<hr style="" size="1"> <!-- / icon and title --> <!-- message -->
من أبي عبد الله بن عبد الحميد
إلى أخيه ......... وفقه الله تعالى
إن قوماً جعلوا من سيد قطب إماماً ، ولقبوه بأنه قائد الجيل ، وزعموا أنه كان رمز التضحية ، علماً تفتخر به الأيام ، ونبراساً تستضيء بموقفه الأحفاد ، وتتناقل سيرته الأولاد ، ويشيد بذكره الأنام الجياد !!!
وما ذاك إلا أنه وقف في وجه الطاغوت(1) - بزعمهم – وغضوا الطرف عن طوامه ، وأعرضوا عن موبقاته وكون كتبه العقيمة كانت وعاءً للبدع ، وسباطة الجهالات ، ومجمع المنكرات المسبشعات .
بل استحدثوا للدفاع عنه وعنها قاعدة الموازنات الهشة التي انهارت على رؤوس من تعلقوا بها .
ويتساءل المرء : أين مفهوم الولاء والبراء الذي يتشبع به القوم ؟
بل أين الأمر المعروف والنهي عن المنكر الذي يدندنون حوله الليل والنهار ؟
أين الغيرة على الدين ؟ والتي من خلالها تجرؤ على الحق .. تباً للهوى تباً .. وسحقاً للضلال سحقاً .
أيها القطبيون : مالي أراكم عن الحق عزين ، وللهدى مجانبين ، ما لكم كيف تحكمون ، ألا تعقلون .
إن سيداً هذا الذي عاديتم أهل الحق من أجله . ورددتم البيانات والبراهين تعظيماً لشأنه ، ووقفتم حول صنمه تلمعونه بألسنتكم ، كان يكفر آباءكم وأمهاتكم ، وسعى إلى تدمير بلادكم ، ونزع ممتلكاتكم ، ولو كان بينكم لأدار الرحى عليكم .
وأقول لأخي المخالف : حتى متى تسلم سمعك وتخضع جوارحك وتعطي تمرة فؤادك لأفراخ الجوارح ، فها هم نراهم ينعقون ، وشرار الناس وراءهم يلهثون ، بل يتساقطون.
نعم ..
كبكبوا على وجوههم ، وسحبوا على مناخرهم ، صاغرين إلى أودية التحزب السحيقة ، وإذا ما حاول مغيث انتشالهم ، تثاقلت أجسامهم ، وعجزت عن الوقوف أقدامهم ، وجبنت قلوبهم ، فانكسرت عن رؤية الحق عيونهم ، وعجزت عن إدراكه عقولهم ، وفي ساحات المناظرات صالوا وجالوا ، وإذا ما قام إليهم فارس ، تصاغروا وتقهقروا ، وعند النزال سرعان ما ضعفت سواعدهم ، وارتعدت فرائسهم وضاعت حججهم ، وطاشت عقولهم ، فظهرت للعيان سوءتهم ، فولوا الأدبار ، يجرون خلفهم أردية الكذب والخداع .
ولما ارتموا في أحضان شياطينهم ، زعموا بأن المواجه لهم مسكين ، لا يعرف فقه واقع القتال ، فعذروه و أنه عميل ، أو لعله مرجئ ، أو مشغب ، إلى أخر تلك الأباطيل ، فالله هو حسبنا ونعم الوكيل – لا عن عجز ، لكنها الاستعانة .
وفي هذه الأسطر :
تكشف لنا الكلم عن حقائق ، بل فضائح ، ونظرت في وجه القلم ، وبصرت ما معه من قرائن ؛ فعلمت أنه صادق ناصح ، دعاه إلى ذلك واجب البيان . مع الخوف من تكرار ما كان ، وما حدثتنا به الأيام القريبة ، وشاهدناه ونحن صغار ، وغدوت وراء القلم متبعين خبره ، لعل فيه عبرة .
