[تفريغ] كلمة الشيخ أبي العباس عادل منصور بعنوان (الرد على المخالف بين الغلو والجفاء)
ضمن الندوة العلمية التي نقلت على إذاعة وغرفة إمام دار الهجرة العلمية
بين الشيخين :عبدالله بن صلفيق الظفيري وأبي العباس عادل منصور (حفظهما الله)
بتاريخ 22 صفر 1434 هـ.


السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
في بداية هذه الكلمة بعد حمد الله -تبارك وتعالى- والصلاة والسلام على عبده ورسوله وخليله محمد بن عبد الله وعلى آله وأصحابه وبعد شكر الله -تبارك وتعالى- ﴿وَمَا بِكُم مِّن نِّعْمَةٍ فَمِنَ اللَّـهِ﴾[النحل: 16] ، نشكر ربنا -تبارك وتعالى- على ما يسره لنا من هذا اللقاء في هذه الليلة ليلة السبت 23 من شهر صفر لعام 1434 هـ ، فنحمده حمداً كثيراً طيباً مباركاً فيه أن يسر لنا اللقاء بإخوتنا في الله -تبارك وتعالى- مع تبعد الاقطار والتناء الديار بهذه الوسائل الحديثة التي نسال الله الكريم أن يجعلها من خير ما يعيننا على مرضاته وما يقربنا عنده زلفى ، ثم أشكر إقتداءً وتطبيقاً لحديث النبي -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- (من لا يشكر الله لا يشكر الناس) رواه النسائي وغيره من حديث أبي هريرة ، فأشكر الإخوة الذين ساهموا في هذا اللقاء وفي هذه الندوة وجمعوني بالشيخ -حفظه الله- متحدثاً وبإخواني الذين يستمعون هذه الكلمة من بقاع مختلفة مستمعين متابعين ، ثم كذلك أشكر كذلك أخي الفاضل أحمد بن يحيى الزهراني أن أتاح لي الفرصة بالحديث معكم عن طريق (السكايبي) في جهازه وإضافتي في منزله جزاه الله خيراً مع كثرة مشاغله وإحتياجه لجهازه من حيث الأعمال التي تخصه أو تخص شيخنا -حفظه الله- أو غير ذلك ، فقد تكرم بهذه الدقائق إشغالاً في هذا الوقت وبهذه الدقائق فيما أرجوا أن يكون نافعاً لهذا ولاستيعاب الإفادة الجميلة التي إتسمت بها كلمة الشيخ عبدالله -حفظه الله- تعالى لهذين السبيين فإني أحبذ أن تكون كلمتي مختصرة جداً على أمل أن يكون هناك لقاءً متجدداً إن شاء الله -تبارك وتعالى- عندما يستقر بي القرار في داري نظراً لأني على جناح سفر إن صح التعبير فأحتاج إلى الإستقرار المكاني والإستقرار الذهني أيضاً حتى يمكن للمتحدث أن ينفع إخوانه بما يجري الله -تبارك وتعالى- ولكن كما قيل (ما لا يدرك كله لا يترك جله) .
فاقول أيها الإخوة جميعاً :
بعد تقرير الشيخ -حفظه الله- تعالى لمشروعية الرد وبيان أدلته من كتاب الله تعالى وسنة رسوله -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- وإشارته إلى أسباب جفوة من جفى عن هذا الحق ونفر عن أصل الرد على المخالف سواءً تنفيراً مطلقاً أو تنفيراً متلبساً بزي الورع لإعتباره من الغيبة أو لإعتباره من تفريق كلمة المسلمين أو إعتباره سبباً للفتنة أو غير ذلك أو إعتباره تدخلاً للمرء فيما لا يعنيه إلى غير ذلك مما وسوست به شياطين البدعة من شياطين الإنس والجن تضليلاً للعباد وصداً لهم عن سبيل الله -تبارك وتعالى- وكان حظ الشيخ -حفظه الله- أن يتحدث عن أهل الجفاء وعن سبب إنحرافهم وجفائهم لهذا الأصل العظيم وقد كفى ووفى وأفاض جزاه الله خيراً فيما تحدث به وما نقله من أقوال الأئمة الأعلام الذين هم ائمة يقتدى بهم ومنارات وأعلام يهتدى بها لفهم نصوص كتاب الله وسنة رسوله -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- .
