النتائج 1 إلى 5 من 5
  1. #1
    تاريخ التسجيل
    Nov 2012
    الدولة
    قسنطينة /الجزائر
    المشاركات
    384

    افتراضي الإيضاحات البينات شرح حديث إنما الأعمال بالنيات

    الإيضاحات
    البينات
    شرح حديث
    إنما الأعمال بالنيات

    إن الحمد لله، نحمده ونستعينه، ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له. وأشهد أن لا إله إلا اللهوحده لا شريك له – وأشهد أن محمداً عبده ورسوله.
    {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقّ تُقَاتِهِ وَلا تَمُوتُنَّ إِلاَّ و َأَنتُم مُّسْلِمُونَ}[ آل عمران : 102].
    {يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُم من نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيراً وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيباً}[النساء : 1].
    {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلاً سَدِيداً يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَن يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزاً
    عَظِيماً }[الأحزاب : 70_71].
    أما بعد : فإن أصدق الحديث كتاب الله وخير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم، وشر الأمور محدثاتها وكل محدثة بدعة وكل بدعة ضلالة وكل ضلالة في النار.
    أما بعد :
    فهذا عمل بسيط قمت فيه بجمع كلام أهل العلم فيما قدموه من شروحات لحديث إنما الأعمال بالنيات.
    إخوة الإيمان و الإسلام : لما رأيت الناس و خاصة العوام يبررون لمخالفاتهم الشرعية بهذا الحديث ، حملني ذلك على أن أقدم نصيحة لهؤلاء تذكيرا و تنبيها للغافلين عسى الله أن ينفعهم بها حتى يعرفوا ما هي النية و ما هي الأعمال و لما اشترطت النية و هل الأعمال المقصودة هنا هي الأعمال التعبدية مثل صلاة و زكاة أم الأعمال على عمومها؟ ، وقد سميت هذا الموضوع بـ:'' الإيضاحات البينات شرح حديث إنما الأعمال بالنيات'' فنسأل الله تعالى أن يوفقني لهذا العمل مع قلة زادي راجيا من الله تعالى أن ينفع به في الدارين
    هذا و صلى الله على نبينا محمد و آله و صحبه أجمعين.
    أخوكم :
    بلال بريغت الجزائري

    قسنطينة في :

    02 شعبان 1433.

    الموافق لـ: 22 جوان 2012.


    الحمدُ لله ربِّ العالمين، والصلاةُ والسلامُ على مَنْ أرسله اللهُ رحمةً للعالمين، وعلى آله وصَحْبِهِ وإخوانِه إلى يوم الدِّين، أمّا بعد:
    متن الحديث
    قال الإمام البخاري رحمه الله تعالى : ''حَدَّثَنَا ‏ ‏الْحُمَيْدِيُّ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الزُّبَيْرِ ‏ ‏قَالَ حَدَّثَنَا ‏ ‏سُفْيَانُ [1]‏ ‏قَالَ حَدَّثَنَا ‏ ‏يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ الْأَنْصَارِيُّ ‏ ‏قَالَ أَخْبَرَنِي ‏ ‏مُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ التَّيْمِيُّ ‏ ‏أَنَّهُ سَمِعَ ‏ ‏عَلْقَمَةَ بْنَ وَقَّاصٍ اللَّيْثِيَّ ‏ ‏يَقُولُ سَمِعْتُ ‏ ‏عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ ‏ ‏رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ‏ ‏عَلَى الْمِنْبَرِ ‏: قَالَ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ ‏ ‏صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ‏ ‏يَقُولُ ‏ ‏إِنَّمَا الْأَعْمَالُ ‏ ‏بِالنِّيَّاتِ ‏ ‏وَإِنَّمَا لِكُلِّ امْرِئٍ مَا نَوَى فَمَنْ كَانَتْ هِجْرَتُهُ إِلَى دُنْيَا ‏ ‏يُصِيبُهَا ‏‏أَوْ إِلَى امْرَأَةٍ يَنْكِحُهَا فَهِجْرَتُهُ إِلَى مَا هَاجَرَ إِلَيْهِ ‏''[2]


    قلت : هذه رواية البخاري برقم (1) دون لفظ :'' فمن كانت هجرته إلى الله ورسوله ، فهجرته إلى الله ورسوله ''
    قال ابن حجر رحمه الله : '' قال الخطابي‏:‏ وقع هذا الحديث في روايتنا وجميع نسخ أصحابنا مخروما قد ذهب شطره، ولست أدري كيف وقع هذا الإغفال، ومن جهة من عرض من رواته‏؟‏ فقد ذكره البخاري من غير طريق الحميدي مستوفى، وقد رواه لنا الإثبات من طريق الحميدي تاما، ونقل ابن التين كلام الخطابي مختصرا‏.‏ وفهم من قوله مخروما‏:‏ أنه قد يريد أن في السند انقطاعا، فقال من قبل نفسه لأن البخاري لم يلق الحميدي، وهو مما يتعجب من إطلاقه مع قول البخاري‏:‏ ‏"‏ حدثنا الحميدي ‏"‏ وتكرار ذلك منه في هذا الكتاب، وجزم كل من ترجمه بأن الحميدي من شيوخه في الفقه والحديث‏.‏
    وقال ابن العربي في مشيخته‏:‏ لا عذر للبخاري في إسقاطه لأن الحميدي شيخه فيه قد رواه في مسنده على التمام‏.‏
    قال‏:‏ وذكر قوم أنه لعله استملاه من حفظ الحميدي فحدثه هكذا فحدث عنه كما سمع أو حدثه به تاما فسقط من حفظ البخاري‏.‏
    قال‏:‏ وهو أمر مستبعد جدا عند من اطلع على أحوال القوم‏.‏
    وقال الداودي الشارح‏:‏ الإسقاط فيه من البخاري، فوجوده في رواية شيخه وشيخ شيخه يدل على ذلك انتهى‏.‏
    وقد رويناه من طريق بشر بن موسى وأبي إسماعيل الترمذي وغير واحد عن الحميدي تاما، وهو في مصنف قاسم بن أصبغ ومستخرجي أبي نعيم، وصحيح أبي عوانة من طريق الحميدي، فإن كان الإسقاط من غير البخاري فقد يقال‏:‏ لم اختار الابتداء بهذا السياق الناقص‏؟‏ والجواب قد تقدمت الإشارة إليه، وأنه اختار الحميدي لكونه أجل مشايخه المكيين إلى آخر ما تقدم في ذلك من المناسبة، وإن كان الإسقاط منه، فالجواب ما قاله أبو محمد علي بن أحمد بن سعيد الحافظ في أجوبة له على البخاري‏:‏ إن أحسن ما يجاب به هنا أن يقال‏:‏ لعل البخاري قصد أن يجعل لكتابه صدرا يستفتح به على ما ذهب إليه كثير من الناس من استفتاح كتبهم بالخطب المتضمنة لمعاني ما ذهبوا إليه من التأليف، فكأنه ابتدأ كتابه بنية رد علمها إلى الله، فإن علم منه أنه أراد الدنيا أو عرض إلى شيء من معانيها فسيجزيه بنيته‏.‏
    ونكب عن أحد وجهي التقسيم، مجانبة للتزكية التي لا يناسب ذكرها في ذلك المقام‏.‏ انتهى ملخصا‏.‏
    وحاصله أن الجملة المحذوفة تشعر بالقربة المحضة، والجملة المبقاة تحتمل التردد بين أن يكون ما قصده يحصل القربة أو لا، فلما كان المصنف كالمخبر عن حال نفسه في تصنيفه هذا بعبارة هذا الحديث، حذف الجملة المشعرة بالقربة المحضة، فرارا من التزكية، وبقي الجملة المترددة المحتملة تفويضا للأمر إلى ربه المطلع على سريرته المجازي له بمقتضى نيته‏.‏
    ولما كانت عادة المصنفين أن يضمنوا الخطب اصطلاحهم في مذاهبهم واختياراتهم، وكان من رأي المصنف جواز اختصار الحديث والرواية بالمعنى والتدقيق في الاستنباط، وإيثار الأغمض على الأجلى، وترجيح الإسناد الوارد بالصيغ المصرحة بالسماع على غيره، استعمل جميع ذلك في هذا الموضع بعبارة هذا الحديث متنا وإسنادا‏.‏
    وقد وقع في رواية حماد بن زيد، في باب الهجرة تأخر قوله‏:‏ ‏"‏ فمن كانت هجرته إلى الله ورسوله ‏"‏ عن قوله‏:‏ ‏"‏ فمن كانت هجرته إلى دنيا يصيبها‏"‏، فيحتمل أن تكون رواية الحميدي وقعت عند البخاري كذلك فتكون الجملة المحذوفة هي الأخيرة، كما جرت به عادة من يقتصر على بعض الحديث‏.‏ ‏
    وعلى تقدير أن لا يكون ذلك فهو مصير من البخاري إلى جواز الاختصار في الحديث ولو من أثنائه‏.‏
    وهذا هو الراجح، والله أعلم‏.‏
    وقال الكرماني في غير هذا الموضع‏:‏ إن كان الحديث عند البخاري تاما لم خرمه في صدر الكتاب، مع أن الخرم مختلف في جوازه‏؟‏ قلت‏:‏ لا جزم بالخرم، لأن المقامات مختلفة، فلعله - في مقام بيان أن الإيمان بالنية واعتقاد القلب - سمع الحديث تاما، وفي مقام أن الشروع في الأعمال إنما يصح بالنية سمع ذلك القدر الذي روي‏.‏
    ثم الخرم يحتمل أن يكون من بعض شيوخ البخاري لا منه، ثم إن كان منه فخرمه، ثم لأن المقصود يتم بذلك المقدار‏.‏
    فإن قلت‏:‏ فكان المناسب أن يذكر عند الخرم الشق الذي يتعلق بمقصوده، وهو أن النية ينبغي أن تكون لله ورسوله‏.‏
    قلت‏:‏ لعله نظر إلى ما هو الغالب الكثير بين الناس‏.‏ انتهى‏.‏
    وهو كلام من لم يطلع على شيء من أقوال من قدمت ذكره من الأئمة على هذا الحديث، ولا سيما كلام ابن العربي‏.‏
    وقال في موضع آخر‏:‏ إن إيراد الحديث تاما تارة وغير تام تارة إنما هو اختلاف الرواة، فكل منهم قد روى ما سمعه فلا خرم من أحد، ولكن البخاري يذكرها في المواضع التي يناسب كلا منها بحسب الباب الذي يضعه ترجمة له[3]، انتهى‏.‏ وكأنه لم يطلع حديث أخرجه البخاري بسند واحد من ابتدائه إلى انتهائه، فساقه في موضع تاما وفي موضع مقتصرا على بعضه، وهو كثير جدا في الجامع الصحيح، فلا يرتاب من يكون الحديث صناعته أن ذلك من تصرفه، لأنه عرف بالاستقراء من صنيعه أنه لا يذكر الحديث الواحد في موضعين على وجهين، بل إن كان له أكثر من سند على شرطه ذكره في الموضع الثاني بالسند الثاني وهكذا ما بعده، وما لم يكن على شرطه يعلقه في الموضع الآخر تارة بالجزم إن كان صحيحا، وتارة بغيره إن كان فيه شيء، وما ليس له إلا سند واحد يتصرف في متنه بالاقتصار على بعضه بحسب ما يتفق، ولا يوجد فيه حديث واحد مذكور بتمامه سندا ومتنا في موضعين أو أكثر إلا بادرا، فقد عنى بعض من لقيته بتتبع ذلك فحصل منه نحو عشرين موضعا‏.‏''[4]
    والرواية الأخرى التي ساقها البخاري رحمه الله جاءت في الإيمان: باب : ما جاء أنَّ الأعمال بالنيَّة والحسبة ولكلِّ امرئٍ ما نوى : قال : '' حدثنا عبد الله بن مسلمة قال أخبرنا مالك عن يحي بن سعيد عن محمد بن إبراهيم عن علقمة بن و قاص عن عمر أن رسول الله صلى الله عليه و سلم قال : إنما الأعمال بالنيّة ، وإنما لكل امرئ ما نوى ، فمن كانت هجرته إلى الله ورسوله ، فهجرته إلى الله ورسوله ، ومن كانت هجرته لدنيا يصيبها ، أو امرأة ينكحها ، فهجرته إلى ما هاجر إليه ''
    قال ابن حجر : قوله (الأعمال بالنية ) كذا أورده من رواية مالك بحذف إنما من أوله ، و قد رواه مسلم عن القعن و هو عبد الله بن مسلمة المذكور هنا بأثباتها [5]

