كيف أجاب السلف وأئمة السُّنة لما سُئِلوا عن الفتن التي حصلت في عهد الصحابة - رضي الله عنهم -
و بهذا يجيب كل مؤمن إذا سُئل نفس السؤال
قال تعالى : { فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لَا تَعْلَمُون }[سُورَةُ الأَنبِيَاء : ظ§]
قيل لحمدون بن أحمد : ما بالُ كلامِ السلف أنفَع مِن كلامنا؟
قال : (( لأنهم تكلّموا لعِز الإسلام ونَجاة النفوس ورضاء الرحمن،
ونحن نتكلم لعز النفس وطلب الدنيا وقبول الخلق.))
[حلية الأولياء وطبقات الأصفياء - ظ¢ظ£ظ،/ظ،ظ]
قال ابن رجب الحنبلي :
فما سَكَتَ مَن سَكتَ مِن كثرة الخِصام والجِدال مِن سلف الأمة جَهْـــــــــلاّ ولا عجـــــــــزاً و لكـــــــــن سكتــــــــــوا عن عِلـــــــــم وخشيــــــــــة للــــــــــه.
وما تكلّم من تكلٌم وتوسَّع مَن توسَّع بعدهم لاختصاصه بعلم دونهم ولكن حُباً للكلام وقلة وَرع، كما قال الحسن وسمع قوما يتجادلون : ( هؤلاء قوم ملوا العبادة وخف عليهم القول وقل ورعهم فتكلموا ).
[بيان فضل علم السلف على علم الخلف - ظ¤]
قال أبو بكر المروذي :
قيل لأبي عبد الله أحمد بن حنبل ونحن بالعسكر، وقد جاء بعض رُسل الخليفة، فقال: يا أبا عبد الله ما تقول فيما كان بين علي ومعاوية؟
فقال أبو عبد الله : ما أقُول فيهم إلا الحُسنى.
[مناقب الإمام أحمد، ظ¢ظ¢ظ،]
قال الحافظ ابن كثير :
سُئِلَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ عَمَّا جَرَى بَيْنَ عَلِيٍّ وَمُعَاوِيَةَ فَقَرَأ : ï´؟تِلْكَ أُمَّةٌ قَدْ خَلَتْ لَهَا مَا كَسَبَتْ وَلَكُمْ مَا كَسَبْتُمْ وَلَا تُسْأَلُونَ عَمَّا كَانُوا يَعْمَلُونَï´¾ [ البقرة : 134]
وَكَذَا قَالَ غَيْرُ وَاحِدٍ مِنَ السَّلَف.
[البداية والنهاية - ظ،ظ£ظ©/ظ¨]
قال الحافظ ابن كثير :
سُئِلَ [الأوزاعي] عَمَّا جَرَى بَيْنَ عَلِيٍّ وَمُعَاوِيَةَ فَقَالَ : كَانَتْ لِهَذَا قَرَابَةٌ وَلِهَذَا قَرَابَةٌ، وَلِهَذَا سَابِقَةٌ وَلَمْ يَكُنْ لِهَذَا سَابِقَةٌ، فَابْتُلِيَا جَمِيعًا.
[البداية والنهاية - ظ،ظ£ظ©/ظ¨]
قال الحافظ ابن كثير :
قَالَ ابْنُ وَهْبٍ عَنْ مَالِكٍ عَنِ الزُّهْرِيِّ قَالَ: سَأَلْتُ سَعِيدَ بْنَ الْمُسَيَّبِ عَنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ لِي: اسْمَعْ يا زهري، من مات حبا لِأَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ وَعُثْمَانَ وَعَلِيٍّ، وَشَهِدَ لِلْعَشَرَةِ بالجنة، وترحم على معاوية، كان حقاً عَلَى اللَّهِ أَنْ لَا يُنَاقِشَهُ الْحِسَابَ.
[البداية والنهاية - ظ،ظ¤ظ¨/ظ¨]
قال الإمام الشَّافِعِيّ :
قِيلَ لِعُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ : مَا تَقُولُ فِي أَهْلِ "صِفِّينَ"، قَالَ : «تِلْكَ دِمَاءٌ طَهَّرَ اللَّهُ يَدَيَّ مِنْهَا، فَلَا أُحِبُّ أَنْ أَخْضِبَ لِسَانِي فِيها»
[حلية الأولياء وطبقات الأصفياء - ظ،ظ،ظ¤/ظ©]
قال علي الْحَسَن بْن أَبي هلال : سُئل أَبُو عَبْد الرَّحْمَنِ النَّسَائي عَنْ معاوية بْن أَبي سفيان صاحب رَسُول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فَقَالَ : إنّما الإسلام كدار لها باب، فباب الإسلام الصحابة، فمن آذى الصحابة إنما أراد الإسلام، كمن نَقر الباب إنما يريد دخول الدار، قال: فمن أراد معاوية فإنما أراد الصحابة.
[تهذيب الكمال في أسماء الرجال، ظ£ظ¤ظ/ظ،-ظ£ظ£ظ©]
قال العلامة ابن عثيمين :
ولهذا لما سُئِل عمر بن عبد العزيز رحمه الله - الذي اعتَبَره بعض العلماء الخليفةَ الخامِس - لما سُئل عما وقع بين علي ومعاوية قال كلـــــــــمةً هي جديــــــــــرةٌ أن تُكتــــــــــب بمــــــــــاء الذّهــــــــــب،
قــــــــــال للذي سأله : (( هذه دماء طَهَّر اللهُ أسيافنا منها، فيجِبُ أن نُطهّر ألسنتنا منها )).
[اللقاء الشهري / ظ¥ظ]
قال شيخ الإسلام ابن تيمية :
فَإِذَا تَشَاجَرَ مُسْلِمَانِ فِي قَضِيَّةٍ، وَمَضَتْ وَلَا تَعَلُّقٌ لِلنَّاسِ بِهَا، وَلَا يَعْرِفُونَ حَقِيقَتَهَا، كَانَ كَلَامُهُمْ فِيهَا كَلَامًا بِلَا عِلْمٍ وَلَا عَدْلٍ يَتَضَمَّنُ أَذَاهُمَا بِغَيْرِ حَقٍّ،
وَلَوْ عَرَفُوا أَنَّهُمَا مُذْنِبَانِ أَوْ مُخْطِئَانِ، لَكَانَ ذِكْرُ ذَلِكَ مِنْ غَيْرِ مَصْلَحَةٍ رَاجِحَةٍ مِنْ بَابِ الْغَيْبَةِ الْمَذْمُومَةِ.
لَكِنَّ الصَّحَابَةَ رِضْوَانُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ أَجْمَعِينَ أَعْظَمُ حُرْمَةً، وَأَجَلُّ قَدْرًا، وَأَنْزَهُ أَعْرَاضًا.
وَقَدْ ثَبَتَ مِنْ فَضَائِلِهِمْ خُصُوصًا وَعُمُومًا مَا لَمْ يَثْبُتْ لِغَيْرِهِمْ،
فَلِهَذَا كَانَ الْكَلَامُ الَّذِي فِيهِ ذَمُّهُمْ عَلَى مَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ أَعْظَمَ إِثْمًا مِنَ الْكَلَامِ فِي غَيْرِهِمْ.
[منهاج السنة النبوية، ظ،ظ¤ظ¦/ظ¥-ظ،ظ¤ظ§]
قال شيخ الإسلام ابن تيمية :
وَلِهَذَا أَوْصَوْا بِالْإِمْسَاكِ عَمَّا شَجَرَ بَيْنَهُمْ؛ لِأَنَّا لَا نُسْــــــــــأَلُ عَنْ ذَلِك،
كَمَا قَالَ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ: " تِلْكَ دِمَاءٌ طَهَّرَ اللَّهُ مِنْهَا يَدَيَّ، فَلَا أُحِبُّ أَنْ أُخَضِّبَ بِهَا لِسَانِي ".
وَقَالَ آخَرُ: {تِلْكَ أُمَّةٌ قَدْ خَلَتْ لَهَا مَا كَسَبَتْ وَلَكُمْ مَا كَسَبْتُمْ وَلَا تُسْأَلُونَ عَمَّا كَانُوا يَعْمَلُون} [سُورَةُ الْبَقَرَةِ: 134]،
لَكِنْ إِذَا ظَهَرَ مُبْتَدِعٌ يَقْدَحُ فِيهِمْ بِالْبَاطِلِ، فَلَا بُدَّ مِنَ الذَّبِّ عَنْهُمْ، وَذِكْرِ مَا يُبْطِلُ حُجَّتَهُ بِعِلْمٍ وَعَدْل.
[منهاج السنة النبوية، ظ¢ظ¥ظ¤/ظ¦]
قال شيخ الإسلام ابن تيمية :
وَثَبَتَ فِي الصَّحِيحِ عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّهُ قَالَ : (( الْغَيْبَةُ ذِكْرُكَ أَخَاكَ بِمَا يَكْرَهُ،
قِيلَ: أَرَأَيْتَ إِنْ كَانَ فِي أَخِي مَا أَقُولُ؟
قَالَ: إِنْ كَانَ فِيهِ مَا تَقُولُ فَقَدِ اغْتَبْتَهُ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِيهِ فَقَدْ بَهَتَّهُ )).
فَمَنْ رَمَى أَحَدًا بِمَا لَيْسَ فِيهِ فَقَدْ بَهَتَهُ، فَكَيْفَ إِذَا كَانَ ذَلِكَ فِي الصَّحَابَةِ؟!
وَمَنْ قَالَ عَنْ مُجْتَهِدٍ: إِنَّهُ تَعَمَّدَ الظُّلْمَ وَتَعَمَّدَ مَعْصِيَةَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَمُخَالَفَةَ الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ، وَلَمْ يَكُنْ كَذَلِكَ فَقَدْ بَهَتَهُ، وَإِذَا كَانَ فِيهِ ذَلِكَ فَقَدِ اغْتَابَه، ...
[منهاج السنة النبوية، ظ،ظ¤ظ£/ظ¥]
قال تعالى : { وَالَّذِينَ جَاءُوا مِنْ بَعْدِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلِإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالْإِيمَانِ وَلَا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلًّا لِلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنَا إِنَّكَ رَءُوفٌ رَحِيم }[سُورَةُ الحَشْرِ: ظ،ظ]
قال العلامة ابن عثيمين :
إنني أقول: إن من مذهب أهل السُّنة والجماعة؛ أن نسكت عما شجر بين الصحابة، فلا نتكلم فيه، نعرض بقلوبنا وألسنتنا عما جرى بينهم، ونقول: كلهم مجتهدون، المصيب منهم له أجران، والمخطئ منهم له أجر واحد، تلك أمة قد خلت، لما ما كسبت، ولكم ما كسبتم، ولا تسألون عما كانوا يعملون،
لو قرأ إنسان التاريخ حول هذه الأمور؛ لوجد العجب العجاب، وجد من ينتصر لبي أمية، ويقدح في علي بن أبي طالب وآل النبي، ووجد من يغلو في علي بن أبي طالب وآل النبي ويقدح قدحاً عظيماً في بني أمية؛
لأن التاريخ يخضع للسياسة، لذا يجب علينا ـ نحن ـ فيما يتعلق بالتاريخ ألا نتعجل في الحكم، لأن التاريخ يكون فيه كذب، ويكون فيه هوى وتغيير للحقائق، ينشر غير ما يكون، ويحذف ما يكون، كل هذا تبعاً للسياسة،
ولكن ـ على كل حال ـ ما جرى بين الصحابة ـ رضي الله عنهم ـ يجب علينا أن نكف عنه.
كما هو مذهب أهل السُّنة والجماعة، حتى لا يكون في قلوبنا غل على أحد منهم. نحبهم كلهم، ونسأل الله أن يميتنا على حبهم، نحبهم كلهم ونقول: ربنا اغفر لنا ولإخواننا الذين سبقونا بالإيمان، ولا تجعل في قلوبنا غلاً للذين آمنوا، ربنا إنك رؤوف رحيم.
[شرح رياض الصالحين، ظ¢ظ¨ظ،/ظ¢-ظ¢ظ§ظ©]
قال العلامة صالح الفوزان :
( الصحابة ) عندهم من الحسنات والفضائل العظيمة التي تُكفِّر ما يقع من الخطأ من بعضهم.
فالواجب على المسلمين الترضّي عنهم، وطلب العذر لهم، والدفاع عنهم، فمذهب أهل السنة والجماعة: أنهم لا يتدخلون فيما شجر بين الصحابة رضي الله عنهم؛ لما لهم من الفضل والسابقة؛
ولقوله عليه الصلاة والسلام: "لا تسبوا أصحابي، فوالذي نفسي بيده لو أنفق أحدكم مثل أحد ذهباً ما بلغ مد أحدهم ولا نصيفه" لفضلهم،
فمن تدخل فيما حصل بين الصحابة وصار في قلبه شيء، فهذا زنديق، فأما من قال: نتدخل فيما حصل بين الصحابة من باب البحث، فهذا خطر عظيم ولا يجوز،
ولذلك لما سُئل عمر بن عبد العزيز عما حصل بين الصحابة قال: "أولئك قوم طهّر الله أيدينا من دمائهم، فيجب أن نطهر ألسنتنا من أعراضهم".
[التعليقات المختصرة على متن العقيدة الطحاوية، ظ¢ظ£ظ]
منقول للفائدة


قال ابن رجب الحنبلي :
فَإِذَا تَشَاجَرَ مُسْلِمَانِ فِي قَضِيَّةٍ، وَمَضَتْ وَلَا تَعَلُّقٌ لِلنَّاسِ بِهَا، وَلَا يَعْرِفُونَ حَقِيقَتَهَا، كَانَ كَلَامُهُمْ فِيهَا كَلَامًا بِلَا عِلْمٍ وَلَا عَدْلٍ يَتَضَمَّنُ أَذَاهُمَا بِغَيْرِ حَقٍّ، 
رد مع اقتباس