شبكة الأمين السلفية - Powered by vBulletin
لا إلهَ إلاَّ اللَّه وحْدهُ لاَ شَرِيكَ لهُ، لَهُ المُلْكُ، ولَهُ الحمْدُ، وَهُو عَلَى كُلِّ شَيءٍ قَدِيرٌ  |  لا حول ولا قوة إلا بالله  |  أستغفر الله الذي لا إله إلا هو الحيَّ القيومَ وأتوب إليه
النتائج 1 إلى 6 من 6

الموضوع: دفع وساوس العيد شريفي التي طعن بها في الشيخين ربيع المدخلي وعلي فركوس والتي ألصقها بهتانا وزورا بالمنهج السلفي

  1. #1
    تاريخ التسجيل
    Aug 2012
    المشاركات
    362

    افتراضي دفع وساوس العيد شريفي التي طعن بها في الشيخين ربيع المدخلي وعلي فركوس والتي ألصقها بهتانا وزورا بالمنهج السلفي

    دفع وساوس العيد شريفي التي طعن بها في الشيخين ربيع المدخلي وعلي فركوس والتي ألصقها بهتانا وزورا بالمنهج السلفي
    بسم الله الرحمن الرحيم
    الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه الكرام
    أما بعد :
    فقد نُشر في منتدى الحلبي ( كل السلفيين) كلمة مسجلة للعيد شريفي الجزائري ينتقد فيها فضيلة الشيخ المبجل المحترم الأريب أباعبدالمعز ـ حفظه الله ورعاه ـ لما أنكر على الحركيين الثوريين وأصحاب المظاهرات والمسيرات أعمالهم الإجرامية الشنيعة التي ما يتولد منها إلا التفرقة في الأمة الإسلامية، و ما يجنى منها إلا الوهن والإحن والمحن ، والتي من أفحشها وأقبحها كما قال فضيلته :" قد بدت للعيان نزعاتُ أهواءٍ على سطح السَّاحة الدَّعوية تحاول نَزْع الثقة بالعلماء الأمَّة ومشايخها ، والتقليلَ من مركزهم الأدبيِّ وأثرهم الاجتماعي ... لذلك لا ينبغي إذا اعترف النَّاس بأعلمية الشخص وتقواه أن يُــتاجسر عليه ... فتجد بعض المنتسبين لهذا المنهج يشكِّك في جدارتهم وقيادتهم وريادتهم ... إنَّ الشَّيخ ربيعًا حفظه الله تعالى معروفٌ بعلمه وصناعته الحديثية وتقواه وحرقته على المنهج والَّذين تكلَّم فيهم ظهروا على ساحات المظاهرات الأخيرة علنًا وبرفع الأصوات على الوجه الَّذي لا يُرتضى : فأيَّدوا الخروج ووقفوا مع الديمقراطيِّن وفتحوا المجال للدخول
    في المجالس التشريعية ." .
    فنزع ثقة العلماء من قلوب الأمة الإسلامية وتشكيك في مرجعيتهم
    ومسايرة الأنظمة والوسائل الغربية من الدخول والمشاركة في البرلمانات والانتخابات وإنشاء الجمعيات وإحداث المظاهرات والمسيرات والقواعد الضالة والمحدثات للاحتجاج والاعتذار ، وللمحافظة على هيمنة الهيئات والجماعات الإسلامية المحدثة وزعمائها، هو من أبرز وأظهر عوامل الصراع والنزاع بين أهل الحق و أهل الباطل ، ولكن أهل الباطل والأهواء يسعون في طمس هذه الحقيقة وسترها بأقنعة غلفوها بالتلبيس والكذب والخديعة وصرفها إلى مواطن ليست هي محل النزاع والصراع والتي منها أن الشيخ ربيعا المدخلي ما تكلم فيمن تكلم فيه إلا لأغراض شخصية ، أو أن المسائل التي انتقد فيها خصومه مسائل اجتهادية قد خالفه فيها العلماء ، وما قلده فيها إلا اتباعه ومن تأثر بفتنه ـ زعموا ـ !!!
    فقد ضج وعج الحزبية وكل من تنكر للمنهج السلفي وأهله ، بهذه الثرثرة وملؤوا بها منتدياتهم ومجالسهم وسودوا بها مقالاتهم ونجسوا بها أفواههم ، فشرق وغرب يا أيها القارئ الكريم ، وفحص الجماعات وأفرادها ترى ذلك عيانا .
    وما ثرثرة العيد شريفي هذه التي جمعت أمري واستعنت بالله تعالى ـ إحقاقا للحق ومناصرة لأهله في زمان أشتد فيه غربتهم مع قلة المناصر لهم وكثرة المناوئ ـ، للنظر والتأمل في حقيقتها وأهدافها إلا من هذا القبيل ، فقد ظهرت فيها نفحات التكلف والشطط والإجحاف والغلو في الانتقاد الذي يدّعون ويتزعمون ، أن علماء السنة ومنهم ربيع بن هادي المدخلي قد عُدم وفقد من منهجهم النقدي العلمي الإنصاف ، وعدم مراعاة حسنات خصومهم ، وهو هنا لم يراع هذا المنهج الذي يتباكون عليه ، في انتقاده لفضيلة الشيخين ربيع المدخلي وعلي فركوس كما سترى يا أيها القارئ ، بل أعجب من ذلك وأدهى أنه ذهب ينتقد ويخطئ ما هو صواب صحيح في لغة العلم ولسانه ، والله تعالى يقول في كتابه العزيز: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لِمَ تَقُولُونَ مَا لا تَفْعَلُونَ كَبُرَ مَقْتًا عِنْدَ اللَّهِ أَنْ تَقُولُوا مَا لا تَفْعَلُونَ}[الصف : 3] ، وقال تعالى :{ وَيْلٌ لِلْمُطَفِّفِينَ * الَّذِينَ إِذَا اكْتَالُوا عَلَى النَّاسِ يَسْتَوْفُونَ * وَإِذَا كَالُوهُمْ أَوْ وَزَنُوهُمْ يُخْسِرُونَ}[1 ـ 3] .
    قال الإمام السعدي ـ رحمه الله ـ في التفسير لهذه الآيات الكريمات : ((ودلت الآية الكريمة، على أن الإنسان كما يأخذ من الناس الذي له، يجب عليه أن يعطيهم كل ما لهم من الأموال والمعاملات، بل يدخل في [عموم هذا] الحجج والمقالات، فإنه كما أن المتناظرين قد جرت العادة أن كل واحد [منهما] يحرص على ماله من الحجج، فيجب عليه أيضًا أن يبين ما لخصمه من الحجج [التي لا يعلمها] ، وأن ينظر في أدلة خصمه كما ينظر في أدلته هو، وفي هذا الموضع يعرف إنصاف الإنسان من تعصبه واعتسافه، وتواضعه من كبره، وعقله من سفهه، نسأل الله التوفيق لكل خير.)) ([1]) .
    وأيضا قد طفح على كلمته هذه طابع تصحيح المظاهرات والمسيرات والدفاع عن أهلها والغضب من أجلهم والإعتذار لهم والانتقاد من أنكر عليهم صنيعهم ، وتجهيل أهل العلم وتنقيص من مكانتهم العلمية والغرور بنفسه وتعطشه أن يذكر مع أهل العلم إذا ذكروا !!
    هذا إجمال ما تضمنه كلمه من البوائق الفاسدة والثرثرة الكاسدة ، أما تفتيت كلمه وتفصيله وتوضيحه ، فيكون على النحو التالي :
    البيان الأول : قال العيد في (د01) منتقدا الشيخ في كلمته : " والتقليلَ من مركزهم الأدبيِّ وأثرهم الاجتماعي " .
    (( أما قوله " الأدبي" ، هذا ما عندناش في الشرع ، لمركزهم ماذا ؟ العلمي ، المكانة التي يأخذها الإنسان ، مركزهم العلمي وأثرهم الدعوي على الناس ، هذه المصطلحات التي تستعمل عندنا ، أما هذا الأدبي والاجتماعي مصطلحات جديدة يعني ))
    أقول
    أولا : لا يخفى على عامة المسلمين فضلا عن خاصتهم منزلة الآداب والأخلاق في الإسلام وعناية الكتاب والسنة بها والإشادة بذكرها والحث عليها، فالعبد المسلم يعلو عند الله تعالى ويسمو في الأمة الإسلامية وينبل مركزه بتحليه بالأخلاق الحسنة وتمسكه بالآداب الشرعية والشيم المرعية التي حقيقة أنواعها : أدب مع الله سبحانه وأدب مع رسول الله صلى الله عليه وسلم وأدب مع خلقه ، وتفصيل ذلك ليس هذا مقامه ، فليرجع إلى مظانه .
    وإنما أردت أن أشير إلى أن ما عبر به فضيلة الشيخ علي فركوس ـ حفظه الله ورعاه ـ من قوله :" والتقليلَ من مركزهم الأدبيِّ " لم يخطئ التعبير ويبتعد عن الصواب ، بل هو عين السداد والتوفيق والإصابة ، إذ أن الأدب إذا أطلق في اللغة يراد به : " حُسْنُ الأَخلاق وفِعْلُ المَكَارِم "([2]) ، أما إِطلاقُه على عُلُومِ العَرَبِيَّة فهو مُوَلَّد حَدَث فِي الإِسلام ([3]) ، ولا نظن أن الشيخ أبا عبدالمعز أراد هذا الثاني ، إنما سياق كلامه ومحوره يدور ويدلل على الأول ، والذي لا يكتسب ويصح إلا بالعلم والترقي في منازله ، وعليه فما وجه انتقاده إذ لم يكن إلا التكلف في تخطئته !!
    ثانيا : إن هذه الألفاظ التي عبر بها الشيخ قد دلت على معناها الصحيح السليم من المحذور الشرعي ، من غير الإخلال في الكلام الصحيح ، وهي قد وفت مقصودها الشرعي الذي أراده الشيخ إيصاله للقارئ المتمثل في إحقاق الحق وكشف ما يضاده من الباطل ، ومن كان كذلك فلا الإنكار عليه ، إذ أن اللغة وجدت وسيلة للإفهام والبيان ، وإنما يدخلها المحذور إذا اتخذت وسيلة للتضليل والخداع والتلبيس ([4])
    قال الشيخ حمد بن إبراهيم العثمان في ( دراسة نقدية لقاعدة المعذرة والتعاون)(ص25) : (( الثاني : أن اللفظ معتبر كالمعنى سواء بسواء ولذلك وضع اللفظ للدلالة على معناه الذي يقتضيه ، فالألفاظ قوالب للمعاني ، فإذا كان القالب مخالفا للمعنى الذي يقتضيه دل ذلك على تحايل المتكلم وسوء قصده بغرض التعمية على الخلق أو الخروج من عهدة ما لزمه من أقوال أو دل ذلك على جهل المتكلم حيث استعمل من الألفاظ ما لا يعبر عما في نفسه ومقصوده .
    قال شيخ الإسلام ابن تيمية :" إن معاني الكلام لا تتم إلا بالألفاظ وبمجموع اللفظ والمعنى يصير الكلام كلاما " ( مجموع الفتاوى )(26/25)
    وقال ابن القيم :"فإن المتكلم عليه أن يقصد بتلك الألفاظ معانيها والمستمع عليه أن يحملها على تلك المعاني"(إعلام الموقعين)(3/132) )) ا.هـ
    البيان الثاني : قال عند قول الشيخ: " لذلك لا ينبغي إذا اعترف النَّاس بأعلمية الشخص وتقواه أن يُــتاجسر عليه ، إذ لا يفعل ذلك إلاَّ من تربيَّ عن مجالس العلماء ومحاضنهم ، أو لم ينتفع ببركة مجالسهم العلمية ومواعظهم الإرشادية"
    وذلك في الدقيقة ( 04) وما بعدها : (( هذا منهج صوفي ، علامات المنهج الصوفي بدأت تبدو ... ))
    وقال عند قول الشيخ :" إذ لا يفعل ذلك إلاَّ من تربيَّ عن مجالس العلماء ومحاضنهم"
    (( هذا خطأ لأن كتقول مجالس العلماء فكل الناس حتى الصوفية يتربوا في مجالس العلماء ...))
    وقال عند قول الشيخ :" أو لم ينتفع ببركة مجالسهم العلمية ومواعظهم الإرشادية"
    : (( هذه صوفية ))
    أقول
    لا يخفى على من تأمل كلامه هذا وما بعده ، ما فيه من التزهيد في العلماء وصرف الشباب الإسلامي عن حلقهم العلمية واصطناع الحواجز والموانع التي تحول وتمنع من ثني الركب بين أيديهم وتلقي العلم من أفواههم الذي هو الأصل في الطلب ، وهذا يكاد يكون محل إجماع كلمة من أهل العلم ([5] )
    وهذه النبرات التي رجف بها العيد شريفي من التزهيد في مجالس العلماء ما رأيناها وسمعناها إلا من الحركية والصوفية ، ومن ذلك تأمل يا أيها القارئ الكريم ما يقوله التبليغ الصوفية العصرية لجلسائهم من القصص والحكايات التي تزهد في العلم وأهله
    جاء في كتاب ( القطبية هي فتنة فاعرفها)( ص 13) : (( اعلم ـ رحمك الله ـ بأنّ لهم جلستين: جلسة ليلة الثلاثاء، وجلسة ليلة الأربعاء.
    الجلسة الأولى: للعائدين من الخروج، يُحضر لهم مَن يريدون تشجيعه للخروج معهم، أو التأثير عليه.
    والجلسة الثانية: الترتيب للخروج عصر الأربعاء؛ فيقول أمير تلك الجلسة لأحد الخارجين ـ ليُعْلِمَ الجددَ من المستمعين ـ: كم يومًا خرجت ؟ فيجيبه الخارج: خرجت أربعة أشهر في سبيل الله. فيقول له: ما شاء الله، أين قضيتها ؟ فيقول له الخارج: قضيت عشرة أيام في الدول الخليجية، وعشرين يومًا في أدغال إفريقيا، وشهرًا في أوروبا، وشهرًا في أمريكا الجنوبية، وشهرًا في شرق آسيا والهند وباكستان، فيقول له أمير الجلسة ـ وانتبه ـ: ما شاء الله أنت داعية، والداعية مثل السحاب يَمرُّ على الناس في أرضهم فيسقيهم، بخلاف العلماء، فإنَّهم أشبه بالآبار إذا أصابك الظمأ على بعد مسافة ميل، قد يقتلك العطش قبل أن تأتي تلك الآبار، بل قد لا تشرب؛ لأنَّ الدلو التي تلقى فيها غير موجودة، فإذا أردت الشرب فلابدّ من الحضور عند حافة البئر، ثمّ تلقي الدلو، ثمّ تجذب حتى تشرب.
    هل انتبهت لِمَا انقدح في نفسك ـ كما انقدح في نفوس السامعين له ـ من تفضيل الداعية على العالم ؟
    فإذا أراد أحدهم أن يجلس لطلب العلم تذكّر تلك القصّة؛ فأراد أن يكون سحابًا لا أن يكون بئرًا من الآبار....
    وإليك ـ أيضًا ـ قصة أخرى، لعلّك تزداد بهم بصيرة:
    يقول أحدهم ـ بحضور المبتدئين ـ لرجل يريد طلب العلم الشرعي: إلى أين تذهب يا فلان ؟ قال له الآخر: سأذهب لطلب العلم. فيجيبه الأوّل: لماذا ؟ فيقول الآخر: لأعرف الحلال من الحرام. فيقول الأوّل: سبحان الله، أنت لا تعرف الحلال من الحرام ؟! ألم تسمع قول النبي صلى الله عليه وسلم: "استفت قلبك وإن أفتاك المفتون".
    سبحان الله ! إلى الآن لا تعرف الحلال من الحرام وكثير من الدواب يعرف ذلك ؟! ألا ترى إلى أنّ القطة حينما تضع طعامك في مكان ثمّ تذهب عنه ثمّ تعود إليه بعد حين، فترى القطة تأكل منه فإنَّها ما إن تراك إلاّ وتهرب، بخلاف ما إن جلست على مائدة طعامك ثمّ وضعت لها بجوارك شيئًا من الطعام فإنّها ستأتي حتى تأكله عندك.
