( ست خصال لا يحملها إلا كُمَّل الرجال )

عَنْ خَدِيجَةُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، أَنَّهَا قَالَتْ : لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : (( كَلَّا أَبْشِرْ، فَوَاللَّهِ لَا يُخْزِيكَ اللَّهُ أَبَدًا، وَاللَّهِ إِنَّكَ لَتَصِلُ الرَّحِمَ، وَتَصْدُقُ الْحَدِيثَ، وَتَحْمِلُ الْكَلَّ ، وَتَكْسِبُ الْمَعْدُومَ، وَتَقْرِي الضَّيْفَ، وَتُعِينُ عَلَى نَوَائِبِ الْحَقِّ ))

متفق عليه : (4953-160)

قال العلامة عبيد الجابري حفظه الله :

هذه ست خصال لا يحملها إلا كُمَّل الرجال ، وقد ذكرتها أم المؤمنين رضي الله عنها تخفيفا على زوجها صلى الله عليه وسلم ومطمئنة له ومبشرة بحميد العاقبة ، ومعنى هذه الخصال تفصيلا :

أولا : صلة الرحم : فهي الإحسان إلى الأقارب على حسب حال الواصل والموصول ، فتارة تكون بالمال ، وتارة بالخدمة ، وتارة بالزيارة والسلام وغير ذلك .

ثانيا : صدق الحديث وضده الكذب : ولم يجرَّب على النبي صلى الله عليه وسلم قبل نبوته كما صرح أبو لهب حين قال : (ما جربنا عليك كذبا) وكان صلى الله عليه وسلم معروفا بين قومه بالصادق الأمين .

ثالثا : حمل الكَل : وأصله الثقل ومنه قوله تعالى : { وهو كلٌّ على مولاه } ، ويدخل في حمل الكل ، الإنفاق على الضعيف واليتيم والعيال وغير ذلك .

رابعا : تكسب المعدوم : بفتح التاء ، هذا هو الصحيح المشهور ، يقال : كسبت الرجل مالا وأكسبته مالا ، لغتان أفصحهما باتفاقهم (كسبته) بحذف الألف ، فمن رواه بالضم فمعناه : تكسب غيرك المال المعدوم ، أي تعطيه إياه تبرعا ، فحذف أحذ المفعولين ، وقيل معناه : تعطي الناس ما لا يجدونه عند غيرك من نفائس الفوائد ومكارم الأخلاق ، كانت العرب تتمادح بكسب المال المعدوم لاسيما قريش ، وكان النبي صلى الله عليه وسلم محظوظا في تجارته .

خامسا : إقراء الضيف : قال أهل اللغة يقال : قريت الضيف أقريه ، قرى بكسر القاف مقصور ، وقراء بفتح القاف والمد ، ويقال للطعام الذي يضيفه به قرى بكسر القاف مقصور ، ويقال للفاعل : قارٍ مثل قضى فهو قاضٍ .

سادسا : الإعانة على نوائب الحق :
فالنوائب جمع نائبة وهي الحادثة ، وإنما قالت نوائب الحق لأن النائبة قد تكون في الخير وقد تكون في الشر ... قال العلماء رحمهم الله : معنى كلام خديجة رضي الله عنها إنك لا يصيبك مكروه لما جعل الله فيك من مكارم الأخلاق وكرم الشمائل .

إمداد المسلم : (1/ 411-413)