ليس على النفس الأمارة أشق من العمل لله وإيثار رضاه على هواها ، وليس لها أنفع منه . وكذا ليس على النفس المطمئنة أشق من العمل لغير الله وإجابة داعي الهوى ، وليس عليها شيء أضر منه
***********
إذا أردت أن يستدل على ما في القلوب ؛ فاستدل عليه بحركة اللسان ، فإنه يطلعك على ما في القلب شاء صاحبه أم أبى ، قال يحي بن معاذ : القلوب كالقدور تغلي بما فيها وألسنتها مغارفها . فانظر الرجل حين يتكلم فإن لسانه يغترف لك به مما في قلبه حلواً أو حامضاً
***********
قال تعالى ( وَلا تَأْخُذْكُمْ بِهِمَا رَأْفَةٌ فِي دِينِ اللَّهِ ) فلماذا نهى أن تأخذهم رأفة بالزنا ، مع أن هذا عام في جميع الحدود ؟ هذا وإن كان عاماً في جميع الحدود ، ولكن ذكر في حد الزنى خاصة لشدة الحاجة إلى ذكره ، فإن الناس لا يجدون في قلوبهم من الغلظة والقسوة على الزاني ما يجدونه على السارق والقاذف وشارب الخمر ، فقلوبهم ترحم الزاني أكثر مما ترحم غيره من أرباب الجرائم
****************
منافع غض البصر : أحدها : أنه امتثال لأمر الله ، وليس للعبد في دنياه وآخرته أنفع من امتثال أوامر ربه تبارك وتعالى . الثاني : أنه يمنع من وصول أثر السهم المسموم الذي لعل فيه هلاكه إلى قلبه . الثالث : أنه يورث القلب أنساً بالله وجمعية على الله ، فإن إطلاق البصر يفرق القلب ويشتته ، ويبعده من الله ، وليس على العبد شيء أضر من إطلاق البصر فإنه يوقع الوحشة بين العبد وبين ربه . الرابع : أنه يقوي القلب ويفرحه ، كما أن إطلاق البصر يضعفه ويحزنه . الخامس : أنه يكسب القلب نوراً ، كما أن إطلاقه يكسبه ظلمة . السادس : أنه يورث الفراسة الصادقة التي يميز بها بين المحق والمبطل ، والصادق والكاذب . السابع : أنه يورث القلب ثباتاً وشجاعة وقوة ، ويجمع الله له بين سلطان البصيرة والحجة وسلطان القدرة والقوة . الثامن : أنه يسد على الشيطان مدخله من القلب ، فإنه يدخل مع النظرة وينفذ معها إلى القلب أسرع من نفوذ الهوى في المكان الخالي
************
قال تعالى ( كذَلِكَ لِنَصْرِفَ عَنْهُ السُّوءَ وَالْفَحْشَاءَ إِنَّهُ مِنْ عِبَادِنَا الْمُخْلَصِينَ ) فأخبر سبحانه أنه صرف عن يوسف السوء من العشق والفحشاء من الفعل بإخلاصـه ، فإن القلب إذا أخلـص عمله لله لم يتمكن منه عشـق الصور ، فإنه إنما يتمكن مـن القلب الفارغ .