    فالأولى علِمَت أنَّها وقعت في حرام، فلذا هربت منك، والثانية علِمت أنَّها وقعت في حلال، ولذا أكلت معك. يا أخي العقول المؤمنة تميّز بين الحلال والحرام، <استفت قلبك وإن أفتاك المُفتون>. فيا أُخَيَّ: هل يرضيك هذا التمثيل وهذه النظرة ؟!! ))
    أما القطبية السرورية الحركية فقد اصطنعوا أغلفة كثيفة كثيرة لتزهيد في العلماء ومجالسهم إذ وصفوهم بأنهم علماء سلطان وأنهم حاشية حكام ولا يفقهون الواقع وهلم جرا
    وهذا المنهج الخبيث قد اصطنعه وحمله قديما وبثه في الأمة الإسلامية أهل الكلام والصوفية وما هؤلاء المتأخرة إلا اتباع لأولئك السلف الطالح .
    قال الإمام ابن القيم ـ رحمه الله ـ في (مدارج السالكين )(2/ 438 ـ 439) : (( وَأَمَّا الْكَلِمَاتُ الَّتِي تُرْوَى عَنْ بَعْضِهِمْ: مِنَ التَّزْهِيدِ فِي الْعِلْمِ، وَالِاسْتِغْنَاءِ عَنْهُ. كَقَوْلِ مَنْ قَالَ: نَحْنُ نَأْخُذُ عِلْمَنَا مِنَ الْحَيِّ الَّذِي لَا يَمُوتُ، وَأَنْتُمْ تَأْخُذُونَهُ مِنْ حَيٍّ يَمُوتُ.
    وَقَوْلِ الْآخَرِ - وَقَدْ قِيلَ لَهُ: أَلَا تَرْحَلُ حَتَّى تَسْمَعَ مِنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ - فَقَالَ: مَا يَصْنَعُ بِالسَّمَاعِ مِنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ، مَنْ يَسْمَعُ مِنَ الْخَلَّاقِ؟
    وَقَوْلِ الْآخَرِ: الْعِلْمُ حِجَابٌ بَيْنَ الْقَلْبِ وَبَيْنَ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ.
    وَقَوْلِ الْآخَرِ: لَنَا عِلْمُ الْحَرْفِ. وَلَكُمْ عِلْمُ الْوَرَقِ.
    وَنَحْوِ هَذَا مِنَ الْكَلِمَاتِ الَّتِي أَحْسَنُ أَحْوَالِ قَائِلِهَا: أَنْ يَكُونَ جَاهِلًا يُعْذَرُ بِجَهْلِهِ، أَوْ شَاطِحًا مُعْتَرَفًا بِشَطْحِهِ، وَإِلَّا فَلَوْلَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ وَأَمْثَالُهُ، وَلَوْلَا أَخْبَرَنَا وَحَدَّثَنَا لَمَا وَصَلَ إِلَى هَذَا وَأَمْثَالِهِ شَيْءٌ مِنَ الْإِسْلَامِ.
    وَمَنْ أَحَالَكَ عَلَى غَيْرِ أَخْبَرَنَا وَحَدَّثَنَا فَقَدْ أَحَالَكَ: إِمَّا عَلَى خَيَالِ صُوفِيٍّ، أَوْ قِيَاسِ فَلْسَفِيٍّ. أَوْ رَأْيِ نَفْسِيٍّ. فَلَيْسَ بَعْدَ الْقُرْآنِ وَأَخْبَرَنَا وَحَدَّثَنَا إِلَّا شُبَهَاتُ الْمُتَكَلِّمِينَ. وَآرَاءُ الْمُنْحَرِفِينَ، وَخَيَالَاتُ الْمُتَصَوِّفِينَ، وَقِيَاسُ الْمُتَفَلْسِفِينَ. وَمَنْ فَارَقَ الدَّلِيلَ، ضَلَّ عَنْ سَوَاءِ السَّبِيلِ. وَلَا دَلِيلَ إِلَى اللَّهِ وَالْجَنَّةِ، سِوَى الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ. وَكُلُّ طَرِيقٍ لَمْ يَصْحَبْهَا دَلِيلُ الْقُرْآنِ وَالسُّنَّةِ فَهِيَ مِنْ طُرُقِ الْجَحِيمِ، وَالشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ.
    وَالْعِلْمُ مَا قَامَ عَلَيْهِ الدَّلِيلُ. وَالنَّافِعُ مِنْهُ: مَا جَاءَ بِهِ الرَّسُولُ. ))
    قلت ( بشير) : بهذا النقل والتقرير يتضح أن الذي يزهد في العلم ومجالس أهله هم الصوفية كما هو شأن العيد شريفي ، لا الذي يحث على الجلوس إلى العلماء والاستماع إلى كلامهم وإلى حدثنا واخبرنا كما هي نصيحة فضيلة الشيخ علي فركوس .
    ثانيا : إن قصة مالك بن الحويرث ووفد عبد القيس التي استشهد بها للتزهد في مجالس العلماء وحلق العلم حجة عليه لا له ، إذ هي نص فيما قرره فضيلة الشيخ علي فركوس من الجلوس إلى أهل العلم واحترامهم والاكتساب منهم العلم والتربية ولو اقتضى ذلك الرحيل والسفر إليهم .
    قال الإمام ابن تيمية ـ رحمه الله ـ مبينا حكم السفر إلى النبي صلى الله عليه وسلم : (( وأيضا فالسفر إليه في حياته؛ إما أن يكون لما كانت الهجرة إليه واجبة كالسفر قبل الفتح، فيكون المسافر إليه مسافرا للمقام عنده بالمدينة مهاجرا من المهاجرين إليه ...
    وإما أن يكون المسافر إليه وافدا إليه ليسلّم عليه ويتعلّم منه ما يبلّغه قومه؛ كالوفود الذين كانوا يفدون إليه- لا سيما سنة عشر- سنة الوفود ... ومن الوفود وفد عبد القيس لما قدموا عليه ورجعوا إلى قومهم بالبحرين، لكن هؤلاء أسلموا قديما قبل فتح مكة، وقالوا: لا نستطيع أن نأتيك إلا في شهر حرام لأن بيننا وبينك هذا الحي من كفار مضر، وهم أهل نجد كأسد وغطفان وتميم وغيرهم، فإنهم لم يكونوا قد أسلموا بعد. وكان السفر إليه في حياته لتعلّم الإسلام والدين ولمشاهدته وسماع كلامه، وكان خيرا محضا )) ([6])
    ثالثا : قوله :" فكل الناس حتى الصوفية يتربوا في مجالس العلماء"
    هذا من تلاعبه بعقول الشباب ، وتنقصه وتهوينه من فائدة مجالسة أهل العلم ، إذ يريد أن يقول إذا كان الصوفية يجلسون إلى العلماء ولم يستفيدوا منهم الهدي والعلم فما فائدة من مجالسة أهل العلم !!
    وهو في ذلك يتغافل عن طبائع المنافقين وأهل الأهواء وما أتوا من الموانع والحواجز التي تمنعهم من اكتساب العلم والإيمان من أهل العلم والصلاح ، ولو جلسوا إلى النبي صلى الله عليه وسلم ، قال الله تعالى عنهم مبينا حالهم لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم :{ وَمِنْهُمْ مَنْ يَسْتَمِعُ إِلَيْكَ حَتَّى إِذَا خَرَجُوا مِنْ عِنْدِكَ قَالُوا لِلَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ مَاذَا قَالَ آنِفًا أُولَئِكَ الَّذِينَ طَبَعَ اللَّهُ عَلَى قُلُوبِهِمْ وَاتَّبَعُوا أَهْوَاءَهُمْ }[محمد :16]
    قال الإمام ابن تيمية في ( قاعدة في المحبة)(ص: 22) : (( وهذه حال من لم يفقه الكتاب والسنة بل يستشكل ذلك فلا يفقهه أو قرأه متعارضا متناقضا وهي صفة المنافقين ))
    وقد قيل : النَّاسُ ثَلَاثَةٌ: فَسَامِعٌ عَامِلٌ، وَسَامِعٌ غَافِلٌ، وَسَامِعٌ تَارِكٌ ([7])
    رابعا : قوله منتقدا قول الشيخ :"أو لم ينتفع ببركة مجالسهم" ، أن هذه صوفية
    هذا من جهله بحقيقة الألفاظ ومعانيها الصحيحة في الشرع !!
    سئل الإمام ابن عثيمين ـ رحمه الله ـ : عن قول العامة: "تباركت علينا؟ "، "زارتنا البركة؟ ".
    فأجاب قائلا: قول العامة: "تباركت علينا" لا يريدون بهذا ما يريدونه بالنسبة إلى الله -عز وجل- وإنما يريدون أصابنا بركة من مجيئك، والبركة يصح إضافتها إلى الإنسان، قال أسيد بن حضير لما نزلت آية التيمم بسبب عقد عائشة الذي ضاع منها قال: " ما هذه بأول بركتكم يا آل أبي بكر ".
    وطلب البركة لا يخلو من أمرين:
    الأمر الأول: أن يكون طلب البركة بأمر شرعي معلوم مثل القرآن الكريم قال الله تعالى: {وَهَذَا كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ مُبَارَكٌ} فمن بركته أن من أخذ به وجاهد به حصل له الفتح، فأنقذ الله به أمما كثيرة من الشرك، ومن بركته أن الحرف الواحد بعشر حسنات، وهذه توفر للإنسان الجهد والوقت.
    الأمر الثاني: أن يكون طلب البركة بأمر حسي معلوم، مثل العلم، فهذا الرجل يتبرك به بعلمه، ودعوته إلى الخير، قال أسيد بن حضير: "ما هذه بأول بركتكم يا آل أبي بكر "، فإن الله قد يجري على أيدي بعض الناس من أمور الخير ما لا يجريه على يد الآخر.
    وهناك بركات موهومة باطلة مثل ما يزعمه الدجالون أن فلانا الميت الذي يزعمون أنه ولي أنزل عليكم من بركته، وما أشبه ذلك، فهذه بركة باطلة لا أثر لها، وقد يكون للشيطان أثر في هذا الأمر لكنها لا تعدو أن تكون آثارا حسية، بحيث إن الشيطان يخدم هذا الشيخ فيكون في ذلك فتنة.
    أما كيفية معرفة هل هذه من البركات الباطلة أو الصحيحة؟
    فيعرف ذلك بحال الشخص، فإن كان من أولياء الله المتقين المتبعين للسنة المبتعدين عن البدعة، فإن الله قد يجعل على يديه من الخير والبركة ما لا يحصل لغيره، أما إن كان مخالفا للكتاب والسنة، أو يدعو إلى باطل، فإن بركته موهومة، وقد تضعها الشياطين له مساعدة على باطله. ا.هـ ([8])
    وقال العلامة المفتي أحمد حماني ـ رحمه الله ـ عند جواب على قول السائل :" كنا نزور المشايخ بنية خالصة" : ((الزيارة الشرعية تكون للشيخ إذا كان من ذوي العلم و الفهم و الصلاح و يأخذ منه المنقول و المعقول و يرجع بفوائد جمة كما كان عالم المدينة بها و أبو حنيفة في العراق هذه الزيارة هي المأذون فيها و كانت تضرب إليه آباط الإبل )) ([9])
    خامسا : إن من أصول أهل السنة والجماعة هو احترام أهل العلم والإيمان وتبجيلهم وتعظيمهم ، وقد أخل بهذا الأصل طوائف أهل البدع والأهواء ، وهو من اظهر علامات زيغهم وضلالهم .
    قال الإمام أبوحاتم الرازي ـ رحمه الله ـ : (( مَذْهَبُنَا وَاخْتِيَارُنَا اتِّبَاعُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَصْحَابِهِ وَالتَّابِعِينَ وَمَنْ بَعْدَهُمْ بِإِحْسَانٍ .. وَالتَّمَسُّكُ بِمَذْهَبِ أَهْلِ الْأَثَرِ مِثْلِ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ , وَإِسْحَاقَ بْنِ إِبْرَاهِيمَ , وَأَبِي عُبَيْدٍ الْقَاسِمِ بْنِ سَلَّامٍ , وَالشَّافِعِيِّ. وَلُزُومُ الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ , وَالذَّبُّ عَنِ الْأَئِمَّةِ الْمُتَّبِعَةِ لِآثَارِ السَّلَفِ , وَاخْتِيَارُ مَا اخْتَارَهُ أَهْلُ السُّنَّةِ مِنَ الْأَئِمَّةِ فِي الْأَمْصَارِ مِثْلُ: مَالِكِ بْنِ أَنَسٍ فِي الْمَدِينَةِ , وَالْأَوْزَاعِيِّ بِالشَّامِ , وَاللَّيْثِ بْنِ سَعْدٍ بِمِصْرَ , وَسُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ , وَحَمَّادِ بْنِ زِيَادٍ بِالْعِرَاقِ مِنَ الْحَوَادِثِ مِمَّا لَا يُوجَدُ فِيهِ رِوَايَةٌ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَالصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ...
    وَعَلَامَةُ أَهْلِ الْبِدَعِ الْوَقِيعَةُ فِي أَهْلِ الْأَثَرِ. وَعَلَامَةُ الْجَهْمِيَّةِ أَنْ يُسَمُّوا أَهْلَ السُّنَّةِ مُشَبِّهَةً وَنَابِتَةً. وَعَلَامَةُ الْقَدَرِيَّةِ أَنْ يُسَمُّوا أَهْلَ السُّنَّةِ مُجَبِّرَةً. وَعَلَامَةُ الزَّنَادِقَةِ أَنْ يُسَمُّوا أَهْلَ الْأَثَرِ حَشْوِيَّةً. وَيُرِيدُونَ إِبْطَالَ الْآثَارِ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. )) ([10])
    قال العلامة محمد بن هادي المدخلي ـ حفظه الله ـ في كتابه ( الإقناع بما جاء عن أئمة الدعوة من أقوال في الاتباع)(ص 108) ناقلا عن العلامة الفقيه المحدث الأصولي الشيخ سليمان بن عبدالله بن محمد بن عبدالوهاب ـ رحمهم الله ـ في هذا الشأن : (( ولسنا نقول: إن الأئمة على خطأ، بل هم إن شاء الله على هدى من ربهم، وقد قاموا بما أوجب الله عليهم من الإيمان بالرسول صلى الله عليه وسلم ومتابعته، ولكن العصمة منتفية عن غير الرسول، فهو الذي {وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى إِنْ هُوَ إِلاَّ وَحْيٌ يُوحَى}[سورة النّجم: 3-4] . )) ا.هـ ([11])
    وقال الشيخ محمد في (ص 109) : (( فاحترامهم شيء ، والغلو فيهم إلى درجة ادعاء العصمة لهم شيء آخر ، فهذا الذي نعتقده ، وندين الله تعالى به .
    ومن نسب إلينا غيره ، أو نسبنا إلى غيره فهو مفتر )) ا.هـ
    وقال في (ص 114) ناقلا عن الإمام المجدد شيخ الإسلام محمد بن عبدالوهاب قوله في رسالته التي بعث بها إلى الشيخ عبدالعزيز الحصين مجيبا عن المسائل التي سأل عنها حول ( الزكاة والمضاربة والنقود المغشوشة) : ((فينبغي، للمؤمن أن يجعل همه ومقصده معرفة أمر الله ورسوله مسائل الخلاف، والعمل بذلك .
    ويحترم أهل العلم ويوقرهم ولو أخطئوا، لكن لا يتخذهم أربابا من دون الله هذا طريق المنعم عليهم. أما اطراح كلامهم وعدم توقيرهم فهو طريق المغضوب عليهم.
    وأما اتخاذهم أربابا من دون الله، إذا قيل قال الله ، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم، قيل هم أعلم منا ، فهذا هو طريق الضالين )) ا.هـ ([12])

