بسم الله الرحمن الرحيم
طّرق تنصيب الحاكم و ثبوت الولاية له محمد بن صالح العثيمين رحمه الله.
التوحيد : شرح العقيدة السفارينية
الباب السادس : في ذكر الإمامة ومتعلقاتها
ونصبه بالنص والإجماع وقهره فحل عن الخداع
الأمر الأول : النص :
فإذا نص عليه الخليفة من قِبله فإنه يكون خليفة ، ولا تجوز منازعته ، ولا يحتاج إلى بيعة ؛ لأن بيعته يغني عنها بيعة الأول ، إذ أن بيعة الأول معناها التزام الناس بتصرف الأول ، وإذا تصرف الأول هذا التصرف وقال : إن الإمام من بعدي أو الخليفة من بعدي فلان ، فإنه يكون هو الخليفة دون أن يكون هناك مبايعة .
الأمر الثاني : الإجماع:
وهو إجماع أهل الحل والعقد على بيعته ، كما أجمع أصحاب الشورى الستة الذين وضعهم عمر علي مبايعة عثمان بن عفان رضي الله عنه ، فإذا أجمع أهل الحل والعقد على شخص ونصبوه إماماً ، صار إماماً ، لكن بشرط ألا يكون الخليفة الأول قد نص على شخص معين ، فإن كان قد نص على شخص معين فلا كلام ، لكن لو مات ولم ينص على أحد فإنه يجتمع أهل الحل والعقد ، فإذا أجمعوا على أن فلانا هو الخليفة صار خليفة .
ولا يشترط أن يبايع كل فرد من الأمة ، ولأن هذا شيء غير ممكن ، ولهذا لم يبايع أبا بكر رضي الله عنه إلا أهل الحل والعقد ، ولم يرسل إلى كل مراهق ، ولا إلى كل عجوز ، ولا إلى كل شاب ، ولا إلى كل رجل أن يبايعه ، ولم يرسل إلى مكة ولا إلى الطائف ولا إلى غيرها من البلاد ، بل ولا إلى أهل المدينة ، بل اكتفى بمبايعة أهل الحل والعقد .
وبهذا نعرف أن من قال من السفهاء الأغرار : أنا لم أبايع ، أنه أخطأ ، فإنه لا يشترط أن يبايع كل واحد من الأمة ، فالمبايعة ليست لكل واحد من الناس ، بل المبايعة لأهل الحل والعقد ، فإذا اجمعوا عليه وبايعوه صار إماما ، ووجب على الجميع التزام أحكام الإمام في هذا الرجل الذي أجمع عليه أهل الحل والعقد ، وذلك مثل عثمان رضي الله عنه ، فقد بويع بإجماع أهل الشورى الذين نصبهم عمر رضي الله عنه .
الأمر الثالث : القهر :
يعني لو خرج رجل واستولى على الحكم وجب على الناس أن يدينوا له ، حتى وإن كان قهراً بلا رضا منهم ؛ لأنه استولى على السلطة ، ووجه ذلك أنه لو نوزع هذا الذي وصل إلى سدة الحكم لحصل بذلك شر كثير . وهذا كما جرى في دولة بني أمية فإن منهم من استولى بالقهر والغلبة ، وصار خليفة ينادى باسم الخليفة ، ويدان له بالطاعة امتثالاً لأمر الله عز وجل .
فهذه هي الطرق التي يكون بها الإمام إماماً وهي ثلاثة : النص والإجماع والقهر . وإذا قلنا : إن الخلافة تثبت بواحد ، هذه الطرق الثلاث فيعني ذلك أنه لا يجوز الخروج على من كان إماماً بواحد منها أبدا .
ولهذا قال المؤلف رحمه الله : ( فحل عن الخداع ) يعني لا تخادع ولا تخن إذا ثبتت الإمامة بواحدة من هذه الطرق ، فالإمامة ثابتة بها .


رد مع اقتباس