    فائدة
    [هذا الحديث رواه الإمام مالك خارج الموطأ و الكلام عليه من وجهين :
    الأول : رواه مالك بإسناده الصحيح ، إلا أن العلماء اختلفوا : هل أدخله في الموطأ أو لا ؟
    و الثاني : روي عنه بإسناد مخالف لما رواه عنه الثقات من أصحابه.
    أما الوجه الأول : فقد بينا تخريجه عند البخاري برقم (54) و عند مسلم و النسائي من طريق عبد الله بن مسلمة القعنبي.
    و البخاري عن يحي بن قزعة.
    و النسائي في السنن (75،3437) من طريق ابن القاسم ، كلهم عن مالك ، عن يحي بن سعيد الأنصاري ، عن محمد ابن إبراهيم التيمي عن علقمة بن وقاص الليثي ، عن عمر ابن الخطاب رضي الله عنه .
    فالحديث أخرجه الأئمة المشهورون في كتبهم المعتمدة ، و لم يخرجه مالك في الموطأ بالروايات المشهورة كرواية يحي الليثي و أبي مصعب و ابن بكير و القعنبي و ابن القاسم و غيرهم .
    و خلاصة القول : إن حديث عمر بن الخطاب رضي الله صح من طريق مالك ، عن يحي بن سعيد ، عن محمد بن إبراهيم التيمي ، عن علقمة بن وقاص عن عمر ، خارج الموطأ و اعتمده الشيخان.][6]
    و لمزيد من التفصيل راجع مقال أحاديث الإمام مالك خارج الموطأ للشيخ رضا أبو شامة حفظه الله.

    متن الحديث بجميع ألفاظه
    عن أمير المؤمنين أبي حفص عمر بن الخطاب رضي الله عنه ، قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول :'' إنما الأعمال بالنيّات ، وإنما لكل امرئ ما نوى ، فمن كانت هجرته إلى الله ورسوله ، فهجرته إلى الله ورسوله ، ومن كانت هجرته لدنيا يصيبها،أو امرأة ينكحها،فهجرته إلى ما هاجر إليه ''[7]

    ترجمة راوي الحديث
    هو أمير المؤمنين أبي حفص عمر بن الخطاب[8] بن نفيل بن عبد العزى بن رياح بن عبد الله بن قُرطِ بن رزاحِ بن عدي بن كعب بن لؤي بن غالب القرشي العدوي استشهد في أواخر ذي الحجة سنة ثلاث وعشرين ، وأمه حنتمة بنت هشام المخزومية أخت أبي جهل ، أسلم في السنة السادسة من النبوة وله سبع وعشرون سنة .
    روى عنه : علي ، وابن مسعود ، وابن عباس ، وأبو هريرة ، وعدة من الصحابة ، وعلقمة بن وقاص ، وقيس بن أبي حازم ، وطارق بن شهاب ، ومولاه أسلم ، وزر بن حبيش ، وخلق سواهم.[9]

    غريب الحديث
    النية :
    [النيّة في -الاشتقاق اللغويّ- مصدر نوى الشيء ينويه نيّةً ونواةً، وأصلها '' نِوْيَة'' بكسر النّون وسكون الواو، ووزنها فِعْلَة اجتمعت الواو والياء وسُبِقَتْ إحداهما بالسّكون فقُلبتِ الواو ياءً وأُدغمت في الياء.[10]
    و قال الشيخ أبي عبد المعز محمد علي فركوس –حفظه الله : والنّيّة وإن كانت مصدرًا فإنّها تُجمع على نيّاتٍ باعتبار تنوّعها.[11]
    والنّيّة في مدلولها اللّغويّ تدور على القصد، وإن كان غالب استعمالها على العزم''.
    قال الفيوميّ: ''خُصّت النّيّة في غالب الاستعمال بعزم القلب على أمرٍ من الأمور''[12]
    وجاء في اللّسان : '' نويتُ نيّةً ونواةً أي عزمتُ وانتويتُ مثله''[13]

    أما في الاصطلاح الشرعي :
    و لها ثلاثة معانٍ:
    1/ أعَمُّ.
    2/عامٌ .
    3/خاصٌّ.
    01/ النّيّة بمعناها الأعمّ: عرفها ابن القيم رحمه الله بـ : ''عمل القلب ''[14] و جاء في تعريف التّيمي رحمه الله تعالى (ت: 172): أنها :'' وجهة القلب ''[15]
    02/ النّيّة بمعناها العامّ: فقد عرّفها القرافي بأنها: '' قصد الإنسان بقلبه ما يريده بفعله''[16] .
    وعرفها القاضي البيضاويّ رحمه الله (ت: 685) بأنّها: ''عبارةٌ عن انبعاث القلب نحو ما يراه موافِقًا لغرضٍ من جلب نفعٍ أو دفع ضرٍّ حالاً أو مآلًا''[17]
    03/ أمّا النّيّة بمعناها الخاصّ: فقد عرّفها البيضاويّ رحمه الله (ت: 685) ـ أيضًا ـ بأنّها: '' الإرادة المتوجّهة نحو الفعل ابتغاءً لوجه الله تعالى وامتثالاً لحكمه''[18].
    أو هي: '' قصد الطّاعة والتّقرّبُ إلى الله تعالى في إيجاد الفعل أو الكفِّ عنه'' [19].
    الأعمال :
    العمل في اللغة: هو ''حركة البدن فيشمل القول ويُتجوَّز به عن حركة النفس ''[20]
    أما في الإصطلاح : '' العمل إحداث أمرٍ قولاً كان أو فعلاً بالجارحة أو بالقلب''[21] .
    و يؤيد هذا التعريف لما سئل النبي صلى الله عليه و سلم '': أَيُّ العَمَلِ أَفْضَلُ؟ فَقَالَ:إِيمَانٌ بِاللهِ وَرَسُولِهِ''[22]
    و لهذا اشترط بعض العلماء النيَّةَ في أعمال القلوب بناءً على التعريف و حديث أي الأعمال أفضل يقوي اشتراطهم النيَّة لأعمال القلوب لكونها مشمولةً بقوله صلَّى الله عليه وسلَّم: إِنَّمَا الأَعْمَالُ بِالنِّيَّاتِ.][23]