أما ما يتعلق بالجانب الثاني وهو جانب الغلو في باب الرد على المخالف الحقيقة إننا نلحظ في الساحة الإسلامية الدعوية كما يقال اليوم نلحظ هذين المسلكين في كل خصلة أو جل خصال شريعتنا ومسائلها أما الذهاب إلى الإفراط وإما الذهاب إلى التفريط ، إما غلو وإما جفاء وهذا هو الذي يريده الشيطان من أبن آدم أن يزيغ عن الصراط المستقيم لأن الصراط المستقيم والسنة والوسطية الشرعية السنية والإعتدال السني هو نور بين ظلمتين وهدىً بين ضلالتين وحق بين باطلين وخير بين شرين فلا شك أن نور الإعتدال ونور الحق ونور العدل هو بين ظلمة الجفاء والغلو ، هو بين باطل الجفاء والغلو ، هو بين شر الجفاء وشر الغلو ، فلا شك أن كلا هذين المسلكين شر وكلاهما إنحراف عن الصراط المستقيم الذي رسمه النبي -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- كما روى أحمد وغيره من حديث أبن مسعود قال (خط رسول الله -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- خطاً مستقيماً ثم خط عن يمينه خطوطاً وعن يساره خطوطاً ثم قال هذا صراط الله المستقيم وهذه السبل على كل سبيل منها شيطان يدعوا إليها ثم تلى قول الله -تبارك وتعالى- ﴿وَأَنَّ هَـٰذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ ۖ وَلَا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَن سَبِيلِهِ﴾ والامر كما قال شيخ الإسلام أيضاً -رحمه الله تعالى- أعني الإمام الكبير أبي العباس أبن تيمية رحمه الله كما في مجموع فتاويه في المجلد الخامس عشر صحيفة 292 يقول -رحمه الله- (والشيطان يريد من الإنسان الإسراف في أموره كلها فإن رآه مائلاً إلى الرحمة زين له الرحمة حتى لا يبغض ما أبغضه الله ولا يغار لما يغار الله منه [هذا الصنف الاول] ثم قال -رحمه الله- وإن رآه مائلاً إلى الشدة زين له الشدة في غير ذات الله حتى يترك من الإحسان والبر واللين والصلة والرحمة ما يأمر به الله ورسوله ويتعدى في الشدة فيزيد في الذم والبغض والعقاب على ما يحبه الله ورسوله) هذه ثلاثة أمور ، الشيطان يريد من الإنسان إذا وجد في طبعه ميلاناً إلى الشدة دفعه إليها وأتسم مظهر هذا الإنحراف عنده بهذه الثلاثة الأمور التي ذكرها شيخ الإسلام بقوله (فيزيد في الذم والبغض والعقاب على ما يحبه الله ورسوله فهذا يترك ما أمر الله به من الرحمة والإحسان وهو مذموم مذنب في ذلك ويسرف فيما أمر الله به ورسوله من الشدة) ، ثم قال ، (حتى يتعدى الحدود وهو من إسرافه في أمره فالأول مذنب والثاني مسرف ﴿إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ﴾ فليقولا جميعاً ﴿رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا وَإِسْرَافَنَا فِي أَمْرِنَا وَثَبِّتْ أَقْدَامَنَا وَانصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ﴾ ... إلى أخر كلامه -رحمه الله تعالى- في ذلكم الفصل الماتع في تفسير آيات من كتاب الله -تبارك وتعالى- فإذاً الشيطان لا يبالي بأي الأمرين ظفر من إبن آدم إن ظفر به في جانب الجفاء والتميع والتفريط جره إلى ذلك كما جر أمماً قبلنا وكما جر فرقاً من هذه الأمة إلى الجفاء في مسائل عقدية وفي مسائل عملية وفي مسائل أخلاقية وفي مسائل تتعلق بالسلوك والمعاملات كذلك يجر أناساً إلى الغلو والشدة والزيادة على الحد المشروع كما جر فرقاً من هذه الأمة كغلوا الخوارج والمعتزله ومن تأثر بهم وسلك سبيلهم إلى عصرنا هذا وإن من الملفت للنظر فيما يتعلق بالغلو في باب الردود موضوع الحديث والمباحثة والمدارسة بيننا الآن .
فالردود على أهل الأهواء والبدع وهم نوع من أنواع المردود عليهم فان المردود عليهم إما أن يكونوا من الإسلاميين أي المنتسبين للإسلام من الفرق الإسلامية أو يكون المردود عليهم من غير المسلمين كالردود على اليهود وعلى النصارى وعلى غيرهم من ملل الكفر والإعتقادات والديانات التي يتدين بها أصحابها مخالفين بذلك لرسالة الله -تبارك وتعالى- ورسالة وبعثة النبي -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- .
النوع الثاني: الرد على أهل الأهواء والبدع من الفرق الإسلامية التي لم تخرج من الثنتين والسبعين فرقة .
النوع الثالث من الردود: الرد على الخطأ أياً كان قد يكون هذا الخطأ من صاحب سنة عالماً أو متعلماً أو حتى عامياً من عوام المسلمين يقوم به خطأ في قوله أو في فعله أو في إعتقاده وتصوره فإذاً أصناف الذين يرد عليهم انواعهم هؤلاء الثلاثة الأنواع وموضوع الندوة الرد على أهل الأهواء والبدع هكذا ما فهمته أو الرد على أهل البدع بين الجفاء أو الردود بين الجفاء والغلو .