    يتبع إن شاء الله .....
    ([1]) ( تيسير الكريم الرحمن)(ص: 915)

    ([2]) (تاج العروس)(2/ 12)

    ([3]) نفس المصدر

    ([4]) انظر كتاب (كتاب الدراسات اللغوية والنحوية في مؤلفات شيخ الإسلام ابن تيمية)(ص 83) وما بعدها من الصفحات في تقرير هذه المسألة

    ([5]) انظر ( حلية طالب العلم وشرحها)(ص 88 ـ 98) للإمام ابن عثيمين ـ رحمه الله ـ

    ([6]) (الرد على الإخنائي)(ص: 154)

    ([7]) (جامع البيان عن تأويل آي القرآن)(21/ 203)

    ([8]) (مجموع فتاوى ورسائل العثيمين)(3/ 91)

    ([9]) انظر رسالة ( أعراس الشيطان الزردة والوعدة)(ص 40)

    ([10]) (شرح أصول اعتقاد أهل السنة والجماعة)(1/ 202)

    ([11]) انظر (تيسير العزيز الحميد في شرح كتاب التوحيد )(ص: 475)

    ([12]) انظر ( مجموعة الرسائل النجدية)(1/12)


  2. #2
    تاريخ التسجيل
    Oct 2012
    المشاركات
    134

    افتراضي رد: دفع وساوس العيد شريفي التي طعن بها في الشيخين ربيع المدخلي وعلي فركوس والتي ألصقها بهتانا وزورا بالمنهج السلفي

    جزاك الله خيرا أخانا بشير ، وأيدك بعونه وتوفيقه في فضح المميعة ـ أخزاهم الله ـ
    واصل وصلك الله بحبله ، ووفقك لما يحب ويرضى .

    اللهم اهدي الضال العيد وأتباعه ، أو اقصم ظهره و أتباعه وكل مميع يا قوي ياعزيز

  3. #3
    تاريخ التسجيل
    Aug 2012
    المشاركات
    362

    افتراضي رد: دفع وساوس العيد شريفي التي طعن بها في الشيخين ربيع المدخلي وعلي فركوس والتي ألصقها بهتانا وزورا بالمنهج السلفي

    جزاك الله خيرا أخي الكريم عبدالله بن العيد

  4. #4
    تاريخ التسجيل
    Aug 2012
    المشاركات
    362

    افتراضي رد: دفع وساوس العيد شريفي التي طعن بها في الشيخين ربيع المدخلي وعلي فركوس والتي ألصقها بهتانا وزورا بالمنهج السلفي

    البيان الثالث :قال فضيلة الشيخ علي فركوس مبينا مكانة أهل العلم ومنزلتهم في الأمة وفضلهم :
    " فتجد بعض المنتسبين لهذا المنهج يشكِّك في جدارتهم وقيادتهم وريادتهم "
    إن هذا الكلام من الشيخ قد شهد بصحته وأحقيته نصوص الكتاب والسنة وتقريرات أهل العلم .
    فعلماء الإسلام هم قدوة الأنام وإليهم يُرجع في العلم والدين وما يستجد في الأمة من الأحداث والنوازل ، فلا تساس أمور الدين والدنيا وتصلح إلا بهم .
    قال الإمام الآجري ـ رحمه الله ـ مبينا فضلهم في الأمة : (( .. بِهِمْ يُعْرَفُ الْحَلَالُ مِنَ الْحَرَامِ، وَالْحَقُّ مِنَ الْبَاطِلِ، وَالضَّارُّ مِنَ النَّافِعِ، وَالْحَسَنُ مِنَ القْبَيِحِ. فَضْلُهُمْ عَظِيمٌ، وَخَطَرُهُمْ جَزِيلٌ، وَرَثَةُ الْأَنْبِيَاءِ .. جَمِيعُ الْخَلْقِ إِلَى عِلْمِهِمْ مُحْتَاجٌ، وَالصَّحِيحُ عَلَى مَنْ خَالَفَ بِقَوْلِهِمْ مِحْجَاجٌ. الطاَّعَةُ لَهُمْ مِنْ جَمِيعِ الْخَلْقِ وَاجِبَةٌ، وَالْمَعْصِيَةُ لَهُمْ مُحَرَّمَةٌ، مَنْ أَطَاعَهُمْ رَشَدَ، وَمَنْ عَصَاهُمْ عَنَدَ، مَا وَرَدَ عَلَى إِمَامِ الْمُسْلِمِينَ مِنْ أَمْرٍ اشْتَبَهَ عَلَيْهِ، حَتَّى وَقَفَ فِيهِ فَبِقَوْلِ الْعُلَمَاءِ يَعْمَلُ، وَعَنْ رَأْيِهِمْ يَصْدُرُ، وَمَاَ وَرَدَ عَلَى أُمَرَاءِ الْمُسْلِمِينَ مِنْ حُكْمٍ لَا عِلْمَ لَهُمْ بِهِ فَبِقَوْلِهِمْ يَعْمَلُونَ، وَعَنْ رَأْيِهِمْ يَصْدُرُونَ، وَمَا أَشْكَلَ عَلَى قُضَاةِ الْمُسْلِمِينَ مِنْ حُكْمٍ، فَبِقَوْلِ الْعُلَمَاءِ يَحْكُمُونَ، وَعَلَيْهِ يُعَوِّلُونَ، فَهُمْ سِرَاجُ الْعِبَادِ، وَمَنَارُ الْبِلَادِ، وَقِوَامُ الْأُمَّةِ، وَيَنابِيعُ الْحِكْمَةِ، هُمْ غَيْظُ الشَّيْطَانِ، بِهِمْ تَحْيَا قُلُوبُ أَهْلِ الْحَقِّ، وَتَمُوتُ قُلُوبُ أَهْلِ الزَّيْغِ، مَثَلُهُمْ فِي الْأَرْضِ كَمَثَلِ النُّجُومِ فِي السَّمَاءِ، يُهْتَدَى بِهَا فِي ظُلُمَاتِ الْبَرِّ وَالْبَحْرِ، إِذَا انْطَمَسَتِ النُّجُومُ تَحَيَّرُوا، وَإِذَا أَسْفَرَ عَنْهَا الظَّلُامُ أَبْصَرُوا )) ([1])
    وقال الإمام ابن تيمية في (مجموع الفتاوى)(11/ 551 ـ 552) : (( وَقَدْ كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَخُلَفَاؤُهُ الرَّاشِدُونَ: يَسُوسُونَ النَّاسَ فِي دِينِهِمْ وَدُنْيَاهُمْ ثُمَّ بَعْدَ ذَلِكَ تَفَرَّقَتْ الْأُمُورُ فَصَارَ أُمَرَاءُ الْحَرْبِ يَسُوسُونَ النَّاسَ فِي أَمْرِ الدُّنْيَا وَالدِّينِ الظَّاهِرِ وَشُيُوخِ الْعِلْمِ وَالدِّينِ يَسُوسُونَ النَّاسَ فِيمَا يَرْجِعُ إلَيْهِمْ فِيهِ مِنْ الْعِلْمِ وَالدِّينِ.
    وَهَؤُلَاءِ أُولُو أَمْرٍ تَجِبُ طَاعَتُهُمْ فِيمَا يَأْمُرُونَ بِهِ مِنْ طَاعَةِ اللَّهِ الَّتِي هُمْ أُولُو أَمْرِهَا. وَهُوَ كَذَلِكَ فَسَّرَ أُولُو الْأَمْرِ فِي قَوْلِهِ: {أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ} بِأُمَرَاءِ الْحَرْبِ: مِنْ الْمُلُوكِ وَنُوَّابِهِمْ وَبِأَهْلِ الْعِلْمِ وَالدِّينِ الَّذِينَ يُعَلِّمُونَ النَّاسَ دِينَهُمْ وَيَأْمُرُونَهُمْ بِطَاعَةِ اللَّهِ فَإِنَّ قِوَامَ الدِّينِ بِالْكِتَابِ وَالْحَدِيدِ كَمَا قَالَ تَعَالَى: {لَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلَنَا بِالْبَيِّنَاتِ وَأَنْزَلْنَا مَعَهُمُ الْكِتَابَ وَالْمِيزَانَ لِيَقُومَ النَّاسُ بِالْقِسْطِ وَأَنْزَلْنَا الْحَدِيدَ فِيهِ بَأْسٌ شَدِيدٌ وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ} . ))
    قلت ( بشير): إن كلام الإمامين الآجري وابن تيمية ـ رحمهما الله ـ هذا يشعر وينبه على قيادة العلماء زمام أمور الأمة وتدبير شؤونها ، وإسناد إليهم مهام النظر في الأحداث والنوازل التي تنزل بالأمة لما بلغوه من مرتبة الاجتهاد الذي هو شرط للنظر والإفتاء في السياسة وشؤون الأمة العامة والخاصة .
    قال صاحب (مدارك النظر ) ـ أصلحه الله وهداه ـ :
    (( الجامعون لفنون الشريعة هم السياسيون الشرعيون :
    لما كان لا يُفتي في السياسة إلا العالم المجتهد، كان لا يمارس السياسة إلا هو .
    قال الشاطبي ـ رحمه الله ـ: " فإذا بلغ الإنسان مبلغا فَهِمَ عن الشارع فيه قَصْدَه في كل مسألة من مسائل الشريعة، وفي كل باب من أبوابها، فقد حصل له وصفٌ هو السبب في تنزّله منزلة الخليفة للنبي - صلى الله عليه وسلم - في التعليم والفتيا والحكم بما أراه الله "([2]).
    وقال الشافعي ـ رحمه الله ـ: " ولا يشاوِر إذا نزل المشكل إلا أمينا عالما بالكتاب والسنة والآثار وأقاويل الناس والقياس ولسان العرب " مختصر المزني .
    قال ابن الصباغ في (الشامل) : " اعتبر الشافعي أن يكون الإمام من أهل الاجتهاد؛ لأنه إذا لم يكن من أهل الاجتهاد فلا قول له في الحادثة "([3]).
    وقال الشاطبيّ: " إنّ العلماء نقلوا الاتّفاق على أنّ الإمامة الكبرى لا تنعقد إلا لمن نال رتبة الاجتهاد والفتوى في علوم الشرع "([4]).
    قلت: وهذا الاتّفاق لا يضره وجود المخالف؛ لأنّ من خالف فقد شرط الاجتهاد فيمن يستفتيه الإمام كما قال الشهرستاني: " ولكن يجب أن يكون معه من يكون من أهل الاجتهاد فيراجعه في الأحكام "([5]).
    فعاد الأمر إلى اشتراط الاجتهاد سواء في الإمام نفسه أو فيمن يرجع إليه الإمامُ من الفقهاء.
    وقال ابن حمدان الحرّاني: " المجتهد المطلق وهو الذي ذكرناه آنفا إذا استقلّ إدراكه للأحكام الشرعيّة من الأدلّة العامة والخاصة، وأحكام الحوادث منها ..."([6]). )) انتهى النقل .([7])
    قال الإمام ابن عثيمين ـ رحمه الله ـ عند تفسير قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ}
    ولاة الأمور، ذكر أهل العلم أنهم قسمان: العلماء والأمراء.
    أما العلماء فهم ولاة أمور المسلمين في بيان الشرع، وتعليم الشرع، وهداية الخلق إلى الحق، فهم ولاة أمور في هذا الجانب .
    وأما الأمراء فهم ولاة الأمور في ضبط الأمن وحماية الشريعة وإلزام الناس بها .
    والأصل: العلماء؛ لأن العلماء هم الذين يبينون الشرع ويقولون للأمراء هذا شرع الله فاعملوا به، ويلزمُ الأمراءُ بذلك، لكن الأمراء إذا علموا الشرع ولا طريق لهم إلى علم الشرع إلا عن طريق العلماء؛ نفذوه على الخلق.
    والعلماء يؤثرون على من في قلبه إيمان ودين؛ لأن الذي في قلبه إيمان ودين ينصاع للعلماء ويأخذ بتوجيهاتهم وأمرهم.
    والأمراء ينصاع لهم من خاف من سطوتهم وكان عنده ضعف إيمان، يخاف من الأمير أكثر مما يخاف من العالم، أو يخاف بعضهم أكثر مما يخاف من الله والعياذ بالله.
    فلذلك كان لابد للأمة الإسلامية من علماء وأمراء، وكان واجباً على الأمة الإسلامية أن يطيعوا العلماء وأن يطيعوا الأمراء، ولكن طاعة هؤلاء وهؤلاء تابعة لطاعة الله )) ([8])
    وقال : (( وأولو الأمر: يشمل العلماء والأمراء، لأن العلماء ولاة أمورنا في بيان دين الله، والأمراء ولاة أمرنا في تنفيذ شريعة الله ن ولا يستقيم العلماء إلا بالأمراء، ولا الأمراء إلا بالعلماء. فالأمراء عليهم أن يرجعوا إلى العلماء ليستبينوا منهم شريعة الله. والعلماء عليهم أن ينصحوا الأمراء، وأن يخوفوهم بالله، وأن يعظوهم حتى يطبقوا شريعة الله في عباد الله عز وجل.) ([9])
    فبهذا التقرير يتبرهن ويتضح أن عامة الأمة وحكامها خاصة ، هم أحوج إلى توجيهات ونصائح العلماء الأتقياء النزهاء وإلى علمهم وطاعتهم في ذلك حتى تصلح أمورهم الدينية والدنيوية وتستقيم لهم الحياة ، ويظفرون بالتمكين في الأرض والحياة الطيبة في الآخرة .
    وبإخلال بهذا الأصل وزعزعة ثوابته تفسد مصالح الخلق وتختل أوضاعهم وينتشر الفساد وتهان الشريعة ولا يبق لها قيمة عند الناس .
    قال الإمام ابن عثيمين في (شرح رياض الصالحين)(3/ 231)
    (( وبتوقير العلماء توقر الشريعة؛ لأنهم حاملوها، وبإهانة العلماء تهان الشريعة؛ لأن العلماء إذا ذلوا وسقطوا أمام أعين الناس؛ ذلت الشريعة التي يحملونها، ولم يبق لها قيمة عند الناس، وصار كل إنسان يحتقرهم ويزدريهم فتضيع الشريعة.
    كما أن ولاة الأمر من الأمراء والسلاطين يجب احترامهم وتوقيرهم وتعظيمهم وطاعتهم، حسب ما جاءت به الشريعة؛ لأنهم إذا احتقروا أمام الناس، وأذلوا، وهون أمرهم؛ ضاع الأمن وصارت البلاد فوضى، ولم يكن للسلطان قوة ولا نفوذ.
    فهذان الصنفان من الناس: العلماء والأمراء، إذا احتقروا أمام أعين الناس فسدت الشريعة، وفسدت الأمن، وضاعت الأمور، وصار كل إنسان يرى أنه هو العالم، وكل إنسان يرى أنه هو الأمير، فضاعت الشريعة وضاعت البلاد، ولهذا أمر الله تعالى بطاعة ولاة الأمور من العلماء والأمراء فقال:{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ}[النساء: 59] .
    ونضرب لكم مثلاً: إذا لم يعظم العلماء والأمراء، فإن الناس إذا سمعوا من العالم شيئاً قالوا: هذا هين، قال فلان خلاف ذلك.
    أو قالوا: هذا هين هو يعرف ونحن نعرف، كما سمعنا عن بعض السفهاء الجهال، أنهم إذا جودلوا في مسألة من مسائل العلم، وقيل لهم: هذا قول الإمام أحمد بن حنبل، أو هذا قول الشافعي، أو قول مالك، أو قول أبي حنيفة، أو قول سفيان، أو ما أشبه ذلك قال: نعم، هم رجال ونحن رجال، لكن فرق بين رجولة هؤلاء ورجولة هؤلاء، من أنت حتى تصادم بقولك وسوء فهمك وقصور علمك وتقصيرك في الاجتهاد وحتى تجعل نفسك نداً لهؤلاء الأئمة رحمهم الله؟
    فإذا استهان الناس بالعلماء كل واحد يقول: أنا العالم، أنا النحرير، أنا الفهامة، أنا العلامة، أنا البحر الذي لا ساحل له وصار كل يتكلم بما شاء، ويفتي بما شاء، ولتمزقت الشريعة بسبب هذا الذي يحصل من بعض السفهاء. )) ا.هـ
    قلت ( بشير) : إن ما نبه عليه الإمام ابن عثيمين ـ رحمه الله ـ من خطر إهانة العلماء وازدراء حقهم وتنقص من قدرهم وتقليل من شأنهم قد حمل رايته الحزبية والجماعات الحركية الثورية وأنشأوا لذلك المدارس والمراكز تحمي لهم هذه الراية وربوا عليها الشباب .
    وبهذا يتبين أن قول العيد شريفي في ( د 6) وما بعدها منتقدا كلمة الشيخ : " فتجد بعض المنتسبين لهذا المنهج يشكِّك في جدارتهم وقيادتهم وريادتهم "
    (( أنا قلنا الداعية لا نسميه ماذا؟ : قائد ، لأن إذا أعطينا هذه الوصفة تاع" قيادتهم" رايح يجاسر بعدها))
    إنْ هذا منه إلا تحاملا وتكلفا في النقد وتشويشا تشغيبا على الشيخ ، ينقضه قوله : (( صح نقول أحنا : مرجعية لهم في الأمر والنهي والتبيين ، نعم مرجعيتهم هي ثابتة )) ، الذي هو عين ما أراده فضيلة الشيخ علي فركوس ، وهذه المرجعية التي أثبتها في كلامه لا تتحقق لهم إلا بطاعتهم واحترامهم وتقديمهم للنظر في شؤون الأمة ومشاورتهم في ذلك كما عرفت ذلك يا أيها القارئ من تقريرات الأئمة ، إذ مهامهم في الأمة هي أعظم وأكبر من مهام الحاكم والقائد ، بل لا تسير وتتيسر أمور الحكام وتصلح أحوال رعيتهم ومصالحهم إلا برجوعهم إلى العلماء، فلا وجه إذاً لثرثرة العيد شريفي وإنكاره على فضيلة الشيخ علي فركوس تلك اللفظة التي هي في الصميم ، وقد بان مقصودها الصحيح من سياق كلامه من غير إخلال في ثوابت الشرع واللغة .
    واعلم أن تشويشه هذا يهون من منزلة العلماء الربانيين ويضعف تأثير أقوالهم ونصائحهم في الأمة مادام قضى العيد شريفي عليها بأن الأمة غير ملزمة بالأخذ بها إذ هم إلا دعاة في نظره، لك أن تأخذ بأقوالهم وتردها لأنهم ليسوا بالسلطة التنفيذية ، مع أن الإمام الآجري يقول :" الطاَّعَةُ لَهُمْ مِنْ جَمِيعِ الْخَلْقِ وَاجِبَةٌ، وَالْمَعْصِيَةُ لَهُمْ مُحَرَّمَةٌ، مَنْ أَطَاعَهُمْ رَشَدَ، وَمَنْ عَصَاهُمْ عَنَدَ، مَا وَرَدَ عَلَى إِمَامِ الْمُسْلِمِينَ مِنْ أَمْرٍ اشْتَبَهَ عَلَيْهِ، حَتَّى وَقَفَ فِيهِ فَبِقَوْلِ الْعُلَمَاءِ يَعْمَلُ، وَعَنْ رَأْيِهِمْ يَصْدُرُ، وَمَاَ وَرَدَ عَلَى أُمَرَاءِ الْمُسْلِمِينَ مِنْ حُكْمٍ لَا عِلْمَ لَهُمْ بِهِ فَبِقَوْلِهِمْ يَعْمَلُونَ، وَعَنْ رَأْيِهِمْ يَصْدُرُونَ، وَمَا أَشْكَلَ عَلَى قُضَاةِ الْمُسْلِمِينَ مِنْ حُكْمٍ، فَبِقَوْلِ الْعُلَمَاءِ يَحْكُمُونَ، وَعَلَيْهِ يُعَوِّلُونَ" ، والإمام ابن عثيمين يقول :" والأصل: العلماء؛ لأن العلماء هم الذين يبينون الشرع ويقولون للأمراء هذا شرع الله فاعملوا به، ويلزمُ الأمراءُ بذلك، لكن الأمراء إذا علموا الشرع ولا طريق لهم إلى علم الشرع إلا عن طريق العلماء؛ نفذوه على الخلق."
    فمن كلام الإمامين دل على أن طاعة العلماء واجبة على عموم الأمة حاكمها ومحكومها ، وبمعصيتهم والخروج عن منهجهم والتطاول عليهم تختل الأوضاع وينتشر الفساد وتهان الشريعة كما عرفت ذلك يا أيها القارئ ،وهذا ما يريده أهل الأهواء والحزبية أن تكون عليه الأمة الإسلامية كما هو الواقع المر، فهنيئا للعيد شريفي بهذا !!

