بسم الله الرحمن الرحيمالحمد لله وأصلي وأسلم على عبده ورسوله محمد وآله وصحبه
أما بعد :
فإن المتأمل في ساحتنا السلفية ليتألم لما يقع في صفها من التمزق والتهارش والتناحر ، وإن لهذه البلاوي والمصائب التي تمر بها الدعوة السلفية أيدي خفية تنعشها وتتعاهد تنميتها من حين إلى حين ، وتنفخ في جمرتها ، وتحرك فتنتها ، وهذا لا يخفى على عامة أهل السنة فضلا عن علمائها ، وقد عرف ـ أهل السنة ـ أساليب القوم الإجرامية وآلاتهم التدميرية التي استعملوها لتحقيق أغراضهم الخبيثة ، ولكن من فضل الله تعالى على هذه الأمة المحمدية أن سخر لها علماء جهابذة ، فتصدوا لأساليبهم الخبيثة وتخطيطاتهم الإجرامية فأوضحوها أيما إيضاح وكشفوا عوارها حتى تركوها سافرة ، لكن عدو هذه الدعوة المباركة قوي الجأش ، شديد العداوة متجلد المقاومة ، فما كان منه حينها إلا أن يستصلح تلك الآلات وإصباغها بصبغة السنة ، وإلباسها ثياب الانتصار لمسائل مرجوحة قد بانت في ميدان التحقيق العلمي أنها مطروحة وإن تكلم بها من تكلم من أهل العلم ، وهي على أقل شيء في حقهم تعد زلة لا يتبعون عليها ، ولقد حذر علماء الإسلام من تتبع زلات العلماء ، والتي منها الأخذ بأقوالهم المرجوحة التي قام الدليل على خلافها ، وآراء العلماء المرجوحة تارة تكون مخالفة للنصوص ، وتارة مخالفة للإجماع الذي جاء عن السلف ، وتارة بترجيح المرجوح في باب المصالح والمفاسد ولله در إبراهيم بن أبي عبلة حيث قال : (( من حمل شاذ العلم حمل شرا كثيرا )) ( السير )(6 / 324) ([1] )
لكن أهل الفتن والفساد في الأرض بعد إصلاحها استغلوا هذه الثغرة ، فدخلوا منها إلى الصف السلفي لإثارة الفتن من داخله وزعزعته ، لأنهم قد علموا أن هذه المسائل المرجوحة التي هي أقل ما يقال فيها أنها ذريعة لزعزعت أصول السنة وحدود الشريعة ، و أنها إذا نُفخ فيها وحركت فسوف يتصدى لها أهل السنة لردها وحصدها ، وأيقنوا ـ أي : أهل الفتن والتشغيب ـ أيضا أنها من البغي والظلم الذي يحدث ويولد الخلل والهزائم في الصف السلفي ، قال شيخ الإسلام ابن تيمية ـ رحمه الله ـ في (مجموع الفتاوى) (1 / 14)
(( .. فَظَهَرَ أَنَّ سَبَبَ الِاجْتِمَاعِ وَالْأُلْفَةِ جَمْعُ الدِّينِ وَالْعَمَلُ بِهِ كُلِّهِ ، وَهُوَ عِبَادَةُ اللَّهِ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ ، كَمَا أَمَرَ بِهِ بَاطِنًا ، وَظَاهِرًا .
وَسَبَبُ الْفُرْقَةِ : تَرْكُ حَظٍّ مِمَّا أُمِرَ الْعَبْدُ بِهِ ، وَالْبَغْيُ بَيْنَهُمْ .)) ا.هـ
فما كان منهم إلا إثارة وتحريك مسائلها والتعصب لها ، ومما زاد توغل فتنتهم في الصف السلفي واستحكام شرها ، واغتر من اغتر بتلبيساتهم ، أنهم جعلوا لفتنتهم أهل العلم الذين تكلموا بتلك المسائل المرجوحة واجهة لإنفاذ تخطيطاتهم الإفسادية ، بحجية الدفاع عن علماء السنة والذب عنهم ، فكم من الشباب السلفي المسكين يتساقط في هذه الفتنة العمياء ، وهو أعمى تسوقه كالشاة العمياء ، إلى لهيبها وهو لا يشعر بنارها وألمها ، وما ذاك إلا من فرط الجهل بمخططات القوم وغلو في الصالحين .