فالردود تشمل هذه الثلاثة الأنواع سواء رداً على أهل الكفر أو رداً على الفرق الضالة من أهل الأهواء والبدع أو رداً على أخطاء من أخطأ من أهل العلم والسنة وكله مما أمر الله -عز وجل- به وكله ثابت مشروعيته بالكتاب والسنة والإجماع كما تقدم في تقرير صاحب الفضيلة الشيخ عبدالله -حفظه الله تعالى- لكن جانب الغلو في هذه الردود إقتصر على عناصر مهمة كما قلت لكم للأمرين السابقين:
الأمر الأول المتعلق لكوني على سفر وأيضاً قد أضفى الشيخ عبد الله في حديث ماتع حول جوانب كثيرة من هذا الموضوع فلعل الإطناب أو التوسع يكون -إن شاء الله تعالى- في لقاء أخر عند إستقرار الرحل في الدار وأيضاً يكون في وقت ليس متأخراً من الليل كساعتنا هذه .
جانب الغلو في أمور :
- الأمر الأول: تعلمون إخواني في الله جميعاً إن من مقاصد بعثة النبي -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- حرب الغلو والنهي عنه .
- وثانياً: تعلمون إن من أسباب إنحراف المرء عن دينه بل قد يكون سبب خروجه من دينه كله الغلو كما بوب شيخ الإسلام الإمام المجدد محمد بن عبد الوهاب بن سليمان التميمي في كتابه التوحيد -باب ما جاء في أن سبب كفر بني آدم وتركهم دينهم الغلو في الصالحين- الانسان قد يودي به الغلو إلى ترك الدين بالكلية ، وقد يودي به الغلو إلى البدعة ، وقد يودي به الغلو إلى الإثم والعدوان والفسوق ، الغلو قد يكون سبباً لـ (كلمة غير مفهومة) واحداً من هذه الثلاثة أو كلها إما أن يودي به إلى الكفر وإما أن يودي به إلى البدعة وإما أن يودي به إلى الإثم والعدوان اللذان هما من أسباب وصف الفسوق عليه فيجب الحذر من هذا الغلو .
ثالثاً: النبي -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- قد أخبرنا أن سبب الهلاك في الغلو والله -تبارك وتعالى- أيضاً قبل ذلك قد نهانا أن نغلو في ديننا ﴿لَا تَغْلُوا فِي دِينِكُمْ وَلَا تَقُولُوا عَلَى اللَّـهِ إِلَّا الْحَقَّ﴾[النساء:171] ، والنبي -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- يقول لمثل هؤلاء الجمار لمثل هؤلاء الحصى (فأرموا (أي الجمار) ولا تغلو فإنما أهلك من كان قبلكم الغلو في الدين) ، وتأملوا أيها الإخوة حصره الغلو في الدين لإداة الحصر إنما (إنما أهلك الذين من قبلكم الغلو في الدين) والحديث رواه أحمد والحاكم وأبن ماجة وأبن حبان وغيرهم بسند صحيح عن أبن عباس -رضي الله عنهما- فقال الغلو في الدين ، عن أبن عباس أو عن الفضل بن العباس -رضي الله عنهم اجمعين- قال (فبمثل هؤلاء فأرموا واياكم والغلو فانما أهلك الذين من قبلكم الغلو في الدين) ، فإذا كان النبي -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- في مسألة رمي الجمار بمثل تلك الحصى وأن الزيادة عليها غلو وأن الغلو بهذه القاعدة الكلية هو سبب هلاك الأمم قبلنا الهلاك المفهوم شرعاً الهلاك في شريعة الله -تبارك وتعالى- والذي جاء به الكتاب والسنة ذكر أسباب كثيرة له هلاك دنيوي وهلاك في البرزخ وهلاك أخروي -نسال الله العافية والسلامة- فإذا كان واجب على كل عاقل ناصح لنفسه كما حذر جانب الجفا أن يحذر جانب الغلو وإن كان أهل الجفاء أنفسهم الذين يحاربون الردود على أهل الأهواء والبدع خاصة هم أهل غلو حقيقة في ردودهم وطعوناتهم في أهل السنة وحملة المنهج السلفي هم أهل غلو حقيقة فيجب معاملتهم ولاة أمور المسلمين والأخطاء الصادرة الواقعة منهم أو تحت ولاياتهم أوسلطانهم فهم في الحقيقة جمعوا الجفاء ، وفيما يتعلق بالموقف من اهل الباطل ولكنهم اتسموا بالغلو والغلو المحرق المفرط فيما يتعلق بالموقف من أهل الحق وأهل السنة حتى بلغ ببعضهم أنه أصبح يجعل من الأخطاء المطبعية كما ذكر شيخنا أبو محمد ربيع بن هادي -حفظه الله- في كتابه (بيان فساد المعيار) فعل بعضهم من الأخطاء المطبعية وما شاكلها على قلتها من أعظم العظائم ولسان المسقطات بعد عجزهم عن وجود أقل ما يجرح به أهل السنة وأئمتهم المعتبرون فيما يخفض عند أهل السنة