    يتبع إن شاء الله .....
    ([1]) (أخلاق العلماء)(ص 15 ـ 17)

    ([2]) ( الموافقات)(4/106 ـ 107)

    ([3]) نقلا عن الاجتهاد للسيوطي ( ص 62)

    ([4]) ( الاعتصام)(2/126)

    ([5]) (الملل)(1/160)

    ([6]) ( صفة الفتوى)(ص 16)

    ([7]) انظر (ص 206 ـ 207)

    ([8]) (شرح رياض الصالحين)(3/ 651 ـ 652)

    ([9]) ( شرح رياض الصالحين)(2/ 254)


  5. #5
    تاريخ التسجيل
    Aug 2012
    المشاركات
    362

    افتراضي رد: دفع وساوس العيد شريفي التي طعن بها في الشيخين ربيع المدخلي وعلي فركوس والتي ألصقها بهتانا وزورا بالمنهج السلفي

    البيان الرابع : قال فضيلة الشيخ فركوس مبينا أحوال الذين نصبوا العداوة لعلماء أهل السنة والجماعة ومستواهم الأدبي والعلمي :" فتجد بعض المنتسبين لهذا المنهج يشكِّك في جدارتهم وقيادتهم وريادتهم ، وهو في حدِّ ذاته محروم الفهم الدقيق ، لا يعرف أبسط أبجديات التعامل الأخلاقيِّ والأدبيِّ الذي يلتزمه السَّلفيُّ مع ذوي العلم والفضل وغيرهم ."
    قال العيد شريفي معلقا ( د09):(( مع من يتكلم هو؟ يتكلم مع ناس لهم المكانة العلمية في الساحة))
    أقول
    هكذا يتألم ويتوجع العيد شريفي على دعاة التحزب والخروج والانقلابات والثورات والمظاهرات والمسيرات من أمثال محمد حسان وأبي إسحاق الحويني والمغراوي وعدنان العرعور ومن كان على طرزهم الذين ظهروا في هذه الآونة والأحداث الأخيرة المؤلمة التي نزلت بالأمة الإسلامية على حقيقتهم الفاضحة لكل صغير وكبير ، وهذا بعد ما أظهر وكشف حقيقتهم علماء السنة والجماعة ، وحذروا منهم ، وأمروا الأمة بهجرهم والابتعاد عنهم لما عرفوا به من البدعة والخروج عن منهج السلف الصالح والابتعاد عنه ، واشتهروا بالفساد والإفساد في الأرض .
    ولكن العيد شريفي لم يقم لكلام علماء السنة في هؤلاء وزنا ولم يرفع به رأسا ، ولا أخذته الحمية والغيرة على أصول السنة والمنهج السلفي الذي سعوا إلى تخريبه والتشكيك في ثوابته والطعن في حملته ، ولا بكى أو تألم أو توجع على دماء المسلمين التي سفكت والعائلات المسلمة التي تشردت وممتلكات الأمة التي خربت وأفسدت والسبل التي قطعت والشعائر التي ضيعت بسببهم ، فذهب يحامي ويدافع عنهم ويسخر ويتجاهل من يرد عليهم وينتقدهم في أعمالهم الإجرامية ويبين أحوالهم ونتائجها المرة للأمة ، والعجب من ذلك يصفهم ـ مع كل ما فعلوه وقاموا به من الأعمال الإجرامية الإفسادية ـ ، بأن " لهم المكانة العلمية في الساحة" !!! ، وتجاهل أن أهل البدع والأهواء ليس لهم أي كرامة ومكانة و منزلة في الأمة ، لما قد انعقد الإجماع من سلف الأمة الصالح على إذلالهم وإقصائهم وإبعادهم وهجرهم والتحذير منهم مهم بلغت منزلتهم في أنظار أقواهم واتباعهم .
    قال ابن الجوزي : (( وقد كان الإمام أبوعبدالله أحمد بن حنبل لشدة تمسكه بالسنة ونهيه عن البدعة يتكلم في جماعة من الأخيار إذا صدر منهم ما يخالف السنة ، وكلامه محمول على النصيحة للدين )) ([1])
    ولكن العيد شريفي تعامى عن هذا المسلك الصحابي السلفي وما ذاك إلا لما قد أصب به من فيروسات الحزبية وأمراضها القاتلة للولاء والبراء السني التي تدعو إلى تقارب أهل السنة بأهل البدعة ، والتي تخيل إلى لمن أصب بأمراضها أن إساقط الرموز أمر صعب .
    قال فضيلة الشيخ الدكتور محمد بازمول ـ حفظه الله ورعاه ـ في (عبارات موهمة)
    (( قول بعضهم: "إسقاط الرموز أمر صعب".
    هكذا يبرر بعض الناس موقفه من البدع وأهلها؛ فإذا ما جاءت بدعة من أحد الناس ممن له نصيب في الشهرة امتنع عن فضحه ببدعته والتحذير منه، مبرراً موقفه هذا بأن الرموز صعب أن يسقطوا، وهذا تبرير باطل من وجوه منها:
    الوجه الأول : أن الرجال يعرفون بالحق، و لا يعرف الحق بالرجال، اعرف الحق تعرف أهله، فهذا الرجل خالف الحق ووافق أهل البدع والأهواء وقال بمقولتهم فالحق ليس معه وينبغي التحذير مما معه من الباطل.
    الوجه الثاني : أن الواجب الكفائي من النصيحة والأمر بالمعروف يحتم إشهاره ببدعته تحذيراً ونصيحة للمسلمين حتى لا يقعوا فيما وقع فيه من الباطل.
    الوجه الثالث : أن الحق فوق كل أحد، ومن الكلمات المشهورة في ذلك: "فلان حبيب إلى قلبي لكن الحق أحب إلى قلبي منه"، فأنت حينما تعتمد فلاناً وتسكت عن بدعته جعلته مقدماً على الحق، ورفعته عليه، وماذا بعد الحق إلا الضلال؟! فأنت بهذا جعلت هذا الشخص الذي وصفته بالرمز مقدماً على الحق فوقعت في الضلال.
    الوجه الرابع : أن هذا خلاف منهج السلف الصالح الذين تكلموا في أناس هم بمقاييس عصرنا من العلماء الكبار ومع ذلك لما صدر منهم ما يخالف ما عليه السلف الصالح أنكر عليهم ونسبوا إلى البدعة التي وقعوا فيها تحذيراً ونصيحة.
    الوجه الخامس : تطبيق هذه العبارة يخالف صراحة المنهج الذي قرره السلف في أخذ العلم: "إن هذا العلم دين فانظروا عمن تأخذون دينكم"، فما بالك برجل يؤخذ عنه الحديث والتفسير والعقيدة والفقه، هل يسكت عما معه من البدعة بدعوى أن الكلام في الرموز صعب، أو يتكلم فيه وفي بدعته ويشهر أمره تحذيراً ونصيحة حتى لا يغتر الناس به وببدعته؟ لا شك أن الواجب هو البيان وإلا فإن سكوتك عن بيان حاله تدليس وتلبيس على المسلمين ولعلك تكون سبباً فيما يبثه بين الناس من بدعة وضلالة بهذا الموقف!
    الوجه السادس : أن حقيقة هذه العبارة هي تطبيق لمنهج الموازنات ، وهو منهج باطل يضيع ويميع الدين،و ما يعود الحق واضحاً جلياً، بل فيه إماتة للحق وضياع لأهله، إلا أن يشاء الله.
    الوجه السابع : هذه العبارة فيها تحزب وولاء وبراء لهذا الذي وصف بأنه رمز، جُعل هو الأصل للبراء والولاء بدلاً من الحق، وهذه من صفات أصحاب السبل الشيطانية، الذين يدعون أصحابها إلى النار.
    الوجه الثامن : أن هذه العبارة خروج عن منهج السلف فما سمعنا مثل هذه العبارة تقال في حق أحد من أئمة السلف ، وكل خير في إتباع من سلف وكل شر في ابتداع من خلف!
    الوجه التاسع : ثم ما هو ضابط الرمز عندك ؟ كيف صار هذا الرجل عندك من الرموز؟ ومن الذي صرح لك أو له أن يكون رمزاً؟ يا أخي رحم الله رجلاً عرف قدر نفسه. وفي الحديث الصحيح: عن عياض بن حمار، أخي بني مجاشع، قال: قام فينا رسول الله صلى الله عليه وسلم ذات يوم خطيبا. فقال "إن الله أمرني .... وإن الله أوحى إلى أن تواضعوا حتى لا يفخر أحد على أحد، ولا يبغي أحد على أحد".
    الوجه العاشر : إسقاط الرجل أو رفعته أمر بيد الله يصرفه كيف يشاء، ليس من شأنك؛ أدّ أنت الواجب الذي عليك من بيان الحق وإنكار المنكر، وتحذير الناس من بدعته، فإن قبل وتواضع للحق ورجع وتاب وأناب فإن الله سبحانه سيرفعه - إن شاء سبحانه - فإن من تواضع لله رفعه، وإن بغى واعتدى فهذا رجل من أهل البدع كيف يتباكى عليه وعلى إسقاطه، سبحان الله! )) ا.هـ
    إن العيد شريفي بدفاعه ومنافحته ومجادلته عن أولئك الحزبية وأهل الإجرام والإفساد قد أظهر صفحته الحقيقية للأمة وأبان عن معتقده الحزبي البدعي الذي خطه لنفسه ، وهو بهذا قد جنى على نفسه جناية عظيمة ، وفضح نفسه أيما فضيحة .
    وصدق من قال :
    ومهما تكن عند امرئ من خليقة ... وإن خالها تخفى على الناس تعلم
    قال فضيلة الشيخ خَالد بن ضَحَوي الظَّفيري ـ حفظه الله ورعاه ـ في كتابه (إجماع العلماء على الهجر والتحذير من أهل الأهواء)(ص 106 ـ 111)
    (( قال الإمام أبو عبد الله عبيد الله بن بطة العكبري - رحمه الله -:" ولا تشاور أحداً من أهل البدع في دينك، ولا ترافقه في سفرك، وإن أمكنك أن لا تقربه في جوارك.
    ومن السنة مجانبة كل من اعتقد شيئاً مما ذكرناه ( أي: من البدع)، وهجرانه، والمقت له، وهجران من والاه، ونصره، وذب عنه، وصاحبه، وإن كان الفاعل لذلك يظهر السنّة " (الشرح والإبانة)( ص 282).
    قلت: رحم الله الإمام ابن بطة، فعن علم تكلم، وبحكمة نطق، فبعد أن بين أن هجر أهل الأهواء والبدع ومقتهم من أصول السنة، نبّه على أن من ناصر أهل البدع ووالاهم وذب عنهم، وصاحبهم، وإن كان يظهر السلفيّة، فإنه يلحق بهم، ويأخذ حكمهم، ويعامل معاملتهم في الهجر وغيره.
    وقد بين ذلك ووضحه عدد من الأئمة - أيضاً -، ومستندهم في ذلك ما جاء في حديث عائشة ـ رضي الله عنها - قالت: قال رسول - - صلى الله عليه وسلم --:" الأرواح جنود مجنّدة، فما تعارف منها ائتلف، وما تناكر منها اختلف " رواه البخاري، ومسلم.
    قال ابن مسعود - - رضي الله عنه - -:" إنما يماشي الرجل، ويصاحب من يحبه ومن هو مثله "( الإبانة لابن بطة ( 2/476 ).
    وقال أبو الدرداء -- رضي الله عنه --:"من فقه الرجل ممشاه ومدخله ومجلسه"(الإبانة لابن بطة)( 2/464 )
    وعن معاذ بن معاذ قال: قلت ليحيى بن سعيد: يا أبا سعيد الرجل وإن كتم رأيه لم يخف ذاك في ابنه ولا صديقه ولا جليسه " (الإبانة)( 2/479 ).
    وقال قتادة: إنا والله ما رأينا الرجل يصاحب من الناس إلا مثله وشكله فصاحبوا الصالحين من عباد الله لعلكم أن تكونوا معهم أو مثلهم(الإبانة)( 2/480).
    وقال أبو داود السجستاني - رحمه الله -:" قلت لأبي عبد الله أحمد بن حنبل: أرى رجلاً من أهل البيت مع رجل من أهل البدع، أترك كلامه؟ قال: لا، أو تُعْلِمه أن الذي رأيته معه صاحب بدعة، فإن ترك كلامه وإلا فألحقه به، قال ابن مسعود: المرء بخدنه"(طبقات الحنابلة)( 1/160).
    قال الشيخ حمود التويجري عن هذه الرواية وتطبيقها على أهل البدع كجماعة التبليغ:" وهذه الرواية عن الإمام أحمد ينبغي تطبيقها على الذين يمدحون التبليغيين ويجادلون عنهم بالباطل، فمن كان منهم عالماً بأن التبليغيين من أهل البدع والضلالات والجهالات، وهو مع هذا يمدحهم ويجادل عنهم؛ فإنّه يلحق بهم، ويعامل بما يعاملون به، من البغض والهجر والتجنُّب، ومن كان جاهلاً بهم، فإنه ينبغي إعلامه بأنهم من أهل البدع والضلالات والجهالات، فإن لم يترك مدحهم والمجادلة عنهم بعد العلم بهم، فإنه يُلحق بهم ويُعامل بما يُعاملون به."( القول البليغ)( ص : 230-231)
    وقال الفضيل بن عياض - رحمه الله -:" الأرواح جنود مجندة، فما تعارف منها ائتلف، وما تناكر منها اختلف، ولا يمكن أن يكون صاحب سنة يمالئ صاحب بدعة إلا من النفاق".
    قال ابن بطة - معلقاً على قول الفضيل -:" صدق الفضيل - رحمه الله - فإنا نرى ذلك عياناً "
    (الإبانة)( 2/456).
    وقال شيخ الإسلام ابن تيميّة - رحمه الله - فيمن يوالي الاتحادية وهي قاعدة عامة في جميع أهل البدع:" ويجب عقوبة كل من انتسب إليهم، أو ذب عنهم، أو أثنى عليهم أو عظم كتبهم، أو عرف بمساندتهم ومعاونتهم، أو كره الكلام فيهم، أو أخذ يعتذر لهم بأن هذا الكلام لا يدرى ما هو، أو من قال إنه صنف هذا الكتاب ، وأمثال هذه المعاذير، التي لا يقولها إلا جاهل، أو منافق؛ بل تجب عقوبة كل من عرف حالهم، ولم يعاون على القيام عليهم، فإن القيام على هؤلاء من أعظم الواجبات؛ لأنهم أفسدوا العقول والأديان، على خلق من المشايخ والعلماء، والملوك والأمراء، وهم يسعون في الأرض فساداً، ويصدون عن سبيل الله. " (مجموع الفتاوى)( 2/132)
    وقد سئل سماحة الشيخ عبد العزيز بن باز - رحمه الله - في شرحه لكتاب( فضل الإسلام )، ما نصّه: الذي يثني على أهل البدع ويمدحهم، هل يأخذ حكمهم؟
    فأجاب - عفا الله عنه -: " نعم ما فيه شكٌّ، من أثنى عليهم ومدحهم هو داعٍ لهم، يدعو لهم، هذا من دعاتهم، نسأل الله العافية".)) انتهى

    يتبع إن شاء الله ....
    ([1]) (مناقب الإمام أحمد)(ص 253)


  6. #6
    تاريخ التسجيل
    Aug 2012
    المشاركات
    362

    افتراضي رد: دفع وساوس العيد شريفي التي طعن بها في الشيخين ربيع المدخلي وعلي فركوس والتي ألصقها بهتانا وزورا بالمنهج السلفي

