رسالة إلى رجال الأمن .. العيون الساهرة
الحمد لله وحده والصلاة والسلام على من لا نبي بعده .
أما بعد :
فعندما يهجع الليل ، وتظهر الخفافيش ؛ تستيقظ الأُسود .....
رجل الأمن ... وما أدراك ما رجل الأمن ..
أين يكون رجل الأمن؟!
رجل الأمن هو في الجو ، و في البر ، وفي البحر ؛ دون استثناء .
من هو رجل الأمن؟!
هو الأب ، والإبن ، والعم ، والخال ، والشقيق ، والقريب ، والصديق ، وهو الأخ المسلم .
فهذه رسالة موجهة لرجل الأمن أين ماكان.
وأخص بها رجال أمن وطنبي الحبيب "السعودية" .
عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :
(عَيْنَانِ لَا تَمَسُّهُمَا النَّارُ : عَيْنٌ بَكَتْ مِنْ خَشْيَةِ اللَّهِ .
وَعَيْنٌ بَاتَتْ تَحْرُسُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ) . رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ (1639) ، وغيره . وصححه الألباني .
فنحن عندما نذكر ذلك، فإننا نزُف بشرى رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لا غير.
والأصل في ذلك هو الإخلاص في العمل لله تعالى ، فأنت يا رجل الأمن!
متى أخلصت في عملك ، وتدبرت القرآن والحديث ، وجدت أنك في طمأنينة من أمرك .
وأنت عندما تكون في الحراسة ، أو في مطاردة المجرمين ، والمحدثين في الأرض الفساد ؛ فأنت في سبيل الله مُذْ أن خرجت إلى أن تعود ، وقد وقع النفع بك .
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ ؛ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ :
( طُوبَى لِعَبْدٍ آخِذٍ بِعِنَانِ فَرَسِهِ فِي سَبِيلِ اللَّهِ ، أَشْعَثَ رَأْسُهُ، مُغْبَرَّةٍ قَدَمَاهُ ، إِنْ كَانَ فِي الحِرَاسَةِ ، كَانَ فِي الحِرَاسَةِ ، وَإِنْ كَانَ فِي السَّاقَةِ كَانَ فِي السَّاقَةِ ) . البخاري (2887) .
وإذا قُتِلتَ أخي رجل الأمن مقبلاً غير مدبر فالأجر مضاعفٌ إن شاء الله تعالى .
روى مسلم عَنْ أَبِي قَتَادَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ ؛ عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :
"أَنَّهُ قَامَ فِيهِمْ فَذَكَرَ لَهُمْ أَنَّ الْجِهَادَ فِي سَبِيلِ اللهِ ، وَالْإِيمَانَ بِاللهِ أَفْضَلُ الْأَعْمَالِ . فَقَامَ رَجُلٌ ، فَقَالَ : يَا رَسُولَ اللهِ ! أَرَأَيْتَ إِنْ قُتِلْتُ فِي سَبِيلِ اللهِ ؛ تُكَفَّرُ عَنِّي خَطَايَايَ ؟ فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :
(نَعَمْ ، إِنْ قُتِلْتَ فِي سَبِيلِ اللهِ ؛ وَأَنْتَ صَابِرٌ مُحْتَسِبٌ ، مُقْبِلٌ غَيْرُ مُدْبِرٍ) . ثُمَّ قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :
( كَيْفَ قُلْتَ ؟) .قَالَ : أَرَأَيْتَ إِنْ قُتِلْتُ فِي سَبِيلِ اللهِ أَتُكَفَّرُ عَنِّي خَطَايَايَ ؟ فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :
( نَعَمْ ، وَأَنْتَ صَابِرٌ مُحْتَسِبٌ ، مُقْبِلٌ غَيْرُ مُدْبِرٍ ، إِلَّا الدَّيْنَ .
فَإِنَّ جِبْرِيلَ عَلَيْهِ السَّلَامُ قَالَ لِي ذَلِكَ )" .
وليتذكر الجميع أننا راحلون من هذه الدنيا ـ دار العمل والزرع ـ إلى الدار الآخرة ـ دار الحساب والحصاد ـ لا محالة ؛ طال بنا العمر أم قصر ، فإما نعيم ، وإما غير ذلك .
فإذا كانت هذه هي العقيدة الراسخة في قلب كل رجل أمنٍ مسلم ؛ فنِعْمَ الخاتمة : "الشهادة في سبيل الله" .
فعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ : أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ :
(الشُّهَدَاءُ خَمْسَةٌ : المَطْعُونُ ، وَالمَبْطُونُ ، وَالغَرِقُ ، وَصَاحِبُ الهَدْمِ ، وَالشَّهِيدُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ) . البخاري (2829) ، ومسلم (1914) .
فلا تجزع أخي من الموت في سبيل الله ، فإن للشهيد مزايا ليست لأحد غيره .
فعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ : أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : ( الشَّهِيدُ لَا يَجِدُ مَسَّ الْقَتْلِ إِلَّا كَمَا يَجِدُ أَحَدُكُمُ الْقَرْصَةَ يُقْرَصُهَا ) . أحمد (2 / 192) ، والترمذي (1668) ، والنسائي (3161) واللفظ له .
فوصيتي لرجل الأمن في أي مكان ، بأن لا يتردد في مطاردة , أو قتل أحد من هؤلاء الخوارج الذين خرجوا على ولي الأمر ، وكفّروا المسلمين ، واستباحوا دماءهم ، واستباحوا حرمة الحرمين الشريفين ؛ متى ما أمره ولي الأمر في هذه البلاد "بلاد الحرمين الشريفين " ؛ أو طلب منه ذلك ، لأن هؤلاء الخوارج في قتلهم أجراً كبيراً .
قال رسولنا صلى الله عليه وسلم محرضاً ومحفزا في قتالهم:
( فَأَيْنَمَا لَقِيتُمُوهُمْ فَاقْتُلُوهُمْ ، فَإِنَّ فِي قَتْلِهِمْ أَجْرًا لِمَنْ قَتَلَهُمْ يَوْمَ القِيَامَةِ ) . البخاري (6930) ، ومسلم (1066) .
وقال صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في وصف هؤلاء الخوارج :
( شَرُّ قَتْلَى قُتِلُوا تَحْتَ أَدِيمِ السَّمَاءِ ، وَخَيْرُ قَتِيلٍ مَنْ قَتَلُوا ، كِلَابُ أَهْلِ النَّارِ ، قَدْ كَانَ هَؤُلَاءِ مُسْلِمِينَ ؛ فَصَارُوا كُفَّاراً ) .
قَالَ الرَّاوي عَنْ أَبِي أُمَامَةَ : قُلْتُ : يَا أَبَا أُمَامَةَ ! هَذَا شَيْءٌ تَقُولُهُ ؟
قَالَ : بَلْ سَمِعْتُهُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ .
ابن ماجه (176) ، وحسنه الألباني .
أضف إلى ذلك : هم من المـُحْدِثِينَ في الأرض الفساد، قَالَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :
( مَنْ أَحْدَثَ فِيهَا حَدَثاً ، أَوْ آوَى مُحْدِثاً ، فَعَلَيْهِ لَعْنَةُ اللَّهِ وَالمَلاَئِكَةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ ، لاَ يُقْبَلُ مِنْهُ صَرْفٌ وَلاَ عَدْلٌ ) . البخاري (1870) ، ومسلم (1366) .
فعَملُ رجل الأمن في هذا الوقت بالذات مظنة لطلب الشاهدة ، فمن طلبها بصدقٍ ؛ فلن يخيبه الله ، مصداقاً لقول النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :
( مَنْ سَأَلَ اللهَ الشَّهَادَةَ بِصِدْقٍ ؛ بَلَّغَهُ اللهُ مَنَازِلَ الشُّهَدَاءِ ، وَإِنْ مَاتَ عَلَى فِرَاشِهِ ) . مسلم (1909) .
وحتى لا نذهب بعيداً ، فهذا عمر بن الخطاب ، وعثمان بن عفان رضي الله عنهما ، أين ماتا ، وكيف ؟
ماتا في مدينة رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، - ماتا - بالطعن دون قتال ولا جهاد .
فالأول طعنه أبو لؤلؤة المجوسي وهو قائم يصلي بالناس الفجر .
والآخر قتلته الخوارج في بيته ، ومع ذلك هما شهداء ، ومصداق ذلك ، ما روه البخاري (3675) ، وغيره .
أَنَّ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ، حَدَّثَهُمْ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَعِدَ أُحُداً ، وَأَبُو بَكْرٍ ، وَعُمَرُ ، وَعُثْمَانُ ؛ فَرَجَفَ بِهِمْ ، فَقَالَ :
( اثْبُتْ أُحُدُ ، فَإِنَّمَا عَلَيْكَ نَبِيٌّ ، وَصِدِّيقٌ ، وَشَهِيدَانِ ) .
فاللهم بلغنا منازل الشهداء، والْهِم إخواننا رجال الأمن الإخلاص، وصدق النية في القول والعمل، آمين.
وصلى الله وسلم على نبينا محمد وآله وصحبه أجمعين
كتبه /
أبو فريحان جمال بن فريحان الحارثي.
26 / 3 / 1425هـ .
الرابط في تويتر :
https://twitter.com/...284476311273472


رد مع اقتباس