شـــــــــــامنا الجريح (1)


لِكُلِّ بَغـيٍ إِذَا مَا زَادَ هُلكـــَانُ *** أَيـــْـنَ الطُّغَـاةُ كَأَنَّ القَوْمَ مَا كَانُــوا
عَاثُوا فَسَادًا وجَـورًا أَزمُنًا قُضيَـتْ *** فَأَيــْنَ مِنْهُم أَسَارِيــرٌ وَأَشْجَـــانُ
أَتَى عَلَى الْكُـلِّ أَمْرٌ لَا مَرَدَّ لــَهُ *** حَتَّى قَضَــتْ أُمَمٌ لَـمْ يَبْقَ إِنْسَـانُ
وَلِلنَّوَائــِــبِ سُلْــوَانٌ يُهَوِّنــُـهَا *** وَمَا لِـمَا قد أصابَ الشَّـامَ سُـلْوَانُ
أَمْرٌ عَظِيمٌ وكَـربٌ لَا عَزَاءَ لــَهُ *** حَتَّى قَضَـتْ مِنْـهُ أَمْصَارٌ وَسُكَّـانُ
تَبْكِي الْعُيُونُ دُمُوعًا لَا انْكِفَافَ لَهَا *** وَفِي الْقُلُـوبِ أَسًى مُضْـنٍ وَأَحْـزَانُ
فسَلْ عَنَ اَخْبَارِها تَأْتِيكَ مُنبــِئَةً *** قدْ حَـلَّ سَاحَاتِهـَا ظُلْمٌ وَطُغْيَــانُ
خَلْقٌ أُلـــُوفٌ مِـنَ الأَرْوَاحِ أَزْهَقَـهَا *** ظُلْـمُ الطُغَــاةِ وإفســادٌ وَعُدْوَانُ
فَكَمْ مِنُ امٍّ وَطِفــْلٍ حِيلَ بَيْنَهُـمَا *** كَمْ مُزِّقَــتْ ثَمَّ أَجْسَــادٌ وَأَبــْـدَانُ
وَكَمْ فَتَاةٍ تُحاكي الشَّمْسَ إِذْ طَلَعَتْ *** كَأَنـــَّمَــا هِـيَ يَاقُوتٌ وَمَرْجَـــانُ
يَقُودُهَا العِلْـجُ لِلْمَكْرُوهِ مُكْرَهَـةً *** وَالْعَيْـنُ بَاكِيَــةٌ وَالْقَلْــبُ حَيْرَانُ
لِمِثْلِ هذَا يَذُوبُ الْقَلْـبُ مِنْ كَمَدٍ *** إِنْ كَانَ فِي الْقَلْـبِ إِسْـلَامٌ وَإِيمَــانُ
رَبــَّــاهُ نَشْكُو إِلَــيْــكَ الذُلَّ حَلَّ بِنَا *** فَـمَا عَلَى الْــخَيْرِ أَنـــْصَارٌ وَأَعْــوَانُ
فَهذِهِ الشَّـامُ تَدْعـُونا وَلَاأَحَــدٌ *** مِنَّا يُجِيـبُ وَمَا فِي الْقَـوْمِ مِعْــوَانُ
كَمْ يَسْتَغِيثُ بِنَا الْمُسْتَضْعَفُونَ وَهُمْ *** قَتْلَى وَأَسْرَى فَمـَا يَهْتــَزُّ إِنــْسَــانُ
هِيَ الشَّآمُ شَـآمُ النَّـوْرِ فَاغِمَــةً *** تارِيخـُهـا فيه أَفْنَانٌ وَأَغْصَــــانُ
قَدْ أُعْطِيَ المصطفى مِفْتَاحَ زَهـْرَتِهَا *** حَـتَّى كَأَنْ قد رَأَى قَصْــرًا لَهُ شَانُ (2)
وَفِـي دُعَاءٍ عَظِيــمٍ للنَّبِيِّ أتى: *** للشامِ بُـورِك خيـراتٌ وإحســَانُ (3)
وَفــِي الْـمَنَامِ رَأَى الأَمْلَاكَ آخِـذَةً *** عَمُـودَ نُـــورٍ تجاهَ الشَّامِ يــزدَانُ
وَقَالَ: إِنْ فِتَنٌ فِي أرضكُمْ وَقَعَتْ *** فَشَامُكُــمْ فيه إِسْــلَامٌ وَإِيمَــانُ (4)
وَحيثُ نَارٌ لِحَشْرِ النَّاسِ قَدْ خَرَجَتْ *** فَيَمِّمُوا نَحْوَهَا رَجْــلَى وَرُكْبَــانُ (5)
يَا قَوْمَنَا هَلْ عَلِمْتُمْ بِالذي رُزِئَـتْ *** شَامُ الْعَــلَاءِ فتشــريدٌ وَعــُدْوَانُ
قَـوْمٌ طُغَاةٌ بُغَـاةٌ زَادَ خُبْثُــهُمُ *** فريـقُ شَرٍّ وَلِلشَّــيْطَــانِ أَعْـــوَانُ
شِبِّيحَةُ الشَّــرِّ أَعْوَانٌ لِطَاغِيــَةٍ *** أَزْلامُ رِجْـسٍ وَلــِلمَدْحُــوْرِ إِخْـوَانُ
أُسْــدٌ عَلَى ضُعَفَاءٍ لَا عتَاد لَـهُمْ *** وفي لِـقَاءِ العِـدَى جُعْـلٌ وَحُمْـلَانُ
حَبَائِلُ الـمَكْرِ لِلأخْـيَارِ تَنْصِبُــهَا *** وذِي دِمَاءٌ وَأَشْـــلَاءٌ وَأَحْـــزَانٌ
تَجرَّدُوا عنْ خِصَالِ الْخَيْرِ أَجْمَعِهَا *** وَبِالدِّثــَـارِ دِثَارِ الشَّـــرِّ قَدْ شَانُــوا
بِلَا عُقُـولٍ وَ لا سَمْعٍ وَلَا بَصَـرٍ *** يُغْنِيــهُمُ فَـهُمُ صُـمٌّ وَعُمْــيَانُ
بِئْسَ الْقُلُـوبُ وَأَ كْـــبَادٌ فَكَمْ غَلُظَتْ *** أفَوْقَ الاَشْــلَاءِ تَطْريبٌ وَأَلــْـحَانُ
أَيَا قُلُوبًا لهم مِنْ فَرْطِ قَسْوَتـــِهَا *** كَأنـــَّما هِيَ أَحْـــجَارٌ وَصَــفْوَانُ
بِئْسَ الْوُجُوهُ فَقَدْ شَاهَتْ وَمَا جَمُلَتْ *** أَنــــَّى لـِهَذي الوُجُوهِ الْغُبْرِ إِحْــسَانُ
لِلّهِ يَا قَوْمِ وَعــْدٌ وَهْوَ مُنْجِــزُهُ *** نَصْــرٌ لِنَاصِرِهِ مَا فِيهِ خِـــذْلَانُ
وَإِنْ تَكِدْهُ السَّمَا وَالْأَرْضُ أَجْمَعُـهَا *** فلاَ سَبــِيلٌ لها عنْـهُو وَسُــلْطَانُ
من يَخذُلِ اللهُ ما المخذولُ مُنتَصِـرٌ *** ومَن يُهِنْهُ فلاَ خَيْـــرٌ وَإِحْــسَانُ
بِاللهِ يَاقَوْمَــنَا عُودُوا لِخَالِـقِكُمْ *** عُــودُوا إِلَى اللهِ تَسْلِــيمٌ وَإِيـمَانُ
قُولُوا جَمِـيعًا أَمَـوْلَانَا وَسَيّـِدَنَا *** نَدْعُــوكَ يَارَبـــَّـنا وَالقَلْبُ حَـــرَّانُ
يَا رَبـــَّــنَا طَالَ مَـكْرُ الْمُعتَدِيـنَ بِنَا *** كَـمْ نَالَنَا مِنْـهُمُ بَطْـشٌ وَعُـدْوَانُ
يَا مَـنْ خَزَائــِــنُــهُ مَلأى مُفَــتَّــحَةٌ *** النَّصـْرُ مِنْكَ بِنَصْرٍ أنتَ مِــحْسَانُ
مُجَاهِدي الشَّامِ صَبْرَاً إنَّ مَوْعِدَكُمْ *** يُسْرٌ يَلُوْحُ وَتَيْسِـــيرٌ وَبـــُـشْــرَانُ
فَاللهُ فِي مُحْكَمِ التَّـــنْزِيلِ أخْبَــرنَا *** أنْ بَعْدَ كُلِّ عَسِـــيْرٍ حَلَّ يُسـْرَانُ (6)

[تسجيل صوتي للأبيات]