يرفع ويعلي عند هؤلاء وما يرفع عند أهل السنة يسقط ويحط عند هؤلاء فالحقيقة إن مظاهر الغلو في الرد على المخالف والغلو هو الزيادة مدحاً وذماً والزيادة في المدح والذم فهذا هو الغلو وهذا الغلو بالمعنى الخاص الذي يكون مقابلاً للجفاء وإلا فقد يطلق بعض أهل العلم كما ذكر ذلك أبو عبد الله القرطبي وغيره الغلو على النوعين والجفاء على الإفراط وعلى التفريط كله يطلقون عليه غلواً ولكن هنا الغلو في مقابل الجفاء والنبي -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- قد فرق بينهما لما ذكر الثلاثة الذين يوقرون قال (وحامل القرآن غير الغالي فيه والجافي عنه) ، فهناك من يحمل الحق ولكنه يغلو فيه فإذاً الغلو في باب الردود أهله نوعان :
النوع الأول : أهل الباطل هم في غلو وإن كانوا مع أهل البدع أهل جفاء وأهل تفريط وأهل تمييع وأهل تساهل وأهل مداهنة وأهل تنازل عن السنة وأصولها وحقائقها ومسائلها والولاء والبراء عليها إلا أنهم في الجانب الأخر أهل غلو في قدح أهل السنة وفي ذم أهل السة وفي تلقيبهم بالغلاة وأنهم تجدهم مع غلوهم في أحكامهم على أهل السنة إلا أنهم تجد لهم سكوتاً غريباً ومريباً حقيقةً حول الغلاة الحقيقين من الخوارج وهم غلاة في التكفير وفي الأحكام من الحدادية أفراخ الجهيمانية وأفراخ القطبية وأعني بالحدادية أتباع أبي عبد الله محمود الحداد المصري ومن تبعه في بقاع شتى في السعودية ومصر وفي غيرها من أقطار العالم الإسلامي ينتشر هذا الداء وله مواقع وله شبكات وله إصدارات علمية مسموعة ومقروءة أو إصدارات كتب وإصدارات أشرطة وغير ذلك هذا المسلك لا تجد من أهل الجفاء وأهل الدعوات الحزبية القطبية حرباً له مما يدلك على أن وراء الأكمة كما يقال ما ورائها لا تجد منهم حرباً على هؤلاء الغلاة الحقيقين ولكن يأخذون هذا الرداء المتهالك ويلبسونه أهل الحق فتجدهم كما فعل محمد حسان في شريطه (مهلاً يا غلاة التجريح) وهكذا علي حسن وجماعته في تسقيبهم لأشياخ السنة وحملتها الذابين عنها من أمثال الشيخ ربيع والشيخ عبيد والشيخ محمد بن هادي وغيرهم من المشايخ ومن طلبة العلم في بقاع شتى من العالم الإسلامي تسميتهم (غلاة التبديع) والذي يدلكم أن الأمر ورائه ما ورائه من تكاتف أهل الباطل ، إن أبا الحسن الإسماعيلي السليماني المصري ثم المأربي لما كان يصف السلفيين في اليمن بانهم حدادية وألف الشيخ ربيع -حفظه الله- مميزات الحدادية وقال له إئتني أو أثبتها فيهم وأنا معك عليهم إذا به بعد ذلك يقول أتراجع عن وصفهم بالحدادية لأني أولاً يقول أصفهم بالغلاة ، أنظروا إلى إتفاق هؤلاء ذاك في مصر وذاك في اليمن وذاك في الشام وكلهم يذب بعضهم عن بعض كما ذبوا الحلبي عن الماربي عن حسان عن أمثالهم عنا ببعيد يذب بعضهم عن بعض ويناصر بعضهم بعضاً ويتفقون على أن يلبسوا أهل السنة البرآآء لباس الغلو ويبرءون أهل الغلو من ذلك اللباس الذي هم جديرون به وحقيقون به فيقول أبو الحسن (أنا أتراجع عن وصفهم بالحدادية لكني أولاً أصفهم بأنهم غلاة وأقول عن هؤلاء الغلاة) وثانياً لا أدري لماذا لا ننسبهم إلى أبي عبد الله فلربما أنهم إفتروا على الأخ أبي عبد الله وأضافوا إليه أشياء لم يقلها) أو نحواً من هذا الكلام ، فانظر كيف يبرء أخاه أبا عبد الله وبلديه أبا عبد الله يعني محمود الحداد ويلصق الغلو بأهل السنة الذين تعاملوا معه ومع غيره من المخالفين والمتهالكين والمتخبطين بأساليب من الرحمة والسرية في النصح والترفق حتى بلغ السيل الزبى وعظم الشر وتفاقم الأمر فتكلم بعد ذلك من تكلم من أهل الحق ، إذاً هذا النوع الأول من أهل الأهواء والبدع الذين هم في حقيقتهم لو تحدثنا عنهم لقلنا هم في جانب الجفاء ولكنهم بالحقيقة إذا أتجهوا ألى أهل السنة فإنهم في أشد أنواع الغلو حرباً على أهل السنة الصاقاً للتهم لهم وهم منها برآآء ومع ذلك سكوتهم عن الغلاة الحقيقين في بلدانهم وفي شبكاتهم وفي غير ذلك فتجد الحرب على سحاب مثلاً لكون فيها مقالات للمشايخ السلفيين لكن هل أولئك الحزبيون يذكرون عبد اللطيف باشميل الحدادي ؟ ويذكرون موقع الأثري الذي ينشر الحدادية في السعودية ويبرزون مقالات لعبد اللطيف باشميل بينما كانت فترة من السنين لا يريدون أن يظهروا عبد اللطيف باشميل بينهم بينما الأن تدخل على صفحاتهم الأولى (الشيخ عبد اللطيف باشميل يرد على فلان ، الشيخ عبد اللطيف باشميل يرد على فلان ، والشيخ عبد اللطيف يرد على فلان) ، أين تحديد الغلاة الحقيقين واتخاذ المواقف الحاسمة منهم ؟ لما كان على سبيل المثال فالح الحربي كان أناس كثيرون لما كان مع مشايخنا كان أناس كثيرون ينقدون فالحاً يتكلمون على فالح ويتكلمون على الشيخ ربيع ويتكلمون على المشايخ يوم رفع راية الغلو وكشف مستوره سكتوا عن فالح يوم رفع راية الغلو وأظهر الغلو في الأحكام والردود على المخالفين أهل الجفاء ظهر منه غلو في تكفير بعض أعيانهم غلو في الحكم على بعض مسائل أهل السنة لانها من المسائل التي يقول بها أهل السنة لأنها من أقوال المعتزلة أو قول من أقوال الجهمية أو من أقوال غلاة المرجئة إلى غير ذلك من التخبطات التي وقع فيها ، لما وقع في ذلك المسلك سكت الناقمون عليه ، سكت الذين كانوا ينقدونه ماذا يفيد هذا ؟ على ما يدل هذا الأمر ؟ إذاً هذا النوع الأول بإختصار المتعلق بالغلاة في التجريح وهم من أهل الجفاء حقيقة لكنهم جفاة ومفرطون في حق أهل البدع وأهل الباطل بل وفي أهل الكفر ويتسامحون معهم ويدعون إلى أخوة الأديان معهم ويباركون المؤتمرات الحوارية معهم ويباركون حوار الأديان معهم ويثنون على قادة حوار الأديان ويصفونهم بأوصاف القبل الائمة العظام ولكنهم غلاة إذا جاءوا إلى أهل السنة والحكم عليهم والتشفي بهم وبأشياخهم وطلاب العلم منهم وفيهم .
أما النوع الثاني: في ما ظهر الغلو من الناس الذين يغلون قد يتستر أو يتكلم بأسم السنة ولكنه يغلو في نقده للمخالفين ، الظلم حرمه الله -تبارك وتعالى- كما ذكر ذلك شيخ الإسلام في كتابه (الجواب الصحيح لمن بدل الدين الصحيح) ، الظلم حرمه الله -تبارك وتعالى- على كل أحد وفي كل حال لا يجوز ظلم الكافر ولا يجوز ظلم المبتدع ولا يجوز ظلم الفاسق ولا يجوز ظلم الحربي ولا يجوز ظلم السني أقصد بالحربي الكافر المحارب ولا يجوز ظلم المسالم منهم لا يجوز الظلم في أي حال من الأحوال (يا عبادي إني حرمت الظلم على نفسي وجعلته بينكم محرماً فلا تظالموا) ، رواه مسلم من حديث ابي ذر ، فالله -تبارك وتعالى- حرم الظلم على عباده فيما بينهم فلا يجوز الحكم بالظلم والغلو بالزيادة في المدح أو في الذم أو في العقاب وعناصر الغلو في الرد على المخالف :
أما غلو في الرد على الخطأ وهذا مظهر من مظاهره ، الخوارج غلو في الحكم على أخطاء عصاة المسلمين وفساق المسلمين فحكموا -بارك الله فيكم- بكفرهم بإخراجهم من الإسلام وتفريقهم في ال (كلمة غير مفهومة) وفي غير ذلك من المسائل المعلومة -إن شاء الله- كذلك المعتزلة .
هذا أهل غلو في الحكم على الخطأ من حيث هو ومن حيث أحكامه المترتبة عليه .
النوع الثاني من أنواع مظاهر الغلو : الغلو في الحكم على المخطىء الخطأ قد يكون خطأ علمياً تخريجياً حديثياً فقهياً في عزو في وهم بل قد ينقل عبارة بدعة لا يفطن لها ولا يعتقدها ولم تدر في باله ولكن ظنها من جميل العبارات كما ذكر ذلك شيخ الإسلام في (مقدمة أصول التفسير) لما تحدث أن بعض أهل البدع يدس بدعه في عبارات ربما نقلها عنه من ينقل أصوله ويرد باطنه ولكن لعسر عبارته وتزيين لفظه نقلها ولم يفطن لها ، هناك فرق بين بيان الخطأ حيث هو بين الحكم على المخطىء فلا تغلوا في الخطأ لا تجعل السنة واجبة لا تجعل ترك السنة كترك واجب ولا تجعل ترك الواجب كترك الركن لا تجعل الخلاف الأولى كالبدعة لا تجعل المعصية كالبدعة لا تجعل البدعة كالكفر من حيث التعامل ومن حيث حجم المخالفة ومن حيث أسم المخالف وحكمه ، فإذا على الإنسان أن يتجنب هاتين الصورتين فيما يتعلق بالحكم على الخطأ وفيما يتعلق بالحكم على المخطىء .
