[ المتحابون في الله في ظل العرش]
الحمد لله، نحمده ونستعينه ونستغفره ونتوب إليه ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادى له ، واشهد أن لا اله آلا الله وحده لا شريك له، واشهد أن محمدا عبده ورسوله.الحب في الله من أعلى مراتب الإيمان ، والمحبة من أعمال القلوب ، وليس فيه مشقة على أحد ، وفي ظل هذه الأوقات باتت تختفي ،وقد يكون الحب لأخيه من أجل دنيا أو مصلحة أو قرابة أو سمعة أو لهوى فهذا ينافي الحب لله وفي الله ، فاردت إظهار فضلها لكي يكون تذكير للجميع ، وتنبيه للغافلين .
[ من أعلى وأفضل درجات الإيمان الحب في الله ]
عن أبي أمامة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال من أحب لله وأبغض لله وأعطى لله ومنع لله فقد استكمل الإيمان.تحقيق الألباني صحيح، الصحيحة (380)و عن ابن عباسأوثق عرى الإيمان : الموالاة في الله و المعاداة في الله و الحب في الله و البغض في الله عز و جل.قال الشيخ الألباني : ( صحيح ) انظر حديث رقم : 2539 في صحيح الجامع قال أبو عمر فمن الحب في الله - عز وجل - حب أولياء الله عز وجل وهو حب الأتقياء الأولياء منهم المعلمون لدين الله (عز وجل) العاملون به. " الإستذكار ( 8 / 447)

[ المتحابون في الله في ظل العرش ]
وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسولُ الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -:"إنَّ الله تعالى يقولُ يومَ القيامَةِ: أيْنَ المُتحابُّونَ بَجَلالي؟ اليومَ أُظِلُّهم في ظِلِّي يومَ لا ظِلَّ إلا ظِلِّي".رواه مسلم.وعن أبي هريرة أيضاً رضي الله عنه عنِ النبيِّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال:"سَبْعَةٌ يُظِلُّهُم الله في ظِلِّهِ يَوْمَ لا ظِلَّ إلا ظِلُّهُ: الإمامُ العادِلُ، وشابٌّ نَشَأ في عبادَةِ الله، ورجلٌ قلْبُه مُعلَّقٌ في المساجِدِ، ورجُلانِ تَحابَّا في الله اجْتَمعا عليهِ وتَفَرَّقا عليهِ، ورجلٌ دَعتْهُ امْرأَةٌ ذاتُ مَنْصِبٍ وجَمالٍ فقال: إنِّي أخافُ الله، ورجلٌ تَصَّدقَ بصدَقةٍ فأخْفاهَا حتَّى لا تَعْلَمَ شِمالُهُ ما تُنْفِقُ يَمينُه، ورجلٌ ذَكرَ الله خالِياً ففَاضَتْ عَينْاهُ".رواه البخاري ومسلم وغيرهما.وعن ابن عباسٍ رضي الله عنهما؛ أن رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال:"إن لله جُلساءَ يومَ القيامَة عن يمين العرشِ، وكلتا يدي الله يمينٌ، على منابرَ من نورٍ، وجوهُهم من نور، ليسوا بأنبياءَ ولا شهداءَ ولا صديقين".قيل: يا رسول الله! من هم؟ قال:"هم المتحابون بجلال اللهِ تبارك وتعالى". صحيح الترغيب والترهيبقال أبو عمر قوله المتحابون لجلالي أي المتحابون في ومن أجلي إجلالا ومحبة وابتغاء مرضاتيوالمعنى في ذلك أن يكون العمل لله - عز وجل - خالصا لا يكون لشيء من عرض الدنيا إنه يحبه لله عز وجل مؤمن به مخلص له ويحبه لدعائه إلى الخير ولفعله الخير وتعليمه الدينوالدين جماع الخير كله فإذا أحبه لذلك فقد أحب الله - عز وجل – " الإستذكار ( 8 / 445 ).
[ فضل التزاور في الله ]
وعن أبي هريرة رضي الله عنه عنِ النبيِّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -:"أنَّ رجُلاً زارَ أخاً لَهُ في قَرْيةٍ أخْرى، فأرْصَدَ الله [له] على مَدْرَجَتِه مَلَكاً، فلمَّا أتَى عليهِ قال: أيْنَ تريدُ؟ قال: أريدُ أخاً لي في هذه القرَيةِ، قال: هَلْ لكَ عليه مِنْ نعْمةٍ تَرُبُّها؟ قال: لا؛ غيرَ أنّي أُحِبَّه في الله، قال: فإنِّي رسولُ الله إليَكَ أنَّ الله قدْ أَحبَّك كما أحْبَبْتَهُ فيه".رواه مسلم.(المدْرَجَةُ) بفتح الميم والراء: هي الطريق.وقوله: (ترُبها): أي: تقوم بها وتسعى في صلاحها.وبوب النووي في كتابه رياض الصالحين باب زيارة أهل الخير ومحبتهم وصحبتهم وطلب الزيارة منهمقال العلامة ابن عثيمين : أهل الخير أهل العلم والإيمان والصلاح، ومحبتهم واجبة؛ لأن أوثق عرى الإيمان: الحب في الله، والبغض في الله، فإذا كان الإنسان محبته تابعة لمحبة الله، وبغضه تابعاً لبغض الله؛ فهذا هو الذي ينال ولاية الله عز وجل.وأهل الخير إذا جالستهم فأنت على خير؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم مثل الجليس الصالح بحامل المسك؛ إما أن يحذيك يعني: يعطيك، وإما أن يبيعك، يعني يبيع عليك، وإما أن تجد منه رائحة طيبة. " شرح رياض الصالحين " ( 3/ 240 )و قال أيضا: والزيارة لها فوائد منها هذا الأجر العظيم ومنها أنها تؤلف القلوب وتجمع الناس وتذكر الناسي وتنبه الغافل وتعلم الجاهل وفيها مصالح كثيرة يعرفها من جربها. " شرح رياض الصالحين " ( 3/ 243)[ محبة الله للعبد تكون لمحبة العبد لأخيه المسلم وشرط ذلك أن يكون حبه لله وفي الله ، وليس لأجل دنيا أو قرابة أو مصلحة وانما تكون لله ، بل من علامة وجود حلاوة الايمان الحب فيه ]وعن أبي مسلمٍ قال:قلتُ لمعاذٍ: والله إنِّي لأُحِبُّكَ لغير دُنْيا أرْجو أنْ أُصيبَها منكَ، ولا قرابَةٍ بيني وبينَك، قال: فلأيِّ شَيْءٍ؟ قلتُ: لله، قال: فجَذَب حبوتي، ثم قال:أبشِرْ إنْ كنتَ صادِقاً؛ فإنِّي سمعتُ رسولَ الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يقول:"المتحابُّون في الله في ظلِّ العرشِ يومَ لا ظِلِّ إلا ظِلُّه، يَغْبِطُهُم بِمكَانِهم النبيُّونَ والشُّهداءُ".قال: ولقيتُ عبادةَ بنَ الصامتِ فحدثتُه بحديث معاذ، فقال: سمعتُ رسولَ الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يقولُ عن ربِّه تبارَك وتعالى:"حَقَّتْ (2) مَحبَّتي على المتحابِّين فيَّ، وحَقَّتْ مَحبَّتي على المُتَناصِحينَ فيَّ، وحَقَّتْ مَحبَّتي على المُتَباذِلينَ فيَّ، هُمْ على مَنابِرَ مِنْ نورٍ، يَغْبِطُهُم النَّبيُّونَ والشُّهداءُ والصِّديقُونَ".رواه ابن حبان في "صحيحه". " صحيح الترغيب والترهيب" برقم ( 3019)قال العلامة العباد : ذكر هنا صفات هؤلاء التي جعلتهم يصلون إلى هذه المنزلة: أنهم تحابوا في الله ومن أجل الله، فلم يتحابوا من أجل أرحام ومصالح دنيوية متبادلة، أي: قريب يعطف على قريبه ويحبه من أجل قرابته، أو من أجل مال أعطي إياه، أو إحسان حصل، فليست هذه المحبة من أجل هذه الأمور، وإنما من أجل الله، كما جاء في حديث أنس بن مالك رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (ثلاث من كن فيه وجد بهن حلاوة الإيمان: أن يكون الله ورسوله أحب إليه مما سواهما، وأن يحب المرء لا يحبه إلا لله)، فهو يحب الله ورسوله، ويحب ما يحبه الله ورسوله ومن يحبه الله ورسوله، فتكون محابه تابعة لما يحبه الله، فليست المحبة من أجل تبادل منافع، أو صلة وقرابة، وإنما جمع بينهما الحب في الله، وفاعل ذلك أحد السبعة الذين يظلهم الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله، قال: (ورجلان تحابا في الله اجتمعا على ذلك وتفرقا عليه)، فالذي جمعهم هو الحب في الله، وتفرقا على الحب في الله، فليس هناك شيء جمعهم سواه، ولا تفرقوا عنه إلى شيء سواه، ولهذا: (أوثق عرى الإيمان: الحب في الله والبغض في الله)، وهذه صفات المؤمنين أنهم يحبون من يحب الله ورسوله وما يحبه الله ورسوله، ويبغضون ما يبغضه الله ورسوله ومن يبغضه الله ورسوله صلى الله عليه وسلم. عن أنسٍ رضي الله عنه عن النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال:"ثلاثٌ مَنْ كُنَّ فيه وجَد بِهنَّ حلاوَةَ الإيمانِ: مَنْ كانَ اللهُ ورَسولُهُ أحبَّ إليهِ ممَّا سواهُما، ومَنْ أحبَّ عَبْداً لا يُحِبُّهُ إلا لله، ومَنْ يكَرهُ أنْ يعودَ في الكفْرِ بعدَ أنْ أنْقذَهُ الله منه؛ كما يكْرَهُ أنْ يُقْذَفَ في النارِ". صحيح قال العلامة ابن عثيمين : ((حلاوة الإيمان)) ليست حلاوة سكر ولا عسل، وإنما هي حلاوة أعظم من كل حلاوة. حلاوة يجدها الإنسان في قلبه، ولذة عظيمة لا يساويها شي، يجد انشراحاً في صدره، رغبة في الخير، حباً لأهل الخير. حلاوة لا يعرفها إلا من ذاقها بعد أن حرمها. " شرح رياض الصالحين " ( 3/ 258) .
[ إذا أحببت أخاك فأعلمه ]
وعن المقدام بن معد يكرب، عن النبي صلى الله عليه وسلم، قال: ((إذا أحب الرجل أخاه فليخبره أنه يحبه)). رواه أبو داود، والترمذي. [5016]، وصححه الألباني في الصحيحةقال الطيبي في شرح المشكاة : معناه: الحث على التودد والتألف. وذلك أنه إذا أخبر أنه يحبه استمال قلبه بذلك واجتلب به وده وفيه أنه إذا علم أنه محب له واد، قبل نصحه، ولم يرد عليه قوله في عيب إن أخبره به.قال العلامة الألباني : وإنما الذي يمكن أن يقال:هو أن الحب في الله له شروط بمعنى أن هذه الشروط ليست متقدمة وإنما هي من لوازم هذه المحبة، فأنت إذا أحببت أخًا لك مسلمًا حبًا خاصًا فإنما تحبه بالنظر لما بدا لك منه من عبادته, من حسن سلوكه,من تواضعه, من علمه, من من إلى آخره,أي شيء جعل له في قلبك منزلة خاصة فهذا تقول له إني أحبك في الله . " فتاوى جدة "
[ علامات الحب في الله ]
بوب البخاري في صحيحيه باب : علامة الحب فى الله لقوله تعالى : ( إن كنتم تحبون الله فاتبعونى يحببكم الله )قال ابن بطال : قال المؤلف : علامة حب الله حب رسوله واتباع سبيله والاقتداء بسنته ؛ لقوله تعالى : ( إن كنتم تحبون الله فاتبعونى يحببكم الله ( وقوله عليه السلام : ( المرء مع من أحب ) فدل هذا أن من أحب عبدا فى الله فإن الله جامع بينه وبينه فى جنته ومدخله مدخلة وإن قصر عن عمله ، وهذا معنى قوله : ( ولم يلحق بهم ) يعنى فى العمل والمنزلة ، وبيان هذا المعنى - والله أعلم - أنه لما كان المحب للصالحين وإنما أحبهم من أجل طاعتهم لله ، وكانت المحبة عملا من أعمال القلوب واعتقادا لها أثاب الله معتقدا ذلك ثواب الصالحين إذ النية هى الأصل والعمل تابع لها ، والله يوتى فضله من يشاء . شرح صحيح البخاري ( 9/ 332- 333)
( المرء مع من أحب)
وعن أنسٍ رضي الله عنه:أنَّ رجلاً سأَلَ رسولَ الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: متى الساعَةُ؟ قال: "وما أعْدَدْتَ لَها؟ ". قال: لا شَيْءَ، إلا أنِّي أُحِبُّ الله ورسولَهُ. فقال: "أنتَ معَ مَنْ أحْبَبْتَ".قال أنسٌ: فَما فَرِحْنا بَشَيْءٍ فَرَحَنا بقولِ النبيِّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -:"أنتَ معَ مَنْ أحْبَبْتَ".قال أنسٌ: فأنا أُحِبُّ النبيَّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وأبا بكرٍ وعُمَرَ، وأرْجو أَنْ أكونَ مَعَهُم بِحُبِّي إيَّاهُم [وإنْ لَمْ أَعْمَلْ عَملَهُمْ] (1).رواه البخاري ومسلم.قال النووي على مسلم : روايات المرء مع من أحب فيه فضل حب الله ورسوله صلى الله عليه وسلم والصالحين وأهل الخير الأحياء والأموات ومن فضل محبة الله ورسوله امتثال أمرهما واجتناب نهيهما والتأدب بالآداب الشرعية ولا يشترط في الانتفاع بمحبة الصالحين أن يعمل عملهم إذ لو عمله لكان منهم ومثلهم وقد صرح في الحديث الذي بعد هذا بذلك فقال أحب قوما ولما يلحق بهم قال أهل العربية لما نفي للماضي المستمر فيدل على نفيه في الماضي وفي الحال بخلاف لم فإنها تدل على الماضي فقط ثم إنه لا يلزم من كونه معهم أن تكون منزلته وجزاؤه مثلهم من كل وجه .اللهم اجعلنا من المتحابين فيك..
أعده : نورس الهاشمي