    البيان الخامس : قال الشيخ فركوس :" والَّذين تكلَّم ـ أي الشيخ ربيع بن هادي المدخلي ـ فيهم ظهروا على ساحات المظاهرات الأخيرة علنًا وبرفع الأصوات على الوجه الَّذي لا يُرتضى : فأيَّدوا الخروج ووقفوا مع الديمقراطيِّن وفتحوا المجال للدخول في المجالس التشريعية ، سواءً في مصر أو سوريا أو اليمن"
    قال العيد شريفي معلقا (د10) :(( هذه الآن الكلمة يقولها !!؟ ها هم السعودية أجازوا الخروج على الملك السوري .. تاع السعودية كاملو أجازوا الخروج على الحاكم تاع سوريا وتاع ليبيا من قبل ، لماذا ؟
    لأن القضية ماذا ؟ ، اجتهادية ... الشيخ عبدالعزيز يقول بدخول البرلمانات ، الشيخ ابن عثيمين قال بدخول البرلمانات ، الشيخ ابن عثيمين أفتى هنا الجزائريين بالمسيرات وبتكوين الحزب ..))
    أقول
    هذه الثرثرة من العيد شريفي ليس معها ما يوجب قبولها ويعضدها من المسموع والمعقول إلا وساوس مادتها الكذب والتلبيس وزبالات الحزبية وصياح دعاة الخروج والانقلابات والفتن ، يعتذر لهم بها ، ويسوغ بها أعمالهم الإجرامية ، لكن معنا ما يوجب ردها من وجوه .
    الوجه الأول :لا نعلم أحدا من أهل العلم والإيمان ممن يقتدى بهم قديما وحديثا ويرجع إليهم في العلم والدين سوغ الخروج على الحاكم الكافر ، بدون مراعاة الشروط والضوابط المسوغة والمجيزة للخروج عليه وجهاده وخلعه .
    قال فضيلة الشيخ خالد ضحوي الظفيري ـ حفظه الله ورعاه ـ في رسالته القيمة (ضوابط معاملة الحاكم عند أهل السنة والجماعة وأثرها على الأمة)(ص 629 ـ 644)
    (( قال المازري ـ رحمه الله ـ : " لا يحل الخروج عليه ( أي الحاكم العادل ) باتفاق ، فإن كان فسقه كفرا وجب خلعه ، وإن كان ما سواه من المعاصي فمذهب أهل السنة أنه لا يخلع" ([1])
    وقال القاضي عياض ـ رحمه الله ـ :"لا خلاف بين المسلمين : أنه لا تنعقد الإمامة للكافر ، ولا تستديم له إذا طرأ عليه وكذلك إذا ترك إقامة الصلوات والدعاء إليها "([2])
    وقال ابن بطال ـ رحمه الله ـ :" قال أبوبكر بن الطيب : أجمعت الأمة أنه يوجب خلع الإمام وسقوط فرض طاعته كفره بعد الإيمان وتركه إقامة الصلاة والدعاء "([3])
    بل إن بعض أهل العلم ينص على أن قتاله في حال ثبوت كفره وارتداده عن الدين ، واجب بل من الجهاد في سبيل الله ، فيسمون ذلك جهادا وليس خروجا ، لأن الخروج مذموم في الشرع وفي كلام أهل العلم .
    قال العلامة الدهلوي في كتابه ( الحجة البالغة )(2/150) :" وبالجملة؛ فإذا كفر الخليفة بإنكار ضروري من ضروريات الدين؛ حل قتاله - بل وجب -؛ وإلا لا؛ وذلك لأنه حينئذ فاتت مصلحة نصبه؛ بل يخاف مفسدته على القوم، فكان قتاله من الجهاد في سبيل الله "))
    إلى أن قال الشيخ : (( المطلب الثاني : شروط الخروج عليه وإزالته
    بعد أن قررت حكم خروج على الحاكم الذي طرأ عليه الكفر بالله ، والارتداد عن دينه وأن ولايته ساقطة ولا تجب على المسلمين طاعته ويجب جهاده وقتاله ، بقي أن أبين الشروط الشرعية والضوابط المرعية التي ينبغي استحضارها في هذا الباب والعمل بها ، حتى يكون جهادا شرعيا نافعا للإسلام والمسلمين .
    فمن تلك الشروط الأساسية والمهمة في هذا الباب :
    أولا : وجود الكفر البواح الذي عند الرعية فيه من الله برهان شرعي
    وقد سبق الكلام عن هذا الشرط ، وعن الأدلة الواردة فيه مع ذكر أقوال أهل العلم في المطلب السابق مع تنبيه على أهمية مراعاة شروط التكفير وانتفاء موانعه .([4])
    ثانيا : وجود القدرة .
    ومن الشروط الواجب اعتبارها في جواز قتال الحاكم الكافر : وجود القدرة على قتاله ، وإزالته ووضع مكانه من يكون فيه صلاح للإسلام والمسلمين ، أو أن يكون أقل شرا وأحسن حالا منه .
    وهذا الشرط يتعسر وجوده غالبا ـ لكنه كبير الأهمية ـ لكون الحاكم المتولي على الناس لدية العدة والعتاد والجنود والأتباع والأعوان ، ما يصعب على الرعية مقاومته وقتاله ، ومن الصعب أن يتخلى صاحب الملك عن ملكه بسهولة أو يسر ، ولو كان ذلك بذهاب كل رعيته وجنده .
    فالإخلال بهذا الشرط يورث الدمار على الرعية ، وسفك دمائهم وذهاب أعراضهم وأموالهم ، فيكونون في حالة أسوأ من الحال التي كانوا عليها قبل الشروع في قتالهم ضد الحاكم الكافر .
    قال الجويني ـ رحمه الله ـ : "وَإِنْ عَلِمْنَا أَنَّهُ لَا يَتَأَتَّى نَصْبُ إِمَامٍ دُونَ اقْتِحَامِ دَاهِيَةٍ وَإِرَاقَةِ دِمَاءٍ، وَمُصَادَمَةِ أَحْوَالٍ جَمَّةِ الْأَهْوَالِ، وَإِهْلَاكِ أَنْفُسٍ وَنَزْفِ أَمْوَالٍ، فَالْوَجْهُ أَنْ يُقَاسَ مَا النَّاسُ مَدْفُوعُونَ إِلَيْهِ مُبْتَلُونَ بِهِ بِمَايُفْرَضُ وُقُوعُهُ فِي مُحَاوَلَةِ دَفْعِهِ، فَإِنْ كَانَ الْوَاقِعُ النَّاجِزُ أَكْثَرَ مِمَّا يُقَدَّرُ وُقُوعُهُ فِي رَوْمِ الدَّفْعِ، فَيَجِبُ احْتِمَالُ الْمُتَوَقَّعِ لَهُ لِدَفْعِ الْبَلَاءِ النَّاجِزِ.
    وَإِنْ كَانَ الْمُرْتَقَبُ الْمُتَطَلَّعُ يَزِيدُ فِي ظَاهِرِ الظُّنُونِ إِلَى مَا الْخَلْقُ مَدْفُوعُونَ إِلَيْهِ، فَلَا يُسَوَّغُ التَّشَاغُلُ بِالدَّفْعِ، بَلْ يَتَعَيَّنُ الِاسْتِمْرَارُ عَلَى الْأَمْرِ الْوَاقِعِ، وَقَدْ يُقَدِّمُ الْإِمَامُ مُهِمًّا، وَيُؤَخِّرُ آخَرَ. وَالِابْتِهَالُ إِلَى اللَّهِ، وَهُوَ وَلِيُّ الْكِفَايَةِ."([5])
    وقال سماحة الشيخ عبدالعزيز بن باز ـ رحمه الله ـ بعد سياقه عددا من النصوص الآمرة بالسمع والطاعة والناهية عن الخروج إلا عند رؤية الكفر البواح :" هذا يدل على أنه لا يجوز لهم منازعة ولاة الأمور، ولا الخروج عليهم، إلا أن يروا كفرا بواحا عندهم من الله فيه برهان؛ وما ذاك إلا لأن الخروج على ولاة الأمور يسبب فسادا كبيرا وشرا عظيما، فيختل به الأمن، وتضيع الحقوق، ولا يتيسر ردع الظالم، ولا نصر المظلوم، وتختل السبل ولا تأمن، فيترتب على الخروج على ولاة الأمور فساد عظيم وشر كثير، إلا إذا رأى المسلمون كفرا بواحا عندهم من الله فيه برهان، فلا بأس أن يخرجوا على هذا السلطان لإزالته إذا كان عندهم قدرة، أما إذا لم يكن عندهم قدرة فلا يخرجوا، أو كان الخروج يسبب شرا أكثر فليس لهم الخروج؛ رعاية للمصالح العامة.
    والقاعدة الشرعية المجمع عليها: (أنه لا يجوز إزالة الشر بما هو أشر منه، بل يجب درء الشر بما يزيله أو يخففه) أما درء الشر بشر أكثر فلا يجوز بإجماع المسلمين، فإذا كانت هذه الطائفة التي تريد إزالة هذا السلطان الذي فعل كفرا بواحا عندها قدرة تزيله بها، وتضع إماما صالحا طيبا من دون أن يترتب على هذا فساد كبير على المسلمين، وشر أعظم من شر هذا السلطان فلا بأس "([6])
    وقال رحمه الله :" لا يجوز الخروج على السلطان إلا بشرطين:
    أحدهما: وجود كفر بواح عندهم من الله عليه برهان.
    والشرط الثاني: القدرة على إزالة الحاكم إزالة لا يترتب عليها شر أكبر منه، وبدون ذلك لا يجوز"([7])
    وقال الشيخ صالح الفوزان ـ حفظه الله ـ موضحا ذلك ومبينه :" وأمّا التعامل مع الحاكم الكافر؛ فهذا يختلف باختلاف الأحوال ، فإن كان في المسلمين قوَّةٌ، وفيهم استطاعة لمقاتلته وتنحيته عن الحكم وإيجاد حاكم مسلم؛ فإنه يجب عليهم ذلك، وهذا من الجهاد في سبيل الله. أمّا إذا كانوا لا يستطيعون إزالته؛ فلا يجوز لهم أن يَتَحَرَّشوا بالظَّلمة الكفرة؛ لأنَّ هذا يعود على المسلمين بالضَّرر والإبادة ... فإذا كان المسلمون تحت ولايةٍ كافرةٍ ولا يستطيعون إزالتها؛ فإنّهم يتمسَّكون بإسلامهم وبعقيدتهم، ويدعون إلى الله، ولكن لا يخاطرون بأنفسهم ويغامرون في مجابهة الكفّار؛ لأنّ ذلك يعود عليهم بالإبادة والقضاء على الدّعوة ،أمّا إذا كان لهم قوّةٌ يستطيعون بها الجهاد؛ فإنّهم يجاهدون في سبيل الله على الضّوابط المعروفة."([8])
    وهذه القوة يجب أن تكون متيقنة لا مظنونة فلا يغامر من أراد الخروج على الحاكم الكافر بالمسلمين وبأعراضهم بقوة مظنونة فيدخلونهم في معركة لا قبل لهم بها ، وبجيش لا قوام لهم بمواحهته .
    وقد سئل الشيخ صالح الفوزان ـ حفظه الله ـ : هل المقصود بالقوّة هنا القوّة اليقينيّة أم الظّنّيّةُ؟
    فكانت إجابته على النحو التالي: " القوّة معروفة؛ فإذا تحقّقت فعلاً، وصار المسلمون يستطيعون القيام بالجهاد في سبيل الله، عند ذلك يُشرعُ جهاد الكفّار، أما إذا كانت القوّة مظنونةً أو غير متيقّنةٍ؛ فإنه لا تجوز المخاطرة بالمسلمين والزَّجُّ بهم في مخاطرات قد تؤدّي بهم إلى النّهاية، وسيرةُ النبيّ صلى الله عليه وسلم في مكّة والمدينة خير شاهد على هذا."([9])
    ثالثا : عدم حصول مفسدة أكبر من مفسدة بقائه .
    ومن الشروط التي يجب توفرها ومراعاتها في هذا الباب ـ أيضا ـ :
    مراعاة ارتكاب أخف الضررين لدفع أعلاهما ودفع المفسدة الأكبر بالمفسدة الأصغر ، وهذا من الشروط المتفق عليها كما مر قريبا في قول سماحة الشيخ عبدالعزيز بن باز ـ رحمه الله ـ .
    قال شيخ الإسلام ابن تيمية ـ رحمه الله ـ :"فَمَعْلُومٌ أَنَّ الْأَمْرَ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّهْيَ عَنْ الْمُنْكَرِ وَإِتْمَامَهُ بِالْجِهَادِ هُوَ مِنْ أَعْظَمِ الْمَعْرُوفِ الَّذِي أُمِرْنَا بِهِ؛ وَلِهَذَا قِيلَ: لِيَكُنْ أَمْرُك بِالْمَعْرُوفِ وَنَهْيُك عَنْ الْمُنْكَرِ غَيْرَ مُنْكَرٍ. وَإِذَا كَانَ هُوَ مِنْ أَعْظَمِ الْوَاجِبَاتِ والمستحبات فَالْوَاجِبَاتُ والمستحبات لَا بُدَّ أَنْ تَكُونَ الْمَصْلَحَةُ فِيهَا رَاجِحَةً عَلَى الْمَفْسَدَةِ؛ إذْ بِهَذَا بُعِثَتْ الرُّسُلُ وَنَزَلَتْ الْكُتُبُ وَاَللَّهُ لَا يُحِبُّ الْفَسَادَ؛ بَلْ كُلُّ مَا أَمَرَ اللَّهُ بِهِ فَهُوَ صَلَاحٌ.
    وَقَدْ أَثْنَى اللَّهُ عَلَى الصَّلَاحِ وَالْمُصْلِحِينَ وَاَلَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَذَمَّ الْمُفْسِدِينَ فِي غَيْرِ مَوْضِعٍ فَحَيْثُ كَانَتْ مَفْسَدَةُ الْأَمْرِ وَالنَّهْيِ أَعْظَمَ مِنْ مَصْلَحَتِهِ لَمْ تَكُنْ مِمَّا أَمَرَ اللَّهُ بِهِ "([10])
    قال العلامة الشيخ سليمان بن سمحان ـ رحمه الله ـ في كلام نفيس له عن هذه المسألة يحسن نقله ، قال :"قد ذكر أهل العلم أن درء المفاسد مقدم على جلب المصالح؛ فدرء مفسدة قمع أهل الحق، وعدم إظهار دينهم واجتماعهم عليه، والدعوة إلى ذلك، وعدم تشتيتهم وتشريدهم في كل مكان، مقدم على جلب مصلحة الإنكار على ولاة الأمور، مع قوتهم وتغلبهم وقهرهم، وعجز أهل الحق عن منابذتهم، وإظهار عداوتهم والهجرة عن بلادهم، بمجرد الدخول في طاعتهم في غير معصية الله ورسوله.
