؟
طيب، انظر إلى هذه الآلاف، انظر إلى هذا الأثر العظيم، وأنا أريد -يا شيخ (وحيد)- أنْ تملأ نفسك بالآثار والسُّنَّة، وأنْ تملأ طلابكَ، وأنْ تُعَبِّئ طلابك بالآثار والسُّنَّة، دعكَ من (زيد) و(عبيد)، دعكَ من هذا..
(ابن سعد) روى في «الطبقات» عن (حماد بن زيد)، قال: «ذُكر لأيوب السختياني القُرَّاءُ الذين خرجوا مع (ابن الأشعث) -[انتبه، القُرَّاء الذين خرجوا مع مين؟ مع (ابن الأشعث)]- فقال: لا أعلم أحدًا منهم قُتل إلا وقد رُغِبَ عن مصرعه ، ولا نجا أحدٌ منهم إلا حمد الله الذي سلّمه، وندم على ما كأنَّ منه». اهـ
نَدِمَ!! يبئه إذن هذا فيه رد على إيه يا شيخ (وحيد)؟
على استدلالكَ بكل هؤلاء -جميعًا- الآلاف المؤلفة الذين تزعم أنتَ.. أنهم ندموا ورجعوا، فكيف يُبدَّعون؟!!
وقال (ابن عون): «لما وقعتِ الفتنةُ زمنَ (ابن الأشعث) خاضَ (مسلمٌ) فيها -[مسلم بن يَسار]-، وأبطأَ (الحسن) -[أو خَفَّ (مسلمٌ) فيها، يعني: خرج، لكن -طبعًا- أيضًا- جاء أنَّ (ابن الأشعث) ألزمَ (مسلم بن يسار)، وألزم (الحسن) في الخروج معه، لأنه قيل له: إنَّ الناس لا يثبتون حولك -كما ثبتوا حول جمل (عائشة)- إلا إذا أخرجتَ الاثنين هؤلاء]- وأبطأَ (الحسن)، فارتفعَ (الحسن)، واتضعَ (مسلمٌ)». اهـ
شوف، انظر، مع أنَّ (مسلم بن يسار) خرج مُكرَهًا، وكانَ (مسلم بن يسار) في الأمة أعلى رتبةً من (الحسن)، فلما هربَ (الحسن)، وبقي (مسلمٌ)، ارتفعَ شأنُ (الحسن) عند الأمة، واتضعَ (مسلم).
وهذا في «المصنف» (لابن أبي شيبة) -هذا كلام (ابن عون)- وفي «السير».
وعليه -يا شيخ (وحيد)- نقول: إنَّ بئه مَن خرج مُكرَهًا إذا نزلت رتبته عن مَن هرب، فكيف بالذي خرج إلى الميادين ودعا إلى الخروج على الحاكم الظالم؟!! وكيف بمن يلف في البلدان ويطوف في البلدان؛ ليقرر أنَّ مذهب (الخوارج) و(المعتزلة) إنما هو من كلام أهل السُّنَّة والجماعة، وأنه قولٌ عند أهل السُّنَّة والجماعة؟!! كيف بهذا؟!!
قال (أيوب) -عن (أبي قلابة)-: «قال لي (مسلمٌ بن يسار) -[(أبو قلابة) يقول.. وهذا الأثر ما أجلَّ.. وهو ينطبق انطباقًا بليغًا جدًا جدًا جدًا جدًا على كل مَن يأوي إلى أهل البدع والأهواء، ويكون منهم، ويدافع عنهم، وينشر قولهم، ويزهد في طريقتهم]-، إني أحمدُ الله إليك أني لم أرمِ بسهم، ولم أضرب فيها بسيفٍ -[يعني: أنا خرجتُ مع (ابن الأشعث)، لكن -الحمدُ لله- لم أرمِ بسهمٍ، ولم أضرب بسيفٍ]- قلتُ له: فيكف بمن رآكَ بين الصفين فقال: هذا (مسلمٌ بن يسار)، لن يُقاتِل إلا على حق، فقاتَلَ حتى قُتل -[لكنك يا (مسلم) رآك أحدٌ، فقال: ما وقفَ (مسلمٌ) إلا موقف حق، فتقدَّم فقتلَ حتى قُتل، يبئه كم قُتل من الناس بسببك؟!!]- فبكى -والله- حتى وددتُ أنَّ الأرض انشقت فدخلتُ فيها». اهـ
الله!! يا الله!! مجرد موقف (مسلم بن يسااااار)، فقُتل بسببه كثير، فكيف بكَ -يا شيخ (وحيد)- وأنتَ تستدل بالشبهات هنا وهناك، وأنتَ تعلم أنَّ أهل (مصر) ليس عندهم من العلم ما عندهم، فيغترون بكلامك، فيخرجون على السلطان الظالم، والحاكم الظالم، ويقولون: أنَّ ذلك هو الحق؟!!!
لقد اغتر بكلامك هذا مَن اغتر، فماذا أنتَ صانعٌ -الآن-؟!!
هل تبكي -كما بكى (مسلم بن يسار)-؟!!
هل تبكي -الآن- كما يبكي (مسلم بن يسار)-، وتقول: أعوذُ بالله مما حصل مني؟!! إني تائبٌ، إني راجعٌ، إني راجعٌ إلى المحكم لا إلى المتشابه، إني راجعٌ إلى إجماعات الأمة، إني راجعٌ إلى كلام النبي -صلى الله عليه وسلم-، فمستحيلٌ أنْ أعدلَ عن كلام النبي -صلى الله عليه وسلم- إلى كلام أحدٍ، وتذهب، وتجري.. تجري إلى هؤلاء الذين خالفوا، وتقول لهم: اتقوا الله!! حدِّثوا الأمة من كتب السلف.. أنتم تزعمون السلفية، فأين سلفيتكم -إنْ لم تكن الكتب السلفية-؟!، وتجمع طلّابكَ على هذا..
ولكن الطيور على أشكالها تقعُ!!
هذا باختصارٍ شديدٍ ما تعلّق بشبهة (الحسين) و(ابن الزبير)، وهذه الأحداث -كلها- التي ذكرها الرجلُ في هذا الباب..
وعلمنا أنه -بالكلام العلمي المدعم بالأدلة من الكتاب ومن السُّنَّة ومن كلام العلماء والأئمة- أنَّ هذه الشبهة تُنْسَفُ نسفًا، وأنها لا مجالَ لثباتها على أرضِ الواقعِ، والله تعالى أعلى وأعلم.
وفرَّغه/
أبو عبدالرحمن حمدي آل زيد المصريّ
26 من ذي الحجة 1433هـ، الموافق 11/11/2012م
فإنْ تجد عيبًا فسُد الخللا = جلّ مَن لا عيبَ فيه وعلا.