    المعنى الإجمالي للحديث
    يعد هذا الحديث '' من أعظم الأحاديث ''و به صدر البخاري (صحيحه) ، و أقامه مقام الخطبة له ، إشارة منه إلى أن كل عمل لا يراد به و جه الله فهو باطل ، لا ثمرة له في الدنيا و لا في الآخرة ، ولهذا قال عبد الرحمن بن مهدي : لو صنَّفتُ الأبواب ، لجعلت حديث عمر في الأعمال بالنية في كل باب ، و عنه أنه قال : من أراد أن يصنف كتابا ، فليبدأ بحديث[24] (الأعمال بالنيات) ''[25].
    و هذا الحديث تفرد بروايته يحي بن سعيد الأنصاري، عن محمد بن إبراهيم التيمي ، عن علقمة بن و قاص الليثي ، عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه ، و ليس له طريق يصح غير هذا الطريق، كذا قال علي بن المديني و غيره[26] ، و قال الخطابي : لا اعلم خلافا بين أهل الحديث في ذلك ، مع أنه قد روي من حديث أبي سعيد و غيره ، و قد قيل روي من طرق كثيرة ، لكن لم يصح من ذلك شيء عند الحفاظ.
    ثم رواه عن الأنصاري الخلق الكثير و الجم الغفير ، فقيل : رواه عنه أكثر من مئتي راو،و قيل : رواه عنه سبعمئة راو ، و من أعيانهم مالك ، و الثوري ، و الأوزاعي ، و ابن المبارك ، و الليث بن سعيد ، و حماد بن زيد ، و شعبة ، و ابن عيينة ، و غيرهم.[27]
    و هذا الحديث يعد من الأحاديث التي يدور عليها الدين ، فروي عن الشافعي أنه قال : هذا الحديث ثلث العلم ، و يدخل في سبعين بابا من الفقه.[28]
    و قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله : '' و المعنى الذي دل عليه هذا الحديث أصل عظيم من أصول الدين ، بل هو أصل كل عمل ، و لهذا قالوا : مدار الإسلام على ثلاثة أحاديث فذكروه منها ، كقول
    أحمد[29] حديث : (إنما الأعمال بانيات) و ( من عمل عملا ليس عليه أمرنا فهو رد )[30] و ( الحلال بين و الحرام بين)[31]''[32]

    قال الحافظ أبي الحسن طاهر بن مفِّوز المعافري الأندلسي[33] :
    عمدة الدين عندنا كلمات ***أربع من خير كلام البرية.
    اتق الشبهات و ازهد و دع ما *** ليس يعنيك و اعملن بنية[34]
    شرح الحديث
    قال رَسُولَ اللَّهِ ‏ ‏صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ‏ ‏:'' ‏ ‏إِنَّمَا الْأَعْمَالُ ‏ ‏بِالنِّيَّاتِ ‏ ‏وَإِنَّمَا لِكُلِّ امْرِئٍ مَا نَوَى فمن كانت هجرته إلى الله ورسوله ، فهجرته إلى الله ورسوله ، و مَنْ كَانَتْ هِجْرَتُهُ إِلَى دُنْيَا ‏ ‏يُصِيبُهَا ‏ ‏أَوْ إِلَى امْرَأَةٍ يَنْكِحُهَا فَهِجْرَتُهُ إِلَى مَا هَاجَرَ إِلَيْهِ ''
    إنما : أداة حصر[35] تثبت الحكم لما بعدها و تنفيه عما قبلها ، كما في قوله تعالى : ( إنما الصدقات للفقراء و المساكين ) [التوبة 60] فهي من أدوات الحصر[36] ، و الحصر معناه : إثبات الحكم لما بعدها ، و نفيه عما قبلها .
    و قوله '' إنما الأعمال[37] '' : أي اعتبار الأعمال عند الله جلا و علا ''بالنيات'' أي بمقاصد أصحابها [38].
    و منهم من قال :'' أن تقديره الأعمال صحيحة ، أو معتبرة ، أو مقبولة بالنيات ، و على هذا فالأعمال إنما أريد بها الأعمال الشرعية المفتقرة إلى النية ''[39] ، '' هذا ما يدل عليه الحديث ، و هو من جوامع الكلم ، فقوله صلى الله عليه و سلم : '' إنما الأعمال بالنيات '' أي : بحسب مقاصد أصحابها و توجهاتهم ، فينبغي للمسلم أن يخلص نيته لله في كل عمل يعمله من الأعمال الصالحة ، فالمراد بالأعمال هنا العبادات ، أما الأعمال الدنيوية فهذه لا تحتاج إلى نية ، مثل أن يأكل أو يشرب أو يلبس ثيابه أو يركب سيارته ، هذه لا تحتاج إلى نية ، و إنما المقصود بالأعمال أعمال الطاعات فهي التي لا بد أن تؤسس على نية ''.[40]
    و قال آخرون : '' بل الأعمال هنا على عمومها[41] ، لا يخص منها شيء ''[42] ، و قال ابن دقيق العيد : '' الذين اشترطوا النية قدروا صحة الأعمال بالنيات أو ما يقاربه ، و الذين لم يشترطوها قدروا كمال الأعمال بالنيات أو ما يقاربه''[43].
    و قال ابن حجر : '' و قد ذكر ابن المنير ضابطا لما يشترط فيه النية مما لا يشترط فقال : كل عمل لا تظهر له فائدة عاجلة بل المقصود به طلب الثواب فالنية مشترطة فيه ، و كل عمل ظهرت فائدته ناجزة و تعاطته الطبيعة قيل الشريعة لملائمة بينهما فلا تشترط النية فيه إلا لمن قصد بفعله معنى آخر يترتب عليه الثواب.قال : و إنما اختلف العلماء في بعض الصور من جهة تحقيق مناط التفرقة قال : و أما ما كان من المعاني المحضة كالخوف و الرجاء فهذا لا يقال باشتراط النية فيه ، لأنه لا يمكن أن يقع إلا منويا ، و متى فرضت النية مفقودة فيه استحالت حقيقته ، فالنية فيه شرط عقلي ، و لذلك لا تشترط النية للنية فرارا من التسلسل . و أما الأقوال : فتحتاج إلى النية في ثلاثة مواطن : أحدهما التقرب إلى الله فرارا من الرياء . و الثاني التمييز بين الألفاظ المحتملة لغير المقصود . و الثالث قصد الإنشاء ليخرج سبق اللسان.''[44] إ.هـ.
    و قد قيل :'' تقدير الكلام :الأعمال واقعة ، أو حاصلة بالنيات ، فيكون إخبارا عن الأعمال الاختيارية أنها لا تقع إلا عن قصد من العامل و هو سبب عملها ووجودها [45]، و يكون قوله بعد ذلك : '' إنما لكل امرئ ما نوى ''إخبارا عن حكم الشرع ، و هو أن حظ العامل من عمله نيته ، فإن كانت صالحة فعمله صالح ، فله أجره ، فإن كانت فاسدة فعمله فاسد ، فعليه وزره''.[46]
    قال ابن رجب : وقوله صلى الله عليه و سلم '' : وإنما لكل امرئ ما نوى'' : '' إخبار أنه لا يحصل له من عمله إلا ما نواه به ، فإن نوى خيرا حصل له خير ، وإن نوى به شرا حصل له شر ، وليس هذا تكريرا محضا للجملة الأولى ، فإن الجملة الأولى دلت على أن صلاح العمل وفساده بحسب النية المقتضية لإيجاده ، والجملة الثانية دلت على أن ثواب العامل على عمله بحسب نيته الصالحة ، وأن عقابه عليه بحسب نيته الفاسدة ، وقد تكون نيته مباحة ، فيكون العمل مباحا ، فلا يحصل له ثواب ولا عقاب ، فالعمل في نفسه صلاحه وفساده وإباحته بحسب النية الحاملة عليه ، المقتضية لوجوده ، وثواب العامل وعقابه وسلامته بحسب النية التي بها صار العمل صالحا ، أو فاسدا ، أو مباحا .''[47]
    قلت : و لهذا يكون العمل تابع للنية خيراً وشراً.
    و مع هذا فمجرد حسن النية غير كاف إذا كان العمل غير صواب ولا موافقا للشرع، لأن الإنسان كما كلف بإصلاح نيته فقد كلف أيضا بإصلاح عمله، ولا تصلح النية الصالحة العمل الفاسد،فكثير من الناس يفعل أمور مخالفة للشرع و في حالة إنكارك عليه يقول لم أقصد فالأعمال بالنيات ، و هذا خطأ لأن هذا الحديث '' يبين العمل الباطن ، وأن التقرب إلى الله إنما يكون بالإخلاص في الدين لله؛ كما قال الفضيل في قوله تعالى‏:‏ ‏{‏لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا‏}‏ ‏[‏الملك‏:‏ 2‏]‏ ، قال‏:‏ أخلصه وأصوبه، قال‏:‏ فإن العمل إذا كان خالصًا، ولم يكن صوابًا لم يقبل، وإذا كان صوابًا، ولم يكن خالصًا لم يقبل، حتى يكون خالصًا صوابًا‏.‏ والخالص‏:‏ أن يكون لله، والصواب‏:‏ أن يكون على السنة ''[48]، إذا يتبين هنا أن كل أمر لا يكون خالصا و صوابا لا يقبل ، فالرسول أمر بألا يخلوا الرجل الأجنبي بالمرأة الأجنبية [49]، و أنت تقول قصدي طيب لأني أريدها للزواج ، نقول لهذا المسكين أنت مخطئ و عملك باطل و إن كانت نيتك حسنة ، فعملك هذا لم يكن صوابا أي لم يكن موافقا للسنة ، و قس على هذا من يسب الله عزوجل[50] و يقول لا أقصد و من يتعامل مع البنوك الربوية و يقول قصدي طيب أريد المال لخدمة الإسلام[51] و غيرها من الحجج الواهية كبيت العنكبوت.
    وقد قال الغزالي في الإحياء: '' المعاصي لا تتغير إلى طاعات بالنية، فلا ينبغي أن يفهم الجاهل ذلك من عموم قوله: إنما الأعمال بالنيات ـ فيظن أن المعصية تتقلب طاعة.''[52] اهـ
    وقال أيضا: '' والنية لا تؤثر في إخراجه عن كونه ظلما وعدوانا، بل قصده الخير بالشر على خلاف مقتضى الشرع شر آخر، فإن عرفه فهو معاند للشرع، وإن جهله فهو عاص بجهله، إذ طلب العلم فريضة على كل مسلم.''[53] اهـ.
    لهذا كما قال العلماء مدار الإسلام على ثلاثة أحاديث فذكروه منها، كقول الإمام أحمد حديث‏:‏ ‏(‏إنما الأعمال بالنيات‏)‏، و‏(‏مَنْ عمل عملا ليس عليه أمرنا فهو رد‏)[54]‏ ، فهذان الحديثان كما قال أهل العلم: '' يجمعان الدين كله ''[55]، فالأول لعمل الباطن و الثاني للعمل الظاهر .
    [والحكمة من مشروعيّة النّيّة تظهر في شقّين، ويستتبع بفرعٍ عنهما :: الشّقّ الأوّل: تمييز العبادات عن العادات