النوع الثالث: حقيقة قد يسمى صورة ثالثة قد تسمى غلواً من حيث أن أثرها ومفاسدها مفاسد الغلو قد تحدد الخطأ وتضعه في حجمه الصحيح وقد تحدد المخطىء ولا تحكم عليه بحكم لا يستحقه ولا تزيد ولا تجور ولا تظلم ولا تضف إليه ما لم يقله ولا تروي تنقل عنه بالمعنى وأنت قادر على نقل لفظه ولا تنقل عنه نقلاً مبتوراً يوهم خلاف مراده فان ذلك كله من الخيانة ومن الظلم ومن الإعتداء ومن الإثم والعدوان ، إن قدرت على نقل لفظه فهذا هو الواجب أن تنقل لفظ المعترب ، المردود عليه بلفظه كاملاً وأن تنقله دون بتر مخل لا أقول لك أنقل الكتاب كله ولكن محل النقد ينبغي أن تنقله كاملاً وإلا وقعت في الظلم والتزيد وذممت الرجل بما ليس فيه ، ألا تعجل في الحكم أن مراده كذا وكذا حتى تتفهم كلامه جيداً وحتى تنظر فيه وتمعن النظر فيه فلربما الإنسان بدا له بادء ذي بدء في قراءة كلام لمخالف له عنده رواسب سابقة وله عنده تصورات سابقة فإذا قرأه قراءة الغلاة ظهر له منه شيء فبادر إبتداءً وربما سجل رداً وربما كتب بحثاً بينما لو أعاد النظر وتأنى يحوطه الأناة من الرحمن والعجلة من الشيطان متأسياً أو مقتدياً قول النبي -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- (ما كان الرفق في شيء إلا زانه وما كان العنف في شيء إلا شانه) (إن الله رفيق يحب الرفق) أنت مطالب بالرفق وأنت وحدك تقرأ في كتب المخالف أنت وحدك إن كنت ممن قد جاز له النظر في أقوال المخالفين بالرد عليها أنت مأمور بالرفق أنت منهي عن الغضب لأنك لم تقرأ كلام المخالف وأنت في حالة توتر وغضب لن تحسن فهمه لن تحسن تصوره ولن تحسن التصرف معه لهذا قال العلماء تعليقاً على حديث النبي المصطفى -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- (لا يقضي القاضي حين يقضي وهو غضبان) كما روى أبو بكر -رضي الله عنه- قالوا لان الغضب يحجب عنك حسن التصور وحسن التصرف لا يجعلك تتصور المسألة حقيقتها جيدة ولا يجعلك تتصرف التصرف الصحيح فلا تغضب حتى لا تقع في الغلو عليه ولا ظلمه لا تعجل لا تتوتر وتكتب وأنت في حالة إستفزاز ولكن تتأنى وتتريث رحمة بك ورحمة بأهل الحق أن ينسب تسرعك وأن ينسب غلوك وأن ينسب طيشك إلى دعوة أهل الحق وتحصل المفاسد .
أقول أخوتي في الله : بعد هذا كله قد يكون الحق عرفت حكمه الخطأ العلمي غير البدعة غير الكفر ، الخطأ مراتب ولا نقبل إجمال أهل الجفاء يقول لك عنده أخطاء وخلص ، لا ، نوع الخطأ ما هو ؟ يمكن خطأ واحد يسقط الرجل ويدمره ويخرجه من السنة وهناك عشرات وعشرات وعشرات الأخطاء لا تسقط الرجل ولا تنزله من مكانته فما نوع الخطأ ؟ فبعد تحديدك للخطأ نوعه وألا ترفعه فوق درجته أن ذلك غلواً بعد أن تحدد الحكم المخطىء هناك مرحلة ثالثة يغفل عنها كثير وكثير للأسف منهم من هو يحمل لواء الحق معنا ومع إخواننا بل ومع مشايخنا بل هو مع السلف الكرام نصرة لدين رسول الله -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- هو معهم وأن تأخر عنهم زمانه معهم عقيدة معهم نصرة معهم حباً وولاءً إلا أنه لا يقدر بس ما أن يظفر بأنه فهم أن هذا خطأ عرف أن هذا خطأ وعرف أن هذا المخطىء سأتعامل معه لن أبدعه لكنه لا يراعي أمراً ثالثاً وهو في غاية الأهمية دلت عليه النصوص الشرعية وهو مراعاة المكان والزمان المناسب لبيان هذا الخطأ ، مراعاة المصلحة والمفسدة في بيان هذا الخطأ ، نصوص القرآن قال الله -تبارك وتعالى- ﴿وَلَا تَسُبُّوا الَّذِينَ يَدْعُونَ مِن دُونِ اللَّـهِ فَيَسُبُّوا اللَّـهَ عَدْوًا بِغَيْرِ عِلْمٍ﴾[الانعام:108] ، وأحاديث النبي -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- في مراعاة المصالح والمفاسد في حديث أبي هريرة لما كان يحمل النعلين وقابله عمر كما في الحديث الطويل إختصره إختصاراً للوقت (فقابله عمر فقال ما هذان ؟ فقال هذان نعلا رسول الله -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- أعطانيهما وقال من لقيت يشهد أن لا إله إلا الله فبشره بالجنة وضربه عمر على صدره حتى سقط أبو هريرة على إسته فجاش بالبكاء فدخل على النبي -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- الحائط وعمر وراءه فقال له ما يبكيك يا ابا هريرة ؟ فقال يا رسول الله اعطيتني نعليك وقلت من لقيت في شوارع المدينة يقول لا إله إلا الله فبشره بالجنة فكان أول من لقيته عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- فحدثته بذلك فضربني على ظهري حتى وقعت على إستي قال يا عمر ما حملك على ما صنعت) ؟ أنظر حتى هذا الأدب النبوي العظيم والذي هو في القرآن الكريم ﴿عَفَا اللَّـهُ عَنكَ لِمَ أَذِنتَ لَهُمْ﴾[التوبة:43] ، قال ما حملك ؟ وما أكثر ما ورد في السنة (ما هذا يا حاطب ؟ ما حملك على هذا يا حاطب ؟) ، (ما حملك ألا تصلي بالناس ؟) ، كما في حديث عمران بن حصين (ما حملك على كذا) ، هنا قال له هذه اللغة بين الإخوة ينبغي أن تسود حتى مع وجود الردود ومع وجود الأخطاء ، ما حملك على كذا ؟ ما حملك على هذا الفعل ؟ ما حملك على هذا القول ؟ قال شيخنا أبن العثيمين -رحمه الله تعالى- قال (من الأمور التي ينبغي أن يعتنى بها في معنى كلامه أن يسأل العالم ما حملك على هذا القول ؟ فلربما بسؤالك هذا نبهته إن كان غفل ولربما أبان لك وجهة نظر وساق لك مسألة ودليلاً ليس عندك فرجعت أنت إلى الصواب الشاهد قال ما حملك على هذا يا عمر ؟ (قال يا رسول الله دع الناس تعمل لا يتكلوا) ، دع الناس تعمل لا يتكلوا ، هذا الكلام الذي قاله الرسول -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- لعمر هل هو حق أم باطل ؟ حق يا إخوان حق من يشك في هذا وإلا ما الذي جعل النبي -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- يوافق عمر على أن يقول لأبي هريرة دع الناس تعمل خشية ما قال بعد ذلك لا يتكلوا ؟ ، مفسدة الإتكال وأن يفهم النص على غير وجهه وأن يفهم الحديث على غير وجهه إذا كان ذلك الجيل في ذلك العصر يخشى أن يحمل نص على غير وجهه فكيف اليوم ؟ كيف اليوم ؟ الأمر يحتاج رحمة بالمدعوين ما فقط أنت تريد أن تبرأ ذمتك ، وأنا سوف أبرأ ذمتي وأتكلم وخلاص واللي يحصل يحصل ، الناس تفهم ما تفهم ، الناس تتضارب تتقاتل ، الناس تعي ما تعي ، لا يهمني ، المهم أنا أنجو فقط لا لا لا لا لا ، (حدثوا الناس على قدر عقولهم أترديون أن يكذب الله ورسوله) ، (ما أنت بمحدثٍ قوماً حديثاً لا تبلغه عقولهم إلا كان لبعضهم فتنة) ، أئمتنا كانوا على هذا ، أعلامنا المعاصرون على هذا ، حامل لواء الراية وبحق كما قالها الإمام الألباني -رحمه الله- الشيخ ربيع -حفظه الله تعالى- هل كل مبتدع يرد عليه ؟ وهل كل من رد عليه طبع رده عليه مباشرة وانزله مقالة ؟ وهل وهل وهل وهل ؟ سير هؤلاء علمائنا في القديم والحديث كيف كانوا يتعاملون ؟ وماذا كانوا يراعون ؟ فلا بد من المراعاة لمصالح ومفاسد وأحوال وإعتبارات وإلا وقعت يا أخي في سوق أثر من أثار الغلو لما يحصل به من المفاسد وما يحصل به من الأمور فقد يخرج الرجل من السنة في حين يزعم أنه ينصر السنة غلواً كما خرجت طوائف قديماً وطوائف حديثاً بهذا الغلو وفي القراءات المبتورة والعجلة والقائمة على الأخذ ببطون بعض صحائف الكتب دون تتبع ما لأئمة الإسلام والكلام على ما كان من النوع الثالث والخطأ الذي يكون صادراً من عالم سنة كيف التعامل معه ؟ هناك فرق بين بدعة وصاحب بدعة ، هناك فرق بين بدعة صدرت من صاحب سنة ، هناك فرق بين صاحب سنة صدر منه خطأ علمي ، وهل الرد على هذا الخطأ العلمي ، الأن الصحابة -رضي الله عنهم- جاء عنهم في آثار كثيرة -رضي الله عنهم- كان يسمع الخطأ العلمي فيرد في حينه وجاء أيضاً عنهم وبأسانيد ثابتة أنه ربما سمع الخطأ فلم يرد في حينه خشية الفتنة ولكن يبين في مواضيع أخرى أو إذا وجد من يكفيه من أخوانه .