فقال : ومن كتاباتهم أسجل أقوالهم: فؤاد علام " الإخوان وأنا " ص (165) فصل " إعدام سيد قطب " : " وقطع سيد قطب لحظات الصمت القصيرة الرهيبة بقوله : للأسف الشديد لم ينجحوا في تنفيذ عملية نسف القناطر الخيرية ، وكانت هي النهاية : لم أشعر في كلماته بنبرة ندم أو أسى ، وإنما بتشف وحسرة أن القناطر لم تدمر ، وساد التوتر محل الصمت وبدأ سيد قطب ينتقل من موضوع لموضوع دون ترتيب أو تركيز ، كرر أكثر من مرة أن مشكلته في عقله ؛ لأنه مفكر وكاتب إسلامي كبير ، وأن الحكومة لا تملك إلا أن تقضي على العقل الإسلامي الكبير حتى تنفرد بأعمالها ضد الإسلام حسب تصوره .... وبعد الوصول إلى حد الانهيار ، وظل يردد أنه مفكر إسلامي ، وأن الحكومة لم تجد سبيلا للقضاء على أفكاره إلا بإعدامه .
ومضت اللحظات الأخيرة ببطء شديد ، وكنت أقف خارج غرفة الإعدام في حضور مأمور السجن وأحد وكلاء النيابة وبعض الضباط والجنود ، واتخذت مراسم تنفيذ الحكم ، وخلعوا عن سيد قطب بدلته وألبس البدلة الحمراء ، وسئل إن كان يريد يطلب شيئا ، فطلب كوب ماء شربه وأدى صلاة الفجر ، ثم دخل غرفة الإعدام وتم تنفيذ الحكم "
قلت : ولم يصل عن سيد غير هذا ، بينما نقل يوسف هواش : أنه " أصيب بحالة هستيرة "
وظل يردد " لقد أبلغتهم أنهم يحكمون بغير ما أنزل الله ، اللهم فاشهد رحم الله أموات المسلمين " " براءة علماء الأمة من تزكية أهل البدع والمذمة ص (21)
وبذا يكسر قلم كل خائن عربيد ، وتبطل حجة كل معرض عن اتباع الحق عنيد وأزيدك من العلم ما تطمئن له نفسك :
قال محمد الغزالي السقا " الإخواني" في كتابه " من معالم الحق في كفاحنا الإسلامي الحديث " ص (222 – 233) "... ولقد سمعنا كلاماً كثيراً عن انتساب عدد من " الماسون "(1)بينهم حسن الهضيبي نفسه لجماعة الإخوان ، ولكن لا أعرف بالضبط كيف استطاعت هذه الهيئات الكافرة بالإسلام أن تخنق جماعة كبيرة على النحو الذي فعلته... " ولما تكلّم عن خيانة قيادة الإخوان ووصفها بإهدار لكفاح الأمة وأمانيها
قال :
" وغلبني السخط على ذلك العمل الشاذ ، ورأيت إنقاذا لكرامة الإسلام ودعوته(2) أن أصور الموقف الذي يجب أن يقفه الإخوان المسلمون ، فنحن لا نتبع ملكاً خائناً ، ولا نؤيد سياسة غادر .
ثم نشرت بجريدة " المصري " في 31/12/1951م كلمة تحت عنوان " لن تبلغ أمة هدفها إلا إذا نظمت جبهتها الداخلية " ماذا في ذلكم البيان يغضب السيد حسن الهضيبي ؟
لقد ثار وضاق ، وجاءني في بيتي – الأستاذ عبد العزيز كامل ، والأستاذ خميس حميدة ، وهما من أعضاء مكتب الإرشاد ليخبراني بأن هذا المسلك الفردي منته بي إلى الانسلاخ عن الجماعة !
إن الأوامر صادرة بأن يكون حديث الإخوان في هذه الظروف متناولا لموضوعات أخرى .. موضوعات تتفق مع رغبة القصر الملكي طبعا ...