    فالنّيّة تميّز بين العبادات والعادات لوجود تداخُلٍ وشراكةٍ بينهما، حيث إنّ أكثر العبادات لها مثيلٌ في العادات، الأمر الذي يقتضي وجوب التّمييز بينهما، لذلك شُرِعَتِ النّيّةُ لأجل هذه الحكمة في شقّها الأوّل[56]
    فمِن أمثلة ذلك ما يلي:
    الغسل: فقد يكون للعبادة ابتغاءَ الأجر كالغسل من الأحداث، وقد يكون لغرض التّبرّد والتّنظّف والاستحمام وإزالة الأقذار أو يكون للمداواة. وتردّدُ الغسل بين هذه المقاصد يستدعي نيّةً تميّز بينها لينالَ فاعله الثّواب باعتبار فعله قربةً إلى الله عزّ وجلّ عمّا يُفْعَل عادةً لأغراضِ العبادِ.
    الجلوس في المسجد: قد يكون لمجرَّد ابتغاء الرّاحة فيعدّ من العادات، وقد يكون انتظارًا للصّلاة أو لغرض الاعتكاف فيكون من العبادات، ولا يفرِّق بين الفعلين السّابقَيْنِ إلاّ النّيّة المميِّزة.
    الإمساك عن المفَطِّرات: قد يصوم الممسك عن المفَطِّرات قربةً لله تعالى فيعدّ من العبادات، وقد يكون إمساكه عنها لغرض الحمية أو التّداوي، أو لعدم الحاجة إليها فيكون من العادات، فوجبَتِ النّيّة ليحصلَ التّمييز بين الذي لله عزّ وجلّ وبين ما عداه.
    الضّحايا والهدايا: فقد يتردّد الذّبح بين مقاصدَ مختلفةٍ، فقد يكون لتغذية الأبدان وضيافة الضّيفان فيكون مشروعًا مباحًا أو مستحَبًّا، أو يضحّي تقرُّبًا إلى الله تعالى فتكونُ أضحيته المقدَّمة عبادةً مأجورًا عليها، أو يذبح لغير الله تقرُّبًا لقبرٍ أو صنمٍ فيكونُ شركًا محرَّمًا، مأزورًا صاحبُه مؤاخَذًا عليه، فلمّا تردّد الذّبحُ بين هذه المقاصد وجب تمييز ما يُتقرَّب به إلى الله تعالى عمّا يفعله لغيره، لأنّ النّيّة تؤثّر في الفعل الواحد فيصير بها تارةً حرامًا وتارةً حلالاً[57]
    دفع المال: متردِّدٌ بين غرضٍ دنيويٍّ كالهبة والهديّة وغيرهما من سائر التّبرّعات وبين غرضٍ أخرويٍّ يُتقرَّب به إلى الله تعالى امتثالاً لأمره كالزّكاة والصّدقات والكفّارات، والنّيّة تميّز بين هذه الأفعال.][58]
    قوله صلى الله عليه و سلم : ''فمن كانت هجرته إلى الله ورسوله فهجرته إلى الله ورسوله، ومن كانت هجرته إلى دنيا يصيبها، أو امرأة ينكحها فهجرته إلى ما هاجر إليه''[59].
    الهجرة
    مأخوذة من الهجر[60]، وهو الترك، وتكون بترك بلد الخوف إلى بلد الأمن، كالهجرة من مكة إلى الحبشة، وتكون من بلاد الكفر إلى بلاد الإسلام، كالهجرة من مكة إلى المدينة، وقد انتهت الهجرة إليها بفتح مكة[61]، والهجرة من بلاد الشرك إلى بلاد الإسلام باقية إلى قيام الساعة.[62]
    أي بعبارة مبسطة : أن ينتقل الإنسان من دار الكفر إلى دار الإسلام.[63]
    وقوله: (فمن كانت هجرته إلى الله ورسوله فهجرته إلى الله ورسوله) اتحد فيه الشرط والجزاء، والأصل اختلافهما، والمعنى: من كانت هجرته إلى الله ورسوله نية وقصداً فهجرته إلى الله ورسوله ثواباً وأجراً، وبهذا يحصل التغاير[64].
    قال ابن رجب :'' لما ذكر صلى الله عليه وسلم أن الأعمال بحسب النيات، وأن حظ العامل من عمله نيته من خير أو شر، وهاتان كلمتان جامعتان، وقاعدتان كليتان لا يخرج عنهما شيء، ذكر بعد ذلك مثالاً من أمثال الأعمال التي صورتها واحدة، ويختلف صلاحها وفسادها باختلاف النيات، وكأنه يقول: سائر الأعمال على حذو هذا المثال.
    وقال أيضاً: فأخبر النبي صلى الله عليه وسلم أن هذه الهجرة تختلف باختلاف النيات والمقاصد بها، فمن هاجر إلى دار الإسلام حباً لله ورسوله، ورغبة في تعلم دين الإسلام، وإظهار دينه الذي قد يعجز عنه في دار الشرك، فهذا هو المهاجر إلى الله ورسوله حقاً، وكفاه شرفاً وفخراً أنه حصل له ما نواه من هجرته إلى الله ورسوله.
    ولهذا المعنى اقتصر في جواب هذا الشرط على إعادته بلفظه؛ لأن حصول ما نواه بهجرته نهاية المطلوب في الدنيا والآخرة، ومن كانت هجرته من دار الشرك إلى دار الإسلام لطلب دنيا يصيبها، أو امرأة ينكحها في دار الإسلام، فهجرته إلى ما هاجر إليه من ذلك، فالأول: تاجر، والثاني خاطب، وليس واحد منهما بمهاجر.
    وفي قوله: (إلى ما هاجر إليه) تحقير لما طلبه من أمر الدنيا، واستهانة به، حيث لم يذكره بلفظه.
    وأيضا الهجرة إلى الله ورسوله واحدة، فلا تعدد فيها، فلذلك أعاد الجواب فيها بلفظ الشرط، والهجرة لأمور الدنيا لا تنحصر، فقد يهاجر الإنسان لطلب دنيا مباحة تارة، ومحرمة أخرى، وأفراد ما يقصد بالهجرة من أمور الدنيا لا تنحصر، فلذلك قال: (فهجرته إلى ما هاجر إليه ) يعني: كائناً ما كان.
    و بعبارة مبسطة : قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله تعالى : '' ... و لهذا قال النبي صلى الله عليه و سلم (فهجرته إلى ما هاجر إليه) , لم يقل ( فهجرته لدنيا يصيبها أو امرأة ينكحها) فلماذا؟
    قيل : لم ينص عليهما ، احتقارا لهما ، و إعراضا عن ذكرهما ، فلأنهما حقيران ، أي الدنيا و الزوجة ، و نية الهجرة التي هي من أفضل الأعمال لإرادة الدنيا و المرأة ، نية منحطة سافلة ، قال : ( فهجرته إلى ما هاجر إليه) فلم يذكر ذلك احتقارا ، لأنها نية فاسدة منحطة.''[65]
    قلت : صدق الشيخ ابن عثيمين رحمه الله فهذه النية منحطة فكل ما يتعلق بالدنيا منحط لأن الدنيا في أصلها منحطة و هذا ما سبينه إن شاء الله تعالى .
    الدنيا
    ما هي الدنيا ؟:

    الكثير من الناس أصبح حالهم حال المعظم للدنيا و كأنهم خلقوا لتعظيمها ، و مما لا يعلمه هؤلاء أن الدنيا من الأمور التي حقرها ربنا سبحانه و تعالى ، فلو علموا مدى حقارتها لما تمسكوا بها و لكن أكثرهم لا يعلمون و الله المستعان.
    تعريف الدنيا :
    [الدنيا هي حياتنا التي نعيش فيها و سميت دنيا لأسباب :
    السبب الأول : أنها أدنى من الآخرة لأنها قبلها كما قال تعالى :( وللآخرة خير لك من الأولى ) [الضحى : 4]
    السبب الثاني : أنها دنيئة ليست بشيء بالنسبة للآخرة[66]
    قال سفيان الثوري رحمه الله : إنما سميت الدنيا لأنها دنيئة و سمي المال لأنه يميل بأهله [67]
    السبب الثالث : لدنوها من القلب قال بندار الصوفي : '' الدنيا ما دنا من القلب و شغل عن الحق''[68]][69]
    قال الحسن البصري رحمه الله تعالى : '' إياكم و ما شغل من الدنيا فإن الدنيا كثيرة الأشغال لا يفتح رجل على نفسه باب شغل إلا أوشك ذلك الباب أن يفتح عليه عشرة أبواب''[70]
    و قال ابن القيم رحمه الله تعالى : '' و محب الدنيا لا ينفك من ثلاث : هم لازم و تعب دائم و حسرة لا تنقضي و ذلك أن محبها لا ينال منها شيئا إلا طمحت نفسه إلى ما فوقه كما في الحديث الصحيح عن النبي صلى الله عليه و سلم : ( لو كان لابن آدم واديان من مال لابتغى لهما ثالثا)[71] ، و قال بعضهم : من أراد الدنيا فليتهيأ للذل ''[72]
    و الأدلة من القرآن و السنة كثيرة في ذم الدنيا و احتقارها منها قوله تعالى : }كل نفس ذائقة الموت وإنما توفون أجوركم يوم القيامة فمن زحزح عن النار وأدخل الجنة فقد فاز وما الحياة الدنيا إلا متاع الغرور{[آل عمران : 185]
    قال سعيد بن جبير رحمه الله تعالى :( وما الحياة الدنيا إلا متاع الغرور ):متاع الغرور لمن يشتغل فيها بطلب الآخرة ، ومن اشتغل بطلبها فله متاع بلاغ إلى ما هو خير منه[73]
    و قوله تعالى : }إِنَّمَا مَثَلُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا كَمَاء أَنزَلْنَاهُ مِنَ السَّمَاءِ فَاخْتَلَطَ بِهِ نَبَاتُ الأَرْضِ مِمَّا يَأْكُلُ النَّاسُ وَالأَنْعَامُ حَتَّىَ إِذَا أَخَذَتِ الأَرْضُ زُخْرُفَهَا وَازَّيَّنَتْ وَظَنَّ أَهْلُهَا أَنَّهُمْ قَادِرُونَ عَلَيْهَا أَتَاهَا أَمْرُنَا لَيْلاً أَوْ نَهَاراً فَجَعَلْنَاهَا حَصِيداً كَأَن لَّمْ تَغْنَ بِالأَمْسِ كَذَلِكَ نُفَصِّلُ الآيَاتِ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ{ [يونس:24]
    و من السنة قوله عليه الصلاة و السلام : '' من أصبح والدنيا أكبرهمه شتت الله شمله وجعل فقره بين عينيه ولم يأته من الدنيا إلا ماكتب له , ومن أصبح والآخرة أكبر همه جمع الله شمله وجعل غناه في قلبه وأتته الدنيا وهي راغمة''[74]
    قال ابن قيم رحمه الله تعالى : '' من عشق الدنيا نظرت إليه قدرها عنده فصيرته من خدمها و عبيدها و أذلته و من أعرض عنها نظرت إلى كبر قدره فخدمته و ذلت له''[75]
    و عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما قال : أخذ رسول الله صلى الله عليه و سلم بمنكبي فقال : '' كن في الدنيا كأنك غريب أوعابر سبيل'' . و كان ابن عمر يقول : إذا أمسيت فلا تنتظر الصباح و إذا أصبحت فلا تنتظر المساء و خذ من صحتك لمرضك و من حياتك لموتك [76]
    فاحذر أخي المسلم أن تكون نيتك لمن حُقر عند الله فهذه الدنيا لا تساوي عن الله جناح بعوضة فكيف عظمت انت ماهو دون جناح البعوض؟ و قد '' قيل لحكيم : أي خلق الله أصغر؟ قال : الدنيا إذا كانت لا تعدل عند الله جناح بعوضة فقال السائل : من عظم هذا الجناح فهو أحقر منه ''[77]
    فعن سهل بن سعد رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : '' لو كانت الدنيا تعدل عند الله جناح بعوضة ما سقى كافرا منها شربة ماء ''[78]
    قال ابن القيم :
    لو ساوت الدنيا جناح بعوضة **** لم يسق منها الرب ذا كفران.
    لكنها و الله أحقر عنده **** من ذا الجناح القاصر الطيران.[79]
    و لهذا قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله : '' فالنظر إلى متاع الدنيا على وجه المحبة و التعظيم لها و لأهلها منهي عنه و النظر إلى المخلوقات العلوية و السفلية على وجه التفكر و الإعتبار مأمور به مندوب إليه.''[80]
    و لكن إخواني لا يفهم من هذا أننا نحرم العمل كما يعتقد بعض الجهال الذين يتسرعون في الأحكام بسبب فهمهم السقيم فالمقصود هنا لا تؤثر الدنيا على حساب الآخرة ، اعمل فنحن نحتاج إلى الفلاح و نحتاج إلى الطبيب و المهندس و لكن لا تنسى ذكرك لله ، فالكثير من الناس اليوم يعمل الليل مع النهار و لا يترك و لو نصف ساعة للذكر و كأنه خلق للعمل لا للعبادة ، يا أخي اعمل لتعين نفسك على العبادة و احرص على الكسب الحلال فعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّ اللهَ طَيِّبٌ لاَ يَقْبَلُ إِلاَّ طَيِّبًا، وَإِنَّ اللهَ تَعَالَى أَمَرَ الْمُؤْمِنِينَ بِمَا أَمَرَ بِهِ الْمُرْسَلِينَ فَقَالَ : ﴿يَا أَيُّهَا الرُّسُلُ كُلُوا مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَاعْمَلُوا صَالِحًا إِنِّي بِمَا تَعْمَلُونَ عَلِيمٌ﴾، وَقَالَ تَعَالَى : ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ ءامَنُواْ كُلُواْ مِن طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ﴾ ، ثُمَّ ذَكَرَ الرَّجُلَ يُطِيلُ السَّفَرَ أَشْعَثَ أَغْبَرَ يَمُدُّ يَدَيْهِ إِلَى السَّمَاءِ يَا رَبُّ يَا رَبُّ ، وَمَطْعَمُهُ حَرَامٌ وَمَشْرَبُهُ حَرَامٌ وَمَكْسَبُهُ حَرَامٌ، وَغُذِيَ بِالْحَرَامِ فَأَنَّى يُسْتَجَابُ لِذَلِكَ".[81]
    و عن المقدام رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه و سلم قال : '' ما أكل أحد طعاما قط خيرا من أن يأكل من عمل يده وإن نبي الله داود عليه السلام كان يأكل من عمل يده ''[82]
    هكذا رغب الإسلام في الكسب الحلال فما بال الناس اليوم لا تبالي أمن الحلال أمن الحرام كما جاء عن أبي هريرة رضي الله عنه : عن النبي صلى الله عليه و سلم قال : ليأتين على الناس زمان لا يبالي المرء بما أخذ أمن حلال أم من حرام''[83]
    و ختما أقول : اخلص أخي المسلم في عبادتك لله وحده و كفاك من الاستهزاء و صحح نيتك و الزم الجادة و تمسك بهدي النبي صلى الله عليه و سلم و احرص على توجيه نياتك على الباقيات و كفاك من الفانيات ، أخي المسلم '' اعلم أن الدنيا دار ظغن و ليست بدار إقامة فعليك أن تتخلص من أسرها و قيدها و أن تنجي نفسك من شراكها و شباكها فيا من اشرب قلبه حب الدنيا النجاة النجاة و يا من وقع في أسرها وقيودها الفكاك الفكاك''[84] ، هذا ما استطعنا جمعه مع قلة زادي [85] فالحمد لله على توفيقه ، فإن أصبت فمن الله و إن أخطأت فمن نفسي و من الشيطان ، فأسال الله أن يتجاوز عني كل زلة أو هفوة مني في هذا البحث الصغير، ولا ادعي الكمال فـالكمال لله وحده سبحانه وتعالى ، قال ابن رجب رحمه الله: " ويأبى الله العصمة لكتاب غير كتابه ، والمنصف من اغتفر قليل خطأ المرء في كثير من صوابه''[86]
    قال المُزَنِي رحمه الله : " قرأتُ كتاب الرسالة على الشافعي ثمانين مرة ، فما من مرة إلا وكان يقف على خطأ ! فقال الشافعيّ : هيْه ! أبى الُله أن يكون كتابًا صحيحًا غير كتابه''[87]
    ورحم الله العماد الأصفهاني فقد قال: " إني رأيتُ أنه لا يكتب إنسان كتابًا في يومه إلى قال في غده: لو غير هذا لكان أحسن ، ولو زيد كذا لكان يستحسن ، ولو قدم هذا لكان أفضل ، ولو ترك هذا لكان أجمل ، وهذا من أعظم العبر وهو دليل على استيلاء النقص على جملة البشر "[88].

    هذا و آخر دعوانا أن الحمد لله ربّ العالمين، وصلّى الله على محمّد وعلى آله وصحبه وإخوانه إلى يوم الدّين، وسلّم تسليمًا.

    أخوكم :
    بلال الجزائري
    قسنطينة في :
    28 ذو الفعدة 1433.
    الموافق لـ: 14 أكتوبر 2012.


    [1] : وهو سفيان بن عيينة رحمه الله تعالى.

    [2] : فقد روى هذا الحديث جمع من الأئمة أصحاب المصنفات، ومنهم البخاري في أول الصحيح برقم (1) ، و في الإيمان باب ما جاء أنَّ الأعمال بالنيَّة والحسبة ولكلِّ امرئٍ ما نوى (54)، ومسلم في الإمارة (1907)، من حديث عمر بن الخطَّاب رضي الله عنه.، والترمذي (1647)، وأبو داود في سننه(2201)، والنسائي في سننه الكبرى (78) و (4736)و (5630) وفي سننه الصغرى، وابن ماجه(4227) ، وابن خزيمة في صحيحه(142) و (143) و (455)، والبيهقي في سننه الكبرى وفي سننه الصغرى وفي الزهد الكبير، والدارقطني في سننه، والإمام أحمد في مسنده، والحميدي في مسنده، وأبو داود الطيالسي في مسنده، والبزار في مسنده(257)، وأبو عوانة في مسنده، والقضاعي في مسند الشهاب، والطبراني في معجمه الأوسط، والطحاوي في شرح معاني الآثار، والطبري في تهذيب الآثار، وهناد في الزهد، وابن المبارك في الزهد.(188)

    [3] : و هذا هو الذي امتاز به البخاري رحمه الله ، فكما قال أهل العلم هذا يدل على فقه البخاري.