قال العلامة ابن حزم ـ رحمه الله ـ في ( الأخلاق والسير) ( ص 79) : (( وفساد الرأي والعار والإثم لا يعلم قبحها إلا من كان خارجا عنها وليس يراه من كان دخلا فيها )) ا.هـ
ولا يخفى على أهل العلم والأثر أن الغلو في الصالحين خدش في عقيدة المرء وخصلة من خصال الجاهلية .
قال العلامة صالح أل الشيخ ـ حفظه الله ـ في شرحه ( مسائل الجاهلية )( 98 ـ 101 ) : (( الغلو في العلماء كان على أنحاء:
الأول : أنهم كانوا يتبعونهم في التحليل والتحريم، فيحللون ما حلله العلماء ولو كان ذلك حراما ويحرمون ما حرمه العلماء ولو كان في كتاب الله حلال، فجعلوا العلماء في منزلة فوق منزلة النبوة فجعلوهم أربابا، جعلوهم معبودين كما قال تعالى : {اتَّخَذُوا أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَابًا مِنْ دُونِ اللَّهِ وَالْمَسِيحَ ابْنَ مَرْيَمَ }[التوبة : 31] قال عدي بن حاتم للنبي صلى الله عليه وسلم ما عبدناهم قال: «ألم يحلوا لكم الحرام فأحللتموه؟» قال: بلى. قال: «ألم يحرموا عليكم الحلال فحرمتموه؟» قال: بلى. قال: «فتلك عبادتهم».
فهذا نوع من أنواع الغلو وهو أن يُعتقد في العالم أنه يستقل بالإتيان بالإحكام، يستقل بالإتيان بالشرع، وهذا نوع شرك، كما قال جل وعلا {أَمْ لَهُمْ شُرَكَاءُ شَرَعُوا لَهُمْ مِنْ الدِّينِ مَا لَمْ يَأْذَنْ بِهِ اللَّهُ}[الشورى:21].
كانوا يعتقدون في العلماء أنه يمكن يحذفوا ويلغوا بعض الكتب المنزلة ويثبتوا بعضا آخر كما حصل من علماء اليهود والنصارى أنهم غيروا في التوراة والإنجيل إما بزادة أو بنقص أو بتغيير للمعاني بتفسيرها تفسيرات باطلة، ومع ذلك اتبعوا.
كذلك الغلو في الصالحين يكون على أنحاء:
من أشهرها وأظهرها : أن يعتقد أن كل ما فعلوه من أنواع الصلاح والعبادة أنه صواب، فيقتدى بهم مطلقا، لاعتقاد أنهم مصيبون في كل ما يفعلون، فلا ينظرون في وجه حجة فعل ما فعله الصالح، وإنما ينظرون إلى فعله، فيستدلون بالفعل المجرد عن الحجة، وهذا هو الغلو في الصالحين ([2] ) ، الغلو في الصالحين في حياتهم أن يُنظر إلى أفعالهم ويقتدى بهم، مع ظهور أن تلك الأفعال مخالفة للحجة أو مع عدم وضوح الحجة من أفعالهم....
المقصود من هذا أنّ النهي عن الغلو كثير في الكتاب وفي السنة، والدلائل عليه من أعمال الصحابة كثيرة، هذا الغلو الذي نهي عنه دخل في الأمة في أنواع شتى كما هو ظاهر لديكم، كان الغلو في العلماء أو ما ينتسب إلى العلم بقبول أقوالهم من دون حجة، سواء في ذلك الذين ينتسبون إلى الكلام، فقُبلت أقوالهم بتحريف الشرع من دون حجة، وأيضا الذين ينتسبون إلى الفقه قبلت أقوال بعضهم من غير حجة، حتى صار قول الفقيه مثلا أو قول العالم الفلاني الذي هو مأجور فيه لأنه مجتهد فيه صار علما على الحق عند من يتعصب لهم، فصار الدليل عندهم قول العالم وهو نوع غلو لأن العالم إنما يستعان به على فهم الأصول، وفهم الأدلة من الكتاب والسنة و لا يتبع استقلالا، إنما فيما كان فيه اجتهاد وخفي على المرء وجه الصواب في ذلك، فإنه يعني على أهل العلم وعلى طلبة العلم، فإنه يتبع في ذلك لأجل اجتهاده، وهذا سبق أن أوضحناه لكم مفصلا في باب أو في مسألة التقليد.
آل الأمر بهذا أن جعل أقوال المتأخرين حجة، وهذا أعظم ما ووجه به أتباع دعوة الإمام رحمه الله تعالى الدعوة السلفية، واليوم يواجه به كل داع إلى السلفية في أي مكان من أعظم ما يواجه به أقوال أهل العلم، وهذا نوع من أنواع الغلو فإذا كان بعض أهل العلم زل في مسألة أو غلط وهو مأجور إن شاء الله على اجتهاده؛ لكنه غلط فيها، فإنه لا يجوز أن يجعل قوله حجة في المسائل المختلف فيها أو التي يراد بحثها، فإذا كان ثم دليل واضح من الكتاب والسنة، فلم يؤخذ بأقوال بعض أهل العلم في المسائل التي أخطؤوا فيها....
بل إن ابن القيم رحمه الله تعالى بسط القول في هذا النوع من الغلو في كتابه إعلام الموقعين، وقال: إنّ بعض هذه الأمة –يعني مما أبلغ فيه- يعني من أتباع الفقهاء جعلوا العلماء أربابا، كما فعل اليهود والنصارى، وذكر الأمثلة لهم من بعض المتكلمين وبعض المتعصبة المذاهب ونحو ذلك. ومن أحسن ما قيل في هذا قول الذهبي رحمه الله تعالى:
العلـم قال الله وقـال رسوله قال الصحابة ليس خُلْفٌ فيه
ما العلم نصبك للخلاف سفاهة بين الرسول وبين رأي فقيه
أراء الفقهاء العلماء تحترم تقدر وتجل ولا يستهان بأمرهم ولا بشأنهم؛ لكن إذا ظهر الدليل فلا يغلوا الناس فيهم.)) ا.هـ
بل الغلو في الصالحين جر أهل الفساد والفتن إلى ما قاله الإمام ابن القيم ـ رحمه الله ـ في ( مدارج السالكين)( ص 246) : (( رأينا والله منهم هذا عيانا ورمونا بعداوتهم وبغوا لنا الغوائل والله مخزيهم في الدنيا والآخرة ولم تكن حجتهم إلا أن قالوا كما قال إخوانهم : عاب آلهتنا فقال هؤلاء : تنقصتم مشايخنا ([3] ) وأبواب حوائجنا إلى الله ، وهكذا قال النصارى للنبي صلى الله عليه وسلم لما قال لهم : بأن المسيح عبد الله ، قالوا : تنقصت المسيح وعبته وهكذا قال أشباه المشركين لمن منع اتخاذ القبور أوثانا تعبد ومساجد تقصد وأمر بزيارتها على الوجه الذي أذن الله فيه ورسوله قالوا : تنقصت أصحابها .
فانظر إلى هذا التشابه بين قلوبهم حتى كأنهم قد تواصوا به :{ ومن يهد الله فهو المهتد ومن يضلل فلن تجد له وليا مرشدا }[الكهف : 17] )) ا.هـ
فالمنهج السلفي ينفي هذه الخصال الجاهلية والأخلاق الرديئة ويتبرأ منها ، فالمنهج السلفي مبني على الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ، ولا قوام له إلا بتحقيق هذه الشعيرة العظيمة وتكميلها والمحافظة عليها والدفاع عنها، وتحت سقفها لا يحاب أحدا كائنا من كان ، فالحق عند أهلها أعظم من كل أحد وفوق كل أحد ، مهما علت مكانته وارتفعت منزلته ،
وما ذاك إلا لتحقيق وعد الله تعالى: {إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ} [الحجر:9] .
وإذا كان كذلك فنقول للقوم اربأوا بأنفسكم ، حنانيكم ... حنانيكم ، هذا منهجنا وهذه طريقة التي رضي الله تعالى لعباده الصالحين وسار عليها الأئمة الميامين لا تغير إلى يوم الدين لقوله صلى الله عليه وسلم :« لا تزال طائفة من أمتي على الحق ظاهرين لا يضرهم من خذلهم ولا من خالفهم حتى يأتي أمر اللَّـه عزوجل » ، فلا يعق سير أهلها نباح السفهاء ولا ترقيع خصومها الألداء .
ورحم الله الإمام ابن القيم إذ يقول : (( لما كان طالب الصراط المستقيم طالب أمر أكثر الناس ناكبون عنه
مريدا لسلوك طريق مرافقه فيها في غاية القلة والعزة والنفوس مجبولة على وحشة التفرد وعلى الأنس بالرفيق نبه الله سبحانه على الرفيق في هذه الطريق وأنهم هم الذين أنعم الله عليهم من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين وحسن أولئك رفيقا فأضاف الصراط إلى الرفيق السالكين له وهم الذين أنعم الله عليهم ليزول عن الطالب للهداية وسلوك الصراط وحشة تفرده عن أهل زمانه وبنى جنسه ، وليعلم أن رفيقه في هذا الصراط هم الذين أنعم الله عليهم فلا يكترث بمخالفة الناكبين عنه له فإنهم هم الأقلون قدرا وإن كانوا الأكثرين عددا كما قال بعض السلف : ( عليك بطريق الحق ولا تستوحش لقلة السالكين وإياك وطريق الباطل ولا تغتر بكثرة الهالكين ) وكلما استوحشت في تفردك فانظر إلى الرفيق السابق واحرص على اللحاق بهم وغض الطرف عمن سواهم فإنهم لن يغنوا عنك من الله شيئا وإذا صاحوا بك في طريق سيرك فلا تلتفت إليهم فإنك متى التفت إليهم أخذوك وعاقوك
وقد ضربت لذلك مثلين فليكونا منك على بال
المثل الأول رجل خرج من بيته إلى الصلاة لا يريد غيرها فعرض له في طريقه شيطان من شياطين الإنس فألقى عليه كلاما يؤذيه فوقف ورد عليه وتماسكا فربما كان شيطان الإنس أقوى منه فقهره ومنعه عن الوصول إلى المسجد حتى فاتته الصلاة وربما كان الرجل أقوى من شيطان الإنس ولكن اشتغل بمهاوشته عن الصف الأول وكمال إدراك الجماعة فإن التفت إليه أطمعه في نفسه وربما فترت عزيمته فإن كان له معرفة وعلم زاد في السعي والجمز بقدر التفاته أو أكثر فإن أعرض عنه واشتغل بما هو بصدده وخاف فوت الصلاة أو الوقت لم يبلغ عدوه منه ما شاء
المثل الثاني الظبي أشد سعيا من الكلب ولكنه إذا أحس به التفت إليه فيضعف سعيه فيدركه الكلب فيأخذه )) ([4] )
وعليه ، فتلك المسائل المطروحة التي يثيرها من يثيرها ـ جهلا أو قصدا ـ في الصف السلفي ، فيتولد منها من الفتن والقلاقل ما يتجرع كؤوس سمومها وآلامها أهل السنة الأبرياء ، قد حذر منها أئمة السنة وشنعوا على أهلها وبان شرها وفسادها ، والتي منها الجمعيات والاختلاط ، وقول من يقول بدراسة عند أهل البدع ، وبدعة الموازنات وغيرها من البدع الحركية ، فليس لأحد بعدهم أن يأتي ويتسيد عليهم ويتطاول ، فيقول أجتهد فيها وانظر وأرى وأجرب !!!
لا يا عبدالله كفانا مناطحة الفساد والمعاركة مع أهله
ولو كان سهما واحدا لا تقيته ... ولكنه سهم وثان وثالثفاجعل تجربتك ونظرك في ذاك الكوكب واربط رقبتك في عجلة نصائح أئمتنا وتواضع لها وقدرها حق قدرها ، "وقف فيها حيث وقفوا ، وقل بما قالوا وكف عما كفوا ، واسلك سبيلهم ، فإنه يسعك ما وسعهم "([5])، وتأمل ما فيها من الخير والعواقب الحميدة على الفرد والمجتمعات .
وليس لك يا عبدالله أن تجند وتحشد الشباب والسفهاء للدفاع عنك وعن أخطائك ، فهذا ما عرفته دعوة أئمتنا ابن باز وحماد الأنصاري والألباني والتويجري وابن عثيمين ومقبل وآمان الجامي والفوزان وربيع ، من أنهم إذا تكلموا في مسائل علمية فدارت فيما بينهم أقلام الردود أنهم حشدوا الجيوش في مصافهم وللدفاع عنهم ، وأنشأوا لذلك منتديات وشبكات ، فكان ضحيتها الشباب المسكين ، كما هو الواقع المشاهد ، بل ما عرفنا دعوتهم وأخلاقهم إلا أنهم ينهون عن ذلك ويزجرون من أراد أن يتمسح بهم لهذا الغرض الساقط .
ومن ذلك ما جاء في كتاب ( الإمام الألباني دروس ومواقف وعبر)(72 ـ 73) : (( ذهب شيخنا ـ الألباني ـ مرة لتصليح سيارته وبينما هو في " الكراج" إذ تقدم منه شاب فسلم عليه وقال : يا شيخنا أنا طالب في المعهد الشرعي وعندنا الدكاترة يتكلمون عليك ويطعنون بك وخصوصا فلان وفلان ، فقال شيخنا : يا أخي كفى بالرجل كذبا أن يحدث بكل ما سمع وإذا هبت رياحك فاغتنمها سل عما يفيدك في دينك ))
ومن ذلك ما ذكره الشيخ المفضال الدكتور عبدالله بن عبدالرحيم البخاري حفظه الله في ( وجوب الإجتماع والإئتلاف ونبذ الفرقة والاختلاف ) عن الإمامين آمان الجامي وربيع المدخلي : (( مرة جاء شاب هكذا، تعرف المتملقين كثير، المتملقون كثير الذين يندسون في صفوف السلفيين وهم ليسوا منهم و لكنه مريض عنده شهوة النقل والكلام : قالوا .. قلنا، كتبوا .. كتبنا، يريد أن يتقرب ويتزلف إلى فلان وإذا ما وجه ظهر الكذب، وربما يقول : يا شيخ سامحني أنا ما أقصد، أنا ما أردت، ما ينفع حينها الندامة وقد أفسد العباد و البلاد.
1 ـ جاء رجل إلى شيخنا الشيخ ربيع ـ حفظه الله ـ، قال يا شيخ: فلان يقول أيضا ـ ينقل عن سلمان أو سفر أحد من هؤلاء الحزبية ـ يعني يقول فيك كذا و كذا، تعرفون ماذا قال الشيخ ؟ هم متحزبة، الكلام منقول عن رجل مخالف للسنة قال الشيخ : انظر هذا أدب تحتاجونه و نحتاجه جميعا،
ما يصيركم طلابكم الصغار هنا وهناك مملكة، مدينة:اليمن، الحجاز، الأردن، أي مكان يسيرون الناس .
قال الشيخ: أنت الشيطان لم يجد من يرسل إلي إلا أنت لتنقل هذا الكلام، كأن الشيطان استعمله، شوف الجواب هذا، عرفتم ما معنى الجواب ؟ فهمتموه، الشيخ يقول لما نقل الولد هذا الكلام التفت إليه الشيخ :أنت الآن الشيطان، لم يجد في الدنيا أحد يرسله إلي إلا أنت، تنقل هذا الكلام، أنا سألتك؟ : قطع لسانه، أليس الشيخ بهذا الجواب قطع لسانه وغلق الباب وأدب السامعين.
2 ـ شيخنا الشيخ محمد أمان الجامي الإمام العلم ـ رحمه الله ـ ، كذلك في درس مرة، وجاء طالب، قال عندي شيء .
قال: ماذا؟
قال: فلان يقول كذا وكذا، ينقل أيضا عن سفر وسلمان أو ما أدرى عن هؤلاء.
قال : آيش .
هكذا قاله، اسكت قال له: أنا سألتك، أجب؟
قال إن سألتك تكلم، لا تبلغونا أي شيء عن هؤلاء،
ما أريد أن أسمع وأزيد، إني سامحت الجميع لوجه الله تعالى، خلوه يتكلم في عرضي ما أريد أن أسمع، وأنا مسامح لوجه الله، هذه تربية أو ليست تربية هذه؟ يوجد في بعض البلدان و الأماكن هذه ؟؟؟
ما يوجد إلا عندهم نزر يسير، لأن العلم ليس فقط كلام، إنما هو سمت و هدى و تعلم وتعليم و تأديب.
ابن سيرين الإمام العلم الثقة ـ رحمه الله ـ يقول : " كانوا يتعلمون الأدب والهدي كما يتعلمون العلم ".))
قلت ( بشير) : أين هذا الهدي والسمت عند من يثيرون هذه المسائل التي يئن من فسادها المنهج السلفي ؟!
بل رأيت من بعض سفهاء الانترنت أنه يزعم أنه يرد على بعض طلبة العلم والمشايخ من أهل السنة انتصارا لشيخه زعم ، أنه قال عرضت ردي على شيخي ، فأذن لي بنشره !!وشيخه يريد أن ينتصر بهذا العفن على المردود عليه ، هكذا يربون الشباب الضائع في هذه الانترنت .
يا عبدالله اترك مخالفاتك منحصرة فيك ، وإن كنت تزعم أنها مسألة اجتهادية ، فلا تخرجها والحالة هذه من حيز الاجتهاد إلى مسألة يوالى عليها ويعادى ، فيسقط كل من انتقدك فيها ، وتجند لها الشباب المسكين للدفاع عنها وتشويه سمعة من انتقدك فيها ، فإن لم تكن هذه عين الحزبية فلا ندري ما هي الحزبية ؟!!
بل رأينا واطلعنا على أعجب من هذا أنه يوجد من يستغل هذه المهاترات التي تقع بين المشايخ وطلبة العلم ، وذلك أنه إذا كانت بين الشخصين عدوة شخصية فينحاز كل واحد منهما إلى فئة لينتقم من أخيه ، وقد يكتب كل واحد منهما بالأسماء المستعارة ، بل قد يكتب حتى في منتديات أهل البدع ، من أجل إطاحة بخصومه !!
فبالله عليكم فهل هذا منهج سلفي أو مسلك حركي الذي عليه القوم ؟!
يقول الإمام ربيع المدخلي في مثل شأن هذه المسالك وأهلها : (( الأخوان المسلمين دمروا قيم الأمة ودمروا شبابها وأخروها قرونا ووالله لو سلم منهم المنهج السلفي والدعوة السلفية لكان العالم الآن يضيء بالدعوة السلفية، لو فسحوا المجال للدعوة السلفية في أفغانستان لكان واقع الشعب الأفغاني غير واقعه الآن، تقوم في التحالفات مع الشيوعيين والرافضة إلى آخره، تقوم من الأخوان المسلمين ، الفتنة من الجنوب بقيادة الأخوان المسلمين ومن الشمال بقيادة الأخوان المسلمين، واللوم والطعن والتشويه و و و و للسلفيين، ماذا نصنع بهؤلاء القوم ما رأينا مثلهم، ما رأينا أفجر ولا أظلم من هؤلاء القوم، ولقد حكى لنا بعض الثقات عن سعيد حوى أنه قال عن الأخوان المسلمين : والله لو اجتمعت المخابرات الأمريكية والمخابرات السوفيتية والموساد اليهودي على تشويه سمعة رجل لما بلغوا ما يبلغه الأخوان المسلمون. )) ([6])
وهذا الصنف تجد فيه من الاضطراب والحيرة والشك والتذبذب والتلون ما يقضي على ضعف شخصيته وفساد منهجه وخلوه من العلم السني الذي يورث الإطمئنانية واليقين والثبات عندما تعصف رياح الفتن ، بل الغالب هذا الصنف تجده جاهلا بحقائق ما يختلفون فيه ([7] )
وفي ختام هذا التنبيهات أنبه على أمر مهم استغله أهل البدع والحزبية أيما استغلال لتشويه سمعة المنهج السلفي قديما وحديثا ألا وهو أن أهل البدع يلبسون ثياب منهج أهل الحديث والسلفية ويختلقون ويخترعون أكاذيب وألاعيب فيما بينهم ، ويمثلون تمثيلية أن مشايخ أهل السنة والجماعة وطلابهم غير متفقين وأنهم متناحرون فيما بينهم، وأنهم يسقطون بعضهم البعض ، وأن جمعتهم متفرقة أشتاتا وأحزابا ليظهروا للعالم أن هذا المنهج لو كان على حق لأجتمع أهله واتفقت كلمتهم ، وهذا المنهج الخبيث قد استعمله الزنادقة واليهود لتشويه سمعة الإسلام وأهل الحديث .
يقول شيخ الإسلام ابن تيمية ـ رحمه الله ـ في (مجموع الفتاوى)( 3 / 385)
(( أَحَادِيثُ رَوَوْهَا فِي الصِّفَاتِ زَائِدَةً عَلَى الْأَحَادِيثِ الَّتِي فِي دَوَاوِينِ الْإِسْلَامِ مِمَّا نَعْلَمُ بِالْيَقِينِ الْقَاطِعِ أَنَّهَا كَذِبٌ وَبُهْتَانٌ بَلْ كُفْرٌ شَنِيعٌ . وَقَدْ يَقُولُونَ مِنْ أَنْوَاعِ الْكُفْرِ مَا لَا يَرْوُونَ فِيهِ حَدِيثًا ؛ مِثْلَ حَدِيثٍ يَرْوُونَهُ : { إنَّ اللَّهَ يَنْزِلُ عَشِيَّةَ عَرَفَةَ عَلَى جَمَلٍ أَوْرَقَ يُصَافِحُ الرُّكْبَانَ وَيُعَانِقُ الْمُشَاةَ } .
وَهَذَا مِنْ أَعْظَمِ الْكَذِبِ عَلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَقَائِلُهُ مِنْ أَعْظَمِ الْقَائِلِينَ عَلَى اللَّهِ غَيْرَ الْحَقِّ وَلَمْ يَرْوِ هَذَا الْحَدِيثَ أَحَدٌ مِنْ عُلَمَاءِ الْمُسْلِمِينَ أَصْلًا بَلْ أَجْمَعَ عُلَمَاءُ الْمُسْلِمِينَ وَأَهْلُ الْمَعْرِفَةِ بِالْحَدِيثِ عَلَى أَنَّهُ مَكْذُوبٌ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ . وَقَالَ أَهْلُ الْعِلْمِ - كَابْنِ قُتَيْبَةَ وَغَيْرِهِ - هَذَا وَأَمْثَالُهُ إنَّمَا وَضَعَهُ الزَّنَادِقَةُ الْكُفَّارُ لِيَشِينُوا بِهِ عَلَى أَهْلِ الْحَدِيثِ وَيَقُولُونَ : إنَّهُمْ يَرْوُونَ مِثْلَ هَذَا .)) ا.هـ
فليتنبه أهل السنة لهذا وإن دارت بينهم الردود العلمية فلتكن بين المشايخ وطلبة العلم ولا داعي لحشر الشباب فيها وقولوا لهم لا نريد من يدافع عنا ، لنا أقلامنا تدافع عنا ، ووجهوهم لأن يشتغلوا بما ينفعهم من طلب العلم والتحصيل ، والله الله يا أهل السنة أن يتحكم السفهاء وابن الانترنت على العلم بل العلم هو الذي يحكم ويفرض نفسه ، أما تلك الردود التي تقع بينكم فهي في حقيقة تنقيح لا تجريح لا كما يزعم غلاة التمييع والحمد لله رب العالمين
([1]) انظر إلى كتاب ( بداية الإنحراف ونهايته )( ص 251 ـ 253 ) للعلامة محمد بن عبدالله الإمام
([2]) ويسقط كل من انتقده في فعله ، هكذا يريد المميعة والحزبية والجهلة والله المستعان على غربة التوحيد عند من يدعي السلفية فضلا أن يكون من المخرفة والطوائف الخلفية !!
([3])هكذا أدعياء السنة على شتى أصنافهم إذا بين أهل السنة مخالفات مشايخهم قالوا : تنقصت مشايخنا وعبتهم ، ولا عيب لحرمة الشارع عندهم وحدوده وأصوله فالرجال أعظم منه ، والله المستعان
([4]) ( مدراج السالكين )( 24 ـ 25 )
([5]) كذا قال الإمام الأوزاعي رحمه الله ، فنحن في هذه الأزمنة أحوج إلى هذه الآثار السلفية وإلى تطبيقها وإعمالها والله المستعان
([6]) ( موقف الشيخ ربيع من الأحداث في أفغانستان )
([7]) انظر إلى ( مجموع الفتاوى) (3 / 282)