في الحقيقة أيها الإخوة الرد على المخالف عبادة عظيمة ما أجلها وما أعظمها لمن صلحت نيته وأتسم بالحلم والعلم قلمه ولسانه وجنانه فإنها والله من أفضل الأعمال وخصوصاً في هذا الزمان الذي كثر فيه التلبيس والدعوة إلى الباطل وتضليل المسلمين وتحريف الدين أصولاً وفروعاً من حيث يعني مسائل علمية ومسائل عملية وإنما ذكر أصول وفروع لما هو جار على الألسن .
المقصد أيها الإخوة إن الرد على المخالف من أجل العبادات وخصوصاً والله في هذا الزمان لو أن المرء بعد أداء فرائض الله وتركه ما حرم الله عليه لم يتفرغ من الأعمال الصالحة إلا لرد الباطل والرد على المخطىء لحسن نية ونية صادقة يبتغي بذلك حماية الدين ما هو أن يبني له عروشاً على أخطاء المخطئين حتى من علماء السنة لو أراد الواحد منا أن يبني له عرشاً وأبهةً وزخرفاً على أخطاء بعض أئمتنا لتتبعها وزبرها في كتاب وصار يشار إليه وقالوا ما شاء الله هذا يعني وقف على أوهام الإمام أحمد ، وقف على أوهام البخاري ليرفع بذلك يعني لكنه بناء على شفا جرفٍ هارٍ لأنه قال لك:

من ذا الذي ما ساء قط ومن له الحسنى فقط
من قال لك إن الأئمة لا يخطئون ؟ من قال إن العلماء قديماً وحديثاً لا يخطئون ؟ قد يعلمون أشياء وقد يجهلون ولكنهم لا يزالون علماء ولم يرتفع غير العالم لكونه وقف على ما لم يقف عليه العالم أبداً لا يزال هناك صغير وهناك كبيراً وهذا كما أشار إليه شيخ الإسلام أبن تيمية -رحمه الله- في منهاج السنة لما تحدث عن قصة الهدهد مع سليمان قال إن معرفة الهدهد بما لم يعرفه سليمان هذا لم ينقص من قدر سليمان ولم يرفع من قدر الهدهد ، أن يصير أفضل من سليمان ولا يمنع أن العالم الكبير يرجع عن وهمه إذا نبهه عليه الطالب الصغير كون الصغير قد وقف على خطأ الكبير هذا لا يدل على نقص الكبير ولا يدل على أن الصغير قد صار مثل الكبير فضلاً أن يكون أفضل منه ، وهذا ذكره -رحمه الله- في موضعين من منهاج السنة فيما يحضرني ولا أذكر الأن الجزء والصفحة .
الشاهد ايها الإخوة في الله:
قد أطلت عليكم ولكن علينا أن نحذر مسلك الغلو في كل شيء ومن ذلك الغلو في الردود سواءً من حيث تصوير الخطأ أو من حيث الحكم على المخطىء أو من حيث عدم المراعاة لما يتعلق بالمصالح والمفاسد وإقدار أفهام الناس خصوصاً في هذا الزمن الذي يعني إذا كان يخشى الفتنة والمضرة في حق أناس محدودين مقصورين فأحياناً قد تكون الفتنة في هذا الزمن الذي تعدت فيه الوسائل وأنتشرت وعمت وأصبح أبلد البلداء وأجهل الجهلاء بيده من الوسائل الحديثة التكنلوجية هذه منا يستطيع أن يتابع مواضع الشر ويتابع الأمر فيحتاج الإنسان إلى أن يدرك وأن يكون له أناة وتأن لا يعجل .
المقصد أيها الإخوة جميعاً أن نتجنب الغلو ولكن كما بدأت حديثي به أختم أن أولئك أهل الجفاء وإن كانوا هم أهل جفاء في مقابل أهل الباطل إلا إنهم في مقابلة اهل الحق هم غلو في أحكامهم ويصفون ظلماً أهل الحق بالغلو وثالثاً هم يسكتون عن أهل الغلو الحقيقيين الجديرين بهذا الوصف المستحقين له والمستحقين للذم به والتوبيخ عليه والرد عليهم به وبسببه .
وبهذا أكتفي وصلاة ربي وسلامه ورحمته وبركاته على عبده ورسوله محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين وأعتذر إليكم إن كنت قد أطلت وأشكر مرة أخرى من تقدم ذكرهم وأشكر أخي الشيخ أحمد -حفظه الله- على إتاحة الفرصة وقطعه عن أعماله في جهازه فأسأل الله التوفيق للجميع .
منقول من سحاب السلفية .