الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن سار على نهجه إلى يوم الدِّين؛ أما بعد:
فقد كتب المدعو المتستر بلباس السلفية عبد الله بن زيد الخالدي مقالاً بعنوان [أحاديث الشفاعة تكشف سوء البضاعة] وهو منشور في موقع الآفاق الحدادي!، ومثبَّت من قبل إدارة الموقع!!، وذلك عقب مقال الشيخ ربيع حفظه الله [أحاديث الشفاعة الصحيحة تدمغ الخوارج والحدادية القطبية].
وملخص مقال الخالدي والرد عليه في هذه النقاط:

1- أحال الخالدي القارئ في ردِّ مقال الشيخ ربيع حفظه الله إلى كتابات وأشرطة الشيخ صالح الفوزان حفظه الله في موقعه الرسمي!.
أقول:
وكأنَّ هؤلاء لا يعترفون بعالم سوى الشيخ صالح الفوزان حفظه الله، وصدق فيهم قول الشيخ ربيع حفظه الله كما في [شرح عقيدة السلف أصحاب الحديث ص179-180]: ((أهل البدع لا يسكتون عن أهل السنة، بل يطعنون فيهم كما هو حال الخوارج الجدد الحدادية!، بل هم الآن من أشدِّ الناس طعناً في أهل السنة، ومن أشدِّهم حرباً على أهل السنة؛ حيث إنَّ علماء مكة وعلماء المدينة وعلماء اليمن وعلماء العالم الإسلامي كلهم – الآن - عندهم مرجئة مبتدعة!، ولا يعترفون إلا بشخص واحد - تقريباً! - وهو الشيخ صالح الفوزان فقط!، ليندسوا من ورائه، وليطعنوا في أهل السنة جميعاً.
وهم والله بدأوا بالشيخ الفوزان - وربِّ السماء - وأُدينُ اللهَ بأنهم يبغضونه ويحتقرونه، فعلماء السنة كلهم الآن عند هؤلاء المبتدعة: مرجئة!.
ومَنْ يكونون هم؟!
ما ندري؛ لهم ثلاثة رؤوس أو أربعة بارزين فقط!.
وهم من أضلِّ خلق الله!، وأكثرهم خيانة وفجوراً!، فكيف بالمخفيين؟!
المخفيون يمكن فيهم باطنية وروافض!، والله أعلم، فما أبقوا لأهل السنة شيئاً، هذا حالهم الآن حرب أهل السنة!)).
قلتُ:
نعم الحدادية طعنوا بالشيخ الفوزان من قبل لما عدَّ مرجئة الفقهاء من أهل السنة، وكذلك وصفه لطائفة من أهل الإرجاء بمرجئة أهل السنة، وعدم تبديعه لأبي حنيفة وابن حجر والنووي وأمثالهم رحمهم الله، وتحذيره في تكفير المعين أن يصدر من غير العلماء الراسخين، ولكنهم الآن يتسترون خلفه ويدَّعون بأنهم على طريقته، والشيخ حفظه الله لا يتهم عالماً بعينه من العلماء المعاصرين بالإرجاء لا الشيخ الألباني رحمه الله ولا الشيخ ربيع حفظه الله، ويعرف لهما قدرهما وفضلهما في العلم والسنة، ويعدهما من علماء أهل السنة، وإن خالفهم في مسألة تارك الصلاة، بينما غلاة الحدادية يتهمونهم بالإرجاء بلا خجل ولا حياء ويطعنون بهم وينتقصون منهم كما يلاحظه القارئ في مواقعهم.
ثم هب أنَّ ثمة خلاف بين الشيخين الشيخ الفوزان والشيخ ربيع حفظهما الله في مسألة تكفير تارك العمل ودعوى الإجماع والإرجاء، فهل قول عالم هو حجة على عالم آخر مثله، ومعلوم أنَّ من أبجديات العلم أنَّ كلام العلماء يحتج له لا يحتج به، والمرجع عند اختلاف العلماء إلى الدليل والحجة من الكتاب والسنة بفهم سلف الأمة الصالح.

2- وقف الخالدي [وقفة خاصة] فيمن وصفه وجماعته بأنهم (حزبية قطبية)، وأنهم يبحثون عن التصدر، فردَّ الخالدي ذلك بدعوى أنه كان مشرفاً في سحاب لمدة أعوام!، وأنه كان يكتب في سحاب في غالب مقالاته ضد حزبية سحاب!، ولكنَّ أهل سحاب لم يفطنوا له لحماقتهم كما زعم!!، وأنَّ البعض كان يحاول إيقافه بسبب سكوته وغموضه وعدم نصرته لهم في الباطل على حدِّ قوله!، ثم أنه خرج من سحاب لخلاف شخصي لا عقدي ولا منهجي!، وزعم أنَّ البعض يطلب منه العودة!!!، ويرفض ذلك، وأنه مطلعٌ على خبايا القوم في عقر دارهم ويرى سوء فعالهم وأهدافهم!.
أقول:
قال تعالى: ((مَّا كَانَ اللَّهُ لِيَذَرَ الْمُؤْمِنِينَ عَلَى مَآ أَنتُمْ عَلَيْهِ حَتَّىَ يَمِيزَ الْخَبِيثَ مِنَ الطَّيِّبِ))، وقال صلى الله عليه وسلم في وصف فتنة الدجال: ((فَتَرْجُفُ الْمَدِينَةُ بِأَهْلِهَا ثَلاَثَ رَجَفَاتٍ، فَلاَ يَبْقَى مُنَافِقٌ وَلاَ مُنَافِقَةٌ إِلاَّ خَرَجَ إِلَيْهِ، فَتَنْفِي الْخَبَثَ مِنْهَا كَمَا يَنْفِي الْكِيرُ خَبَثَ الْحَدِيدِ، وَيُدْعَى ذَلِكَ الْيَوْمُ يَوْمَ الْخَلاَصِ))، وقال أحد السلف: ((مَا أَسَرَّ أَحَدٌ سَرِيرَةً إلَّا أَبْدَاهَا اللهُ عَلَى صَفَحَاتِ وَجْهِهِ وَفَلَتَاتِ لِسَانِهِ))، فالحمد لله الذي كشف ستركم وفضح سريرتكم، وكونك أيها الخالدي مشرفاً قديماً في سحاب لمدة أعوام كما زعمتَ لا يعني هذا الحصانة من الزيغ والضلال، فالإشراف والمراقبة في المواقع ليست شرفاً علمياً ولا رتبة دينية يتميز بها المرء عن غيره، بل هي مسؤولية وأمانة في أعناق أصحابها، فمن حافظ عليهما فيُحمد ويُذكر بخير، ومن ضعيهما فلا يلومنَّ إلا نفسه ولا يضرنَّ إلا شخصه، ومن تستَّر خلف الإشراف والمراقبة في نشر الأفكار المنحرفة وتكميم الأفواه الصادقة من حذف المقالات والمشاركات وغلق المواضيع بلا مبرر شرعي ولا مصلحة راجحة فسينكشف أمره ويتبين شره عاجلاً أو آجلاً، فليعلم هذا ولا يغفل عنه.

3- في وقفته العامة قال عبد الله بن زيد الخالدي:
((أنزل المدعو رائد آل طاهر العراقي مقالاً له في منتدى سحاب وهو بعنوان "نصب الراية" ثم أنكروا عليه حينها وبشدة وعنف زعمه أنَّ د. ربيع وافقه على ما ورد فيه، وأصدروا بعد ذلك بياناً شديداً في نفي تلك الموافقة، ثم أخذ المريد العراقي في الدفاع عن نفسه خارج منتدى سحاب وأظهر تلك الموافقة وبخط يده، وكنتُ ممن شرَّفه الله بإخفاء المقال القبيح حينما أنزله في سحاب؛ لا نصرة لتكذيبهم وتعنيفهم له، وإنما نصرة لما اعتقده!؛ وأنَّ ما فيه هو عين الإرجاء، ثم أعادوه، والآن وبعد ظهور مقال الشيخ د. ربيع ألا يحق لنا أن نتساءل: من الذي كذب على الآخر؟! ومن الذي وافق الآخر؟! ومن هو شيخ الآخر؟! ومن أثَّر على الآخر وأقنعه؟! وما دام هذا اعتقاد الشيخ فلماذا شنعتم على المريد المتعالم؟! ومقال الشيخ يُظهر كذب ذلك التكذيب؛ وأنه إنما نزل في غير وقته، فكانت الجبهة مشتعلة مع علي الحلبي، ولم يُدرك المريد أنهم لا يريدون فتح جبهات مع غير الحلبي وفي ذلك الوقت حتى ينتهوا منه ومن منتداه، وكان لهم ما أرادوا، فلما أسقط تفرغوا لبيان اعتقاد المريد العراقي وشيَّخوه، وثبَّتوا ونشروا عقائد الجهمية والمرجئة الضلال، وممن كان على اعتقاد الباطنية الرافضة ثم الجهمية المرجئة، وظنوا أنَّ أهل الحق إنما نسوا ذلك ونسوا استعجال مريدهم العراقي وتصدره في فضح تلك العقيدة، وأنَّ ذلك كان قبل أوانه)).
أقول:
قال تعالى: ((قَالَ: مَا خَطْبُكُنَّ إِذْ رَاوَدتُّنَّ يُوسُفَ عَن نَّفْسِهِ؟ قُلْنَ: حَاشَ لِلّهِ مَا عَلِمْنَا عَلَيْهِ مِن سُوءٍ، قَالَتِ امْرَأَةُ الْعَزِيزِ: الآنَ حَصْحَصَ الْحَقُّ؛ أَنَاْ رَاوَدتُّهُ عَن نَّفْسِهِ وَإِنَّهُ لَمِنَ الصَّادِقِينَ. ذَلِكَ لِيَعْلَمَ أَنِّي لَمْ أَخُنْهُ بِالْغَيْبِ وَأَنَّ اللَّهَ لاَ يَهْدِي كَيْدَ الْخَائِنِينَ))، وقال سبحانه: ((وَلا يَحِيقُ الْمَكْرُ السَّيِّئُ إِلاَّ بِأَهْلِهِ)).
بعد أن أفلس الخالدي وانكشف أمره بدأ يكشف مكرهم السيء الذي حاولوا من خلاله أن يلصقوا تهمة الكذب أو سوء الفهم بـ (رائد آل طاهر)، وكم حاولوا في إسكاته من أساليب المكر والخديعة من خلال المناصب الإدارية هذه، ولكن لما كتب الشيخ ربيع حفظه الله عدة مقالات في بيان تقريره في مسألة تارك العمل، وردوده على غلاة الحدادية الجدد، لم يبق لهم سبيل في تكذيب (رائد آل طاهر) وإلصاق تهمة سوء الفهم به وشنِّ العداوة في وجهه، فمنهم من صرَّح بطعنه في الشيخ ربيع حفظه الله والتحق بموقع الحدادية، ومنهم من لا زال في طور التلميح والتشكيك بعقيدة الشيخ ربيع، ومنهم من لا زال متستراً حتى الساعة وقد ملئ الغيظ قلبه من مقالات الشيخ ربيع الأخيرة، ولكن لا يستطيع أن يبوح بما في نفسه الآن! فليكتم أنفاسه وسكناته جيداً!.

4- زعم الخالدي أنَّ وصف من يدندن بجنس العمل بالقطبية وأنه على طريقة سفر الحوالي فيه اتهام لشيوخ الإسلام ابن تيمية وابن باز والفوزان وغيرهم ممن يقول بجنس العمل.
أقول:
والخالدي بكلامه هذا يتعقَّب مقال الشيخ ربيع حفظه الله المثبَّت في سحاب هذه الأيام، وكلامه هذا يدل على جهله الفاضح.
فمعلوم أنَّ أول من تكلَّم في تكفير تارك جنس العمل هو سفر الحوالي في رسالته للدكتوراه [ظاهرة الإرجاء في الفكر الإسلامي] ، والتي أشرف عليه محمد قطب!، وملأها الحوالي في الجزء الأول منها على وجه الخصوص بالنقول المستفيضة عن سيد قطب!!، وفي الجزء الثاني منها بالطعن في الشيخ الألباني رحمه الله واتهامه بالإرجاء.
قال الحوالي في كتابه المشار إليه [الباب الخامس: الإيمان حقيقة مركبة، وترك جنس العمل كفر]: ((وبهذا يتبين لطالب الحق: أنَّ ترك الأركان الأربعة وسائر عمل الجوارح كفر ظاهراً وباطناً؛ لأنه ترك لجنس العمل الذي هو ركن الحقيقة المركبة للإيمان، التي لا وجود لها إلا به، هذا مما لا يجوز الخلاف فيه، ومن خالف فيه فقد دخلت عليه شبهة المرجئة شعر أو لم يشعر)).
وقال في مقدمة الكتاب أيضاً: ((والباب الخامس: بيان أنَّ الإيمان حقيقة مركبة من ركني القول والعمل، توصلاً بذلك إلى معرفة بطلان مذهب المرجئة في حكم تارك العمل مطلقاً، وبيان حكم صاحب الكبيرة على ضوء ذلك، وسبب ضلال الفرق فيه، ثم نقض أهم الشبهات النقلية للمرجئة على أنَّ العمل غير داخل في الإيمان. هذا ولا يفوتني أن أتقدَّم بخالص الشكر وعظيم التقدير إلى أستاذي الكريم الأستاذ محمد قطب، الذي بذل من الوقت الثمين والرأي الصائب ما كان له أثره البالغ في إنجاز هذه الرسالة وتقويمها)).
والله الموفِّق
منقول.