    فإذا كان لأهل الدين حوزة، واجتماع على الحق، وليس لهم معارض فيما يظهرون به دينهم، ولا مانع يمنعهم من ذلك، وكون الولاة مرتدين عن الدين، بتوليهم الكفار، وهم مع ذلك لا يجرون أحكام الكفر في بلادهم، ولا يمنعون من إظهار شعائر الإسلام، فالبلد حينئذ بلد إسلام، لعدم إجراء أحكام الكفر، كما ذكر ذلك شيخنا الشيخ عبد اللطيف، رحمه الله، عن الحنابلة وغيرهم من العلماء.
    وإذا كان الحال على ما وصفنا، فمراعاة درء مفسدة قمع أهل الحق، وتشريدهم وتشتيتهم وإذلالهم، وإظهار أهل الباطل باطلهم، وإعلاء كلمتهم على أهل الحق، وكذلك مراعاة جلب المصالح، في إعزاز أهل الحق، واحترامهم وعدم معارضتهم، مقدم والحالة هذه على مصلحة الإنكار على ولاة الأمور من غير قدرة على ذلك، لأجل تغلب أهل الباطل وقوتهم، وعجز أهل الحق عن منابذتهم، وعدم تنفيذ الأمور التي يحبها الله ويرضاها؛ فدرء المفسدة المترتبة على الإنكار على الولاة، أرجح من المصلحة المترتبة على منابذتهم بأضعاف مضاعفة. وإذا استلزم الأمر المحبوب إلى الله، أمراً مبغوضاً مكروهاً إلى الله، وتفويت أمر هو أحب إلى الله منه، لم يكن ذلك مما يحبه الله ويقرب إليه، لما ينبني على ذلك من المفاسد، وتفويت المصالح.
    وقد ذكر أهل العلم قاعدة تنبني عليها أحكام الشريعة، وهي: ارتكاب أدنى المفسدتين، لتفويت أعلاهما، وتفويت أدنى المصلحتين، لتحصيل أعلاهما." ([11])
    وفي كلام الشيخين ابن باز والفوزان السابق دلالة على ذلك وتنويه عن هذا الشرط ، فلينظر إليه ، وذلك لأن اشتراط القدرة والقوة ما هو إلا من هذا الباب ، ولكن أفرد لأهميته وعظيم شأنه .
    ومما ينبغي التنويه به هنا :أن الذي يحدد المصلحة والمفسدة ويقارن بينهما ثم يعين الذي فيه الخير للأمة الإسلامية هم خاصة العلماء ، الذين يعرفون النصوص الشرعية ، ويعرفون ما يصلح الأمة سواء في أخراها أم في دنياها ، لأن تحديد المصلحة والمفسدة وتقديم درء المفاسد على جلب المصالح يحتاج إلى علم شرعي وفقه وبصيرة .
    قال شيخ الإسلام ابن تيمية ـ رحمه الله ـ في (مجموع الفتاوى)(28/ 129):" لَكِنَّ اعْتِبَارَ مَقَادِيرِ الْمَصَالِحِ وَالْمَفَاسِدِ هُوَ بِمِيزَانِ الشَّرِيعَةِ فَمَتَى قَدَرَ الْإِنْسَانُ عَلَى اتِّبَاعِ النُّصُوصِ لَمْ يَعْدِلْ عَنْهَا وَإِلَّا اجْتَهَدَ بِرَأْيِهِ لِمَعْرِفَةِ الْأَشْبَاهِ وَالنَّظَائِرِ وَقُلْ إنْ تعوز النُّصُوصَ مَنْ يَكُونُ خَبِيرًا بِهَا وَبِدَلَالَتِهَا عَلَى الْأَحْكَامِ."
    وقال مقررا ذلك :" فتفطن لحقيقة الدين، وانظر ما اشتملت عليه الأفعال من المصالح الشرعية، والمفاسد، بحيث تعرف ما مراتب المعروف، ومراتب المنكر، حتى تقدم أهمها عند الازدحام، فإن هذا حقيقة العلم بما جاءت به الرسل، فإن التمييز بين جنس المعروف، وجنس المنكر، أو جنس الدليل، وغير الدليل، يتيسر كثيرًا .
    فأما مراتب المعروف والمنكر، ومراتب الدليل، بحيث يقدم عند التزاحم أعرف المعروفين وينكر أنكر المنكرين، ويرجح أقوى الدليلين، فإنه هو خاصة العلماء بهذا الدين."([12]) انتهى النقل مع شيء من الاختصار .
    قلت ( بشير) : فدونك يا أيها القارئ الكريم إلى هذه التحقيق القيم والتقرير القويم عض عليه بالنواجذ ، فهو مجلاة شبهة ومصفاة كدر التي أنشأها واصطنعها الحزبية لتمرير باطلهم وإثارة الفتن في الأمة ، وإدخالها في دوامة من الحروب والقتال مع حكامها التي لا قبل لهم لمقاومتها ، والتي لا تنتهي إلا بالخسائر المادية والبشرية الكبيرة مما تضعف قوى الأمة ، وتلفت أنظار العدو اليهودي والنصراني لاستغلالها والطمع فيها .
    وإياك يا أيها الكريم الحصيف من سوانح ووساوس العيد شريفي التي نعق بها للإعتذار عن القوم وتسليك جرائهم بثياب الاجتهاد !!، فإنه لم يقل أحدا من أهل العلم والإيمان ممن يقتدى بهم ويرجع إليهم، أن المسيرات والمظاهرات والخروج على الحكام الكفرة وجهادهم بدون مراعاة تلك القواعد المرعية والضوابط الشرعية التي قرروها ونصوا عليها كما عرفت ذلك من النقل عنهم ، أن ذلك من المسائل الاجتهادية التي يسوغ فيها الاختلاف ، ويعذر من أخطأ فيها ، وخرج عن منهج السلف الصالح في تقريرها .
    إنما هذا قال به الحزبية ودعاة الفتن والغوغاء ممن يقلدهم العيد شريفي وينعق بنعيقهم ، وهم ما أرادوا بهذه الثرثرة العجيبة إلا ستر عورتهم و إسكات الألسنة وكسر الأقلام التي تنكر عليهم صنيعهم الإجرامي .
    ولم يقل بها إلا من لم يراع القواعد المرعية والضوابط الشرعية التي نص عليها أئمة السنة والجماعة في هذه المسألة الكبيرة التي ضيقوا فيها الكلام وشددوا على من تكلم فيها بجهل وهوى ، إذْ أنها من الأصول التي لا يسوغ فيها الاختلاف ، أو يدعى فيها الاجتهاد ، أو أنها توكل وتسند إلى الأحداث والغوغاء ودعاة البدع والفتن للكلام فيها مما يزيد كلامهم فيها إلا إغراق الأمة في الفتن ، وذلك لما عرفوا به من الهوى والظلم والكذب وجهلهم بالضوابط التي يجب مراعاتها عند الكلام في هذه المسألة العظيمة .
    قال شيخ الإسلام ابن تيمية في (مجموع الفتاوى)(19/ 203) : (( لَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ مَعَ الْإِنْسَانِ أُصُولٌ كُلِّيَّةٌ تُرَدُّ إلَيْهَا الْجُزْئِيَّاتُ لِيَتَكَلَّمَ بِعِلْمِ وَعَدْلٍ ثُمَّ يَعْرِفُ الْجُزْئِيَّاتِ كَيْفَ وَقَعَتْ ، وَإِلَّا فَيَبْقَى فِي كَذِبٍ وَجَهْلٍ فِي الْجُزْئِيَّاتِ وَجَهْلٍ وَظُلْمٍ فِي الْكُلِّيَّاتِ فَيَتَوَلَّدُ فَسَادٌ عَظِيمٌ )) ا.هـ
    وعليه ، فبناء على هذا التقرير والتنصيص السلفي تعامل علماء السنة والجماعة مع الأحداث الراهنة التي نزلت بالأمة ، فهم أنكروا جرائم حاكم سوريا وغيره ممن وقع في جرائمه، ولكن لا أحدا أفتى بمقاتلته ومواجهته وبالمظاهرات والمسيرات ، وذلك لعلمهم ما يترتب من المفاسد الكبيرة في مواجهتهم ومقاتلتهم .
    ومن ذلك ما جاء عن العلامة صالح اللحيدان ـ حفظه الله ورعاه ـ لما سئل : سماحة الوالد نشر بعضهم كلاما أو نُشر كلام منسوب إلى سماحتكم بالانترنت مفاده تأييد الثورات و الثوار في بعض البلاد العربية كسوريا على حكامها و إن قتل الثلث من الشعب ليبقى الثلثان، فهل يصح نسبة ذلك إليكم.
    ثمّ يسأل ويقول : متى يجوز الخروج على الحاكم الكافر؟ و هل لكل أحد أن يحكم بكفر حاكمه ثم يخرج عليه؟ و ما ضابط ذلك حفظكم الله؟
    فأجاب : " هذا في الحقيقة ما قلت أن هذا يُفعل، و أما بالنسبة إلى حاكم سوريا، حاكم سوريا نُصيري ليس بمسلم، و النصيرية جزء من الفاطميين، الدولة الفاطمية، الذين يقول العلماء عنهم أن ظاهرهم الرفض، يتظاهرون بأنهم رافضة، و باطنهم الكفر المحض، هذا من جانب، و من جانب آخر أيضا، هو بعثي، تبع لحزب البعث، الذين يرون أن البعث هو الرب، ربهم، حتى في جرائدهم ينشدون شعرا بأن البعث هو الرب لا شريك له.
    بالنسبة للمظاهرات أو الخروج على الحاكم الشرعي، لا شك أن الذي اقول به أنا و يقول به أهل العلم عموما لا يحل، لا يحل لأحد أن يخرج على الوالي المعتبر شرعا، حتى و لو كان الوالي له مخالفات، لا يجوز إلا إذا حصل كفر بواح يعني ظاهر ليس خفي، يعني يكون أعلن كفره، يقول مثلا : الصلاة ليست بلازمة، أو كما يقول القذافي : كل السنة لا حاجة لنا إليها، القذافي يقول: أن السنة جميعا لا حاجة إليها يكفينا القرآن، فأما سوريا فلا شك أن الحاكم نصيري و حزب البعث معروف و إذا قدر أهل الشام على أن يتخلصوا من هذا فأنا أعتبر هذه من محاسنهم و مزاياهم، و أما الثلث و أنا أشرت أن الثلث ... (كلمة غير واضحة) الإمام مالك يُروى عنه و قد لا يصح، أنه يقول يجوز هو قتل الثلث لصلاح الثلثين لكني ما قلت أن يا أهل سوريا قوموا و اجتهدوا حتى يُقتل ثلثكم، فأما مثل هذا الشخص فلا يظهر أي مانع إذا كان الناس قادرين أن يتخلّصوا منه، لكن الوالي الكافر لا يجوز الخروج عليه إذا كان الذين سيخرجون عليه عاجزين عن إزالته، يكون خروجهم عليه يسلطه على بقية المسلمين، يجعل في البلاد مذبحة عظيمة و لا يقل بذلك عاقل، لا يقل عاقل، الشخص عنده مختلف الأسلحة يستطيع أن ينسف قرى كما نسف حافظ الأسد قبل ثلاثين سنة تقريبا أو أقل من تسع و عشرين قليل في شمال سوريا عشرات الآلاف قتلوا، في الأيام هذه ذكر الذين يكتبون مخازيهم في القنوات الفضائية ذكروا ما حصل و ما استدعى حافظ الكلب الأسد من الألوية لمهاجمة أهل أظن حلب، فلا شك أن هذه حكومة فاجرة خبيثة نسأل الله جلّ و علا أن يخلّص أهل سوريا منها، ثم هذه المذابح التى نُشرت في هذه القنوات الفضائية و أجهزة التصوير اليدوية و ما يُرفع فضحتا أهل الإجرام في السابق ما علم بالمذبحة التي كانت في شمال سوريا في وقت الخبيث الفاجر حافظ إلا من دول الغرب و أما المسلمون فللأسف قل من ذكر ذلك، نعم." ([13])
    وقال العلامة ربيع المدخلي ـ حفظه الله ورعاه ـ : " الحاكم له شأن آخر، وهو أن يُنصح بالحكمة والموعظة الحسنة، لأن تغيير منكره إذا كان دون الكفر البواح يترتب عليه مفسدة أكبر وأكبر وأكبر من المفسدة التي هو واقع فيها والتي تريد أن تستريح منها وتزيلها، تقع في مفسدة أكبر وأكبر من الفوضى وسفك الدماء وانتهاك الأعراض وسلب الأموال وما شاكل ذلك، أَمرنا بالصبر عليه الصلاة والسلام، قال عبادة بن الصامت رضي الله عنه: ( بايعنا رسول الله صلى الله عليه وسلم على السمع والطاعة في المنشط والمَكره وعلى أثرة علينا وعلى أن لا ننازع الأمر أهله حتى تَروا كفرًا بواحًا عندكم فيه من الله برهان ) .
    كفر بواح لا يحتمل التأويل، ولا يقبل تأويلاً، واضح كالشمس فحينئذٍ للمسلمين أن يخرجوا على هذا الحاكم الذي وقع في الكفر الواضح بشرط أن لا يكون في خروجهم مفسدة أكبر من بقاء هذا الحاكم الكافر –بارك الله فيكم- لأنه قد يخرج بعض الناس والضعفاء فيفتك بهم ويضيع الدين والدنيا، فتكون المفسدة أكبر!
    فلا يخرج المسلمون على الحاكم الكافر إلا إذا كان الخروج أرجح وأنجح وأن المسلمين سيسقطونه دون سفك دماء ودون انتهاك أعراض ودون ودون.
    أما إذا بقي في دائرة الإسلام "لا ما صَلوا" تروي أم سلمة رضي الله عنها أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " إنه يكون عليكم أمراء فتعرفون وتنكرون، فمَن عَرَف فقد بَرِئ، ومن أَنكر فقد سَلِم، ولكن من رَضِيَ وتابع، قالوا: ألا نقاتلهم يا رسول الله؟ قال: لا ! ما صَلَّوْا"، فما دام يصلي فلا يجوز الخروج عليه، ما قال :ما أقاموا الصلاة، قال: لا ما صلوا، مادام يصلي ظاهره الإسلام وأنه في دائرة الإسلام فلا يجوز الخروج عليه، لأن الخروج يؤدي إلى سفك الدماء وانتهاك الأعراض.
    وما استفاد الناس من الخروج على الحكام أبدًا، لم يستفيدوا من الخروج على الحكام أبدًا، خروج أهل المدينة على يزيد ترتب عليه مفاسد عظيمة، خروجهم على بني أمية وعلى بني العباس ما يترتب عليها إلا الفساد والهلاك والدمار، فلم يستفد المسلمون من هذه الخروجات أبدًا، ودائمًا تأتي مفاسدها أكبر وأكبر وأشد من مصالحها، واعتبروا بالصومال كان حاكمهم ظالمًا فاجرًا فخرجوا عليه فاستمروا في دوامة من الفتن والدماء إلى يومنا هذا.