    [4] : الفتح (1/15-16).

    [5] : انظر الفتح (1/136).

    [6] : نقلتها باختصار من مقال للشيخ رضا أبوشامة الجزائري بعنوان أحاديث الإمام مالك خارج الموطأ المنشور على مجلة الإصلاح العدد : 32 (ص: 20-21-22)

    [7] : تجد هذه الرواية في رياض الصالحين و الأربعين نووية و غيرها من كتب السنة ، كما سنشير إليها .

    [8] : عَنْ عَبْدِ اللَّهِ اِبْنُ مَسْعُود قَالَ :'' مَازِلْنَا أَعِزَّةً مُنْذُ أَسْلَمَ ‏ ‏عُمَرُ ''. رواه البخاري(3684).قال الحافظ ابن حجر في الفتح: ‏’’ أَيْ لِمَا كَانَ فِيهِ مِنْ الْجَلَد وَالْقُوَّة فِي أَمْر اللَّه’’ .إ.هـ.

    [9] : سير أعلام النبلاء (26/71) ط. الرسالة

    [10] : انظر: منتهى الآمال للسيوطي (81).

    [11] : '' تقريب الأفهام إلى ما في مباحث النية من الأحكام'' منشور على موقعه.

    [12] : انظر المصباح المنير للفيومي (2/ 632).

    [13] : لسان العرب لابن منظور (14/ 343).

    [14] : انظر '' بدائع الفوائد'' (3/ 192)

    [15] : شرح البخاري للكرماني (1/ 18)، عمدة القاري للعيني (1/ 23)، منتهى الآمال للسيوطي (82)

    [16] : '' الذخيرة'' (1/ 240).

    [17] : انظر: الأشباه والنظائر للسيوطي (30)، فيض القدير للمناوي (1/ 30)، الأشباه والنظائر لابن نجيم (24) ، و انظر فتح الباري لإبن حجر (1/13).

    [18] : انظر: منتهى الآمال للسيوطي (81)

    [19] : انظر: الأشباه والنظائر لابن نجيم (24)

    [20] : انظر: فيض القدير للمناوي (1/ 30)

    [21] : إرشاد الساري للقسطلاني (1/ 53)

    [22] : أخرجه البخاري في الإيمان باب من قال إِنَّ الإيمان هو العمل (26)، ومسلم في الإيمان (83)، من حديث أبي هريرة رضي الله عنه.

    [23] : منقول من مقال تقريب الأفهام إلى ما في مباحث النية من الأحكام لشيخنا العلامة محمد علي فركوس.

    [24] : هذا القول تجده عند الترمذي في الجامع الكبير عقيب حديث (1647)و النووي في شرح صحيح مسلم (7/48)، و ابن حجر في الفتح (1/14).

    [25] : جامع العلوم و الحكم (ص:31).

    [26] :منهم الترمذي و البزار و حمزة بن محمد الكناني، انظر : الجامع الكبير عقب حديث (1647)، و مسند البزار عقب حديث (257) و فتح الباري (1/15).

    [27] : انظر جامع العلوم و الحكم لابن رجب الحنبلي رحمه الله (ص:29-30) و انظر الفتح (1/15).

    [28] :أخرجه البيهقي في السنن الكبرى (2/14) ،و ذكره النووي في المجموع (1/169) و في شرح صحيح مسلم (7/48).

    [29] : انظر كلام الإمام أحمد في الفتح(1/15) ، و طرح التثريب (2/5).

    [30] :الحديث بهذا اللفظ أخرجه مسلم ، كتاب الأقضية ، باب نقض الأحكام الباطلة ، رقم (1718) ، و رواه البخاري بلفظ '' من احدث في أمرنا ما ليس منه فهو رد '' ، كتاب الصلح ، باب إذا اصطلحوا على صلح جور ، فالصلح مردود ، رقم (2697).

    [31] : أخرجه البخاري في الإيمان (52) ، و مسلم في المساقاة ( 1599) ، و الترميذي في البيوع ( 1205) ، والنسائي في البيوع ( 4453) و أبو داود و أحمد و ابن ماجة و الدارمي . من حديث النعمان بن بشير رضي الله عنه.

    [32] : مجموع الفتاوى(18/249).

    [33] : هو الإمام الحافظ الناقد المجود ، أبو الحسن طاهر بن مفوز بن أحمد بن مفوز المعافري الشاطبي ، تلميذ الإمام العلامة الفقيه المالكي بن عبد البر ، و كان فهما ذكيا إماما في أوعية العلم و فرسان الحديث و اهل الإتقان و التحرير مع الفضل و الورع و التقوى و الوقار و السمت ، مولده سنة 429[انظر سير أعلام النبلاء (19/77)، و تذكرة الحفاظ (4/1222-1223)]

    [34] :شرح السيوطي لسنن النسائي(7/242).

    [35] : و في رواية ( الأعمال بالنية) و هذه أيضا تفيد الحصر.

    [36] : لفظة ‏[‏إنما‏]‏ للحصر عند جماهير العلماء، وهذا مما يعرف بالاضطرار من لغة العرب، كما تعرف معاني حروف النفي والاستفهام والشرط، وغير ذلك، لكن تنازع الناس‏:‏ هل دلالتها على الحصر بطريق المنطوق أو المفهوم‏؟‏ على قولين، والجمهور على أنه بطريق المنطوق، والقول الآخر قول بعض مثبتي المفهوم، كالقاضي أبي يعلى في أحد قوليه، وبعض الغلاة من نفاته، وهؤلاء زعموا أنها تفيد الحصر، واحتجوا بمثل قوله‏:‏ ‏{‏إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ‏}‏ ‏[‏الأنفال‏:‏ 2‏]‏ ‏.‏
    وقد احتج طائفة من الأصوليين على أنها للحصر بأن حرف ‏[‏إن‏]‏ للإثبات وحرف ‏[‏ما‏]‏ للنفي فإذا اجتمعا حصل النفي والإثبات جميعًا،وهذا خطأ عند العلماء بالعربية؛ فإن ‏[‏ما‏]‏ هنا هي ما الكافَّة، ليست ما النافية، وهذه الكافة تدخل على إن وأخواتها فتكفها عن العمل، وذلك لأن الحروف العاملة أصلها أن تكون للاختصاص؛ فإذا اختصت بالاسم أو بالفعل ـ ولم تكن كالجزء منه ـ عملت فيه، فإن وأخواتها اختصت بالاسم فعملت فيه، وتسمي الحروف المشبهة للأفعال؛ لأنها عملت نصبًا ورفعًا وكثرت حروفها، وحروف الجر اختصت بالاسم فعملت فيه، وحروف الشرط اختصت بالفعل فعملت فيه، بخلاف أدوات الاستفهام فإنها تدخل على الجملتين ولم تعمل، وكذلك ما المصدرية‏.‏
    ولهذا القياس في ما النافية ألا تعمل ـ أيضًا ـ على لغة تميم، ولكن تعمل على اللغة الحجازية التي نزل بها القرآن في مثل قوله تعالى‏:‏ ‏{‏مَّا هُنَّ أُمَّهَاتِهِمْ‏}‏ ‏[‏المجادلة‏:‏ 2‏]‏ ، و ‏{‏مَا هَـذَا بَشَرًا‏}‏ ‏[‏يوسف‏:‏ 31‏]‏ ، استحسانًا لمشابهتها ‏[‏ليس‏]‏ هنا، لما دخلت ما الكافة على إن أزالت اختصاصها، فصارت تدخل على الجملة الإسمية والجملة الفعلية فبطل عملها، كقوله‏:‏ ‏{‏إِنَّمَا أَنتَ مُنذِرٌ‏}‏ ‏[‏الرعد‏:‏ 7‏]‏ ، وقوله‏:‏‏{‏إِنَّمَا تُجْزَوْنَ مَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ‏}‏ ‏[‏الطور‏:‏16‏]‏ ‏.‏
    وقد تكون ما التي بعد إن اسمًا لا حرفًا، كقوله‏:‏ ‏{‏إِنَّمَا تُجْزَوْنَ مَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ‏}‏ ‏[‏طه‏:‏ 69‏]‏ ، بالرفع، أي‏:‏ أن الذي صنعوه كيد ساحر، خلاف قوله‏:‏ ‏{‏إِنَّمَا تَقْضِي هَذِهِ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا‏}‏ ‏[‏طه‏:‏ 72‏]‏ ، فإن القراءة بالنصب لا تستقيم إذا كانت ما بمعني الذي، وفي كلا المعنيين الحصر موجود، لكن إذا كانت ما بمعني الذي فالحصر جاء من جهة أن المعارف هي من صِيَغ العموم، فإن الأسماء إما معارف وإما نكرات، والمعارف من صيغ العموم والنكرة في غير الموجب كالنفي وغيره من صيغ العموم، فقوله‏:‏ ‏{‏إِنَّمَا صَنَعُوا كَيْدُ سَاحِرٍ‏}‏ ‏[‏طه‏:‏ 69‏]‏ ، تقديره‏:‏ إن الذي صنعوه كيد ساحر‏.‏
    وأما الحصر في ‏[‏إنما‏]‏ فهو من جنس الحصر بالنفي والاستثناء، كقوله تعالى‏:‏ ‏{‏مَا أَنتَ إِلَّا بَشَرٌ مِّثْلُنَا‏}‏ ‏[‏الشعراء‏:‏ 154‏]‏ ، ‏{‏وَمَا مُحَمَّدٌ إِلاَّ رَسُولٌ‏}‏ ‏[‏آل عمران‏:‏ 144‏]‏ ‏.‏
    والحصر قد يعبر عنه بأن الأول محصور في الثاني، وقد يعبر عنه بالعكس، والمعني واحد، وهو أن الثاني أثبته الأول، ولم يثبت له غيره، مما يتوهم أنه ثابت له، وليس المراد أنك تنفي عن الأول كل ما سوي الثاني، فقوله‏:‏ ‏{‏إِنَّمَا أَنتَ مُنذِرٌ‏}‏ ‏[‏الرعد‏:‏ 7‏]‏ ، أي‏:‏ إنك لست ربا لهم، ولا محاسبًا، ولا مجازيًا، ولا وكيلًا عليهم، كما قال‏:‏ ‏{‏لَّسْتَ عليهم بِمُصَيْطِرٍ‏}‏ ‏[‏الغاشية‏:‏ 22‏]‏ وكما قال‏:‏ ‏{‏فَإِنَّمَا عليكَ الْبَلاَغُ‏}‏ ‏[‏آل عمران‏:‏ 20‏]‏ ، ‏{‏مَّا الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ إِلاَّ رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِهِ الرُّسُلُ وَأُمُّهُ صِدِّيقَةٌ‏}‏ ‏[‏المائدة‏:‏ 75‏]‏ ، ليس هو إلهًا ولا أمه إلهة، بل غايته أن يكون رسولًا، كما غاية محمد أن يكون رسولًا، وغاية مريم أن تكون صديقة‏.‏
    وهذا مما استدل به على بطلان قول بعض المتأخرين‏:‏ إنها نبية، وقد حَكَي الإجماع على عدم نبوة أحد من النساء القاضي أبو بكربن الطيب والقاضي أبو يعلى، والأستاذ أبوالمعالي الجويني، وغيرهم‏.‏
    وكذلك قوله تعالى‏:‏ ‏{‏وَمَا مُحَمَّدٌ إِلاَّ رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِهِ الرُّسُلُ‏}‏ ‏[‏آل عمران‏:‏144‏]‏ ، أي‏:‏ ليس مخلدًا في الدنيا لا يموت ولا يقتل، بل يجوز عليه ما جاز على إخوانه المرسلين من الموت أو القتل، ‏{‏أَفَإِن مَّاتَ أَوْ قُتِلَ انقَلَبْتُمْ على أَعْقَابِكُمْ‏}‏ ‏[‏آل عمران‏:‏ 144‏]‏ ، نزلت يوم أحد لما قيل‏:‏ إن محمدًا قد قتل، وتلاها الصديق يوم مات رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال‏:‏ من كان يعبد محمدًا فإن محمدًا قد مات، ومن كان يعبد الله فإن الله حَي لا يموت، وتلا هذه الآية، فكأن الناس لم يسمعوها حتى تلاها أبو بكر ـ رضي الله تعالى عنه ـ فكان لا يوجد أحد إلا يتلوها‏.‏[مجموع الفتاوى(18/264-265-266-267)].

    [37] : والألف واللام في (الأعمال) قيل: إنها خاصة بالقُرَب، وقيل: إنها للعموم في كل عمل، فما كان منها قُربة أثيب عليها فاعلها، وما كان منها من أمور العادات كالأكل والشرب والنوم فإن العامل يثاب عليها إذا نوى بها التقوي على الطاعة.(من شريط شرح الأربعين نووية للشيخ عبد المحسن العباد حفظه الله.).

    [38] المنحة الربانية في شرح الأربعين نووية للشيخ فوزان (الصفحة 19).

    [39] : جامع العلوم و الحكم (ص:34)

    [40] : المنحة الربانية في شرح الأربعين نووية للشيخ فوزان (الصفحة 19).

    [41] :قال شيخ الإسلام : '' و قال الجمهور :بل الحديث على ظاهره و عمومه ، فإنه لم يرد بالنيات فيه الأعمال الصالحة وحدها ، بل أراد النية المحمودة و المذمومة ، و العمل المحمود و المذموم و لهذا قال في تمامه (فمن كانت هجرته إلى الله ورسوله )إلخ، فذكر النية المحمودة بالهجرة إلى الله و رسوله فقط و النية المذمومة و هي الهجرة إلى امرأة أو مال ، و هذا ذكره تفصيلا بعد إجمال ، فقال : (إنما الأعمال بالنيات و غنما لكل امرئ ما نوى) ثم فصل ذلك بقوله (فمن كانت هجرته) إلخ.'' [مجموع الفتاوى : (18/253)].

    [42] : جامع العلوم و الحكم(ص:35)

    [43] : انظر جامع العلوم و الحكم (ص:35) الحاشية رقم (01).

    [44] : الفتح (1/136).

    [45] : و هذا المعنى نستخرجه من إعراب الجملة : فالألف واللام في (النيات) بدلاً من الضمير، والأصل: الأعمال بنياتها : فالباء حرف جر أصلي ، '' النيات '' اسم مجرور بالباء وعلامة جره الكسرة ، والجار والمجرور متعلق بمحذوف خبر المبتدأ تقديره حاصلة أو كائنة ، و الجار والمجرور في محل رفع خبر المبتدأ

    [46] : جامع العلوم و الحكم (ص :35).

    [47] : جامع العلوم و الحكم: (ص:35- 36).

    [48] :مجموع الفتاوى لشيخ الإسلام ابن تيمة (18/250). و انظر تفسير البغوي (5/124-125).

    [49] : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم :'' لَا يَخْلُوَنَّ رَجُلٌ بِامْرَأَةٍ ؛ فَإِنَّ الشَّيْطَانَ ثَالِثُهُمَا''رواه الإمام أحمد وغيره ، من حديث عمر رضي الله عنه بإسناد صحيح ، و بوب البخاري رحمه الله في صحيحه (باب لا يخلون رجل بامرأة إلا ذو محرم والدخول على المغيبة)

    [50] : قال ابن قدامة المقدسي الحنبلي رحمه الله تعالى : '' و من سب الله تعالى كفر سواء كان مازحا أوجادا'' ، انظر الشفا للقاضي عياض (2/229) ، و قال القاضي عياض المالكي : '' لا خلاف أن ساب الله تعالى من المسلمين كافر حلال الدم ، و اختلف في استتابته '' ، انظر التمهيد لابن عبد البر (4/226). و قال شيخ افسلام : '' إن سب الله أو سب رسوله كفرا ظاهرا و باطنا ، و سواء كان الساب يعتقد أن ذلك محرم أو كان مستحلا له أو كان ذاهلا عن اعتقاده ، هذا مذهب الفقهاء و سائر أهل السنة القائلين بأن الإيمان قول و عمل '' ، انظر الصارم المسلول لابن تيمية(512). '' قال الشيخ فركوس : ذلك، لأنّ في سبِّ الله تنقيصًا لله تعالى، واستخفافًا واستهانة به سبحانه، وانتهاكًا وتمرّدًا على ربِّ العالمين، ينبعث من نفس شيطانية ممتلئة من الغضب، أو من سفيه لا وقار لله عنده، فحاله أسوأ من حال الكافر، إذ السابّ مظهر للتنقّص ومفرط في العداوة ومبالغ في المحاداة بينما الكافر يعظّم الربّ، ويعتقد أنّ ما هو عليه من الدِّين الباطل ليس استهزاءً بالله ولا مسبّة له، وهو -أيضًا- من جهة أخرى أسوأ حالاً من المستهزئ؛ لأنّ الاستهزاء بالله وآياته ورسوله كفر بنصِّ قوله تعالى: ﴿وَلَئِن سَأَلْتَهُمْ لَيَقُولُنَّ إِنَّمَا كُنَّا نَخُوضُ وَنَلْعَبُ قُلْ أَبِاللهِ وَآيَاتِهِ وَرَسُولِهِ كُنتُمْ تَسْتَهْزِئُونَ، لاَ تَعْتَذِرُواْ قَدْ كَفَرْتُم بَعْدَ إِيمَانِكُمْ إِن نَّعْفُ عَن طَآئِفَةٍ مِّنكُمْ نُعَذِّبْ طَآئِفَةً بِأَنَّهُمْ كَانُواْ مُجْرِمِينَ﴾ [التوبة: 65-66]، وإذا كان الاستهزاء كفرًا فالسبُّ المقصود من بابٍ أولى، والآية دلّت على مساواة الجِدّ واللعب في إظهار كلمة الكفر، وضمن هذا المعنى يقول ابنُ العربي المالكي في أحكام القرآن: (2/976 ) : ( لا يخلو ما قالوه -أي: المنافقون- من ذلك جِدًّا أو هزلاً، وهو كيفما كان كُفر، فإنّ الهزل بالكفر كُفر لا خلاف فيه بين الأمّة، فإنّ التحقيقَ أخو العلم والحقّ، والهزلَ أخو الجهل والباطل).'' ، و أقول: أين ادعاء من يسب الله عزوجل و يقول أنا لا أقصد؟ فاللهم سلم سلم.

    [51] : و هذه الفكرة التي يتشدق بها الجهال من مصائد الشيطان فهو يستدرجهم بغيرتهم الزائدة على الإسلام ، فيقول لك يجب عليك ان تجمع المال و تفعل كذا و كذا و توظف المسلمين و تخدم الإسلام و غيرها ، فينخدع السذج بهذه الفكرة بحيث يصبح شغلهم الشاغل اللهث وراء الدنيا و حطامها و بذلك يكونون ممن ضيعوا دينهم بعرض من الدنيا قليل ، فلا الدين أقاموا و لا الدنيا ربحوا.

    [52] : انظر الإحياء كتاب النية و الإخلاص و الصدق

    [53] : المصدر السابق.

    [54] : تقدم تخريجه.

    [55] : شرح رياض الصالحين للشيخ ابن عثيمين رحمه الله(1/19).

    [56] : الشّقّ الثّاني: تمييز مراتب العبادة

    [57] : انظر منتهى الآمال للسيوطي (119).

    [58] : تقريب الأفهام إلى ما في مباحث النية من الأحكام للشيخ أبي عبد المعز محمد علي فركوس حفظه الله تعالى .

    [59] : قال شيخ الإسلام : '' ليس هو تحصيل للحاصل، لكنه إخبار بأن من نوي بعمله شيئًا فقد حصل له ما نواه، أي‏:‏ من قصد بهجرته الله ورسوله حصل له ما قصده، ومن كان قَصْده الهجرة إلى دنيا أو امرأة فليس له إلا ذلك،فهذا تفصيل لقوله‏:‏ ‏(‏إنما الأعمال بالنيات‏)‏ولما أخبر أن لكل امرئ ما نوي ذكر أن لهذا ما نواه ولهذا ما نواه''. انظر مجموع الفتاوى (18/279-280).

    [60] : انظر مجموع الفتاوى(18/280). ''والهجرة في الظاهر هي‏:‏ سفر من مكان إلى مكان، والسفر جنس تحته أنواع مختلفة تختلف باختـلاف نيـة صاحبـه‏.‏ فقد يكـون سفرًا واجبًا، كحج أو جهـاد متعين، وقد يكون محرمًا؛ كسفر العَادِي لقطع الطريق، والباغي على جماعة المسلمين، والعبد الآبق‏.‏ والمرأة الناشز‏.‏
    ولهذا تكلم الفقهاء في الفرق بين العاصي بسفره، والعاصي في سفره، فقالوا‏:‏ إذا سافر سفرًا مباحًا؛ كالحج والعمرة والجهاد جاز له فيه القصر والفطر باتفاق الأئمة الأربعة، وإن عصي في ذلك السفر‏.‏ وأما إذا كان عاصيًا بسفره؛ كقطع الطريق، وغير ذلك فهل يجوز له الترخص برخص السفر كالفطر والقصر‏؟‏ فيه نزاع‏:‏
    فمذهب مالك، والشافعي، وأحمد‏:‏ أنه لا يجوز له القصر والفطر، ومذهب أبي حنيفة يجوز له ذلك، وإذا كان النبي صلى الله عليه وسلم قد ذكر هذا السفر وهذا السفر علم أن مقصوده ذكر جنس الأعمال مطلقًا، لا نفس العمل الذي هو قربة بنفسه كالصلاة والصيام، ومقصوده ذكر جنس النية، وحينئذ يتبين أن قوله‏:‏ ‏(‏إنما الأعمال بالنيات‏)‏ مما خصه الله تعالى به من جوامع الكلم، كما قال‏:‏ ‏(‏بعثت بجوامع الكلم‏)‏، وهذا الحديث من أجمع الكلم الجوامع التي بعث بها، فإن كل عمل يعمله عامل من خير وشر هو بحسب ما نواه، فإن قصد بعمله مقصودًا حسنًا كان له ذلك المقصود الحسن، وإن قصد به مقصودًا سيئًا كان له ما نواه''‏. مجموع الفتاوى (18/253-254).

    [61] : قال شيخ الإسلام : '' وقد قال صلى الله عليه وسلم‏:‏‏(‏لا هجرة بعد الفتح، ولكن جهاد ونية؛ وإذا اسْتُنْفِرتم فانفروا‏)‏، وقال‏:‏ ‏(‏لا تنقطع الهجرة ما قوتل العدو‏)‏ وكلاهما حق‏.‏ فالأول أراد به الهجرة المعهودة في زمانه، وهي الهجرة إلى المدينة من مكة وغيرها من أرض العرب، فإن هذه الهجرة كانت مشروعة لما كانت مكة وغيرها دار كفر وحرب، وكان الإيمان بالمدينة، فكانت الهجرة من دار الكفر إلى دار الإسلام واجبة لمن قدر عليها، فلما فتحت مكة وصارت دار الإسلام، ودخلت العرب في الإسلام صارت هذه الأرض كلها دار الإسلام، فقال‏:‏ ‏(‏لا هجرة بعد الفتح‏)‏‏.‏ وكون الأرض دار كفر ودار إيمان أو دار فاسقين ليست صفة لازمة لها، بل هي صفة عارضة بحسب سكانها، فكل أرض سكانها المؤمنون المتقون هي دار أولياء الله في ذلك الوقت، وكل أرض سكانها الكفار فهي دار كفر في ذلك الوقت، وكل أرض سكانها الفساق فهي دار فسوق في ذلك الوقت، فإن سكنها غير ما ذكرنا وتبدلت بغيرهم فهي دارهم‏.‏''انظر الفتاوى (18/281-282)

    [62] : من كلام الشيخ عبد المحسن العباد حفظه الله.

    [63] : شرح رياض الصالحين للشيخ ابن عثيمين (1/19) ، ، و انظر جامع العلوم و الحكم ( ص : 43).

    [64] : من كلام الشيخ عبد المحسن العباد.

    [65] : شرح رياض الصالحين (1/20).

    [66] : شرح رياض الصالحين للشيخ ابن عثيمين (2/345),

    [67] : الحلية لأبي نعيم (7/10).

    [68] :محاضرات الأدباء للأصفهاني (4/45),

    [69] : و هذا التعريف تجده في كتاب التحذير من الدنيا للشيخ أبو الفداء أحمد بن حسن النهاري الريمي اليمني حفظه الله تعالى(ص: 11).

    [70] : الزهد لابن المبارك (ص: 190).

    [71] : صححه الألباني في صحيح ابن ماجة برقم (3313).

    [72] : إغاثة اللهفان (1/60).

    [73] : شرح السنة للبغوي(14/230).

    [74] : صحيح ابن ماجة رقم (3313).

    [75] : فوائد الفوائد (ص: 451).

    [76] : أخرجه البخاري برقم ( 6416).

    [77] : فيض القدير (5/328).

    [78] : صحيح الترمذي برقم (2320) و صحيح ابن ماجة برقم(4110) و السلسلة الصحيحة برقم (676).

    [79] : نونية ابن القيم رحمه الله تعالى.

    [80] : مجموع الفتاوى (15/342).

    [81] : أخرجه مسلم في صحيحه برقم (1015).

    [82] : أخرجه البخاري برقم (2072).

    [83] : البخاري برقم (2073).

    [84] : التحذير من الدنيا : (ص : 157)

    [85] : أنا قمت بجمع الشرح فقط من كلام العلماء .

    [86]: القواعد( ص: 3 )

    [87] : حاشية ابن عابدين الطبعة الثانية : ( 2 / 27 )

    [88] : العماد الأصفهاني لمقدمة كتاب جمهرة الأدبــاء




  2. #2

    افتراضي رد: الإيضاحات البينات شرح حديث إنما الأعمال بالنيات

    جزاك الله خيراً

  3. #3
    تاريخ التسجيل
    Nov 2012
    الدولة
    قسنطينة /الجزائر
    المشاركات
    384

    افتراضي رد: الإيضاحات البينات شرح حديث إنما الأعمال بالنيات

    بارك الله فيك أخي على المرور

  4. #4
    تاريخ التسجيل
    Mar 2011
    المشاركات
    92

    افتراضي رد: الإيضاحات البينات شرح حديث إنما الأعمال بالنيات

    جزاك الله خيراً

  5. #5
    تاريخ التسجيل
    Nov 2012
    الدولة
    قسنطينة /الجزائر
    المشاركات
    384

    افتراضي رد: الإيضاحات البينات شرح حديث إنما الأعمال بالنيات

    و جزاك خيرا أخي الحبيب


معلومات الموضوع

الأعضاء الذين يشاهدون هذا الموضوع

الذين يشاهدون الموضوع الآن: 1 (0 من الأعضاء و 1 زائر)

المواضيع المتشابهه

  1. التخويف بالآيات ليس خرافة
    بواسطة أم محمد محمود المصرية في المنتدى مـنــبر الأســـرة المـــســلـــمـــة
    مشاركات: 2
    آخر مشاركة: 27-Jul-2018, 02:50 PM
  2. [حديث] إنها طيبة ، و إنها تنفي الخبث ، كما تنفي النار خبث الحديد
    بواسطة أبو خالد الوليد خالد الصبحي في المنتدى منبر العلوم الشرعية
    مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 09-Feb-2017, 10:17 AM
  3. سؤال عاجل: هل هذا استهزاء بالآيات؟؟
    بواسطة أم دعاء السلفية الفلسطينية في المنتدى منبر الفتاوى الشرعية الخاصة بالشيخ أبو بكر يوسف لعويسي
    مشاركات: 2
    آخر مشاركة: 22-Mar-2016, 02:45 AM
  4. (عقيدة التوحيد للشيخ الفوزان ) مالم يتحقق التوحيد فلا فائدة في بقية الأعمال مهما كثرت
    بواسطة أبو يوسف عبدالله الصبحي في المنتدى منبر العلوم الشرعية
    مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 06-Sep-2014, 01:44 PM
  5. سلسلة فتح القوي المتين بفوائد أحاديث رياض الصالحين (2) شرح حديث ( إنما الأعمال بالنيات)
    بواسطة أبو أنس بشير بن سلة الأثري في المنتدى منبر العلوم الشرعية
    مشاركات: 5
    آخر مشاركة: 18-Mar-2011, 04:10 PM

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •