بسم الله الرحمن الرحيم
التبرير للأخطاء بالخطأ عمل الشياطين


الحمد لله، والصلاة والسلام على نبينا محمد، وعلى آله وأصحابه أجمعين.

أما بعد:

فكما يقال: (الاعتراف بالذنب فضيلة)؛ وهو أن يعتذر المخطئ لمن أخطأ في حقه ويستغفر الله الغفور الرحيم.

وكل خطأ له طريقة في اصلاحه، فالخطأ في الناس ليس كالخطأ في شرع رب الناس، فمثلا ترويج البدعة والمناهج المنحرفة الضالة، يشرع في حق من تلطخ بها ويستوجب عليه أن يبين هذا الضلال الذي وضع فيه ويصلح ما أفسده مع التوبة النصوح، وهذا عمل بقول الله عز وجل: {إلا الذين تابوا وأصلحوا وبينوا فأولئك أتوب عليهم وأنا التواب الرحيم} [البقرة: 160] وقوله سبحانه: {إلا الذين تابوا وأصلحوا واعتصموا بالله وأخلصوا دينهم لله فأولئك مع المؤمنين وسوف يؤت الله المؤمنين أجرا عظيما} [النساء: 146] وقوله تعالى: {إلا من تاب وآمن وعمل صالحا} [مريم: 60] وقوله: {إلا من تاب وآمن وعمل عملا صالحا} [الفرقان: 70].

فالرجوع عن الخطأ قوة وشجاعة، وخير من يخطي من يرجع عن خطئه.

عن أنس بن مالك، رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((كل بني آدم خطاء وخير الخطائين التوابون)).

أخرجه لترمذي في ((الجامع)) وابن ماجه في ((السنن)) والدارمي في ((المسند)) والبزار في ((المسند)) والروياني في ((المسند)) وعبد بن حميد في ((المسند)) والحاكم في ((المستدرك)) والبيهقي في ((الشعب)) وحسنه الألباني.



أما من يبرر للخطأ بالخطأ فهذا مسلك الشياطين، ويزداد الطين بلة عندما يركب الكذب لتبرير خطئه.

وهذا المسلك الخطير والجرم الكبير ما نشاهده من بعض، وهو حيلة الضعيف الجبان مثله كمثل الشيطان.

فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: وكلني رسول الله صلى الله عليه وسلم بحفظ زكاة رمضان فأتاني آت فجعل يحثو من الطعام فأخذته وقلت: والله لأرفعنك إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم.

قال: إني محتاج وعلي عيال ولي حاجة شديدة.

قال: فخليت عنه فأصبحت.

فقال النبي صلى الله عليه وسلم: ((يا أبا هريرة ما فعل أسيرك البارحة)).

قال: قلت يا رسول الله شكا حاجة شديدة وعيالا فرحمته فخليت سبيله.

قال: ((أما إنه قد كذبك وسيعود)).

فعرفت أنه سيعود لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم إنه سيعود فرصدته فجاء يحثو من الطعام فأخذته فقلت: لأرفعنك إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم.

قال: دعني فإني محتاج وعلي عيال لا أعود.

فرحمته فخليت سبيله فأصبحت.

فقال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((يا أبا هريرة ما فعل أسيرك)).

قلت: يا رسول الله شكا حاجة شديدة وعيالا فرحمته فخليت سبيله.

قال: ((أما إنه قد كذبك وسيعود)).

فرصدته الثالثة فجاء يحثو من الطعام فأخذته فقلت: لأرفعنك إلى رسول الله وهذا آخر ثلاث مرات أنك تزعم لا تعود ثم تعود.

قال: دعني أعلمك كلمات ينفعك الله بها.

قلت: ما هو؟

قال: إذا أويت إلى فراشك فاقرأ آية الكرسي { الله لا إله إلا هو الحي القيوم } حتى تختم الآية فإنك لن يزال عليك من الله حافظ ولا يقربنك شيطان حتى تصبح.

فخليت سبيله فأصبحت.

فقال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((ما فعل أسيرك البارحة)).

قلت: يا رسول الله زعم أنه يعلمني كلمات ينفعني الله بها فخليت سبيله.

قال: ((ما هي؟)).

قلت: قال لي إذا أويت إلى فراشك فاقرأ آية الكرسي من أولها حتى تختم الآية { الله لا إله إلا هو الحي القيوم } وقال لي لن يزال عليك من الله حافظ ولا يقربك شيطان حتى تصبح وكانوا أحرص شيء على الخير.

فقال النبي صلى الله عليه وسلم: ((أما إنه قد صدقك وهو كذوب تعلم من تخاطب منذ ثلاث ليال يا أبا هريرة)).

قال: لا.

قال: ((ذاك شيطان)).

أخرجه البخاري.

فلنحذر من هذا المسلك القبيح لألا نكون مشابهين للشياطين



تنبيه:

المجاهرة بالمعصية ليست من باب الاعتراف بالخطأ، فالاعتراف بالخطأ فيه اعتذار وفيه ندم وتوبة، أما المجاهرة بالمعصية فيها تباهي بالخطأ.

هذا والله أعلم، وبالله التوفيق، وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.

✍️
كتبه

عزالدين بن سالم بن الصادق أبوزخار

طرابلس الغرب: ليلة الجمعة 29 رمضان سنة 1441 هـ

الموافق لـ: 22 مايو سنة 2020 ف