    صدام الفاجر البعثي انظر لَما أُسقِط ماذا يحصل للعراق إلى يومنا هذا، وماذا سيحصل الآن لهؤلاء الذين يتظاهرون في البلدان العربية؟! ما الذي سيترتب على أعمال هؤلاء؟! ...
    يعني هذا حاكم تونس غادر تونس والفوضى باقية والله أعلم كيف ستنتهي الأمور؟! وما أظن أنها ستنتهي بحكم الإسلام.
    وحاكم مصر طلب مهلة لمدة بسيطة ثم يتخلى عن الحكم فأصر المتظاهرون إصرارًا شديدًا على تنحيته فورًا فتنحى، فما هو البديل عن الديموقراطية أو الحكم العسكري؟ إذا لم يكن البديل هو الإسلام بعقائده ومناهجه الصحيحة في كل المجالات ومنها مجال السياسة، إذا لم يكن الإسلام هو البديل فلم يصنعوا شيئًا، إذا كان البديل هو الديموقراطية الغربية المناهضة للإسلام فبئس البديل.
    أنا آسَف الآن على ما يحصل في العالم الإسلامي من هذه المظاهرات الجاهلية الهمجية الفوضوية التي لا وجود للإسلام في مطالبها ولا للمتظاهرين مما يدلك على أنهم جاهلون بالإسلام، وأنهم لا أمل لهم أو لا رغبة لهم في أن تقوم دولة إسلامية مثلاً، ما عندهم هذا، ديموقراطية! ديموقراطية! ديموقراطية! ديموقراطية! يعني طلاب جامعات ودكاترة وأساتذة وعقولهم أدنى وأدنى من عقول الأطفال! وهم يركضون من وراء أفكار الغرب وتشريعات الغرب وقوانين الغرب، ومطالبُهم لا تقوم إلا على هذه الأمور التي جاءت من أوروبا :
    ( لتتبعن سنن من كان قبلكم شبراً بشبر، وذراعًا بذراع حتى لو دخلوا جحر ضب لدخلتموه )
    أهل البدع فعلوا هذا والسياسيون فعلوا هذا مع الأسف الشديد.
    نسأل الله تبارك وتعالى أن يهيئ للأمة علماء ناصحين يقودونهم بكتاب الله وبسنة رسول الله، وأن يهيئ لهم حكامًا صالحين ناصحين يحكمون بشريعة الله تبارك وتعالى، بكتاب الله وبسنة رسول الله عليه الصلاة والسلام ، إنّ الحكم لله وحده سبحانه وتعالى فلا حكم لأحد معه ولا شريك له في حكمه : ï´؟ إن الحكم إلا لله، أمر أن لا تعبدوا إلا إياه ï´¾ ، الحكم لله وحده، ربكم الذي خلقكم وخلق الأرض وخلق السماء وأمدكم بالأنهار والجنان وكل شيء ثم تنسونه! وتنسون تشريعاته! وتتعلقون بتشريعات اليهود والنصارى!"([14])
    قلت ( بشير) : إن ما بينه وفصله الإمامان صالح اللحيدان وربيع المدخلي فيما يخص قضية هذه الأحداث الأخيرة المؤلمة التي نزلت بالأمة هو الذي عليه علماء السنة والجماعة قاطبة ، ولم يخرج عن منهجهم وكلمتهم هذه إلا من أنغمس في الحزبية وتأثر بأهلها من دعاة المظاهرات والانقلابات ، وهؤلاء لا عبرة بكلامهم ومخالفتهم لأهل السنة والفقه والوسطية ، فضلا أن يرفع أمرهم وشأنهم إلى مصاف ومنازل العلماء ، ويحتج بكلامهم ، ويعتبر خلافهم خلافا يعارض به منهج أهل السنة والجماعة ويوهن اجتماع كلمتهم كما صنع العيد شريفي ، لأنه لو نقب وفتشا فتاوى وكلام علماء السنة لا يجد لهم كلاما يخدم ثرثرته ويقيم حجته ، إلا أن يكون كلام هؤلاء الحزبية من القطبية والسرورية والحركية والغوغاء والجهلة ، الذي رفع من شأنه ونفخ فيه حتى سواه بكلام الأئمة واعتبره اجتهادا ينازع به منهج السلف الصالح وتقريراته الحكيمة !!
    وكان أولى بالعيد شريفي ـ إن كان صاحب سنة ، ومن أهل الإنصاف والوسطية ـ في هذا المقام وفي مثل هذه المسألة المهمة التي تعد من الأصول التي لا يجوز فيها الاختلاف وتوسيع الكلام فيها بغير الضوابط التي تضبطها ([15]) ، أن لا يحتج بالخلاف الاصطناعي والاجتهاد المزعوم لتسويغ مذهب القوم ، بل كان الواجب عليه أن يقيم الدليل على صحة قوله وسلامة عمل القوم .
    قال الإمام ابن عبدالبر في (جامع بيان العلم وفضله)(2/ 922)
    (( الِاخْتِلَافُ لَيْسَ بِحُجَّةٍ عِنْدَ أَحَدٍ عَلِمْتُهُ مِنْ فُقَهَاءِ الْأُمَّةِ إِلَّا مَنْ لَا بَصَرَ لَهُ وَلَا مَعْرِفَةَ عِنْدَهُ، وَلَا حُجَّةَ فِي قَوْلِهِ ))
    وقال الإمام الخطابي في ( أعلام الحديث)(3/2092) : (( وليس الاختلاف حجة وبيان السنة حجة على المختلفين من الأولين والآخرين))
    وقال شيخ الإسلام ابن تيمية في (مجموع الفتاوى)(26/ 202)
    (( وَلَيْسَ لِأَحَدِ أَنْ يَحْتَجَّ بِقَوْلِ أَحَدٍ فِي مَسَائِلِ النِّزَاعِ وَإِنَّمَا الْحُجَّةُ النَّصُّ وَالْإِجْمَاعُ، وَدَلِيلٌ مُسْتَنْبَطٌ مِنْ ذَلِكَ تُقَرَّرُ مُقَدِّمَاتُهُ بِالْأَدِلَّةِ الشَّرْعِيَّةِ لَا بِأَقْوَالِ بَعْضِ الْعُلَمَاءِ؛ فَإِنَّ أَقْوَالَ الْعُلَمَاءِ يُحْتَجُّ لَهَا بِالْأَدِلَّةِ الشَّرْعِيَّةِ لَا يُحْتَجُّ بِهَا عَلَى الْأَدِلَّةِ الشَّرْعِيَّةِ.)) ([16])
    الوجه الثاني : قوله" الشيخ عبدالعزيز يقول بدخول البرلمانات، الشيخ ابن عثيمين قال بدخول البرلمانات؟ "
    أقول
    ما أجمل في هذا المقام أن نتمثل في ردنا على العيد شريفي ، بقول العلامة المحدث عبدالرحمن المعلمي في انتقاده لتشغيبات الكوثري الهالك : ولا نلوم الأستاذ في التشبت بالشبهات فإنه أقام نفسه مقاما يضطره إلى ذلك ولكننا كنا نود لو أعرض عن الشبهات التي قد سبق إليها فحلت وانحلت واضمحلَّت واقتصر على الشبهات الأبكار التي يجد لذة في اختراعها ويجد أهل العلم لذة في افتراعها! ([17])
    إذ أن استدلال بكلام الإمامين ابن باز وابن عثيمين على دخول الانتخابات ، قد بيّن أهل العلم ضعف حجة ممن تمسك به ، مع إعذار وحفظ كرامة الإمامين .
    قال فضيلة الشيخ محمد بن عبد الله الإمام ـ حفظه الله ورعاه ـ في (تنوير الظلمات بكشف مفاسد وشبهات الانتخابات)(ص 200 ـ 202)
    (( الشبهة الخامسة عشر : قولهم: قد أفتى بشرعية "الانتخابات" علماء أفاضل
    قد يقول قائل: قد أفتى بشرعية "الانتخابات" علماء أفاضل من أهل السنة, وليسوا حزبيين, كمحدّث العصر فضيلة الشخي الألباني, وسماحة المفتي العام الشيخ عبدالعزيز ابن باز, رحمهما الله تعالى, وفضيلة الشيخ العلامة ابن عثيمين حفظه الله, فهل ندخل هؤلاء فيما سبق؟.
    الجواب: كيف ندخلهم فيما سبق, وهؤلاء العلماء الأفاضل هم علماؤنا وقادتنا وقادة هذه الدعوة المباركة ([18]) , وهم حماة الإسلام, وما تعلمنا إلا على أيديهم, ومعاذ الله أن يكونوا حزبيين, بل هم المحذّرون من الحزبية, وما سلمنا من الحزبية إلا بتوفيق الله ثم بنصائحهم, ونصائح أمثالهم كالشيخ الجليل المُحدِّث مقبل بن هادي الوادعي يحفظه الله تعالى. وكتبهم وأشرطتهم طافحة بالتحذير من الحزبيات.
    فإذا كانوا يحرمون الحزبية, فليس لأصحاب الحزبية فيهم نصيب لتبرير ما يريدون أن يمضوه ويخدعوا به المسلمين, وبالذات الشباب المسلم, المتمسك بدينه, الراضي بالحق, السائر عليه.
    وأما بالنسبة لفتوى هؤلاء العلماء فهي مقيدة بضوابط شرعية, ومنها: تحقيق المصلحة الكبرى, أو دفع المفسدة الكبرى بارتكاب الصغرى, مع بقية ضوابط هذه القاعدة, ولكن دعاة "الانتخابات" لم يراعوا هذه الضوابط.
    تنبيه: لماذا نرى الحزبيين لا يشيدون بفتاوى علمائهم الذين يفتون بشرعية "الانتخابات", وإنما يشيدون بفتاوى علماء أهل السنة كالألباني وابن باز وابن عثيمين حفظهم الله؟
    الجواب: إن علماء السلطة والأحزاب في بلاد المسلمين أحرقتهم الحزبية, فإنها مرض فتّاك, فصار الناس غير مقتنعين بفتاواهم, لأنهم يعرفون أنهم يُلبّسون عليهم في مسائل من الدين, فرأوا أن يكون علماء السنة في واجهة هذه الحزبية, وهكذا من تلبيساتهم يستخدمون فتاوى علماء السنة لصالحهم, متى اضطروا إلى ذلك, ومتى استغنوا عنهم قالوا: هم جهّال لا يفقهون الواقع, وكالُوا لهم التهم.
    وعلى سبيل المثال: عند أن أفتى الوالد عبدالعزيز بن باز رحمه الله تعالى في قضية الصلح مع اليهود بشروط وضوابط, قامت قيامتهم, ولم تقعد, ومن يستطيع أن يسكتهم؟ ومن يستطيع أن يقنعهم؟ وصار كل واحد من هؤلاء يصدر الفتوى.. ولم يبق الأمر عند الكبار فقط. وكأن ابن باز رحمه الله رجل لا خبرة عنده, ولا علم عنده, بل صارت خطب الجمعة بهذا الصدد حنّانة رنّانة, والحمد لله أن علماء "السنة والجماعة" يحسنون الظن بالناس ويصبرون. والله يعلم المفسد من المصلح.
    وأيضاً يلزمهم إذا كانوا يعتمدون على فتوى الألباني وابن باز وابن عثيمين أن يقبلوا فتاواهم في تحريم الحزبية, وتحريم الموالد, والذبح لغير الله, والتقليد لليهود والنصارى.. وما أشبه ذلك من المحرمات التي يفعلونها.
    ولا حول ولا قوة إلا بالله. ))
    الوجه الثالث : قوله : " الشيخ ابن عثيمين أفتى هنا الجزائريين بالمسيرات وبتكوين الحزب "
    أقول
    كفى في سقوط هذا الكلام ودلالة على كذب صاحبه ما بينه الإمام ابن عثيمين ـ رحمه الله ـ لما سئل :
    ما مدى شرعية ما يسمّونه بالاعتصام في المسـاجــد وهم -كما يزعمون- يعتمدون على فتوى لكم في أحوال الجزائر سابقاً أنَّها تجوز إن لم يكن فيها شغب ولا معارضة بسلاح أو شِبهِه، فما الحكم في نظركم؟ وما توجيهكم لنا؟
    فأجاب ـ رحمه الله ـ : أمَّا أنا، فما أكثر ما يُكْذَب علي! وأسأل الله أن يهدي من كذب عليَّ وألاّ يعود لمثلها. و العجبُ من قوم يفعلون هذا ولم يتفطَّنوا لما حصل في البلاد الأخرى التي سار شبابها على مثل هذا المنوال! ماذا حصل؟ هل أنتجوا شيئاً؟
    بالأمس تقول إذاعة لندن: إن الذين قُتلوا من الجزائريين في خلال ثلاث سنوات بلغوا أربعين ألفاً! أربعون ألفاً!! عدد كبير خسرهم المسلمون من أجل إحداث مثل هذه الفوضى!.
    والنار ـ كما تعلمون ـ أوّلها شرارة ثم تكون جحيماً؛ لأن الناس إذا كره بعضُهم بعضاً وكرهوا ولاة أمورهم حملوا السلاح ما الذي يمنعهم؟ فيحصل الشرّ والفوضى .، وقد أمر النبيّ -عليه الصلاة والسلام- من رأى من أميره شيئا يكرهه أن يصــبر ، وقال: « من مات على غير إمام مات ميتة جاهلية»الواجب علينا أن ننصح بقدر المستطاع، أما أن نُظْهر المبارزة والاحتجاجات عَلَناً فهذا خلاف هَدي السلف، وقد علمتم الآن أن هذه الأمور لا تَمُتّ إلى الشريعة بصلة ولا إلى الإصلاح بصلة.
    ما هي إلا مــضرّة ...، الخليفة المأمون قَتل مِن العلماء الذين لم يقولوا بقوله في خَلْق القرآن قتل جمعاً من العلماء وأجبر الناسَ على أن يقولوا بهذا القول الباطل، ما سمعنا عن الإمام أحمد وغيره من الأئمة أن أحداً منهم اعتصم في أي مسجد أبداً، ولا سمعنا أنهم كانوا ينشرون معايبه من أجل أن يَحمل الناسُ عليه الحقد والبغضاء والكراهية...
    ولا نؤيِّد المظاهرات أو الاعتصامات أو ما أشبه ذلك، لا نؤيِّدها إطلاقاً، ويمكن الإصلاح بدونها، لكن لا بدّ أن هناك أصابع خفيّة داخلية أو خارجية تحاول بثّ مثل هذه الأمور. " ا.هـ ([19])