ويؤسفني أن تنشر جريدة " المصري " ردا على باسم المرشد العام أشرف على كتابته سعيد رمضان وسيد قطب ، وكان الردّ خواء من أي شيء واضح أو حاسم ، إنه ردّ وكفى
ومبعث أساي أن الأستاذ سيد قطب ما كان ينتظر منه أن يشارك في هذا العمل ولكنه استدرج وخضع(1) يغفر الله له " " الجماعات الإسلامية في ضوء الكتاب والسنة " للشيخ سليم الهلالي ص (278 – 279)
وعلى ما تتقدم من مقدمات ، قال الشيخ سليم الهلالي " إن تاريخ الإخوان يمثل الفشل السياسي بكل أنواعه وصوره وأبعاده ، فقد استطاع الضباط الأحرار أن يمتطوا هذه الجماعة حتى وصلوا إلى الحكم . بل قالوا : إن سيد قطب كان ميرابو – الرجل الذي مهد للثورةوانظر " سيد قطب الشهيد الحي " ص (138–142) للثورة ... ثم كان ما كان " " الجماعات الإسلامية " ص (283) .
فيا أيها الأخ الكريم ، ويا أيها الشاب الطيب لا تكن حطب هذه الفتن ، وتمهل في كل أمرك ، ولا تسلم زمانك إلى كل دعي قبل البينة والرجوع إلى أهل العلم الناصحين الصادقين – غير المتلبسين ببدعة التحزب أو هوى التفرق – كن سلفياً - ما حييت - على الجادة ، معظماً للأمر والنهي ، موقراً للعلماء الكبار أهل العلم والفضل ، مستثمرا أوقاتك في تعلم الهدى وسلوك سبل الخير ، ودع عنك بنيات الطريق ، وليكن شعارك " وعجلت إليك ربي لترضى " ولله العاصم .
وصلى اللهم وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين ،
كتبه
أبو عبد الله
محمد بن عبد الحميد بن محمد حسونة
في: 27/5/1424هـ الموافق 27/7/2003م
(1) كما قال صاحب كتاب " الممناز في مناقب " الشيخ " ابن باز " ص (55) وهو يترجم للشيخ في ذاك المجلد الضخم ، نجده يغلو في سيد قطب - وكأن الترجمة له - بقوله " ومن أعظم مواقف الشيخ موقفه من قضية الأستاذ الداعية سيد قطب – رحمه الله – فقد قتل هذا الإمام ، وهذا المفكر العبقري الفذ ، قتل ظلما وعدوانا وطغيانا ... وأثر أن سيد قطب لما قرب ليشنق ... قال أحد الشعر :
يا شهيد رفع الله به جبهة الحق على طول المدى
سوف تبقى في الحنايا علما قائدا للجيل رمز الفدى
ما بكينا .. أنت علمتنا بسمة المؤمن في وجه الردى"براءة علماء الأمة... " للسناني ص (8)
(1) بقى أن نقول أن مؤرخ الإخوان محمود عبد الحليم في كتابه " الإخوان المسلمون أحداث صنعت التاريخ " (3/223/225) وعباس السيسي في كتابه " في قافلة الإخوان " (2/144-145) يتهمان محمد الغزالي بأنه يكتب ، وبالعمالة لجمال عبد الناصر عميل الأمريكان كما زعموا " " الجماعات الإسلامية " لسليم الهلالي ص (277) حاشية .
(2) بل إنقاذا لكرامتك ودعوة احترمت . إذ أن الإسلام منصور عزيز ، لا ولن يزل ويقهر ما بقي النيران ، وهكذا القوم – مع ما هم عليه – يتكلمون في المحافل الدولية باسم الإسلام وعن المسلمين ،
والواجب أن يطرح المرء مرئياته أو أطرحاته وينسبها لنفسه ، حتى إذا ما وقع في الخطأ – ولابد – نسبه إلى تقصيره وعجزه وبرئ إسلامه منه ، إن كانوا يفقهون وبالحق يعلمون .
(1) إذا استدرج الذي كان يعبد عقله – ويعتقد أن مشكلته في عقله ، الذي ساقه إلى تكفير الخلق ، و " خضع الرجل الذي يصورونه أنه لم يخضع ، خضع لملك صوروه هم أنه كان خائناً – بل وأيّد – ذلك الذين يصورونه بأنه أبى – سياسة غادر – هكذا أيد سيد غادراً، وخزل أحبائه - أحوج ما يكونوا إليه ، هذا قولهم هم !!! ومن كتبهم هم !! فاسألوها إن كانت من الناطقين.
فلما لم يحدثنا القطبيون في هذا الموطن حديثا مؤنقا كالحديث المزعوم ؟!!!.