    يتبع إن شاء الله ...

    ([1]) (المعلم)(3/52 ـ 53)

    ([2]) (إكمال المعلم)(6 / 247)

    ([3]) (شرح صحيح البخاري)(8 / 215)

    ([4]) فليرجع إلى الأصل المنقول منه للوقوف على ما نبه عليه الشيخ

    ([5]) (غياث الأمم )(ص 55)

    ([6]) انظر مراجعات في فقه الواقع إعداد عبدالله الرفاعي ( ص 25 ـ 26)

    ([7]) المصدر السابق ( ص 28)

    ([8]) المصدر السابق ( ص 52)

    ([9]) المصدر السابق ( ص 52)

    ([10]) (مجموع الفتاوى)(28/ 126)

    ([11]) (الدرر السنية )(8/ 491)

    ([12]) (اقتضاء الصراط المستقيم)(2/ 127)

    ([13]) (شبكة الإمام الآجري)

    ([14]) ( شبكة سحاب السلفية)

    ([15]) قال الشيخ حمد بن إبراهيم العثمان في ( دراسة نقدية لقاعدة المعذرة والتعاون)(ص 87) : (( ضيق كثير من أهل العلم الخلاف في العقائد ، وشددوا فيها ما لم يشددوا في الأحكام ، مع أن الكل شرع من عند الله ، لأن الزلل بها خطير ولأن العقائد مسائلها محصورة )) ا.هـ

    ([16]) انظر ( دراسة نقدية لقاعدة المعذرة والتعاون)(ص 84 ـ 85)

    ([17]) (التنكيل بما في تأنيب الكوثري من الأباطيل)(2/ 608)

    ([18]) فللعيد شريفي أيضا أن ينكر على فضيلة الشيخ محمد بن عبدالله الإمام في استخدامه واستعماله هذا المصطلح في حق أئمة السنة ، وليعلم أيضا أن إنكاره على الشيخ أبي نصر هو عين إنكاره على الإمام مقبل الوادعي ـ رحمه الله ـ والعلامة محمد الوصابي ـ حفظه الله ـ إذ قد قدما للكتاب !!
    وإلا فلولا لم تكن هذه اللفظة من التعابير الصحيحة لما عبر بها الشيخ أبونصر محمد وأقره عليها كل من الشيخين مقبل الوادعي ومحمد الوصابي ، والحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات وتتفق كلمة أهل العلم الذي يجمعهم المنهج النبوي وإن تباعدت أوطانهم وتفرقت أبدانهم .

    ([19]) ( شبكة سحاب السلفية)


معلومات الموضوع

الأعضاء الذين يشاهدون هذا الموضوع

الذين يشاهدون الموضوع الآن: 1 (0 من الأعضاء و 1 زائر)

المواضيع المتشابهه

  1. التعليق الكافي الشافي على مخالفات العيد شريفي للمنج السلفي .
    بواسطة أبو عبد المحسن زهير التلمساني في المنتدى مقالات ورسائل الشيخ أبو بكر يوسف لعويسي
    مشاركات: 3
    آخر مشاركة: 09-Sep-2016, 02:20 PM
  2. التعليق الكافي الشافي على مخالفات العيد شريفي للمنهج السلفي
    بواسطة أبو عبد المصور مصطفى الجزائري في المنتدى المنبــر الإسلامي العــام
    مشاركات: 9
    آخر مشاركة: 02-Jan-2014, 12:50 AM
  3. كـــــــــــلام العلامة عبيد الجابري والعلامة المجاهد ربيع المدخلي في المبتـــــــدع العيد شريفي
    بواسطة أبو محمد ياسر الليبي في المنتدى منبر الرد على أهل الفتن والبدع والفكر الإرهابي
    مشاركات: 4
    آخر مشاركة: 01-Jan-2014, 12:13 PM
  4. التعليق الكافي الشافي على مخالفات العيد شريفي للمنهج السلفي
    بواسطة أبو عبد المصور مصطفى الجزائري في المنتدى مقالات ورسائل الشيخ أبو بكر يوسف لعويسي
    مشاركات: 5
    آخر مشاركة: 31-Jul-2013, 06:55 AM
  5. التعليق الكافي الشافي على مخالفات العيد شريفي للمنهج السلفي الشخ أبي بكر يوسف لعويسي -حفظه الله-
    بواسطة أبو عبد المصور مصطفى الجزائري في المنتدى منبر الرد على أهل الفتن والبدع والفكر الإرهابي
    مشاركات: 3
    آخر مشاركة: 01-Mar-2013, 06:50 AM

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •